سلسلة من دلائل نبوءات رسول الله صلى الله عليه وسلم

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

سلسلة من دلائل نبوءات رسول الله صلى الله عليه وسلم

صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 18

الموضوع: سلسلة من دلائل نبوءات رسول الله صلى الله عليه وسلم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

    افتراضي موسوعة النبوءات المحمدية .. شارك يا مسلم .. واقرأ يا مسيحي..

    تيسيرا على زملائنا من غير المسلمين في المنتدى


    سيتم وضع كل الأحاديث النبوية الشريفة التي أخبر فيها النبي بالغيبيات التي حدثت

    الغرض:


    دعوة غير المسلمين للتأمل والتفكير بالقراءة في هذه النبوءات لعل الله ان يهديهم.

    ورجاء من الإخوة المشاركين عدم وضع مشاركات خارج الموضوع ولو حتى للتشجيع ليبقى الموضوع جديا ومؤثرا في القارئ مع الاهتمام بالمصدر

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    2,285
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-11-2014
    على الساعة
    07:18 PM

    افتراضي

    جزاك الله خيرا اخى دفاع على المو ضوع المهم
    إخباره صلى الله عليه وسلم بغيوب تحققت في حياته


    الغيب سر الله ، فهو وحده تبارك وتعالى الذي يعلم السر وأخفى } وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها ولا حبةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبينٍ { (الأنعام: 59).
    والنبي صلى الله عليه وسلم كسائر البشر لا يعلم الغيب } قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملكٌ { (الأنعام: 50)، } قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذيرٌ وبشيرٌ لقومٍ يؤمنون { (الأعراف: 188).

    فإذا ما أخبر النبي عن شيء من الغيوب؛ فإنما يخبر بشيء من علم الله الذي خصه به وأطلعه عليه، ليكون برهان نبوته ودليل رسالته.

    ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن زهاء ألف أمر غيبي، بعضها في القرآن، وبعضها في السنة، وكل منها دليل على نبوته ورسالته.
    والغيوب التي أخبر بها صلى الله عليه وسلم على ضروب، فمنها ما تحقق حال حياته صلى الله عليه وسلم، ومنها بعده ، ومنها ما يكون قريباً من الساعة، وفي كل ذلك دلائل على نبوته ورسالته.
    ومن الغيوب التي تنبأ بها صلى الله عليه وسلم ووقعت حال حياته خبر الريح التي تنبأ صلى الله عليه وسلم بهبوبها وهو منطلق وأصحابُه إلى تبوك فقال: ((ستهبُّ عليكم الليلة ريحٌ شديدة، فلا يقُمْ فيها أحدٌ منكم، فمن كان له بعيرٌ فليشُدَّ عِقاله)).
    قال أبو حميد رضي الله عنه راوي الحديث: فهبَّت ريحٌ شديدة، فقام رجلٌ، فحملته الريح، فألقته بجبلي طيء.[1] فمن الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهبوب هذه الريح في زمن ما كان الناس يقدرون على التنبؤ بالطقس وحركات الرياح؟ إنه الله الذي لا تغيب عنه غائبة.
    قال النووي: "هذا الحديث فيه هذه المعجزة الظاهرة؛ من إخبارِه عليه الصلاة والسلام بالمغيَّب،
    وخوفِ الضرر من القيام وقت الريح .. وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته , والرحمةِ لهم , والاعتناءِ بمصالحهم , وتحذيرِهم مما يضرُّهم في دين أو دنيا".[2]
    ومن إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب تنبؤه بهزيمة الفرس وغلب الروم ، في وقت كادت دولة الفرس أن تزيل الإمبرطورية الرومانية من خارطة الدنيا، فقد وصلت جيوش كسرى أبرويز الثاني إلى وادي النيل، ودانت له أجزاء عظيمة من مملكة الرومان.
    سنواتٌ معدودة تمكن فيها جيش الفرس من السيطرة على بلاد الشام وبعض مصر، واحتلت جيوشهم أنطاكيا شمالاً، مما آذن بنهاية وشيكة للإمبرطورية الرومانية.
    وأمام هذا الطوفان الفارسي أراد هرقل ملك الروم أن يهرب من عاصمة ملكه القسطنطينية، وكاد أن يفعل لولا أن كبير أساقفة الروم أقنعه بالصمود وطلب الصلح الذليل من الفرس.
    ووسط هذه الأحداث - وخلافاً لكل التوقعات - أعلن النبي صلى الله عليه وسلم في أجواء مكة المتربصة به وبدعوته أن الروم سينتصرون على الفرس في بضع سنين، أي فيما لا يزيد عن تسع سنين، فقد نزل عليه قول الله تعالى: ]غلبت الروم % في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون % في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون % بنصر الله[ (الروم: 2-5).

    يقول المؤرخ إدوار جِبن في كتابه "تاريخ سقوط وانحدار الإمبراطورية الرومانية": "في ذلك الوقت، حين تنبأ القرآن بهذه النبوءة، لم تكن أية نبوءةٍ أبعدَ منها وقوعاً، لأن السنين العشر الأولى من حكومة هرقل كانت تؤذن بانتهاء الإمبرطورية الرومانية".
    لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتنبأ بانتصار المهزوم الذي يكاد يستسلم لخصمه، ويحدد موعداً دقيقاً لهذا النصر الذي ما من شيء أبعد في تحققه منه.
    وتناقلت قريش هذه النبوءة الغريبة التي خالفت أهواءهم التي مالت إلى جانب الفرس إخوانِهم في الوثنية، بينما أحب المسلمون انتصار الروم لأنهم أهل كتاب، واستبشروا بالخبر.
    قال ابن عباس: (كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، لأنهم وإياهم أهلُ أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهلُ كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما إنهم سيَغلبون.
    فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا [أي بدوام انتصار الفرس] كان لنا كذا وكذا [أي من الرهن]، وإن ظهرتم [أي بانتصار الروم] كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهر الروم [أي في هذه السنينِ الخمس].
    فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا جعلته إلى دون العشر [أي طلب منه زيادة الأجل إلى تسع سنين، لأن البضع في لغة العرب ما دون العشر]، والله قد وعد بظفر الروم في بضع سنين.
    قال أبو سعيد: والبضع ما دون العشر.
    قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: ]غلبت الروم % في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون % في بضع سنين [.[3]
    لقد كان الأمر كما تنبأ عليه الصلاة والسلام، ففي عام 623م وما بعدها استطاع هرقل أن يتخلص من لهوه ومجونه، وشن ثلاث حملات ناجحة أخرجت الفرس من بلاد الرومان.

    وفي عام 626م واصل الرومان زحفهم حتى وصلوا إلى ضفاف دجلة داخل حدود الدولة الفارسية، واضطر الفرس لطلب الصلح مع الرومان بعد هزيمتهم في معركة نينوى، وأعادوا لهم الصليب المقدس - عندهم - وكان قد وقع بأيديهم.

    فمن ذا الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه النبوءة العظيمة؟ إنه وحي الله، وهو دليل رسالته ونبوته عليه الصلاة والسلام.

    ولو تأملنا قوله تعالى: ]غلبت الروم * في أدنى الأرض [ فإن أعيننا لن تخطئ برهاناً آخر من براهين نبوته صلى الله عليه وسلم، فقوله تعالى: ] في أدنى الأرض [ يشير إلى حقيقة علمية كشف عنها العلم الحديث، وهي أن البقعة التي انتصر فيها الفرس على الروم في منطقة الأغوار قريباً من البحر الميت هي أدنى الأرض، أي أخفض مكان في الأرض كما تؤكده الموسوعة البريطانية وغيرها[4]، إنه بعض علم اللطيف الخبير.
    ومما أطلع الله نبيه عليه من الغيوب التي لا يعرفها لولا إخبار الله له؛ خبر كتاب حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه الذي أرسله إلى قريش مع امرأة، يخبرهم فيه بعزم النبي صلى الله عليه وسلم على غزو مكة.

    فلما كشف الله ذلك لنبيه؛ بعث علياً والزبيرَ والمقدادَ بنَ الأسود، وقال: ((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة، ومعها كتاب، فخذوه منها))، يقول علي رضي الله عنه : فانطلقنا حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب. [5]

    قال ابن حجر: "وفيه من أعلام النبوة إطلاعُ الله نبيه على قصة حاطب مع المرأة".[6]

    ومثله من الإخبار المعجِز نعْيُه لقادة مؤتة الثلاثة - وقد استشهدوا في الشام - وهو في المدينة ، يقول أنس رضي الله عنه : نعى النبي صلى الله عليه وسلم زيداً وجعفراً وابنَ رواحة للناس قبل أن يأتيَهم خبرُهم ، فقال: ((أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان؛ حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم)).[7]

    فالذي أعلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم بمقتلهم قبل أن يأتي خبرهم إلى الناس هو الله علام الغيوب، قال الطحاوي: "وفيه عَلَمٌ ظاهر من أعلام النبوة".[8]

    ومن إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب؛ تعريفه أبا هريرة رضي الله عنه بحقيقة الشيطان المتمثل في صورة رجل، ، وتنبؤه بأنه سيأتي مرة بعد مرة، فقد جاءه شيطان، يسرق من طعام الزكاة، فأمسك به أبو هريرة، ثم خلّى عنه لما شكى الفقر والعَيْلة.
    يقول أبو هريرة: فخليتُ عنه، فأصبحتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟)) فقلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعِيالاً، فرحمته، فخليتُ سبيله، قال: ((أما إنه قد كذَبك, وسيعود))، قال أبو هريرة: فعرَفتُ أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه سيعود)) ...
    وعاد الرجل كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأطلقه أبو هريرة ثانية, فأخبره النبي بمقدَمِه ثالثة، فكان كما أخبر.
    فلما غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له صلى الله عليه وسلم: (( تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة؟)) قال: لا، قال: ((ذاك شيطان)).[9]
    قال ابن حجر: "وفيه إطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على المغيَبات".[10]
    فهذه الغيوب وغيرَها مما أخبر به صلى الله عليه وسلم أدلةٌ واضحة وبراهينُ ساطعة على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، فهي غيوب أخبره بها عالمُ السر والنجوى.

    ------------------------------------------
    [1] رواه البخاري ح (1482)، ومسلم ح (1392).
    [2] شرح صحيح مسلم (15/42).
    [3] رواه الترمذي ح (3193)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (2551).
    [4] يعتبر منخفض بحيرة طبريا ثاني أكبر المنخفضات في العالم، حيث تنخفض فيه اليابسة إلى 209 م تحت سطح البحر، بينما هي في منطقة البحر الميت تصل إلى 395 م تحت سطح البحر. انظر: أطلس العالم، مكتبة بيروت (ص 95) نقلاً عن كتاب "إنه الحق" الذي أصدرته هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي (ص 79).
    [5] رواه البخاري ح (3007)، ومسلم ح (2494).
    [6] فتح الباري (12/324).
    [7] رواه البخاري ح (3929).
    [8] عمدة القاري (17/269).
    [9] ذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم في كتاب الوكالة، باب "إذا وكل رجلاً فترك الوكيل شيئاً فأجازه".
    [10] فتح الباري (4/571).

