دفاعا عن الصحيحين

[ابو علي الفلسطيني]

بسم الله الرحمن الرحيم

دفاعا عن الصحيحين

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد،

لقد خص الله تعالى هذه الامة بالسند والاسناد والذي قال فيه العدو قبل الصديق انه من مصادر فخر هذه الامة التي هي خير امة اخرجت للناس.
وتعتبر السنة النبوية المصدر الثاني من مصادر هذه الامة بعد القران الكريم . وقد نقلت الينا هذه السنة عن طريق علماء اجلاء نذروا انفسهم للدفاع عنها وتنقيتها من كل الشوائب والاكاذيب. فقد عجزوا عن تحريف القران الكريم فحاولوا السعي الى تحريف السنة ولكن جهود هؤلاء العلماء العظام بعد فضل الله تعالى حالت دون ذلك. واهم كتب الحديث عند اهل السنة هي الكتب الستة .... صحيح بخاري ومسلم وكتب السنن بالاضافة الى كتب اخرى كمسند الامام احمد والطبراني والبيهقي وغيره....
ولكن اصح هذه الكتب هما الصحيحان البخاري ومسلم لخلوهما من الاحاديث الضعيفة باستثناء بعض الاحاديث القليلة التي تحدث عنها العلماء ... اما باقي كتب السنن فتحوي الصحيح والضعيف ..
وساحاول في هذا البحث باذن الله القاء الضوء على كتاب الصحيحين وتبيين قوة وصحة هذين الكتابين حيث يعتبران اصح كتب الحديث بعد القران
وهذا القول (انهما اصح الكتب بعد القران) لم يات من فراغ بل كان حصيلة الدراسة لهذين الكتابين وقد تبين انهما بالفعل يستحقان هذا اللقب لجلالة مؤلفيها ولمنهجهما العلمي الدقيق في اختيار احاديث هذين الكتابين
ولست بصدد اعطاء القدسية او ادعاء العصمة لكتب بعد القران الكريم .. انما كما قلت هذين الكتابين حصلا على ثقة الامة ورضاها بعد البحث والتدقيق ...
وسينقسم هذا البحث الى اقسام عدة وهي:-

• مكانة الصحيحين واقوال العلماء فيهما
• بعض الانتقادات الموجهة للرواة في الصحيحين والاجابة عنهما
• بعض الاحاديث المنتقدة في الصحيحين والاجابة عنهما

وهذا البحث ماخوذ من كتب اهل العلم فليس فيه الا الجمع ... اقول هذا لاني لا انسب لنفسي قولا لا يرضاه اهل العلم ولا اتخذ لنفسي منهجا غير منهج علماؤنا الاجلاء والله الهادي الى سواء السبيل

[ابو علي الفلسطيني]

بسم الله الرحمن الرحيم

اولا: مكانة الصحيحين واقوال العلماء فيهما.

كان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى اعلم اهل عصرهما في الحفظ والاتقان والضبط والرواية وعلل الجرح والتعديل مشهود لهما بذلك ممن عاصرهما وممن جاء بعدهما .. وقد سبر العلماء كتابيهما واعتنت بهما الامة اعتناء عجيبا حتى كثرت الكتب المؤلفة فيهما ما بين شارح ومختصر وغير ذلك ....
واتفقت الامة على ان اعلى درجات الحديث الصحيح ما اتفق عليه البخاري ومسلم ثم ما انفرد به البخاري ثم ما انفرد به مسلم (انظر مكانة الصحيحين لخليل ملا خاطر)

اما اقوال اهل العلم في الثناء على البخاري ومسلم فهي كثيرة جدا لا يتسع لها المقام ولكن اذكر طرفا من ذلك باذن الله ...
فقد قال الترمذي رحمه الله (لم ار احدا بالعراق ولا خراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الاسانيد اعلم من محمد بن اسماعيل)

وقال ابن خزيمة (ما رايت تحت ادم السماء اعلم بالحديث ولا احفظ له من محمد بن اسماعيل)
ومن طرف ما يروى عن البخاري رحمه الله انه قام بعض العلماء في علم الحديث بخلط الاسانيد والمتون وادخال بعضها في بعض من اجل ان يختبروا علم البخاري فرد كل اسناد الى متنه وكل حديث الى راويه ... فتعجبوا من قدرته على الحفظ يرحمه الله ومعرفته بعلم الرجال

