البابا" بين غرابة الاستشهاد والإحباط والقلق وخطر الإنقراض

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

البابا" بين غرابة الاستشهاد والإحباط والقلق وخطر الإنقراض

النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: البابا" بين غرابة الاستشهاد والإحباط والقلق وخطر الإنقراض

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    738
    آخر نشاط
    02-06-2008
    على الساعة
    01:12 AM

    البابا" بين غرابة الاستشهاد والإحباط والقلق وخطر الإنقراض

    [IMG][/IMG]

    غرابة الاستشهاد..
    من الغريب أن يستشهد بابا الفاتيكان الكاثوليكي "بنديكت السادس عشر" بقول إمبراطور أرثوذوكسي قاست بلاده الأمرين على أيدي القوى الكاثوليكية الأوروبية بما فيهم البابا الكاثوليكي، فلابد أن تاريخ ذلك الإمبراطور المحبط آثار شجون البابا.

    فقد ولد الإمبراطور "مانيويل الثاني" الذي استشهد به البابا عام 1350 ومات عام 1425، وعاش طوال عمره في خوف من سقوط القسطنطينية وما تبقى من الإمبراطورية البيزنطية في أيدي العثمانيين أو في أيدي القوى الأوروبية الكاثوليكية الأخرى.

    فلقد كانت الإمبراطورية البيزنطية في مرحلة اضمحلالها مرتعا للجميع، وكانت الحملات الصليبية الكاثوليكية لتحرير بيت المقدس تنهب في طريقها كل المدن البيزنطية وأهلها المسيحيون، بل إن قلة عدد المتطوعين في الحملة الصليبية الرابعة عام 1203 التي كانت تستهدف فتح مصر جعلتهم يصرفون النظر عن الهدف الأصلي بعد ما تورطوا في استئجار سفن الحملة من تجار فينيسيا بتكلفة باهظة واضطر القائمون على الحملة تحت ضغط أصحاب السفن إلى الإبحار إلى بيزنطة ناهبين في طريقهم كل ما صادفوه من مدن حتى دخلوا القسطنطينية بخدعة ماكرة ونهبوها تماما وأحرقوا مبانيها العريقة لجمع ما يكفي لسداد تكلفة الحملة الفاشلة، وأضعفوا بذلك وللأبد ما تبقى من قوة الإمبراطورية البيزنطية الآفلة.

    ومن ناحية أخرى شهد القرن الرابع عشر حروباً مستمرة مع الدولة العثمانية تم فيها إنهاء الوجود البيزنطي في آسيا الصغرى تماما. ولم تتوقف الهجمات العثمانية على ما تبقى من الإمبراطورية البيزنطية في أوروبا، ولم تتوقف أيضا محاولات والده (الإمبراطور جون الخامس 1341-1391) لطلب المعونة من دول أوروبا الكاثوليكية دون جدوى.

    وكانت هناك أيضا صراعات داخل الأسرة الملكية على عرش الإمبراطورية البيزنطية الآفلة. وكان كل المتصارعين يلجئون لطلب المساعدة من سلاطين الدولة العثمانية حتى أن "مانيويل الثاني" نفسه، صاحب المقولة التي استشهد بها البابا، أقام في بلاط السلطان "بايزيد" كرهينة مكرمة في مقابل المساعدة في عودة والده على العرش بعد ما انقلب عليه جون السابع (ابن أخيه أندرينيكوس الرابع).

    وقام "مانيويل الثاني" أثناء تواجده في بلاط السلطان "بايزيد" بمساعدة السلطان في القضاء على الجيوب البيزنطية الأخيرة في آسيا الصغرى!

    كان الإمبراطور "مانيويل الثاني" ممزقا بين ضعفه بالمقارنة بالدولة العثمانية الفتية وضعفه في مقابل القوى الأوروبية الأخرى المعادية للكنيسة البيزنطية الأرثوذكسية. واضطرته البرجماتية السياسية لمحاولة الاتحاد مع القوى الأوروبية الكاثوليكية الأخرى لتقوية ملكه ضد الجميع، بل حاول إنشاء مجمع للكنائس بهدف تقوية الجبهة المسيحية وذلك رغم الخلافات الجوهرية في الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية ولكن دون جدوى.

