بسم الله الرحمن الرحيم


قد قبلتم زكريا فلماذا ترفضون مريم؟؟


دراسة مبسطة حول شبهة نسب مريم عليها السلام في القرآن الكريم للأخت مريم علم الدين

مقدمة:
لما نصب اناسا انفسهم اعداءا لكتاب الله تبارك وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، انبرت اقلامهم في مهاجمة وحي الرحمن محاولين ان يجدوا لانفسهم منفذا يستطيعون منه اصابة الكتاب الكريم في مقتل، فقد خيلت لهم شياطينهم انهم يستطيعون لهذا الامر سبيلا ولكن هيهات هيهات لما يوعدون ، فان كتاب الله تبارك وتعالى الذي هو كلام الله المعجز لفظا ومعنى والذي نقل الينا بالتواتر دون ان تمتد اليه ايدي البشر بالعبث فيزيدوا فيه تارة وينقصوا منه تارة اخرى، ذلك الكتاب الذي لن تستطيع الجن والانس ان يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، ليس في مقدور احد من العالمين على ان ينال منه ولو سخر في سبيل هذا كل ما اوتي من قوة، فلينفقوا من اعمارهم وافكارهم واموالهم ليصدوا عن سبيل الله كما يشائون ، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون.

مريم ابنة عمران

قال تعالى:

(وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الّتِيَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رّوحِنَا وَصَدّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا وَكُتُبِهِ


وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)


[سورة: التحريم - الأية: 12]

ان مريم كما ورد بهذه الاية الكريمة هي ابنة رجل يدعى عمران ، وقد ورد في موضع اخر من القرآن الكريم قصة حمل ام مريم - امراة عمران - وكيف انها نذرت ما في بطنها للرب قبل ان تعرف انها ستضع انثى وليس ذكرا كما سوف تبين الآيات الآتية:
قال تعالى:

(إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبّ إِنّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرّراً فَتَقَبّلْ مِنّي إِنّكَ أَنتَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ 35 فَلَمّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبّ إِنّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىَ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذّكَرُ كَالاُنْثَىَ وَإِنّي سَمّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيّتَهَا مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ 36 ) سورة آل عمران.

ولقد خلط البعض جهلا او عمدا بين عمران المذكور في هذه الآية الكريمة وبين عمران - عمرام - المذكور في الكتاب المقدس الذي كان والدا لموسى وهارون عليهما السلام والذي كان له ابنة ايضا تدعى مريم [1]




، وخصوصا ان في القرآن الكريم ايضا نعت اليهود لمريم بانها اخت هارون - الذي سوف يتم تناوله بالتفصيل في حينه - وسوف نوضح خطأ هذا الفهم كما سيلي:
اولا: لم يصرح القرآن الكريم بان والد مريم هو نفسه عمران والد موسى وهارون ، بل ذكر فقط ان والد مريم يدعى عمران، فهل لا يوجد في العالم اجمع سوى رجل واحد يدعى عمران !!
ثانيا: لم يتوقف الحد عند عدم تصريح القرآن الكريم بان عمران المذكور في الآية هو نفسه والد موسى وهارون ، بل قد زاد ان ذكر القرآن حادثة كفالة زكريا لمريم ، واوضح ان زكريا هذا هو النبي زكريا والد يحيى النبي - يوحنا - فعلمنا ان العصر الذي تتناوله الآية الكريمة بالرواية بعيد جدا عن عصر موسى وهارون :
قال تعالى:
(فَتَقَبّلَهَا رَبّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفّلَهَا زَكَرِيّا كُلّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَمَرْيَمُ أَنّىَ لَكِ هَـَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ 37 هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيّا رَبّهُ قَالَ رَبّ هَبْ لِي مِن لّدُنْكَ ذُرّيّةً طَيّبَةً إِنّكَ سَمِيعُ الدّعَآء ِ38 فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلّي فِي الْمِحْرَابِ أَنّ اللّهَ يُبَشّرُكَ بِيَحْيَـىَ مُصَدّقاً بِكَلِمَةٍ مّنَ اللّهِ وَسَيّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مّنَ الصّالِحِينَ39) سورة آل عمران .
فكما نرى فان الآيات الكريمات تصرف ذهن القارئ تماما عن الخلط بين عمران - عمرام - والد موسى وهارون عليهما السلام وبين عمران المذكور في الآية الذي هو والد مريم عليها السلام، كما قال البيضاوي في تفسيره: وكانت لعمران بن يصهر بنت اسمها مريم أكبر من موسى وهرون فظن أن المراد زوجته ويرده كفالة زكريا فإنه كان معاصراً لابن ماثان.
ثالثا: لم يصرح احد من اهل العلم المعتد بقولهم في هذا بان عمران المذكور بالآية هو نفسه عمران والد موسى وهارون عليهما السلام ، وقد اقر كثير من المفسرين بالفرق بين عمران - عمرام - والد موسى عليه السلام وبين عمران والد مريم عليها السلام المذكور في الآية حين تناولوا تلك الآية الكريمة بالايضاح نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
ابن الجوزي في زاد المسير:
وهذا عمران بن ماتان، وليس بـ «عمران أبي موسى» وليست هذه مريم أخت موسى. وبين عيسى وموسى ألف وثمانمائة سنة.
الامام الطبراني في التفسير الكبير:
وعِمران بنُ مَاثَانَ؛ بينهُ وبين عِمران أبي مُوسى عليه السلام ألفٌ وثَمانُمائة سنةٍ.

