ولا تقولوا ثلاثة !

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

لمسات بيانية الجديد 10 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | الرد على مقطع خالد بلكين : الوحي المكتوم المنهج و النظرية ج 29 (اشاعة حول النبي محمد) » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | قالوا : ماذا لو صافحت المرأة الرجل ؟ » آخر مشاركة: مريم امة الله | == == | () الزوجة الصالحة كنز الرجل () » آخر مشاركة: مريم امة الله | == == | مغني راب أميركي يعتنق الإسلام بكاليفورنيا » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الإعجاز في القول بطلوع الشمس من مغربها » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الكاردينال روبيرت سارا يغبط المسلمين على إلتزامهم بأوقات الصلوات » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | لمسات بيانية الجديد 8 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | الرد على شبهة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنهما بعمر السادسة و دخوله عليها في التاسعة » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | المصلوب بذرة ( الله ) ! » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == |

مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

ولا تقولوا ثلاثة !

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 25

الموضوع: ولا تقولوا ثلاثة !

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    162
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    27-04-2014
    على الساعة
    05:17 PM

    افتراضي

    أما بالنسبة لدعوى الدكتور / هاني رزق الله في استدلاله على عقيدة التثليث بأن كل المخلوقات مركبة مما يوحي أن الذات الإلهية أيضًا مركبة , فهذا هو الكفر بعينه , لأن دعواه فيها تشبيه الخالق بالمخلوق وهذا ما لا يقبله دين من الأديان , قال تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى11 , وجاء في العهد القديم : " أيها الرب إله إسرائيل , لا إله مثلك في السماء والأرض " ( أخبار الأيام الثاني 6 : 14 ) , وأيضًا : "ليس مثل الله " (تثنية 34 : 26 ) , " فبمن تشبهون الله ؟ وأي شبه تعادلون به ؟ " (إشعياء 40 : 18). فكيف بعد كل هذا نشبه الله بمخلوقاته ؟!

    أما ما ادعاه البابا شنودة لا يختلف كثيرًا عن دعوى الدكتور / هاني رزق الله من تجسيد وتشبيه لله جل في علاه بمخلوقاته , لكن العجيب في الأمر هو : ما الذي يجعل البابا يحوم دائمًا حول التثليث في وصف الأشياء يريد بذلك تبرير التثليث بالواحد , فالنار لها دخان ولهب واحتراق ورماد , ولها صفات أخرى لا تنحصر في النور والحرارة فما الذي يجعله يقف عند حد التثليث ؟ !

    ويبرر تثليث النصرانية أيضًا بالإنسان له ذات وعقل وروح , ونقول : الإنسان أيضًا له سمع وبصر , ورغبة وشهوة , وصفات كثيرة متعددة تشكل في النهاية شيئًا واحدًا هو الإنسان , فلماذا التثليث فحسب ؟!

    والذي يقوله البابا والنصارى من خلفه خلط عجيب بين تعدد الذات وتعدد الصفات !
    فالنار بصفاتها شيء واحد , والإنسان بصفاته شيء واحد , لكن ذلك لا يعني أن النار والإنسان شيء واحد !
    كما أننا يمكننا أن نقول : البابا شنودة هو رئيس تحرير مجلة الكرازة , وهو رئيس الأقباط في مصر , وهو المولود باسم نظير جيد , وكل هذه الأشياء صفات لشخص واحد وهى غير مجسمة أو منظورة أو مستقلة , بمعنى : أن وظيفة البابا في الكنيسة ليست شخصًا ضرب وصُلب وتألم وقبر , أو أن رئاسته لمجلة الكرازة لا تعد شخصية تحل على الأنبياء ويتعمد بها الناس !
    وبالتالي نحن لا يمكننا أن نقول : أن البابا شنودة وبولس الرسول والبابا يوحنا بولس بطريارك الكاثوليك السابق كل ذلك شخص واحد !
    فهؤلاء أشخاص متعددون , والفرق بين تعدد الذات وتعدد الصفات واضح لا يحتاج إلى دليل , وأنتم قد أقررتم أن المسيح ذات وأن الروح القدس ذات والآب ذات , ثلاث ذوات متميزة بالأعمال والصفات , وذلك في معنى كلمة " أقنوم " , فكيف يقال عنهم بعد ذلك بأنهم وحدة واحدة ؟!

    وإذا جعل البابا المسيح صفة من صفات الله تعالى قياسًا على مثل النار والإنسان , فمعنى هذا أنه عندما مات المسيح على الصليب ( كما زعموا ) فقد ماتت صفة من صفات الله !

    وإذا كان الثلاثة واحدًا , فموت أحد الثلاثة يعني موت الجميع , وما الذي يبقى من النار إذا فقدت حرارتها ؟! , وما الذي يبقى من الإنسان إذا فقد عقله وروحه ؟! , وقياسًا : فما الذي يبقى من الآب أو الروح القدس إذا مات الإبن ؟!

    وهكذا يريد البابا أن يخلط العبارات ببعض ليلقي الذر في العيون فتعمى عن معرفة الفرق بين تعدد الصفات للشيء الواحد وبين تعدد ذوات الأشياء المتباينة !
    فالإنسان منا له عدة صفات , فهل كثرة الصفات تعني تعددًا في الذات ؟ وهل يجوز أن يطلق شخصك نفسه على صفة الطول أو الكرم أو الذكاء ؟ وهل يتصور أن تنفصل إحدى الصفات السالفة ليطلق عليها الرصاص , أو تسمر على خشبة الصليب ؟!

    إن لله تبارك وتعالى صفات عديدة جليلة , لكن إثباتنا لهذه الصفات شيء بعيد كل البعد عن القول بأن الآب هو الإبن وهو الروح القدس , وأن خالق الكون هو الذي صُلب على خشبة الصليب في أرضه على يد خلقه !
    وحقيقة دعوى البابا إنما هى دعوى بعض المفكرين المسيحيين القدماء أمثال أوغسطين (ت/ 430م) وأتباعه لإثبات عقيدة التثليث .

    فالتمثيل بالنار أو بالشمس وأوصافها الكثيرة لا يخدم قضية التثليث ولا التربيع في ذات الله, والأمر لا يعدو لونًا من اللعب بالألفاظ بل هو تمثيل يجلب النقص لله جل في علاه , وقد أقر بهذا العديد من الباحثين النصارى .

    يقول الدكتور / هاني رزق الله : ( اتخذ أحدهم مثلاً من الشمس ليقرب معنى الثالوث فقال إن الشمس على هيئة دائرة وهي مضيئة ولها حرارة وقد أخطأ هذا الشخص رغم اجتهاده ، لأن الشمس لو رفعت عنها خاصية الحرارة لصارت ناقصة . أما في الثالوث المقدس (الآب والإبن والروح القدس) ، نجد أن الله الآب هو إله كامل ، الله الابن هو إله كامل ، الله الروح القدس هو إله كامل ، وهم أقانيم ثلاثة داخل الجوهر الواحد ولا يمكن الفصل بينهم ( ما معنى أن يسوع المسيح هو ابن الله؟ ص8 ) .

    فكفى بالمنهج فسادًا أن يصعب على العلماء ضبطه !
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    162
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    27-04-2014
    على الساعة
    05:17 PM

    افتراضي

    * إذا كانوا صفات فهل يمكن التبديل بينهم ؟!

    في مناظرة العلامة ديدات مع القس أنيس شورش استدل ديدات على أن النصارى يتعبدون إلى ثلاث ذوات متباينة ومتميزة بأنه لا يجوز التبديل بينهم , بمعنى أن : الله تبارك وتعالى له صفات عديدة , فهو الرحمن الرحيم , السميع البصير , الخالق , الرزاق , المحيي, المميت , وغير ذلك من الأسماء الحسنى والصفات العليا , وهى صفات لإله واحد , هو الله تبارك وتعالى , لذا يمكننا أن نقول : الله الرحمن الرحيم , أو الرحيم الرحمن الله , أو الله السميع البصير , الحكيم العزيز الله .... إلخ .
    فإذا قلت أنت : الأحد , عنيت به الله تبارك وتعالى , وإذا قلت الله فهو الأحد , لكن هل يمكن أن نلقب المسيح بالآب أو نلقب الروح القدس بالإبن أو نلقب الآب بالروح القدس إذا كانوا بالفعل صفات لشيء واحد ؟!
    بالطبع لا : فقولك الآب يجعل في ذهنك صورة معينة عن ذات معينة , وقولك الإبن يجعل في ذهنك صورة معينة عن ذات أخرى غير الآب , وقولك الروح القدس يجعل في ذهنك صورة معينة عن ذات أخرى غير السابقتين !
    فإذا قلت الآب فأنت لا تعني الإبن , وإذا قلت الإبن فأنت لا تعني الروح القدس , وإذا قلت الآب فأنت لا تعني الإبن !

    ولذلك أقرت الكنيسة منذ القدم بأنه لا يجوز التبديل بين الأقانيم , وكأن هذا الإقرار يحمل في طياته أن الثلاثة سوف يظلون دائمَا ثلاثة , بل إن الكنيسة كفَّرت من يجيز التبديل بين الأقانيم وأقرت أن من يدعي أن المسيح هو الآب فقد كفر وجدف , ولقد استأصلت الكنيسة الكاثوليكية هذه الهرطقة التي تقول أن المسيح هو الآب وهى هرطقة قديمة أطلق عليها " البترباسيانية " أو " الـمُناركيانية " أو " السيليانية " منذ ألف عام .