    ففي ظل قناعة فينيسيا بأن الإمبراطورية البيزنطية منتهية لا محالة عقدت اتفاقاً مع الدولة العثمانية تقايض فيها امتناعها عن مساعدة الإمبراطور البيزنطي في مقابل سيطرتها على بحر إيجة.

    وهكذا عاش الإمبراطور مانويل الثاني (رغم ميوله الأدبية التي تنبئ عن رقة نفسه) طوال حياته وهو محاصر بالأعداء تماما من كل جانب بل وفي داخل الأسرة الإمبراطورية نفسها، وشهد تآكل الإمبراطورية البيزنطية من كل ناحية تحت تأثير كل هؤلاء الأعداء. وبسقوط القسطنطينية (1453) سقطت تماما آخر بقايا الإمبراطورية الرومانية القديمة.

    وبذلك عانى الإمبراطور المحبط من تآكل الملك، ومن الهزائم، ومن تناقص الأتباع، ومن دفع الجزية، ومن الفشل في حشد الحلفاء والمساعدات من أوروبا، بل ومن العيش كرهينة في يد أعدائه.

    وإن استشهاد بابا الفاتيكان بهذا الإمبراطور يكشف من حيث لا يقصد عن نفس متوترة لعلها تعاني من نفس الإحباط الذي كان يعانيه الإمبراطور القديم ولكن بصورة مختلفة.

    [IMG][/IMG]
    البابا.. والتركة المثقلة

    إن الأحوال التي يعيشها الغرب بصفة عامة تجعل من الصعب على بابا الفاتيكان خصوصا إذا كان ألماني الأصل أن يشعر بارتياح. فالطبيعة البشرية بصفة عامة تميل إلى الحسم وربما العنف في أثناء البناء، وتتصف بالطمأنينة والسماحة عند الشعور بالقوة واستتباب الأمر، بينما تعاني من التوتر وضيق الصدر عندما تشعر بالأزمة.

    لقد حافظت الكاثوليكية بإبقائها على المرجعية الخلقية الثابتة المستقاة من الدين على التواضع الذي تميزت به المسيحية على مر القرون فكانت أكثر المذاهب المسيحية انتشارا بين الفقراء وفي جنوب الكرة الأرضية، طبعا مع بعض التدخلات بالسيوف وغيرها لإقناع المترددين وذلك ليتحقق خلاصهم على الأقل من ضغوط الكنيسة.

    وكانت كل الفظائع التي ارتكبتها الكنيسة الكاثوليكية على مر العصور الوسطى تستهدف نشر العقيدة. في حين أن البروتستانتية مثلا كانت أكثر طائفة مسيحية تأثراً بفكر النهضة التي جعلت من الإنسان مرجعاً لنفسه، بحيث أصبحت المراجع بعدد المؤمنين، فوقع أتباعها فريسة لأفكار المادية والعنصرية التي راجت في الفكر المادي الحداثي في الغرب.

    ولهذا ففي حين اهتم الكاثوليك بنشر العقيدة (ولو بأساليب تستحق من البابا موقفا معترفا بخطئها، منها مثلا محاكم التفتيش التي استأصلت شأفة المسلمين تماما من الأندلس القديمة)، فإن البروتستانت اهتموا بنشر أنفسهم كعنصر متميز عن بقية البشر.

    لقد تسلم البابا الكاثوليكي الحالي تركة مثقلة، فالعالم الغربي الذي نشأ في ظل الأيديولوجية التنويرية الفردية أصبح يعاني من مشاكل سياسية واجتماعية وسكانية حادة جعلت التوتر وضيق الصدر أقرب إلى نفسه من الطمأنينة والسماحة.
    الغرب وخطر الانقراض

    لقد أدت تلك الأيديولوجية المادية إلى إضعاف العاطفة الدينية في الغرب بصفة عامة، كما أدت إلى الفردية وإضعاف مؤسسة الأسرة، وعدم الرغبة في الزواج وفي إنجاب الأطفال بل وقتلهم بالإجهاض وذلك لأسباب يطول شرحها، إلا أن الثابت من الإحصائيات أن الغرب بصفة عامة وكل من سار على دروبه يعاني حقيقة من خطر الانقراض.

