تسونامي الفاتيكان فهمي هويدي
الثلاثاء, 20 أبريل 2010
فضيحة الفاتيكان كبرت حتى طالت البابا شخصياً، الذي تحدث البعض عن احتمال إلقاء القبض عليه حين يزور بريطانيا في شهر سبتمبر المقبل. والتهمة المنسوبة إليه أنه تستر على جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال من جانب بعض الكهنة والرهبان، حين كان رئيساً لأساقفة ميونيخ في ألمانيا في بداية الثمانينيات. وذكرت صحيفة «التايمز» اللندنية في 14 مارس الماضي، أن تستره يجعله متورطاً بشكل مباشر فيما حدث، خصوصاً أن شقيقه «جورج» كان أحد المتهمين في الجرائم التي وقعت آنذاك
منذ بداية العام الحالي والقضية تتفاعل وتكبر، حتى أصبح يطلق عليها مصطلح «تسونامي الفاتيكان»، ذلك أن وسائل الإعلام البريطانية تحدثت عن ثلاثة تحقيقات تمت في أيرلندا، التي يتبع أغلب سكانها المذهب الكاثوليكي. وكان المتهمون فيها بعض الشخصيات البارزة في الكنيسة «ثلاثة من الأساقفة». وقالت الصحف، إن التحقيقات حول موضوع الاعتداءات الوحشية بحق الأطفال، الذين يترددون على الكنيسة، استمرت خلال السنوات الخمس الأخيرة بصورة غير معلنة. وكان أحد الثلاثة «الأسقف جون ماجي» سكرتيراً خاصاً لثلاثة باباوات، هم بولس السادس، ويوحنا بولس الأول، ويوحنا بولس الثاني.
قدم الثلاثة استقالاتهم. وأصدر البابا بنديكتوس بياناً هو الأول من نوعه عبر فيه عن مشاعر «العار والندم» للاعتداءات الجنسية، التي تعرض لها الأطفال الأيرلنديون. وأكد أن الأساقفة الثلاثة ارتكبوا أخطاء جسيمة يجب أن يحاكموا عليها. لكن بيانه لم يرض أهالي الضحايا أو المنظمات المعنية بالموضوع، فقد طالب هؤلاء باعتذار صريح من البابا عما حدث، والاعتراف بأن الكنيسة الكاثوليكية أساءت استخدام سلطاتها وتسترت عمداً على أفعال كهنة اعتدوا على أطفال رغم علمها بممارساتهم.
في التعليق على ما حدث والدفاع عن موقف البابا كتب ماركو بوليتي، المحلل الخبير في شؤون الفاتيكان في الصحيفة الإيطالية اليسارية «آيل فاتو كوتيديانو»، أنه لعقود عدة كانت الكنيسة تخفي الأمر، حفاظاً على سمعتها، لكن البابا بنديكتوس اختار أن يتصدى للمشكلة، وكان أول حبر أعظم في المجتمع المعاصر يصدر وثيقة رسمية في خصوص الاعتداء الجنسي على الأطفال.
في ذات الاتجاه كتب آخر، وهو جون ألين من «ناشونال كاثوليك ريبورتر»، قائلاً : إن فضائح الكهنة المتورطين بدأت في الظهور في نهاية رئاسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني المتوفى سنة 2005، لكن البابا بنديكتوس هو «بابا الأزمة»، الذي قرر أن يتعامل مع الملف بمنتهى الحزم.
المشكلة لم تقف عند هذا الحد، لأنه ما أن فتح الملف حتى توالت الشكاوى المماثلة التي قدمها مئات الضحايا وأسرهم في كل من ألمانيا، والنمسا، وهولندا، وسويسرا. وتبين أن الظاهرة، على محدوديتها، لها وجودها في نحو 23 دولة، بينها الولايات المتحدة، وأستراليا، والبرازيل. وكان نصيب الولايات المتحدة من المعلومات، التي تسربت، كبيراً، لأننا عرفنا مما نشر حول الموضوع أنه منذ عام 2002 استقال أو فصل 250 قساً أميركياً على الأقل، أدينوا في الاعتداء على الأطفال، وأن الكنيسة اضطرت إلى دفع تعويضات بقيمة 436 مليون دولار إلى ضحايا تلك الانتهاكات في عام 2008.
ثمة جهود تبذل الآن من جانب الفاتيكان لتتبع المشكلة واحتوائها، خصوصاً أن التقارير تحدثت عن اعتداءات مماثلة وقعت في حق أعداد من الراهبات، لكن نفراً من الباحثين وعلماء اللاهوت حاولوا أن يتحروا جذور القضية، ومن هؤلاء من كتب داعياً إلى فتح الأبواب لزواج الكهنة، لحل مشكلة الكبت الذي يعانون منه «هانز كونج، لاهوتي سويسري»، ومنهم من نفى ذلك، وذكر أنه ليست هناك دراسة علمية تؤيد أن العزوبة هي المشكلة «ستيفان جولان كاهن نشر مقالاً في لوموند بهذا المعنى». ومنهم من طالب بانفتاح الكنيسة على المجتمع، واعتبر أن انغلاقها هو سبب العلل الأول «ألبير روويه رئيس أساقفة مدينة بواتييه في فرنسا، لوموند»، لكن يبدو أن الرأي العام أصبح أكثر حماسة لفكرة تزويج الرهبان.
حماية لأبنائهم فقد ذكرت وكالة أنباء «آكي» الإيطالية في تقرير بثته فى 25 يناير الماضي، أن 73 ٪ من الكاثوليك أصبحوا يؤيدون الفكرة، وكانت النسبة في السابق 66 ٪، وما زال الجدل مستمراً، ولم يتفق على حل للمشكلة
المفضلات