    وعلى هذا يتضح لنا أن التبديل بين الأقانيم غير جائز , ولذلك يقول أوغسطين والمفكرون المسيحيون الآخرون : " إن الآب ليس ابنًا , والإبن ليس أبًا , والروح القدس ليس أبًا ولا ابنًا " ( دائرة المعارف البريطانية 1962 , جـ13 , صفحة 22-23 ).
    ولقد قال المسيح : (ولا تدعوا لكم أبًا على الأرض لأن أباكم واحد الذي في السماوات) ( متَّى 23 : 9 ) . فكيف بعد هذا القول الصريح يزعم أحد أن الثلاثة واحد !




    * أراء علماء المسيحية في عقيدة التثليث

    يقول العلامة رحمة الله بن خليل الهندي : ( نقل أنه تنصر ثلاثة أشخاص وعلمهم بعض القسيسين العقائد الضرورية سيما عقيدة التثليث أيضاً، وكانوا في خدمته فجاء محب من أحبَّاء هذا القسيس وسأله عمن تنصر؟ فقال: ثلاثة أشخاص تنصروا، فسأل هذا المحب: هل تعلموا شيئاً من العقائد الضرورية، فقال: نعم، وطلب واحداً منهم ليرى محبه فسأله عن عقيدة التثليث، فقال: إنك علمتني أن الآلهة ثلاثة أحدهم الذي هو في السماء والثاني تولد من بطن مريم العذراء والثالث الذي نزل في صورة الحمام على الإله الثاني بعد ما صار ابن ثلاثين سنة، فغضب القسيس وطرده، وقال: هذا مجهول، ثم طلب الآخر منهم وسأله فقال: إنك علمتني أن الآلهة كانوا ثلاثة وصلب واحد منهم فالباقي إلهان، فغضب عليه القسيس أيضاً وطرده، ثم طلب الثالث وكان ذكياً بالنسبة إلى الأولين وحريصاً في حفظ العقائد فسأله فقال: يا مولاي حفظت ما علمتني حفظاً جيداً وفهمت فهماً كاملاً بفضل الرب المسيح أن الواحد ثلاثة والثلاثة واحد وصلب واحد منهم ومات فمات الكل لأجل الاتحاد، ولا إله الآن وإلا يلزم نفي الاتحاد , (أقول) لا تقصير للمسؤولين فإن هذه العقيدة يخبط فيها الجهلاء هكذا ويتحير علماؤهم، ويعترفون بأنا نعتقد ولا نفهم، ويعجزون عن تصويرها وبيانها، ولذا قال الفخر الرازي في تفسيره ذيل تفسير سورة النساء: "واعلم أن مذهب النصارى مجهول جداً" ثم قال: "لا نرى مذهباً في الدنيا أشدّ ركاكة وبعداً من العقل من مذهب النصارى" وقال في تفسير سورة المائدة: "ولا نرى في الدنيا مقالة أشد فساداً وأظهر بطلاناً من مقالة النصارى" ) ( إظهار الحق ص 271 ) .

    لم تختلف أقوال علماء المسيحية عن أقوال هؤلاء الثلاثة الذين قص علينا العلامة " رحمة الله الهندي " قصتهم , فهذا هو أقصى ما استطاع الصبية الثلاثة فهمه عن عقيدة الثالوث وهو أيضًا ما يستطيع أي ذي عقل أن يفهمه , هذا إن استطاع الفهم , ولقد أدرك هذه الحقيقة أساقفة الثالوث أنفسهم وكبار قساوسة وفلاسفة المسيحية , فهم رغم اضطرارهم بحكم الظروف إلى الدفاع عن عقيدة الثالوث ومحاولة تبريرها للعامة والبسطاء , فإنهم يشعرون في أعماقهم بمجافاتها للعقل والمنطق , وببعدها عن الحق والصواب , وإننا نجد هؤلاء الأحبار والفلاسفة كثيرًا ما يعترفون بهذا الواقع رغم كافة الظروف , بعضهم يعترف في صراحة والبعض يقرر في وجل , مستجيبين لصرخات عقولهم التي فطرت على التوحيد فلم تسطع هضم التثليث .

    يقول القس توفيق جيد في كتابه " سر الأزل " ص 11 : ( إن الثالوث سر يصعب فهمه وإدراكه , وإن من يحاول إدراك سر الثالوث تمام الإدراك كمن يحاول وضع مياه المحيط كلها في كفه ) .

    ويقول الأستاذ يس منصور في كتابه " التثليث والتوحيد " ص 22 : ( إن من الصعب أن نحاول فهم هذا الأمر بعقولنا القاصرة ) .

    ويقول الأستاذ عوض سمعان في كتابه " الله ذاته ونوع وحدانيته " ص 4 : ( إننا لا ننكر أن التثليث يفوق العقل والإدراك ولكنه يتوافق مع كمال الله كل التوافق ) , ويستطرد فيقول : ( لقد حاول كثيرون من رجال الفلسفة توضيح إعلانات الكتاب المقدس عن ذات الله , أو بالحري عن ثالوث وحدانيته فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً , لأنهم انحرفوا عن أقواله واعتمدوا على عقولهم وحدها ) .

    إن الأمر بالفعل يدعو للحيرة , ترى إذا كان الفلاسفة والعلماء قد عجزوا عن فهم هذا الثالوث فمن يا ترى يستطيع فهمه ؟ وما هو موقف البسطاء والعامة إذا ما حاولوا الفهم؟وإذا لم نستطع إدراك عقائدنا الدينية بعقولنا وأفهامنا فبماذا يا ترى يمكننا إدراكها ؟ هل يطلب منا دعاة التثليث أن نتخلى عن عقولنا ونسلم بالثالوث ؟!وإذا كنا جميعًا نحن وهم , لا ندرك هذا الثالوث , فكيف يمكن لأي منا أن يتبعه ويسير عليه ... ؟

    إن العقائد الربانية – من المفترض – أن تكون سهلة وواضحة , صافية ونقية ومفهومه في صدور معتنقيها , لأن اعتناق العقائد لا بد أن يكون عن فهم واقتناع , فالعقائد مسائل أساسية , وهى مداخل الأديان , فكيف لا تُفهم ؟ ,فهل يدعونا النصارى أن نؤمن بعقيدة غير مفهومة ؟!
    فكيف إذًا تدعون الناس إلى عقيدة لا تفهمونها ؟!

    من العجيب أنك إذا اشتريت أي كتاب عن التثليث لكي يبسط لك هذه العقيدة , تجد اعتراف علماء النصارى قبل شرحهم لهذه العقيدة بأن عقيدة الثالوث فوق إدراك البشر , ومهما بذلوا من جهد فلن يستطيعوا فك أسراره وطلاسمه !

    يقول القس بوطر صاحب رسالة " الأصول والفروع " ص 45 , بعد أن استعرض عقيدة الثالوث وشعر بما هى عليه من الغموض والإبهام : " قد فهمنا ذلك على قدر طاقة عقولنا, ونرجو أن نفهمه أكثر جلاء في المستقبل , حين ينكشف لنا الحجاب عن كل ما في السموات والأرض , وأما في الوقت الحاضر ففي القدر الذي فهمناه الكفاية " .

    والقس بوطر في هذا الإعتراف يخبرنا أنه لفهم عقيدة الثالوث لا بد أن يعطينا الله معرفة كافة أسرار ومكنونات السموات والأرض وهو العلم اللامتناهي الذي يختص به الله وحده, وشتان بين فهم أسرار السموات الأرض , وبين فهم عقيدة دينية يطلب من الناس اعتناقها والسير عليها في حياتهم الدينية , شتان بين الواجب والمستحيل , شتان بين العقائد الدينية التي أوجب الله على الناس فهمها بعقولهم ليتمكنوا من اتباعها والسير عليها وتبليغها , وعبادة ربهم بها , وبين أسرار وخفايا اختص الله بها نفسه وحجبها عن البشر , ولماذا كل هذا العناء في أمر المفروض أنه سهل واضح لكي يؤمن به الناس عن فهم وإدراك ويقين ؟! ( الله واحد أم ثالوث ص 57-63 ) .

    يقول الدكتور / هاني رزق الله : ( إن حقيقة الله المثلث الأقانيم حقيقة لا يستطيع العقل البشري بمحدودويته أن يستوعبها أو أن يفهمها تمامًا ولكنها في نفس الوقت ليست ضد الإستيعاب أو الفهم ) ( ما معنى أن يسوع المسيح ابن الله ؟ ص 5-6) .

    وجاء في قاموس الكتاب المقدس لـ "هاستنجز" ص 1015: ( عقيدة الإله المسيحية التي تقرر أن الله ثلاثة أقانيم في جوهر واحد , لا يمكن إقامة الدليل عليها بالمنطق أو بالأدلة الفرضية) .

    ويقول نخبة من خدام الإنجيل : ( إن حقيقة " الأقانيم " الثلاثة في ذات الله الواحدة , تبدو صعبة الإستيعاب , بل هى بالفعل فوق إدراك العقل البشري . لكن أليس هذا دليلاً واضحًا على صحتها , وأنها إعلان واضح من الله ذاته , لأن الإنسان إذا أراد أن يزيف إيمانًا أو يصنعه فإنما يصيغه بما يتفق مع العقل البشري , ليسهل قبوله واستيعابه , أما إذا كان الأمر خاصًا بحقيقة الله غير المحدود , فلا بد أن يكون الإعلان فائقًا للعقل البشري , وهنا يجب أن نقبل ذلك الإعلان بالإيمان ) ( ما معنى أن المسيح ابن الله ؟ ص 6-7) .