    لقد انخفضت معدلات المواليد في أوروبا وأمريكا بين البيض خصوصا، وهم أشد المتأثرين بأيديولوجية التنوير والحداثة، وأصبحت تتراوح بين 1.4 طفل إلى 1.1 طفل لكل زوجين وهي نسبة أقل بكثير من المعدل المطلوب لثبات عدد السكان وهو 2.1 طفل لكل زوجين وذلك طبعا بشرط أن يتزوج الجميع، وأن يتزوجوا من الجنس الآخر عندما يتزوجون وهي أمور قد لا تحدث في أوروبا وأمريكا.

    فهناك تفضل العلاقة الجنسية الحرة على قيود الزواج الكنسية ومسئولياته (وبعضهم يفضل زواج المثل) وقد لا ينجبون ويكتفون عادة بطفل واحد أو طفلين لأسباب كثيرة تضرب بجذورها في أيديولوجية التنوير والحداثة، ومقومات النهضة الصناعية، والمجتمع الاستهلاكي وذلك يجعل حل المشكلة الديموغرافية الغربية شبه مستحيل في المستقبل المنظور.

    فالاتحاد الأوروبي يحتاج إلى 750 مليون مهاجر في سن العمل حتى عام 2050 لتعويض النقص المتزايد في المواليد والاحتفاظ بعجلة الاقتصاد دائرة. والمصدر الأساسي لسد هذا الاحتياج البشري هو العالم الإسلامي الذي يتمتع بمعدلات مواليد عالية، حتى أن نسبة السكان تحت 20 عاما تزيد عن 50%.

    وأوروبا اليوم بها حوالي 25 مليون مسلم يعيش حوالي 75% منهم في الاتحاد الأوروبي وهم يمثلون الآن نسبة صغيرة من السكان (أقل من 5%)، لكن معظم خبراء الديموغرافيا يتنبئون بزيادتهم إلى 10% مع حلول عام 2020 (جلهم من الشباب، بينما تتزايد نسبة كبار السن والعجزة والمقعدين بين غيرهم من الأوربيين). وهذا الأمر هو الذي يجعل الخبراء (الذين لا يستبعد قيامهم ببعض عمليات التجميل للإحصائيات الفعلية قبل نشرها، وذلك بعد عرضها طبعاً على صناع القرار) يتوقعون زيادة أعداد المسلمين في أوروبا.

    أليس من المثير أن 57% من المواليد في عام 2003 في بروكسل مقر الاتحاد الأوربي كانوا من المغاربة! (والمشكلة الديموغرافية عالمية، فقد تضاعف عدد المسلمين في العالم 235% في الخمسين عاما الماضية بينما لم يزد عدد المسيحيين إلا بمقدار 47% في نفس الفترة).

    ومع تقدم الأيام وظهور الأجيال التالية من أبناء المسلمين الذين لا يعرفون أوطانا لهم سوى أوروبا، تزداد كل يوم في أوروبا مظاهر الإسلام المختلفة من رجال ذوي لحى، ونساء محجبات، ودور عبادة تقام في كل مكان بل وفى أبنية الكنائس المهجورة.

    كما يعلو صوت المسلمين بمطالب لم تعتدها أوروبا من اعتراف رسمي بالإسلام كدين وتعليمه في المدارس، والحديث عنه باحترام، وعدم الافتراء عليه، وتعديل ظروف وأوقات العمل بالنسبة للمسلمين بما لا يتعارض مع فرائض الإسلام، إلى الحرص على أكل الحلال من الطعام.

    إن ازدياد المظاهر الإسلامية في أوروبا وازدياد عدد المساجد في ألمانيا موطن البابا الجديد إلى 2500 مسجد، وتضاعف عدد المسلمين في أوروبا بمقدار 300% في الثلاثين عاما الماضية جعلتهم أكثر ظهورا وأكثر إثارة للمشاعر الأوروبية المحافظة.

    إن رؤية تلك الأعداد المتزايدة من البشر الذين يأكلون ويتصرفون ويتكلمون بطريقة مختلفة وملامحهم ليست هي الملامح التي يعجب بها إنسان الحداثة الغربي تجعل من الصعب على الغربي (وخصوصا الألماني التقليدي المحافظ) أن يشعر بالارتياح
    .