الزمخشري في الكشاف: فإن قلت: كانت لعمران بن يصهر بنت اسمها مريم أكبر من موسى وهرون، ولعمران بن ماثان مريم البتول، فما أدراك أن عمران هذا هو أبو مريم البتول دون عمران أبي مريم التي هي أخت موسى وهرون؟ قلت: كفى بكفالة زكريا دليلاً على أنه عمران أبو البتول، لأن زكريا بن آذن وعمران بن ماثان كانا في عصر واحد.
البغوي في معالم التنزيل:
قوله تعالى: { إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ } وهي حنة بنت قافوذا أم مريم، وعمران هو عمران بن ماثان وليس بعمران أبي موسى عليه السلام، وبينهما ألف وثمانون سنة.
وبهذا يتضح لنا ولكل منصف بان عمران المذكور بالآية والذي هو والد مريم عليها السلام ليس هو نفسه بالطبع عمران - عمرام - والد موسى وهارون عليهما السلام ، حيث لم يصرح القرآن بهذا قط بل ورد به ما يصرف الذهن عن هذا نهائيا - معاصرة زكريا - بالاضافة الى ما ذكر من اقوال المفسرين تدعيما لما اقررناه.

مريم اخت هارون

قال تعالى:

(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُواْ يَمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّا ً27 يَأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمّكِ بَغِيّاً28 ) سورة مريم.

بثبوت ان مريم عليها السلام ابنة عمران ـ ولكنه ليس عمران نفسه والد موسى وهارون، كان هذا دليلا كافيا على ان القرآن الكريم لا يخلط بين مريم اخت موسى وهارون عليهما السلام الحقيقيه وبين مريم ام المسيح عليهما السلام ، فكما ان ذهن القارئ يصرف نهائيا عن الجمع بين مريم ابنة عمران اخت موسى وهارون الشقيقة وبين مريم ابنة عمران ام المسيح عليها السلام ، فانه حين يقرأ الآية الكريمة السابقة يعلم ان نعت مريم باخت هارون لا يعني نهائيا وصف مريم ام المسيح بانها اخت شقيقة لهارون اخو موسى عليهما السلام وسوف نزيد على هذا ما يلي:
اولا: كلمة اخ ، اخت ـ قد لا تعني بالضرورة الاشارة الى الاخ الشقيق او الاخت الشقيقة ، فقد ورد في كتاب الله تبارك وتعالي قوله (وَإِلَىَ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتّقُونَ) [سورة: الأعراف - الأية: 65]
كذلك: (وَإِلَىَ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيّنَةٌ مّن رّبّكُمْ هَـَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيَ أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة: الأعراف - الأية: 73]
وقوله: (وَإِلَىَ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَارْجُواْ الْيَوْمَ آلاَخِرَ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ) [سورة: العنكبوت - الأية: 36]
ولا يمكن ان يقول احد ان صالح عليه السلام كان اخ شقيق لقومه جميعا ، كذلك الحال مع هود وشعيب عليهما السلام، مما يتضح ان لفظة الاخوة ، لا تعني بالضرورة اخوة الاشقاء للوالدين احدهما او كليهما ، فقد تستخدم ايضا لنسب الشخص الى قومه ، وانحدار نسله منهم ، وهذا امر معروف، وقد ورد عن عبد الرحمن بن ابي بكر رضي الله عنهما كما ذكر البخاري في صحيحه ان ابا بكر دعى امراته باخت بني فراس [2] ، ولم يكن المعنى بالطبع انها شقيقة بني فراس باكملهم بل انها تنحدر من بني فراس او لها قرابة واصل فيهم.
بل ان الاخوة قد تكون في الدين ايضا حتى بين الانساب والاجناس المختلفة كما قال الله تبارك وتعالى (إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ) [سورة: الحجرات - الأية: 10]