    من كتاب دلا ئل النبوة دـ منقذ السقار
    http://saaid.net/Doat/mongiz/15.htm
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

    افتراضي

    1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون مصر
    وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة
    ورحما أو قال ذمة وصهرا فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة
    فاخرج منها قال فرأيت عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة
    يختصمان في موضع لبنة فخرجت منها. رواه مسلم.
    وقد تحققت هذه النبوءة وفتحت مصر.

    2-
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى (أي جمع وضم) لي
    الأرض , فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها.(رواه مسلم ).
    وقد تحققت هذه النبوءة بأن عمت الفتوحات الإسلامية مشارق الأرض ومغاربها.

    3-
    عن أبى قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاصي و سئل أي
    المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أو رومية ? فدعا عبد الله بصندوق له حلق ,
    قال: فأخرج منه كتاباً قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله
    عليه وسلم نكتب , إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تفتح
    أولا أقسطنطينية أو رومية ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مدينة
    هرقل تفتح أولا. يعني قسطنطينية ( مسلم ).
    وتحققت هذه النبوءة بأن فتحت القسطنطينية على يد محمد الفاتح.

    4-
    وفي يوم الخندق شكا الصحابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم صخرة
    لم يستطيعوا كسرها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم – وأخذ الفأس وقال:
    (بسم الله) فضرب ضربة كسر منها ثلث الحجر، وقال: (الله أكبر، أعطيت
    مفاتيح الشام، والله إنى لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا)، ثم قال: (بسم
    الله)، وضرب ثانيةً فكسر ثلث الحجر، فقال: (الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس،
    والله إنى لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا)، ثم قال: (بسم
    الله) وضرب ضربة كسرت بقية الحجر، فقال: (الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن،
    والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا) (رواه أحمد)
    وتحققت هذه النبوءة بأن ملك المسلمون الشام وفارس وصنعاء.

    5-
    قال ‏عدي بن حاتم:
    ‏بينا أنا عند النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إذ أتاه رجل فشكا إليه ‏ ‏الفاقة ‏ ‏ثم أتاه
    آخر فشكا إليه قطع السبيل فقال يا ‏ ‏عدي ‏ ‏هل رأيت ‏ ‏الحيرة ‏ ‏قلت لم أرها وقد
    أنبئت عنها قال ‏ ‏فإن طالت بك حياة لترين ‏ ‏الظعينة ‏ ‏ترتحل من ‏ ‏الحيرة ‏ ‏حتى
    تطوف ‏ ‏بالكعبة ‏ ‏لا تخاف أحدا إلا الله قلت فيما بيني وبين نفسي فأين دعار ‏
    ‏طيئ ‏ ‏الذين قد سعروا البلاد ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز ‏ ‏كسرى ‏ ‏قلت ‏
    ‏كسرى بن هرمز ‏ ‏قال ‏ ‏كسرى بن هرمز ‏ ‏ولئن طالت بك حياة لترين الرجل
    يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه
    وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له فليقولن له ألم أبعث
    إليك رسولا فيبلغك فيقول بلى فيقول ألم أعطك مالا وأفضل عليك فيقول بلى
    فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم قال ‏
    ‏عدي ‏ ‏سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول اتقوا النار ولو بشقة تمرة فمن لم
    يجد شقة تمرة فبكلمة طيبة قال ‏ ‏عدي ‏ ‏فرأيت ‏ ‏الظعينة ‏ ‏ترتحل من ‏ ‏الحيرة ‏
    ‏حتى تطوف ‏ ‏بالكعبة ‏ ‏لا تخاف إلا الله وكنت فيمن افتتح كنوز ‏ ‏كسرى بن هرمز
    ‏ ‏ولئن طالت بكم حياة ‏ ‏لترون ما قال النبي ‏ ‏أبو القاسم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏
    ‏يخرج ملء كفه (رواه البخاري).
    شايف النبوءة تحققت إزاي

    6-
    ‏تفتح ‏ ‏اليمن ‏ ‏فيأتي قوم ‏ ‏يبسون ‏ ‏فيتحملون ‏ ‏بأهلهم ومن أطاعهم ‏ ‏والمدينة ‏ ‏
    خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح ‏ ‏الشأم ‏ ‏فيأتي قوم ‏ ‏يبسون ‏ ‏فيتحملون ‏ ‏بأهليهم
    ومن أطاعهم ‏ ‏والمدينة ‏ ‏خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح ‏ ‏العراق ‏ ‏فيأتي قوم ‏
    ‏يبسون ‏ ‏فيتحملون ‏ ‏بأهليهم ومن أطاعهم ‏ ‏والمدينة ‏ ‏خير لهم لو كانوا يعلمون. (رواه البخاري).

    وقد تحققت النبوءة وفتحت اليمن والشام

    7-
    يوشك أهل ‏ ‏العراق ‏ ‏أن لا ‏ ‏يجبى ‏ ‏إليهم ‏ ‏قفيز ‏ ‏ولا درهم قلنا من أين ذاك
    قال من قبل ‏ ‏العجم ‏ ‏يمنعون ذلك ثم قال يوشك أهل ‏ ‏الشام ‏ ‏أن لا ‏ ‏يجبى ‏ ‏إليهم
    دينار ولا ‏ ‏مد ‏ ‏قلنا من أين ذاك من قبل ‏ ‏الروم ‏ ‏يمنعون ذاك قال ثم أمسك ‏ ‏هنيهة
    ‏ ‏ثم قال قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يكون في آخر أمتي خليفة ‏ ‏يحثو ‏
    ‏المال ‏ ‏حثوا ‏ ‏لا يعده عدا. (رواه مسلم).