    [IMG][/IMG]
    أوروبا والحاجة للمسلمين

    إن "فرانسيس فوكوياما" و"صموئيل هنتنجتون" قالا إن النخب الأوروبية لا يصح أن تشعر بالعار عندما تدافع عن تقاليدها الثقافية مثل الهيومانية المادية والمسيحية في مواجهه الوجود الإسلامي المتزايد في أوروبا. لا بد أن مثل تلك الأفكار والأقوال في ظل الواقع الأليم تلح على العقلية الأوروبية التقليدية المثقفة ومنها عقلية البابا الألماني الكاثوليكي الجديد وتضغط عليه. أ

    إن محاولات تركيا المستميتة للانضمام للاتحاد الأوروبي الذي أنشأته الأحزاب الديمقراطية المسيحية الأوروبية كناد مسيحي تثير حفيظة النخبة المحافظة التي لا تحب أن يكون أكبر عضو في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان دولة مسلمة!

    والأتراك يصرون مرة ثانية على محاصرة أباطرة أوروبا، فمجرد ذكر تركيا ذات الشعب الفتي كثيف العدد (70 مليونا) ومعدل المواليد المرتفع يثير شجون أي أوروبي تقليدي محافظ مثل البابا الكاثوليكي الذي يقضي وقته في قراءة تاريخ سقوط الدولة البيزنطية وأوراق إمبراطورها المحبط وتجعله يستشهد بمقولات ذلك الإمبراطور الأرثوذكسي القديم الذي حاصره الأتراك بأسلوب آخر.

    لقد عاد الأتراك (وإخوانهم في الدين) لفعلها مرة أخرى اليوم ولكن بوسائل ديموغرافية لا بوسائل عسكرية، وفي الماضي كان ذلك الإمبراطور المحبط تؤخذ منه الدنيا رغما عنه وهو يقاوم بشراسة.

    لكن أوروبا المسيحية اليوم تجد نفسها في موقف شائك بصورة أشد إيلاماً، فهي تحتاج إلى هؤلاء الأغراب المكروهين. وعادة لا يحتاج الأعداء لبعضهم، وهو وضع مريح يمكن الإنسان من أن يعادي عدوه بكل قلبه وقواه.

    لكن ما يثير المرارة والارتباك هو ذلك الشعور المحبط بأنك مضطر لأن تفتح لهم أبواب حصونك بيدك.

    وكما كان الإمبراطور البيزنطي القديم يشعر بأن المتاعب تأتيه من داخل بيته وممن كان من المفروض أن يكونوا حلفاءه الطبيعيين، فإن بابا روما الحالي يشعر بنفس المشكلات تقريبا ولكن من ناحية العقيدة والأفكار وأتباع الكنيسة.

    لا شك بأن البابا يشعر بالغربة العقيدية في وطنه الأم ألمانيا مهد البروتستانتية التي كادت تعصف بالكاثوليكية وكنيستها. لا بد أن هذا الأمر ساهم في العصف بالسلام الداخلي الذي يشعر الإنسان به حال نشأته على دين الأغلبية، وساهم في إذكاء الشعور بالحصار في نفسه.

    كما أن ألمانيا أيضا كانت ولا تزال من معاقل الفكر المادي التنويري الحداثي المعادي للمؤسسة الكنسية وللدين بصفة عامة.

    إن أوروبا الغربية وبصرف النظر عن الإحصائيات التي تبين أعداد أصحاب كل دين، تعاني من نسب متزايدة من المبتعدين عن الدين والتدين بصفة عامة، حتى أن كل الإحصائيات تشير إلى أن نسبة أتباع أي كنيسة تتراوح من 20% إلى 30% على أقصى تقدير، وهؤلاء فقط هم الذين يتوزع ولاؤهم على الكنائس المختلفة. أما الباقون فهم إما لا دينيون أو يتبعون أديانا أخرى وعلى رأسها الإسلام.

    إن أوروبا التي كان من المفروض أن تكون العمق الطبيعي للمسيحية الغربية هي مصدر أشد الضربات التي توجه إلى الدين والتدين المسيحي. فما أشبه الليلة بالبارحة! لقد وحَّد القلق من أوروبا ومن الإسلام بين الإمبراطور الأرثوذكسي القديم وبين البابا الكاثوليكي الحديث.

