مذبحة سريبرينيتشا.. استحضار غربي ونسيان عربي + مقطع مؤثر

[نعيم الزايدي]

مذبحة سريبرينيتشا.. استحضار غربي ونسيان عربي

الاحد 13 شعبان 1431 الموافق 25 يوليو 2010



عمرو محمد

قَبل 15 عامًا، وفي مثل هذه الأيام، انتشرت أنباء المذبحة التي تعرَّض لها المسلمون البوسنيُّون، وتحديدًا في بلدة سريبرينيتشا، على الرغم مما ادَّعَتْه آنذاك الأمم المتحدة من توفير ملاذ آمن للمدنيين الباحثين عن ملجأ من فظائع حرب البلقان.

وكان نحو 30 ألف مسلم بوسني قد تجمَّعوا في أوائل يوليو من العام 1995 في القاعدة العسكرية للأمم المتحدة، في بوتاكاري، وهي ضاحية لبلدة سريبرينيتشا المطوَّقة على الجبهة بين البوسنة والهرسك، ويوغوسلافيا السابقة الخاضعة لسيطرة الصرب؛ طلبًا للحماية من القوات الصربية الزاحفة، بقيادة الجنرال راتكو ملاديتش.

إلا أن ملاديتش وجنوده دخلوا المنطقة المحمِيَّة، وطلبوا من قائد الأمم المتحدة الهولندي، الكولونيل تون كاريمانس، أن يسلمَهم الرجال البوسنيين.

وقائع الجريمة

وفي ذلك اليوم (11 يوليو) تَمَّ فصل نحو 23 ألف امرأة وطفل عن أقاربهم الذكور، تحت سمع وبصر قائد الأمم المتحدة وقواته، وتم نقلُهم بعيدًا، ثم جرِّد المعتقلون المسلمون الذكور، عسكريين ومدنيين، من ملابسهم.

وكما ذكرت محكمة الجنايات الدولية التي شُكِّلت للنظر في قضية يوغوسلافيا السابقة، والتي حكمتْ سنة 2004 بأن المذبحة كانت إبادة جماعية، "وقامت الميليشيات بعد ذلك بقتلهم بطريقة منهجية منظَّمَة، بناءً على هويتهم فقط"، وتم دفن الرجال في بادئ الأمر في مقابر جماعية، ثم استخرِجَتْ جثثُهم بعد ذلك، ووزِّعت في مقابر أصغر، في محاولة لطمْس الدليل على المذبحة.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، دَأَب خبراءُ الطب الشرعي على استخراج بقايا الجثث لأكثر من 4500 ضحية، من أجل التعرُّف على هوياتهم، في الوقت الذي سبق أن دُفن فيه رفات نحو 775 ضحية، ممن جَرَتْ إعادة دفنهم في ذكرى المذبحة.

ويقدر عدد الشهداء بنحو 8 آلاف مسلم، وهي الجريمة التي لم تحرِّكْ وقتها قوات الأمم المتحدة، بل نشرت وسائل الإعلام صور قائد قوات الأمم المتحدة الهولندي، وهو يشرب نخب المذبحة مع السفَّاحين الصرب!

وبعد 15 سنة، وفي مارس الماضي، أدان البرلمان الصربي المذبحة واعتذر عنها، إلا أن رئيس الوزراء الصربي، ميلوراد دوديك، نفى مؤخرًا أن تكون مذبحة سريبرينيتشا إبادةً جماعيَّة.

وفي مارس 2006 تُوفِّي زعيم النظام الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش بينما كان يتعرَّض للمحاكمة كمجرم حرب في لاهاي، بينما لا يزال الجنرال ملاديتش مختفِيًا، أما مهندس المذبحة، الزعيم الصربي المدان، رادوفان كاراديتش، الذي ظلَّ هاربًا من وجه العدالة سنوات طويلة، فقد اعتُقل سنة 2008 وهو موقوفٌ الآن في لاهاي بانتظار إتمام محاكمتِه.

وبعد 15 عامًا، وتحديدًا في 11 يوليو الماضي دفن مئات العائلات رفات أقاربهم في جنازة جماعية، في الوقت الذي تعني فيه موجة الجنازات الجديدة، أن نحو نصف ضحايا المجزرة التي استمرت أربعة أيام (11-15 يوليو 1995) يرقدون الآن في المقبرة التذكارية في بوتاكاري.