    وقد تحققت هذه النبوءة بالحصار الاقتصادي للعراق وسيحدث للشام كذلك لأن النبي قالها

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

    افتراضي

    إخباره -صلى الله عليه وسلم- بأخبار آخر الزمان وعلامات الساعة

    وإن من دلائل النبوة ما أخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه يكون بين يدي الساعة، ونراه أو نرى بعضه في حياتنا اليوم، وهو ما يسميه العلماء بأشراط الساعة الصغرى، وهذا الحاضر - الذي نراه اليوم - كان غيباً أطلع الله عليه نبيه ، ليكون شاهداً على نبوته ورسالته.
    ومن الأخبار المتعلقة باقتراب الساعة ما يحدثنا عنه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((من أشراط الساعة أن يقِلَّ العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقِلَّ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد)).[1]
    وزاد في رواية في الصحيحين: ((ويُشربَ الخمر، ويَظهرَ الزنا)).[2]
    وفي رواية أخرى: ((وتكثُرَ الزلازل، ويتقاربَ الزمان، وتَظهرَ الفتن، ويكثُرَ الهرْج، وهو القتل)).[3]
    وفي رواية: ((يتقاربُ الزمان، ويَنقصُ العمل، ويُلقى الشح)).[4]
    فهذه ثمان علامات تكون بين يدي الساعة.
    أولها: ظهور الجهل وقلة العلم الشرعي بين الناس، وذلك لقبض العلماء وظهور الرؤوس الجهال الذين يفتون بغير علم، فيَضلون ويُضلون، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يُقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يَترُك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)).[5]
    قال ابن بطال: "وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط، وقد رأينا عياناً، فقد نَقص العلم وظهر الجهل".[6]
    وتعقبه ابن حجر فقال: "الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله [أي العلم]، والمراد من الحديث استحكامُ ذلك، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر .. فلا يبقى إلا الجهل الصِرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم؛ لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك".[7]
    ولئن كان ذلك في زمن ابن بطال ثم ابن حجر فإنه في زماننا أظهر وأبْيَن، ولا يخفى هذا على عاقل يرى ما رُزئنا به اليوم من موت العلماء، وتصدر الأدعياء.
    وأما العلامة الثانية من علامات النبوة التي أخبر بها -صلى الله عليه وسلم- فهي شيوع شرب الخمر بين المسلمين، وقد أنبأ -صلى الله عليه وسلم- أن الذين سيشربونها؛ يسمونها بغير اسمها، وأنهم يستحلونها، ولا يرون أنها الخمر التي حرمها الله، قال -صلى الله عليه وسلم-: (( يشرب ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها))، وزارد في رواية الدارمي: ((فيستحلونها)).[8]
    وبيانُه فيما أخرجه البخاري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف)).[9]
    وقد كان هذا - وللأسف - عند بعض جهال المسلمين، غفلة منهم وجهلاً، فتعاطوا هذه المحرمات، لما رأوها سميت بالمنشطات أو المخدِّرات أو المشروبات الروحية، والحق أنها جميعاً خمر حرمها الله ولعن شاربها وبائعها وصانعها، وقد قال عمر -رضي الله عنه- على المنبر وهو يخطب في المسلمين: (أما بعد، نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل)[10]، أي غطاه، فكل ذلك خمر.
    قال القرطبي: " في هذا الحديث عَلم من أعلام النبوة، إذ أخبر عن أمور ستقع؛ فوقعت، خصوصاً في هذه الأزمان".[11]
    وأما ثالث أشراط الساعة المذكورة في الأحاديث آنفاً؛ فهو انتشارُ الزنا وشيوعُه بين الناس، وهو أمر يكثر - عياذاً بالله – عند غير المسلمين، وهذه الشناعة استقبحتها الأمم طوال تاريخ الإنسانية، وأصبحت الآن تعرض في وسائل التقنية الحديثة، وعمدت بعض الدول إلى تقنينها، وأجازتها قوانينها وتشريعاتها، بل جعلها بعضهم ضرباً من ضروب التجارة والكسب.
    ورابع الأشراط التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- ؛ كثرة الفتن وما يستتبعها من كثرة الهرج الذي هو القتل، وقد أبانه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قَتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قُتِل)).[12]
    ونجد مصداق هذه النبوءة النبوية في كثرة الحروب والفتن التي يقتل فيها الأبرياء، فلا يدري القاتل من يقتُل، ولا لماذا يقتُل، ومثلُه المقتول. أجارنا الله من الفتن.
    وهذا يفسر لنا العلامة الخامسة من علامات النبوة، الواردة في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((وتكثرَ النساء ويقلَ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد))، فإن الرجال هم وقود الحروب والفتن دون غيرهم.
    قال ابن حجر: "قيل سببه أن الفتن تكثر، فيكثر القتل في الرجال؛ لأنهم أهل الحرب دون النساء ... والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر، بل يُقدِّر الله في آخر الزمان أن يقِلَ من يولد من الذكور، ويكثر من يولد من الإناث ".[13]
    وإلى صدق هذه النبوءة وقرب تحققها تشير الإحصاءات العالمية، حيث وصلت نسبة الذكور حسب إحصاءات الأمم المتحدة عام 2002م إلى 48%، وتتوقع دائرة الإحصاءات الأمريكية أن تصل نسبة الذكور عام 2100م إلى 38% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يؤكد أن ما أخبر به -صلى الله عليه وسلم- في طريقه إلى التحقق.
    وأما العلامة السادسة مما يكون بين يدي الساعة فهي تقارب الزمان، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقوم الساعة حتى يُقبضَ العلم، وتكثُرَ الزلازل، ويتقاربَ الزمان..)).[14]
    وقال: ((يتقاربُ الزمان، ويَنقصُ العمل، ويُلقى الشح)).[15]
    قال التوربشتيُ: "يُحمل ذلك على قلة بركة الزمان، وذهابِ فائدته في كل مكان، أو على أن الناس لكثرة اهتمامهم بما دهمهم من النوازل والشدائد وشُغْلِ قلبهم بالفتن العظام؛ لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم".[16]
    وقال الخطابي: "معناه قِصَر زمان الأعمار وقلة البركة فيها .. وقيل: قِصر مدة هذه الأيام والليالي؛ على ما روي أن الزمان يتقارب حتى يكون السنة كالشهر، والشهرُ كالجمعة، والجمعةُ كاليوم، واليومُ كالساعة، والساعةُ كاحتراق السَعَفَة".[17]
    وهكذا فقد حمل العلماء الحديث على ثلاثة معانٍ: قصرُ الأعمار أو ذَهابُ بركتها أو تقاربُ الزمان حقيقة.
    فأما المعنيان الأولان فهما مشاهدان بكثرة بين الناس اليوم، وبخاصة ذَهاب بركة العمر، حيث تنقضي السنة، والواحد منا يظنها شهراً، وينقضي الشهر، ولا نحسبه إلا أسبوعاً.
    وأما المعنى الثالث الذي يقضي بتناقص الزمان حقيقة، فلعله يكون قبيل الساعة، حين يختل الكثير مما نعهده من نواميس الكون التي جعلها الله، فتشرقُ الشمس من مغربها، وتتكلمُ السباع، إلى غيره مما هو خارج عن مألوفنا في سنن الله الكونية.
    وسابع أشراط الساعة التي تنبأ النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها تكون؛ كثرةُ الزلازل ونقارب أوقاتها، وهو أمر يعجب المرء لكثرته في هذه الأيام، وهو في ازدياد مستمر، حتى لا يكاد يمضي الشهر إلا وتهتز الأرض هنا أو هناك، فمن الذي أعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الغيب قبل ألف وأربعِ مائةٍ سنة؟ إنه الله علام الغيوب.
    وأما ثامن علامات الساعة ودلائل النبوة فهو إخباره عن كثرة الشح بين الناس لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ويُلقى الشح)).
    قال ابن حجر: " فالمراد إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم، حتى يبخل العالم بعلمه، فيترك التعليم والفتوى، ويبخل الصانع بصناعته حتى يترك تعليم غيره، ويبخل الغني بماله حتى يهلك الفقير، وليس المراد وجود أصل الشح؛ لأنه لم يزل موجوداً".[18]
    وهذا كله قد كثر في أهل الزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    وروى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تقوم الساعة حتى يكثُر المال، ويفيضَ حتى يَخرجَ الرجلُ بزكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه، وحتى تعودَ أرض العرب مروجاً وأنهاراً)).[19]
    ولما سبق الحديث عن كثرة المال فإنا نتحدث هنا عن عود أرض العرب مروجاً وأنهاراً، فالبشارة النبوية تضمنت خبرين: أولُهما: أن أرضَ العرب - أي جزيرة العرب - كانت مروجاً وأنهاراً، أي كانت خضراءَ كثيرةَ المياه، والثاني: أنها ستعود كذلك قبل قيام الساعة.
    ومن المعلوم أن جزيرة العرب تنعدم الأنهار فيها اليوم، وتقل المساحات الخضراء في ربوعها، بينما يخبر الحديث أنها كانت وسترجع إلى غير هذه الحال.
    وحين تحدث القرآن عن قوم نبي الله هود، قومِ عاد الذين عاشوا في جنوب جزيرة العرب وقريباً من صحراء الربع الخالي، قال ممتناً عليهم: ((واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون*أمدكم بأنعام وبنين*وجنات وعيون)) (الشعراء: 132-134)، فذكر أن بلادهم المقفرةَ اليومَ كانت مروجاً وبساتين كثيرة المياه.
    وليست بلادُ عاد الوحيدةَ من المدائن القديمة التي دفنتها ذرات رمال الصحراء، التي أغرقت بكثبانها الكثير من المدن التي كانت عامرة في غابر الأيام، كمدينة الفاو ومدينة أوبار المكتشفَتين حديثاً في جنوب جزيرة العرب، ومثل هذه المدن لا تُشاد في صحراءَ جرداء، بل في واحة خضراءَ كثيرةِ المياه.
    وهذا الخبر نجد مصداقه أيضاً عند علماء الجولوجيا والآثار، حيث يؤكدون أن جزيرة العرب كانت قبل عشرين ألف سنة رقعة خضراء كثيرة المياه والأنهار، وفيها الكثير من أنواع الحيوانات التي تتواجد عادة في المراعي والغابات، كما شهد بذلك ما بقي من آثارهم.
    كما أكد صدقَ هذا الخبر النبوي الدكتور هال ماكلور في أطروحته للدكتوراه والتي كانت عن الربع الخالي، فذكر أن البحيراتِ كانت تغطي هذه المنطقة الصحراوية خلال العصور المطيرة التي انقضت قبل ثمانية عشرَ ألفَ سنة. [20]
    ووافقه العالـم الجيولوجي الألماني الشهير البروفسور الفريد كرونر في مؤتمر علمي أقيم في جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية.
    وأضاف بأن عود جزيرة العرب إلى تلك الحال مسألة معروفة عند العلماء، وأنها حقيقة من الحقائق العلمية، التي يوشك أن تكون، وقال: هذه حقيقة لا مفر منها.
    ولما أُخبِر بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ((وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً)) تعجب، وقال: "إن هذا لا يمكن أن يكون إلا بوحي من أعلى" أي من عند الله.
    وقال: "أعتقد انك لو جمعت كل هذه الأشياء، وجمعت كل هذه القضايا التي بسطت في القرآن الكريم والتي تتعلق بالأرض وتكوين الأرض والعلم عامة، يمكنك جوهرياً أن تقول: إن القضايا المعروضة هناك صحيحة بطرق عديدة، ويمكن الآن تاكيدها بوسائل علمية، ويمكن إلى حد ما أن نقول: إن القرآن هو كتاب العلم الميسر للرجل البسيط، وإن كثيراً من القضايا المعروضة فيه في ذلك الوقت لم يكن من الممكن إثباتها، ولكنك بالوسائل العلمية الحديثة الآن في وضع تستطيع فيه أن تثبت ما قاله محمد -صلى الله عليه وسلم- منذ 1400 سنة".[21]
    ويحسُن هنا التذكير بما حملته إلينا الأخبار عن تصوير جزيرة العرب من الفضاء، واكتشاف العلماء من خلال هذه الصور أنها تَسبح فوق نهر من المياه الجوفية، يمتد من غرب الجزيرة العربية إلى شرقها, ناحية الكويت, حيث أوضحت الصور أن مساحةً شاسعة من شمال غرب الكويت عبارة عن دلتا لهذا النهر العملاق .
    فمن الذي أخبر محمداً -صلى الله عليه وسلم- بحال جزيرة العرب قبل آلاف السنين؟ ومن الذي أنبأه بما سيكون عليه حالها في قابل الأيام؟ إنه وحي الله الذي يشهد له بالرسالة -صلى الله عليه وسلم-.
    ومن أشراط الساعة الأخرى التي تنبأ النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها تكون بين يدي الساعة، ونراها تكثر في حياة الناس اليوم قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام)).[22]
    وقال ابن التين: " أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا تحذيراً من فتنة المال، وهو من بعض دلائل نبوته لإخباره بالأمور التي لم تكن في زمنه، ووجه الذم من جهة التسوية بين الأمرين، وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموماً من حيث هو". [23]
    وابتلي المسلمون اليوم بانتشار الربا ودخول معاملاته في شتى صور الحياة الاقتصادية، حتى إنه يصيب بقتامه حتى أولئك الذين ينأون عنه، ليصدق فينا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يأتي على الناس زمان يأكلون الربا، فمن لم يأكله أصابه من غباره)).[24]
    قال السندي متحدثاً عن هذه البلية: " هو زماننا هذا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وفيه معجزة بينة له صلى الله تعالى عليه وسلم".[25]
    وهو في زماننا أظهر وأبين، فقد أضحت البنوك الربوية ملاذاً يحفظ الناس فيه من الضياع أموالهم، بل ينالون منها رواتبهم وحقوقهم، وعن طريقها يدفعون أثمان بضائعهم وغيره، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
    وروى الإمام أحمد أمراً آخرَ تنبأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه يكون في آخر الزمان، ونراه يكثر في أيامنا، ألا وهو أن يخص المرء بسلامه معارِفَه دون بقية المسلمين، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن من أشراط الساعة أن يسلّم الرجل على الرجل، لا يُسلم عليه إلا للمعرفة)).[26]
    وفي رواية أخرى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفُشُوَّ التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم)).[27]
    وهكذا فإخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- عما يصنعه اليوم كثير من الناس، وهو تسليم المرء على خاصته من أقرباء وأصدقاء دون بقية المسلمين الذين لا يعرفهم، هذا الإخبار منه -صلى الله عليه وسلم- علامة على نبوته، لأنه إخبار بغيب لا يعلمه إلا الله أو من أطلعه الله عليه.
    وقد تضمن الحديث السالف أموراً أخرى كثرت في دنيا الناس، وبخاصة قطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان الحق.
    كما ذكر الحديث أمراً عجباً حين أخبر عن فشو التجارة ومشاركة المرأة زوجها فيها، وهو ما يكثر في زماننا.
    وأعجب منه قوله -صلى الله عليه وسلم-: (( وظهور القلم))، أي تعلم الناس الكتابة، وهو أمر لم يتحقق إلا في هذا القرن، حيث تراجعت نِسب الأمية بين شعوب العالم، وهي في طريقها إلى الزوال، وبخاصة مع تيسر سبل التعليم وتقدم وسائط الاتصالات.
    والسؤال ، كيف عرف النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أربعة عشر قرناً أن الكتابة تفشو بين الناس، لقد أنبأ به في عصر كان عدد الكتبة فيه لا يكاد يتجاوز الألف. إنه عَلم آخر من أعلام النبوة.
    ومن براهين النبوة المتعلقة بأشراط الساعة قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد)).[28]
    قال أنس: (يتباهون بها، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً).
    ولما تيقن ابن عباس بتحقق هذا الخبر النبوي قال: (لتزخرفُنها كما زخرفت اليهود والنصارى).[29]
    قال ابن رسلان: "هذا الحديث فيه معجزة ظاهرة لإخباره -صلى الله عليه وسلم- عما سيقع بعده، فإن تزويق المساجد والمباهاة بزخرفتها كثر من الملوك والأمراء في هذا الزمان بالقاهرة والشام وبيت المقدس".[30]
    ومن هذه الأخبار العجيبة الباهرة إخباره -صلى الله عليه وسلم- بتطاول الناس في البنيان، قال هذا في وقت ما عرف الناس فيه شاهق البنيان، ففي صحيح مسلم أن جبريل سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أمارات الساعة، فقال -صلى الله عليه وسلم- : ((أن تلد الأَمَة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالةَ رِعاء الشاء يتطاولون في البنيان)).[31]
    قال النووي : "معناه أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة تبسط لهم الدنيا حتى يتباهون في البنيان".[32]
    وقد تحقق هذا في زماننا ، فتقدم العلم، وكثر المال، وارتفع - بفضل الله - البنيان، ووصل الأمر بالناس إلى التفاخر فيه، وأغدق الله من فضله وجوده على بلاد كانت تشكو الفقر، فأضحت - بفضل الله - أغنى بلاد الدنيا، فتطاول أهلها مع غيرهم في البنيان، وهو مصداق ما أنبأ عنه -صلى الله عليه وسلم-.
    ومما أخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه يكون قبيل الساعة، وتحقق في زماننا؛ استغناء الناس عن ركوب الدواب، التي استبدلوها بما أنتجته التقنية الحديثة من السيارات والطائرات وغيرها من وسائل الانتقال، وهو أمر حديث أشار إليه القرآن بقوله: والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون (النحل: 8) فإذا ما خلق الله هذه الوسائل الجديدة تحققت نبوءة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((ولتُتركن القِلاص فلا يُسعى عليها)).[33]
    وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر بعض صفات المركوبات التي سيستحدثها الناس وبعض ما سيرافقها من المنكرات فقال: ((سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال، ينزلون على أبواب المسجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهم كأسنمة البخت العجاف )). [34]
    وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بعض الشرور التي تصيب أمته بين يدي الساعة، ونرى كثيراً منها بين المسلمين اليوم، ومنها أنّا نرى في بعض بلاد المسلمين من يقرأ القرآن في المآتم وعلى القبور أو على أبواب المساجد، يرجو من ذلك المال أو الشهرة ، لا الأجر والثواب، بل إن بعضهم يقرأ بحسب ما يعطى من المال، وهذا مصداق لما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه حين قال: ((من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس)).[35]
    وفي رواية البيهقي: ((فإن القرآن يتعلمه ثلاثة: رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرأ لله عز وجل)).[36]
    والناظر في أحوال الكثيرين من شباب وفتيات المسلمين يسوؤه ما يراه من تقليد للآخرين في زيهم وشاراتهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل وقصات شعورهم، فقد صدق فيهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لتتبعن سَنن من كان قبلكم شبراَ شبراَ، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضب تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمَن؟)).[37]
    قال النووي: "السَنَن بفتح السين والنون، وهو الطريق، والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات، لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد وقع ما أخبر به -صلى الله عليه وسلم-".[38]
    وأما ما ينتشر بين المسلمات من تبرج وتكشف في جلابيبهن وملابسهن التي أضحت صورة من صور الغواية لا الستر؛ فهذا تحقيق لما أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)).[39]
    ومعنى قوله -صلى الله عليه وسلم- : ((رؤوسهن كأسنمة البخت)) كما نقل النووي: "يعظمن رؤوسهن بالخمُر والعمائم وغيرها مما يلفّ على الرأس، حتى تشبه أسنمة الإبل".[40]
    قال النووي: "هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع ما أخبر به -صلى الله عليه وسلم-، فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة، أما الكاسيات ففيه أوجه [منها أن المرأة] تكشف شيئاً من بدنها إظهاراً لجمالها، فهن كاسيات عاريات يلبسن ثياباً رقاقاً تصِف ما تحتها، كاسيات [في الصورة، لكنهن] عاريات في المعنى".[41]
    ولئن كان بعض هذا في زمن النووي رحمه الله؛ فإنه في عصرنا أظهر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
    ومما يكون بين يدي الساعة أيضاً ضياع الأمانة بين الناس، وهو ما تنبأ به النبي -صلى الله عليه وسلم- حين جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟
    يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: فمضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى -صلى الله عليه وسلم- حديثه قال: ((أين أراه السائل عن الساعة؟)) قال: ها أنا يا رسول الله.
    فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((فإذا ضيِّعت الأمانة فانتظر الساعة))، قال: كيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)).[42]
    قال ابن بطال في معناه: "أن الأئمة قد ائتمنهم الله على عباده، وفرض عليهم النصيحة لهم، فينبغي لهم تولية أهل الدين، فإذا قلَّدوا غير أهل الدين فقد ضيعوا الأمانة التي قلدهم الله تعالى إياها".[43]
    فمن ضياع الأمانة في آخر الزمان أن تسند المسؤوليات لا إلى أربابها من أصحاب الكفاءات، بل إلى ما يملكه المرء من معارف وأموال يسترضي بها الآخرين.
    وما تزال الأمانة تقل بين الناس حتى يأتي عليهم زمان تنقلب فيه الموازين، وترفع فيه الأمانة (( فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل: ما أعقله! وما أظرفه! وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان)).[44]
    وتعاني أمة الإسلام حالة غريبة من التشرذم والضعف، وأصبحت بلادها كلأً مستباحاً للقاصي والداني، ولم يشفع لها أنها جاوزت المليار والربع من المسلمين، فهم غثاء كغثاء السيل، فصدق فيهم حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)) فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت)).[45] إنه نبوءة من لا ينطق عن الهوى، وهو علم آخر من أعلام نبوته -صلى الله عليه وسلم- ورسالته.
    وهكذا فإن وقوع ما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد مضي هذه القرون من تنبئه بهذه الأحداث وتلك المظاهر، لبرهان صدق ودليل حق على نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-.