ثانيا: ان القرآن الكريم لم يصرح بان مريم ام المسيح عليهما السلام اخت شقيقة لهارون اخو موسى عليهما السلام بل على العكس ورد في القرآن ما يصرف الذهن عن هذا كما اوضحنا برد مريم عليها السلام لعصر زكريا ويحيا عليهما السلام وليس لعصر موسى وهارون عليهما السلام كما اشرنا، بالاضافة الى ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقر على ان المقصود باخوة مريم عليها السلام لهارون انها اخت شقيقة ، كما اورد مسلم في صحيحه :
5721 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِىُّ - وَاللَّفْظُ لاِبْنِ نُمَيْرٍ - قَالُوا حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِى فَقَالُوا إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ يَا أُخْتَ هَارُونَ وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا . فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ « إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ » .
فكما نرى فان النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه مبينا لتنزيل رب العالمين قد اوضح ان المعنى المقصود انهم كانوا يسمون بانبيائهم والصالحين فيهم ، فقد صرف الذهن هنا عن جعل مريم في الآية اخت شقيقة لهارون عليه السلام.

ثالثا: حين تناولت التفاسير هذه الآية الكريمة لم يتم التصريح بان مريم ام المسيح عليهما السلام هي اخت شقيقة لهارون عليه السلام بل ان التفاسير انكرت هذا الامر واوضحت ان المقصود بالاخوة هنا قد يعني انها نسبت لهارون عليه السلام لانها كانت من نسله ، او انها نسبت لاخ لها من ابيها كان يسمى هارون ، او نسبت لاحد الصالحين في زمانها يدعى هارون فان اليهود كانوا يسمون انبيائهم والصالحين فيهم كما ورد بالحديث ، او نسبوها للفساق من قوم هارون ، واخيرا انه قد يكون اشتهر بزمانها رجل فاسق دعي هارون فارادوا ان يسنبوها اليه لاعتقادهم بانها اتت فاحشة ، ومن يتتبع التفاسير يجد هذه الاقوال وسوف نورد على سبيل المثال ما ذكره ابن الجوزي في زاد المسير حيال هذا الامر:
قوله تعالى: { يا أخت هارون } في المراد بهارون هذا خمسة أقوال.
أحدها: أنه أخ لها من أُمِّها، وكان من أمثل فتى في بني إِسرائيل، قاله أبو صالح عن ابن عباس. و قال الضحاك: كان من أبيها وأُمِّها.
والثاني: أنها كانت من بني هارون، قاله الضحاك عن ابن عباس. وقال السدي: كانت من بني هارون أخي موسى عليهما السلام، فنُسبت إِليه، لأنها من ولده.
والثالث: أنه رجل صالح كان في بني إِسرائيل، فشبَّهوها به في الصلاح، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً، وقتادة، ويدل عليه ما روى المغيرة بن شعبة قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى أهل نجران، فقالوا: ألستم تقرؤون: «يا أخت هارون» وقد علمتم ما كان بين موسى وعيسى؟ فلم أدرِ ما أُجيبهم، فرجعت إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فقال: «ألا أخبرتَهم أنهم كانوا يسمُّون بأنبيائهم والصالحين قبلَهم» ". والرابع: أن قوم هارون كان فيهم فُسَّاق وزُنَاةٌ، فنسبوها إِليهم، قاله سعيد بن جبير.

