حاول اليونانيين الحقيقيين فى عصر سيطرتهم على العالم نشر أفكارهم الوثنية بين بنى اسرائيل
و أخبرنا سفرى المكابيين الأول والثاني بمسايرة بعض من بنى اسرائيل هذا التوجه (مكابيين الأول 1: 10 الى 1: 16 )
و من المعروف أن اليونانيين جعلوا من بعض البشر آلهة و أبناء للآلهة وعبدوها
وكانوا يقولون أن زيوس أنجب أبناء من بشريات فكانوا أنصاف آلهة مثل هرقل وبيرسيوس
وبالفعل تشبه بهم اليهود
و احدى طرق هذا التشبه كان محاولة اليونانيين وأتباعهم من بنى اسرائيل البحث فى كتب اليهود عن شخصية يجعلون منها ابن للآله ويعبدونها
والدليل على ذلك ما نقرأه من سفر المكابيين الأول :-
3: 48 و نشروا (( كتاب الشريعة الذي كانت الامم تبحث فيه عن مثال لاصنامها ))
والنص اليوناني طبقا للترجمة السبعينية هو :-
3 :48 καὶ ἐξεπέτασαν τὸ βιβλίον τοῦ νόμου περὶ ὧν ἐξηρεύνων τὰ ἔθνη τὰ (( ὁμοιώματα τῶν εἰδώλων αὐτῶν ))
وطبقا لقاموس سترونج
فانها تشمل العهد القديم بصفة عامة
meton: of the books which contain the law, the Pentateuch, the Old Testament scriptures in general
.
ونفس هذه الكلمة جاءت فى النص اليوناني لرسالة كورنثوس الأولى (14: 21)
ونقرأ من تفسير القس أنطونيوس فكرى لرسالة كورنثوس الأولى :-
(مكتوب في الناموس = لفظ الناموس يشير لكل العهد القديم)
انتهى
وأيضا من تفسير القمص تادرس يعقوب :-
(يقصد بالناموس هنا العهد القديم ككل)
انتهى
كما أن فى سفر المكابيين الأول أشار الى حرق اليونانيين لأسفار الشريعة
فنقرأ :-
1: 59 و ما وجدوه من اسفار الشريعة مزقوه واحرقوه بالنار
ثم أوضح لنا سفر المكابيين الثاني أن يهوذا المكابي قام بعمل مكتبة ليجمع فيها كل ما فقدوه من كتب اليهود بسبب الحرب
فنقرأ :-
2: 13 و قد شرح ذلك في السجلات والتذاكر التي لنحميا وكيف انشا مكتبة جمع فيها اخبار الملوك والانبياء وكتابات داود ورسائل الملوك في التقادم
2: 14 و كذلك جمع يهوذا كل ما فقد منا في الحرب التي حدثت لنا وهو عندنا
أي أن كاتب سفر المكابيين كان يقصد بأسفار الشريعة هي جميع كتب السابقين من بنى اسرائيل
فكل أسفار العهد القديم كانت تؤكد على تنفيذ الشريعة وتوضحها ، لذلك عمل اليونانيين على حرقها وتدميرها
ب- والكلمة اليونانية التي تم ترجمتها (الأوثان ) هي :- εἰδώλων
وهى تعنى وثن أو اله زائف
ج- أما الكلمة اليونانية المستخدمة بمعنى (مثال) هي :- ὁμοιώματα
وطبقا لــــ HELPS Word-studies :-
, 3667 (homoíōma) refers to a basic analogy (resemblance), not an exact copy
والمقصود بالكلمة أنها تعنى التشابة وليس أن يكون صورة طبق الأصل
وهذا يعنى أن تفسير النص من سفر المكابيين هو :-
ان اليونانيين وأتباعهم من بنى اسرائيل كانوا يبحثون فى كتب اليهود عن شخصية شبيهة لآلهتهم الزائفة وهذا بالطبع حتى يقنعوا بنى اسرائيل بعبادة تلك الشخصية
على أن تكون هذه الشخصية التي يبحث عنها اليونانيين وأتباعهم من بنى اسرائيل قد أحبها اليهود وامتازت بالكرامات والأعمال الصالحة والبطولية ليجعلوا من هذه الشخصية ((اله زائف يكون شبه ألهتهم الزائفة )) يقنعوا عامة اليهود بها
مثل شخصيات آلهة اليونانيين الزائفة كزيوس وغيره ، ومثل الآلهة الزائفة التي عبدها قوم سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام والذين كانوا فى الأصل شخصيات حقيقية أحبها الناس فى ذلك الزمان وبعد موتهم صنعوا لهم التماثيل والصور
وكل ذلك حتى تكون العقيدة الجديدة التي سيتم بناؤها على هذه الشخصية سببا فى اقناعهم بترك الشريعة فلا يكون هناك فرق بين بنى اسرائيل وبين اليونانيين
وبالفعل ساير البعض من بنى اسرائيل وخاصة الموجودين فى الشتات، تلك الأفكار وقاموا بهذا المزج فى المعتقدات
فمعنى ذكر سفر المكابيين لهذا الأمر أن اليونانيين وأتباعهم من بنى اسرائيل كانوا قد اختاروا بالفعل الشخصية التي حاولوا اقناع عامة اليهود بأنه ابن الاله وأنهم أعلنوا ذلك وحاولوا نشره والا ما كان ذكر سفر المكابيين هذا الأمر
ولكن سفر المكابيين لم يخبرنا بهذه الشخصية
ولكن أخبرنا بها القرآن الكريم ، فلقد كان عزير هو تلك الشخصية التي عبدها اليهود تشبها منهم بآلهة اليونانيين
المفضلات