    ________________________________________
    [1] رواه البخاري ح (79)، ومسلم ح (4825).
    [2] رواه البخاري ح (80)، ومسلم ح (2671).
    [3] رواه البخاري ح (1036).
    [4] رواه البخاري ح (6037)، ومسلم ح (157).
    [5] رواه البخاري ح (100)، ومسلم ح (2673).
    [6] فتح الباري (13/18).
    [7] فتح الباري (13/18).
    [8] رواه النسائي ح (5658)، وأبو داود ح (3688)، وأحمد ح (17607)، والدارمي ح (2100)، وصححه الألباني في صحيح الجامع ح (9584).
    [9] ذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم في باب: "ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه".
    [10] رواه البخاري ح (5581)، ومسلم ح (3032).
    [11] نقله عنه ابن حجر في الفتح (1/179).
    [12] رواه مسلم ح (2908).
    [13] فتح الباري (1/215).
    [14] رواه البخاري ح (1036).
    [15] رواه البخاري ح (6037)، ومسلم ح (157).
    [16] تحفة الأحوذي (6/514).
    [17] عون المعبود (11/223).
    [18] فتح الباري (13/20).
    [19] أخرجه مسلم ح (157).
    [20] مجلة الإعجاز العلمي، العدد السادس (ص 33).
    [21] إنه الحق، هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي (ص 34).
    [22] رواه البخاري ح (2059).
    [23] فتح الباري (4/347).
    [24] رواه النسائي ح (4379)، وأبو داود ح (2893) ، وابن ماجه ح (2278).
    [25] حاشية السندي على النسائي (7/243).
    [26] رواه أحمد ح (3838)، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر.
    [27] رواه أحمد ح (3860)، والبخاري في الأدب المفرد ح (1049)، وصححه الحاكم (4/110)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (647).
    [28] رواه النسائي ح (689)، و أبو داود ح (449)، وابن ماجه ح (739)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ح (432).
    [29] الخبران ذكرهما البخاري معلقين في باب "بنيان المساجد".
    [30] عون المعبود (2/84).
    [31] رواه مسلم ح (8).
    [32] شرح صحيح مسلم (1/159).
    [33] رواه مسلم ح (255).
    [34] رواه أحمد ح (7043).
    [35] رواه الترمذي ح (2917)، وأحمد ح (19384).
    [36] رواه البيهقي في شعب الإيمان ح (2630).
    [37] رواه البخاري ح (7320)، ومسلم ح (2669).
    [38] شرح صحيح مسلم (16/219-220).
    [39] رواه مسلم ح (2128).
    [40] شرح صحيح مسلم (17/190-191).
    [41] شرح النووي على صحيح مسلم (17/190)، وانظر فيض القدير ، للمناوي (4/208).
    [42]رواه البخاري ح (6496).
    [43] فتح الباري (11/342).
    [44] رواه البخاري ح (7086).
    [45] رواه أبو داود ح (3745)، وأحمد ح (21363)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (5369).
    التعديل الأخير تم بواسطة دفاع ; 03-09-2008 الساعة 01:21 AM

