شبهة : هل الله يغوينا ليحاسبنا ؟

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

شبهة : هل الله يغوينا ليحاسبنا ؟

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: شبهة : هل الله يغوينا ليحاسبنا ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    المشاركات
    3,275
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    04-12-2012
    على الساعة
    10:58 PM

    افتراضي شبهة : هل الله يغوينا ليحاسبنا ؟

    شبهه : الله يجبر الناس على الغى والضلال ثم يحاسبهم !! آ الله ليس بعادلا ؟!

    ( اقول تعالى الله عما يصفون )

    اعترض الجاهلون على ما ورد في كتاب الله تعالى من آيات بينات تفيد أنه تعالى يضل من يشاء و يهدى من يشاء ، و ظنوا بجهلهم أن ذلك ظلماً و إجباراً للناس على سلوك سبيل الغي! و امتد الاعتراض ليشمل إنكار أن الله تعالى هو خالق الشر!

    بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:

    الشبهة حول هذه الآية : أن الله يضل من يشاء؟

    أولاً: بادئ ذي بدء نذكر بعض النصوص من الكتاب المدعو مقدساً لعلها ترفع الغشاوة عن أعين الحاقدين:
    (( وَلَكِنِّي أُقَسِّي قَلْبَ فِرْعَوْنَ وَأُكَثِّرُ آيَاتِي وَعَجَائِبِي فِي أَرْضِ مِصْر َ)) خروج 3:7
    (( وَكَانَ مُوسَى وَهَارُونُ يَفْعَلاَنِ كُلَّ هَذِهِ الْعَجَائِبِ أَمَامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنْ شَدَّدَ الرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُطْلِقْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِه )) خروج 10:11
    (( وَلكِنْ لمْ يُعْطِكُمُ الرَّبُّ قَلباً لِتَفْهَمُوا وَأَعْيُناً لِتُبْصِرُوا وَآذَاناً لِتَسْمَعُوا إِلى هَذَا اليَوْم ِ)) التثنية 4:29
    (( غَلِّظْ قَلْبَ هَذَا الشَّعْبِ وَثَقِّلْ أُذُنَيْهِ وَاطْمُسْ عَيْنَيْهِ لِئَلاَّ يُبْصِرَ بِعَيْنَيْهِ وَيَسْمَعَ بِأُذُنَيْهِ وَيَفْهَمْ بِقَلْبِهِ وَيَرْجِعَ فَيُشْفَى )) اشعيا10:6
    (( فَإِذَا ضَلّ النَّبِيُّ وَتَكَلَّمَ كَلاَماً فَأَنَا الرَّبَّ قَدْ أَضْلَلْتُ ذَلِكَ النَّبِيَّ, وَسَأَمُدُّ يَدِي عَلَيْهِ وَأُبِيدُهُ مِنْ وَسَطِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. )) حزقيال 9:14
    (( وَلأَجْلِ هَذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ )) 2تسالونيكى 1:2
    (( لِمَاذَا أَضْلَلْتَنَا يَا رَبُّ عَنْ طُرُقِكَ قَسَّيْتَ قُلُوبَنَا عَنْ مَخَافَتِكَ؟ ارْجِعْ مِنْ أَجْلِ عَبِيدِكَ أَسْبَاطِ مِيرَاثِكَ. ))اشعياء 17:63
    (( وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. ،فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. ،ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ ، فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا. ،وَالآنَ هُوَذَا قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ هَؤُلاَءِ، وَالرَّبُّ تَكَلَّمَ عَلَيْكَ بِشَرٍّ]. ))1ملوك 19:22-23
    بل و نجد المسيح قد جعلوه يتكلم بالأحاجي ليضل و يخدع من ليسوا من بنى إسرائيل (( فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللَّهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ )) مرقس11:4، 12


    ثانياً: هناك أربع مسائل أساسية تتعلق بالرب جل في علاه لا ينكرها إلا جاحد و هي كالآتي :