    نعم ... إذا كان الله مصدر هذه العقيدة فلا بد أن تكون غير مفهومة , لأن الله غير محدود , ولذلك أرسل عقيدة عويصة تعبر عن ذاته الغير مفهومة والغير محدودة , أما إذا كان الإنسان مصدر هذه العقيدة لصاغها مفهومة واضحة يستوعبها العقل !
    وهكذا نجح الإنسان فيما عجز فيه خالقه , ولا حول ولا قوة إلا بالله !

    نعم ... فسر العظمة أنك تؤمن ولا تفهم ما تؤمن به !
    نعم ... فسر العظمة أن تعبد ربك بعقيدة غير مفهومة ولا يستطيع العقل أن يستوعبها !
    نعم ... وهنا تكمن أسرار العظمة , فسر العظمة أنك لا تفهم ، وألا تُجادل من أجل العلم , كما قال بولس : ( اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَة ٍ، 15لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَداً للهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيلٍ مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ ) ( الرسلة إلى فيليبي 2 : 14-15 ) .

    إذًا على هذا المنهج وجب عليكم تصديق الفلاسفة والهراطقة وأصحاب الديانات الوثنية كالهندوسية والبوذية واعتقاد عقائدهم لأنها غير مفهومة أيضًا : " أليس بتعقيدها دليل على صدقها " ؟!


    يتبع .....
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    920
    آخر نشاط
    29-04-2009
    على الساعة
    01:36 AM

    افتراضي

    متابع...

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    162
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    27-04-2014
    على الساعة
    05:17 PM

    افتراضي

    * تضارب الثالوث مع العقل


    إن الناظر لعقيدة الثالوث عند النصارى يتساءل دائمًا : كيف يتفق أن يكون الإبن ابنًا لنفسه . وفي الوقت ذاته أبًا لنفسه , هذا عين المحال .
    وعلى اعتبار التقسيم المذكور يكون لكل أقنوم وظيفة خاصة به وصفة تلازمه لا يتصف بها غيره . ولا يكون لأيهم صفة الألوهية منفردًا , بل يكون كل منهم ناقصًا حتى ينضم إليه الأقنومان الآخران , والتركيب في ذات الله محال . ( راجع رسالتنا " قال إني عبد الله " فصل : الله الصمد ) .

    وإن زعم النصارى أن الأقانيم ليست منفصلة فهو مردود عليهم , لأن كل أقنوم تميز واستقل بذاته بأعمال وصفات مختلفة في أماكن مختلفة وفي أزمنة مختلفة أيضًا , فالجمع بينهم متعذر .

    ثم مادام الآب هو مكون الكائنات , والإبن هو المخلص , والروح القدس هو معطي الحياة, فيكون الآب عاجزًا عن التخليص وعن إعطاء الحياة , ويكون المخلص عاجزًا عن تكوين الكائنات وإعطائها الحياة , ويكون الروح القدس عاجزًا عن تكوين الكائنات وتخليصها !



    * الإفخارستيا يكشف حقيقة الثالوث


    يعتقد النصارى أن الأفخارستيا أو العشاء الرباني يتحول فيه الخبز والخمر إلى المسيح بناسوته ولاهوته , فالخبز يتحول إلى جسد المسيح والخمر يتحول إلى دمه !
    وأرى أن أذكر ما نقله الدكتور / محمد وصفي في كتابه " المسيح والتثليث " عن كتاب (إرشاد لأجل الإعتراف وتناول القربان المقدس ) لاستفانوس بورجيا كاتم سر مجمع انتشار الإيمان المقدس على شكل سؤال وجواب وهو :

    س : ما هو سر الإفخارستيا ؟
    ج : هو السر الذي تحت أشكال الخبز والخمر يحوي جسد ودم لاهوت سيدنا يسوع المسيح ليكون لنا قوتًا و روحًا .
    س : أيوجد في الإفخارستيا يسوع المسيح عينه الذي هو في السماء والذي كان في أحشاء الكلية القداسة مريم البتول ؟
    ج : نعم يوجد المسيح بعينه .
    س : أي شيء هى القربان قبل التقديس ؟
    ج : هى خبز .
    س : أى شيء هى القربان بعد التقديس ؟
    ج : هى جسد سيدنا يسوع المسيح الحقيقي .
    س : أي شيء يوجد في الكأس قبل التقديس ؟
    ج : يوجد خمر .
    س : أي شيء يوجد فيه بعد التقديس ؟
    ج : يوجد فيه دم سيدنا يسوع المسيح الحقيقي .
    س : متى تصير هذه الإستحالة ؟
    ج : حينما ينهي الكاهن لفظ كلام التقديس .
    س : ما الذي يجب فعله حينما تتقدم إلى تناول القربان الأقدس ؟
    ج : يجب أن نجثوا على ركبنا ونرفع رأسنا قليلاً بأعين محتشمة متجهة نحو الجوهرة فقط فاتحين فمنا باعتدال ومادين لساننا قليلاً بين شفتينا .
    س : كيف يجب مسك منديل التناول ؟
    ج : يجب مسكه ممتدًا نحو العنق .
    س : متى يجب ابتلاع الجوهرة ( يعنون القربان ) ؟
    ج : يجب أن نجتهد في ابتلاعها بمقدار ما يمكننا من السرعة وأن نمتنع من البصاق مهلة من الزمن . ( يقدرونها بيوم كامل خشية أن يكون جزء من الخبز لا يزال ملتصقًا بالفم ) .
    س : ما الذي يحب فعله إذا التصقت الجوهرة بسقف الحلق ؟
    ج : يجب انفكاكها باللسان لا بالأصبع .

    إن المسيحيين لم يكفهم كذلك أن يجعلوا الله ثلاثة , فجعلوه ملايين عدة من قطع الخبز , تقسم كل منها إلى أجزاء بعدد الحاضرين في كل كنيسة , ويصبح كل جزء كذلك مسيجًا كاملاً إي إلهًا وإنسانًا وثلاثة أقانيم . بل ويصبح كل مسيحي تناول هذا القربان إلهًا وأقنومًا آخر !

    وتصور قُداسًا يحصل في وقت واحد في جميع بقاع العالم , فيتحول الله في وقت واحد إلى ملايين مضاعفة في أمكنة متعددة . إن التثليث لهو بإزاء ذلك شيء حقير جدًا , ومن الغريب أن تحتم الكنيسة على أتباعها أن يأكلوا الله مرة كل شهر على الأقل , إن لم يكن عشرات بل مئات المرات , فكم يكون بذلك عدد آلهتهم ؟ , بل أين مصير هذه الآلهة بعد هضمها في الأحشاء والأمعاء ؟!

    وجاء في سفر الأعمال الإصحاح الثاني : ( ولما حضر يوم الخمسين , كان الجميع بنفس واحدة , وصار بغتة من السماء صوت , كما من هبوب ريح عاصفة , وملأ كلا البيت حيث كانوا جالسين , وظهر لهم أسنة منقسمة كأنها من نار , واستقرت في كل واحد منهم , وامتلأ الجميع من الروح القدس , وابتدءوا يتكلمون بألسنة أخرى , كما أعطاهم الروح أن ينطقوا ) . وحسب دعوى النصارى أن الثلاثة في واحد , تكون هذه الألسنة المنقسمة هى الآب والإبن والروح القدس , فهل حلت أقانيم الآب والإبن والروح القدس في التلاميذ سواء بسواء من حيث بشريتهم المحضة فصاروا ألهة وأقانيم أخرى ؟!

    وهكذا نرى مدى التضارب الصارخ بين عقيدة الثالوث والعقل , وأن الأمر كله محمول على الإيمان اللاعقلي , وأختم بمقولة طريفة ذكرها العلامة " رحمة الله الهندي " عند تعرضه لأغلاط كاتب إنجيل متَّى , حيث ذكر هذا الكاتب أن الأجيال في القسم الثاني من أجيال نسب المسيح المزعومة أربعة عشر جيلاً ( متَّى 1 : 17 ) , وهذا خطأ محض , لأن هذه الأجيال جاء ذكرها في سفر أخبار الأيام الأولى , الإصحاح الثالث , وهي ثمانية عشر لا أربعة عشر , لذا قال الشيخ " رحمة الله الهندي " : ( الأجيال في القسم الثاني من الأقسام الثلاثة التي ذكرها متَّى ثمانية عشر لا أربعة عشر , كما يظهر في الباب الثالث من السفر الأول من أخبار الأيام . ولذلك قال نيومن متأسفاً ومتحسرًا : إنه كان تسليم اتحاد الواحد والثلاثة ضروريًا في الملة المسيحية , والأن تسليم اتحاد ثمانية عشر وأربعة عشر أيضًا ضروري , لأنه لا احتمال لوقوع الغلط في الكتب المقدسة - ! - )( إظهار الحق ص 101) .

