عرض: نادية سعد - لواء الشريعة

ليس ثمة شك في أن النصارى حرصوا على نشر دينهم بين الناس، لاسيما في القرون المتأخرة، بعد أن صارت الديانة النصرانية المحرفة مطية جيدة؛ لبسط النفوذ السياسي أو النفوذ الفكري للدول النصرانية القوية على الشعوب الإسلامية، ولذلك نجد الجهود تتواصل، لتقوية برامج النشاط التنصيري في العالم الإسلامي، تحت مسميات مختلفة، وتنظيمات متنوعة، هدفها في النهاية واحد.


ولا يكاد بلد إسلامي يخلو من لون من ألوان النشاط التنصيري، لكنه يختلف من حيث الكثرة والقلة بحسب أهمية المنطقة والبلد الذي يوجد فيه ومنطقة الخليج العربي من المناطق الإستراتيجية في العالم أجمع، ولذلك فهي تحظى باهتمام خاص من المنصرين، لعلهم يظفرون فيها بأتباع ورعايا لكنائسهم، يكونون حجة لهم، للتدخل لحمايتهم عند الضرورة، ويكونون أيضًا ورقة ضغط على حكومات دول الخليج العربي، على اعتبار أنهم أقلية غير مسلمة تحتاج إلى رعاية خاصة عن بقية أفراد الشعب.


ومن ثم، يأتي كتاب (التنصير في الخليج العربي) للدكتور عبد العزيز بن إبراهيم العسكر، والذي نشر بالرياض في السعودية، يجمع فيه كاتبه شتات موضوع (التنصير في منطقة الخليج العربي)، ويقع الكتاب في ثلاثة أبواب كل باب يقع في أربعة فصول ، يسبقها تمهيد تحدث فيه عن أهمية منطقة الخليج العربي ومحاولات غزوها، وخاتمة ضمنها المؤلف أهم نتائج بحثه.


تحدث في الباب الأول: خلال أربعة فصول عن التنصير ووسائله وأهدافه في الفصل الأول، قام الكاتب بتحليل مصطلح التنصير وبيان مرادفاته، وبين أن التنصير لغة هو الدخول في النصرانية، وفي المحكم: الدخول في دين النصارى، ونصره : جعله نصرانيًا، وفي الحديث: كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه أو ينصرانه. أما التنصير اصطلاحًا: فهو حركة دينية سياسية استعمارية بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية، بغية نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث عامة، والمسلمين خاصة، بهدف إحكام السيطرة على تلك الشعوب.



وأكد أن ثمة ترابط واضح بين المعنيين اللغوي والاصطلاحي لكلمة أو مصطلح التنصير، فالمحصلة النهائية هي إدخال الناس في النصرانية، وحتى يتقبل الناس هذا العمل الجديد عليهم؛ سماه أهله التبشير، لما لهذه الكلمة من أثر جيد في النفوس، وهي أشهر كلمة مرادفه للتنصير، مع أنها في اللغة مأخوذة من البشرى والبشارة، وهي تكون بالخير، وقد تستعمل في الشر إذا قيدت به، كما قال تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: من الآية21]، ومن هنا يتضح أن استعمال التبشير اسمًا للتنصير هو من باب الخداع.




وفي الفصل الثاني: تحدث عن علاقة التنصير بالاستشراق، وبين أن التنصير والاستشراق كليهما دعامة الاستعمار في الشرق الإسلامي، وأن الاستشراق يسبق التنصير في الدخول إلى بلاد المسلمين وأفكارهم، بسبب تسربله بسربال البحث والعلم، وهو أكبر ممهد لجهود التنصير، لكون المنصرين يستفيدون فائدة عظيمة من بحوث المستشرقين ودراساتها عن المسلمين، بل إن بعض المستشرقين، الذين يدعون الحيادية والموضوعية، هم منصرون في الوقت نفسه، لما تضج به بحوثهم من التحامل والجور على الإسلام بشكل ظاهر.




أما الفصل الثالث: فخصَّصه لأهداف التنصير وغاياته، وبيَّن أن عمليات التنصير في العالم الإسلامي تقوم بها قوى متعددة، تجمعها وحدة الهدف، وتنطلق وفق خطط موحدة، وغايات مرسومة من منطلق أطماع دولية تستهدف في خاتمة المطاف أمة الإسلام. وأكد من خلال عرضه الأهداف والغايات أن التنصير هو في حقيقته حرب صليبية جديدة، خطر أكيد على الإسلام والمسلمين.




وبيَّن في الفصل الرابع: أساليب التنصير ووسائله وهي متعددة منها المباشرة وغير المباشرة؛ فقد استخدموا الطب واستغلوا التعليم والإعلام والمؤتمرات التنصيرية، والتي صارت تعقد على مرأى ومسمع من العالم كله، ومن أشهرها: مؤتمر القاهرة (1906م / 1323هـ) ومؤتمر لكتؤ (1902/1319هـ) بالهند، ومؤتمرات القدس في أعوام (1349، 1354، 1380هـ)، وغيرها كثير. و نشر المبادئ والأفكار الهدامة بين المسلمين، وبناء أكبر عدد ممكن من الكنائس في بلاد المسلمين.




بينما جاء الباب الثاني: ليتحدث عن التنصير في الخليج العربي أيضًا من خلال أربعة فصول.


ــ الفصل الأول: تناول تاريخ التنصير في الخليج العربي.
ــ والفصل الثاني: جهود التنصير في الخليج العربي، وذكر المؤلف في هذا الفصل جهود التنصير في كل دولة من دول الخليج على حده.. (في البحرين والكويت وعمان وقطر والإمارات العربية المتحدة والعراق و إيران).

