إخوتي في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إليكم موضوع وجدته أثناء بحثي على المشباك فأعجبني فوددت أن أنقله لكم لتعم الفائدة.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الذي علا فقهر، وملك فقدر، وعفا فغفر، وهزم ونصر، وخلق ونشر، والصلاة والسلام على خير البشر، محمد، وعلى آله وصحبه ومن سار على دربهم واقتفى الأثر ..
اما بعد :
لقد قسم العلماء الجهاد إلى أنواع عديدة، قسموه حسب من يقع عليه كجهاد النفس و جهاد الكفار، وحسب الآلة كجهاد الأيدي والألسنة، والأموال، وبحسب الحكم الشرعي كجهاد الطلب وجهاد الدفع ..
ولقد اوسعت الامر بحثا، لأجد جهادا اسمه جهاد السباب، فلم أجده والله، فأيقنت انه بدعة ضالة، ليس لها في ديننا أصل، جهاد السباب، ليس جهادا، ولم يكن هذا منهجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول الله تعالى في كتابه:
{وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 108]

يقول القرطبي رحمه الله في تعليقه على قوله ـ عز وجل ـ (فيسبوا الله ) :
جَوَاب النَّهْي . فَنَهَى سُبْحَانه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسُبُّوا أَوْثَانهمْ ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ إِذَا سَبُّوهَا نَفَرَ الْكُفَّار وَازْدَادُوا كُفْرًا ..
ويضيف رحمه الله :
فِي هَذِهِ الْآيَة أَيْضًا ضَرْب مِنْ الْمُوَادَعَة، وَدَلِيل عَلَى وُجُوب الْحُكْم بِسَدِّ الذَّرَائِع ؛ حَسْب مَا تَقَدَّمَ فِي " الْبَقَرَة " . وَفِيهَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُحِقّ قَدْ يَكُفّ عَنْ حَقّ لَهُ إِذَا أَدَّى إِلَى ضَرَر يَكُون فِي الدِّين.

نعم، يا أحبتنا، هذا هو دين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، هذا هو منهجه، وهل أجدر من الأصنام بالسباب و اللعان وقد عبدت من دون الله !
لم يكن أبدا السباب طريقة للدعوة إلى الله، حتى مع أشد اعدائنا !
ولا ادري، هل أصبح عدد كلمات الشتم و اللعن دليلا على صدق الكاتب وحسن نيته، ونقاء عقيدته!
ليعلم الكاتب، أنه مسؤول شرعا عن كل ما سيسببه سبابه من ضياع لقيمة الموضوع، واشتعال البغضاء، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، ونفور المخالف من الحق، نعم أخي الحبيب الأريب.. إن كل كلمة سيئة تخرج في موضوع بدأت به السباب، سيعود وزرها عليك يوم القيامة، فاحذر يا أخي أن تكسب السيئات وأنت تحسب نفسك تجاهد بلسانك !
ومن هذا المنطلق، جاءت الآية بالنهي عن سب آلهة المشركين، إن كان ذلك سببا لزيادة كفرهم وعنادهم و ذريعة لسب الله ـ عز وجل ـ ، ومما يؤكد كلامنا في هذا السياق، هو هذا الحديث الصحيح، الذي يعرفه جلكم، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
[ من الكبائر شتم الرجل والديه ] . قالوا : يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه ؟! قال : [ نعم ، يَسُبُّ أبا الرجل فَيَسُبُ أباه ، ويسب أمه فيسب أمه ] . رواه البخاري ومسلم
يقول النووي رحمه الله تعليقا على هذا الحديث :
‏أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( من الكبائر شتم الرجل والديه ) إلى آخره ففيه دليل على أن من تسبب في شيء جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء.

وعليه، فإن كل سباب، تكون سببا فيه، تحمل وزره يوم القيامة، والخطير والمفزع في الأمر، أن هذا يصدر من المسلم المخلص الذي يقتطع من وقته الثمين جزءا لينصر إخوته في الدين، ولينشر كلمة التوحيد ..، أنه دأب الشيطان يا أحبتنا، أن يجعلنا نكسب الذنوب، ونحن نقصد الحسنات، فنكون من الأخسرين أعمالا :
{الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104]

والذي يحزننا يا إخوة الدين، أن هذا السباب لايكون بيننا وبين الصليبيين !
أو بيننا وبين الروافض !
أو بيننا وبين المرتدين من علمانيين و شيوعيين !
وحتى هذا، هو غير مندوب ولا مشروع !
لكنه بيننا نحن المسلمين، أبناء الدين الواحد، مهما اختلفنا في أفكارنا و وجهات نظرنا، لايصح ولا يجوز أن نسب بعضنا تحت حجة الدعوة أو إقامة الحجة، أو إنكار المنكر، ‏فعن ‏ ‏أبي وائل ‏ ‏عن ‏ ‏مسروق ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن عمرو ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال:
‏لم يكن النبي ‏ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏فاحشا ولا متفحشا وكان يقول إن من خياركم أحسنكم أخلاقا.
وفي سنن الترمذي :
قال رسول الله ‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ‏ليس المؤمن ‏ ‏بالطعان ‏ ‏ولا اللعان ولا ‏‏ الفاحش ‏ ‏ولا البذيء .

