أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون‏*‏ ‏*(‏ النحل‏:45)*‏
هذه الآية الكريمة جاءت في بداية الثلث الثاني من سورة النحل‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ وآياتها‏(128)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي النحل‏.‏
وتبدأ هذه السورة الكريمة بالتحذير من أهوال الآخرة‏,‏ ومن شناعة جريمة الشرك بالله‏(‏ تعالي‏)‏ فتقول‏:‏
أتي أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالي عما يشركون‏*(‏ النحل‏:1)‏

ثم تتابع بالتأكيد علي حقيقة الوحي الذي أنزله ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ علي الأنبياء والمرسلين الذين اصطفاهم لهداية الخلق إلي عبادته‏(‏ تعالي‏)‏ وحده‏,‏ وأن يحذروهم من مغبة الشرك به‏,‏ وفي ذلك تقول‏:‏
ينزل الملائكة بالروح من أمره علي من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون‏*‏
‏(‏النحل‏:2)‏

وتستعرض عددا من الآيات الكونية الدالة علي طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في الخلق‏,(‏ النحل‏:3‏ ــ‏16).‏ وتنتقل إلي تأكيد الفارق بين الخالق والمخلوقين فتقول‏:‏ أفمن يخلق كمن لا يخلق فلا تذكرون‏*‏ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم‏*‏ والله يعلم ما تسرون وما تعلنون‏*(‏ النحل‏:17‏ ـ‏19).‏
وتعاود إلي التأكيد علي وحدانية الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ وإلي استنكار جريمة الشرك به‏,‏ وإلي التحذير من كبر المستكبرين ومن أوزار المشركين‏(‏ النحل‏:20‏ ــ‏25)‏
وفي التأكيد علي أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ لاينزل عقابه بخلقه إلا نتيجة لمكرهم‏,‏ وكفرهم‏,‏ أو شركهم‏,‏ أو عصيانهم‏,‏ ومبارزتهم لله‏(‏ تعالي‏)‏ بالمعاصي‏,‏ فتقول‏:‏

قد مكر الذين من قبلهم فأتي الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لايشعرون‏*‏ ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء علي الكافرين‏*‏ الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ماكنا نعمل من سوء بلي إن الله عليم بما كنتم تعملون‏*‏ فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوي المتكبرين‏*(‏ النحل‏:26‏ ــ‏29)‏
وفي المقابل تذكر الآيات جزاء المتقين من عباد الله المؤمنين فتقول‏:‏ جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين‏*‏ الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون‏*‏
‏(‏النحل‏:31‏ ـ‏32)‏

وتعاود الآيات تبكيت المنكرين بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين‏)‏ وإلي تأكيد حقيقة أنه مانزل عقاب إلابذنب فتقول‏:‏
هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون‏*‏ فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ماكانوا به يستهزئون‏*(‏ النحل‏:34,33).‏

وتنعي الآيات علي الذين أشركوا والذين حرموا ما أحل الله وأحلوا حرماته‏,‏ إدعاءهم الكاذب بأن ذلك هو قدر الله عليهم‏,‏ وتنفي ذلك مؤكدة أنه ما علي الرسل إلا البلاغ المبين‏,‏ وأن الله قد بعث في كل أمة رسولا يأمرهم بعبادته وحده‏,‏ وباجتناب الطاغوت فكان من هذه الأمم من هدي الله ومن حقت عليه الضلالة‏,‏ وتدعو الخلق إلي السير في الأرض للاعتبار بعقاب المكذبين من الأمم السابقة‏.‏
ثم يتوجه الخطاب من الله‏(‏ تعالي‏)‏ إلي خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في شأن المكذبين بالبعث فيقول‏:‏ إن تحرص علي هداهم فإن الله لايهدي من يضل وما لهم من ناصرين‏*‏ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لايبعث الله من يموت بلي وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون‏*‏ ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين‏*‏ إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون‏*‏
‏(‏النحل‏:37‏ ــ‏40).‏