    الكاثوليكية وآخر الفرسان

    إن الكنيسة الكاثوليكية تقف وحدها تقريبا في الغرب المسيحي مدافعة عن المرجعية الخلقية الإلهية وعن مؤسسة الأسرة والزواج رافضة الإجهاض، وكل ما يعارض المعتقدات المسيحية ذات المرجعية الدينية الثابتة.

    بينما ظاهرة الشواذ والمثليين والتحرش بالأطفال ظواهر مجتمعية في الغرب تضرب بجذورها في الأسس الأيديولوجية لحضارة التنوير والحداثة الغربية منذ أن وضعت في عصور النهضة وما نتج عن ذلك من انهيار للمرجعيات، وهي أمور لا تمثل فضائح بالنسبة للطوائف الأخرى التي تمثلت مبادئ تلك الأيديولوجية بالكامل. ولكنها تمثل فضائح بالنسبة للطائفة المسيحية الغربية الكبرى التي لا تزال تتمسك بالمرجعيات الدينية الثابتة وبالأخلاق التي وضعها الله لعباده تسلط عليها أضواء وسائل الإعلام في عصر ما بعد الحداثة الذي تخلص من المرجعيات.

    إن ما يقال عن الفضائح الخلقية لكهنة الكنيسة الكاثوليكية والتي يسلط عليها أشد الأضواء في أمريكا ذات الأغلبية البروتستانتية التي لا ترى في هذه الأمور فضائح بالنسبة لها هو في الحقيقة شهادة إيجابية للكنيسة الكاثوليكية، وهو أيضا إشارة إلى المتساقطين من رجالها تحت مطارق اللامرجعية التنويرية لعصر ما بعد الحداثة. انظروا إلى الطوائف الأخرى ستجد فيها نفس تلك الظواهر، لكن أصحابها يتحركون بحرية في السلم الهرمي لكنيستهم، حيث لا أحد هناك يستطيع أن يشير إليهم بإصبع الاتهام إلا بناء على رأيه الشخصي الذي لا يأبه به أحد وذلك بعد الاستغناء عن المرجعية الإلهية الثابتة.
    واقع محبط
    ترى كم تركت تلك الأيديولوجية المادية الفكرية (التي يمكن اعتبارها طبيعة لصيقة بالشخصية الغربية) من الآثار على المؤسسات الكنسية ومنها الكنيسة الكاثوليكية، إن هناك مؤشرات تاريخية تشير إلى أن خروقات كثيرة حدثت وكان من مظاهرها وفاة البابا "جون بول الأول" في 28 سبتمبر 1978 فجأة بدون مرض أو مقدمات بعد 32 يومًا فقط من اعتلائه كرسي البابوية في حادث مفاجئ ثم التكتم عليه بشدة عندما ظهر أنه يحاول إجراء بعض الإصلاحات الإدارية والمالية الجذرية في مؤسسة الفاتيكان وخصوصا بنك الفاتيكان.

    إن الكنيسة الكاثوليكية اليوم في وضع يصيب بالإحباط فهي ليست في أوج قوتها وسلطانها على مؤسساتها وعلى المؤمنين.

    كما أن الأيديولوجية المادية ومؤسساتها التعليمية الإعلامية النافذة في المجتمعات الغربية تأكل من أتباعها في الغرب باستمرار بتحويلهم إلى لا دينيين، بالإضافة إلى أن المجتمعات الغربية المتناقصة العدد تحتاج إلى الأيدي العاملة الفتية وأهم مصادرها هو العالم الإسلامي (ذلك العدو القديم)، وذلك لكي تحتفظ بعجلات حضارتها دائرة.

    وفي ظل ثورة المعلومات والاتصالات ورغم أن سيوف اليوم وسهامه (وهي الصواريخ عابرة القارات والقنابل النووية) مشرعة في وجه العالم الإسلامي لنشر عقيدة الليبرالية وديمقراطية واقتصاد السوق، فإن الإسلام يشق طريقه في العقل الجمعي ليس للغربيين الأفراد وحدهم، ولكن حتى في المراجع الدينية والمؤسسات المختلفة بما فيها المؤسسات الكنسية التي لم تعد تستطيع (كما فعلت من قبل) أن تدعي في عصر ثورة المعلومات على العقيدة الإسلامية ما ليس فيها بدون أن ينكشف هذا الادعاء.

