دعوة إلى الإيمان بالله (زغلول النجار)

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

دعوة إلى الإيمان بالله (زغلول النجار)

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: دعوة إلى الإيمان بالله (زغلول النجار)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    04:10 PM

    افتراضي دعوة إلى الإيمان بالله (زغلول النجار)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    دعوة إلى الإيمان بالله

    بقلم :

    الأستاذ الدكتور / زغلول راغب محمد النجار

    رئيس لجنة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

    بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية – مصر

    **************

    مقدمة

    نعلم جميعا أن الأرض التي نحيا عليها يعمرها اليوم حوالي سبعة مليارات نسمة من بني آدم, وقد عمرتها من قبل مليارات عديدة, كما ستعمرها في المستقبل مليارات أخرى من هذه السلالة المكرمة حتى نهاية هذا الوجود. وتشير قوانين الوراثة إلى أن هذه الأعداد المذهلة من البشر قد جاءت كلها من صلب أب واحد وأم واحدة وذلك بانقسام الشيفرة الوراثية المختلطة لهذين الأبوين الأولين. ولا يمكن لعاقل أن يتصور إمكانية إتمام هذا التسلسل العجيب للبلايين من بني الإنسان بشيء من العشوائية أو الصدفة, وذلك لأن العشوائية والصدقة لا ينتجان نظاما بديعا مثل نظام تناسل الحياة. ووصف طبيعة الأشياء بمجموع القوانين والسنن التي تحكمها لا يكفى لتفسير ذلك التسلسل البشرى المعجز، أو تفسير نظائره في باقي مجموعات الحياة من النبات والحيوان، وذلك لأن تلك القوانين والسنن تحتاج إلى واضع لها ومهيمن عليها , فمن الذي وضعها؟ ولا يزال يرعاها؟ ويهيمن عليها؟ غير الله الخالق-سبحانه وتعالى- !!
    من هنا كانت هذه الدعوة لأهل الأرض جميعا إلى الإيمان بالله، ويمكن لنا تفصيل ذلك في النقاط التالية:

    أولا: الصفات الوراثية للإنسان تشهد لخالقه بالألوهية والربوبية:
    أثبتت العلوم المكتسبة أن الصفات الوراثية للمخلوقات الحية – ومنها الإنسان– تحملها جسيمات بالغة الدقة في داخل نواة الخلية الحية تعرف باسم الصبغيات (الكروموسومات), وأن عدد هذه الصبغيات محدد لكل نوع من أنواع الحياة, وأن أي حيود عن هذا العدد المحدد للنوع إما أن يقضى على جنينه في الحال فلا يكون، أو يسبب اختلالا في البناء الجسدي للكائن الحي يظهر على هيئة عدد من التشوهات الخلقية التي قد تفضي إلى الموت أو إلى العيش بعدد من الإعاقات الجسدية.

    فالخلية العادية في جسم الإنسان، والتي لا يتعدى طول قطرها في المتوسط (03‚- مم ) بنيت بقدر مذهل من التعقيد, جعل لها قدرة على الأداء تفوق قدرات أكبر المصانع التي استحدثها الإنسان، بل التي فكر في إنشائها ولم يتمكن من تحقيق ذلك بعد. فنواة الخلية الحية هي عقلها المتحكم في جميع أنشطتها. هذه النواة المتحكمة في الخلية البشرية الحية يوجد (46) صبغيا في وفي داخل (23) زوجا، أحدها مخصص للقيام بمهمة التكاثر, والباقي مخصص للقيام بمهمات النمو الجسدي. وهذه الصبغيات الجسدية والتكاثرية تشغل حيزا في داخل نواة الخلية لا يكاد يتعدى حجمه واحدا من خمسمائة ألف من المليمتر المكعب, ولكن هذه الصبغيات إذا فُردت , وضمت أطرافها إلى بعضها البعض فإن طولها يصل إلى قرابة المترين . وهذان المتران يضمان (18.6 بليون جزيئا) من الجزيئات الكيميائية المعقدة، المرتبة ترتيبا في غاية الدقة والانتظام والإحكام إلى درجة أنه إذا اختل وضع ذرة واحدة في أي من هذه الجزيئات فإما أن يشوه المخلوق صاحب هذه الخلية أو لا يكون...!!

    وإذا علمنا أن جسد الإنسان البالغ يضم تريليونات الخلايا , فإذا فردت صبغيات جميع الخلايا في جسد فرد واحد من أفراد الجنس البشرى, وتم رصها بنهاياتها الطرفية إلى بعضها البعض فإن طولها يزيد بأضعاف كثيرة على طول المسافة بين الأرض والشمس (والمقدرة بحوالي مائة وخمسين مليون كيلو مترا في المتوسط).

    وإذا سلمنا بحقيقة أن مخزونا هائلا من المعلومات فائقة الدقة في الترتيب والنظام، وإحكام البناء موجود في داخل كل خلية حية من خلايا جسد كل فرد منا، وأن هذه المعلومات موجودة على هيئة عشرات بل مئات التريليونات من الكيلومترات طولا من الجزيئات الكيميائية المعقدة في البناء, والمنظمة في الترتيب بشكل شديد الإحكام، بحيث يعطى هذا الشكل لكل فرد من بني آدم بصمة وراثية خاصة به, تميزه عن غيره من البلايين الذين يملئون جنبات الأرض اليوم, والذين عاشوا وماتوا, والذين سوف يأتون من بعدنا إلى نهاية هذا الوجود الدنيوي, فإن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : من الذي وضع في جسد كل فرد منا هذا الكم الهائل من المعلومات ؟ ومن الذي رتبها هذا الترتيب المميز لكل إنسان ؟ مع تشابه التركيب الكيميائي للحمض النووي الريبى منزوع الأكسجين (DNA) الذي تكتب به الشيفرة الوراثية في أجساد جميع البشر إلى (99.9%), ويبقى الاختلاف في جزء ضئيل جدا من الباقي الذي هو في حدود (1‚- %) فقط, فأي قدرة, وأي علم, وأية حكمة يمكن أن تحقق ذلك كله غير قدرة الله الخالق؟.



    ثانيا: خلق الإنسان وبناؤه الجسدي يشهدان لخالقه بالألوهية والربوبية:

    هذا بالنسبة إلى الخلية الحية الواحدة في جسم الإنسان، فإذا دخلنا في تفاصيل هذا البناء الجسدي : من تخصص كل من الأنظمة, والأجهزة, والأنسجة, والخلايا المتعددة والتي تعمل في توافق عجيب, وتكامل مذهل من أجل سلامة الجسد البشرى كله، فإن قدرة الله الخالق تتجلى بصورة أوفى وأعظم....!!

    ويزداد العجب إذا علمنا أن هذه التريليونات من الخلايا المتخصصة, والتي تنتظمها أنسجة متخصصة لتكون أجهزة ونظما متخصصة في جسد كل فرد بالغ من بني الإنسان قد نشأت كلها من خليتين من خلايا التكاثر إحداهما من الأب (وهى الحيمن) التي لا يزيد طولها على (005‚- من المليمتر), والأخرى من الأم (وهى البييضة) التي لا يزيد قطرها عن (200‚- من المليمتر), وفى ذلك تمثيل عملي لخروج بلايين الأفراد من بني آدم من أب واحد (هو آدم عليه السلام) وأم واحدة (هي حواء عليها من الله الرضوان) على مسيرة تاريخ البشرية فوق سطح الأرض . والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : من الذي قدر كل ذلك بهذه الدقة الفائقة , والإحكام الشديد ؟ وهل يمكن للعشوائية أو الصدفة أن تنتج شيئا من ذلك ؟ وهل يمكن لما يسمى باسم "الطبيعة" أو "الفطرة" وحدها أن ترتب الأمور بهذه الدقة الفائقة ؟ والجواب بالقطع هو : "لا" ...!!
    وإذا انتقلنا بعد ذلك إلى تأمل الجوانب الروحية والنفسية للإنسان: بمشاعره, وعواطفه وأحاسيسه, وملكاته, وقدراته، وانفعالاته، لدخلنا في متاهة لا نستطيع الخروج منها إلا بالخضوع الكامل لله الخالق- سبحانه وتعالى- وفى ذلك يقول ربنا -تبارك وتعالى-:

    ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ ﴾ (المؤمنون:12-14).
    ويقول-عز من قائل-: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْفِي رَيْبٍ مِّنَ البَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍوَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْوَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْوَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىوَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاًوَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْوَرَبَتْوَأَنْبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ (الحج:5).
    وقال سبحانه: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍوَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّوَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴾ (الأنعام: 98) .
    وقال –تعالى- ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ (التين:4).

    ثالثا: الكون يشهد لخالقه بالألوهية والربوبية:

    إذا عدنا من تأملات الإنسان في روعة بناء جسده المادي إلى شئ من التأمل في الكون من حوله لوجدنا أننا نعيش فوق كرة من الصخر تقدر كتلتها بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طن, (5974 مليون مليون مليون طن), ويحيا على سطحها حوالي سبعة بلايين نسمة من بني آدم, وأكثر من مليون ونصف المليون نوع من أنواع الكائنات الحية التي يمثل كل نوع منها ببلايين الأفراد (مع العلم بأنه إذا أضيفت الأنواع المندثرة من صور الحياة, وحسبت معدلات اكتشاف الأنواع الجديدة سنويا فإن عدد أنواع الحياة الأرضية قد يصل إلى خمسة ملايين نوع , يمثل كل نوع منها ببلايين الأفراد).
    ويحيط بالأرض غلاف مائي تقدر كتلته بحوالي (1.4 مليون مليون مليون طن)، وغلاف غازي له تركيب كيميائي محدد, وصفات طبيعية معينة تقدر كتلته بحوالي (5100 مليون مليون طن). وهذا الغلاف الغازي يفصل الأرض عن السماء الدنيا, ويحميها من العديد من المخاطر الكونية المحدقة بها.
    وهذه الأرض تدور(في زماننا الراهن) حول محورها أمام الشمس دورة كاملة كل أربع وعشرين ساعة, وذلك من أجل تبادل الليل والنهار على سطحها بانتظام , ومع دوران الأرض حول محورها فإنها تجرى في مدار محدد لها حول الشمس بسرعة محسوبة بدقة فائقة، وبمحور مائل على هذا المدار لكي تتبادل الفصول المناخية الأربعة : الربيع , والصيف, والخريف, والشتاء، في تتابع محكم دقيق مرة كل سنة من سنين الأرض تقدر الآن بـ (365.25) يوما من أيامنا الحالية , منتظمة في اثنى عشر شهرا. وكانت دورة الأرض حول محورها عند بدء الخلق أسرع من معدلها الحالي بسته أضعاف، ولذلك كان طول الليل والنهار معا أقل من أربع ساعات، وكان عدد الأيام في السنة أكثر من (2200) يوما وفى ذلك يقول ربنا-تبارك وتعالى- في محكم كتابه:
    ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاًوَالشَّمْسَوَالْقَمَرَوَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَلَهُ الخَلْقُوَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ ﴾ (الأعراف:54) .