اما الامام مسلم فقد قيل فيه مثل ما قيل في البخاري رحمه الله ومن ذلك قول الفراء شيخ مسلم ( كان مسلم من علماء الناس واوعية العلم ما علمته الا خيرا)

وقال الخطيب البغدادي ( انما قفا مسلم طريق البخاري ونظر في علمه وحذا حذوه)

اما اقوال اهل العلم في الصحيحين فهي كثير ايضا نذكر منها:-

قال النووي رحمه الله تعالى (اجمعت الامة على صحة هذين الكتابين ووجوب العمل باحاديثهما)

وقال ابن تيمية (ليس بعد اديم السماء اصح من البخاري ومسلم بعد القران الكريم)

اما عدد الاحاديث التي في صحيح البخاري فهي 7397 بالمكرر سوى المتابعات والمعلقات كما حررها الحافظ ابن حجر رحمه لله وعدته بالمكرر والمتابعات والمعلقات واختلاف الروايات 9082 حديثا انتقاها البخاري من اكثر من مائتي الف حديث ... لمدة زادت عن خمسة عشر عاما
اما الامام مسلم فالرقم قريب من ذلك فهي بالمكرر 8000 الاف حديث والله اعلم ( انظر مكانة الصحيحين)

يتبع بحول الله

[Eng.Con]

متابع يا غالى

[ابو علي الفلسطيني]

بسم الله الرحمن الرحيم

اقتباس

متابع يا غالى

تشرفني متابعتك اخي الحبيب ....

[محبة الرحمن]

متابعين معك اخي الفاضل

بحث مهم .. وفقك الله

جعله الله في ميزان حسناتك

[ابو علي الفلسطيني]

بسم الله الرحمن الرحيم

ثانيا: بعض الانتقادات الموجهة للرواة في الصحيحين والاجابة عنهما

نعلم اننا في عجالة كهذه لا نوفي الصحيحين قدرهما من التوضيح والبيان ولكن نذكر باختصار ما يغني باذن الله عن الاطالة ...
حيث انه من ضمن ما وجه للصحيحين من انتقادات وجود رواة متهمين بالتدليس .... وقد ظن ان وجود هكذا رواة يعني الطعن في صحة الاحاديث الواردة ... وهذا الادعاء منشأه الجهل بعلم الحديث وضوابطه ... ولكي نجلي هذه النقطة علينا ان نوضح اولا ما هو التدليس ؟؟

التدليس لغة: هو ماخوذ من الدلس وهي الظلمة اما اصطلاحا فهو رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه فيتوهم انه سمعه منه كذا قال ابن الصلاح وتبعه اخرون ...

فقد يظن البعض انه بمجرد ان يعرف ان فلانا الراوي اتهم بالتدليس فتجده يقول الحديث معلول او مدلس وهذا لا يجوز كما سنوضح باذن الله
حكم رواية المدلس:
ذهب العلماء في ذلك الى ثلاثة اقسام
1-رد خبر المدلس سواء صرح بالسماع ام لا او كان تدليسه عن الثقات او الضعفاء
2-قبول خبره مطلقا سواء صرح بالسماع ام لم يصرح
3-التفصيل: فيقبل منه اذا صرح بالسماع او ما يقوم مقامه والا فلا ... والقول الاخير هو الذي عليه اكثر اهل العلم كالشافعي والخطيب البغدادي وابن حجر والنووي ومن جاء بعدهم
4-قبول خبر المدلس صرح بالسماع ام لم يصرح الا ان يخالف في روايته النقل حينئذ ترد روايته وعنعنة الراوي مقبولة ما لم تخالف النقل. وقد ذهب الى ذلك ابن عبد البر ... (انظر روايات المدلسين في البخاري للدكتور عواد الخلف)

اذا فقد ذهب اكثرية العلماء الى الحكم الثالث كما قلنا وهو الراي السائد قبول رواية المدلس ان صرح بالسماع والا فلا

اذا تقرر هذا فما هو حكم الرواة المتهمون بالتدليس في الصحيحين؟؟ هذا ما سنوضحه هنا ان شاء الله ... حيث انقسم العلماء في هذا الى قسمين:-