وتؤكد الآيات أن الذين اضطروا إلي الهجرة من ديارهم فرارا بدينهم من ظلم جبابرة الأرض وعتاتها سوف يعوضهم الله‏(‏ تعالي‏)‏ في الدنيا‏,‏ ويضاعف لهم الأجر في الآخرة‏,‏ وفي ذلك تقول الآيات‏:‏
والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون‏*‏ الذين صبروا وعلي ربهم يتوكلون‏*(‏ النحل‏:42,41).‏

وتعاود الآيات توجيه الخطاب لرسول الله مؤكدة وحدة رسالة السماء‏,‏ وبشرية كل الأنبياء‏,‏ وتكامل الوحي في القرآن الكريم وفي سنته‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ومحذرة من عقاب الله‏(‏ تعالي‏)‏ للذين يمكرون المكر السيئ فتقول‏:‏
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون‏*‏ بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون‏*‏ أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لايشعرون‏*‏ أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين‏*‏ أو يأخذهم علي تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم‏*‏
‏(‏النحل‏:43‏ ــ‏47).‏

وتجزم الآيات بأن كل ما له ظل من خلق الله تعالي‏(‏ كالجمادات والنباتات والحيوانات‏)‏ تتحرك ظلاله منقادة لأمر الله‏(‏ تعالي‏)‏ في نمط من العبادة التسخيرية التي فطرت عليها‏,‏ وهي خاضعة في ذلك خضوع الطاعة والذل لله الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ وليس هذا فقط بل إن جميع من في السماوات والأرض من ملائكة ودواب يسجد لله‏(‏ سبحانه‏)‏ إيمانا به وطاعة له ورهبة لجلاله‏.‏ وفي ذلك تقول الآيات‏:‏
أو لم يروا إلي ما خلق الله من شيء يتفيأوا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون‏*‏ ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لايستكبرون‏*‏ يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون‏*‏
‏(‏النحل‏:48‏ ــ‏50).‏

وتعاود الآيات في سورة النحل النهي عن الشرك بالله‏(‏ تعالي‏)‏ نهيا قاطعا‏,‏ مؤكدة وحدانيته المطلقة فوق جميع خلقه‏,‏ وجازمة بضرورة رهبة الخلق لله‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ الذي له ملك السماوات والأرض‏,‏ وله الدين وحده دائما‏,‏ خالصا وواجبا‏,‏ لأنه صاحب النعم علي جميع خلقه‏,‏ وكاشف الضر عنهم إذا مسهم وجأروا إليه بالشكوي‏,‏ وإن كان فريق من عباده يعاود الشرك بمجرد كشف الضر عنه‏,‏ وهؤلاء تتهددهم الآيات بعذاب الآخرة فتقول‏:‏ وقال الله لاتتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون‏*‏ وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون‏*‏ وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون‏*‏ ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون‏*‏ ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون‏*‏ ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون‏*(‏ النحل‏:51‏ ــ‏56).‏
وتعيب الآيات علي المشركين جعل نصيب مما رزقهم الله لأوثانهم تقربا بها‏,‏ ويقسم ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بذاته العلية بأنه سوف يسألهم عما كانوا يفترونه من الكذب ويختلقونه من الباطل وسوف يجازيهم عليها الجزاء الأوفي‏.‏ وتستنكر الآيات بعد ذلك زعم الكفار والمشركين أنوثة الملائكة‏,‏ وادعاءهم الباطل أنهم بنات الله‏(‏ تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا‏),‏ في الوقت الذي يختصون أنفسهم بالذكور من الأولاد‏.‏ وذلك انطلاقا من كراهيتهم الجائرة للإناث إلي درجة أنهم كانوا يئدونهن أحياء كما تقول الآيات‏:‏
وإذا بشر أحدهم بالأنثي ظل وجهه مسودا وهو كظيم‏*‏ يتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون‏*‏ للذين لايؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلي وهو العزيز الحكيم‏*‏ ولو يؤاخد الله الناس بظلمهم ماترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلي أجل مسمي فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون‏*‏ ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسني لاجرم أن لهم النار وأنهم مفرطون‏*‏
‏(‏النحل‏:58‏ ــ‏62).‏

