الحرية للأقباط فقط ..!

لقد أبدي البعض دهشتهم من موافقة الحكومة علي السماح للجنة الحريات الدينية التابعة للكونجرس الأمريكي بالتفتيش في مصر حول وجود فتنة طائفية أو اضطهاد للأقباط بها .. واعتبر هؤلاء أن نشاط هذه اللجنة فيه مساس بالسيادة المصرية وانتهاك لكرامتها .. والحقيقة أن الأولي بدهشة هؤلاء فيما لو رفضت الحكومة المصرية مجيء هذه اللجنة وعدم إطاعتها لأمريكا والامتثال لمطالبها .. فمنذ متي وحكومتنا ترفض لأمريكا طلبا من هذا النوع . ومنذ متي وهي تحافظ علي سيادة مصر وتحرص علي كرامتها خاصة إذا كان الطرف الأخر في مواجهتها هو إسرائيل أو أمريكا ؟!

علي أية حال فقد جاءت اللجنة إلي مصر ولم تشاهد فيها معتقلا للمسيحيين يماثل معتقل جوانتاناموا الشهير الذي تداس فيه المصاحف بأحذية الحراس ، بل ستجد فيها أناسا يمجدون الإنجيل ويعتبرونه من كتبهم المقدسة التي لا تقل تبجيلا لديهم عن القرآن – كتابهم المقدس – ولم تجد اللجنة في مصر مقابر جماعية للمسيحيين مثل المقابر التي دفن فيها العشرات من مسلمي نيجيريا الذين قتلوا علي يد المسيحيين في مدينة جوس .. ولم تجد هجرة جماعية للمسيحيين من قراهم فرارا بحياتهم كما حدث في المدينة النيجيرية . ولم تجد اللجنة حكومة مصرية تحظر علي المسيحيين ممارسة طقوسهم الدينية أو تعليق الصليب علي صدورهم .. مثلما تحظر الحكومة الفرنسية علي المسلمات هناك ارتداء الحجاب ، كما تمنع الأمهات المحجبات من دخول المدارس لاستلام أبنائهن صغار السن من الأطفال بعد انتهاء اليوم الدراسي وعلي هؤلاء الأمهات أن ينتظرن أبناءهن خارج سور المدرسة .. بينما يسمح لغير المحجبات من الأمهات بدخول فناء المدرسة بل وإلي الفصول ذاتها لاستلام أبنائهن !

كذلك فإن اللجنة لم تجد قرارا بحظر بناء الكنائس أو أبراجها كما حدث في سويسرا بحظر إقامة المأذن .. ولم تجد اللجنة حكومة تعامل القادمين إليها من المسيحيين معاملة الإرهابي ما لم يثبت العكس كما يحدث مع المسلمين في مطارات أوروبا وأمريكا .. ولم تجد هذه اللجنة قرارا بحظر دخول المسيحيين بعض الأماكن إلا بعد خضوعهم لتفتيش دقيق يصل إلي ملابسهم الداخلية !!

لم تجد اللجنة جيشا مسلحا بأحدث وسائل القتل والدمار يطارد الأطفال والشيوخ والنساء في قري المسيحيين وكفورهم كما تفعل القوات الأمريكية في باكستان وأفغانستان والعراق .. ولم تجد قرارا بحظر دخول المسيحيين لأداء الصلوات بكنائسهم كما تفعل إسرائيل مع المسلمين حين تمنعهم من الدخول إلي المسجد الأقصى .. ولم تجد اللجنة قرارا بحظر ضرب الأجراس علي الكنائس لإعلان موعد الصلاة كما تحظر إسرائيل رفع الأذان علي المساجد .

لم تجد اللجنة شيئا من ذلك كله .. بل وجدت ما لن تجرؤ علي تسجيله أو الإشارة إليه في تقريرها فقد وجدت اضطهادا للمسلمين بحكم قانونى صدر من أعلي محكمة بالسماح للطالبات المنقبات بدخول الامتحانات في كلياتهم وامتنع المسئولون عن تنفيذ الحكم .. ولم تجد من قام بردعهم أو إلزامهم بتنفيذ حكم القانون كما لن تكتب اللجنة عن المسلمين المعتقلين في السجون ولا حملات المداهمة اليومية التي يقوم بها الأمن للزج بهم في السجون .. ولا حرمان هؤلاء من الالتحاق بالوظائف الحكومية .. أو التحاقهم وذويهم بالكليات العسكرية .. إلي آخر ما يتعرض له المسلمون من اضطهاد ولا يلقى اهتماما من أحد ربما لأنهم مسلمون وليسوا مسيحيين !

لماذا إذن تحرص أمريكا علي الحريات الدينية في مصر . ولا تحرص عليها بنفس القدر في أي مكان آخر ؟ ولماذا تحرص علي الحريات الدينية للمسيحيين ولا تحرص عليها للمسلمين أيضا ؟ وهل يحق لمن ينتهك –بل أكثر دول العالم انتهاكا للحريات الدينية– أن يدين أو يلوم الدول الأخرى إذا وقعت بها انتهاكات دينية أقل مما يقع بها من انتهاكات؟

هل طرح أحد المسئولين المصريين ممن قابلتهم هذه اللجنة علي أعضائها مثل هذه الملاحظات .. ولا نقول التساؤلات أو الاعتراضات . أم إنه اكتفي بالإجابة عن الأسئلة التي طرحتها عليه اللجنة ليحظى بالرضا الأمريكي حتى لو كان علي حساب السيادة والكرامة الوطنية ؟


المرصد الاسلامي لمقاومة التنصير