    إن تاريخ الادعاء على الإسلام بما ليس فيه ارتبط دائما في العقل الجمعي المسيحي الغربي بالشعور بالحصار والانكشاف في مواجهة المسلمين. فقد أطلقوا على المسلمين اسم المحمديين وادعوا عليهم ما ليس في معتقداتهم. ولا تزال الكتب الكنسية القديمة غاصة بكل عجيب من الافتراءات. إن البابا على الأقل لم يقل إن المسلمين يعبدون محمدا كما ادعى أسلافه في القرون الوسطى، ولكنه وجه سهام النقد إلى الطريقة التي تم بها في نظره نشر الإسلام على أنها لا ترضي الرب وهذه نقطة تحسب له. خلاف الكنيسة الكاثوليكية مع الإسلام إذن يمكن أن يوصف بأنه خلاف في (الفروع) وليس في الأصل الأكبر وهو عبادة الله الواحد خالق الكون والإنسان.

    إن الإسلام والكاثوليكية والأرثوذكسية وكل المؤمنين بالله وكل المؤمنين بالمرجعيات الخلقية في خندق واحد في حقيقة الأمر ضد اللادينيين والمادية واللا أخلاقية. وهذا البابا الألماني التقليدي المحافظ يشعر أنه محاصر داخل أسوار الفاتيكان، بينما تناوشه المؤسسة المادية الغربية المتنفذة من كل جانب وتأكل من اختصاصاته القليلة الباقية وتلتهم أتباعه المتناقصين.

    والإسلام الفتي الناهض الذي تدق أفكاره وعقيدته أبواب الحصون المادية الأوروبية ويزداد ظهور أتباعه فيما كان في الماضي يعتبر من حمى الكنيسة الكاثوليكية يسبب له مزيدا من التوتر.

    وهذه العوامل كلها تجعل البابا يشعر بأنه محاط به وتجعله لا شك يقلب في أوراق التاريخ وينظر في أحوال مَنْ كان في مثل موقفه لعله يلتمس منهم السلوى.
    منقولة
    http://www.islamonline.net/arabic/arts/CulturalAreas/2006/09/12.shtml
    التعديل الأخير تم بواسطة mataboy ; 04-11-2006 الساعة 09:03 AM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    المشاركات
    648
    آخر نشاط
    23-08-2017
    على الساعة
    09:06 AM

    افتراضي

    والله يا اخي موضوع رائع ..
    و اكثر ما اعجبنى فيه ..

    اقتباس
    فالاتحاد الأوروبي يحتاج إلى 750 مليون مهاجر في سن العمل حتى عام 2050 لتعويض النقص المتزايد في المواليد والاحتفاظ بعجلة الاقتصاد دائرة. والمصدر الأساسي لسد هذا الاحتياج البشري هو العالم الإسلامي الذي يتمتع بمعدلات مواليد عالية، حتى أن نسبة السكان تحت 20 عاما تزيد عن 50%.
    تنظيم الاسرة فى الدول الاسلامية هو عائق لذلك !!

    اخوانى الذين ياتون بعدى ، آمنوا بى و لم يرونى ، و قال : للعامل منهم اجر خمسين منكم ، قالوا بل منهم يا رسول الله ؟ قال : بل منكم , ردوها ثلاثا، ثم قال : لانكم تجدون على الخير اعوانا اما هم فلا

    الاسلام , ليس دين اعبد به ربي فحسب , بل نبض يدق به قلبي ليضئ عالمي بأسره , تصالحي مع نفسي و رضاي بحياتي و تسامحي مع الاخرين ..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    738
    آخر نشاط
    02-06-2008
    على الساعة
    01:12 AM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Sharm
    والله يا اخي موضوع رائع ..
    و اكثر ما اعجبنى فيه ..

