المرأة والقوامة :
أولاً : هذا البحث مجهود شخصى منى ...... وأنا مسلمة عادية ..... لهذا إن أحسنت فأعينونى وإن أسأت فقومونى ....... ومن كان لديه إعتراض على أى شئ أقوله .... فإننى أتقدم له برجاء خاص أن يهدينى هذا الإعتراض ...... (( رحم الله رجلاً أهدى إلى عيوبى )) .
ثانياً : أنا لا أحاول إثبات شئ معين ...... كل ما أريده ........ هو إظهار الحق .... الحق وحسب ...
ولست أبالى بالملاحدة ولا بالنصارى ..... فالحق أحق أن يتبع ....... وليس فى ديننا شئ نخفيه .. والسلام على من إتبع الهدى ....... أما بعد :
قال الله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم .

بعض العلماء ....... فهم القوامة على أنها تشريف من الله للرجل وهذا ما إقتضاه ظاهر الآية ( بما فضل الله ) .. فأخذوا يبحثون عن معنى هذا التفضيل .........
فقالوا : جعل الولاية العظمى لهم ...... والطلاق بأيديهم ...... والإنتساب إليهم ....... والنبوة فيهم ...
وكمال عبادتهم ... وكمال عقلهم ..... والجهاد ....... وزيادة التعصيب والنصيب فى الميراث .
وممن قال بذلك : الإمام السيوطى .... والإمام إبن كثير ...... والإمام البغوى .
وقال القرطبى : أن الرجل هو أصل المرأة ..... وهى فرعه .... وهذا نقل عن إبن العربى أيضاً.
و قال محمد الطاهر بن عاشور : بل هذا التفضيل ... هو ماخصه الله بهم من القوة البدنية التى لم يجعل للنساء مثلها ... بتصرف .
وجاء الإمام الشنقيطى فزاد عليهم : جمال الذكورة !! ..... الذى يغنى الذكر عن لبس الحلى ونحوه بعكس الأنثى الذى جعل لها الحلى لجبر النقص الحادث فيها .....
مستشهداً بهذه الآية : أو من ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين .

وبعض العلماء فهموا القوامة على أنها تكليف من الله للرجل ..... وليس فيها أى نوع من التشريف .. وهذا ما إقتضاه ظاهر اللفظ ( قوامون ) ...... فمعنى أن فلان قائم على فلان ..... أن هناك إنسان جالس مستريح .... وهناك شخص آخر يقوم بحمايته والذب عنه ..... والسعى لأجله .
وممن قال بذلك : الإمام الشعراوى رحمه الله ........ والشيخ محمد العريفى حفظه الله ... بل وهو المفتى به فى الأزهر الشريف .

وبعضهم كان رأيه متقارب من النوع الثانى نوعاً ما فقالوا عن القوامة : أنه حق إكتسبه الرجل بسبب تكليف كلف به ... ففسروا التفضيل الحادث فى الآية على هذا النحو : كلف الله الرجل بالنفقات وبالسعى على زوجته وحمايتها وصيانة عرضها ...... وهذه تكليفات لم تكلف المرأة بها .... فلزم مقابل ذلك .... أن يأخذ الرجل حقاً لا تأخذ المرأة مثله ...... أو بمعنى أدق ... يخصه الله بسلطة ليس للمرأة مثلها ...... لكنها فى النهاية سلطة تكليفية ...... وليست شرفية .
وممن قال بنحو ذلك : الإمام الطبرى ( شيخ المفسرين ) ..... وهو المروى عن الضحاك ( وهو من أئمة التفسير أيضاً ) ...... وهو المروى عن إبن العباس ترجمان القرآن ولكن عن طريق على بن أبى طلحة وهى صحيفة ردها بعض أهل العلم لأكثر من سبب .
والآن ...... سنتحدث عن آراء العلماء جميعهم ..... متبعين هذه القاعدة : ( كل مجتهد مصيب ) .