    وهذا وغيره من أمور الأرض مقدر بدقة فائقة , لوا اختلت موازينها قدر شعرة ما كان هذا الكوكب صالحا للعمران بالحياة التى نعرفها , ومن ذلك دقة حساب كل من البناء الداخلي والخارجي للأرض , كتلتها , وحجمها , متوسط كثافتها , متوسط بعدها عن كل من القمر والشمس, مساحة كل من اليابسة والماء على سطحها , وتوزيع تضاريس هذا السطح ؛ تركيب كل من أغلفتها الصخرية , والمائية , والهوائية , والحياتية ؛ توزيع مناطقها المناخية ؛ تتابع دورات كل من صخورها , ومياهها , وحياتها ؛ تصريف الرياح من حولها ؛ وتعدد الظواهر المحيطة بها والجارية على سطحها , من مثل الزلازل والبراكين، والعواصف والأعاصير، والسحب والأمطار، والرعد والبرق، والصواعق والحرائق، وسقوط الشهب والنيازك وغيرها. و الاتزان الأرضي الدقيق بين العمليات الداخلية البانية , والعمليات الهدمية الخارجية , و بين المد والجزر , وبين كسوف الشمس وخسوف القمر، وتقدير كل من منازله ومنازل الشمس بين البروج، وغير ذلك كثير مما يتم بتقدير وإحكام ينفيان العشوائية والصدفة نفيا قاطعا ...!! ويشهدان للخالق –سبحانه وتعالى- بطلاقة القدرة، وبديع الصنعة، وإتقان الخلق.

    وأرضنا واحدة من أحد عشر كوكبا يدور كل منها في مدار محدد له حول شمسنا لتكون ما يعرف باسم "المجموعة الشمسية" ؛ وشمسنا واحدة من حوالي تريليون نجم تكون مجرتنا (سكة التبانة أو درب اللبانة) وكما أن لشمسنا توابع من الكواكب , والكويكبات , والأقمار والمذنبات , فمن المرجح أن يكون لكل نجم من هذه النجوم توابعه , انطلاقا من وحدة البناء في الكون . ومجرتنا عبارة عن قرص مفلطح يبلغ طول قطره مائة ألف سنة ضوئية, وسمكه عشر ذلك. وبمجرتنا من النجوم وأشباهها , ومن السدم والدخان الكونى، ومن الثقوب السود ما يمثل تنوعا مذهلا في دقة توزيع كثافة المادة التي تترابط بالجاذبية في داخل المجرة. ومن هذه النجوم ما يمر بمراحل الميلاد والطفولة , ومنها ما ينعم بمراحل الصبا والشباب , والنضج والكهولة , ومنها ما يرزح تحت وطأة الشيخوخة و أهوال الاحتضار ...!! والنجوم عبارة عن أفران نووية عملاقة تتخلق بداخلها أغلب العناصر التى تحتاجها الحياة الدنيا (من الإيدروجين إلى الحديد) وذلك بعملية تعرف باسم "عملية الاندماج النووي", وتنطلق الطاقة اللازمة لاستمرار هذا الوجود الكوني , أما بقية العناصر التي يزيد وزنها الذري على الوزن الذري للحديد فتتخلق في صفحة السماء باصطياد نوى ذرات الحديد لبعض اللبنات الأولية للمادة، ويتم ذلك كله بتقدير وإحكام يشهدان للخالق العظيم بالألوهية والربوبية والوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه.

    وإلى مشارف القرن العشرين كان الفلكيون يتصورون أن مجرتنا هي كل الكون , ومع تطور أجهزة الرصد الفلكي ثبت أن بالسماء من أمثال مجرتنا ما بين مائتي ألف مليون مجرة وثلاثمائة ألف مليون مجرة , بعضها أكبر من مجرتنا كثيرا , والبعض الآخر في حجم مجرتنا أو أقل قليلا . وهذه الأعداد المهولة من المجرات مرتبة في مجموعات ونسق محكمة الأبعاد , والأعداد , والكتل , والأحجام، والكثافات, ومنضبطة الحركة والعلاقات انضباطا شديدا, ومن ذلك أن تكون عشرات من المجرات المتقاربة نسبيا تجمعات تعرف باسم "المجموعات المحلية" , وتلتقي عشرات من تلك المجموعات فيما يعرف باسم "الحشود المجرية" , ثم "التجمعات المحلية العظمى" , ثم "الحشود المجرية العظمى" إلى نهاية غير معلومة للسماء الدنيا التي لا يدرك الفلكيون منها أكثر من شريحة يقدر قطرها بأكثر من (25 بليون سنة ضوئية) و السنة الضوئية يقدر طولها بحوالي (9.5 مليون مليون كيلو متر).
    والسماء دائمة الاتساع , بمعنى أن المجرات دائمة التباعد عن بعضها البعض بسرعات تصل إلى ثلاثة أرباع سرعة الضوء المقدرة بحوالي ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية (أي أن المجرات تتباعد بسرعات قد تصل إلى 225 ألف كيلو متر في الثانية) وهى سرعات لا يمكن للإنسان اللحاق بها. وهذا الاتساع الكوني لم يدرك إلا في الثلث الأول من القرن العشرين، وقد سبق القرآن الكريم بتقريره من قبل ألف وأربعمائة سنة وذلك بقول الحق -تبارك وتعالى-﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍوَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ ( الذاريات:47) .
    وهذا البناء الدقيق للسماء و هي دائمة الاتساع- تحكمه قوانين منضبطة انضباطا شديدا , حيث يدور كل جرم من أجرامها حول محوره، ويجرى في مدارات متعددة ومحددة له , دون توقف , أو تعطل , أو تخلف , ودون اصطدام أو ارتطام , أو خروج , أو حيود إلى آخر لحظة في هذا الوجود . فمن الذي بني السماء بهذا الاتساع , ودقة البناء , وضبط حركات كل جرم من أجرامها بهذا الإحكام الشديد؟ , ومن الذي يرعاها ويصونها ويمسكها من الزوال وهى دائمة الاتساع ؟ وهل يمكن أن يكون كل ذلك نتاج العشوائية أو الصدفة ؟ والجواب هو بالقطع لا ...!! وذلك لأن النظر بعين العقل في الكون وما به من كائنات يؤكد على أنه لا يمكن لأي منهما أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه, أو أن يكون نتاج العشوائية أو الصدفة , بل لابد لإبداع كل ذلك من موجد عظيم له من صفات الكمال والجلال والجمال, ومن شمول العلم والحكمة , وطلاقة القدرة ما أبدع به هذا الخلق. ويؤكد ذلك أن الاحتمالات الرياضية للصدفة معدومة انعداما كاملا في تفسير نشأة الكون, فإيجاد كون بهذا الاتساع , وإحكام البناء , وانتظام الحركة بالصدفة أو بطريقة عشوائية هو من الأمور التي تردها كل العمليات الإحصائية، ويرفضها كل عقل سليم . وعلماء الفلك يجمعون اليوم على أن كوننا الشاسع الاتساع، الدقيق البناء، المحكم الحركة، والمنضبط في كل أمر من أموره، لابد له من مرجعية في خارجه، وهذه المرجعية لابد وأن تكون مغايرة للخلق مغايرة كاملة لكونها فوق كل من المكان و الزمان، والمادة والطاقة وصدق الله العظيم الذي يقول عن ذاته العلية:
    ﴿... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌوَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ (الشورى:11).
    ويقول علماء الفلك كذلك أننا لو عدنا بهذا الاتساع إلى الوراء مع الزمن فلابد وأن يلتقي كل شئ: المادة والطاقة، والمكان والزمان في نقطة واحدة متناهبة الضخامة في كم المادة والطاقة ومتناهية الضآلة في الحجم (إلى الحد الذي تتوقف عنده كل قوانين الفيزياء النظرية والكمية). وأن هذا الجرم الابتدائي انفجر فتحول إلى سحابة من الدخان خلقت منه الأرض وباقي أجرام ومكونات السماء.
    وقد سبق القرآن الكريم بألف وأربعمائة سنة هذا التصور المكتسب، والذي لم يتبلور إلا في أواخر الخمسينات من القرن العشرين وذلك بقول ربنا-تبارك وتعالى-في محكم كتابه:
    ﴿ أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَاوَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ (الأنبياء:30).
    وبقوله -سبحانه-: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِوَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَاوَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ (فصلت:11).




    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    04:10 PM

    افتراضي

    رابعا: الاحتمالات الرياضية للصدفة في خلق الحياة منعدمة انعداما كاملا:
    إن إيجاد خلية حية واحدة بمجرد تفاعل أشعة الشمس مع طين الأرض كما يدعى الدهريون من أصحاب نظرية التطور العضوي هو أمر أبعد من الخيال , لأن التجارب العملية قد أثبتت استحالة الصدفة في تكون لبنات بناء الخلية الحية وهى "الجزيئات البروتينية"، بل استحالة تكون جزئ واحد من "جزيئات الأحماض الأمينية" وهى لبنات بناء "الجزيئات البروتينية" بمحض الصدفة. فالجزيء الواحد من جزيئات الأحماض الأمينية يتكون أساسا من خمسة عناصر هي الكربون , والإيدروجين , والأكسجين , والنيتروجين , والكبريت . وقد يضاف إليها الفسفور. واختيار هذه العناصر بمحض الصدفة (من بين أكثر من مائة عنصر يعرفها الإنسان )يحتاج إلى مادة تبلغ أضعاف أضعاف مادة الكون المنظور , في زمن يساوى عمر الكون المقدر بما بين (13 , 15 مليار سنة) مضروبا في رقم فلكي , مما يجعله إحصائيا من المستحيلات .
    ثم إن الذرات في جزيء الحمض الأميني تترتب في أجساد جميع الكائنات الحية ترتيبا يساريا حول ذرة الكربون , فإذا ما مات الكائن أعادت هذه الجزيئات ترتيب ذراتها ترتيبا يمينيا بمعدلات ثابتة تعين على تحديد لحظة الوفاة بحساب نسبة الترتيب اليميني إلى الترتيب اليساري في الأحماض الأمينية المحفوظة في أية فضلة عضوية من فضلات جسد هذا الكائن . وهذا الأمر مما يحير كلا من علماء الخلية الحية و الكيمياء العضوية اليوم، حيث لا يستطيعون له تفسيرا، وتسمى هذه الظاهرة بأسم"ظاهرة باسم تغيير الاتجاهات في الأحماض الأمينية" (Racimization of the amino acids).
    والأحماض الأمينية هي مواد جامدة , غير حية بذاتها , متبلورة , سهلة الذوبان في الماء في أغلب الأحوال , فلو فرضنا تكونها ذاتيا - وهذا محال- لذابت في الوسط المائي الذي تكونت فيه وضاعت، إذا لم يتم عزلها عنه فور تكونها.
    كذلك فإن الأحماض الأمينية المناسبة لبناء الجزيء البروتينى لابد وأن تكون من نوع خاص يعرف باسم "النوع ألفا" , و يشترط أن تكون ذراته مرتبة حول ذرة الكربون ترتيبا يساريا، و أن تترتب هذه الجزيئات الأمينية نفسها ترتيبا يساريا كذلك في داخل الجزيء البروتينى, وأن ترتبط مع بعضها البعض برباط خاص يعرف باسم "الرابط البيبتيدى" (Peptide Bond). هذا بالإضافة إلى أن الأحماض الأمينية القادرة على بناء الجزيئات البروتينية هي عشرون حمضا أمينيا فقط من بين مليون من الأحماض الأمينية المعروفة . وهذه القيود مجتمعة أو منفردة تجعل من تكون جزيء بروتينى واحد بمحض الصدفة أمرا مستحيلا ...!! و إذا استحال ذلك الأمر استحال تكون خلية حية واحدة بمحض الصدفة، خاصة إذا علمنا أن هذه الخلية الحية في جسم الإنسان لا يتجاوز طول قطرها -في المتوسط- (03‚-)، و هي على قدر من تعقيد البناء الذي يفوق كل ما أنشأته المعارف العلمية والتقنية من مصانع , بل الذي تخيلته ولم تتمكن بعد من تنفيذه. وتكفى في ذلك الإشارة إلى قدرة هذه الخلية الحية على إنتاج مائتي ألف نوع من البروتينات المعقدة التركيب، و المحكمة البناء والتي يعرف الإنسان منها أكثر من مليون نوع، كل نوع منها عبارة عن سلاسل محكمة البناء و الترتيب و الترابط من الأحماض الأمينية , وليست كلها صالحة لبناء أجساد الكائنات الحية ...!! .