1-انها محمولة على الاتصال والصحة وهذا الراي عليه عدد كبير من المحدثين وجعلوا قبولهم للعنعنة هنا محمول على ثبوت سماع المدلس من جهة اخرى. وممن قال بذلك (ابن الصلاح والنووي والقطب الحلبي والعلائي
2-معاملة المدلس في الصحيحين كمعاملته خارجهما وذهب الى هذا الراي عدد من العلماء منهم ابن حجر وابن دقيق العيد والصنعاني وغيرهم (انظر المصدر السابق)

وقد قال ابن حجر في (النكت على ابن الصلاح) كلاما يكتب بماء الذهب حيث قال:-

(واما دعوى الانقطاع فمرفوعة عمن اخرج لهم البخاري لما علم من شرطه ومع ذلك فحكم من ذكر من رجاله بتدليس او ارسال ان تسبر احاديثهم الموجودة عنه بالعنعنة فان وجد التصريح فيها بالسماع اندفع الاعتراض والا فلا )

يقول الدكتور عواد الحلف:

(ومن اراد الطعن في عنعنة مدلس في صحيح البخاري فانه لن يسلم له ذلك وذلك اما لورود الحديث نفسه مصرحا فيه بالسماع في مكان اخر من الصحيح او خارج الصحيح او ان تكون عنعنة المدلس في المتابعات لا في الاصول ) وهذه ضوابط قبول رواية المدلس تقريبا ...
اذا تقرر هذا علم ان رواية من اتهم بالتدليس في الصحيحين لا تعني الطعن في صحة الحديث بل الحديث صحيح فيها مائة بالمائة ولا مجال لرده لثبات سماع الراوي (او المدلس) ممن روى عنه واما المعنعن فقد صرح ايضا بالسماع ومن لم يصرح بذلك فان البخاري ومسلم لم يرويا له في الاصول شيئا وانما في المتابعات وبهذا يؤمن ان يكون في الصحيحين روايات غير صحيحة (باستثناء بعض الاحرف اليسيرة التي انتقدها العلماء ولا تنقص من قدر الصحيحين)

وقد وضع العلماء ضوابط واعتبارات لقبول روايات المدلسين في الصحيحين وهذه هي كما يجملها الدكتور عواد الخلف:

1-كون المعنعن من الطبقة الاولى من مراتب المدلسين
2-كون المعنعن من الطبقة الثانية من مراتب المدلسين
3-مجيء الحديث مصرح به في السماع في الصحيح نفسه في موضع اخر
4-مجيء الحديث مصرحا فيه بالسماع خارج الصحيحين
5-ان تكون رواية المدلس عن شيخه مقرونة بغيره
6-ان يكون المدلس من اثبت الناس في شيخه واحتمال عنعنة المدلس عمن اكثر عنه ولازمه هو منهج أئمة الحديث كالحميدي وبخاري ومسلم

هذا باختصار فيما يخص ضوابط رواية المدلسين وفيه تفصيل بالرواة ومجموع مروياتهم وكيف حملت على الاتصال نجدها في كتاب الدكتور عواد الخلف ...

وفيما يلي تبيان مراتب المدلسين وحكم الرواية عنهم

1-المرتبة الاولى: من لم يوصف بذلك الا نادرا جدا بحيث ينبغي ان لا يعد فيهم واهل هذه المرتبة روايتهم محمولة على الاتصال صرحوا بالسماع ام لم يصرحوا
2-المرتبة الثانية: من احتمل الائمة تدليسه وخرجوا له في الصحيح وان لم يصرح بالسماع وذلك اما لامامته او لقلة تدليسه بجانب ما رواه واهل هذه المرتبة روايتهم محمولة على الاتصال صرحوا بالسماع ام لم يصرحوا
3-المرتبة الثالثة: من اكثر من التدليس فلم يحتج الائمة بحديثهم الا ما صرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقا
4-المرتبة الرابعة: من اكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين وحكم اهل هذه المرتبة هو قبول ما صرحوا فيه بالسماع ورد ما رووه بالعنعنة

قلت: ومعظم ما روي في الصحيحين للرواة الذين اتهموا بالتدليس هو من المرتبة الاولى والثانية مما لا يطعن في الحديث لوجود هؤلاء الرواة بعد التفصيل الذي قدمناه وهناك ايضا مرويات من الطبقة الثالثة كما سيظهر .... وهنا رسم توضيحي من كتاب الدكتور عواد الخلف يبين فيه مرويات كل طبقة ممن اتهم بالتدليس وهي كما قلنا مصرح فيها بالسماع فانتفت العلة والحديث صحيح او لها شواهد ومتابعات في الصحيح او خارجه او رويت تعليقا فليست على شرط البخاري رحمه الله ...