ـ ثم تناول في الفصل الثالث والرابع: آثار التنصير وأهدافه وأخطاره في الخليج العربي.


وفي الباب الثالث: تحدث عن مسئولية أهل الخليج تجاه التنصير في الخليج العربي، في الفصل الأول من هذا الباب حدد مسئولية الحكومات في المجالات الآتية:

1. العناية بتأصيل العقيدة الإسلامية، والتربية الدينية في مناهج التعليم الرسمية. وفي مناهج الإعلام أيضًا، إضافة إلى تبصيرهم بالأخطاء التي تهدد إسلامهم وعروبتهم.

2. منع إقامة الكنائس في دول الخليج، ومحاولة إنهاء وضع الكنائس الحالية، على اعتبار أنه لا يوجد من مواطني هذه الدول من يعتنق المسيحية، والأجانب وجودهم مرهون بعقود مؤقتة.

3. إقامة مراكز علمية متخصصة لدراسة العقائد النصرانية، لتتوالى تجلية كل الشبهات التي يعتمد عليها أهل التنصير، وفضح مخططاتهم.

4. ضبط دخول غير المسلمين إلى بلدان الخليج، خاصة النصارى، وجعل دخولهم في حدود الضرورة القصوى.

5. عدم منح الجنسية في دول الخليج لغير المسلم إطلاقًا.

6. التشديد في الإذن بزواج أبناء منطقة الخليج من النساء النصرانيات.

7. التقليل من المدارس الأجنبية ما أمكن، مع مراقبة مقرراتها، بحيث لا تكون معبرًا لأفكار التنصيرية.

8. التشديد على مراقبة المراكز الثقافية الأجنبية في بلدان الخليج.

9. منع دخول النشرات التنصيرية.

10. الحرص الشديد في عرض البرامج والمسلسلات الأجنبية، بحيث لا يذاع إلا ما كان خاليًا من الدس العقدي.


بينما في الفصل الثاني لخص مسئولية العلماء والدعاة في:
1. أن يتخصص مجموعة من طلاب العلم في مجال دراسة الأديان، ومناقشة عقائد النصارى، حتى يكونوا مؤهلين لمدافعة المنصرين.

2. أن يعمل فريق من العلماء على إخراج موسوعة علمية عن التنصير ومصطلحاته، ومراكزه وأساليبه وخططه.

3. محاربة كل الشبهات والدعوات التي يبثها المنصرون لهدم القيم الإسلامية.

4. أن يتم التعاون بين المنظمات العلمية والمؤسسات الدعوية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي في مجال دراسة التنصير وأساليبه.

5. أن يهتم العلماء بإلقاء الأضواء على التنصير، وعلى عقائد النصارى وأخلاقهم عبر محاضرتهم العلمية، وبحوثهم وفتاواهم ودروسهم في المساجد.


أما في الفصل الثالث: فبيَّن مسئولية رجال الأعمال والقطاع الخاص والأثرياء في:
1. بذل التبرعات السخية، لدعم جهود العلماء والباحثين في مجالات مواجهة التنصير.

2. إقامة مدارس أهلية لتدريس اللغات والعلوم التطبيقية؛ لتحل محل المدارس الأجنبية التي يبثها النصارى بحجة تدريس اللغات لأولاد الأغنياء.

3. أن تكون الأولوية عند اختيار العاملين في شركاتهم للمسلمين، ولا يستقدم النصارى إلا عند الضرورة القصوى ولأجل محدود.

4. الحرص الشديد عند التعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية التي تطلب تبرعات للأعمال الخيرية، لأن لبعضها نشاطًا تنصيريًا، خاصة أن أمامهم المنظمات الإسلامية المعروفة الموثوقة.

5. الحرص على ألا تكون شركات القطاع الخاص ومؤسسات التجارة في دول الخليج معبرًا لبضائع تحمل شعار النصارى أو ملصقات و إعلانات بعض البضائع التي تروج أفكار وطقوس النصرانية، أو ملصقات وإعلانات تنال من قيم المسلمين وعقائدهم.


وفي الفصل الرابع: بيَّن مسئولية المواطنين؛ حيث أنهم هم المقصودون بالتنصير بلا ريب؛ لذلك عليهم تجاه التنصير ومحاربته واجب كبير، يشمل الجوانب الآتية:
1. أن يعمل كل مسلم على إقامة شعائر الإسلام في نفسه وأسرته؛ ليكون كل بيت محصنًا في وجه الغزو الفكري.

2. الحرص على مطالبة الكتب والنشرات الإسلامية التي تحذرهم من أخطار التنصير.

3. الحذر من السفر إلى بلاد النصارى إلا للضرورة القصوى، وأن يكون السفر للسياحة ونحوها، فتكون بلاد إسلامية مأمونة.

4. عدم إلحاق المواطنين الأبناء بالمدارس الأجنبية.

5. اختيار العمالة المنزلية من الخدم والسائقين والطهاة والمربين من المسلمين والمسلمات، واجتناب النصارى والنصرانيات.

6. الوعي تجاه استقبال ما يذاع وينشر في الإذاعات الأجنبية والتلفزة، في إطار البث المباشر عالميًا.

7. التقليل من العلاقات بدفع النصارى وغير المسلمين بشكل عام؛ لأن المبالغة فيها تورث المحبة، والإعجاب والتأثر بهم، وبأفكارهم وعادتهم وطباعهم.

المصدر
http://www.shareah.com/index.php?/records/view/id/1419/