    يتبع ........
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    المشاركات
    4,507
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-05-2016
    على الساعة
    02:33 AM

    افتراضي

    تسلم اخينا الحبيب ابو عبيدة والمنتدى دائما بينور بيك

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    2,401
    آخر نشاط
    07-04-2012
    على الساعة
    12:13 AM

    افتراضي


    لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ "الحشر 21-"

    القرآن الكريم


    اقتباس
    متى27 :6 فاخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا لا يحل ان نلقيها في الخزانة لانها ثمن دم.

    أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    162
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    27-04-2014
    على الساعة
    05:17 PM

    افتراضي

    عقيدة التثليث عبر التاريخ



    لقد ظل التاريخ دائمًا شاهدًا على صحة العقائد الدينية من حيث ثبوتها بالسند المتواتر الذي يفيد العلم القطعي بصحة العقيدة , ولو فرضنا أن عقيدة التثليث هى مدار النجاة عند النصارى , إذًا كان لا بد أن تشهد الوثائق التاريخية الدينية بذلك .

    فكيف خفى ذلك ( أي التثليث ) على آدم ونوح وإبراهيم عليهم السلام , بل كيف خفى ذلك على إسحاق ويعقوب وداود وسليمان وموسى وجميع أنبياء بني إسرائيل؟!

    إن هؤلاء لم يرد عنهم في التوراة التي تعد المرجع التاريخي الأول عند اليهود والنصارى أي شرح لعقيدة التثليث .
    وإذا كانت هذه العقيدة هى مدار النجاة , فكان لا بد أن تصل إلينا بأعلى مراتب التواتر والصحة , مع الشرح الوافي الكافي لها , فانظر أخي الحبيب كم عاش أنبياء الله تبارك وتعالى على هذه الأرض يدعون الناس إلى عقيدة واحدة تجدها في العديد من المواضع من التوراة كما بَـيَّنا , ألا وهى عقيدة التوحيد , تلك العقيدة التي فنوا أعمارهم من أجلها , وضحوا من أجل إبلاغها بالنفيس والغالي , مما يدل على أنها مدار نجاة البشرية في الدنيا والآخرة , لكنهم لم يتلفظوا يومًا بتلك العقيدة المثلثة , فكيف يزعم النصارى ثبوت هذه العقيدة تاريخيًا وأول مرجع تاريخي عندهم لا تجد فيه ذكر لهذه العقيدة مع الشرح الوافي لها ؟!



    * ظهور التثليث على يد الوثنيين( 4000 ق.م )

    إن موضوع تعدد الآلهة يكاد يكون عامًا في جميع الثقافات القديمة , قال به المصريون القدماء , وقال به الأشوريون والبابليون والفرس والهنود والصينيون واليانانيون على اختلاف في عدد الآلهة ومكانتهم واختلاف في تصور صلة الآلهة , بعضهم ببعض , أو صلتهم بالبشر . ( تاريخ الفلسفة للدكتور /إبراهيم مدكور ص6-19 ).

    أما التثليث فلعله كان تحديدًا لهذا التعدد الذي بولغ فيه أحيانًا , ويمكن القول بأن تحديد الآلهة بثلاثة عمل له صلة بعبادة الأبطال , تلك العبادة التي بدأت منذ فجر التاريخ , والتي لا يزال لها بقايا في عالمنا الحاضر .( انظر الأبطال وعبادة الأبطال لتوماس كارليل ) .

    وارتباط التثليث بعبادة الأبطال مرجعه أن الجماهير كانت تعبد البطل لعمل رائع قام به , ثم يتخذ البطل له زوجة فتحتل مكان الألوهية , وتسجد لهما الجماهير , وينجب الزوجان, ثم يعين البطل أحد أبنائه ليتولى مكانه فيما بعد , فتسجد له الجماهير أيضًا , ويتم بذلك التثليث !

    تلك هى الفكرة الأولى للتثليث , ثم انطلق التثليث فلم يعد يتقيد بهذه الفكرة , وأصبح الثالوث معبودًا معرفًا لكثير من الأمم .

    البابليون هم أول من قال بالثالوث , وذلك في الألف الرابعة قبل الميلاد , فقد كان البابليون يدينون بتعدد الآلهة , ولكنهم نظموا هؤلاء الآلهة أثلاثًا أي جعلوها مجموعات متميزة المكانة والقدر , كل مجموعة ثلاثة , فكانت المجموعة الأولى على رأس الآلهة وتتكون هذه المجموعة من إله السماء , وإله الأرض , وإله البحر . أما المجموعة الثانية فتتكون من إله القمر , وإله الشمس , وإله العدالة والتشريع .( تاريخ الفلسفة ص 6 ).

    وبينما كان البابليون يقولون بالتثليث , كان الإسرائيليون – وهم أعرق في الحضارة الدينية من البابليين – يقولون بالتوحيد ويتمسكون به , بل ويحاربون كل العقائد الوثنية كالتثليث عند الوثنيين والتي تجلب الشرك بالله الواحد , ولعل أهم هذه الشهادات , تلك التي وردت في سفر التثنية المنسوب إلى نبي الله موسى عليه السلام : ( إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلمًا وأعطاك آية أو أعجوبة ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها قائلاً لنذهب وراء آلهة آخرى لم تعرفها ونعبدها . فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم . وراء الرب إلهكم تسيرون وإياه تتقون ووصاياه تحفظون وصوته تسمعون وإياه تعبدون وبه تلتصقون وذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم يقتل لأنه تكلم بالزيغ من وراء الرب إلهكم الذي أخرجكم من أرض مصر وفداكم من بيت العبودية لكي يطوحكم عن الطريق التي أمركم الرب إلهكم أن تسلكوا فيها فتـنـزعون الشر من بينكم . وإذا اغواك سرًا أخوك ابن أمك أو إبنك أو ابنتك أو امرآة حضنك أو صاحبك الذي مثل نفسك قائلاً نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفها أنت ولا آباؤك من آلهة الشعوب الذين حولك القريـبـين منك أو البعيدين عنك من اقصاء الأرض إلى اقصائها فلا ترض منه ولا تسمع له ولا تشفق عينك عليه ولا ترق له ولا تستره بل قتلاً تقتله يدك تكون عليه أولا لقتله ثم أيدي جميع الشعب أخيرًا ترجمه بالحجارة حتى يموت لأنه التمس أن يطوحك عن الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية فيسمع جميع إسرائيل ويخافون ولا يعودون يعملون مثل هذا الأمر الشرير في وسطك ) ( تثنية 13 : 1-11 ) .
    فظل التوحيد بين الإسرائيليـين رغم عصيانهم المستمر لأنبيائهم الذين بلغوا التوحيد على أتم صورة وأوضح شرح وبيان .

    ووقفت حضارات أخرى أقدم جدًا من المسيحية بين بين , بين التعدد الذي قال به البابليون , وبين التوحيد الذي قال به الإسرائيليون فظهرت بدعة التعدد في وحدة والوحدة في تعدد , وقد قال بها الهنود قبل المسيح بأكثر من ألف عام .



    * البـدايـة

    ظهر البراهمة , وأطلقوا على التثليث عندهم اسم ( تري مورتي ) أي الثلاثة هيئات أو الثلاثة أقانيم , ويسمونها :
    براهما : وهو الآب الممثل لمباديء التكوين والخلق ..
    فشنو : وهو الإبن ويمثل مباديء الحماية والحفظ و المنقلب عن الحال اللاهوتية .
    سيفا : وهو روح القدس وهو المبديء والمهلك والمبيد والمعيد ويرمزون له بصورة الحمامة.
    ويسمي البراهميون فشنوا كذلك ( كرشنا ) ويقولون إنه ولد من العذراء الطاهرة (ديفاكي) والدة الإله .
    ثم تبعهم البوذيون , ويتكون منهم أكثر سكان الصين واليابان , يدعون كذلك أن (بوذا) إله ذو ثلاثة أقانيم , ويسمونه ( فو ) ويرمزون له كالهنود باللفظ ( أوم ) وكان يشتمل على البوذا وهرم وسانغا , والآشوريون كانوا يؤمنون بتثليث إله البعل والشمس والقمر .

    وجاء دور المصريون القدماء الذين أخذوا ديانتهم عن الهنود منذ 700 سنة قبل المسيح , وأدخل هذه العبادة كما ذكر المؤرخون في مصر أحد البراهمة يسمى ( مانس ) , وكان المصريون يعبدون الإله ( أمون ) ذو الثلاثة أقانيم وهى :
    أمون : الآب .
    كونس : الإبن .
    موث : الأم .
    ثم تبع المصريين اليونانيون فاعتقدوا أن كل الأشياء عملها الإله الواحد المثليث الأقانيم , ولا شك أن اليونانيين الوثنيـين اقتبسوا عقيدتهم كذلك من الهنود القدماء , وقد ذكر (أورفيوس ) ثالوث اليونان , وأرفيوس هذا هو أحد شعرائهم وكتابهم الذين عاشوا قبل المسيح بعدة قرون .

    ومع ظهور الإمبراطوريتان العظمتان الفرس والروم واحتكاكهم بالحضارات الأخرى , انتقل التثليث إليهم , فكانت الديانة الرومانية تقوم كذلك على التثليث كسائر الشعوب الوثنية التي ضمها الرومان إلى إمبراطوريتهم , وكان الفرس يرمزون للثالوث بالآتي :
    أورمزذ : وهو الخالق .
    مترات : وهو ابن الله المخلص والوسيط .
    أهردمان : وهو المهلك .