إذا بدأنا بالرأى الأول :
حسناً ... فالرجال عموماً أفضل من النساء ...... وأوجه التفضيل هى :
جعل الولاية العظمى لهم : هذا صحيح ..... فالولاية السياسية والعسكرية لا تجوز أن تأخذها إمرأة .. لقوله صلى الله عليه وسلم : ما أفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة .
ولكن .... لقد خص الله المرأة بولاية لم يجعل للرجل مثلها ...... هذه الولاية هى الحضانة .... لم يلتفت العلماء قديماً لهذا الأمر ..... ليس لشئ ... ولكن لأن علوم النفس والإجتماع لم تكن قد وصلت إليهم .... فكانت الحضانة فى نظرهم ... ما هى إلا خدمة الطفل .... وحسب ... ولكن هذا لم يكن من المجمع عليه بينهم ..... ولهذا إختلفوا فى جواز حضانة الكافرة للمسلم ... فبعضهم أفتى بجوازها وبعضهم أفتى بعدم جوازها خوفاً من أن تنشئ الطفل على دينها ... ( وطبعاً لها الحق فى رؤية طفلها حتى ولو لم تكن الحضانة لها لكى يكون الكلام واضحاً ) .
ولكنهم أجمعوا على أن الحضانة حق للمرأة المسلمة العاقلة البالغة وحددوا فترتها حتى سن السابعة على أقل تقدير .... بلا خلاف بينهم فى ذلك .
ولكن أول سبع سنين من حياة الطفل ....... هى أهم سبع سنين فى حياته ..... وفيها يتشكل 90 % من قيمه ومبادئه ... ( كتاب خط الحياة ) .... فإذا قلنا أن 20 % من القيم والمبادئ يتلقاها الطفل من أصدقائه أو الإعلام .... يبقى الـ 70 % الباقية من نصيب الأم .... تخيلوا ؟؟ !! ..... المرأة مسئولة عن تكوين 70 % من قيم ومبادئ المجتمع !!! .... طبعاً برجاله ونسائه ... إلا أن تأثيرها يكون أكثر على الرجال بالمناسبة .... ( عقدة أوديب الشهيرة ) .
والطلاق بأيديهم : لقد جعل الله الخلع للمرأة مقابل الطلاق بالنسبة للرجل .... فإذا طلبت المرأة الخلع من زوجها .. وجب عليه إجابة طلبها .... وهذا ما عليه ظاهر النص : إقبل الحديقة وطلقها تطليقة .. ولكن جمهور العلماء ذهب إلى أن الأمر هنا للإستحباب لا للوجوب .... وإقتضوا بالتحكيم ... فإذا تعذر الإصلاح بين الزوجين وجب التفريق بينهما ولو رغماً عن الزوج ..... حتى على قول من قال بأن الأمر هنا للإستحباب لا الوجوب ( فتوى د : ياسر برهامى )
والدليل على ذلك : لفظ القرآن : حكماً من أهله وحكماً من أهلها ..... فهما حكمان ... يحسمان الأمور ويفصلان فيها ..... وحكمهما نافذ رغماً عن الزوجين .
وكذلك : لأن الشريعة جاءت لتدرء المفاسد وما كنت لتقره ..... وإجبار المرأة على الحياة مع من لا تطيق ... من أعظم المفاسد عليها فى دينها ودنياها وعلى الزوج أيضاً لأن فيه إجحافاً بحقه .
والإنتساب إليهم : هذا أيضاً صحيح .... قال الله تعالى : ادعوهم لآبائهم . فالإبن ينتسب إسماً لأبيه ولكنه يتكون فى رحم المرأة .... ويتغذى من دمها .... ويسقى من لبنها ..... ولو أنكم تروا كيفية إتصال المشيمة بين الجنين وبين الأم ... لعلمتم أن إنتسابه إليها ..... لا يعادله إنتساب !! ... روح إنسان تتغذى على روح إنسان آخر .. تتكون فيها وتكبر بداخلها شيئاً فشيئاً ... سبحان الله الخالق العظيم !!!
