الحمد لله ربٌ العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد ،


فمن قواعد الصوفية الخاسرة تقول" يجب على المريد أن يكون بين يدي الشيخ كالميت بين يدي الغاسل، مسلوب الحرية والاختيار. فاقد الإرادة والحركة حتى حركة الضمير وحديث النفس لأن من صفات الشيخ معرفة ما في الضمائر، ومن خرج على هذه القاعد ة يكون عرضة لغضب الشيخ ومن يحلل عليه شبه فقد هلك "ا.هـ نقلاً من كتاب الإسلام في افريقيا عبر التاريخ للعلامة محمد أمان الجامي رحمه الله ص 23

قال أبو حامد الغزالي : " ذهبت الصوفية إلى العلوم الإلهامية دون التعليمية فيجلس ، فارغ القلب مجموع الهم يقول : الله ، الله ، الله على الدوام ، فيفرغ قلبه ، ولا يشتغل بتلاوة ولا كتب حديث ، فإذا بلغ هذا الحد التزم الخلوة ببيت مظلم ، ويدثر بكسائه ، فحينئذ يسمع نداء الحق {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل:1].قلت: إنما سمع شيطانا أو سمع شيئاً لا حقيقة له من طيش دماغه ، والتوفيق في الاعتصام بالكتاب والسنة والإجماع.ا.هـ ( البيان المبدي لشناعة القول المجدي للعلامة سليمان بن سحمان رحمه الله ج 1 ص 43 .)

قال : العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله ، بعد أن حمد الله وأثنى عليه ، في جوابه على سؤال :مفاده (( .. طوائف متفرقة كل طائفة تتبع شيخا يرشدها ويعلمها أشياء ... ))

قال رحمه الله : "فيذكر السائل أن لديهم مشايخ يتبعونهم وأن من ليس له شيخ فهو ضائع في الدنيا والآخرة إذا لم يطع هذا الشيخ . والجواب عن هذا : أن هذا غلط ومنكر لا يجوز اتخاذه ولا اعتقاده ، وهذا واقع فيه كثير من الصوفية ، يرون أن مشايخهم هم القادة وأن الواجب اتباعهم مطلقا ، وهذا غلط عظيم وجهل كبير وليس في الدنيا أحد يجب اتباعه والأخذ بقوله سوى رسول الله عليه الصلاة والسلام فهو المتبع عليه الصلاة والسلام ." ( انتهى النقل مختصراً من برنامج نور على الدرب ( رقم الشريط / 253 ) وهي على مجموع فتاوى ومقالات/ ج 5 .)

قال عبد الله بن سليمان في قصيدته

تمسك بحبل الله واتبع الهدى *** ولا تك بدعيا لعلك تفلح
ودن بكتاب الله والسنن التي *** أتت عن رسول الله تنجو وتربح.ا.هـ



ومن العجب العجاب ، وغرائب الصوفية ، ما سترونه في هذه القصة ، التي حكاها فضيلة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ، في سلسلة الأحاديث الصحيحة ، ج 1 ص 301 ق 181 بعد أن خرج الحديث هذا " لا طاعة لبشر في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف "


قال : " و في الحديث فوائد كثيرة أهمها أنه لا يجوز إطاعة أحد في معصية الله تبارك و تعالى ، سواء في ذلك الأمراء و العلماء و المشايخ . و منه يعلم ضلال طوائف من الناس :

الأولى : بعض المتصوفة الذين يطيعون شيوخهم و لو أمرهم بمعصية ظاهرة بحجة أنها في الحقيقة ليست بمعصية ، و أن الشيخ يرى ما لا يرى المريد ، و أعرف شيخا من هؤلاء نصب نفسه مرشدا قص على أتباعه في بعض دروسه في المسجد قصة خلاصتها أن أحد مشايخ الصوفية أمر ليلة أحد مريديه بأن يذهب إلى أبيه فيقتله على فراشه بجانب زوجته ، فلما قتله ، عاد إلى شيخه مسرورا لتنفيذ أمر الشيخ ! فنظر إليه الشيخ و قال : أتظن أنك قتلت أباك حقيقة ؟ إنما هو صاحب أمك ! و أما أبوك فهو غائب !

ثم بنى على هذه القصة حكما شرعيا بزعمه فقال لهم : إن الشيخ إذا أمر مريده بحكم مخالف للشرع في الظاهر أن على المريد أن يطيعه في ذلك ، قال : ألا ترون إلى هذا الشيخ أنه في الظاهر أمر الولد بقتل والده ، و لكنه في الحقيقة إنما أمره بقتل الزاني بوالدة الولد ، و هو يستحق القتل شرعا ! و لا يخفى بطلان هذه القصة شرعا من وجوه كثيرة .

أولا : أن تنفيذ الحد ليس من حق الشيخ مهما كان شأنه ، و إنما هو من الأمير أو الوالي .

ثانيا : أنه لو كان له ذلك فلماذا نفذ الحد بالرجل دون المرأة و هما في ذلك سواء ؟ .

ثالثا : إن الزاني المحصن حكمه شرعا القتل رجما ، و ليس القتل بغير الرجم .

و من ذلك يتبين أن ذلك الشيخ قد خالف الشرع من وجوه ، و كذلك شأن ذلك المرشد الذي بنى على القصة ما بنى من وجوب إطاعة الشيخ و لو خالف الشرع ظاهرا ، حتى لقد قال لهم : إذا رأيتم الشيخ على عنقه الصليب فلا يجوز لكم أن تنكروا عليه !

ومع وضوح بطلان مثل هذا الكلام ، و مخالفته للشرع و العقل معا نجد في الناس من ينطلي عليه كلامه و فيهم بعض الشباب المثقف . و لقد جرت بيني و بين أحدهم مناقشة حول تلك القصة و كان قد سمعها من ذلك المرشد و ما بنى عليها من حكم ، ولكن لم تجد المناقشة معه شيئا و ظل مؤمنا بالقصة لأنها من باب الكرامات في زعمه ، قال : و أنتم تنكرون الكرامة و لما قلت له : لو أمرك شيخك بقتل والدك فهل تفعل ؟

فقال : إنني لم أصل بعد إلى هذه المنزلة ! ! فتبا لإرشاد يؤدي إلى تعطيل العقول و الاستسلام للمضلين إلى هذه المنزلة ، فهل من عتب بعد ذلك على من يصف دين هؤلاء بأنه أفيون الشعب ؟ .. " ا.هـ




".. من أقوال التابعين وغيرهم من السلف في الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع فقد روى الدارمي في سننه عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله قال: "أوصيكم بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وترك ما أحدث المحدثون بعده".

ونقل الأوزاعي عن حسان بن عطية أحد التابعين الفضلاء قوله: "ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة".

وقال أبو حنيفة رحمه الله: "عليك بالأثر، وطريق السلف، وإياك وكل محدثة فإنها بدعة"

وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا خان الرسالة، لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم} فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً"

وقال الليث بن سعد: "لو رأيت صاحب بدعة يمشي على الماء ما قبلته" فلما بلغ ذلك الشافعي رحمه الله قال: "إنه ما قصر لو رأيته يمشي على الهواء ما قبلته"

وقال الإمام أحمد رحمه الله: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة" ا.هـ


" البدع وأثرها في إنحراف التصور الإسلامي " للشيخ صالح سعد السحيمي حفظه الله . ص 66 / 67 الناشر الجامعة الإسلامية .