    وبعد إنشاء الإغريق لمدينة الإسكندرية سنة 331ق.م , أصبحت مركزًا للحياة الدينية , بل أصبحت في الحق مركز الحياة الدينية للعالم الهلليني كافة , فأقام بطليموس الأول معبدًا عظيمًا وهو معبد السرابيوم كان يعبد فيه نوع ما من ثالوث الأرباب مكون من أوزيريس وإيزيس وحورس , ولم يكن الناس يعدونها أربابًا منفصلة بل هيئات ثلاثًا لإله واحد !

    وهكذا انتشر الأمر بين الإسكندنافيون والسيبيريون والمكسيكيون . ولقد انتقلت هذه الفلسفات الوثنية إلى بعض الفلاسفة من اليهود , خاصة من كانوا يعيشون مع الإغريق في الإسكندرية , فظهرت نتاح هذه الفلسفة في أقوال العديد من الفلاسفة اليهود , أمثال : فيلون السكندري ( 30 ق . م – 50 م ) الذي مزج بين عقائد عصره والمذاهب الفلسفية , لا سيما الإغريقية الإسكندرية , في فلسفة واحدة لتفسير العهد القديم تفسيرًا جديدًا , وكان أول اليهود الذين قالوا بالكلمة ( Logos ) من الرواقيين عبر هرقليطس أول القائلين بها في الزمن القديم .
    وينقسم الإنسان عند فيلون ثلاثة أقسام , وليد الأرض , ووليد السماء , ووليد الله . فوليد الأرض من يطلب متاع الجسد , ووليد السماء من يطلب متاع الفكر , ووليد الله من تجرد عن الدنيا وأقبل بجملته على عالم فوق هذا العالم , معصوم من الفناء , براء من المادة , في زمرة الهداةوالمرسلين . وبذلك عرفت تلك الفلسفة المثلثة طريقها إلى اليهودية حتى ميلاد المسيح عليه السلام .

    ( لمزيد من الإطلاع راجع : كتاب " العقائد الوثنية في الديانة النصرانية " لمحمد طاهر التنير , وسلسلة مقارنة الأديان للدكتور أحمد شلبي , وكتاب " المسيحية " للأستاذ ساجد مير , وكتاب " المسيح والتثليث " للدكتور محمد وصفي , وكتاب " مسيحية بلا مسيح " للدكتور كامل سعفان .
    ملحوظة : قد ذكرت هذه المراجع المصادر التاريخية الموثقة لتاريخ الأديان الوثنية القديمة ) .

    يتبع .....
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #18
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    162
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    27-04-2014
    على الساعة
    05:17 PM

    افتراضي

    * قال إنـي عبـد الله ! (نور التوحيد في رسالة المسيح عليه السلام )

    مرحلة جديدة سطرها التاريخ كشاهد على عقيدة التثليث , مبعث المسيح عليه السلام !
    لم تكن دعوته عليه الصلاة والسلام مخالفة لمن خلفه من أنبياء الله جل وعلا , بل جاءت شاهدة على أن التوحيد الخالص هو الدين عند الله , فلا تنصيف ولا تثليث ولا تربيع .
    ولقد كنا نأمل من النصارى أن يظهروا لنا قولاً واحدًا صحيحًا متواترًا ومحققاً ينسب إلى السيد المسيح يتحدث فيه عن التثليث !

    انظر أخي الحبيب إلى النصوص الموحدة في الأناجيل والتي أوردناها عند مناقشتنا أدلة النصارى النقلية على عقيدة الثالوث , فإذا كان الثالوث منهجًا وعقيدة أُرسل بها المسيح , فلماذا لم يكشف عنها ؟ , لماذا لم يوضح سر التثليث الذي احتار فيه العقلاء وضل فيه الجهلاء ؟ , ولنا الحق أن نتساءل : هل الله تبارك وتعالى أنزل عقيدة عويصة يصعب فهمها؟! وهل المسيح عليه السلام مضى ونسي أن يبلغ تلك العقيدة المثلثة مع بيان شرحها فبلغ عقيدة أخرى مضمونها التوحيد الخالص وشرحها أن الله هو الإله الحقيقي وحده (يوحنا 17 : 3 ) ؟!

    من أولى بتبليغ هذه العقيدة وبيان مقتضياتها وأركانها وأسرارها ؟ أليس هو المسيح ؟! فلماذا لم نرى منه تعليمًا واحدًا عن هذه العقيدة ؟!
    ويجيب الأستاذ " ميخائيل جولدر " المحاضر في اللاهوت بجامعة برمنجهام ببريطانيا : (هناك شيء أكيد وهو أن يسوع نفسه لم يكن يظن أنه الأقنوم الثاني في ثلاثية التثليث ! ) (أسطورة التجسد الإلهي ص 107- لعدد من علماء اللاهوت بإنجلترا ) .



    * التثليث في القرون الثلاثة الأولى


    ( إن عقيدة الإله الواحد والأقانيم الثلاثة لم تكن تترسخ في الحياة المسيحية كما أنها لم تكن تصبح جزء – دون ريب – للإعلان الرسمي قبل نهاية القرن الرابع ولم يوجد لدى آباء الكنيسة الأوائل أي صلة – ولو من بعيد – بهذا الفكر ) ( الموسوعة الكاثوليكية الحديثة جـ 14, ص299 ) .

    إذا كان الأصل الذي نُسبت هذه العقيدة إليه لم يذكر عنها شيئًا ( المسيح عليه السلام ) فهل ننتظر أن نرى قولاً واحدًا لتابعيه عن هذه العقيدة ؟!

    تقول دائرة المعارف البريطانية عن المسيحيين الأوائل : ( كانت عقيدة التثليث تبدو لهم ضد التوحيد الإلهي الذي تعلمه الكتب المقدسة , فلذلك أنكروها ولم يعتبروا يسوع المسيح إلهًا مجسدًا , بل اعتبروه أشرف خلق الله كلهم ) ( دائرة المعارف البريطانية 1929,جـ3,ص634).

    لقد سطَّر كُـتَّاب العهد الجديد سير تلاميذ يسوع في الـمُؤَلَّف المعروف باسم " أعمال الرسل " وبصرف النظر عن مدى صدق هذا الـمُؤَلَّف من كذبه إلا أنه خلا من تعليم واحد مفصل عن التثليث , ويؤكد تاريخ التلاميذ عدم معرفتهم بهذه العقيدة رغم زعم النصارى أن المسيح أمرهم بأن يعمدوا الناس باسم الآب والإبن والروح القدس ، إذ لم يخرجوا لدعوة الناس كما أمر المسيح ويعمدوهم بهذه الصيغة ، ثم إنهم لم يخرجوا من فلسطين إلا حين أجبرتهم الظروف على الخروج : "وأما الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب استفانوس فاجتازوا إلى فينيقية وقبرص وأنطاكيا وهم لا يكلمون أحداً بالكلمة إلا اليهود فقط" (أعمال 11/19).

    ولما حدث أن بطرس استدعي من قبل كرنيليوس الوثني ليعرف منه دين النصرانية ، ثم تنصر على يديه . لما حصل ذلك لامه التلاميذ فقال لهم: " أنتم تعلمون كيف هو محرم على رجل يهودي أن يلتصق بأحد أجنبي أو يأتي إليه، وأما أنا فقد أراني الله أن لا أقول عن إنسان ما أنه دنس أو نجس" (أعمال 10/28)، لكنه لم يذكر أن المسيح أمرهم بذلك بل قال: " نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات، وأوصانا أن نكرز للشعب" (أعمال10/42)، أي لليهود فقط.وعليه فبطرس لا يعلم شيئاً عن نص إنجيل متَّى الذي يأمر بتعميد الأمم باسم الأب والإبن والروح القدس فضلاً عن عدم معرفته بهذه العقيدة المثلثة .

    وقد أورد هوستون سميث وكيلي – وهما من علماء مقارنة الأديان المسيحيين – ما يعرف بالعقيدة الرسولية أو قانون الإيمان المسيحي المنسوب إلى الرسل الإثنى عشر , وجاء فيه :
    " أومن بالله الرب العلي القدرة , خالق الأرض والسموات , وأومن بسيدنا يسوع المسيح الذي ولد من مريم العذراء بقدرة الروح القدس " .
    وقد ذكرت هذه العقيدة بصورتها الكاملة في أحد كتب عقائد المسيحيين الأساسية الذي يسمى بـ " العقائد " والذي دونه المسيحيون الألمان بالإضافة إلى ذكرها في المصادر المسيحية الأخرى .
    ( Huston Smith : The Religions Of Man,New York,1965,p327; j.N.D. Kelly: Early Christian Creeds,London,1962,p369).


    يتبع ......
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #19
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    162
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    27-04-2014
    على الساعة
    05:17 PM

    افتراضي

    * ونبتت نـابتة ( أوائل القرن الأول )


    " عقيدة التثليث ليست من تعاليم العهد القديم , وأما ما وجد في العهد الجديد فأقدم شهادة لهذه العقيدة توجد في رسائل بولس " . ( الموسوعة الكاثوليكية الحديثة جـ14, ص 306 ) .

    " إن بولس مدين للفلسفة الإغريقية وأفكارها " . ( قاموس الكتاب المقدس لهاستنجز جـ5,ص 150 ) .