ثم تعاود الآيات توجيه الخطاب إلي خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ فتقول‏:‏
تالله لقد أرسلنا إلي أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم‏*‏ وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدي ورحمة لقوم يؤمنون‏*‏
‏(‏النحل‏:64,63).‏

وتعاود سورة النحل عرض عدد من آيات الله في الخلق ومن أفضاله علي خلقه‏,‏ وتعتب علي الضالين من عباده الكفر بنعمائه‏,‏ والإيمان بالباطل والصد عن الله‏(‏ تعالي‏)‏ أو الشرك به وفي ذلك تقول‏:‏
‏...‏ أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون‏*‏ ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون‏*‏ فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لاتعلمون‏*‏
‏(‏النحل‏:72‏ ــ‏74).‏

وتقارن الآيات بعد ذلك بين حقيقة التوحيد الخالص لله‏(‏ تعالي‏),‏ وفلاح الموحدين من جهة‏,‏ وبين فساد الشرك وهلاك المشركين من جهة أخري‏,‏ مؤكدة أن الغيب المطلق في السماوات والأرض لايعلمه إلا الله‏(‏ تعالي‏),‏ وأن من هذا الغيب المطلق أمر الساعة التي لا تأتي إلا بغتة‏,‏ وفي ذلك تقول الآيات‏:‏
ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله علي كل شئ قدير‏*.(‏ النحل‏:77).‏
وتجدد الآيات في سورة النحل استعراض عدد من آيات الله في الخلق ومن نعم الله علي عباده‏(‏ النحل‏:78‏ ــ‏81)‏ ثم توجه الخطاب إلي خاتم أنبياء الله ورسله وإلي كل حامل للواء دعوته من بعده‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ مهونا عليه وعليهم كفر الكافرين وشرك المشركين فتقول‏:‏
فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين‏*‏ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون‏*‏ ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لايؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون‏*‏ وإذا رأي الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولاهم ينظرون‏*‏ وإذا رأي الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون‏*‏ وألقوا إلي الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون‏*‏ الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون‏*‏ ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا علي هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدي ورحمة وبشري للمسلمين‏*‏
‏(‏النحل‏:82‏ ــ‏89).‏

وتستطرد الآيات بعد ذلك بعدد من القواعد الرئيسية لمكارم الأخلاق‏,‏ والضوابط الربانية للسلوك البشري الراقي فتقول‏:‏
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون‏*‏ وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون‏*‏ ولاتكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربي من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ماكنتم فيه تختلفون‏*‏ ولوشاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون‏*‏ ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم‏*‏ ولاتشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إن ما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون‏*.(‏ النحل‏:90‏ ــ‏95).‏

وتحض الآيات علي العمل الصالح فتقول‏:‏
من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون‏*‏
‏(‏ النحل‏:97).‏

ويأمر ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كما يأمر كل مسلم ومن بعده إلي يوم الدين أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قبل البدء بقراءة القرآن الكريم‏,‏ مؤكدا أن الشيطان‏:...‏ ليس له سلطان علي الذين آمنوا وعلي ربهم يتوكلون‏*‏ إنما سلطانه علي الذين يتولونه والذين هم به مشركون‏*‏
‏(‏النحل‏:100,99).‏

وتلمح الآيات بعد ذلك إلي إمكانية نسخ أية بآية أخري‏,‏ مما أثار ــ ولايزال يثير ــ احتجاج بعض الكافرين لأنهم لايعلمون حقيقة وحي السماء بالقرآن الكريم‏,‏ فادعوا ــ ولايزالون يدعون ــ أن بشرا قد علمه لرسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وترد عليهم الآيات بقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لايعلمون‏*‏ قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدي وبشري للمسلمين‏*‏ ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين‏*‏ إن الذين لايؤمنون بآيات الله لايهديهم الله ولهم عذاب أليم‏*‏ إنما يفتري الكذب الذين لايؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون‏*.‏
‏(‏النحل‏:101‏ ــ‏105).‏

