بسم الله الرحمن الرحيم
شبهة اثيرت من قبل احد النصارى و هي شبهة قديمة نابعة عن جهل باللغة و معانيها
هل النجوم تتحرك من مكانها لضرب الشياطين ؟
النجوم في اللغة لا تحصر على ما نعرفه من لفظ النجوم اليوم
فالنجم في اللغة يطلق على ما نعرفه اليوم و على الشهب و على النيازك و الكواكب
اقرا معجم لسان العرب الجزء الرابع عشر في معنى نجم :
(( وقال أهل اللغة : النجم بمعنى النجوم ، والنجوم تجمع الكواكب كلها . ابن سيده : والنجم الكوكب، وقد خص الثريا فصار لها علما ، وهو من باب الصعق ))
و اقرا معجم لسان العرب الجزء الثالث عشر في معنى كوكب :
(( وقال : الكوكب ، معروف ، من كواكب السماء ، ويشبه به النور فيسمى كوكبا ; قال الأعشى : يضاحك الشمس منها كوكب شرق مؤزر بعميم النبت مكتهل ابن سيده وغيره : الكوكب والكوكبة : النجم، كما قالوا عجوز وعجوزة ، وبياض وبياضة . قال الأزهري : وسمعت غير واحد يقول للزهرة من بين النجوم : الكوكبة، يؤنثونها ، وسائر الكواكب تذكر ، فيقال : هذا كوكب كذا وكذا .))
و اقرا معجم لسان العرب الجزء الثامن في معنى شهب:
((ويقال للكوكب الذي ينقض على أثر الشيطان بالليل : شهاب . قال الله تعالى : فأتبعه شهاب ثاقب . والشهب : النجوم السبعة المعروفة بالدراري . وفي حديث استراق السمع : فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها ; يعني الكلمة المسترقة ; وأراد بالشهاب : الذي ينقض بالليل شبه الكوكب))
ويدل عليه قوله تعالى : ((فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا))
وقوله تعالى : (( فاتبعه شهاب ثاقب ))
وقوله تعالى : (( و لقد زينا السماء الدنيا بمصابيح و جعلناها رجوما للشياطين ))
وقوله تعالى : (( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ(6) وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ (7) لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ(10)))
فالقران استخدم المعنى اللغوي للنجم و هي كل ما نجم في السماء من اجرام كالكواكب و الشهب . و سياق الايات يدل على ان المراد اللغوي من النجم الذي يضرب الجن هو الشهاب
ومثل هذه المقارنة موجودة في السنة الصحيحة
نقرا في صحيح البخاري كتاب تفسير القران
باب حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير
4522 حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو قال سمعت عكرمة يقول سمعت أبا هريرة يقول إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا للذي قال الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض ووصف سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن
فربما أدرك الشهاب
قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة فيقال أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء
وفي صحيح مسلم كتاب السلام
رقم الحديث: 4143
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد ، قَالَ حَسَنٌ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ، وَقَالَ عَبد : حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، حدثنا أبى عَنْ صَالِحٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ، قال : أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَنْصَارِ ، أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ جُلُوسٌ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا ؟ " ، قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِنَّهَا لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ ، وَلَا لِحَيَاتِهِ ، وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ ، إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ ، فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ ، قَالَ : فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا ، فَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَيُرْمَوْنَ بِهِ ، فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ ، وَيَزِيدُونَ "
فعلم من هذا ان النجم هنا هو الشهاب اذ كان العرب احيانا يطلقون على الشهاب لفظ النجم فلا يصح تخصيص لفظ النجم في معناه العلمي اليوم لانه المصطلح نفسه كان في السابق يطلق بشكل عام على كل ما نجم في السماء و منها الشهب
وقد قال هذا السلف في تفاسيرهم
فنقرا في تفسير القرطبي رحمه الله لقوله تعالى : (( انا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب))
(( قوله تعالى : إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب قال قتادة : خلقت النجوم ثلاثا ، رجوما للشياطين ، ونورا يهتدى بها ، وزينة لسماء الدنيا . ))
ملاحظة :
قد يعترض نصراني على ما اخرجه الطبري رحمه الله في تفسيره الجزء الواحد و العشرون في سورة الصافات عن ابن عباس رضي الله عنه موقوفا :
(( حدثنا أبو كريب قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كانت للشياطين مقاعد في السماء قال : فكانوا يسمعون الوحي قال : وكانت النجوم لا تجري ، وكانت الشياطين لا ترمى قال : فإذا سمعوا الوحي نزلوا إلى الأرض ، فزادوا في الكلمة تسعا قال : فلما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل الشيطان إذا قعد مقعده جاء شهاب ، فلم يخطه حتى يحرقه قال : فشكوا ذلك إلى إبليس ، فقال : ما هو إلا لأمر حدث قال : فبعث جنوده ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي بين جبلي نخلة ، قال أبو كريب : قال وكيع : يعني بطن نخلة قال : فرجعوا إلى إبليس فأخبروه قال : فقال هذا الذي حدث . ))
فكانما يفهم من كلامه رضي الله عنه ان الشهب كانت لا تجري في السماء قبل مبعث النبي عليه الصلاة و السلام
و هذا مردود لمخالفته الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم و الذي رواه ابن عباس نفسه عنه
صحيح مسلم كتاب السلام
4136 2229 حدثنا حسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد قال حسن حدثنا يعقوب وقال عبد حدثني يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب حدثني علي بن حسين أن عبد الله بن عباس قال أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنهم بينما هم جلوس ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بنجم فاستنار فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا قالوا الله ورسوله أعلم كنا نقول ولد الليلة رجل عظيم ومات رجل عظيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمرا سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش ماذا قال ربكم فيخبرونهم ماذا قال قال فيستخبر بعض أهل السماوات بعضا حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائهم ويرمون به فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون
قوله عليه الصلاة و السلام :(( في الجاهلية )) يدل على ان الشهب كانت و ما زالت تسير في الجاهلية
هذا وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم
المفضلات