    " كان بولس من أهم أتباع الديانة المسيحية الأوائل وأكثرهم مسئولية عن التغيير الذي أصابها في عقائدها , فقد أضاف إليها أشياء جذرية رسمت مستقبل المسيحية " . (لايدروس وتينيت هيلز في كتابهما " الأديان العظمى " ص 139 ) .

    لم يكن بولس من الرسل أو الحواريين الذين اختارهم المسيح عليه السلام في حياته , وبالأضافة إلى ذلك فإنه لم يحقق الشروط التي وضعها الحواريون لكون الشخص رسولاً بعد خيانة يهوذا الإسخريوطي وخداعه , وهو أن يكون الرجل قد صحب المسيح طول حياته . ( أعمال الرسل 1 : 21 – 22 ) .
    بل ليس هذا فقط بل إنه لم يبال بمن سبقه من الرسل مطلقًا , فلم يذهب إليهم للتعلم والفهم ,وهو يصرح بهذا قائلاً : " لم أحصل من هؤلاء المعتبرين شيئًا ولم أشاور اللحم والدم , ولم ألجأ إلى الذين كانوا رسلاً قبلي في أورشليم " (غلاطية 2 : 6 , 1 : 16-17 ) .
    وادعى بولس أنه تلقى تعليمه من المسيح مباشرة إذ يقول : ( وأعرفكم أيها الإخوة بأن الإنجيل الذي بُشرت به ليس عن طريق إنسان ما , لأني لم أخذه من إنسان ولا عُملته من إنسان , بل بإلهام من يسوع المسيح ) ( غلاطية 1 : 11-12 ) .
    وهكذا تحت شعار الإلهام أدخل بولس الفلسفة الإغريقية ودقائقها , والديانة الوثنية وأوهامها في الدين المسيحي .

    لقد وضع بولس لأول مرة في تاريخ المسيحية أسس عقيدة ألوهية المسيح وبنوته متسترًا وراء أقوال المتصوفة الباطنية , كيف لا وقد كان الشرق والغرب يهيم في تلك الفلسفات الصوفية الباطنية , ولم يكن عند بولس ما يمنعه من تقبل هذه الفلسفات , فهو لم يتعلم من الرسل الذين عاصروا المسيح , بل علم نفسه بنفسه , وفي ظل كل هذه الفلسفات الباطنية إذا كان المرء لا يملك العلم الصحيح فهو ساقط فيها بلا شك . بل إن بولس لم يطلع على الأناجيل التي تعج بالنصوص الموحدة فرسائله سابقة عليها .

    " كتبت جميع رسائل بولس قبل ظهور المخطوطات القديمة للأناجيل والأعمال . وكونه قد اطلع على مجموعة من الأوراق والوثائق – قبل ظهور الأناجيل – والتي احتوت على تعاليم يسوع وأمثاله ومعجزاته والتي تعتبر مصدرًا حزئيًا , للأناجيل الأربعة المعترف بها , أمر مشكوك فيه " .


    (C.F.Potter : The Lost Years Of Jesus Revealed,
    ,p.115)


    فـ " رسائل بولس أقدم من الأناجيل , بل إنها أقدم من معظم المصادر التي اعتمدت عليها الأناجيل".


    (Hastings' Dictionary Of The Bible,1963,p.478)


    ( أما رسائل بولس فيكاد أن يكون منالأكيد أنها لم تدخل إلى القانون الواحدة بعد الأخرى , بل إن مجموعتها أُدخلت إليهبرمتهايوم أخذ يغلب على الكنيسة الرأى القائل بأنه لابدمن الحصول على قانون للعهد الجديد) ( الترجمة الكاثوليكية للكتاب المقدس للرهبنة اليسوعية ص 9 ) .

    وفيما يلي نماذج من أقواله :

    " هو صورة الله غير المنظور خليقة-أي المسيح- , لأن فيه خُلق كل ما في السموات وما على الأرض " و " فإنه يحل كل ملء اللاهوت جسديًا " ( كولوسي 1 : 16-17 , 2 : 9 ) . " ومن كان على صورة الله فهو مكافيء لله , ولكنه ظهر بشكل إنسان " ( فليبي 2 : 6-8 ) . " المسيح الذي هو صورة الله " و " فإننا لسنا ندعو إلى أنفسنا بل إلى المسيح يسوع ربًا " ( كورنثوس (2) 4 : 4 -5 , تسالونيكي 2 : 15 , 3 : 6 ) .
    وأعلن بولس عن نفسه أن " عبد المسيح " ( تيموثاوس(1) 1 : 12 , وفليمون 1 : 25, ورومة 1:1 ) . ثم مهد للأقنوم الثالث من أقانيم التثليث وهو الروح ليدخله في الألوهية ويصيره شريكًا لها , وفعل ذلك بإعطائه شخصية مستقلة ( تيموثاوس(1) 4 : 1 ) , وجعل الرب والروح متحدين في المعنى ( كورنثوس(2) 3 : 17 ) .

    لقد زعم بولس أنه ( لبس لكل حالة لبوسها ) حتى ينشر دعوة ( المسيح ) , فإذا هو يعلن موت المسيح , ويبعث إلهًا أنسانًا , وإنسانًا إلهًا , يدغدغ به مشاعر اليونان والرومان الذين كانوا يتصورون الآلهة على صورة بشر ولها أقانيم تتجلى بها , وما أدري هل كان تويبني يمزح أو يسخر أو يثني على هذا ( المكر ) اليهودي حين قال : ( لو لم ينزع بولس الطرسوسي ببراعة عن المسيحية أرديتها الفلسطينية التي كانت تكسوها , وقتما وفدت إلى العالم , لما قيض أبدًا لفناني الأقبية الرومانية من المسيحيين , ولا لفلاسفة المدرسة اللاهوتية المسيحية بالإسكندرية , الفرصة لعرض المسيحية في ثوب الفكر والخيال لليونانيين , فكان أن مهدوا الطريق لاعتناق العالم الهليني لها – أي للمسيحية - ) ( مختصر دراسة للتاريخ جـ3 , ص 46 ) .

    وهنا سؤال يطرح نفسه : هل سكت الحواريون والمسيحيون المخلصون أمام ذلك , ولم يحاول أحد مقاومته ؟ , والجواب على ذلك كما في الكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة بالنفي , فهناك معارضات ضد أفكاره , وقد اعتمد بولس في نشر معتقداته على أسلوبه الصوفي الرمزي الذي تحتمل فيه كل كلمة أكثر من دلالة , ولذلك لم يدرك عامة الناس الفروق الجذرية الدقيقة بين تعاليم المسيح وتحريفات بولس وأهدافها . ولذلك ظل بولس بعيدًا عن الحواريين , قليل الإتصال بهم , ورغم كل ذلك واجهته معارضة شديدة في هذه المسائل التي انفرد بها , لدرجة أنه اضطر إلى أن يكتب إلى أصحاب كنيسة غلاطية : "أعود فأقول إن كان أحد يبشركم بغير ما قبلتم فليكن ملعونًا " ( غلاطية 1 : 9 ) . وسمى أفكار مخالفيه وتعاليمهم " كلامًا باطلاً " ( تيموثاوس(1) 1 : 6-7 ) , وقال لتموثاوس أيضًا ناصحًا له : " احفظ ( المرجع السابق 1 : 2 ) الوديعة معرضًا عن الكلام الباطل الدنَّس ومخالفات العلم الكاذب , الذي إذا تظاهر به قوم زاغ إيمانهم " ( المرجع السابق 6 : 20-21 ) .

    ونظرًا لما كان عليه بولس من سعة اطلاع بالعهد القديم , فإنه قد قام بنسخ شريعة العهد القديم التي نادت بالتوحيد الخالص في العديد من المواضع , وكل ذلك لكي يهييء العقول لاستقبال عقائده الفلسفية الباطنية التي تتنافي مع الناموس , فقال : " إن الشريعة لا تُبرر أحد عند الله ... إن الشريعة ليست من الإيمان " ( غلاطية 3 : 11-12 ) , و " أن الإنسان لا ينجو بأعمال الناموس بل بإيمانه بيسوع المسيح " ( غلاطية 2 : 16 ) , و " قد ابتعدتم عن المسيح أيها الذين تتبرون بالناموس , وحرمتم فضله " ( غلاطية 5 : 4 ) .

    واعتبر بولس الشريعة " عداوة " ( غلاطية 3 : 13 ) , و" لعنة " وشيئًا يجلب " الغضب والتعدي " ( رومة 4 : 15 ) , كما أنه عدها شيئًا ناقصًا ( العبرانيين 8 : 7 ) مبطلاً العمل بها فقال : ( وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الإضمحلال-يعني الناموس- ) (العبرانيين 8 : 13).