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

    افتراضي

    إخباره r بكيفية ومكان وفاة بعض معاصريه
    ومن دلائل نبوته وأمارات رسالته e ما أخبر به عن أمور تتعلق بوفاة بعض أصحابه وأهل بيته وغيرهم من أعدائه، وتبيانه لكيفية ومكان وحال مصرعهم، وهو علم لا يعرفه النبي من تلقاء نفسه.
    فالموت وما يتعلق به علم اختص الجبار - تبارك وتعالى - نفسَه بمعرفته، فهو وحده من يعرف أعمار البشر وأماكن قبض أرواحهم، فلا تعلم نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت ] إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير[ (لقمان: 34).
    وقد أعلم الله نبيه e بزمان أو كيفية موت بعض أصحابه وأهل بيته، كذلك بعض أعدائه، فأخبر به r، فكان تحققه برهاناً على نبوته وعلماً من أعلام رسالته، إذ لا يمكن لأحد معرفة ذلك ولا التنبؤ به إلا من قِبلِ اللهِ علامِ الغيوب.
    ومن هذه الأنباء الباهرة؛ إخبارُه r عن شهادة عمرَ وعثمانَ وعلي وطلحة والزبير، رضي الله عنهم أجمعين، وأن موتهم سيكون شهادة، وأنهم لن يموتوا على فُرُشِهم أو سواه مما يموت به الناس.
    وقد صعد رسول الله r على حراء، هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُ وطلحةُ والزبيرُ، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله r: ((اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديقٌ أو شهيد)).[1] فشهد r لنفسه بالنبوة، ولأبي بكر بالصديقية، ولعثمانَ وعليَ وطلحةَ بالشهادة.
    قال النووي: " وفي هذا الحديث معجزاتٌ لرسول اللّه r: منها إخبارُه أنّ هؤلاء شهداء, وماتوا كلٌّهم غيرَ النبي r وأبي بكر شهداء ; فإنّ عمرَ وعثمان وعليّاً وطلحة والزّبير رضي اللّه عنهم قُتلوا ظلماً شهداء ; فقتلُ الثلاثةِ [أي عمر وعثمان وعلي] مشهور, وقُتلَ الزّبير بوادي السّباع بقرب البصرة منصرفاً تاركاً للقتال, وكذلك طلحة، اعتزل النّاس تاركاَ للقتال, فأصابه سهم، فقتله, وقد ثبت أنّ من قُتل ظلماً فهو شهيدٌ".[2]
    وقد بشّر النبي r عمر بالشهادة مرة أخرى حين رآه يلبس ثوباً أبيضَ فقال له: ((أجديدٌ ثُوبُك أم غسيل؟)) قال: لا، بل غسيلٌ. فقال النبي r: ((اِلبس جديداً، وعِش حميداً، ومُت شهيداً)).[3]
    وكان كما قال عليه الصلاة والسلام، فقد قتله أبو لؤلؤة المجوسي وهو قائم يصلي الصبح إماماً بالمسلمين في مسجد النبي r سنة ثلاث وعشرين للهجرة النبوية، ليكون مقتله t مصداقاً لنبوءة النبي r وعلامةً من علامات نبوته ورسالته.
    وأما ثاني الشهداء، أمير المؤمنين المظلوم عثمان بن عفان، فقد بشّره النبي r بشهادته، وأنبأه أنها ستكون في فتنة طلب منه أن يصبر عليها، وذلك لما جلس أبو موسى الأشعري مع النبي r على بئر أريس في حائط من حيطان المدينة .
    يقول أبو موسى: فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمانُ بن عفان. فقلتُ: على رِسْلك، فجئتُ إلى رسول الله r فأخبرته، فقال: ((ائذن له ، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه)).
    يقول أبو موسى: فجئتُه، فقلت له: ادخل، وبشّرك رسول الله r بالجنة على بلوى تصيبُك.[4]
    وفي رواية أن عثمان (حمِد الله، ثم قال: اللهُ المستعان).[5] أي حمِد الله على بشارة النبي له بالجنة، وطلب من الله العون على بلائه حين تصيبه الشهادة.
    وثالث المبشرين بالجنة في قوله r: ((اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديق أو شهيد)).[6] هو علي t ، أبو السِّبْطين ، وقد أنبأه رسول الله في حديث آخر بأن الأشقى [أي ابن ملجِم] سيقتله بضربة في صِدْغَيه.
    وذات يوم مرِض علي t مرضاً شديداً ، فزاره أبو سنان الدؤلي، فقال له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه.
    فقال له علي: لكني والله ما تخوفتُ على نفسي منه، لأني سمعتُ رسولَ الله r الصادقَ المصدوقَ يقول: ((إنك ستُضرب ضربةً ها هنا، وضربةً ها هنا - وأشار إلى صُدغَيه - فيسيل دمها حتى تختضب لحيتُك، ويكونَ صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود)).[7]
    ولأجل هذا الحديث ما كان t يخاف على نفسه الهلكة في مرضه، فلسان حاله يردد ما قاله عبد الله بن رواحة t:
    وفينا رسول الله يتـلو كتابَـه إذا انشق معروف من الصبح ساطع
    أرانا الهدى بعد العمى فقلوبـنا بـه موقـنات أن ما قـال واقـع
    وتقبل فاطمة بنت النبي e تمشي ، فيقول لها أبوها: ((مرحباً بابنتي))، تقول أم المؤمنين عائشة: ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسرَّ إليهاً حديثاً، فبكت، ثم أسرَّ إليها حديثاً فضحكتْ.
    فقلت لها: ما رأيتُ كاليوم فرحاً أقرب من حزن، فسألتُها عما قال؟ فقالت: ما كنت لأُفشي سِرَّ رسول الله r .
    فلما قُبِض النبيُّ r سألتُها، فقالت: أسرَّ إلي: ((إن جبريل كان يعارضني القرآن كلَ سنة مرة ، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أولُ أهلِ بيتي لحاقاً بي، فبكيتُ، فقال r: أما ترضَينَ أن تكوني سيدةَ نساء أهل الجنة أو نساءِ المؤمنين))، فضحكتُ لذلك. [8]
    وفي رواية أخرى أنها قالت: (فأخبرني أنه يُقبض في وجعه الذي توفي فيه؛ فبكيت، ثم سارَّني، فأخبرني أني أولُ أهلِ بيته أتبعُه؛ فضحكت).[9]
    وفي هذا الحديث يخبر النبي r بثلاث غيوب، أولُها: اقترابُ أجله، وقد مات عليه الصلاة والسلام في تلك السنة.
    وثانيها: إخبارُه ببقاء فاطمة بعده، وأنها أولُ أهل بيته وفاة. وقد توفيت بعده r بستة أشهر فقط، فكانت أولَ أهل بيته وفاة.
    وثالثها: أنها سيدةُ نساء أهل الجنة، رضي الله عنها.
    قال النووي: " هذه معجزة ظاهرة له r , بل معجزتان , فأخبر ببقائها بعده , وبأنها أول أهله لحاقاً به, ووقع كذلك , وضحكت سروراً بسرعة لحاقها".[10]
    وأيضاً، من دلائل نبوته وأعلام صدقه r ؛ إخبارُه أمَ المؤمنين ميمونةَ أنها لا تموت في مكة، فقد مرضت ميمونة في مكة، واشتد عليها المرض، فقالت لمن عندَها: أخرجوني من مكة، فإني لا أموتُ بها، إن رسول الله r أخبرني أني لا أموت بمكة.
    فحملوها حتى أتوا بها سَرِف، إلى الشجرة التي بنى بها رسول الله r تحتها في موضع الفَيئة .[11] فماتت هناك ودفنت، وقبرها معروف اليوم في ضاحية النوارية بمكة، فكانت وفاتُها خارجاً عن مكة، كما أخبر الذي لا ينطق عن الهوى.
    ومن هؤلاء الذين تحدث النبي r عن وفاتهم، سِبطُه الحسين بن علي ريحانة أهل الجنة، فقد قال النبي r لإحدى أزواجه: ((لقد دخل علي البيت ملَك لم يدخل عليَّ قبلًها فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئت أريتُك من تربة الأرض التي يقتل بها. قال: فأخرج تربة حمراء)). [12]
    وهكذا كان فقد قُتل t في كربلاء العراق عام 60 هـ، فمن أدرى نبيه r بأن الحسين مقتول؟ ومن الذي أراه تربة مقتله؟ إنه الله العليم.
    والأعجب منه تنبؤ النبي e بشهادة امرأة ، وهي أم ورقةَ بنتَ عبد الله بن الحارث، فقد كان رسول الله r يزورها كل جمعة، وكان يسميها الشهيدة فيقول: ((انطلقوا نزور الشهيدة)).
    وذلك أنها قالت: يا نبي الله، أتأذنُ فأخرجُ معك، أمرّضُ مرضاكم، وأداوي جرحاكم، لعل الله يُهدي لي شهادة؟ قال: ((قَرِّي، فإن الله عز وجل يُهدي لك شهادة)).
    وقد أدركتها الشهادة زمن عمر t ، وكانت أعتقت جارية لها وغلاماً عن دُبرُ منها [أي يُعتقان بعد وفاتها] فطال عليهما، فغمّاها [أي خنقاها] في القطيفة حتى ماتت.[13] فكانت وفاتُها شهادة كما أخبر النبي r.
    فكيف جزم النبي r بوفاتها غيلة دون سائر الميتات، وهو أمر يندر في النساء؟ إنه دليلٌ آخرُ من دلائل نبوته وآيات رسالته.
    ويغدو النبي r إلى تبوك، ويتأخر عن الجيش أبو ذر لبطئ بعيره، فيتركه، ويحمل متاعه على ظهره، ليلحق بالنبي r في تبوك.
    وبينما المسلمون يتفقدون من تخلَّف عنهم، لاح في الأفق سوادُ رجلٍ يمشي، قالوا: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله r: ((كن أبا ذر))، فلما تأمله الصحابة، قالوا: يا رسول الله، هو واللهِ أبو ذر.
    فقال r: ((رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده)).
    لقد عرَف النبي r شخصَ أبي ذر قبل وصوله إليهم بما أعلمه الله، كما تنبأ r بأن أبا ذر، كما هو الآن يمشي وحده بعيداً عن أصحابه ، فإنه سيموت وحده بعيداً عنهم، ثم يبعث من ذلك المكان وحده.
    وتمضي الأيام لتُحقق نبوءةَ النبي r ، فتدرك الوفاةُ أبا ذر في الربذة، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامَه: إذا مِت فاغسلاني وكفّناني، ثم احملاني، فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر.
    فلما مات فعلوا به كذلك ، فاطلع ركب من أهل الكوفة، وفيهم ابن مسعود، فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره [أي من إسراعهم إليه].
    فاستهل ابن مسعود رضي الله عنه يبكي، ويقول: صدق رسول الله r ((يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث وحده)).
    فنزل ابن مسعود فولِيَ دفْنه. رضي الله عنهما.[14]
    وفي رواية أن أم ذر بكت لما حضرته الوفاة، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: وما لي لا أبكي، وأنت تموت بفلاة من الأرض، ولا يدَ لي بدفنك، وليس عندي ثوب يسعُك، فأكفِنك فيه؟
    قال: فلا تبكي وأبشري، فإني سمعت رسول الله r يقول لنفر من أصحابه وأنا فيهم: ((ليموتَن رجل منكم بفلاة من الأرض، يشهده عصابة من المؤمنين))، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية أو جماعة، وإني أنا الذي أموت بفلاة ، والله ما كذَبت ولا كُذِبت.[15]
    لقد بشرها t بمقدَم من يعينها على دفنه، لأن النبي r قال متنبئاً عن ذلك الذي يموت بفلاة بأنه ((يشهده عصابة من المؤمنين)).
    وجزْمُ أبي ذر أنه ذلك الرجل ، لأن الباقين ممن شهدوا هذا القول قد ماتوا في قرية أو جماعة، ولم يبق إلا أبو ذر ، وهو الذي حقق ما أخبر عنه محمد r.
    فمن ذا الذي أخبر محمداً r بموت أبي ذر وحيداً؟ ومن الذي أخبره بمقدم جماعة من المؤمنين يتولون تجهيزه ودفنه؟ إنه عالم الغيب والشهادة العليم الخبير.
    ومن دلائل نبوته r إخبارُه عن موت النجاشي في أرض الحبشة في يوم وفاته، وهذا خبر تحمله الركبان يومذاك في شهر ، يقول أبو هريرة t: (نعى رسول الله e النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً). [16]
    قال المباركفوري: "وفيه عَلمٌ من أعلام النبوة لأنه r أعلمهم بموته في اليوم الذي مات فيه، مع بُعدِ ما بين أرض الحبشة والمدينة". [17]
    وفي اليوم السابق ليوم بدر، تفقد رسول الله أرض المعركة المرتقبة، وجعل يشير إلى مواضع مقتل المشركين فيها، ويقول: ((هذا مصرع فلان)).
    قال أنس: ويضع يده على الأرض هاهنا هاهنا. فما ماطَ أحدهم عن موضع يد رسول الله r.[18]
    وهذا الحديث من أعلام النّبوّة ومعجزاتها، وذلك لإنبائه r بمصرع جبابرتهم , وتحديده أماكنَه، وقد وقع كما أخبر r .
    وأخبر r بقتل المسلمين لأمية بن خلف، وتفصيل ذلك أن سعد بن معاذ كان صديقاً لأمية، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مرَّ بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله e المدينة؛ انطلق سعد معتمراً، فنزل على أمية بمكة ... فقال سعد: يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله e يقول: ((إنهم قاتلوك)).
    فقال أمية: بمكة؟ قال سعد: لا أدري. ففزع لذلك أمية فزعاً شديداً.
    فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمداً أخبرهم أنهم قاتلي، فقلتُ له: بمكة؟ قال: لا أدري. فقال أمية: والله لا أخرج من مكة.
    فلما كان يومُ بدر؛ استنفر أبو جهلٍ الناسَ، قال: أدركوا عِيرَكم، فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان، إنك متى ما يراك الناس قد تخلفْتَ وأنت سيد أهل الوادي؛ تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل، حتى قال: أما إذ غلبتني، فوالله لأشترين أجود بعير بمكة.
    ثم قال أمية: يا أم صفوان، جهزيني. فقالت له: يا أبا صفوان، وقد نسيتَ ما قال لك أخوك اليثربي!؟ قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريباً.
    فلما خرج أميةُ أخذ لا ينزل منزلاً إلا عَقَل بعيرَه، فلم يزل بذلك، حتى قتله الله عز وجل ببدر".[19]
    والعجب كل العجب من يقين أمية بتحقق موعده r وفَرَقِه من ذلك، لكن أنى له أن يُكذِّبَ الصادقَ الأمين الذي مازالوا منذ شبابه يشهدون له بالصدق ] فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون [ (الأنعام: 33).
    ومن أخبار الغيوب الدالة على نبوة النبي e؛ إخباره بسوء خاتمة بعض من يظن أنهم يموتون على الإسلام أو قد يدخلون فيه، فقد تنبأ النبي r بهلاك عمه أبي لهب وزوجِه على الكفر، حين أخبر - فيما نقله عن ربه - ببقائهما على الكفر وهلاكهما على ذلك، قال تعالى: } تبت يدا أبي لهب وتب % ما أغنى عنه ماله وما كسب % سيصلى ناراً ذات لهب % وامرأته حمالة الحطب % في جيدها حبل من مسد { (المسد: 1-5)، فكيف جزم النبي e بضلال عمه، وهو أقرب الناس إليه، ومَظِنة الميل إليه؟ هل كان ذلك إلا بإعلام الله له.
    قال ابن كثير: " قال العلماء: وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة فإنه منذ نزل قوله تعالى: } سيصلى ناراً ذات لهب % وامرأته حمالة الحطب % في جيدها حبل من مسد { فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان، لم يُقيَضْ لهما أن يؤمنا، ولا واحدٌ منهما، لا باطناً ولا ظاهراً، لا مُسِراً ولا معلناً، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة الباطنة على النبوة الظاهرة".[20]
    ومثله في الدلالة على النبوة إخباره r عن سوء خاتمة رجل قاتل مع المسلمين فأحسن البلاء والجلاد، يقول أبو هريرة t: شهدنا مع رسول الله e فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: (( هذا من أهل النار)).
    يقول أبو هريرة: فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الذي قلتَ له: إنه من أهل النار؛ فإنه قد قاتل اليوم قتالاً شديداً، وقد مات! فقال النبي e: ((إلى النار)).
    قال أبو هريرة: فكاد بعض الناس أن يرتاب. فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحاً شديداً.
    فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح، فقتل نفسه، فأُخبر النبي e بذلك، فقال: ((الله أكبر، أشهد أني عبدُ الله ورسولُه)) ثم أمر بلالاً فنادى بالناس: ((إنه لا يدخلُ الجنة إلا نفسٌ مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجلِ الفاجر)).[21]
    وروى الشيخان من حديث سهل بن سعد الساعدي t نحواً من هذه القصة ، في قصة رجل يدعى قزمان، حيث ذكرا أن المسلمين اقتتلوا مع المشركون , وفي أصحاب رسول الله e قزمان لا يدع لهم شاذّة ولا فاذّة إلا اتّبَعها يضربها بسيفه, فقيل: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان [أي قزمان]. فقال رسول الله e: ((أما إنه من أهل النار))، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه.
    قال سهل: فخرج معه، كلما وقف وقف معه, وإذا أسرع أسرع معه.
    قال: فجُرح الرجل جرحاً شديداً، فاستعجل الموتَ، فوضع سيفَه بالأرض، وذُبابَه بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه.
    فخرج الرجل الذي يتابعه إلى رسول الله e فقال: أشهد أنك رسول الله، فقال e: ((وما ذاك؟)) فأخبره بخبر الرجل، فقال رسول الله e عند ذلك: ((إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة - فيما يبدو للناس - وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار - فيما يبدو للناس - وهو من أهل الجنة)).[22]
    قال ابن حجر: "في الحديث إخباره e بالمغيبات، وذلك من معجزاته الظاهرة".[23]
    وبينما النبي r وأصحابه قادمون من سفر؛ إذ هاجت ريحٌ شديدة، تكاد أن تدفن الراكب، فقال رسول الله e: ((بُعِثَت هذه الريح لموت منافق))، فلما قدم المدينة، فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات.[24]
    [COLOR=window****]قال النووي عن هذه الريح: "أي عقوبةً له، وعلامةً لموته وراحةِ البلاد والعباد به".[25][/COLOR]
    وهذه الأخبار المتواترة في معناها؛ دليل على نبوة النبي r وأنه مؤيَّد ببعض علم الغيب من ربه ] عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً % إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً % ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً [ (الجن: 26-28).
    ولله دَرُّ حسان بن ثابت إذ يقول عن خليله e:
    نبيٌ يرى ما لا يرى الناسُ حولَه ويتلو كتابَ الله في كل مشهد
    فإن قال في يومٍ مقالةَ غائبٍ فتصديقُها في ضحوة اليومِ أو غد