وتؤكد الآيات بعد ذلك أن الذين ينطقون بالكفر بعد الإيمان عليهم غضب من الله‏,‏ إلا من أكره وقلبه عامر بالإيمان فذلك ناج من غضب الله‏.‏ أما أولئك الذين تنشرح قلوبهم للكفر فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم‏.‏ وتعلل الآيات حكم الله فيهم بقوله‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا علي الآخرة وأن الله لايهدي القوم الكافرين‏*‏ أولئك الذين طبع الله علي قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون‏*‏ لاجرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون‏*.‏
‏(‏النحل‏:107‏ ــ‏109).‏

وفي المقابل تمتدح الآيات مواقف المجاهدين الصابرين فتقول‏:‏ ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم‏*‏ يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفي كل نفس ماعملت وهم لايظلمون‏*.‏
‏(‏ النحل‏:111,110).‏

وفي إعادة التأكيد علي أنه مانزل عقاب من الله‏(‏ تعالي‏)‏ إلا بذنب تقول الآيات في سورة النحل‏:‏ وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف‏.‏ بما كانوا يصنعون‏*‏ ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون‏*‏
‏(‏ النحل‏:113,112).‏
وتعرض الآيات في خواتيم سورة النحل للمحرمات من الطعام‏,‏ آمرة بالأكل من طيبات ما أحل الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ ومؤكدة أن التحليل والتحريم من سلطات الله‏(‏ تعالي‏)‏ وحده‏,‏ ولايتجرأ علي ذلك أحد من دون أمر الله إلا كاذب‏,‏ وهؤلاء الذين يفترون الكذب علي الله‏(‏ سبحانه‏)‏ لايفلحون في الدنيا ولا في الآخرة‏,‏ فمتاعهم في الدنيا قليل ولهم في الآخرة عذاب أليم‏,‏ ذلك لأنهم كذبوا علي الله‏:‏ وخالفوا أوامره‏,‏ وحرفوا دينه‏,‏ واشتروا به ثمنا قليلا‏,‏ ولذلك حرم الله‏(‏ تعالي‏)‏ عليهم من الطعام ماكان مباحا لهم من قبل بسبب تماديهم في الشر‏,‏ وتجاوزهم حدود الله‏(‏ تعالي‏):...‏ وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون‏*‏
‏(‏النحل‏:118).‏

وتؤكد الآيات أن الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون بعد ذلك ويصلحون فإن الله‏(‏ تعالي‏)‏ لغفور رحيم‏.‏
وقبل أن تختتم سورة النحل تعرض لشئ من ذكر أبي الأنبياء ابراهيم‏(‏ عليه السلام فتقول‏:‏
إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين‏*‏ شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلي صراط مستقيم‏*‏ وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين‏*‏
‏(‏النحل‏:121,120).‏

وتأمر الآيات خاتم الأنبياء والمرسلين باتباع ملة إبراهيم علي التوحيد الخالص فتقول‏:‏ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين‏*(‏ النحل‏:123).‏ وتعيب الآيات علي اليهود اختلافهم في يوم عبادتهم الأسبوعية فتقول‏:‏
إنما جعل السبت علي الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون‏*(‏ النحل‏:124).‏

وتختتم سورة النحل بأمر من الله‏(‏ تعالي‏)‏ إلي خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ فتقول ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين‏*‏ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين‏*‏ واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولاتك في ضيق مما يمكرون‏*‏ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون‏*.(‏ النحل‏:125‏ ــ‏128).‏
هذا وقد سبق لنا تلخيص كل من ركائز العقيدة‏,‏ ومكارم الأخلاق التي تدعو إليها سورة النحل وكذلك الإشارات الكونية التي جاءت فيها ولا أري ضرورة لإعادة ذلك هنا‏,‏ ولكني سوف أركز علي الآيات‏(45‏ ـ‏47)‏ ومابها من حقائق‏.‏

