محمود سلطان : بتاريخ 9 - 8 - 2006
حل البابا شنودة ضيفا على الإعلامية "منى الشاذلي" في برنامجها " العاشرة مساء" ، كان من الواضح أن البابا مجهد ، وبدا للجميع وكأنه استجاب للدعوة "مكرها" ، إذ تكلم بصعوبة أو ربما شاء أن لا يتكلم إلا في حدود "الرسالة" التي شاء أن يبرقها للنظام من خلال البرنامج . كان واضحا أن الرجل تحامل على نفسه للحضور ، ولم يحمله على ذلك إلا "الشديد القوي" ! وهل ثمة من هو أشد وأقوى من البابا الموازي الأنبا "مكسيموس"؟!
من حق البابا شنودة أن يدافع عن كرسيه ، ومن حق الأقباط أن يتبعوه أو يتبعوا غيره ، ومن قلة العقل أو من الجهل ، أن يرى البعض أن ما يجري في الكنيسة ، شأن قبطي خالص لا يهم الوطن ، فهي ليست وطنا منفصلا ومستقلا عن الوطن الأم "مصر" حتى لو كان في الكنيسة من يديرها وكأنها على هذا النحو .
الكنيسية مؤسسة وطنية شأنها شأن كل المؤسسات في مصر ، ليست منفصلة عن السياق السياسي والاجتماعي والديني السائد في البلد كلها ، فما يحدث بداخلها يؤثر سلبا أو إيجابا على الاستقرارالاجتماعي وعلى الأمن القومي المصري ، وهي حقيقة لا يختلف عليها عاقلان.ومن ثم فلا يزايد علينا بعض الأقباط ، ويشهرون في وجهنا المثل القائل ، "يا داخل بين البصلة وقشرتها" !
المهم أن حضور البابا إلى البرنامج ، رغم حالته الصحية الصعبة ، كانت تستهدف إبراق رسالة تهديد ووعيد ـ بل قل وابتزاز واضحة ـ للسلطة وللنظام في مصر ، إذا هي ساندت البابا المنافس الأنبا مكسيموس !
قال البابا شنودة بالنص والحرف :" سيثور المسيحيون إذا تدخلت الدولة لمساندته" وأعاد وكرر تأكيده بشكل تهديدي وابتزازي واضح قائلا " حتى الآن لم يغضب المسيحيون" ! .. الرسالة إذن واضحة وهذه هي مغزى حضور البابا هومريض لمقر الفضائية التي بثت تصريحاته! .
ومع ذلك فإن البابا وبدون أن يدري شهد شهادة حق ، في حق الأنبا مكسيموس ، برأته تماما من العمالة لأمريكا ، إذ قال بالنص :" الإدارة الأمريكية ليس لها علاقة بالموضوع والذي قام برسامة ماكس هم أساقفة من الأمريكان ، انشقوا عن كنائسهم وكونوا مجموعة أسموها "العودة إلى التقويم القديم" ..
هذه الشهادة من المفترض أن تجعل بعض الموالين للبابا شنودة ، أن يمسكوا عليهم ألسنتهم ، وأن يعفّوا عن تجريح الرجل في مروءته وعرضه بلا وازع من دين أو أخلاق وأن يكفوا عن إلصاق تهمة العمالة لواشنطن له ، احتراما لشهادة "سيدهم " ببراءته من هذا الإفك الذي ما انفكوا يرددونه آناء الليل وأطراف النهار .
وما يهمنا في هذا السياق أيضا ، تصريحات البابا التي لم ينف فيها رغبة الأقباط في اقامة دولة قبطية ، وإنما أكد "استحالة" إقامتها حتى بمساعدة أمريكا ، لأن ذلك ـ وكما ورد على لسان البابا ـ يتطلب مكونات معينة مثل وجود جيش وعلاقات خارجية وتساءل :" هل لأقباط مصر جيش أو علاقات خاصة خارجية "؟!
إذن ما نفهمه من كلام البابا أنه لم يرفض أو يدين أو يشجب مثل هذه المطالب والطموحات الطائفية الانعزالية ، وإنما قرر "استحالة" قيامها للأسباب التي لفت إليها ! ونريد أن نسأل البابا واستنادا إلى إفادته لـ منى الشاذلي : إذا كون الأقباط جيشا وكانت لهم علاقات خاصة خارجية .. إذا توفر هذان الشرطان على المدى القريب أو البعيد .. هل سيقود البابا بنفسه حركة التمرد المسلح لتكوين دولة القبط؟!
الرجل لم يرفض بشكل واضح وقاطع ما يطلبه بعض متطرفي الاقباط في هذا الصدد أو يدينه وانما برر استحالته بعدم توفر شروط قيام الدولة .. ما يعني أن المسألة لدى البابا ليست مسألة ارتباط بالدولة الأم من منطلق وطني وإنما مسألة شروط لم تتوفر بعد للانفصال عنها ! هذا ما بدا واضحا قاطعا في تصريحات البابا ولعل الأمر يحتاج إلى ايضاح أو تفسير من المتحدث الرسمي للبابا وعلى وجه السرعة لعل الرجل لمرضه ولسنه قد خانه التعبير .. فما ورد على لسانه بالغ الخطورة ، وربما يعطي حال السكوت عليه من قبل الكنيسة شرعية لا تقبل الطعن وصدقية لكل ما قاله البابا الجديد والمنافس مكسيموس ، بشأن "أجندة" البابا شنودة "الطائفية"
http://www.almesryoon.com/ShowDetail...D=22305&Page=1
المفضلات