إن موضوع المعارض العقلي أبسط من أن يعقد، فهو يجعل دائرة الحس التي يحكم من خلالها العقل على وجود الشيء ثابتة لا يجوز أن تُعارَض بخبرٍ داخَلَهُ الظنُّ، لأن حكم العقل بثبوت وجود الشيء قطعي، بخلاف حكمه بماهية الشيء فهو ظني، فلا يجوز أن يعارض الحكم القطعي بثبوت وجود الشيء بخبر ظني
قال الشيخ النبهاني في كتاب التفكير ص 25 -27

وإذا استعملت الطريقة العقلية على وجهها الصحيح من نقل الحس بالواقع بواسطة الحواس إلى الدماغ ووجود معلومات سابقة –لا آراء سابقة- يفسر بواسطتها أي بواسطة المعلومات مع استبعاد الآراء، يفسّر الواقع،

وحينئذ يصدر الدماغ حكمه على هذا الواقع،
إذا استعملت هذه الطريقة على وجهها الصحيح فإنها تعطي نتائج صحيحة، إلا أن النتيجة التي يصل إليها الباحث على الطريقة العقلية ينظر فيها، فإن كانت هذه النتيجة هي الحكم على وجود الشيء فهي قطعية

لا يمكن أن يتسرب الخطأ إليها مطلقاً ولا بحال من الأحوال، وذلك لأن هذا الحكم جاء عن طريق الإحساس بالواقع، والحس لا يمكن أن يخطئ بوجود الواقع

. إذ إن إحساس الحواس بوجود الواقع قطعي، فالحكم الذي يصدره العقل عن وجود الواقع في هذه الطريقة قطعي.

أما إن كانت النتيجة هي
الحكم على حقيقة الشيء أو صفته فإنها تكون نتيجة ظنية،
فيها قابلية الخطأ. لأن هذا الحكم جاء عن طريق المعلومات، أو تحليلات الواقع المحسوس مع المعلومات، وهذه يمكن أن يتسرب إليها الخطأ، ولكن تبقى فكراً صائباً حتى يتبين خطؤها، وحينئذ فقط، يُحكم عليها بالخطأ، وقبل ذلك تبقى نتيجة صائبة وفكراً صحيحاً. ولهذا فإن الأفكار التي يتوصل إليها العقل بطريقة التفكير العقلية، إن كانت مما يتعلق بوجود الشيء كالعقائد فإنها أفكار قطعية، وإن كانت مما يتعلق بالحكم على حقيقة الشيء أو صفته كالأحكام الشرعية فإنها أفكار ظنية، أي غلب على الظن أن الشيء الفلاني حكمه كذا، والأمر الفلاني حكمه كذا. فهي صواب يحتمل الخطأ، ولكنه يبقى صواباً حتى يتبين خطؤه. انتهى

خلاصة هذه الفقرة:
١) مفهوم المعارض العقلي أنه يجعل دائرة الحس قطعية، فالعلوم التي تصل بالحواس الخمس قطعية
٢) إثبات الوجود عن طريق الحس قطعي
٣) إثبات الماهية ظني