    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] رواه مسلم ح (2417).

    [2] شرح النووي على صحيح مسلم (15/190).

    [3] رواه أحمد ح (5363)، وابن ماجه ح (3558)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2863).

    [4] رواه البخاري ح (3674).

    [5] رواه البخاري ح (3693).

    [6] رواه مسلم ح (2417).

    [7] رواه الحاكم (3/122)، والطبراني في الكبير ح (173). قال الهيثمي: إسناده حسن. مجمع الزوائد (9/188).

    [8] رواه البخاري ح (3624)، ومسلم ح (2450).

    [9] رواه البخاري ح (3626)، ومسلم ح (2450).

    [10] شرح النووي (16/5).

    [11] رواه أبو يعلى ح (7110)، والبخاري في التاريخ الكبير ح (379). قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح" مجمع الزوائد (9/401).

    [12] رواه أحمد في المسند ح (25985)، والحاكم (3/194)، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد (9/301)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (882).

    [13] رواه أحمد ح (26538)، وأبو داود ح (571)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ح (552).

    [14] رواه الحاكم في المستدرك (3/52)، وحسّن إسناده ابن كثير في البداية والنهاية (5/9).

    [15] رواه أحمد ح (20865)، وابن حبان ح (6670)، وحسّنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح (3314).

    [16] رواه البخاري ح (1254).

    [17] تحفة الأحوذي (4/115).

    [18] رواه مسلم ح (1779).

    [19] رواه البخاري ح (3950).

    [20] تفسير القرآن العظيم (4/366).

    [21] رواه البخاري ح (3602).

    [22] رواه البخاري ح (2742), ومسلم ح (112).

    [23] فتح الباري (7/542).

    [24] رواه مسلم ح (2782).

    [25] شرح النووي على صحيح مسلم (6/141).