    خامسا: وحدة البناء في الخلق تشير إلى وحدانية الخالق:
    وإذا انتقلنا من الأحياء إلى الجمادات وجدنا أن الكون المادي الذي نعيش فيه – على عظم اتساعه و تعدد أجرامه، و شدة ترابطه، و انتظام حركاته،و اتساق ظواهره – يمكن رده إلى مكونات أربعة هي : المادة , والطاقة , والمكان, والزمان . والمادة – على اختلاف صورها- ترد إلى أصل واحد هو غاز الإيدروجين, والطاقة – على تعدد أشكالها – ترد إلى الجاذبة العظمى ؛ وبتفجير الذرة ثبت أن المادة والطاقة شئ سواء , كما ثبت أن المكان والزمان أمران متواصلان، فلا يوجد مكان بلا زمان , ولا زمان بلا مكان . وبذلك تتحلل مكونات الكون المنظور إلى شئ واحد لا نعرف كنهه , ولكنه يمثل الوحدة العظمى في الوجود كله, وهذه الوحدة في بناء الكون ناطقة بوحدانية خالقه, وشاهدة له بالألوهية، والربوبية، والخالقية , وبالتنزه عن جميع صفات خلقه وعن كل وصف لا يليق بجلاله. كذلك فإن تواجد جميع المخلوقات (من اللبنات الأولية للمادة إلى الإنسان) في زوجية واضحة يشهد للخالق –سبحانه وتعالى- بالتفرد بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه.


    سادسا: حدوث الكون وما فيه من كائنات يؤكد على حتمية الآخرة:
    تشير كل المعارف المكتسبة إلى أن الكون وجميع مكوناته لا يمكن وصفهما بالأزلية, أو بالأبدية، فنحن نرى الموت يحصد كل شئ في حياتنا : الإنسان , والحيوان , والنبات , ومختلف أشكال الجمادات , فكل موجود له أجل - طال أم قصر- . والكون كانت له في الأصل بداية-يحاول العلماء تقديرها بما بين (13, 15) مليار سنة، وكل ما له بداية مخلوق له أجله المحدد، فينتهي وجوده عند نهاية ذلك الأجل، وعلى ذلك فإن كوننا لابد وأن ستكون له في يوم من الأيام نهاية , وهذا مما يؤكد على حتمية الآخرة، وضرورتها . والأدلة على ذلك كثيرة منها موت كل من الأحياء والجمادات. وموت الأحياء معروف مشهور، وهو من الحقائق الكبرى للوجود. ومن الأدلة عل موت الجمادات ما نراه في صفحة السماء من تولد النجوم وتكورها، ثم إنكارها، ثم طمسها ثم فناؤها, وما نراه من وما نراه من تخلق الكواكب واتنثارها , وكثرة الشهب والنيازك , وتناقص كل شئ في الكون من الموجودات حتى تبلى. فشمسنا تفقد من كتلتها على هيئة طاقة في كل ثانية من ثواني وجودها ما يعادل (4.6مليون) طنا من المادة , مما يشير إلى حتمية فنائها وفناء كل النجوم من حولها، وإن كان فناؤها سوف يتم بالأمر الإلهي :" كن فيكون " لأن القيامة لها من السنن والقوانين ما يغاير سنن الدنيا البطيئة الرتيبة , أما القيامة فتتم بالأمر الإلهي في فجائية مباغتة مذهلة يصفها القرآن الكريم بقول ربنا-تبارك وتعالى- ﴿ ...ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِوَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ (الأعراف:187).
    كذلك فإن الدراسات الفلكية أثبتت تباعد القمر عن الأرض بمعدل (3-4سم) في كل سنة مما يشير إلى حتمية ابتلاع الشمس له , وإن كان ذلك لن يتم بهذه السنة البطيئة بل بالأمر الإلهي :بـ (كن فيكون) دون انتظار لعمل هذه السنة الكونية البطيئة التي أبقاها الخالق –سبحانه وتعالى- شاهدة على حتمية تهدم النظام الكوني بدءا بابتلاع الشمس للقمر كما أخبرنا ربنا –تبارك وتعالى- من قبل ألف وأربعمائة سنة بقوله العزيز:
    ﴿ وَجُمِعَ الشَّمْسُوَالْقَمَرُ ﴾ (القيامة: 9).
    ومن الشواهد القاطعة على مرحلية الكون وحتمية فنائه – وإن طال عمره - انتقال الحرارة من الأجرام الحارة كالنجوم إلى الأجرام الباردة مثل الكواكب و الكويكبات و الأقمار و المذنبات, والمنطق العلمي يقول أن عملية الانتقال الحراري تلك لابد وأن تنتهي بفناء الكون.


    سابعا: محدودية قدرات الإنسان الحسية والعقلية تؤكد على حقيقة الغيب:
    مع التسليم بأن العقل من أجَلِّ نعم الله –تعالى- على الإنسان , وأن من قبيل الشكر على هذه النعمة استخدامها إلى أقصى درجات إمكاناتها , إلا أنه لابد من الاعتراف بمحدودية قدرات الإنسان بحدود كل من مكانه , وزمانه , وقدرات حواسه وعقله . وانطلاقا من ذلك فلابد من الاعتراف بأن جميع المعارف المكتسبة لا تعدو أن تكون محاولات بشرية لتفسير الكون وظواهره، من أجل الكشف عن عدد من سنن الله الحاكمة له، والاستفادة بها في عمارة الأرض وفى القيام بواجبات الاستخلاف فيها , أما ما وراء المادة فغيب لا يستطيع الإنسان أن يشق حجبه بقدرات عقله المحدودة وحواسه القاصرة, مع محدودية مكانه من الكون وزمانه (أي أجله)، وعلى ذلك فالإنسان محتاج في معرفة بعض الغيوب إلى علم أكبر من علمه , وهذا العلم لا يمكن أن يصل الإنسان إليه إلا ببيان من خالقه، وهذا مما يؤكد على حاجة الإنسان دوما إلى الدين الذي هو بيان من الله –تعالى- إلى الإنسان في القضايا التي يعلم ربنا -تبارك وتعالى- بعلمه المحيط عجز الإنسان عجزا كاملا عن وضع أية ضوابط صحيحة لنفسه فيها . ومن حقائق الدين ما يجيب على العديد من الأسئلة الكلية التي تتردد في ذهن الإنسان, زادت ثقافته أو قلت , وطال عمره أو قصر , وعلا قدره في المجتمع أو انحط , وذلك من مثل : من أنا ؟ من الذي أوجدني في هذه الحياة ؟ ما هي رسالتي فيها ؟ كيف يمكن لي تحقيق هذه الرسالة ؟ ثم ما هو مصيري بعد هذه الحياة ؟. والإنسان إذا لم يوفق في الحصول على إجابات صحيحة على هذه الأسئلة الكلية فإنه لا يمكن له أن يحيا على هذه الأرض حياة مستقرة , أو أن يحقق الهدف من وجوده على سطحها , أو أن يكون راضيا عن حاله...!! وإنسان هذا شأنه لابد له من أن يعيش قلقا , مضطربا , بلا هدف ولا غاية سوى المتع المادية الفانية , التى تدفع الإنسان – في أغلب الأحوال- إلى الوقوع في العديد من المخالفات السلوكية , والتجاوزات الأخلاقية , والمظالم الجائرة للنفس وللغير: (أفرادا وجماعات) خاصة في فورة الشباب , وعنفوان الفتوة، و في طغيان الجاه و السلطان، و طغيان غيرهما من أسباب القوة المادية، و إن كان ذلك غالبا ما ينتهي بانتقام القدرة الإلهية المهيمنة على كل شيء, أو ينتهي إلى ضعف الإنسان في مراحل الكهولة والشيخوخة , وما يتراكم فيها من مشاعر الحسرة والندم ,والقلق والخوف ,و الحيرة والضياع في انتظار الأجل المحتوم , والغيب المخبوء , دون أمل في مستقبل بعد الموت لم يعمل من أجله شيئا في حياته الدنيا التي أهدر فيها عمره بلا هدف محدد , أو غاية مقصودة , وهنا تتجلى مرة ثانية حاجة الإنسان إلى الدين .