    لقد خالف بولس في هذا الأمر المسيح أشد المخالفة , فلقد قال المسيح : " لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء , ما جئت لأنقض , بل لأكمل , فإني أقول لكم الحق إلى أن تزول السماء والأرض : لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل , فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى , وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السموات , وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيمًا في ملكوت السموات " (متَّى 5 : 17-19 ) .
    ولذلك أدان يعقوبُ رئيس التلاميذ بولس وأمره بالتطهر والإستغفار , بل وأرسل التلاميذ أناسًا من أتباع المسيح لإصلاخ هرطقة بولس : " فلما سمعوا كانوا يمجدون الرب وقالوا له أنت ترى أيها الأخ كم يوجد ربوة من اليهود الذين آمنوا وهم جميعًا غيورون للناموس. وقد أُخبروا عنك أنك تعلم جميع اليهود الذين بين الأمم الإرتداد عن موسى قائلاً أن لا يختنوا أولادهم ولا يسلكوا حسب العوائد . فإذًا ماذا يكون ؟ لا بد على كل حال أن يجتمع الجمهور لأنهم سيسمعون أنك قد جئت . فافعل هذا الذي نقول لك , عندنا أربعة رجال عليهم نذر . خذ هؤلاء وتطهر معهم وانفق عليهم ليحلقوا رؤوسهم فيعلم الجميع أن ليس شيء مما أُخبروا عنك بل تسلك أنت أيضًا حافظًا للناموس . وأما من جهة الذين آمنوا من الامم فأرسلنا نحن إليهم وحكمنا أن لا يحفظوا شيئًا مثل ذلك سوى أن يحافظوا على أنفسهم مما ذبح للأصنام ومن الدم والمخنوق والزنى . حينئذ أخذ بولس الرجال في الغد وتطهر معهم ودخل الهيكل مخبرًا بكمال أيام التطهير إلى أن يقرب عن كل واحد منهم القربان . ولما قاربت الأيام السبعة أن تتم رأه اليهود الذين من أسيا في الهيكل فأهاجوا كل الجمع و ألقوا عليه الأيادي . صارخين يا أيها الرجال الإسرائيليون أعينوا ! ... هذا هو الرجل الذي يعلم الجميع في كل مكان ضدًا للشعب والناموس وهذا الموضع , حتى أدخل يونانيين أيضًا إلى الهيكل ودنس هذا الموضع المقدس . لأنهم كانوا قد رأوا معه في المدينة تروفيمس الأفسسي فكانوا يظنون أن بولس أدخله إلى الهيكل . فهاجت المدينة كلها وتراكض الشعب وأمسكوا بولس وجروه خارج الهيكل وللوقت أغلقت الأبواب . وبينما هم يطلبون أن يقتلوه نما خبر إلى أمير الكتيبة أن أورشليم كلها قد اضطربت . فللوقت أخذ عسكرًا وقواد مئات وركض إليهم فلما رأوا الأمير والعسكر كفوا عن ضرب بولس) (أعمال الرسل 21 : 20-32 )

    بل إن العجيب في الأمر أن التلاميذ أنفسهم كانوا يمنعونه من الدخول إلى الشعب حتى لا يفسد عقيدتهم بعقائده الغريبة عن تعاليم المسيح : ( ولما كان بولس يريد أن يدخل بين الشعب لم يدعه التلاميذ )( أعمال 19 : 30 ) .

    وفي نهاية الأمر افترق بولس عن بقية الحواريين , وأخذ في البحث عن المصادر التي قد تساعده في وضع العقائد الجديدة حول المسيح , وكان مما استفاد منه بولس إلى جانب الفلسفات الإغريقية , بعض الديانات الوثنية المعاصرة له , يقول هـ.ج ويلز متحدثًا عن مصادر الفكر البوليسي : " كان بولس ملمَّـًا بعلم الإلهيات الموجودة في الإسكندرية ... وهو يستعمل عبارات وتعبيرات تشبه عبارات أهل الديانة المثراوية " .


    ( H.G Wells : The Outline Of History,p536-537 )


    وهكذا أسس بولس ديانة مسيحية جديدة , تختلف عن دين المسيح الذي دعا له عليه السلام , فألغى بولس الشريعة , وجعل الإيمان بيسوع ربًا وإلهًا مات على الصليب من أجل البشر أصل الإيمان ولا أصل غيره , وحلل ما كان محرمًا في الملة , ووضع البنية الأولى لعقيدة التثليث الوثنية , وما قاله وول ديورانت – عالم التاريخ والفلسفة الشهير – يعبر عن الحقيقة الواقعة :

    " المسيحية المتداولة لم تقض على الديانات الوثنية القديمة بل امتصتها بداخلها ! " ( قصة الحضارة جـ3, ص595 ) .



    يتبع .....
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبيده ; 12-01-2007 الساعة 04:20 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #20
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    162
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    27-04-2014
    على الساعة
    05:17 PM

    افتراضي

    * الثليث في عهد آباء الكنيسة الأوائل ( حتى القرن الرابع )



    لقد سرنا مع عقيدة التثليث منذ العهد البدائي , منذ عبادة الأبطال حتى مدرسة الإسكندرية التي قامت عقب إنشاء مدينة الإسكندرية سنة 331 ق.م , وورثت حضارات مختلفة وقام بها علماء مصريون وساميون ويونان ورومان , وعرفت اليهودية طريقها إليها , كما انسابت إليها أفكار وثنية كثيرة , وقد استمرت المدرسة تباشر مكانتها الثقافية حتى ميلاد المسيح وبعد ميلاده عليه السلام .

    ثم جاء بولس والذي كان عارفًا بالفلسفة الإغريقية التي تمثلها مدرسة الإسكندرية , فمزج الفلسفات الإغريقية مع الديانات الوثنية فوضع أول أساس لعقيدة التثليث , وحين بدأت الأمم الأخرى غير الإغريق تعتنق الدين المسيحي بعد أن قام بولس بمزج العقائد الوثنية مع المسيحية , أخذت تقاليدها الوثنية وعاداتها المذهبية هى الأخرى تتسرب إلى المسيحية .

    ولم يقفل الباب عند هذا الحد , بل تجاوز الحد , واستطاع بعض أتباع بولس أن يصيروا من آباء الكنيسة وذوي الرأي فيها , وكانت أول بذرة لعقيدة التثليث تجدها عند المفكرين المسيحيين من القرنين الثاني والثالث أمثال : أوريجانوس وترتليان .
    ( Herbert Muller : Uses Of The Past,p.169,footnote ).

    لقد كانت الأفكار البوليسية مختلفة تمامًا عن المسيحية الأصلية , ولذلك واجهت معارضة في حياة بولس وبعده أيضًا . يقول البروفيسور جون زيسلر :
    ( واجهت المسيحية البوليسية معارضة من قبل الكنيسة القديمة , واستمرت هذه المعارضة بين الحين والآخر على مر العصور ) .
    ( John Zeisler : Pauline Christianity,p140 ).

    ورغم ذلك نجح بولس بفضل رجلاته التبشيرية ورسائله , في نشر نظرياته في الأقطار البعيدة , والسبب في ذلك أن الديانة المسيحية وصلت إلى كثير من الناس عن طريقه , فاعتنقوها باعتبارها حقيقة , يقول الكاتب المذكور آنفًا في بداية كتابه ص 2 :
    " الكنائس التي وصلت إليها رسائله لم تكن لديها نصوص مسيحية غيرها , ثم إنها كانت بعيدة عن فلسطين وتلاميذ المسيح , ولذلك لم تطلع على أفعال المسيح وأقواله " .

    وبالإضافة إلى ذلك لعب أناس ( علماء وحكامًا ) دورًا في القرون المتأخرة , قوى النزعة البوليسية , ووقعت حوادث أدت إلى السيطرة الكاملة والتغلب الأبدي للأفكار البوليسية على المسيحية .
    ومن الفرق التي ظلت تعارض الأفكار البوليسية بعد وفاة صاحبها فرقة عُرفت في تاريخ المسيحية بالإبيونية , رفضت أن تتخذ رسائل بولس أساسًا للدين , ودعت إلى ضرورة الإلتزام بالناموس الموسوي , ولم تعتبر هذه الفرقية المسيح إلهًا ولا ابن الله , بل اعتبرته إنسانًا ورسولاً عظيمًا , كما أنكرت صلبه عليه السلام .
    كان المسيحيون يُدعون نصرانيين أو ناصريين ( أعمال الرسل 24 : 5 ) في العصور الأولى بعد وفاة المسيح , وكانت نظريات الإبيونيين وأفكارهم تشبه إلى حد كبير عقائد النصرانية المبكرة . ( معجم أوكسفورد للكنيسة ص 941 , لندن 1950 ) .

    وثمة فرقة أخرى قاومت العقائد البوليسية مقاومة شديدة في العصور الأولى , وهى التي تعرف بالفرقة الدوسيتية أو المتحيلة . أنكر أصحابها صلب المسيح , وقالوا : إن الله سلمه من الصلب , والذي صلب مكانه هو ذلك الحواري الخائن يهوذا الإسخريوطي , أو حامل الصليب شمعون كريني . ( المصدر السابق ص 409 ) .

    وفي هذا العصر – بعد بولس – اتشرت وثيقة " تعليم الرسل " , إذ كانت تعتبر كتاباً مقدسًا , ولم تكن أدعية هذه الوثيقة تحتوي على كفارة المسيح أو على موته المخلص.********* الأولى - لهنري تشادويك ص 46-47 ) .

    وكذلك الكتاب الذي ألفه أحد الرهبان – وهو هرمس – في القرن الأول باسم "الراعي" كان يركز على تعليم التوحيد أكثر من تركيزه على ألوهية المسيح . وكان هذا الكتاب من الكتب التي ظلت تعد نصوصًا مقدسة زمنًا طويلاً ) ( مقدمة العهد الجديد للترجمة العربية الكاثوليكة للرهبنة اليسوعية ص 9 ) .