    (كتبه منقذ السقار)
    التعديل الأخير تم بواسطة دفاع ; 02-07-2008 الساعة 09:36 PM

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

    افتراضي

    إخباره e بأخبار الفتن
    وإن مما أخبر عنه e من الغيوب الدالة على نبوته؛ أخبار الفتن التي وقعت بين أصحابه بعد وفاته e، فكان إخباره بذلك برهان نبوته وعَلم رسالته.
    فقد أشرفَ النبي e يوماً على أُطم من آطام المدينة فقال لأصحابه: ((هل ترون ما أرى؟)) قالوا: لا. قال: ((فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر)).[1]
    قال النووي: "والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم، أي: أنها كثيرة، وتعُمُّ الناس، لا تختص بها طائفة، وهذا إشارة إلى الحروب الجارية بينهم، كوقعة الجمل وصِفِّين والحرة، ومقتلِ عثمان، ومقتلِ الحسين رضي الله عنهما وغيرِ ذلك، وفيه معجزة ظاهرة له e".[2]
    ويبين ابن حجر معنى اختصاص المدينة بالفتن، فيقول: "وإنما اختصت المدينة بذلك لأن قتل عثمان t كان بها، ثم انتشرت الفتن في البلاد بعد ذلك، فالقتال بالجمل وبصفين كان بسبب قتل عثمان، والقتال بالنهروان كان بسبب التحكيم بصفين، وكل قتال وقع في ذلك العصر إنما تولد عن شيء من ذلك، أو عن شيء تولد عنه ".[3]
    وكما أنبأ النبي بوقوع فتنة قتل عثمان في المدينة المنورة، فإنه أشار إلى ما سيقع من الفتن في العراق أو بسبب أهلها ، فقال e وهو يشير إلى المشرق: ((الفتنة من ها هنا)).[4]
    قال ابن حجر في شرحه: "وأول الفتن كان منبعها من قبل المشرق، فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين، وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة".[5]
    وإن أول الفتن التي ابتلي بها الصحابة رضي الله عنهم خروج المنافقين على عثمان بن عفان t، وطلبهم نزعه من الخلافة ثم قتله t، وقد أخبر النبي عثمان ببعض معالم هذه الفتنة فقال له: ((يا عثمانُ، إنه لعل الله يقمّصُك قميصاً، فإن أرادوك على خلعه، فلا تخلعه لهم )).[6]
    لقد أنبأه رسول الله r - كما سبق – أنه يموت شهيداً، وها هو ينبئه عن خلافته، وأن ثمةَ من يريد خلعَه من هذه الخلافة، فطلب منه النبي r عدم موافقتهم عليه، وكل ذلك من أخبار الغيب الصادقة الدالة على نبوته r.
    قال المباركفوري: "يعني إن قصدوا عزلك عن الخلافة، فلا تعزل نفسك عنها لأجلهم؛ لكونك على الحقّ، وكونهم على الباطل , ولهذا الحديث فإن عثمانَ t لم يعزل نفسَهُ حين حاصرُوهُ يوم الدّار ".[7]
    ووصف النبي e بدقة معالم هذه الفتن التي تتابعت بعد مقتله، وكأنه e يراها ، وفي مقدمتها الفتنة الكبرى التي اقتتل فيها الصحابة في معركتي الجمل وصفين، وذلك بعد وفاته بثلاثين سنة، فيقول: ((لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان، دعواهما واحدة)).[8]
    قال ابن كثير: "وهاتان الفئتان هما أصحاب الجمل وأصحاب صفين، فإنهما جميعاً يدعون إلى الإسلام، وإنما يتنازعون في شيء من أمور المُلك ومراعاة المصالح العائد نفعها على الأمة والرعايا، وكان ترك القتال أوْلى من فعله، كما هو مذهب جمهور الصحابة".[9]
    قال ابن حجر: "قوله: ((دعواهما واحدة )) أي دينهما واحد، لأن كلا منهما كان يتسمى بالإسلام, أو المراد أن كلا منهما كان يدعي أنه المحق".[10]
    وكون دعوى الطائفتين واحدة لا يمنع أن الحق مع إحداهما دون الأخرى ، وقد أوضحه r ، فشهد بأنه مع الطائفة التي تقاتل فرقة مارقة تخرج بين المسلمين يومئذ، قال رسول الله e: ((تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين، يقتلها أولى الطائفتين بالحق)).[11] فكان ذلك شهادة بالغة بأن الحق مع عليٍّ وأصحابه، لقتالهم لمارقي الخوارج في وقعة النهروان.
    قَالَ القرطبي: "وفي هذا الحديث عَلَم من أعلام النبوة، حيث أخبر بما وقع قبل أن يقع".[12]
    وكان e قد تنبأ بظهور الخوارج، وحدد صفاتهم وسماتهم، لما جاءه ذو الخويصرة متهماً النبيَّ e بالظلم في قسمة الغنائم قال: ((إن له أصحاباً، يحقِر أحدُكم صلاتَه مع صلاتهم، وصيامَه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ... آيَتُهُم رجلٌ أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثلُ البضعة تدردر، ويخرجون على خير فرقةٍ من الناس)).
    قال أبو سعيد الخدري: (أشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله e, وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل، فالتُمِس، فأتي به حين نظرت إليه على نعت النبي e الذي نعته).[13]
    قال النووي: "وفي هذا الحديث معجزات ظاهرة لرسول الله e، فإنه أخبر بهذا، وجرى كله كفلق الصبح، ويتضمن بقاء الأمة بعده e، وأن لهم شوكة وقوة، خلاف ما كان المبطلون يشيعونه، وإنهم يفترقون فرقتين، وأنه يخرج عليه طائفة مارقة، وأنهم يشددون في الدين في غير موضع التشديد, ويبالغون في الصلاة والقراءة, ولا يقيمون بحقوق الإسلام، بل يمرقون منه, وأنهم يقاتلون أهل الحق, وأن أهل الحق يقتلونهم، وأن فيهم رجلاً صفة يده كذا وكذا، فهذه أنواع من المعجزات جرت كلها، ولله الحمد".[COLOR=window****][14][/COLOR]
    وثمة ميزان آخر للفتنة، إنه عمار بن ياسر ، رآه النبي e عند بناء مسجده r يحمل لبِنَتين لبنتين، فيما كان الصحابة يحملون لبِنة لبِنة، فجعل e ينفض التراب عنه، ويقول: ((ويح عمار، تقتلُه الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار))، قال أبو سعيد: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.[15]
    قال النووي في شرحه للحديث: " وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله r من أوجه: منها أن عمارًا يموت قتيلاً, وأنه يقتله مسلمون, وأنهم بُغاةٌ, وأن الصحابة يقاتِلون, وأنهم يكونون فِرقتين: باغية, وغيرها, وكل هذا قد وقع مثل فلق الصبح, صلى الله وسلم على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى". [16]
    وقال ابن عبد البر: "وتواترت الآثار عن النبي r أنه قال: ((تقتل عمارَ الفئةُ الباغية))، وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته r ، وهو من أصح الأحاديث". [17]
    وقد قتِل عمارُ في جيش عليٍّ سنة سبع وثلاثين للهجرة النبوية، فكان دليلاً آخر على صحة موقف أبي الحسن علي t، وهو أيضاً دليل على صحة نبوة نبينا e، وإلا فمن ذا الذي أخبر النبي r بما يقع بعد وفاته من تمايز المسلمين إلى فئتين، وأن الباغية منهما تقتل عماراً؟ لا ريب أنه وحي الله الذي يعلم السر وأخفى.
    ومما أخبر به النبي e من أخبار الفتن إخباره عن خروج إحدى أزواجه على جمل، وأنه يقتل حولها كثير من المسلمين، فعن ابن عباس رضي الله عنها قال: قال رسول الله e: ((أيتُكنَّ صاحبة الجمل الأدبب [أي كثير وبر الوجه]، يقتل حولها قتلى كثيرة، تنجو بعدما كادت)).[COLOR=window****][18][/COLOR]
    وقد تحققت نبوءته r حين سارت عائشة رضي الله عنها جهة البصرة قبيل وقعة الجمل، فلما بلغت مياه بني عامر نبحت الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا أني راجعة.
    فقال لها الزبير: بل تقدمين، فيراك المسلمون، فيصلح الله عز وجل بينهم، قالت: إن رسول الله e قال لي ذات يوم: ((كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب)).[COLOR=window****][19][/COLOR] فتحقق ما أخبرها به النبي e بعد وفاته بخمس وعشرين سنة، ليكون إنباؤه دليل صدقه وبرهان نبوته.
    وإذا كانت الفتنة قد عصفت رياحها بالكثيرين، فإن ثمة من لا تضره الفتنة ولا يشترك فيها، إنه محمد بن مَسْلَمة، يقول حذيفة t: ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه؛ إلا محمد بن مسلمة، فإني سمعت رسول الله e يقول: ((لا تضرك الفتنة)).[20]
    ولما أطلَّت الفتنة برأسها حقق محمد بن مسلمة نبوءة النبي e عنه، فاعتزلها، وكسر سيفه، واتخذ سيفاً من خشب. [21]
    وكما أخبر e عن الفتن التي تفرق المسلمين؛ فإنه أنبأ عن التئام شمل المسلمين على يد الحسن بن علي رضي الله عنهم ، يقول أبو بكرة t: بينا النبي e يخطب؛ جاء الحسن، فقال عليه الصلاة والسلام: ((ابني هذا سيد, ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين)).[22]
    وقد كان كما أخبر e ، فقد تنازل الحسن لمعاوية عن الملك عام أربعينَ من الهجرة، فسُمِّيَ عامَ الجماعة لاجتماع المسلمين فيه على خليفة واحد بعد طول فرقة واختلاف.
    قال ابن حجر: "وفي هذه القصة من الفوائد علم من أعلام النبوة، ومنقبة للحسن بن علي؛ فإنه ترك المُلك، لا لقلة، ولا لذلة، ولا لعلة, بل لرغبته فيما عند الله، لما رآه من حقن دماء المسلمين، فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة ".[23]
    وفي ذلك كله شهادات تترى على نبوة النبي r الذي خصه الله بهذه الأخبار من غيبه، فتحققت، لأنه r
    أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أن ما قال واقع

    [1] رواه البخاري ح (7060)، ومسلم ح (2885).

    [2] شرح النووي على صحيح مسلم (18/7-8).

    [3] فتح الباري (13/16).

    [4] رواه البخاري ح (5296)، ومسلم ح (2905).

    [5] فتح الباري (13/51).

    [6] رواه الترمذي ح (3705)، وأحمد في المسند ح (24639)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (29233).

    [7] تحفة الأحوذي (10/137).

    [8] رواه البخاري ح (6936).

    [9] البداية والنهاية (6/214).

    [10] فتح الباري (6/713).

    [11] رواه مسلم ح (1065).

    [12] فتح الباري (12/314).

    [13] رواه البخاري ح (3610)، ومسلم ح (1064).

    [14] شرح صحيح مسلم (7/166-167).

    [15] رواه البخاري ح (428)، ومسلم ح (5192) واللفظ للبخاري.

    [16] شرح النووي على صحيح مسلم (8/40).

    [17] الاستيعاب (2/481).

    [18] رواه ابن أبي شيبة في المصنف ح (37785)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: "رواه البزار ورجاله ثقات" (7/474).

    [19] رواه أحمد ح (23733)، والحاكم (3/129)، وصححه، ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير في البداية والنهاية: "هذا إسناد على شرط الصحيحين ولم يخرجوه" (6/212).

    [20] رواه أبو داود ح (4663)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (6233).

    [21] انظر العبر، الذهبي (1/9).

    [22] رواه البخاري ح (7109).

    [23] فتح الباري (13/71).


    (كتبه الدكتور منقذ السقار)

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

    افتراضي

    إخباره بغيوب تحققت في حياته

    ومن الغيوب التي تنبأ بها r ووقعت حال حياته خبر الريح التي تنبأ e بهبوبها وهو منطلق وأصحابُه إلى تبوك فقال: ((ستهبُّ عليكم الليلة ريحٌ شديدة، فلا يقُمْ فيها أحدٌ منكم، فمن كان له بعيرٌ فليشُدَّ عِقاله)).