    تنظيم الاسرة فى الدول الاسلامية هو عائق لذلك !!
    مشكرو أخي الحبيب sharm
    في الحقيقة قضية تنظيم الأسرة وتحديد النسل هي
    من الحماقات التي قد تقع بها بعض الدول لأن العالم في تنافس وسلوك أحدى الدول هذا المسلك يودي بها إلى إنفراضها وتلاشيها سريعا ً
    وقد قال لي أحد أصدقائي في الصين بأن موضوع تحديد النسل طفل واحد لكل عائلة كاد يفتك بالمجتمع الصيني لأن هذا الولد الوحيد يجد نفسه وحيد بدون اخوة مدلل من الأب والأم ومن الأجداد وليس له خال أو خالة أوعم أو عمة بل هو وحيد يحاط بدلال كبير وهناك خوف عليه بشكل مبالغ فيه وهذا كله يؤثر على بنية الطفل النفسية التي تجعل منه ذلك الطفل المدلل إلى درجة الميوعة وغير صالح مستقبلا ً لتحمل أعباء الحياء ومشاكلها
    والآن قد انتبهت الصين لذلك وبدأت تعيد النظر في الكثيرمن القوانين التي وضعتها بهذا الخصوص
    التعديل الأخير تم بواسطة mataboy ; 16-12-2006 الساعة 01:08 PM

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    المشاركات
    102
    آخر نشاط
    30-04-2023
    على الساعة
    05:27 PM

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اقتباس
    لقد عاد الأتراك (وإخوانهم في الدين) لفعلها مرة أخرى اليوم ولكن بوسائل ديموغرافية لا بوسائل عسكرية، وفي الماضي كان ذلك الإمبراطور المحبط تؤخذ منه الدنيا رغما عنه وهو يقاوم بشراسة.

    لكن أوروبا المسيحية اليوم تجد نفسها في موقف شائك بصورة أشد إيلاماً، فهي تحتاج إلى هؤلاء الأغراب المكروهين. وعادة لا يحتاج الأعداء لبعضهم، وهو وضع مريح يمكن الإنسان من أن يعادي عدوه بكل قلبه وقواه.

    لكن ما يثير المرارة والارتباك هو ذلك الشعور المحبط بأنك مضطر لأن تفتح لهم أبواب حصونك بيدك.
    ان هذا الموضوع الجميل يلخصه حديث للرسول صلى الله عليه وسلم
    ( ان الله زوى لي الارض فرأيت مشارقها ومغاربها وان هذا الدين سيصل الى ما زوى لي منها ولا يتركن الله بيت وبر ولا مدر الا ادخله الله فيه بعز عزيز او بذل ذليل عزا يعز الله به الاسلام والمسلمين وذلا يذل به الشرك والمشركين )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    472
    آخر نشاط
    18-11-2009
    على الساعة
    04:17 PM

    افتراضي

    الموضوع قيم جداا
    مشكور اخي الكريم
    رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ [آل عمران : 193]

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    1,017
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    30-10-2014
    على الساعة
    09:16 AM

    افتراضي

    والإسلام الفتي الناهض الذي تدق أفكاره وعقيدته أبواب الحصون المادية الأوروبية ويزداد ظهور أتباعه فيما كان في الماضي يعتبر من حمى الكنيسة الكاثوليكية يسبب له مزيدا من التوتر.

    وهذه العوامل كلها تجعل البابا يشعر بأنه محاط به وتجعله لا شك يقلب في أوراق التاريخ وينظر في أحوال مَنْ كان في مثل موقفه لعله يلتمس منهم السلوى

البابا" بين غرابة الاستشهاد والإحباط والقلق وخطر الإنقراض

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مبرووووك ..... قداسة "البابا" .... حامل (Pregnant)
    بواسطة أسد الجهاد في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 27-06-2012, 07:52 PM
  2. البابا شنودة ينفي هجومه على "التبشيريين" ووصمهم بالتطرف
    بواسطة Ahmed_Negm في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-08-2007, 07:36 PM
  3. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 25-02-2007, 11:48 AM
  4. مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 20-01-2007, 09:00 PM
  5. انطلاق فضائية "أغابي" القبطية المصرية في عيد جلوس البابا شنودة
    بواسطة احمد العربى في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 13-12-2005, 01:38 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

البابا" بين غرابة الاستشهاد والإحباط والقلق وخطر الإنقراض

البابا" بين غرابة الاستشهاد والإحباط والقلق وخطر الإنقراض