من الدلالات العلمية للآيات الكريمة
تشير هذه الآيات الكريمة إلي حقيقة قرآنية مؤداها أن المكر السيئ من العباد يستوجب غضب الله‏(‏ تعالي‏)‏ عليهم‏,‏ كما يستوجب نزول عقابه بهم‏,‏ وقد حدث ذلك مع جميع الأمم السابقة‏,‏ كما يحدث في كل عصر وفي كل زمان ومكان‏,‏ ويبقي حكما إلهيا إلي قيام الساعة لخصه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في عشرات الآيات القرآنية الكريمة وجمعه في قوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لايشعرون‏*‏ أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين‏*‏ أو يأخذهم علي تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم‏*‏
‏(‏النحل‏:45‏ ــ‏47)‏

ومع إيماننا الراسخ بكل صور العقاب التي ينزلها الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالعاصين من عباده نؤمن كذلك بأن الله تعالي ينزل قضاءه بالصالحين إبتلاء لهم‏,‏ وتزكية لنفوسهم‏,‏ ورفعا لدرجاتهم‏,‏ وتكفيرا عن خطاياهم وتطهيرا لهم من ذنوبهم‏,‏ وكل بني آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون‏,‏ وفي كلتا الحالتين لابد وأن يكون في كل من عقاب العاصين وابتلاء الصالحين عبرة للناجين‏,‏ وفي القديم قيل‏:‏ إجعل من أخطاء غيرك عبرا لنفسك فليس في العمر متسع كي تجعل من أخطائك أنت عبرا لنفسك‏.‏
وهذه الحقيقة القرآنية جاءت في عدة مواضع مختلفة من هذه السورة الكريمة نختار منها مايلي‏:‏
‏*‏ قد مكر الذين من قبلهم فأتي الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لايشعرون‏*‏
‏(‏ النحل‏:26)‏

وهذه الآية الكريمة قيل في أسباب نزولها أنها جاءت في نفر من قادة الكفر في القديم‏,‏ وغيرهما من زعماء الكفر بالله أو الشرك به‏,‏ ولكن لما كانت العبرة في القرآن الكريم هي بعموم اللفظ لابخصوص السبب‏,‏ ولما كان النص القرآني غير محدود بزمن‏,‏ وكان الوصف القرآني في هذه الآية الكريمة ينطبق انطباقا دقيقا علي ما تحدثه زلازل الدنيا كان الحكم فيها عاما ينطبق علي كل زمان ومكان‏.‏ بدليل الآيات التالية مباشرة والتي تقول‏:‏
‏*‏ ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء علي الكافرين‏*‏ الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلي إن الله عليم بما كنتم تعملون‏*‏ فأدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوي المتكبرين‏*(‏ النحل‏:27‏ ـ‏29).‏

‏*‏ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون‏*‏ فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون‏*(‏ النحل‏:34,33).‏
‏*..‏ فمنهم من هدي الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين‏*(‏ النحل‏:36).‏
‏*‏ وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون‏*‏ ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون‏*‏
‏(‏ النحل‏:113,112)‏

‏*..‏ إن الذين يفترون علي الله الكذب لايفلحون‏*‏ متاع قليل ولهم عذاب أليم‏*‏ وعلي الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون‏*‏
‏(‏النحل‏:117,116)‏

انطلاقا من هذه الآيات القرآنية الكريمة فإن حدثا مثل زلزال جنوب آسيا لايخرج عن كونه عقابا للعاصين‏,‏ وابتلاء للصالحين وعبرة للناجين‏.‏
ففي نحو الثامنة من صباح الأحد‏1425/11/14‏ هـ‏(2004/12/26‏ م‏)‏ بتوقيت جاكرتا ضرب زلزال عنيف عددا من دول جنوب آسيا قدرت قوته بنحو‏(8,9)‏ درجة علي مقياس ريختر المفتوح والمكون من‏(9)‏ درجات‏,‏ وكان مركز الزلزال علي عمق‏40‏ كم تحت قاع المحيط الهندي علي بعد‏250‏ كم الي الجنوب الشرقي من جزيرة سومطرة‏,1620‏ كم الي الشمال الغربي من مدينة جاكرتا‏.‏ وقدرت خسائر هذا الزلزال بأكثر من‏(295,000)‏ نفس‏,‏ ونحو مليون مصاب‏,‏ وأكثر من خمسة ملايين مشرد‏,‏ غير المفقودين الذين لم يتم حصر أعدادهم بعد‏,‏ وغير الخسائر المادية التي قدرت بعشرات المليارات من الدولارات‏.‏

