&*أم لأول مرة*&





ها هو الخبر الذي طال انتظارُه، يدقُّ على بابكِ أجراسَ الأفراح، وها هي الجملة التي طالما حلمتِ أن تُلقيها طبيبتُك على مسامعك: "مبارك؛ أنتِ حامل"؛ لتزفيها بشرى بعيون تملؤها السعادة إلى زوجك الحبيب؛ لتتقاسما الفرحة، وتتقاسما الاستعداد للضيف المرحَّب به.

إنها فرحتُك الطاغية، وسعادتك التي تعدين لها، منذ كنتِ تحملين على ظهرك ضفيرة، تتعثرين في خطواتك وأنت تحملين دُميتك الصغيرة، وتعلمينها ببراءة أن تناديكِ "ماما"، فتضمينها بحنان، وتجعلينها تنام بالقرب من حضنك؛ لتدفئيها بحنانك.


ها هو الحلم، بين يديك الآن، تنتظرين أن تمرَّ الأيام سريعًا؛ ليكون واقعًا جميلاً، فيلون حياتَك بلون آخر، وطعم آخر، ويملأ أوقاتَكِ صخبًا، وبهجة، ومسؤولية تفضلينها.


فماذا أعددتِ لهذه المسؤولية الجسيمة؟

كلكم راعٍ:

يقول - صل الله عليه وسلم وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته، فالإمامُ راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والولد راعٍ في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، والخادم راعٍ في مال سيِّده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته))،

فاعلمي أنك مسؤولة أمام الله عن هذا القادم الصغير، فلا تجعلي سعادتك تطغى على مسؤوليتك التي يجب أن تعدين لها؛ لتمارسيها مع أول سطوع لقمرك القادم.



مسؤولية تبدأ من شهور حملك:

قد تعتقد كلُّ أمٍّ تَحمل طفلَها أنها تحمل مسؤولية مؤجَّلة، ولكن ذلك غير صحيح، فمسؤوليتك تجاه طفلك تبدأ وهو داخل رحمك، وهو ما زال جنينًا،

ولكن كيف؟

بالاهتمام بصحة جنينك، وذلك بالاهتمام بمراجعة طبيبتك، والوقوف على نموِّه شهرًا بعد شهر، كذلك الاهتمام بنوعية طعامك، بأن يكون طعامًا صحيًّا متكاملاً كما تحدِّده لكِ طبيبتُك، فبعض الزوجات الصغيرات يتدلَّلن ويتركن بعض الأنواع من الطعام، والتي تكون مهمة جدًّا في المساهمة في تكوين جنينها وسلامة نموِّه.


كذلك البُعد عن كل ما يكدرك ويؤثِّر على نفسيتك؛ حيث أكد الأطباء أن الجنين يتأثَّر كثيرًا بحالة الأم النفسية، سواء كانت جيدة، أم تعاني بعض الاضطرابات؛ فهيِّئي لنفسك الحالة المستقرة نفسيًّا وجسديًّا؛ لضمان الحصول على طفل جميل معافى.



ثقافتك:

اهتمِّي بثقافتك؛ فالطفل القادم ينتظر أمًّا تمتلك كنوزَ الحكمة، ومفاتيحَ الوعي، وتقف على بوابات الفكر، تعلِّمه وتكون مرجعيَّتَه في كل شيء، فإذا سألها أجابتْه، وإذا استشارها أفادتْه، وإذا واجهتْه مسألةٌ من مسائل الحياة، يجد عندها الرأيَ الذي غاب عنه، والحلَّ الذي كان يأمله.

فتعلَّمي من أجله كلَّ هذه الفنون، وامتلكي الأدوات، وابحثي عن الوسائل والإمكانيات التي تؤهلك لهذه المسؤولية.


اصنعي له الحياة التي يستحقها:

فطفلُكِ القادم ينتظر أن توفروا له الحياةَ السعيدة، التي تقوم على التفاهم والانسجام بينك وبين والده، وهذه المسؤولية يقع الجزء الكبير منها على عاتقكِ، في تهيئة الجو المناسب لتربية طفل سليم نفسيًّا؛ لينمو بفكر متزن، وعقل مفكر، وقلب يحنو على الجميع.

فإن أردتِ أن يكون بارًّا بكِ وبأبيه حينما يكبر، فبرُّوه أنتم أولاً.


كتبه / هناء رشاد