    أ- الخلق: أن الله تعالى هو الخالق الأوحد لكل شيء في الوجود و كل ما دونه سبحانه مخلوق من مخلوقاته داخل في ملكوته و من قال أن الله تعالى لم يخلق الشيطان أو المرض أو الموت أو الظلام فقد سقط من حيث أراد الارتقاء لأنه أثبت خالقاً مع الله أو موجوداً مصاحباً لوجوده سبحانه و هم بذلك كانوا كالمجوس الذين أثبتوا خالقين أحدهما للخير و الأخر للشر لذا قال رسول الله (ص): "القدرية مجوس هذه الأمة" و القدرية هم الذين يتحدثون في القدر و ينكرونه و العياذ بالله ، و يشاركهم النصارى هذه الجهالة
    و لنقرأ قول الله تعالى (( ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيل ٌ)) و قوله سبحانه (( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُون َ)) وقوله عز و جل (( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ )) .
    و لنقرأ أيضاً ما يوجد في كتب النصارى (( مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِه ِ)) اشعيا 7:45 .


    ب- العلم: أن الله تعالى عالم الغيب و الشهادة و هو العليم الحكيم يعلم ما كان و ما سيكون و ما لم يكن لو كان كيف يكون ، يقول سبحانه (( فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى )) و يقول عز و جل (( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )) و يقول تعالى (( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)) و آيات أخرى لا تحصى في بيان علم الله الذي هو من صفات كماله و قد علم الله أنه سيكون في الأرض شراً و مرضاً و خبثاً من شياطين الإنس و الجن و لكن حكمته سبحانه اقتضت وجود ذلك كله و لننظر للحوار الإلهي مع الملائكة حين خلق الله أدم (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ* قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ )) .


    ج- الكتابة: أن الله تعالى كتب كل ما هو كائن منذ الأزل و دلت على ذلك آيات كثر كقول الله تعالى ((وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ )) و قوله سبحانه (( وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )) ....... و نقرأ كذلك في كل موضع من الأناجيل أن كل ما حدث للمسيح من ألم و عذاب هو أمر مكتوب و لا بد أن يتم منذ لحظة ميلاده حتى لحظة صلبه المزعوم فنقرأ مثلاً في يوحنا 28:19- 30(( بَعْدَ هَذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ: «أَنَا عَطْشَانُ». وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعاً مَمْلُوّاً خَلاًّ فَمَلَأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ. فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ)) .


    د-المشيئة: أن مشيئة الله نافذة فما شاء الله كونه فهو كائن لا محالة و ما لم يشأ فلا يكون أبداً لأنه لا مشيئة فوق مشيئة الرب ، و نحن نفصل في هذا الصدد بين الإرادة الشرعية و الإرادة الكونية القدرية:
    الإرادة الشرعية: هو كل ما أمر الله به و هو يرضاه سبحانه و يكلف به عباده كقوله تعالى (( قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )) و قوله عز و جل (( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً )) ...
    الإرادة الكونية القدرية: و تتضمن ما قدر الله تعالى وقوعه ولا يقع إلا بإذنه فهي الإرادة الشاملة لجميع الموجودات التي يقال فيها: ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن و هي تشمل ما يرضاه الله شرعاً و ما لا يرضاه سبحانه شرعاً و ما لا يرضاه كما لو وقع الزنى أو الكفر من بعض الناس فإنه لا يأمر بها و لا يرضاها إذ هو لا يأمر بالفحشاء و لا يرضى لعباده الكفر ولولا مشيئته الكونية و قدره لما كان لها وجود لذا كان باطلاً الاحتجاج بالإرادة الكونية لتبرير الإصرار على الكفر أو المعصية (( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ )) .


    و إن سأل سائل لماذا يخلق الله الشر؟


    نقول: إن الله تعالى لم يخلق شراً محضاً لا خير فيه و لا منفعة لأحد و ليس له فيه حكمة ولا رحمة ولا يعذب الناس بلا ذنب و قد بين العلماء الأجلاء أمثال ابن تيمية و ابن القيم و غيرهما عليهم رحمة الله ما فى خلق إبليس و الحشرات و الكوارث من حكم و رحمة . فالشىء الواحد يخلقه الله باعتبار خيراً و اعتبار أخر شراً، فالله خلق إبليس ليبتلى عباده فمنهم من يعاديه و يمقته و يعادى أولياءه و يوالى الرحمن ويستسلم له تعالى و منهم من يوليه و يتبع خطواته فيميز الخبيث من الطيب و يكتمل اختبار الإيمان و العبودية كما قال تعالى (( وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِين َ)) و قال سبحانه (( مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيم ٌ)) .