والنبوة فيهم : نحن هنا لن نتطرق إلى الخلاف الحادث بين العلماء حول نبوة السيدة مريم العذراء .. سنعتمد على ما هو متفق عليه .. أن الله إصطفى من النساء أربعة : مريم بنت عمران ... وخديجة بنت خويلد ... وفاطمة بنت محمد .... وآسيا زوجة فرعون ... رضى الله عنهن جميعاً ..... فالله كما إصطفى من الرجال .. إصطفى من النساء .... لكنه لم يحملهن مشقة التبليغ .... لعدم طاقتهن بها .
فوجئت فى أحد المنتديات بسيدة مسلمة ... تفند هذا القول بأن عدد المصطفين من الرجال أكبر بكثير من عدد المصطفيات من النساء .... وعلى هذا فالرجال أفضل من النساء .
وكان دليلها : ((كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء سوى أربع ........... ))
حسناً .... إن الله إصطفى من بنى إسرائيل أنبياء كثر ..... زكريا ويحيى وموسى وعيسى ويعقوب وإسحاق ويوسف وداوود وسليمان والسيدة مريم والسيدة آسيا ...... كل هؤلاء من بنى إسرائيل.
ومع ذلك : هم المغضوب عليهم ..... ونحن خير أمة أخرجت للناس !!!!
وكمال عبادتهم : ولماذا تنقص عبادة المرأة عن عبادة الرجل ؟! ...... بسبب الحيض .. أليس كذلك؟ أولم يقل الله فى كتابه العزيز : يسألونك عن المحيض قل هو أذى .
7 - ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ، ولا هم و لا حزن ، و لا أذى ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها خطاياه
الراوي: أبو سعيد الخدري و أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 378
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فإذا كان حرمان المرأة من أداء بعض الواجبات الدينية ... إنتقاصاً لها عن الرجل .... فهل يكون حرمان الرجل من تكفير الخطايا الذى يحدث فى الشهر مرتين إنتقاصاً له أيضاً ؟ أم ماذا ؟!
وكمال عقلهم : صدقوا ..... فالمرأة ناقصة عقل بنص الحديث الشريف : (( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن )) ..... ولكن بالرغم من ذلك .... فالمرأة أكثر دهاءاً من الرجل ... والدهاء هو سعة الحيلة ..... وهذا أيضاً ما نص عليه نفس الحديث الشريف !!!!!
والجهاد : أما الجهاد ..... فطاعة المرأة لزوجها وإعترافها بحقه .... تعدل الجهاد فى سبيل الله .. وإن كان الحديث حسن ..... إلا أنه يحتج به مادام لم يعارض أصلاً ....... وحتى على فرض عدم صحته .. يكفيها أن الجنة تفتح لها أبوابها لتدخل من أيها شاءت ما إن صلت خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها .... وهذا حديث صحيح .
وزيادة التعصيب والنصيب فى الميراث : أظن الصواب قد خالفهم هذه المرة ..... فإن الأصل فى الميراث بل وفى كل الأحكام الشرعية هو المساواة بين الرجل والمرأة .... والعبرة فى التمايز فى الميراث ...... ليس بالرجولة ولا بالنسوية ..... فالأم ترث مثل الأب .... مع أن الأم إمراة والأب رجل!!
أما قول القرطبى رحمه الله : أن الرجل هو أصل المرأة ..... وهى فرعه : فلو سلمنا بذلك .... هل هذا يعنى أن الرجال أفضل من النساء ؟ ...... ما أعنيه : آدم هو أصل حواء لذلك هو أفضل منها ..... ولكن أخى ليس أصلى .. أليس كذلك ؟ ..... ورجال اليوم ... ليسوا أصل نساء اليوم ..... فلا تفاضل بينهم .
إلا أن يقصد أن عنصر الرجولة أفضل من عنصر النسوية ...... لأن الرجولة هى الأصل .. وهى الأساس فى وجود النسوية .