    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    04:10 PM

    افتراضي

    ثامنا: حاجة الإنسان إلى الدين تشهد بجود الله:
    يؤكد لنا التاريخ المدون أن الإنسان لا يمكنه أن يحيا على هذه الأرض حياة سوية بغير دين , وأن الدين لا يمكن أن يكون صناعية بشرية . وذلك لأن الدين هو بيان من الخالق – سبحانه وتعالى- للإنسان في القضايا التي يعلم ربنا – تبارك وتعالى- بعلمه المحيط عجز الإنسان عجزا كاملا عن وضع أية ضوابط صحيحة لنفسه فيها , وذلك من مثل قضايا العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات , وذلك لكون هذه القضايا إما من الغيوب المطلقة كقضية العقيدة , أو من الأوامر الإلهية الخالصة كقضية العبادة , أو هي من ضوابط السلوك كدساتير الأخلاق، وفقه المعاملات . والعقيدة الصحيحة تطالب الناس جميعا بالإيمان بالله –تعالى- ربا واحدا أحدا, فردا صمدا, (بغير شريك, ولا شبيه, ولا منازع, ولا صاحبة ولا ولد) كما تطالبهم بالإيمان بأن هذا الإله الواحد الأحد , الفرد الصمد هو خالق كل شئ , وأن كل شئ سواه مخلوق بقدرة هذا الخالق العظيم , التي لا تحدها حدود , ولا يعوقها عائق .

    وهذا الخالق العظيم مغاير في ذاته و أسمائه وصفاته لجميع خلقة , فلا يحده أى من المكان أو الزمان لأنه – سبحانه وتعالى- هو خالقهما ؛ ولا يتشكل من المادة أو الطاقة لأنه – تعالى- هو مبدعهما , والمخلوق لا يحد خالقه أبدا .
    والإنسان -بحكم تكوينه- لا يستطيع إدراك إلا الأشياء المحسوسة، أي: المحددة بكل من المكان والزمان, والمُشَكَّلة بشكل من أشكال المادة أو الطاقة أو من كليهما معا. ولما كان الخالق العظيم منزها عن حدود كل من المكان والزمان, والمادة والطاقة, أي: منزها عن جميع صفات خلقه، وعن كل وصف لا يليق بجلاله , صعب على الإنسان معرفة خالقه دون وحى من هذا الخالق العظيم, وإن أدرك كل إنسان عاقل بديع صنع الله في نفسه , وفى الآفاق من حوله .
    ولذلك عَرَّف ربنا –تبارك وتعالى- كلا من أبوينا آدم وحواء –عليهما السلام- لحظة خلقهما من الذي خلقهما، كما عرفهما على حقيقة رسالة كل منهما في الحياة الدنيا, ومصيره من بعدها. وبذلك كان آدم –عليه السلام- أول الأنبياء، بل كان نبيا مكلما كما وصفه خاتم الأنبياء والمرسلين –صلى الله عليه وسلم- في حديثه الصحيح.
    وعلم آدم ذريته , وكلما عاشت البشرية بنور الهداية الربانية كلما سعدت وأسعدت، ولكن الإنسان فيه ميل للنسيان ورغبة في الخروج على الحدود التى حددها له الله فَيَضلُّ ويُضِلُّ , ويَشقى ويُشقى حتى تغرق البشرية في ظلام دامس من الضلالات، والمظالم، والضياع التام فيرسل الله – تعالى- نبيا يصطفيه من الناس ليردهم إلى الدين الصحيح، إن كان الدين لا يزال موجودا بين أيديهم وإن انحرفوا عنه. ولكن إذا كان الدين قد ضاع أو حُرِّف وبُدِّل أرسل الله – تعالى- رسولا مصطفى من بين الناس، ينزل عليه رسالة جديدة من نفس المصدر، بنفس العقيدة مؤكدا على وحدانية الخالق-سبحانه وتعالى-( أن أعبدوا الله ما لكم من إله غيره )، وعلى وحدة رسالة السماء، وعلى الإيمان بجميع الأنبياء، وعلى الأخوة بين الناس جميعا.

    وظلت البشرية-عبر تاريخها الطويل- تتأرجح بين الإيمان والكفر, وبين التوحيد والشرك , وظلت الهداية الإلهية تتنزل إلى الناس في كل أمة من أمم الأرض لقول ربنا –تبارك تعالى- : ﴿ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ (فاطر:24)، حتى بلغ عدد الأنبياء مائة وعشرين ألف نبي، اصطفى الله -تعالى- من بينهم ثلاثمائة وبضعة عشر رسولا. وكان لابد وأن يكون لتنزل الوحي من خاتمة وكان ختامها بعثة النبي و الرسول الخاتم، سيد الأولين والآخرين , سيدنا محمد بن عبد الله النبي العربي – صلى الله عليه وسلم-، فختمت ببعثته النبوات , وبرسالته كل الرسالات السماوية التي نسخها القرآن الكريم بعد أن ضيع أتباعها أصول تلك الرسالات، وأشبعوا ما بقى منها من ذكريات كثيرا من التحريف والتبديل والتغيير , الذي أخرجها عن إطارها الرباني، وجعلها عاجزة عن هداية أتباعها، خاصة وأن هذه الرسالات السابقة كلها كانت قد نقلت مشافهة من الآباء للأبناء , ومن الأجداد للأحفاد , وحين جاء وقت تدوينها تم ذلك بعد عدة قرون من موت أو رفع الرسل الذين تلقوها. و تم تدوين كل منها بلغات غير لغة الوحي بها , وبأيدي أناس مجهولين، ليسوا بالأنبياء ولا المرسلين، وليس لأي منهم أدنى قدر من العصمة اللازمة في التبليغ عن الله -تعالى-. ومن هنا كانت الرسالة الخاتمة ناسخة لكل ما أنزل قبلها من رسالات، ومهيمنة عليها هيمنة كاملة.

    تاسعا: إن الدين عند الله الإسلام:
    من ركائز العقيدة الإسلامية: الإيمان بالله –تعالى- و ملائكته، و كتبه و رسله و اليوم الآخر، و بالقدر خيره و شره. و الإنسان -المحبوسة روحه في هذا الجسد الطيني- لا تستطيع حواسه المحدودة إدراك الذات الإلهية، و إن كان الإيمان بالله- تعالى- مطبوعا فى جبلته . هذا الإنسان المفطور على الإيمان بالله - تعالى- إن لم يهتد إلى العقيدة الصحيحة , فإما أن يصطنع لنفسه عقيدة فاسدة يملأ بها الحاجة الداخلية في ذاته إلى العبادة , أو أن يعيش في هذه الدنيا هائما على وجهه بغير عقيدة، و كلا الحالين لن يفيده بشيء في الدنيا ولا في الآخرة , بل سوف تُلْقَى كل من أعماله و كفره أو عقيدته الفاسدة في وجهه يوم القيامة كالخرقة البالية، مهما أخلص لها وتفانى في خدمتها ...!!
    أما الملائكة فهم عالم غيبي لا توجد لدينا وسيلة مادية لإثبات وجودهم, ولولا أن الله – تعالى- قد أخبرنا بوجودهم ما كان أمامنا من وسيلة لمعرفة ذلك.
    وكذلك الأمر بالنسبة إلى الرسل السابقين وكتبهم، فالتاريخ المكتوب لم يدون لنا شيئا عنهم, و لا عنها، ولولا إخبار الله –تعالى- لنا عن بعضهم ما كان أمامنا من وسيلة للتعرف عليهم ولا على أممهم.
    وأما عن اليوم الآخر , وما فيه من بعث , وحشر , وحساب وجزاء , وميزان وصراط , وجنة ونار , فلولا أن الله – تعالى- قد أخبرنا عن ذلك ما كان أمامنا من وسيلة للتعرف عليه , على الرغم من توفر كل الشواهد المادية العديدة على حتمية فناء الكون و فناء كل ما فيه من أحياء وجمادات .
    من هنا كانت ضرورة أن تكون العقيدة بيانا ربانيا خالصا لا يداخله أدنى قدر من التصورات البشرية وإلا كانت عقيدة فاسدة, تقود أتباعها حتما إلى النار مهما أخلصوا لها وتفانوا في خدمتها...!!والركيزة الثانية للدين هي العبادة , وهى بمفهومها اللغوي قمة الخضوع لله بالطاعة , ولا توجد طاعة بغير أوامر , فإذا لم يتلق الإنسان بينا من الله – تعالى- يوضح تفاصيل العبادة التى يرتضيها من عباده، فإما أن يبتدع الإنسان من عنده أنماطا من العبادة لم يفرضها عليه خالقه،أو لا يعبد هذا الخالق العظيم، علما بأن عبادته – تعالى- من أول أسباب وجود الإنسان في هذه الحياة الدنيا. كذلك لا يمكن لعاقل أن يتخيل إمكانية ابتداع الإنسان لنمط من العبادة , ثم افتراض قبولها من الله –تعالى-، لما في ذلك من منافاة لحقيقة العبودية لله الخالق , و من تألُّهٍ على جلاله، وهو رب هذا الكون ومليكه , وهذا موقف يرفضه العقل السليم , والمنطق السوي رفضا كاملا .
    أما الأخلاق والمعاملات فهما من ركائز الدين, ومن ضوابط السلوك البشري, والتاريخ يؤكد لنا عجز الإنسان عجزا كاملاً عن وضع ضوابط صحيحة لسلوكه, وما تعج به الأرض اليوم من قهر واستبداد، وجور ومظالم , ومن كثرة بحار الدماء, وأكوام الأشلاء , وساحات الحروب وما تخلفه من الخراب والدمار, ومن مختلف صور ضياع الإنسان وتحلله، وانحرافه ومفاسده، وانفلاته من جميع الضوابط الربانية لأخلاقه وسلوكه، لهو خير دليل على عجز الإنسان عن وضع ضوابط صحيحة لنفسه في دائرة الأخلاق والسلوك.
    وإذا سلمنا بهذه المقدمات التى تقضى بأن الإنسان لا يمكنه أن يحيا على هذه الأرض حياة سوية بغير دين , وأن الدين لا يمكن أن يكون صناعة بشرية , ظهرت لنا العلامة الفارقة بين دين صحيح ودين غير صحيح , وهذه العلامة هي دقة حفظ الأصول السماوية للدين. ولما كان الوحي السماوي الوحيد المحفوظ بين أيدي الناس اليوم في نفس لغة وحيه (اللغة ********* على مدى يزيد على أربعة عشر قرنا هو القرآن الكريم الذي تعهد ربنا –تبارك وتعالى- بحفظه تعهدا مطلقا حتى يبقى شاهدا على الخلق أجمعين إلى يوم الدين بأنه هداية رب العالمين، وشاهدا للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة وبذلك تتضح حاجة الإنسانية كلها إلى الإسلام العظيم .

