بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ..
الذي بعث بالحق نوراً وهدى .. وحجة على العالمين أجمعين ..
أما بعد...
حينما يشب الإنسان ويبدأ عقله بالنضوج والإدراك تتوارد على ذهنه أسئلة كثيرة ، مثل : من أين جئت ؟ ولماذا جئت ؟ وإلى أين المصير ؟ ومن خلقني وخلق هذا الكون من حولي ؟ ومن يملك هذا الكون ويتصرف فيه ؟ إلى غير ذلك من الأسئلة .
ولا يستطيع الإنسان أن يستقل بمعرفة إجابات هذه الأسئلة ، ولا يقدر العلم الحديث أن يرتقي إلى الإجابة عنها ، لأن هذه القضايا مما يدخل ضمن دائرة الدين ، ولأجل ذلك تعددت الروايات ، وتنوعت الخرافات والأساطير حول هذه المسائل مما يزيد في حيرة الإنسان وقلقه ، ولا يمكن أن يقف الإنسان على الإجابة الشافية الكافية لهذه المسائل إلا إذا هداه الله إلى الدين الصحيح الذي يأتي بالقول الفصل في هذه المسائل وغيرها ، لأن هذه القضايا تعد من الأمور الغيبية ، والدين الصحيح هو الذي ينفرد بالحق وقول الصدق ، لأنه وحده من الله أوحاه إلى أنبيائه ورسله ، ولذا كان لزاما على الإنسان أن يقصد الدين الحق ويتعلمه ويؤمن به ، لتذهب عنه الحيرة ، وتزول عنه الشكوك ، ويهتدي إلى الصراط المستقيم .
حاجة البشر إلى الدين أعظم من حاجتهم إلى ما سواه من ضرورات الحياة ، لأن الإنسان لا بد له من معرفة مواقع رضى الله - سبحانه - ومواقع سخطه ، ولا بد له من حركة يجلب بها منفعته ، وحركة يدفع بها مضرته ، والشرع هو الذي يميز بين الأفعال التي تنفع والتي تضر ، وهو عدل الله في خلقه ، ونوره بين عباده ، فلا يمكن للناس أن يعيشوا بلا شرع يميزون به بين ما يفعلونه وما يتركونه .
وإذا كان للإنسان إرادة فلا بد له من معرفة ما يريده ، وهل هو نافع له أو ضار ؟ وهل يصلحه أو يفسده ؟ وهذا قد يعرفه بعض الناس بفطرتهم ، وبعضهم يعرفونه بالاستدلال إليه بعقولهم ، وبعضهم لا يعرفونه إلا بتعريف الرسل وبيانهم لهم وهدايتهم إياهم , وكل صاحب ملة يعتقد أن ملته هي الحق ، وكل أتباع دين يعتقدون أن دينهم هو الدين الأمثل والمنهج الأقوم ، وحينما تسأل أتباع الأديان المحرفة أو أتباع الملل البشرية الوضعية عن الدليل على اعتقادهم ، فيحتجون بأنهم وجدوا آباءهم على طريقة ، فهم على آثارهم مقتدون ، ثم يذكرون حكايات وأخباراً لا يصح سندها ، ولا يسلم متنها من العلل ، ويعتمدون على كتب متوارثة لا يعلم من قالها ولا من كتبها ، ولا بأي لغة كتبت أول مرة ، ولا في أي بلد وجدت ، إنما هي أمشاج جمعت فعظمت فتوارثتها الأجيال دون تحقيق علمي يحرر السند ، ويضبط المتن .
وهذه الكتب المجهولة والحكايات والتقليد الأعمى لا تصلح حجة في باب الأديان والعقائد ، فهل كل هذه الأديان المحرفة والملل البشرية صحيحة أم باطلة ؟



عن كتاب الإسلام أصوله ومبادئه..


وللموضوع تتمة بإذن الله ..