قلنا : ولولا حواء لما إستطاع آدم أن يسكن الأرض ..... فكما أن حياتها توقفت على وجوده ... فحياته توقفت على وجودها ..... ( خلق منها زوجها ليسكن إليها ) ... فلولا النسوية لما إستمرت الرجولة.
وحتى لو سلمنا بذلك .... لوجب علينا التسليم بأن عنصر التراب أفضل من عنصر الإنسان لأن التراب هو الأصل ...... وهذا لا يمكن ... لا عقلاً ولا نقلاً ..... فالتراب مذلل لخدمة الإنسان ... أليس كذلك؟
بل إن خلق حواء من آدم ... أكبر دليل على المساواة بينهما ....... فهما فى الأساس .. جسد واحد !!
أما ما خصهم الله به من القوة البدنية :
فقد خص النساء بقوة العاطفة ....... والحنان والرقة والرعاية .
أما قول الشنقيطى رحمه الله :
فأظن الصواب جانبه فى رأيه ..... فالحلى إن كان يجبر نقصاً .... فهو يجبر نقصاً شكلياً .. لا جوهرياً ... ولا يقول أحد أنه من الطبيعى أن يكون الذكر أجمل شكلاً من الأنثى ..... أما الآية التى إستشهد بها فتفسيرها على غير ما ذهب إليه ــ رحمه الله ــ فالله سبحانه يقول : تنشأ فى الحلية والحلية ذكرت كثيراً كجزاء لأهل الجنة .. لدلالتها على الترف الشديد فيكون معنى الآية : أن المرأة تنشأ فى الترف والنعيم .... فتكون ناعمة رقيقة ضعيفة النفس ... ضعيفة الباطن ..... وكذلك تكون ضعيفة الظاهر فعند الجدال لا تأتى بالحجة لحيائها ورقتها وضعفها ..... فكيف بالله العزيز المقتدر أن يتخذ ولداً ضعيف الظاهر والباطن ؟؟!! وهذا الضعف ــ إن كان عيباً ــ .. فمقابله مميزات أخرى .
ومما سبق ..... يتضح أن كل أوجه التفضيل التى رآها العلماء للرجال على النساء ..... لها ما يقابلها فى النساء ..... ولعلنا نستطيع أن نفهم هذا الحديث الشريف بصورة أوضح الآن :
إنما النساء شقائق الرجال ..... وهذه الآية : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض .
وبقى السؤال : هل القوامة فى حد ذاتها تشريف أم تكليف ؟؟!
أليس الرجل فى منصب أعلى من المرأة داخل الكيان الأسرى؟!!!
قلت : نعم ...... ولكن المرأة أيضاً داخل الكيان الأسرى فى منصب أعلى من الرجل .... هو منصب الأمومة ... أمك ثم أمك ثم أمك .. ثم أبوك .
فى الواقع ما أراه : أنها هذا وذاك ....... فهى تكليف وتشريف معاً .
فالرجل مكلف بالسعى والإنفاق والحماية.. ولكن مقابل ذلك له حق الإحتباس والتأديب .. فهذه بتلك.
وكأن الرجل سلطان من ناحية ...... وخادم من ناحية أخرى .
وكأن المرأة سلطانة من ناحية ...... وخادمة من ناحية أخرى .
وفى النهاية ... فكل منهما فضله الله وخصه بمميزات معينة .. تناسب المهمة المنوطة به .... وكل له وعليه ..... وما نقص فى المرأة كمل فى الرجل ... وما كمل فى المرأة نقص فى الرجل ....
فتتحقق المساواة التامة بين الطرفين ........ مع إحتفاظ كل منهما بمميزاته الخاصة وطبيعة خلقته التى فطره الله عليها ...... تتحقق المساواة دون إجحاف ... ودون ظلم ... تتحقق المساواة بالعدل .. وهذا أحد أسرار عظمة الإسلام الحنيف !!