تمهيد

إعلم أرشدك الله تعالى , أنه لابد من توافر العديد من الشروط والضوابط للتأكد من صحة ما نُسب إلى أنبياء الله من كتاب أو سفر , وهى :

1- أن تُعلم نبوة المنقول عنه .
2- أن يُعلم لفظه الذي تكلم به .
3- ثبوت الإسناد ودلالة المتن .
4- أن يُعلم ما ذكروه ترجمة صحيحة عن هذا النبي في حال وقوع الترجمة إلى لغة أخرى غير لغة هذا النبي .
5- أن يُعرف حال المترجم وبره وصلاحه وتقواه ومدى إتقانه للغتين ( اللغة المتَرجمة والمتَرجم إليها ) . ( الجواب الصحيح 2 / 40 , 58 بتصرف ) .

وذلك أن يثبت أولاً بدليل واضح قاطع أن هذا الكتاب قد كتب بواسطة النبي فلان , ووصل إلينا بالسند المتصل بلا تغيير أو تبديل عن طريق من كانوا شهودًا للأحداث , ثم عن طريق تابعيهم , ثم عن طريق تابعي تابعيهم وهكذا, على أن لا يخالف كل منهم الأخر في روايته , والإستناد الي شخص ذو إلهام بمجرد الظن والوهم لا يكفي في إثبات أن المؤَلف من تصنيف ذلك الشخص .
فإن ثبت وجود سند متصل يكون الرسول المرسل بهذا الكتاب منتهاه , فلابد من التحقق من هذا السند .
والسند أو الإسناد : هم رواة الحديث الذين نقلوه إلينا .
واتصال السند : هو أن يتلقى الحديث كل راوٍ ممن روى عنه مباشرة , ويجب مع ذلك توافر الأتي :

1- ثبوت معاصرة ومقابلة الراوي لمن روى عنه بأدلة دامغة ( أدلة مكانية وزمانية وتاريخية ) .

2- إستقامة الدين والمروءة للراوي .
أما استقامة الدين فهى : أن يتميز الراوي بأداء الواجبات واجتناب ما يوجب الفسق والمحرمات.
وأما استقامة المروءة فهى : أن يفعل الراوي ما يحمده الناس عليه من الأداب والأخلاق وأن يترك ما يذمه الناس عليه من ذلك , فإن تبين أن الراوي فاسق أو سييء الحفظ أو صاحب بدعة تخالف ما جاء به النبي المرسل , فهذا لا تقبل روايته.

3- إتصال الأزمنة بين طبقات الرواة .

يقول الشيخ/ محمد رشيد رضا : ( فإن التواتر عبارة عن إخبار عدد كثير لا يُجَوز العقل إتفاقهم وتواطأهم على الكذب بشيء قد أدركوه بحواسهم إدراكا صحيحًا لا شبهة فيه , وكان خبرهم بذلك متفقًا لا اختلاف فيه , هذا إذا كان التواتر في طبقة واحدة رأوا بأعينهم شيئًا وأخبروا به , فإن كان التواتر في طبقات كان ما بعد الأولى مخبرًا عنها , ويشترط أن يكون أفراد كل طبقة لا يجوز عقل عاقل تواطأهم على الكذب في الإخبار عمن قبلهم , وأن يكون كل فرد من كل طبقة قد سمع جميع الأفراد الذين يحصل بهم التواتر ممن قبلهم , وأن يتصل السند هكذا إلى الطبقة الأخيرة , فإن اختل شرط من هذه الشروط لا ينعقد التواتر ) ( عقيدة الصلب والفداء ص 29).

وأنى للنصارى بمثل هذا التواتر , والذين كتبوا الأسفار والأناجيل والرسائل المعتمدة عندهم لا يبلغون عدد التواتر , ولا يُعلم أسماءهم , ولم يخبر أحد منهم عن مشاهدة , ومن تُنقل عنه المشاهدة لم يُؤمن عليه الإشتباه والوهم والتناقض والشك , بل ويصل انقطاع السند عندهم إلى مئات السنين ! ( المصدر السابق ) .