    فكما أن إلهنا واحد فلابد وأن تكون هدايته للبشرية واحدة ,وهذه الهداية علمها الله –تعالى- لأبينا آدم –عليه السلام- لحظة خلقه , وأنزلها على عدد كبير من أنبيائه ورسله , ثم أكملها وأتمها، وحفظها في القرآن الكريم , وفى سنة خاتم الأنبياء والمرسلين -صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين- ولذلك قال –تعالى- :
    ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُوَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ العِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْوَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ ﴾ (آل عمران : 19).
    ومن معاني هذه الآية الكريمة أن الدين الوحيد الذي يرتضيه ربنا –تبارك وتعالى- من عباده هو الإسلام بمعنى الطاعة لأوامر الله –تعالى- واجتناب نواهيه , وتحكيم شرعه الذي أنزله في محكم كتابه ، ودعوة الناس جميعاً إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , وتوحيد الله –تعالى- توحيدا كاملا (– بغير شريك , ولا شبيه , ولا منازع , ولا صاحبة ولا ولد ) وتنزيهه –جل شأنه- عن جميع صفات خلقه , وعن كل وصف لا يليق بجلاله .
    ومن معاني هذه الآية الكريمة أيضا: أن كل نبي من أنبياء الله , وكل رسول من رسله قد بعث بالإسلام , وإن اختلفت تفاصيل بعض التشريعات باختلاف الأزمنة والبيئات.
    وتؤكد الآية الكريمة أن اختلاف أهل الكتاب في قضية التوحيد جاء من قبيل البغي والاعتداء والظلم بينهم حينما تخلوا عن دين الله , وحرفوا كتبه , واشتروا بها ثمنا قليلا , افتراء على الله , واستهانة بعقابه , ولذلك ختمت الآية الكريمة بتهديد شديد من الله –تعالى- لهم يقول فيه : ﴿...وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ العِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْوَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ ﴾ (آل عمران : 19)
    ولما كانت بعثة سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- تمثل ختام النبوة , وختم رسالات السماء فقد تعهد ربنا –تبارك وتعالى- بحفظ هذه الرسالة الخاتمة في القرآن الكريم , وفى سنة خاتم الأنبياء المرسلين–صلى الله عليه وسلم- فقال – عز من قائل - :
    ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَوَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ( الحجر : 9).
    ومجرد حفظ القرآن الكريم على مدى أربعة عشر قرنا أو يزيد , في نفس لغة وحيه
    ( اللغة ********* دون أن يضاف إليه أو ينقص منه حرف واحد هو من معجزات هذا الكتاب الخالد ، ومن الشهادات الدالة على صدقه , وعلى صدق هذا الوعد الإلهي المطلق الذي قطعه ربنا – تبارك وتعالى- على ذاته العلية بحفظه، وعلى صدق الرسول الخاتم الذي تلقاه–صلى الله عليه وسلم- . وهذا الوعد الإلهي القاطع يؤكد أن القرآن الكريم سيبقى محفوظا بحفظ الله -تعالى- إلى ما شاء الله رب العالمين، وسيبقى، شاهدا على الخلق أجمعين إلى يوم الدين بأنه كلام رب العالمين , وشاهدا للنبي الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة . كما يؤكد على أن الإسلام كان دين كل نبي وكل رسول من لدن أبينا آدم -عليه السلام- إلى بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين – صلى الله وسلم وبارك عليه و عليهم أجمعين- ولكنه اكتمل , وتم , وحفظ في القرآن الكريم وفى سنة خاتم النبيين , ولذلك خاطبه الله -تعالى- بقوله العزيز ﴿...اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْوَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِيوَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً... ﴾ ( المائدة : 3 ).

    عاشرا: إعجاز القرآن الكريم للخلق أجمعين بمعنى عجزهم جميعا عن الإتيان بشيء من مثله يشهد بأنه كلام الله:
    سبق وأن أشرنا إلى أن القرآن الكريم هو الصورة الوحيدة من كلام رب العالمين المحفوظ بين أيدي الناس اليوم بنفس لغة وحيه ( اللغة ********* ولذلك تتعدد جوانب الإعجاز فيه بتعدد زوايا النظر المحايد إليه (بمعنى عجز الإنس والجن فرادى ومجتمعين عن الإتيان بشيء من مثله), ومن ذلك ما يمكن إيجازه فيما يلي:

    1-الإعجاز اللغوي(الأدبي, البياني, البلاغي, النظمي, اللفظي والدلالي): جاء القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا بتحدٍ صريح للإنس والجن -فرادى ومجتمعين- أن يأتوا بشيء من مثله , ولا يزال هذا التحدي قائما دون أن يتقدم عاقل ليقول أنه استطاع نظم سورة من مثل سور القرآن الكريم . وقد كان العرب في زمن الوحي هم أرباب البلاغة والفصاحة وحسن البيان, واعترف الكفار منهم -قبل المسلمين- بتفوق القرآن الكريم على كل إبداعاتهم اللغوية من شعر ونثر (أنظر كتاب "التعبير القرآني" للأستاذ الدكتور فاضل صالح السمرائى).

    2-الإعجاز الاعتقادي: بمعنى أن توحيد الله –تعالى- توحيدا مطلقا فوق جميع خلقه هو اصح من الشرك بالله, وأن تنزيه الله –سبحانه وتعالى- عن جميع صفات خلقه وعن كل وصف لا يليق بجلاله أفضل من الانحطاط بمدلول الألوهية إلى مستوى الإنسان أو الحيوان أو الجماد، وهذا التنزيه للذات الإلهية يتطابق مع كل منطق سوى , ومع كل معطيات العلم الذي ينادى اليوم بأن الكون الذي نحيا فيه لابد له من مرجعية في خارجه , تكون مغايرة له مغايرة كاملة, لا يحدها أي من المكان أو الزمان , ولا يشكلها أي من المادة أو الطاقة. وخلق الكون في زوجية واضحة (من اللبنات الأولية للمادة إلى الإنسان) وبناؤه على نظام واحد من الذرة إلى المجموعة الشمسية إلى المجرة يؤكد على وحدانية الخالق –سبحانه وتعالى- وعلى تفرده فوق جميع خلقة بصفات الإلوهية، والربوبية، والخالقية، والوحدانية المطلقة.

    كذلك فإن الإيمان بوحدة رسالة السماء ( المنطلقة من حقيقة الإيمان بوحدانية الخالق سبحانه وتعالى) وبالأخوة بين الأنبياء (انطلاقا من الإيمان برسالتهم الواحدة) ، وبالأخوة بين الناس جميعاً باعتبارهم إخوة وأخوات ينتهي نسبهم إلى أب واحد ، وأم واحدة هما (آدم وحواء عليهما السلام)، هو أفضل من التحلق حول نبي واحد ، والمبالغة في تعظيم شأنه حتى الارتقاء به وهما خاطئا إلى مقام الألوهية، ونسيان بقية الأنبياء والمرسلين أو إنكارهم. كذلك فإن المؤاخاة بين الناس جميعا—على اختلاف أعراقهم، وألوانهم، ولهجاتهم- هو أفضل من التمييز العرقي ، أو الطبقي ، أو الديني ، أو على أي أساس آخر .

    والإيمان بعوالم الغيب التي أخبر عنها القرآن الكريم من مثل عوالم الملائكة والجن أفضل من إنكارها بغير علم ، والمعطيات الكلية للعلوم تؤكد على أن الغيوب تحيط بنا من كل جانب ، وتكفى في ذلك الإشارة إلى معطيات علوم الفلك التي تعترف بأن ما يراه الفلكيون في الجزء المدرك من السماء الدنيا لا يكاد يتعدى (10%)من حقيقة ما هو موجود فيها من مختلف صور المادة والطاقة المحسوبة رياضيا حسب قوانين الفيزياء الفلكية.
    والإيمان بأن العدل الإلهي يقتضى ألا يحاسب الناس بدون إنذار ، وأنه ما من بقعة مأهولة من بقاع هذه الأرض إلا وأرسل إلى أهلها نبي أو رسول ، والإيمان بهم جميعا وبما أرسلوا به أفضل من التحلق حول نبي واحد منهم، وقد أخبرنا القرآن الكريم عن خمسة وعشرين من الأنبياء والمرسلين لم يدون التاريخ شيئاً عنهم وإن كانت آثار أممهم تملأ جنبات الأرض ، والدراسات الآثارية الحديثة بدأت في الكشف عن عدد منها.
    والإيمان بالآخرة وبما فيها من بعث ، وحشر ، وحساب وجزاء أفضل من إنكارها ، والإشارات العلمية كلها تشير إلى حتمية فناء الكون والكائنات . كذلك فإن كثيرين من عتاة المجرمين ومن الحكام والمتجبرين يفلتون من سيف العدالة في الدنيا ، ولابد من الاقتصاص منهم في الآخرة، وهذا الأمر وحده كاف لإثبات حتمية الآخرة و ضرورتها.
    والإيمان بالقضاء والقدر ـ خيره وشره ـ هو تسليم لله ـ تعالى ـ بأنه هو رب هذا الكون ومليكه ، وسيده ومدبر أمره ، فلا يحدث فيه أمر إلا لحكمة بالغة ، وهنا تتجلى قيمة الإيمان بالقضاء والقدر ، لأن الحرمان من هذا التسليم لله ـ تعالى ـ هو مبعث للشقاء بلا طائل لأن قدر الله نافذ -رضي الإنسان أو أبى- وفى الرضا إيمان بالله - تعالى- وتسليم بقضائه وطاعة له، وراحة للضمير الإنساني، بينما في الاعتراض كفر بقضاء الله وقدره ، ورفض لحكمه ، وإرهاق للنفس دون طائل ، وقدر الله ـ تعالى ـ نافذ لا محالة.

    3-الإعجاز التعبدي : فما من فريضة فرضها الله ـ تعالى ـ على عباده في محكم كتابه إلا ومردودها الإيجابي على المتعبد نفسه ظاهر للعيان : من الشهادتين بأنه لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، إلى إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم شهر رمضان ، وحج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً . وكل عبادة من هذه العبادات أفضل من كل الوثنيات الموضوعة عند المتعبدين من أهل الكتاب وغيرهم .
    وتكفى في ذلك الإشارة إلى ما ثبت من توسط مكة المكرمة لليابسة، مما يؤكد على أنها أقدم بقاع الأرض، و بها أول بيت وضع للناس؛ كما تكفى الإشارة إلى إثبات أن خط الطول المار بمكة المكرمة هو خط الطول الوحيد المتجه إلى الشمال الحقيقي للأرض، بينما يميل خط طول جرينتش –الذي فرض على العالم بحد السيف- (7.5) درجة إلى الغرب، ولذلك يجب اتخاذ خط طول مكة المكرمة خط طول الأساس لجميع الأرض بمعنى أن ما يقع إلى الشرق منه يعتبر شرقا، وما يقع إلى الغرب من يعتبر غربا، حتى ينتظم شكل خرائط الأرض.

    4-إعجاز الدستور الأخلاقي : بمعنى كماله ومواءمته للطبيعة البشرية مواءمة كاملة بغير غلو ولا إقلال (انظر: دستور الأخلاق في القرآن للدكتور محمد عبد الله دراز-رحمه الله- ).