    قال أبو حميد t راوي الحديث: فهبَّت ريحٌ شديدة، فقام رجلٌ، فحملته الريح، فألقته بجبلي طيء.[1] فمن الذي أخبر النبي e بهبوب هذه الريح في زمن ما كان الناس يقدرون على التنبؤ بالطقس وحركات الرياح؟ إنه الله الذي لا تغيب عنه غائبة.

    قال النووي: "هذا الحديث فيه هذه المعجزة الظاهرة؛ من إخبارِه عليه الصلاة والسلام بالمغيَّب، وخوفِ الضرر من القيام وقت الريح .. وفيه ما كان عليه e من الشفقة على أمته , والرحمةِ لهم , والاعتناءِ بمصالحهم , وتحذيرِهم مما يضرُّهم في دين أو دنيا".[2]

    ومن إخباره r بالغيوب تنبؤه بهزيمة الفرس وغلب الروم ، في وقت كادت دولة الفرس أن تزيل الإمبرطورية الرومانية من خارطة الدنيا، فقد وصلت جيوش كسرى أبرويز الثاني إلى وادي النيل، ودانت له أجزاء عظيمة من مملكة الرومان.

    سنواتٌ معدودة تمكن فيها جيش الفرس من السيطرة على بلاد الشام وبعض مصر، واحتلت جيوشهم أنطاكيا شمالاً، مما آذن بنهاية وشيكة للإمبرطورية الرومانية.

    وأمام هذا الطوفان الفارسي أراد هرقل ملك الروم أن يهرب من عاصمة ملكه القسطنطينية، وكاد أن يفعل لولا أن كبير أساقفة الروم أقنعه بالصمود وطلب الصلح الذليل من الفرس.

    ووسط هذه الأحداث - وخلافاً لكل التوقعات - أعلن النبي e في أجواء مكة المتربصة به وبدعوته أن الروم سينتصرون على الفرس في بضع سنين، أي فيما لا يزيد عن تسع سنين، فقد نزل عليه قول الله تعالى: ]غلبت الروم % في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون % في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون % بنصر الله[ (الروم: 2-5).

    يقول المؤرخ إدوار جِبن في كتابه "تاريخ سقوط وانحدار الإمبراطورية الرومانية": "في ذلك الوقت، حين تنبأ القرآن بهذه النبوءة، لم تكن أية نبوءةٍ أبعدَ منها وقوعاً، لأن السنين العشر الأولى من حكومة هرقل كانت تؤذن بانتهاء الإمبرطورية الرومانية".

    لقد كان النبي r يتنبأ بانتصار المهزوم الذي يكاد يستسلم لخصمه، ويحدد موعداً دقيقاً لهذا النصر الذي ما من شيء أبعد في تحققه منه.

    وتناقلت قريش هذه النبوءة الغريبة التي خالفت أهواءهم التي مالت إلى جانب الفرس إخوانِهم في الوثنية، بينما أحب المسلمون انتصار الروم لأنهم أهل كتاب، واستبشروا بالخبر.

    قال ابن عباس: (كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، لأنهم وإياهم أهلُ أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهلُ كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله e فقال: أما إنهم سيَغلبون.

    فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا [أي بدوام انتصار الفرس] كان لنا كذا وكذا [أي من الرهن]، وإن ظهرتم [أي بانتصار الروم] كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهر الروم [أي في هذه السنينِ الخمس].

    فذكروا ذلك للنبي r فقال: ألا جعلته إلى دون العشر [أي طلب منه زيادة الأجل إلى تسع سنين، لأن البضع في لغة العرب ما دون العشر]، والله قد وعد بظفر الروم في بضع سنين.

    قال أبو سعيد: والبضع ما دون العشر.

    قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: ]غلبت الروم % في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون % في بضع سنين [.[3]

    لقد كان الأمر كما تنبأ عليه الصلاة والسلام، ففي عام 623م وما بعدها استطاع هرقل أن يتخلص من لهوه ومجونه، وشن ثلاث حملات ناجحة أخرجت الفرس من بلاد الرومان.

    وفي عام 626م واصل الرومان زحفهم حتى وصلوا إلى ضفاف دجلة داخل حدود الدولة الفارسية، واضطر الفرس لطلب الصلح مع الرومان بعد هزيمتهم في معركة نينوى، وأعادوا لهم الصليب المقدس - عندهم - وكان قد وقع بأيديهم.

    فمن ذا الذي أخبر محمداً r بهذه النبوءة العظيمة؟ إنه وحي الله، وهو دليل رسالته ونبوته عليه الصلاة والسلام.

    ولو تأملنا قوله تعالى: ]غلبت الروم % في أدنى الأرض [ فإن أعيننا لن تخطئ برهاناً آخر من براهين نبوته r، فقوله تعالى: ] في أدنى الأرض [ يشير إلى حقيقة علمية كشف عنها العلم الحديث، وهي أن البقعة التي انتصر فيها الفرس على الروم في منطقة الأغوار قريباً من البحر الميت هي أدنى الأرض، أي أخفض مكان في الأرض كما تؤكده الموسوعة البريطانية وغيرها[4]، إنه بعض علم اللطيف الخبير.

    ومما أطلع الله نبيه عليه من الغيوب التي لا يعرفها لولا إخبار الله له؛ خبر كتاب حاطب بن أبي بلتعة t الذي أرسله إلى قريش مع امرأة، يخبرهم فيه بعزم النبي e على غزو مكة.

    فلما كشف الله ذلك لنبيه؛ بعث علياً والزبيرَ والمقدادَ بنَ الأسود، وقال: ((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة، ومعها كتاب، فخذوه منها))، يقول علي t: فانطلقنا حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب. [5]

    قال ابن حجر: "وفيه من أعلام النبوة إطلاعُ الله نبيه على قصة حاطب مع المرأة".[6]

    ومثله من الإخبار المعجِز نعْيُه لقادة مؤتة الثلاثة - وقد استشهدوا في الشام - وهو في المدينة ، يقول أنس t: نعى النبي e زيداً وجعفراً وابنَ رواحة للناس قبل أن يأتيَهم خبرُهم ، فقال: ((أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان؛ حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم)).[7]

    فالذي أعلم النبيَّ e بمقتلهم قبل أن يأتي خبرهم إلى الناس هو الله علام الغيوب، قال الطحاوي: "وفيه عَلَمٌ ظاهر من أعلام النبوة".[8]

    ومن إخباره e بالغيوب؛ تعريفه أبا هريرة t بحقيقة الشيطان المتمثل في صورة رجل، ، وتنبؤه بأنه سيأتي مرة بعد مرة، فقد جاءه شيطان، يسرق من طعام الزكاة، فأمسك به أبو هريرة، ثم خلّى عنه لما شكى الفقر والعَيْلة.

    يقول أبو هريرة: فخليتُ عنه، فأصبحتُ، فقال النبي e: ((يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟)) فقلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعِيالاً، فرحمته، فخليتُ سبيله، قال: ((أما إنه قد كذَبك, وسيعود))، قال أبو هريرة: فعرَفتُ أنه سيعود لقول رسول الله e: ((إنه سيعود)) ...

    وعاد الرجل كما أخبر النبي e، وأطلقه أبو هريرة ثانية, فأخبره النبي بمقدَمِه ثالثة، فكان كما أخبر.

    فلما غدا إلى النبي e قال له e: (( تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة؟)) قال: لا، قال: ((ذاك شيطان)).[9]

    قال ابن حجر: "وفيه إطلاع النبي e على المغيَبات".[10]

    فهذه الغيوب وغيرَها مما أخبر به r أدلةٌ واضحة وبراهينُ ساطعة على نبوة النبي r، فهي غيوب أخبره بها عالمُ السر والنجوى.



    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] رواه البخاري ح (1482)، ومسلم ح (1392).

    [2] شرح صحيح مسلم (15/42).

    [3] رواه الترمذي ح (3193)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (2551).

    [4] يعتبر منخفض بحيرة طبريا ثاني أكبر المنخفضات في العالم، حيث تنخفض فيه اليابسة إلى 209 م تحت سطح البحر، بينما هي في منطقة البحر الميت تصل إلى 395 م تحت سطح البحر. انظر: أطلس العالم، مكتبة بيروت (ص 95) نقلاً عن كتاب "إنه الحق" الذي أصدرته هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي (ص 79).

    [5] رواه البخاري ح (3007)، ومسلم ح (2494).

    [6] فتح الباري (12/324).

    [7] رواه البخاري ح (3929).

    [8] عمدة القاري (17/269).

    [9] ذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم في كتاب الوكالة، باب "إذا وكل رجلاً فترك الوكيل شيئاً فأجازه".

    [10] فتح الباري (4/571).


    (كتبه الدكتور منقذ السقار)
    التعديل الأخير تم بواسطة دفاع ; 02-07-2008 الساعة 09:40 PM

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    5,025
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    21-07-2016
    على الساعة
    11:53 PM

    افتراضي

    أخي الحبيب دفاع .....

    بارك الله بك على هذه الجهود وجزاكم الله كل الخير ....
    موضوع رائع .....



    نتمنى أن يقرأه الضيوف النصارى الأفاضل .....
    متمنيين لهم الاستفادة والهداية .



    أطيب الأمنيات لك من أخيك نجم ثاقب .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    502
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    19-05-2018
    على الساعة
    05:23 PM

    افتراضي

    جزاك الله خيرا أخي الحبيب

    موضوع ذو صلة
    https://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=21051
    "ما ناظرت أحدا إلا وودت أن يظهر الله الحق على لسانه"

    الإمام الشافعي (رحمه الله)

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم77 مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا أخي الحبيب

    موضوع ذو صلة
    https://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=21051
    الله أكبر

    رااائع

    وددت أن أنقلها هنا ولكن رأيت أنه من الأفضل أن تكتبها تضعها بنفسك تشجيعا للأعضاء على المشاركة في الموضوع معنا وفقنا الله

صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

سلسلة من دلائل نبوءات رسول الله صلى الله عليه وسلم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. رسول الله صلى الله عليه وسلم ..والدماء ...للشيخ رفاعي سرور
    بواسطة خالد حربي في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 30-06-2008, 01:21 AM
  2. حقيقة الأذى الذى لا قاه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
    بواسطة السعيد شويل في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-03-2008, 09:15 PM
  3. من دلائل نبوة الرسول صلي الله عليه وسلم
    بواسطة fayza في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 07-02-2007, 02:38 AM
  4. مواضع ورود رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس
    بواسطة مـــحـــمـــود المــــصــــري في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-09-2005, 04:35 PM
  5. قبل وفاة سيد البشر محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم ب 9 أيام
    بواسطة جنة الفردوس في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-01-1970, 03:00 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

سلسلة من دلائل نبوءات رسول الله صلى الله عليه وسلم

سلسلة من دلائل نبوءات رسول الله صلى الله عليه وسلم