وقد أتبع هذا الزلزال بعدد من الهزات الأرضية اللاحقة كما رافقته أعداد من الموجات البحرية المدمرة التي اشتهرت بالاسم الياباني تسونامي‏(Tsunami)‏ والتي تميزت بسرعاتها المذهلة التي وصلت الي نحو الألف كيلو متر في الساعة في موجات متلاحقة تتعدي أطوال الواحدة منها المائتي كيلو متر‏,‏ وارتفاعها العشرة أمتار‏,‏ واستمرت لفترات تراوحت بين بضع دقائق وعدة ساعات‏,‏ ظلت تضرب السواحل المكشوفة لاثنتي عشرة دولة ولمئات الجزر في المحيط الهندي مما أدي الي امتداد دمارها الي مسافات تقدر بآلاف الكيلو مترات من مصدرها الي داخل اليابسة فأغرقت ودمرت مساحات شاسعة من الجزر الاندونيسية‏,‏ تايلاند‏,‏ جزر المالديف وأرخبيلها‏,‏ وجزر إندامان‏,‏ ونيكوبار‏,‏ وسريلانكا‏,‏ وطالت شواطيء كل من ماليزيا والهند‏,‏ وعمان‏,‏ والشواطيء الشرقية للقارة الإفريقية‏,‏ وأغرقت القاعدة العسكرية الأمريكية في جزيرة ديبجو جارسيا‏(diegoGarcia)‏ في وسط المحيط الهندي‏,‏ والتي كانت تنطلق منها طائرات‏(‏ ب ـ‏52)‏ لضرب كل من أفغانستان والعراق‏.‏
وقد استمرت توابع هذا الزلزال الكبير لعدة أيام مما أسفر عن قطع الاتصالات في أغلب المناطق الساحلية المدمرة‏,‏ كانت منها هزات تجاوزت قوتها‏7‏ درجات علي مقياس ريختر‏.‏

وقد اعتبر هذا الزلزال بحق خامس أقوي زلزال منذ بداية القرن العشرين‏,‏ وثاني أقوي زلزال تشهده الأرض خلال نصف القرن الماضي بعد زلزال تشيلي الذي وقع في سنة‏1960‏ م‏,‏ وتجاوزت قوته مقياس ريختر لتسجل‏(9,5)‏ درجة علي هذا المقياس‏.‏
ومع فهمنا لميكانيكية حدوث الزلازل‏,‏ وتسليمنا بأن المنطقة تقع علي أخطر حزام زلزالي علي وجه الأرض‏,‏ ومع كون قلوبنا وعواطفنا مع المتضررين‏,‏ فإن ذلك لايخرج هذه الواقعة وأمثالها عن كونها جندا من جند الله يسلطها ربنا تبارك وتعالي عقابا للعاصين‏,‏ وابتلاء للصالحين‏,‏ وعبرة للناجين‏.‏
وذلك لأن الله‏(‏ تعالي‏)‏ يصف ذاته العلية بقوله‏(‏ عز من قائل‏):..‏ ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين‏*‏
‏(‏الأنعام‏:59).‏

فلا شيء في هذا الوجود يخرج عن علمه وإرادته وحكمته‏.‏ وفي الآيات‏(45‏ ـ‏47)‏ من سورة النحل تقرير عن حلم الله‏(‏ تعالي‏)‏ وإنظاره العصاة الذين يقترفون السيئات‏,‏ مع قدرته‏(‏ تعالي‏)‏ علي أن يخسف بهم الأرض‏,‏ أو يرسل عليهم العذاب من حيث لايشعرون‏,‏ أو يأخذهم أثناء تقلبهم في المعايش‏,‏ واشتغالهم بها في الأسفار وفي غير الأسفار‏,‏ بالليل أو بالنهار‏,‏ أو في حال تربصهم فزعا من أخذه‏,‏ فإن الأخذ في هذه الحالة يكون أبلغ وأشد‏,‏ والأخذ أصلا هو القهر والإهلاك‏,‏ وفي الآيات إنذار شديد‏,‏ وتهديد ووعيد من الله‏(‏ تعالي‏)‏ لهؤلاء المسرفين لأن الله‏(‏ تعالي‏)‏ الذي يصف ذاته العلية بأنه رءوف بعباده‏,‏ رحيم بهم‏,‏ هو في نفس الوقت شديد العقاب‏:...‏ وإن ربك لذو مغفرة للناس علي ظلمهم وان ربك لشديد العقاب‏*‏
‏(‏الرعد‏:6).‏

