محمد : الشخصية المحورية في كتاب الله تعالى
إذا تتبعنا ربط الآيات بعضها ببعض السابق منها باللاحق نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المحور والرابط بين آيات القرآن جميعا ،
فمثلا تبدأ سورة مريم بقوله تعالى :" كهيعص . ذكر رحمة ربك عبده زكريا (1) فالمخاطب هنا ببداية السورة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقص الله سبحانه وتعالى عليه نبأ عبده زكريا عليه السلام ثم مريم عليها السلام (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ)(2) ثم قبسا من ذكر بعض الأنبياء حتى يصل سبحانه وتعالى إلى قوله (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ ... الآية )(3)
وإذ لا يزال الخطاب إليه والحوار موصولا معه صلى الله عليه وسلم يخبره الله تعالى عن نبأ الخلف الذين جاءوا من بعدهم فأضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ونبأ من تاب منهم ومصير كل منهما ، ثم يقول تعالى (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَاخَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) (4) وإحكاما للترابط ووصلا بما سبق يقول الله تعالى له صلى الله عليه وسلم (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً )(5) إلى أن يقول له أيضا (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً) (6)
ثم يختتم الله تعالى السورة بقوله(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً)(7)وكذا سورة يوسف تبدأ مقدمتها بقوله تعالى ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِين )(8)
فيسرد عليه قصة يوسف عليه السلام إلى أن تصل السورة إلى ختامها فيقول سبحانه وتعالى له صلى الله عليه وسلم (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُون(9)
وأيضا سورتي يونس وهود وسور أخرى كثيرة ، ليس ذلك فحسب بل هناك سور كاملة الحديث فيها لرسول الله فقط مثل سور{ المدثر . المزمل . الضحى . الانشراح . القلم .}
وتجد سور كاملة تبدأ وتكاد تنتهي بخطاب مباشر للمكلفين عموما ثم تفاجأ بالآية الأخيرة منها بخطاب لرسول الله . مثل سورتي { الرحمن والواقعة } ونجد ذات الترابط إذا ربطنا السور القرآنية بعضها ببعض خاصة وأن القرآن الكريم كله قائم على الوصل .
ومحال قطعا القول على الله تعالى بأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان إذ ضرب الله مثلا لبعض الآيات تبدأ بالمباشرة . إي بالخطاب المباشر إلى المكلفين أو المرسل إليهم كقوله تعالى " يأيها الناس , يأيها الذين آمنوا , يأيها الإنسان , يابني آدم " .
وقد تأخذ المباشرة صورة أخرى مثل قوله تعالى (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (10) وقوله (سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(11) ومثل سور { المؤمنون . القيامة . المرسلات . الإنسان . المطففين } وهناك سور لم يرد فيها ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثل{ المرسلات , الشمس . الليل . العاديات . القارعة }
ما يعني أنه هو وهو فقط صلى الله عليه وسلم الشخصية المحورية التي يدور عليها وبها القرآن الكريم ، أي المحور والرابط للآيات القرآنية [
SIZE="2"]
--------------------------
(1) مريم 1 (2) مريم من الآية 16
(3) مريم من الآية 58
(4) مريم 64 (5) مريم من الآية 75
(6) مريم 83 (7) مريم 97 (8) يوسف 2
(9) يوسف 10 (10) التوبة 1 (11) النور 1
المفضلات