فبالله عليكم، من هم اكثر من يدخل منتدياتنا الجهادية والاسلامية !
العلمانيون؟ الروافض ؟ الأمريكان؟ أذناب الحكام؟
لا والله، بل عامة المسلمين وخاصتهم من طلبة العلم، فانظروا يا احباب النبي كيف نسيئ لأنفسنا !
لماذا نجعل منازلنا مليئة بالاوساخ والقاذورات والنفايات، لماذا نجعل منابرنا تسر الأعداء وتحزن الأصدقاء !

أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة..
أن تبني فكرة، و توقد منارة، هو أحب إلى الله من أن تشتم وتقذع في كلامك، وإن كان هذا ما تظنه جهاد السباب الذي ما عرفته امة الاسلام من قبل !
أستغرب أحيانا، من موضوع، يكتبه كاتب نحسبه مخلصا ولا نزكيه على الله، فيذيله بلعان أو سباب على كائن من كان، فترى جميع المعلقين على الموضوع يقتبسون تلك المسبات في إجاباتهم تعبيرا منهم على تأييدهم لفكرة الموضوع، بل لعلهم يزيدون في السباب و الشتم ظنا منهم أنه تنكيل في اعداء الله !!
ينشغلون بالذيل، و يتركون كل ما قيل من أفكار وعبر ودلائل ! فتضيع هيبة الموضوع، ويذهب رونقه .. ويصبح تنكليهم بأعدائهم تنكيلا بأنفسهم !
فوالله يا احبابي، إن معظم سبابنا لا يسمعه إلا نحن، فانظروا يرحمكم الله، كم نؤذي أنفسنا بتلك الكلمات التي لا تؤذي إلا مسامعنا !
وهذا ما قصده الامام الغزالي رحمه الله، عندما قال أن الله لن يسألك يوم القيامة لماذا لم تلعن الشيطان ؟ ولكنه سيسألك عن كل كلمة سيئة خرجت منك، وسيحاسبك عليها، فانظر يا مسلم كم تطيل حسابك وأنت تكيل تلك المسبات واللعنات !
لم أسمع عن طريقة للتقرب لله ـ عز وجل ـ تقوم على السباب الخالص الذي لا فائدة منه.
ولو سألك يا أخي سائل : هل تحب أن تكون آخر كلمة تقولها في الدنيا هي لعنة على الشيطان (وهو ملعون بقول الله ولا جدال فيه) أم ذكر لله؟
ستقول: ولذكر الله أكبر، وتفضل ان يختم لك بذكر الله ..
إذن، وما يدريك فلعل ما تكتبه هو آخر ما تخطه يمناك ! فاتقوا الله يا قومي...

ولقد بدأنا بالسباب على الامريكان والروافض والعلمانيين والجاميين، وأسرفنا فيه ظنا منا أنه من جهاد السباب، حتى إذا ما أصبحت هذه عادة، وطريقة، ومنهجا، صرنا نكيلها على بعضنا، فلقد نسينا لغة الخطاب يا أحبابنا !
ونسينا سنة رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

ولنا في هذه القصة الجميلة عبرة :
مرّ بعيسى بن مريم عليه السلام خنزير فقال: مر بسلام. فقيل له: يا روح الله، لهذا الخنزير تقول؟ قال: أكره أن أعوّد لساني الشرّ.

وهكذا يا اخوان وجب ان نكون، نختار الكلم الطيب دون الخبيث، حتى يصبح من خصالنا، ولن يحصد شر التعود على خبيث القول إلا نحن، فاعتبروا ! وانتهوا !

ولست أقصد من كلامي التخاذل عن كشف اخطاء العلماء ونقدهم، أو التوقف عن بيان الحكم الشرعي في الأنظمة الطاغوتية، أو التقاعس عن الدعاء على اعداء الامة، فهذا والله محمود مأجور فاعله، ولكن، ليكن لدينا مقياس، وميزان، نوزن كلامنا، ونحاسب انفسنا، قبل أن نضغط على مفتاح : أرسل المشاركة !
وليكن شعارنا مع مخالفينا أيا كانوا :
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125]

فلنكسب توبة، عن كل انواع الشتم و الفاظ الفحش، واللعان، وانا يا إخوتي، أول التائبين باذن الله وعونه، والتائب من الذنب كمن لاذنب الله.

والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لايعلمون..
والله الموفق


http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=148009