أما الباقون فمن المنتظر أن تُستخرَج رفاتهم من المقابر الجماعية، ويجري تحديد هوياتهم، على ضوء فحوص حمض الـ "دي إن إيه" كما يقول بيتر ليبمان في موقع أوبن ديموكراسي.

تجاهلٌ إسلامي

وعلى الرغم من مرور 15 عامًا على المذبحة، فإن الإعلام العربي والإسلامي لم يستحضرْ هذه المذبحة، وبدت وسائله غير مستحضِرَة لها، في الوقت الذي كانت فيه حاضرةً في مختلف الأوساط الأجنبية.

وفي هذا السياق تذكر صحيفة "دير شبيجل" أنه من المهمّ أن لا تضيع في غياهب النسيان، لوجود كثير من الأسئلة التي ظَلَّت دون إجابة، وخاصة ما يتعلَّق منها بمن يشاركون في تحمُّل مسئولية الواقعة، بالإضافة إلى كون الجنرال ملاديتش ما يزال طليقًا بعد 15 سنة من المذبحة.

ومن جانبها كتبت صحيفة "دي تاجتسايتونج" الألمانية اليسارية: "في ألمانيا لا يودُّ المرء أن يتذكر الإبادة الجماعية التي ارتكبت في سريبْرينيتشا قبل 15 سنة؛ وليس ذلك لنقص في المعلومات عن المذبحة الهمجيَّة، بل لأن الحرب في البوسنة، التي أدت إليها، دُفِعت إلى تخوم وَعْينا الجمعي، وقد أثارت الجرائم التي ارتكِبت في سريبرينيتشا بعض الأسئلة الجوهرية حول حضارتنا: إذ كيف يكون ممكنًا أن يُسمح لمثل هذه المذبحة البشعة أن تحدث أمام نواظرنا، في هذه الأيام وفي هذا العصر؟!".

وتضيف الصحيفة: "علينا أن نتذكر أيضًا، أن باحثين في السلام معروفين، كانوا يعتقدون في ذروة الحرب في البوسنة أن من الأفضل تَرْك الصراع يتفصَّد دمًا بصورة طبيعية، بل إن ممثلي الجناح اليساري في حزب الخضر، عارضوا حماية المعونة الإنسانية المُرْسَلة لإغاثة الناس الذين كانوا يتضوَّرُون جوعًا في وسط البوسنة، كما أن البعض في المشهد اليساري في برلين، انحازَ حتى إلى جانب مجرمي الحرب، كاراديتش، وملاديتش".

وتقول الصحيفة: "إن الثقافة التي تتذَكَّر الماضي تَعِي الدروس التي تستخلصُها من التاريخ، لحاضرها، وللمستقبل، وهذا يعني اعتراف المرْء بمواطن إخفاقه أيضًا، ولكن العديد من أبطال هذا النقاش يفضِّلون إسدال ستار السرية على ما حدث في البوسنة في ذلك الوقت".

وكتبتْ صحيفة "دي فيلت" المحافظة: "في ذلك اليوم، لم يكن الضابط الهولندي العامل مع الأمم المتحدة، والذي شرِب نَخْب المذبحة مع المليشيا التي ارتكبتها، وحده الذي انطبع في الذاكرة الأوروبية- بل كان معه السفاح، راتكو ملاديتش، الذي شنَّ تلك الحرب إلى جانب ميلوسيفيتش، وكاراديتش".

وتعلِّق الصحيفة على ذلك بالقول: "في العصر الذي يمكن فيه تتبُّع مكان أي جهاز هاتف متحرِّك، باستخدام أقمار تحديد المكان الصناعية، وحيث تستطيع الأقمار الصناعية التقاط صور لرأس عود ثقاب، وحيث يسجِّل جوجل على خرائطه، كل عمود إنارة في شوارع العالم، لا يمكن فهْم هذا النوع من الاختفاء، ومن الواضح أن صربيا لا تزال تفتقرُ إلى إرادة الاعتراف بالماضي، فكم من الوقت يحتاجون لكي يعثروا على ملاديتش؟!".



الإسلام اليوم






مع الذكرى ال 15 لمذبحة سربيرنيتشا..
مقطع فيديو مؤثر عن قتلى ومعذبين ....
وحسبنا الله على من ضيعوا أمة الإسلام عن طريق الحق والهدى
وغفر لنا تقصيرنا