    و كذلك قد خلق الله الهرم ليكون سبيل إنذار للعبد الذي أسرف على نفسه فيعود لرشده و يتقي ربه و قد علم اقتراب الأجل و ادبار الدنيا و في المقابل تقام الحجة على من كابر و أثر الحياة الدنيا (( وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِير ٌ)) و قال تعالى في خلق المكروه (( وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ )) . و حتى في خلق الألم تتجلى رحمة الله تعالى فلولا أن خلق الله في الإنسان الشعور بالألم لهلك ذلك الإنسان و قد أجريت بحوث على أطفال ماتت أعصاب الشعور عندهم فكانت نتائجها خطيرة إذ أنهم كانوا يحرقون أنفسهم و يجرحون أرجلهم و أيديهم دون شعور مما يصل بهم إلى الهلاك في نهاية المطاف .


    و حتى في الزلازل و البراكين تتجلى رحمة الله إذ يصطفى الشهداء و ينذر الأحياء و يكفر عن السيئات و قد ثبت علمياً أنه لولا البراكين التي تنفس عن باطن الأرض لانفجر هذا الكوكب كما انفجرت كواكب أخر فسبحان الله العظيم . و بهذا نوقن أن الله تعالى هو الخالق المقدر الفعال لما يريد فكل ما يحدث من خير أو شر هو بقدره و علمه سبحانه .


    بقى أن نشير لنقطة باقية حول مسألة حرية إرادة الإنسان و هل لو أضله الله يكون قد أكرهه على الكفر؟


    إن المتدبر لآيات القرآن الكريم منذ نزول أول أية يدرك أن القرآن فتح الباب على مصراعيه لهذا الإنسان ليدخل إلى ما يمكنه من الرقى إلى درجات الخير و امتن عليه بمنحه ما لم يمنح مخلوقاً أخر من القدرة على النظر و التأمل و ذلك بما وهبه من آلاء الفكر (( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ )) و قال تعالى (( أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ )) و قال عز وجل (( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ )) و قال سبحانه (( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب ِ)) ........ فالله يضل الفاسقين و لكن يجعل فسقهم سبباً لضلالهم هذا ، و ذلك كأن يقول الله أنه هو الرزاق فهذا حق و لكنه جعل أسباب وصول الرزق للعباد من عند أنفسهم، و بهذا يكون الإنسان مسير مخير و هذا هو الموافق للعقل و النقل:
    (عقلاً) لأن الإنسان لا يجد نفسه مجبراً على الكفر أو مكرهاً على المعصية، و هؤلاء الذين وهبوا أنفسهم لمحاربة دين الله و مشاقة رسله يفعلون ذلك عن حرية و اختيار و إن كانوا يوافقون ما قدره الله لهم و هو أعلم بما كانوا يعملون، و إن قال مجادل: لماذا أعمل إن كان الله قد قدر أنى من أهل النار أو من أهل الجنة؟ قلنا له : و من أين لك أنت أن تعلم مصيرك؟ فطالما أنك حي ترزق فأنت الذي تحدد مصيرك بفعلك و بما كسبت يداك فلا تحتج بما كتبه الله عليك و لكن اعمل بإرادتك أنت التي وهبك الله إياها تجد الجزاء من جنس العمل لأن الله لا يظلم عباده شيئاً (( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه ُ)) ، (( إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً )) .
    (نقلاً) المتدبر لآيات القرآن يدرك من الآيات الكثيرة المحكمة أن الله لا يظلم الناس شيئاً و لكن الناس أنفسهم يظلمون و أن من لم يشأ الله لهم الهدى هم الذين لا خير فيهم و يتخذون الغي دوماً سبيلاً، فهؤلاء الذين ما كانوا ليؤمنوا حتى لو كانوا لأفعالهم خالقين (و حاشا لله) و لنقرأ الآيات البينات في بيان هذا المعنى: (( وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ )) و قال تعالى (( وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ )) و قال سبحانه (( وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُون َ)) و هذه آية تحسم الأمر (( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين َ)) و هكذا تبين الآية الكريمة أنهم اختاروا الزيغ و الضلال و الانحراف فلما كانوا كذلك أزاغ الله قلوبهم فالجزاء من جنس العمل .