    5-الإعجاز التشريعي: ويتضح من عدم المماثلة بين الشريعة الإلهية والقانون الوضعي، فالشريعة تتسم بالكمال ، والسمو ، والدوام في كل أمر شرعته، من الأمر بالشورى إلى تشريعات الأسرة ، إلى تحريم الخمر والميسر ، إلى تشريعات الإثبات والتعاقد ، إلى تشريعات كل من الحدود والتعازير ، والكفارات المختلفة ، وغيرها . وكل واحد من هذه التشريعات كل من الإلهية له حكمته ومردودة الإيجابي على المجتمع ، بينما جميع القوانين الوضعية تتسم بالنقص ، وعدم الكمال ، وفقدان القدرة على الاستمرارية(أنظر كتاب التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي للشهيد عبد القادر عودة) .

    6-الإعجاز التاريخي: ذكر القرآن الكريم قصة خلق أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ بشئ من التفصيل ، والمعطيات الكلية للمعارف المكتسبة تؤكد ذلك وتدعمه . كذلك ذكر هذا الكتاب العزيز قصة أربعة وعشرين نبياً آخرين ، وكيف تفاعلت أمة كل نبي منهم معه ؛ وماذا كان جزاؤها ، والاكتشافات الآثارية تؤكد دقة كل ما جاء في كتاب الله عن كل أمة من هذه الأمم، وعما جاء عن أعداد من الصالحين والطالحين من الرجال والنساء الذين عايشوا تلك الأمم، مما يجعل هذا القصص القرآني شهادة صدق لكتاب الله، ومن ذلك الكشف عن كل من بقايا سفينة نبي الله نوح-عليه السلام- فوق جبل الجودى، وعن إرم ذات العماد في الجنوب الشرقي من صحراء الربع الخالي. وعن آثار كل من قوم صالح، وقوم لوط، وآثار كل من نبي الله سليمان وملكة سبأ، وفرعون موسى، وأصحاب الكهف، وغيرهم، (انظر كتاب الإعجاز التاريخي في القرآن الكريم لكاتب هذه الدعوة).

    7-الإعجاز العلمي في القرآن الكريم : يحوى القرآن الكريم أكثر من ألف آية بكل منها إشارة أو أكثر من إشارة علمية إلى حقيقة من حقائق الكون ، وجاء ذلك بين ثنايا آيات القرآن الحاملة لركائز الدين الأربع الأساسية (من العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات) . وهذه الحقائق العلمية -في مجملها- لم تصل إليها المعارف المكتسبة إلا في القرنين الماضيين ، وأغلبها لم تتبلور مفاهيمها إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين. وهذا السبق العلمي للقرآن الكريم (في زمن لم يتوفر للإنسان أية وسيلة من وسائل الكشف العلمي) لا يمكن تفسيره إلا بكون هذا الكتاب العزيز كلام الله الخالق في صفائه الرباني ، وإشراقاته النورانية ، وأنه حفظ حفظاً كاملاً بوعد من الله – تعالي- . وهذا السبق بإيراد العديد من حقائق الكون , والإنسان والحياة، هو ما يجمع تحت مسمي " الإعجاز العلمي في القران الكريم "(أنظر كتب السماء، والأرض، والنبات، والحيوان، وخلق الإنسان، والإنسان من الميلاد إلى البعث لكاتب هذه الدعوة).

    8- الإعجاز النفسي: يخاطب القران الكريم النفس الإنسانية خطاب الخبير العليم بدخائلها , ويرتقي بها في معارج الله كما لا يقوي أي خطاب أخر علي الارتقاء بها , ويفصل دقائقها , ومزاياها , وأمراضها وعللها تفصيل العليم بخباياها, الخبير بمزايها ونقائصها.(انظر مؤلفات الأستاذ الدكتور محمد عثمان نجاتى –رحمه الله-).

    9- الإعجاز الإنبائي في القران الكريم :أخبر القرآن الكريم بعدد من الأحداث قبل وقوعها , وقد تم تحقق جزء منها, ولا زالت الإنسانية في انتظار تحقق الباقي من هذه الأحداث، زمن ذلك قوله -تعالى-﴿الـم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِوَهُم مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لله الأَمْرُ مِن قَبْلُوَمِنْ بَعْدُوَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ ﴾ (الروم1-4).

    10- الإعجاز الاقتصادي: ويكفي في ذلك الإشارة إلي تحريم الربا بمختلف صوره وأشكاله، خاصة في التعاملات المالية, والتشديد في إجراءات الإثبات والتعاقد عند كتابة العقود والحقوق والديون، والعدل المطلق في أحكام المواريث , والتحذير من الغش في الصنعة، ومن تطفيف الكيل والميزان في التجارة .

    11- الإعجاز الإداري: ويتلخص في الحرص علي تولية الكفاءات العالية , وفي المحافظة علي إنسانية الإنسان، والعمل علي تطوير قدراته باستمرار(وذلك بتشجيعه علي كسب المعارف , وتنمية المهارات، ومكافأته علي كل انجاز ناجح يحققه)، والعدل بين المرؤوسين , والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات , والعمل علي تطوير قدرات كل فرد منهم باستمرار .

    12- الإعجاز التربوي: ويتلخص في توصيات القرآن الكريم بالحرص علي اكتساب المعارف النافعة, وعلي تحليلها وغربلتها بمعايير الإسلام, والدعوة إلي اكتساب العلم, وإلي توقير العلماء، والتركيز علي شمولية المعرفة الإنسانية مع احترام التخصص.

    13- إعجاز الشمول:بمعني قدرة القرآن الكريم علي تناول كل شيء في الوجود ورَدَّه لحكم الله خالق الوجود, وقدرته علي تقديم الإجابات الشافية لكل ما يعن للفكر الإنساني من تساؤلات، وعلى التشريع لكل من الفرد , والأسرة , والمجتمع , والدولة , وللناس أجمعين في كل مكان وفي كل زمان بعدل منقطع النظير, وعلى تناول كليات الأشياء تاركا التفاصيل لاجتهاد الإنسان بما يعجز عنه كل كتب الأرض، ومن ذلك التشريع للأسرة في الزواج، والطلاق والعدة، والميراث، والأمر بالمساواة بين الأبناء، و الحض على صلات الرحم، ورعاية الأيتام، والأرامل، والعجزة وتوقير كبار السن، ورحمة الصغار، وحسن التواصل بين الناس جميعا.

    14- الإعجاز الصوتي: يتميز القران الكريم بسلاسة أسلوبه , وبالدقة البالغة في موافقة ألفاظه للمعاني المقصودة منها, مع السهولة في تركيب جمله, والانسياب في النطق بآياته , مع روعة الجرس الذي ييسر حفظه, ويطرب السمع والعقل والقلب لموافقة الصوت للمعني السامي المقصود, جذبا لانتباه كل من القارئ والسامع, وتأثيرا في أعماق كل منهما. والجرس الجميل هو ميزة صوتية للقران الكريم كله يعجز عنها أي أسلوب آخر, لأنه يحرك كلا من العقل والقلب نحو سلسلة من المعاني المتصلة بالكلمة التي تتداعي مع غيرها من كلمات الآية الواحدة، ومع كلمات ما يسبقها وما يلحق بها من آيات , مع تكامل في المعني , وانسجام في الصوت , ويسر في الانتقال , وجمال في الإيقاع لا تستطيعه أساليب المخلوقين فرادى ومجتمعين.

    15- إعجاز رسم الحروف في القران الكريم : يتميز الحرف العربي بالجمال والتناسق والطواعية للتشكيل، وقد وضعت لكتابة المصحف العثماني قواعد لخطه ولرسم حروف كلماته, ومن هذه القواعد : الحذف , والزيادة, والهمزة، والبدل, والفصل, والوصل, وذلك من اجل استيعاب كل اللهجات العربية, وفي مقدمتها لهجة قريش, وغيرها من لهجات العرب, وذلك من أجل إمكانية حمل الآية الواحدة لأكثر من معني واحد, كلها يتحملها النص, في تكامل لا يعرف التنافر أو التضاد، وليس هذا لغير القران الكريم .

    16- إعجاز الحفظ للقران الكريم: حفظ كتاب الله علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا , في نفس لغة وحيه ( اللغة العربية ) دون خطأ واحد في اللغة، أو في العقيدة، أو في العبادة , أو في دستوري الأخلاق والمعاملات , أو في الإشارات العلمية , أو في سرد الأحداث التاريخية , أو في توجيه الخطاب إلي النفس الإنسانية, أو في التركيز على عدد من القواعد الاقتصادية و الإدارية , أو في غير ذلك من الأمور التي جاء بها هذا الكتاب العزيز.
    ويتجلي إعجاز الحفظ للقران الكريم بصورة أوقع في ضياع جميع أصول الرسالات السابقة بلا استثناء , وتعرض ما بقي عن بعضها من ذكريات للتحريف تلو التحريف , وللتأليف والتزييف، خاصة وأن هذه الذكريات قد دونت بلغات غير لغة الوحي بكل منها، وقد كتبت بعد قرون من موت أو رفع الرسل الذين أرسلوا بها وجمعت من أفواه الناس اعتمادا على ما يمكن أن تكون قد وعته الذاكرة وفهمه العقل؛ ثم صيغت بأقلام من هم ليسوا بأنبياء ولا بمرسلين ,وظلت تتعرض للتحرير تلو التحرير , وللحذف والإضافة , وللتحريف والتزوير إلي يومنا الراهن , وسوف تبقي كذلك إلي قيام الساعة .

    17- إعجاز التحدي بالقرآن الكريم: جاء بالقرآن الكريم العديد من الآيات التي تتحدى كلا من الإنس والجن على أن يأتوا بشيء من مثله: في أسلوبه , ومحتواه، ومضمونه دون خطأ واحد علي كثرة الموضوعات التي تناولها هذا الكتاب العزيز, وإلي اليوم لم يتقدم عاقل فيقول إنه استطاع الإتيان بشيء من مثل سورة واحدة من قصار سور القرآن الكريم – علي كثرة محاولات أعداد من الشياطين والمجانين من المجادلين بالباطل – الذين فشلوا في ذلك التحدي فشلا ذريعا .

    كل هذه الجوانب (وغيرها كثير) مما يشهد للقران الكريم بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية ، بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله , وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية، في نفس لغة وحيه ( اللغة العربية )، وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقاً حتى يبقى القرآن الكريم نبراس الهداية الربانية للخلق أجمعين إلى يوم الدين، وحجة الله-تعالى- على عباده قاطبة، وشهادة للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة .







