مؤامرات :الفرقان :العدد 323 ـ 9 ذي القعدة 1425هـ ـ 20 ديسمبر 2004م

مفكرة الإسلام : كان من نتائج الحملة الإعلامية الضخمة التي تعرض لها إقليم دارفور بغرب السودان والتي عدّها بعضهم أكبر حملة إعلامية تشهدها أفريقيا كان من آثارها الواضحة تدافع عشرات المنظمات الأجنبية إلى الإقليم بدافع تقديم العون الإنساني والإغاثي والصحي للاجئين والنازحين، ساعد على ذلك الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السودانية لتسهيل عمل المنظمات ودخولها؛ إذ إن منح تأشيرات الدخول لا يستغرق أكثر من 48 ساعة، هذا إضافة إلى التسهيلات الأخرى من إعفاء واردات المنظمات من مواد غذائية وطبية وصحية وأدوية ووسائل مواصلات واتصال وأجهزة ومعدات لمدة ثلاثة أشهر من الرسوم الجمركية لتمكين المنظمات العاملة بدارفور من إيصال المعونات للنازحين وتسهيل مهمتها.

تدافعت هذه المنظمات بكثافة إلى دارفور والكل يحمل معه حزمة من الأجندة يسعى إلى تحقيقها ويستند إلى [خلفيات] الجهات الممولة والتي تتبع في الغالب لدول لها مواقف معادية للإسلام والمسلمين.

وتعمل بدارفور أكثر من ستين منظمة ـ حسب إفادة مفوضية العون الإنساني ـ منها منظمات صليبية معروفة مثل منظمة [ميرسي كوربس] الأمريكية الإنجيلية التي عملت بالتنصير بجنوب السودان نحو 25 عامًا، ومنظمة [العون الكنسي النرويجي] و[أطباء بلا حدود] ومنظمة [أوكسفام] البريطانية و[التضامن المسيحية] و[لجنة الإنقاذ الدولية] وغيرها من المنظمات.

حملة تنصيرية بدارفور:

تقوم المنظمات الأجنبية العاملة بدارفور بأدوار في غاية الخطورة مستغلة العمل الإغاثي في عمليات تنصير في دارفور، وقد حذر المهندس الحاج عطا المنان والي جنوب دارفور من بوادر حملة تنصيرية بدارفور وكشف عن قيام عدد من رجال الدين المسيحي بتوزيع كتب على المواطنين في محاولة لتنصيرهم وإبعادهم عن الدين الإسلامي، وحذر الوالي من خطورة تنصير مواطني دارفور الذين عرفوا بحبهم للقرآن وحفظهم له، ويظهر اهتمام التجمعات التنصيرية بدارفور جليًا بدعوة اجتماع الأساقفة الإنجيليين بالمركز الكنسي التابع للأمم المتحدة بنيويورك البروتستانتيين إلى تقديم يد العون للنازحين في دارفور وإرسال بابا الفاتيكان مبعوثًا شخصيًا له إلى السودان...

وتنشط حركة التنصير داخل معسكرات النازحين، فقد توزيع العديد من المطبوعات والرسائل التي تدعو إلى التنصير وبطبعات فاخرة، ووزعت نشرات ومجلات داخل المعسكرات مثل [الإنذار الأخير للكرة الأرضية] و[رسالة الله الأخيرة لعالم خاطئ] و[ناموس الله] و[من روما الوثنية إلى البابوية] و[الإنجيل كتاب الحياة] و[في البدء]، وخطورة هذه المطبوعات تكمن في أنها بلغة بسيطة وسهلة الفهم ويمكن استيعابها بسهولة.

تنامي أرقام التنصير:

ذكر تقرير صحفي صدر بالخرطوم أرقامًا مزعجة لعمليات التنصير في دارفور خصوصًا في أوساط المهتدين من أبناء جنوب السودان أوضح التقرير ازدياد عدد الكنائس بدارفور فمن [113] كنيسة عام 1999م وصل عددها عام 2004م إلى [166] كنيسة منها [21] كنيسة بالمواد الثابتة و[145] شيدت بالمواد المحلية وكانت هذه الزيادة نتيجة للنشاط الكنسي الكبير الذي تقوده المنظمات وأدى ذلك إلى ظهور حالات تنصير كثيرة تراوحت ـ التي تم إحصاؤها ـ بين 20% ـ 25% سنويًا لاسيما في أوساط المهتدين من أبناء جنوب السودان وتم تسجيل تنصر 78 شخصًا بمعسكر [كلمة].

وسجلت الإحصائية التالية عن عدد المرتدين من أبناء جنوب السودان بولاية جنوب دارفور:

ـ معسكر خور عمر تنصر [624] من أصل [850] مهتديًا.
ـ معسكر حي كردي [أطفال] تنصر [68] من مجموع [126].
ـ معسكر أبو مطارق ارتد [76] شخصًا من مجموع [267].
ـ معسكر قشلاق الجيش تنصر [8] أشخاص من مجموع [36] شخصًا.

مداخل التنصير في دارفور:

كان مدخل التنصير إلى دارفور شبيهًا بالطريقة التي سلكها في جنوب السودان عن طريق إثارة النعرة العنصرية وتقسيم الناس إلى عرب وأفارقة ودعوى أن الإسلام دين يخص العرب فقط، ويستهدف التنصير شرائح بعينها مثل الشباب واحتضان مجموعة كبيرة منهم بإثارة النعرات القبلية والعنصرية للتفريق بين أبناء دارفور... بل إن بعض المنظمات فتحت الفرص لتوظيف أبناء قبائل دون غيرها داخل المنظمات بعروض مغرية للغاية.

لماذا دارفور؟

يرى المراقبون أن الحملة المسعورة التي يتعرض لها إقليم دارفور لم تأت بمعزل عن المخطط الذي يستهدف إيقاف المد الإسلامي في أفريقيا والتضييق على انتشار الإسلام في السودان ويربط المراقبون قضية دارفور بما تم الاتفاق عليه في نيفاشا بكينيا بما يسمى ببروتوكول المناطق الثلاث [جبال النوبة، أبيي، وجنوب النيل الأزرق] بإعطائها حكمًا ذاتيًأ واستثنائها من الشريعة الإسلامية التي اتفق على تطبيقها في شمال السودان، وبضم دارفور لهذه المناطق يكون قد تكون حزام عازل بين شمال السودان وجنوبه ليشكل هذا الحزام بؤرة للصراعات والأزمات والنزاعات في المستقبل لتمزيق وحدة السودان ومحاربة الإسلام ونشر النصرانية.

الدور والواجب:

إن ما يحدث في دارفور يحمل المسلمين عامة مسؤولية الوقوف مع إخوانهم ونصرتهم وعدم تركهم للمنظمات الأجنبية تسيطر عليهم وتستأثر بهم وتؤثر عليهم.

وجدير بنا أن نسجل إشادة خاصة بالدور الكبير الذي أدته ـ وظلت تؤديه ـ جمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت بتقديمها للإغاثة وبناء المساجد وتقديم البرامج الدعوية في معسكرات النازحين مساهمة منها في سد هذه الثغرة وغيرها من المنظمات الإسلامية والوطنية التي استشعرت خطورة الأمر واجتهدت بقدر ما توفر لها من إمكانات.

وعلينا أن نعلم بأن المنظمات الأجنبية لا تعمل من أجل تقديم العون الإغاثي والصحي بقدر ما تخدم أجندة استعمارية وكنسية وصهيونية همها تفتيت وحدة السودان ونهب ثرواته وتستهدف إسلام أهل دارفور في المقام الأول. {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:8].

مفكرة الإسلام