يتبع بحول الله تعالى

[داعي 91]

متابع معك
قد شدني البحث
هيا ننتظر منك المزيد

[ابو علي الفلسطيني]

بسم الله الرحمن الرحيم

اقتباس

متابعين معك اخي الفاضل

بحث مهم .. وفقك الله

جعله الله في ميزان حسناتك

جزاك الله خيرا اختي الكريمة .... تشرفني متابعتك

[ابو علي الفلسطيني]

بسم الله الرحمن الرحيم

اما بالنسبة لصحيح مسلم فالامة تقدم صحيح البخاري على مسلم وذلك لما يلي:-

1-ان عدد الذين انفرد البخاري بالاخراج لهم دون مسلم 435 راويا المتكلم فيهم بالضعف حوالي 80 راويا اما الذين انفرد مسلم بالاخراج لهم دون البخاري فعدتهم 620 راويا المتكلم فيهم بالضعف 160 راويا... (قلت : الضعف المقصود هنا لا يعني رد الحديث الا ببحث شديد فان ثبت ذلك والا فلا)

2-ان الذين انفرد بهم البخاري ممن تكلم فيه لم يكن يكثر من تخريج احاديثهم اما مسلم فكان يكثر من التخريج لهم

3-ان الذين انفرد البخاري بالتخريج لهم ممن تكلم فيه فان اكثر تخريج البخاري لهم في المتابعات والاستشهادات والتعليقات بخلاف مسلم الذي خرج لهم في الاصول ...

4-ان مسلما مذهبه في الاسناد المعنعن ان له حكم الاتصال اذا تعاصر المعنعن وامكن اللقاء وان لم يثبت اجتماعهما بخلاف البخاري الذي لا يحمل على الاتصال حتى يثبت اجتماعهما ولو لمرة واحدة

5-ان الاحاديث المنتقدة عليهما (على الصحيحين ) 210 حديث اختص البخاري باقل من ثمانين والباقي لمسلم ... (قلت: هذا لا نسبة له قياسا لقوة الصحيحين وان مؤلفيهم هم بشر وثانيا لا شك ان هذه الاحاديث المنتقدة لا تسلم لمنتقدها لان كلامه قد يكون فيه نظر للمحققين من اهل هذا الباب وقد اجاب ابن الصلاح وايده النووي في الاجابة عن سبب تخريج مسلم لبعض الرواة المتكلم فيهم (انظر كتاب الدكتور عواد الخلف: روايات المدلسين في صحيح مسلم)

ومع ذلك فان لصحيح مسلم ميزة على صحيح البخاري بحسن الترتيب تدل على عبقريته يرحمه الله اذكر منها طرفا ...

1-لا يرى جواز الرواية بالمعنى كما عند البخاري وغيره

2-ياتي بالزيادة وينسبها الى قائليها

3-ارداف العام بالمخصص
4-ارداف المجمل بالمبين المنصص
5-ارداف المنسوخ بالناسخ له
6-يفسر بعض الفاظ الغريب والتي تحتاج الى توضيح
7-لا يحتج بالمرسل
8-يقبل رواية المعنعن بشرطين هما:-

أ‌-ان يكون راويه غير متهم بالتدليس
ب‌-ان يكون الراوي ادرك من روى عنه وعاصره وامكن لقائه وسماعه

وقد عد له الدكتور عواد الخلف في كتابه اكثر من ثلاثين مزية في صحيحه يرجع اليها ....

يتبع بحول الله تعالى ....

[ابو علي الفلسطيني]

بسم الله الرحمن الرحيم

اقتباس

متابع معك
قد شدني البحث
هيا ننتظر منك المزيد

تشرفني متابعتك اخي الحبيب