    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    04:10 PM

    افتراضي

    حادي عاشر: من مميزات الإسلام كما تكامل في رسالته الخاتمة:

    1-إنه الرسالة السماوية الوحيدة التي تعهد الله – تعالي – بحفظها فحفظت في نفس لغة الوحي ( اللغة العربية ) علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا, وستظل محفوظة إلي ما شاء الله، وذلك لطلاقة الوعد الإلهي بحفظها, بينما وُكِّلَ حفظ الرسالات السابقة كلها لأتباعها فضيعوها ضياعا تاما، ماعدا ذكريات محرفة تحريفا شديدا عن آحاد منها. بناء علي ذلك فإن الإسلام-كما تكامل في رسالته الخاتمة-هو الدين الوحيد الذي يرتضيه ربنا – تبارك وتعالي – من عباده, لأنه دين الله في صفائه الرباني وإشراقاته النورانية, دون أدنى ابتداع، بينما كل ما عداه من معتقدات معاصرة هو صناعة بشرية خالصة وإن ادعت بأن لها صلة بوحي السماء. والدين لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل لابد من كونه هداية ربانية خالصة لا يداخلها أدني قدر من التصورات البشرية .

    2-إن الإسلام-كما تكامل في القرآن الكريم، وفي سنة خاتم الأنبياء والمرسلين-صلى الله عليه وسلم- يجسد دعوة كل أنبياء الله ورسله من زمن أبينا آدم – عليه السلام – إلي بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد – صلي الله عليه وسلم-, وقد بلغ عددهم مائة وعشرين ألف نبي , اصطفي الله – سبحانه وتعالي – منهم ثلاثمائة وبضعة عشر رسولا. وقد بعث الله – تعالي – كل نبي وكل رسول إلي أمته, حتى شملت دعوته – تعالي – جميع أمم الأرض، ثم بعث خاتم الأنبياء والمرسلن للخلق أجمعين إلى يوم الدين. وكل الرسائل الثلاثمائة وبضعة عشر التي تنزلت قبل بعثة الرسول الخاتم– صلي الله عليه وسلم - قد ضاعت كلها ضياعا كاملا, وبقي القرآن الكريم محفوظا بحفظ الله – تعالي – في نفس لغة وحيه , تحقيقا لعهد الله الذي قطعه علي ذاته العلية؛ وذلك لأن الرسول الخاتم قد ختمت بنبوته النبوات, كما ختمت برسالته كل الرسالات السماوية ولذلك فليس من بعده – صلي الله عليه وسلم – نبي ولا رسول ولذلك كان لابد من حفظ رسالته الخاتمة حفظا مطلقا حتى تبقي هداية الله لخلقه أجمعين وحجته - تعالى - عليهم إلي يوم الدين .

    3-بناء علي ذلك فإن الإسلام-كما تكامل في كل من القرآن الكريم وسنة خاتم الأنبياء والمرسلين-صلى الله عليه وسلم-هو الدين الوحيد الذي يرتضيه ربنا – تبارك وتعالي – من عباده, ولا يرضى منه دينا سواه، وذلك لأنه هو دين الله في صفائه الرباني وإشراقاته النورانية, دون أدنى ابتداع، بينما كل ما عداه من معتقدات معاصرة هو صناعة بشرية خالصة وإن ادعت بأن لها صلة بالهداية الربانية، والدين لا يمكن أن يكون صناعة بشرية.

    4-إنه الدين الوحيد الذي ينزه الله - تعالي – عن جميع صفات خلقه وعن كل وصف لا يليق بجلاله , والذي يوحد الله – سبحانه وتعالي – توحيدا كاملا (بغير شريك , ولا شبيه , ولا منازع , ولا صاحبة ولا ولد) والمنطق السوي يأمر بذلك ويؤكده لان الإيمان بالله وتنزيهه فوق جميع صفات خلقه أمر منطقي في العقول، و فطري في النفوس انطلاقا من وحدة البناء في كون قائم على الزوجية الكاملة في كل شئ (من اللبنات الأولية للمادة والطاقة إلى الإنسان)، ولضرورة تمايز الخالق –سبحانه وتعالى- في ذاته وصفاته وأسمائه عن جميع خلقه.

    5-وبما أن الإسلام هو الدين الوحيد القائم علي التوحيد الكامل لله-تعالى- فهو يقوم علي الإيمان بوحدة رسالات السماء وبالأخوة بين الأنبياء , وبين الناس جميعا , دون أدني قدر من التمييز العرقي أو الطبقي , بينما تقوم كل المعتقدات المعاصرة – والتي هي صناعة بشرية كاملة – علي التمييز العرقي أو الطبقي أو الديني بين الناس .

    6-يقوم الإسلام علي الاعتقاد الجازم بأن الله – تعالي – هو خالق كل شيء بالحق وإلي أجل مسمي، وأن الإنسان من خلق الله – تعالي– الذي خلقه من طين, ونفخ فيه من روحه, وعلمه من علمه, وأمر الملائكة بالسجود له, وكرمه وفضله علي كثير ممن خلق تفضيلا, واستخلفه في الأرض لأجل محدد، حدده الخالق –سبحانه وتعالى- لكل فرد من بني آدم , ولكل شئ في هذا الوجود ولا تستطيع قوة على وجه الأرض تغيره بالتقديم أو التأخير. كما يقوم الإسلام العظيم على الإيمان بأن الكون – بكل ما فيه ومن فيه – خاضع للقدرة الإلهية التي أبدعته فالله – تعالي – وحده هو الذي يمسك بكل أجزاء الكون , ويصونه ويبقيه , ولا يملك أحد غير الله أن يبدل من نظام الكون وقوانينه شيئا, بمعني أن قوانين الكون المطردة ليست واجبة ولا مطلقة , لأنها خاضعة لقدرة الله – تعالي – الذي خلقها، وأوجدها، وجعلها منظمة للكون ولجميع ما فيه من الكائنات والموجودات.
    والإنسان جزء من هذا الكون المادي الذي خلقه الله - تعالي – بعلمه وحكمته وقدرته , ولكن الإنسان له كيان روحي عاقل بالإضافة إلى جسده المادي, وله قدرة على التفكير , وعلي التعبير عن أفكاره ومشاعره، لأنه كائن حي , عاقل، قادر , مختار ومكلف.
    ويقوم الإسلام العظيم على الإيمان بأن الإنسان يولد علي الفطرة، وأن الخير أصيل فيه , والشر طارئ عليه, وأن الله – تعالي – قد وهبه القدرة على التمييز بينهما بالعقل, ولكن أبواه يهودانه، أو يمجسانه، أو يُنَصِّرانِة. وإن كانت قمة الخير في الإنسان , ووسيلته إلى إنمائه تتمثل في خضوعه بالعبودية لله – تعالي- وحده لأنه –سبحانه- هو رب هذا الكون ومليكه , والذي لا سلطان في هذا الوجود لغيره. والإنسان إذا لم يؤمن إيمانا جازما بذلك ,ولم يعمل به كان جبارا عاتيا على الخلق،ومفسدا مدمرا في الأرض, يستخدم كل نعمة عنده في الكفر بالله، والإفساد في الحياة، وفي الاستعلاء علي الخلق، والتجبر والتسلط عليهم , أو في أن يكون عبدا لغير الله-تعالى- فيشرك به , وهذه صورة من صور الإذلال الذي يتنافي مع كرامة الإنسان .
    ومن الخير الفطري الذي أودعه الله – تعالي – في طبيعة الإنسان تلك القيم الخيرة من مثل حب الحق وحب الخير , وتذوق الجمال الحسي والمعنوي في كل شيء , وهذه القيم يحرص الإسلام العظيم علي رعايتها وتنميتها في كل فرد منذ لحظة الإدراك الأولي في حياته. ومن ذلك الإيمان بالأخوة الإنسانية التي له عندها حقوق وعليه تجاهها واجبات لا بد من أدائها . ولا تستقيم الحياة الدنيوية إلا بقيام الاتزان الدقيق بين حقوق الفرد وواجباته تجاه كل من أسرته ,وأهله , ومجتمعه , وأمته , و تجاه الإنسانية جمعاء. ومن ذلك حب العلم النافع , غير المعزول عن الحكمة , وإتباعه بالعمل الصالح الذي ينفع الناس جميعا، ,وذلك لان العلم النافع يصدقه العمل الصالح، كما أن الإيمان الصادق لابد وان يكون مقرونا بالعمل الصالح وبالأخلاق الكريمة وبالأخذ بعزائم الأمور.
    وقد جاء القران الكريم مؤكدا على أن لكل شيء في هذا الكون فطرته السوية التي فطره الله – سبحانه وتعالي – عليها , والتي تخصه وتميزه عن غيره , وعلي أن الكون – بكل ما فيه ومن فيه – خاضع لقوانين الخالق – سبحانه وتعالى – وهي قوانين مطردة , لا تتخلف ولا تتوقف ولا تتعطل إلا بإرادته. ومعرفة هذه القوانين هي من أسباب التقدم العلمي والتقني وهما وسيلة حسن القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض بعمارتها وتيسير الحياة على سطحها.

    7-إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يكرم الإنسان، و يجعل لدمه حرمة تفوق حرمة أقدس أماكن العبادة. وانطلاقا من هذه الكرامة يدعو الإسلام العظيم إلى الحرية الكاملة للإنسان في اختيار الدين الذي يود أن يدين نفسه به لله - تعالي –، وذلك انطلاقا من حقيقة أن الإنسان في الإسلام هو مخلوق مكرم، عاقل , حر، ذو إرادة , ومن هنا كان حقه الكامل في حرية التدين ويكفي في ذلك قول ربنا –تبارك وتعالي-:
    ﴿ل اَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِوَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَاوَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾( البقرة :256 ).
    وقوله – تعالي -: ﴿ وَقُلِ الحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنوَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ.... ﴾ ( الكهف :29 )
    وقوله –سبحانه-:﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ . لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ .وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ . وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . لَكُمْ دِينُكُمْوَلِيَ دِينِ﴾)الكافرون :1- 6) هذا في الوقت الذي تقوم المعتقدات المعاصرة كلها إما بالانغلاق التام علي ذاتها استعلاء وأنانية , وإما بالاستغلال و الابتزاز لفقر الناس وحاجاتهم في ساعات الاضطرار والعوز، وذلك بمساومتهم علي دينهم بلقمة العيش أو قطرة الدواء , أو خيمة الإيواء .

    8-إنه دين متوازن في كل شيء، فهو يدعو إلى الأخذ بمكارم الأخلاق , وإلى احترام العقل السوي, وإلى تعظيم طلب العلم, وتوقير العلماء وجعلهم ورثة الأنبياء, كما يوصي الإنسان المؤمن بالحرص علي الفوز بالحكمة, وبقبول كل ما يقره المنطق السوي, ويقوم عليه الدليل القاطع ويدعمه البرهان الناصع, ويدعو الإنسان إلى النجاح في الدنيا بالحق ,وبالعمل للآخرة دون توانٍ أو توقف حتى يلقى أجله المحدد. ويكفي لتأكيد ذلك أن أولى آيات القران الكريم نزلت تأمر بالقراءة والكتابة ,وتعظيم أدواتهما وفي ذلك يقول ربنا -تبارك وتعالى- ﴿ اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْوَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾(العلق:1-5). وأقسم ربنا تبارك وتعالى بالقلم تعظيما لشأنه- وهو الغنى عن القسم لعباده- فقال عز من قائل:- ﴿ ن وَالْقَلَمِوَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ (القلم:1).

