فضيله الشيخ الجليل / محمد حسين يعقوب

الـحـمـد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبيه محمد، وعلى آله وصحبة أجمعين، أما بعد:

فحديث الافــتـراق من الأحاديث المشهورة، أخرجه كثير من أصحاب الحديث في كتبهم ، وهو كما قال عنه الحاكم: »هذا حديث كثر في الأصول ومن أجمع ألـفـاظــه ، ما رواه عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »افـتـرقـــت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وسبعين في النار، وافترقت الـنـصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعين في النار، و واحدة في الجنة، والذي نفسي بـيـده لـتـفـتـرقـن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار. قيل : يا رسول الله من هم؟ قال : الجماعة«(2).

وأولى من يؤخذ منه تفسير كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم صحابته الكرام -رضي الله عنهم أجمعين-.

وتفسير الجماعة المرادة في هذا الحديث فسره العالم الرباني والصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-.

فعن عمرو بن ميمون قال : قدم علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقع حبه في قلبي ، فلزمته حتى واريته في التراب بالشام. ثم لزمت أفقه الناس بعده عبد الله بن مسعود، فذكر يوماً عنده تأخير الصلاة عن وقتها فقال : صلوها في بيوتكم ، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة. قال عمرو بن ميمون : فقيل لعبد الله بن مسعود: وكيف لنا بالجماعة؟ فقال لي : يا عمرو بن ميمون إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة، إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك (3).

وعن الحسن البصري قال : الــسـنـة، والذي لا إله إلا هو، بين الغالي والجافي ، فاصبروا عليها رحمكم الله ؛ فإن أهل الــســنــة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي؛ الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم ، فكذلك إن شاء الله فكونوا.

وعلى ضــوء مــا سبق ذكره ، فإن تعريف أهل السنة والجماعة يمكن أن يقال بأنهم : من وافق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً على منهاج الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين-.

ومن خلال النظر في منهج أهل السنة، وفي حال أهل البدع نجد أن لأهل السنة خصائص ومميزات تميزهم عن غيرهم ، وهذه الخصائص والمميزات نتيجة للمنهج العقدي الذي يتميزون به عن غيرهم.