والخامس: أنه رجل من فُسَّاق بني إِسرائيل شبَّهوها به، قاله وهب بن منبِّه.
فكما رأينا لم يقل احد من المعتد بقولهم في هذا الامر بان مريم اخت شقيقة لهارون عليه السلام ، بل ان جميع الاقوال على اختلافها لم تنسب مريم شقيقة مباشرة لهارون اخو موسى عليهما السلام.

مريم من نسل هارون


بحسب الكتاب المقدس

كما اشرنا سلفا بان المعنى المصاحب لاخوة مريم عليها السلام لهارون عليه السلام قد يكون بسبب انحدار مريم عليها السلام من نسل هارون، الامر الذي انكره العديد من عوام المسيحية واقول عوام المسيحية لان الدارسين للكتاب المقدس يعلمون جيدا ان مريم لها نسل كهنوتي يمتد لهارون الكاهن ، وحتى لا يكون الكلام مرسلا سوف نورد دليلا كتابيا من الكتاب المقدس يوضح ان مريم كان لها نسلا هارونيا، حيث ان مريم كانت قريبة لالياصابات زوجة زكريا الكاهن ، وقد كانت الياصابات من بنات هارون كما ورد بالكتاب المقدس بانجيل لوقا لو 1:5 كان في ايام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة ابيا وامرأته من بنات هرون واسمهااليصابات.
يقول الاب متى المسكين تعليقا على هذا النص: وكان يتحتَّم على الكاهن أن يتزوَّج عذراء من إسرائيل (لا 7:21)، ولكن أن يتزوَّج بنت كاهن فكان هذا امتيازاً([3])، كما كان حظ زكريا الكاهن. وقول ق. لوقا “بنت هارون” يعني بها بنت كاهن، وكان اسمها أليصابات وربما كان معناه الرب نصيـبي. وللمناسبة البديعة فامرأة هارون أخي موسى كان اسمها أليشابع الذي هو أصل اسم أليصابات (خر 23:6).
فكما نلاحظ فان النص يقول ان الياصابات كانت من بنات هارون ، فهل قام احد من المسلمين وقال ان هذا خطأ تاريخي؟؟ وان الياصابات بينها وبين هارون سنين عديدة، ان المعنى واضح بان المقصود انها من نسل الكهنة من نسل هارون ، ومن له اذنان للسمع فليسمع.
وقد اوضح كاتب انجيل لوقا ان الياصابات التي من بنات هارون هي قريبة لمريم ام المسيح عليهما السلام حين ذكر في معرض كلام الملاك جبرائيل بحسب ترجمة الفانديك :
لو 1:36 وهوذا اليصابات نسيبتك هي ايضا حبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا.
وقد وردت لفظة قريبتك بدلا من نسيبتك في ترجمات اخرى كترجمة الاخبار السارة والترجمة العربية المشتركة، من اجل توضيح صلة القرابة بين الياصابات وبين مريم .
وقد اقر من لديه علم بهذه المسالة بان مريم عليها السلام كان لها نسلا هارونيا وفقا لما ذكر في نص انجيل لوقا السابق الاشارة اليه ، واوضحوا ان هذا لا يتنافى مع كونها تنحدر من نسل داود ايضا ، حيث اوضحوا ان مريم بنت داود من جهة الاب وابنة هارون من جهة الام :
يقول ادم كلارك في تفسيره تعليقا على نص لوقا 1:36 (( هاهي قريبتك الياصابات الكلمة اليونانية συγγενης ، ولان الياصابات كانت من سبط لاوي لوقا 1:5 ومريم كانت من سبط يهوذا ، فانهم لا يمكن ان يكونا اقرباء الا عن طريق الام.))


Luk 1:36


Thy cousin Elisabeth - Thy kinswoman, συγγενης. As Elisabeth was of the tribe of Levi, Luk_1:5, and Mary of the tribe of Judah, they could not be relatives but by the mother’s side



كما ورد ايضا بالتفسير المسيحي القديم[4] : (( يسوع من سبطين ملكوي وكهنوتي ، بيدي : لما ظهر الوسيط بين الله والناس في العالم ، كان من اللائق ان يكون نسبه من سبطين ، لانه في ناسوته الذي اتخذه كان كاهنا وملكا))


كما ورد ايضا بكتاب السنكسار الخاص بالكنيسة المصرية الارثوذوكسية تحت التاريخ 11 من شهر هاتور:

11 شهر هاتور


نياحة القديسة حنة والدة القديسة العذراء القديسة مريم (11 هاتور)

في مثل هذا اليوم تنيحت القديسة البارة التقية حنة والدة السيدة العذراء القديسة مريم والدة الإله، وكانت هذه الصديقة ابنة لماثان بن لاوي بن ملكي من نسل هارون الكاهن، واسم أمها مريم من سبط يهوذا، وكان لماثان هذا ثلاث بنات الأولى مريم باسم والدتها وهي أم سالومي القابلة، والثانية صوفية أم أليصابات والدة القديس يوحنا المعمدان، والثالثة هي هذه القديسة حنة زوجة الصديق يواقيم من سبط يهوذا ووالدة السيدة العذراء القديسة مريم أم مخلص العالم، بذلك تكون السيدة البتول وسالومي وأليصابات بنات خالات، وإن كنا لا نعلم عن هذه الصديقة شيئا يذكر، إلا إن اختيارها لتكون أما لوالدة الإله بالجسد لهو دليل علي ما كان لها من الفضائل والتقوى التي ميزتها عن غيرها من النساء حتى نالت هذه النعمة العظيمة، وإذ كانت عاقرا كانت تتوسل إلى الله إن ينزع هذا العار، فرزقها ابنة قرت بها عيناها وأعين كل البشر، هي العذراء مريم أم مخلص العالم، شفاعتها تكون معنا امين.

وبهذا رأينا ان مريم عليها السلام لها نسل هاروني من جهة الام - بحسب التفسيرات المسيحية - فقد اوضحنا بان مريم عليها السلام من جهة الاب هي ابنة داود - نسل ملوكي - وبانها بحسب الام هي ابنة هارون - نسل كهنوتي ، فقد جمعت مريم عليها السلام وفقا لهذا بين نسل الملوك والكهنة كما اشار السنكسار فيما ذكرنا سلفا ـ وبهذا لا يستطيع احد ان ينكر تسمية مريم باخت هارون ، على ان المعنى اي التي لها نسل يمتد لهارون الامر الذي تم توضيحه بنص الكتاب واستشهادات علماء مسيحيين.

وان سأل سائل ، ان كانت في الاصل بحسب الاب هي من نسل داود فلماذا يقال لها يا اخت هارون ، اي ان الابن ينسب في الاصل لابيه لا لامه، فلماذا يقال لها يا اخت هارون وليس يا اخت داود مثلا، او بمعنى ادق ان كانت مريم من نسل داود وهارون معا فلماذا اختار اليهود هارون بالذات مع انه الابعد لانه من جانب الام ؟؟

نقول ان اجابة هذا السؤال قد تكون بين طيات الكتاب المقدس نفسه ، فان اليهود اعتقدوا ان مريم اتت بفاحشة الزنا فارادوا ان يقولوا لها انتي المنحدرة من نسل الكهنة بحسب الام وابوك وامك لم يكونا زناه كيف يصدر منك هذا ، لذلك اختاروا نسبها لهارون لا لداود ، فالملوك قد يصدر منهم امور كهذه اما الكهنة هم الذين نذروا انفسهم للرب بعيدا جدا عنهم هذا الامر في الاصل، والحقيقة ان الكتاب المقدس قد نسب فعلة الزنا هذه لداود عليه السلام - الرواية الكتابية فقط - فقد ورد في العهد القديم بسفر صمويل الثاني في الاصحاح الحادي عشر تحديدا حادثة زنا داود بــ بثشبع امراة اوريا الحثي ، وكيف انه حين حسنت المرأة في عينيه اخذها وزنا بها دون ان يراعي حرمة هذا الفعل ولا حتى انها متزوجة من رجل اخر، ثم حين حملت المراة واخبرته بحملها كيف انه قد ارسل زوجها بتوصية ليكون في مقدمة الجيش حتى يقتل من قريب، فيستطيع هو الاستمتاع بهذه المراة دون منغص :

سفر صمؤيل الثاني الاصحاح الحادي عشر:

1 وكان عند تمام السنة في وقت خروج الملوك ان داود ارسل يوآب وعبيده معه وجميع اسرائيل فاخربوا بني عمون وحاصروا ربّة.واما داود فاقام في اورشليم.
2 وكان في وقت المساء ان داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحمّ.وكانت المرأة جميلة المنظر جدا.
3 فارسل داود وسأل عن المرأة فقال واحد أليست هذه بثشبع بنت اليعام امرأة اوريا الحثّي.
4 فارسل داود رسلا واخذها فدخلت اليه فاضطجع معها وهي مطهّرة من طمثها.ثم رجعت الى بيتها.
5 وحبلت المرأة فارسلت واخبرت داود وقالت اني حبلى.
6 فارسل داود الى يوآب يقول ارسل اليّ اوريا الحثي.فارسل يوآب اوريا الى داود.
7 فأتى اوريا اليه فسأل داود عن سلامة يوآب وسلامة الشعب ونجاح الحرب.
8 وقال داود لاوريا انزل الى بيتك واغسل رجليك.فخرج اوريا من بيت الملك وخرجت وراءه حصة من عند الملك.
9 ونام اوريا على باب بيت الملك مع جميع عبيد سيده ولم ينزل الى بيته.
10 فاخبروا داود قائلين لم ينزل اوريا الى بيته.فقال داود لاوريا اما جئت من السفر.فلماذا لم تنزل الى بيتك.
11 فقال اوريا لداود ان التابوت واسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء وانا آتي الى بيتي لآكل واشرب واضطجع مع امرأتي.وحياتك وحياة نفسك لا افعل هذا الامر.
12 فقال داود لاوريا اقم هنا اليوم ايضا وغدا اطلقك.فاقام اوريا في اورشليم ذلك اليوم وغده.
13 ودعاه داود فاكل امامه وشرب واسكره.وخرج عند المساء ليضطجع في مضجعه مع عبيد سيده والى بيته لم ينزل
14 وفي الصباح كتب داود مكتوبا الى يوآب وارسله بيد اوريا.
15 وكتب في المكتوب يقول.اجعلوا اوريا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت.
16 وكان في محاصرة يوآب المدينة انه جعل اوريا في الموضع الذي علم ان رجال البأس فيه.
17 فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب فسقط بعض الشعب من عبيد داود ومات اوريا الحثّي ايضا.
18 فارسل يوآب واخبر داود بجميع امور الحرب.
19 واوصى الرسول قائلا عندما تفرغ من الكلام مع الملك عن جميع امور الحرب
20 فان اشتعل غضب الملك وقال لك لماذا دنوتم من المدينة للقتال.اما علمتم انهم يرمون من على السور.
21 من قتل ابيمالك بن يربوشث.ألم ترمه امرأة بقطعة رحى من على السور فمات في تاباص.لماذا دنوتم من السور.فقل قد مات عبدك اوريا الحثي ايضا
22 فذهب الرسول ودخل واخبر داود بكل ما ارسله فيه يوآب.
23 وقال الرسول لداود قد تجبر علينا القوم وخرجوا الينا الى الحقل فكنا عليهم الى مدخل الباب.
24 فرمى الرماة عبيدك من على السور فمات البعض من عبيد الملك ومات عبدك اوريا الحثي ايضا.
25 فقال داود للرسول هكذا تقول ليوآب.لا يسوء في عينيك هذا الامر لان السيف ياكل هذا وذاك.شدد قتالك على المدينة واخربها.وشدّده
26 فلما سمعت امرأة اوريا انه قد مات اوريا رجلها ندبت بعلها.
27 ولما مضت المناحة ارسل داود وضمها الى بيته وصارت له امرأة وولدت له ابنا.واما الامر الذي فعله داود فقبح في عيني الرب

وقد ولدت هذه المراة لداود سليمان وانحدر منه بهذا النسل المذكور بانجيل متى


1:6 ويسى ولد داود الملك.وداود الملك ولد سليمان من التي لأوريا.

فقد كان هذا هو السبب الذي لم يجعل اليهود يرجعوها لنسب داود فكيف يستقيم المعنى بانهم كانوا يقولوا لها انتي التي انحدرتي من نسل الشرفاء كيف تاتي بهذا الفعل ، مع ان يشبهوها بنسل رجل قد فعل فاحشة الزنا المثبتة في الكتب المقدسة، لذلك قد ارجعوها لنسب الكهنة التي تنتمي اليه ايضا من جهة الام.