الأدلة العقلية :
هي خاصة بالعقائد. والعقائد والأحكام حتى تعتبر عقائد إسلامية، وأحكاما شرعية لا بد من دليل يدل عليها. إلا أن دليل الحكم الشرعي.
فالعقيدة أصل، والحكم الشرعي فرع، وأدلة الأصول غير أدلة الفروع . ذلك أن أدلة الأصول هي أدلة إثبات، أما أدلة الفروع فهي أدلة على أن الحكم موجود فيها.
فالمناظران ينصب كل منهما الدليل على مسألة معينة، ولكن الفقيه يبحث عن الدلائل من جهة دلائلها على المسألة المعينة، وبعبارة أخرى أن من يقيم الدليل على العقيدة إنما يقيم البرهان عليها،
فدليل الوحدانية هو البرهان على أن الله واحد، ودليل وجود الله هو البرهان أن الله موجود، ودليل نبوة محمد هو البرهان على أن محمد نبي، وهكذا فهو إقامة البرهان على المسألة المعينة، بخلاف من يقيم الدليل على الحكم الشرعي،فإنه إنما يأتي بخطاب الشارع ليستدل به على أن الحكم المراد إقامة الدليل عليه موجود فيها ليثبت أنه حكم شرعي، فهو دليل على وجود الحكم في النص، فدليل جواز زيارة القبور هو النص الذي تضمنها وهو قوله عليه السلام : "
إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها"{النسائي} ودليل تحريم إجارة الأرض للزراعة هو النص الذي تضمن التحريم وهو قوله عليه الصلاة والسلام :"
من كانت له أرض فليزرعها فإن لم يفعل فليمسك أرضه"{البخاري} ودليل تحريم كنز الذهب والفضة هو النص الذي فيه تحريم ذلك وهو قوله تعالى: (
والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) {التوبة} ودليل كون الشورى حقا للمسلمين هو النص الذي فيه ذلك (
وشاورهم في الأمر){آل عمران} إلخ.
الدليل العقلي : هو الذي يأتي به العقل من عنده إيجاداً كقولنا: الكون محدود، لأنه مجموعة أجرام، وكل جرم منها محدود، ومجموع المحدودات محدود بداهة، وحين ننظر إلى المحدود نجده ليس أزلياً، وإلا لَما كان محدوداً، فالكون ليس أزلياً فهو مخلوق لغيره.
فهذا دليل عقلي على أن الكون مخلوق لخالق. وقد أتى به العقل من عنده، فهذا هو الدليل، أما فهم العقل للكلام فإنه فهم، وليس دليلاً عقلياً، لأنه إدراك لمعاني الجمل، فهو موجود، ولم يوجده العقل . فالدليل العقلي هو البرهان الذي يأتي به العقل، وليس الشيء الذي يفهمه العقل.
الدليل السمعي : فهو الذي أتى به الوحي، أو دل عليه ما أتى به الوحي، وهو سمعي، أي سُمِع عن الغير، فما جاء به الوحي هو الكتاب والسنة، وما دل عليه ما أتى به الوحي، فهو القياس الذي علته قد دل عليها النص الشرعي، وإجماع الصحابة، لأن القياس كانت علته موجودة فيما أتى به الوحي، وهو الكتاب والسنة، ولأن الصحابة أثنى عليهم القرآن بالنص القطعي، ويستحيل عليهم شرعاً أن يجمعوا على خطأ، لأنهم هو الذين نقلوا لنا هذا الدين، وجواز الخطأ على إجماعهم يعني جواز الخطأ في الدين، وهو مستحيل شرعاً، فكان الخطأ على إجماعهم مستحيلاً شرعاً.
المفضلات