    9-إن الإسلام دين يكلف الإنسان بحسن القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض بعمارتها
    وإقامة شرع الله وعدله فيها. ويجعل من ذلك عبادة لا تقل في قدرها عن عبادة الخالق – سبحانه وتعالي–بما أمر, وهما وجهان لعبادة واحدة, تتحقق بهما رسالة الإنسان في هذه الحياة .

    10-إنه دين يأمر بالبحث في المعلوم المنظور من أمور الكون، أو ما يعرف باسم "عالم الشهادة"، كما يدعو إلي الإيمان "بعالم الغيب". ومن الغيوب التي يطالبنا الإسلام بها الإيمان بالله , وملائكته , وكتبه , ورسله , واليوم الأخر , وبالقدر خيره وشره , والتسليم بعوالم الجن دون محاولة التعرض لهم , ودون إفراط في ذلك أو تفريط .

    11-إنه دين يدعو إلي تحرير الإنسان من عبودية الذات أو المخلوقات إلى عبودية الخالق وحده(بغر شريك، ولا شبه، ولا منازع، ولا صاحبة ولا ولد) , ويلغي جميع الوسائط بين المخلوقين وخالقهم , فلا صكوك غفران , ولا كراسي اعتراف , ولا تقديس لغير الله – تعالي – ولغير ما قدس هو – سبحانه وتعالي – من أزمنة و أماكن بعلمه وحكمته وإرادته.

    12-إنه دين يدعو إلي التوسط والاعتدال في كل أمر من أمور الحياة الدنيا، ويأمر بصلاح الدنيا دون نسيان الآخرة , كما يأمر بمخالطة الناس في حدود تمنع الانعزال عنهم , وتحول دون الانفتاح الكامل عليهم . وعلي ذلك فإنه لا رهبانية في الإسلام ,ولا كهانة ولا عرافة , ولا رجال دين, ولكن علماء ومتخصصون في مختلف المجالات الدينية والدنيوية بلا أدني سلطان ديني، لأنه لا سلطان في هذا الوجود لغير الله – سبحانه وتعالي .

    13-إنه دين يحفظ الضرورات الخمس لكل فرد من بني آدم: الدين, والعقل , والنفس, والمال, والعرض , علي أسس من العدالة, والمساواة بين الناس جميعا, والتيسير لهم , والحرص علي مصالحهم, والمحافظة علي كرامة كل فرد من أفرادهم وحقوقه .

    14- إنه دين يرفض الغفلة عن الحق في أي مجال من مجالات المعرفة ,و يحارب التقليد الأعمى بلا دليل, كما يحارب الجمود علي الآراء الخاطئة الموروثة , ويحرم القضاء بالظن والهوى, ويطالب بتأسيس كل حكم علي الدليل العقلي المقبول , وعلي البرهان الجلي الواضح, ويحض علي طلب العلم النافع الصحيح، القائم علي أساس من مسئولية الإنسان عن حواسه وعقله , وينهي عن كل ما يمكن أن يحول دون معرفة الحق وقبوله من مثل الكبر والغرور ,والمجادلة علي غير أساس أو منطق , أو علي غير توفر لأصول المعرفة اللازمة .

    15- إن الإسلام العظيم يدعو إلى اكتساب المعارف النافعة بالتجرد للحق والصدق فيه, والمجاهدة في سبيله, والاستمساك به , والتعاون عليه , وكلها من أسس المنهج العلمي الاستقرائي الصحيح الذي وضعه أسسه المسلمون.

    من هذا العرض الموجز فإننا ندعو الناس جميعا إلي قراءة القرآن الكريم – ولو في احدي التراجم العديدة لمعانيه لمن لا يجيدون العربية , وان كانت كل التراجم لا تستطيع نقل جلال الربوبية الذي يتراءى لكل ذي بصيرة بين آياته العربية- كما ندعوهم إلي الاطلاع علي شيء من سيرة الرسول الخاتم – صلوات الله وسلامه عليه – وعلي بعض أقواله الشريفة , وذلك من أجل التعرف على هذا الدين من مصادره الصحيحة، لأنه الدين الوحيد الذي لا يرتضي ربنا – تبارك وتعالي – من عباده دينا سواه , والذي لا خلاص للبشرية كلها من الكوارث التي تنتظرها إلا بالرجوع إلي الله عن طريقه , ولذلك فهو أكثر الأديان إنتشارا في عالم اليوم على الرغم من الجهود المضنية التي تبذلها كل أبواق الشر في العالم من أجل تشويه صورته , والإساءة إليه . والتحذير من إمكانية إعادة تطبيقه نظاما شاملا كاملا للحياة كما كان في الحضارة الإسلامية التي جسدت واحدة من أعظم الحضارات التي عرفها تاريخ البشرية وأكملها , لأنها كانت الحضارة الوحيدة التي جمعت بين الدنيا والآخرة في معادلة واحدة , فازدهرت في ظلها الدنيا , واستخدم ازدهارها طريقا صحيحا للآخرة بإقامة شرع الله وعدله على الأرض.

    وعالم اليوم أصبح مليئا بالمفاسد و المظالم، والمشاكل، والخلافات، والمآسي, والصراعات، وذلك بسبب جهل الناس بالدين الصحيح، فغرقت الأرض في بحار من الدماء والأشلاء, والخراب والدمار!!, ولجهل أغلب الناس بالإسلام حرموا من فهم الذات، ومن المعرفة الحقة لرسالة الإنسان في هذه الحياة, ومصيره من بعدها , فحاول إنسان اليوم العيش بتصوراته المادية البحتة، وهى تصورات محدودة قاصرة, واندفع بمطامعه الدنيوية الحقيرة جريا وراء مكاسبه المادية الآنية فيها بأي ثمن , فعانى من غلبة القوي الذي لا ضمير له علي الضعيف الذي لا حول ولا قوة له، كما عانى من انتشار الحروب الساخنة والباردة، ومن كثرة المؤامرات الدولية والمحلية , وتكدس الأسلحة التقليدية وغير التقليدية المتطورة، ومنها أسلحة الدمار الشامل (الذرية والنووية والنيترونية،والأسلحة الكيميائية والحيوية القذرة)، وعانى من تطور أجهزة التجسس والتصنت علي الناس, ومن استنزافت ثروات الأرض, وتلوث مختلف بيئاتها , حتي أصبحت مهددة لمختلف صور الحياة بالأمراض والفناء, كما عانى أهل الأرض من انتشار الكوارث الطبيعية والمجاعات الجماعية، ومن مختلف العقوبات والابتلاءات من مثل انتشار الأمراض, والأوبئة الفتاكة, ومن ارتفاع كل من الأسعار ومعدلات الجريمة, وتزايد نسب الإدمان والانتحار , وانهيار مؤسسة الأسرة, وتسيب المرأة، وزعامة الأحداث، ومن شيوع الزنا والخنا والشذوذ, ومن ضياع الأخلاق الفاضلة وانتشار الرذائل, ومن كثرة أبناء وبنات الحرام, ومن اختلاط الأنساب بصورة مروعة.
    وفوق ذلك كله يعانى أهل الأرض اليوم من سوء توزيع الثروة إلي الحد الذي تملك فيه عشرون دولة من دول العالم أكثر من 87 % من ثروات الأرض جميعها، بينما لا يتعدي مجموع سكانها 18% من مجموع تعداد سكان هذا الكوكب، ويعيش أكثر من 82 % من سكان الأرض علي اقل من 13 % من مجموع ثروتها في مستوي من الفقر أو ما دون حد الفقر تحت قدر من المظالم والاستبداد، والاستغلال التي تستوجب غضب الله – تعالي – وتستعجل نزول عقابه .

    وعالم اليوم مهدد بالعديد من الكوارث الإنسانية: العسكرية منها, والبيئية, والصحية, الاقتصادية , والدينية، والأخلاقية، والاجتماعية , التي لا يعلم مدى خطورتها إلا الله – تعالي - , ولن يستطيع الإنسان تجنب وقوع تلك الكوارث إلا بالرجوع إلي الله -سبحانه وتعالي – إيمانا به وتصديقا بكتابه , وبخاتم أنبيائه ورسله– صلي الله عليه وسلم - , ويقينا في حتمية الآخرة وضرورتهما, وما فيها من بعث وحشر، وحساب وجزاء، وخلود إما في الجنة أبدا أو في النار أبدا، ومعرفة صحيحة بحقيقة وضع الإنسان في هذه الحياة : عبدا لله , خلقه ربنا – تبارك و تعالى – لرسالة محددة، وهي رسالة ذات وجهين : أولهما عبادة الله – تعالي – بما أمر , وثانيهما حسن القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض بعمارتها وإقامة شرع الله وعدله فيها . ولن يستطيع الإنسان الوصول إلي ذلك إلا عن طريق الإسلام العظيم الذي تعهد ربنا – تبارك وتعالي – بحفظ وحيه فحفظه في القران الكريم وفي سنة خاتم الأنبياء والمرسلين، فأصبح هذان المصدران من مصادر الوحى الإلهي هما طوق النجاة الوحيد لكل إنسان علي وجه الأرض, ولا نجاة له بغيرهما , فيا أيها الناس : عليكم بكتاب الله ( القران الكريم ) , وعليكم بسنة خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله النبي العربي القرشي – صلي الله عليه وسلم - فهما الصورة الوحيدة للهداية الربانية الموجودة بأيدي الناس اليوم، ولا نجاة للإنسان في هذه الحياة الدنيا ولا من أهوال الآخرة إلا بالتعرف علي تلك الهداية الربانية، اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد وأنت خير الشاهدين، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.













    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

دعوة إلى الإيمان بالله (زغلول النجار)

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. من هو الدكتور زغلول النجار ؟
    بواسطة شعشاعي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 16-05-2013, 03:57 PM
  2. الإسلام يحمل دعوة إلى الإيمان بقيمة الأمل وحسن الظن بالله
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-10-2011, 12:36 AM
  3. دعوة إلى الإيمان بالله
    بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-07-2010, 05:44 PM
  4. مقالات الدكتور زغلول النجار
    بواسطة mmr في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 30-09-2009, 01:03 AM
  5. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-05-2006, 03:27 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

دعوة إلى الإيمان بالله (زغلول النجار)

دعوة إلى الإيمان بالله (زغلول النجار)