وعلي الرغم من أن هذه الآيات نزلت أصلا في كفار ومشركي قريش الذين مكروا برسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وتآمروا علي قتله أو سجنه أو إخراجه من مكة المكرمة قبل هجرته الشريفة إلي المدينة المنورة فإن حكمها يبقي عاما لكل مكان ولكل زمان حتي يبقي القرآن الكريم حاكما لحركة الحياة الي يوم الدين‏..!!‏
والأدلة علي غضب الله‏(‏ تعالي‏)‏ لانتهاك محارمه في القرآن الكريم وفي سنة خاتم المرسلين أكثر من أن تحصي ومنها ما يلي‏(‏ بالاضافة الي ماجاء في سورة النحل وذكر آنفا‏):‏

أولا‏:‏ من أقوال ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏*‏ فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون‏*‏
‏(‏العنكبوت‏:40)‏

‏*‏ وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا آو هم قائلون‏*‏ فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين‏*‏ الاعراف‏:5,4)‏
‏*..‏ ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون‏*(‏ الاعراف‏:96).‏
‏*‏ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير‏*‏
‏(‏الشوري‏:30).‏

‏*...‏ وما كنا مهلكي القري إلا وأهلها ظالمون‏*(‏ القصص‏:59).‏
‏*...‏ بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون‏*‏
‏(‏الأحقاف‏:35).‏

‏*...‏ فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين‏*(‏ الأنعام‏:6).‏
‏*‏ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القري وهي ظالمة‏*‏ إن أخذه أليم شديد‏*‏
‏(‏ هود‏:103,102)‏

ثانيا‏:‏ من أقوال خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏صلي الله عليه وسلم‏):‏
‏*‏ روي الإمام الترمذي عن رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏قوله‏:‏
إذا اتخذ الفيء دولا‏,‏ والأمانة مغنما‏,‏ والزكاة مغرما‏,‏ وتعلم لغير الدين‏,‏ وأطاع الرجل امرأته وعق أمه‏,‏ وأدني صديقه وأقصي أباه‏,‏ وظهرت الأصوات في المساجد‏,‏ وساد القبيلة فاسقهم‏,‏ وكان زعيم القوم أرذلهم‏,‏ وأكرم الرجل مخافة شره‏,‏ وظهرت القينات والمعازف‏,‏ وشربت الخمور‏,‏ ولعن آخر هذه الأمة أولها‏,‏ فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء‏,‏ وزلزلة‏,‏ وخسفا‏,‏ وقذفا‏,‏ وآيات تتتابع كنظام بال قطع سلكه فتتتابع‏.‏

‏*‏ وأخرج الامام البيهقي عن أبي هريرة‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ أنه قال‏:‏ رجفت الأرض علي عهد رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ فقال‏:‏ إن ربكم قد عتب عليكم فاعتبوه‏.‏
وأما الذين هلكوا من غير المفسدين في الأرض فقد سئل رسول الله‏(‏ صلوات الله وسلامه عليه‏)‏ عن أمثالهم فقيل له‏:‏ يارسول الله‏:‏ أنهلك وفينا الصالحون؟ قال‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏ نعم إذا كثر الخبث

وقد كثر الخبث‏,‏ فعلي عقلاء الناس أن يفيئوا الي رشدهم‏,‏ وأن يروا الأحداث في إطارها الصحيح بدلا من دفن الرؤوس في الرمال حتي يأتي أمر الله‏.‏ اللهم قد بلغت اللهم فاشهد وأنت خير الشاهدين وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