    و أخيراً إن سأل سائل و لكن أما كان الله قادراً أن يرغمهم على الإيمان و سلوك الطريق السوي ؟


    نقول: بلى إنه على كل شيء قدير، و لكن ماذا يبقى من حكمة الخلق؟ وكيف يميز الخبيث من الطيب و نحن نرى أن أمر التفاضل بين الناس في الحياة من الأمور التي تستقيم بها الحياة و ما هو موقفنا من أستاذ يعطى الطالب المهمل الكسول ما يعطى الطالب المجتهد الذكي؟ إن هذا بلا شك خروج عن العدل المطلق الذي هو من صفات الرب سبحانه كما أنه يتعارض مع حكمة خلق الله تعالى للإنسان كي يكون خليفة في الأرض يؤمن به بظاهر الغيب و يعبده لا يشرك به شيئاً و يعمر الأرض على أساس كلمة التقوى فهذا الصنف من العبودية لله القائم على الإيمان بالغيب هو الذي فضل الله به عباده من البشر على عباده من الملائكة لذا فإن الملائكة و إن كانوا أحسن من المؤمن في العبادة و الحال لا أنه أحسن منهم في المآل بفضل الإيمان الحق الشريف .



    تحياتى

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    78
    آخر نشاط
    25-01-2009
    على الساعة
    12:52 PM

    افتراضي

    اقتباس
    اعترض الجاهلون على ما ورد في كتاب الله تعالى من آيات بينات تفيد أنه تعالى يضل من يشاء و يهدى من يشاء
    نعم : هم جاهلون

    فلو سعينا لكي نصل للحق ، فسيهدينا الله إليه

    ولو رفضنا السعي وأخترنا هوى النفس الفاسدة ، فالله لن يهدينا إلى شيء وسيبقينا في ضلالنا لأننا لم نطلب أو نسعى للهدية

    إذاً فقول الله ( يضل من يشاء و يهدى من يشاء ) ، فالذي يشاء هو الإنسان ، فالله يعين العبد لما طلب وسعى إليه

    فهذه وجهة نظري

    والله اعلم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    339
    آخر نشاط
    16-03-2006
    على الساعة
    07:45 AM

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخي الكريم تلك المسألة فلسفية أكثر منها منطقية وكالعادة فهم يحاولون السفطسة ان صح التعبير في تلك الامور ليثبتوا فيها الشبهات مع أنهم أدرى مننا بحقيقة هذه الامور حيث ان ما ذكر في القرأن انما كان دعم لما يقولون من أراء فلسفية ولكنهم حينما يتعرض الامر بأن القران هو الذي يثبت فإنهم يرجعون ويضللون كي لا يكون الحق في دين الاسلام , الامور أوضح للعاقلين من أن تشرح ولكن انهم فقط يا أخي يماطلون بالتكذيب والتشكيك في الايات القرانية وديننا الحنيف.
    وجزاك الله عنا خير

شبهة : هل الله يغوينا ليحاسبنا ؟

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 24-07-2016, 10:20 AM
  2. شبهة ملحد عن (كلمة الله)
    بواسطة عبدالله عبدالله في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 03-01-2007, 02:44 PM
  3. الرد على شبهة ماتت فاضجع معها رسول الله صلى الله عليه وسلم
    بواسطة ياسر الشيخ في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-02-2006, 02:44 AM
  4. شبهة حول صفة مكر الله سبحانه وتعالى؟
    بواسطة محمد مصطفى في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-12-2005, 01:00 PM
  5. الرد على شبهة استقباله صلى الله عليه وسلم للناس بمرط عائشة رضى الله عنها
    بواسطة muslimah في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 17-10-2005, 01:02 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

شبهة : هل الله يغوينا ليحاسبنا ؟

شبهة : هل الله يغوينا ليحاسبنا ؟