    كادت أن تتغلب هذه الفرق وتلك الحركات على العقائد البوليسية , أو تقلل من آثارها, إلا أن الحركة البوليسية حظيت في القرن الثاني بأفراد وأتباع متحمسين لعبوا دورًا هامًا في نشرها . والغريب أن الأفراد والفرق الدينية – التي تبرأت منها الكنيسة نفسها واعتبرتها مبتدعة – أسهمت في تقوية الأفكار البوليسية على نحو غير مباشر , ومن بينها مثلاً معتقدات الفرقة الغنوصية .

    ومن الأفراد البارزين الذين أيدوا الأفكار البوليسية يوستين ( ت/165م ) , وكان معجبًا مثل أصحاب الغنوصية , بالفلسفة الأفلاطونية التي أسسها ( أفلاطين 205-270م ) والذي على يده كان تجديد أفلاطون بالأفلاطونية الحديثة , وخلاصة مذهب أفلوطين أن في قمة الوجود يوجد " الواحد " أو " الأول " وهو جوهر كامل فياض , وفيضه يُحدث شيئًا غيره هو " العقل " وهو شبيه به وهو كذلك مبدأ الوجود , وهو يفيض بدوره فيحدث صورة منه هى " النفس " وتفيض النفس فتصدر عنها الكواكب والبشر , أو بعبارة سهلة موجزة ثلاثة ثلاثة في واحد وواحد في ثلاثة ( الواحد – العقل – النفس )! (تاريخ الفلسفة ص 65 ) .

    وكان مرقيون ( ت/160م ) من أشد مؤيدي بولس تحمسًا , وإن كانت الكنيسة أخرجته من دائرة المسيحية نتيجة لبعض نظرياته المتطرفة , مثل اعتماده على إنجيل لوقا فقط من بين جميع الأناجيل مع رفضهم التام للعهد القديم , ورغم ذلك ظل يلقى الإحترام بين عامة الناس لحبه الشديد لبولس , وكان يقول : " إن الحواريين والنايس الآخرين لم يفهموا المسيحية , ولكن أدركها بولس وأدرك كنهها الحقيقة , فالذي علمه بولس هو الدين الحق " ( قاموس أكسفورد للكنيسة ص 854 ) .

    ويمكن أن نلاحظ تأثيره في الشعب , رغم اختلافه الشديد مع بعض كبار الكنيسة , وتأثيره يتمثل في وجود كنائس مرقيونية لمدة مائة وخمسين سنة ظلت تنشر نظرياته .

    وفي نهاية القرن الثاني , تحت كل التأثيرات على المسيحية , وضع إيريناوس (ت/ 200م) وترتليان ( ت/220م ) " قاعدة الإيمان " التي عُدت مفتاحًا للتثليث , وكان فيها تأكيد شديد على أن المسيح ابن الله , وأنه هو المخلص , وعلى عظمة روح القدس .( الكنيسة الأولى - لهنري تشادويك ص 44-45 ) .

    أسهمت عوامل عديدة في تطور الحركة البوليسية , ومنها أنها اتسمت – إلى جانب تأثير المفكرين , أمثال يوستين ومرقيون , وتأثير النظريات الفلسفية – بسمات شعبية , فأخذ حماس عامة الناس يزداد تجاهها رويدًا رويدًا , وبدأوا يُعجبون بكل من يُبالغ في شخصية المسيح , مهما تعارضت تلك المبالغات مع تعاليم المسيح نفسه , وأصبحت مقاومة الغلو بالعقلانية أو بالنصوص الموثقة صعبة جدًا , واعتبرت معارضة عقيدة التثليث محاولة للتقليل من شأن المسيح وعظمته .
    ( Adolf.K.Hitti : Syria-A Short History,New York,1961,p88).

    وكل ما هنالك أن رجال الدين كانوا يحاولون الإتيان بعقيدة أخرى تخفف من شدة الغلو في الجوانب الأخرى . فعندما نادت الفرقة السابلية في القرن الثالث بعقيدة الحلول الإلهي وتجسده في عيسى , ونزوله على الأرض ليخلص الإنسان وصلبه لأجل ذلك , وبأن الأب والإبن وروح القدس أسماء ثلاثة لشيء واحد في الوجود , فعندما نادوا بتلك العقيدة لم يستطع فلاسفة مدرسة الإسكندرية ردها إلا في حزئية واحدة , وهى اعتبار عيسى والإله شيئًا واحدًا في الوجود والذات , فهم كانوا يؤمنون بعقيدة اللوجوس الإلهي القائلة بأن المسيح مظهر متجسم لحكمة الله وكلمته .
    ( HansLeitzmann: From Costantine to Julian,london1955,p95).

    وظهرت الفرقة الملكية لمقاومة هذه النظرية , أي النظرية التي تعتبر عيسى مظهرًا لحكمة الله وإلهًا ثانيًا وسيطًا لخلق الخليقة كلها , ولكنهم أيضًا ما استطاعوا أن يقولوا أكثر من أن الأب والإبن وروح القدس ليسوا أقانيم ثلاثة , بل إنهم أشكال ثلاثة لجوهر واحد , وإن كان البعض منهم اجترأ على القول بأن المسيح كان إنسانًا مقدسًا .********* الأولى - لهنري تشادويك ص 87 , 113 ) .

    ولكن أوريجانوس ( ت /154م ) وتلاميذه خالفوا الحركة المالكية مخالفة شديدة قائلين : "إن الأب والإبن , رغم كونهما موحَّدين في القوة والمشيئة , إلا أنهما حقيقتان مستقلتان" (المصدر السابق ) .

    ليس لنا , على أية حال , أن نستنتج مما سبق أن المفكرين المسيحيين البارزين في القرنين الثاني والثالث أمثال إيرنياوس وترتليان ويوستين لم يجدوا أي صعوبة في نشر أفكارهم البوليسية المتأثرة بالفلسفة الإغريقية , فالحقيقة أن الناس كانوا متحفظين في قبولها , ولا سيما اعتبار المسيح أقنومًا من الأقانيم الثلاثة , أو اعتباره مجسمًا لكلمة الله وحكمته , ولذلك يقول البروفيسور ولستن واكر في كتابه " تاريخ الكنيسة المسيحية " : ( لم يكن عامة المؤمنين – المسيحيين – متعاطفين مع عقيدة اللوجوس الإلهي عن المسيح , وقد سجل ترتليان ( 213-218م ) حقيقة مهمة في عصره , وهى أن معظم المؤمنين – بالمسيحية – يدهش عند سماعهم لنظرية الثلاثة في واحد , وذلك لأن إيمانهم يخرجهم من تعدد الإلهة إلى التوحيد وتصور الإله الحقيقي ) ( تاريخ الكنيسة المسيحية ص 71 ) .

    ومن الذين خالفوا نظرية اللوجوس الإلهي في المسيح في القرن الثالث مخالفة شديدة هو بولس سميساطي الذي عُين أسقفًا لأنطاكية سنة 260م , وقد رويت أفكاره بطرق مختلفة, حيث كان ينكر أن عيسى مظهر لحكمة الله وكلمته , وكان متحفظًا في قبول نظرية التثليث أيضًا , وكان يعتبر عيسى بشرًا ملهمًا فريدًا . فكانت النتيجة أن أخرج من الكنيسة واعتبر ملحدًا .
    ( HansLeitzmann:From Costantine to Julian,pp.101-102 ) .

    لكن الكنيسة قد اكتسبت في ذلك الوقت قوة ونفوذ , ولم يكن زعماؤها يقبلون أي فكر يخالف نظريات بولس ويوستين وإيريناوس وترتليان , مهما كان هذا الفكر مستمدًا من نصوص الأناجيل مباشرة . ولذلك نرى أنهم حرفوا أنظارهم عن تعاليم واضحة للأناجيل, واطمانوا إلى معتقدات المفكرين المذكورين آنفًا متحمسين لنشرها , وكانت هذه المعتقدات مؤسسة على الفلسفة الإغريقية وفكرها الرمزي , ولا سيما عقيدة تجسد اللوجوس الإلهي , وفكرة الوساطة , أي كون المسيح وسيطًا بين الله وخلق الكون وما فيه . فهذه الأفكار مستمدة من أفكار فلاسفة اليونان أمثال بطليموس , فيثاغورث , وأفلاطون وغيرهم . ( قصة الحضارة لـ"وول ديورنت" 11/274-276 ) .

    وكان أوريجنس أو أوريجانوس– أبو اللاهوت - , الذي له جهود مع تلاميذه في إدخال الأفكار اليونانية إلى المسيحية , ينتمي فكريًا , إلى الرواقيين والفيثاغورسيين , والأفلاطونيين الجدد والغنوصيين في الوقت نفسه .( المصدر السابق 11 / 311 ) .



    يتبع .....
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة

ولا تقولوا ثلاثة !

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ثلاثة أشياء
    بواسطة الزبير بن العوام في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 22-04-2009, 10:41 AM
  2. ثلاثة أعضاء يجب أن نحذرهم!
    بواسطة أمـــة الله في المنتدى منتدى الأسرة والمجتمع
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 12-11-2008, 01:56 AM
  3. كيف تساوى الواحد ثلاثة
    بواسطة روح الحق في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-05-2007, 10:22 AM
  4. المسيح قالوا عنه ثلاثة
    بواسطة ali9 في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 13-04-2006, 11:00 PM
  5. ثلاثة اسئله !!!!!!!!
    بواسطة golder في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 17-03-2006, 06:24 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

ولا تقولوا ثلاثة !

ولا تقولوا ثلاثة !