الدارس لتاريخ الأناجيل، ومتى كتبت؟ وكيف كتبت؟ وبأي اللغات كتبت؟ ومَن هم الذين كتبوها؟ ومَن هم الذين ترجموها؟ ثم المدقق العلمي لما ورد في الأناجيل من أمور ذات صلة بالعلم، أو أمور ذات بشارة بنبي قادم، لا يملك الدارس لذلك كله إلا أن يزداد يقينًا وثقة في مصدر القرآن الكريم، وهو الوحي المعصوم عن رب وإله السماء والأرض.

وعلى سبيل المثال، فإن (لوقا) هو الوحيد، الذي حدثنا عن حياة المسيح إلى أن أصبح عمره اثني عشر عامًا، وذكر (متي) الميلاد العذري فقط. ولم يذكر( لوقا ) اسم مريم على الإطلاق في رسائله؛ لأن مريم التي عبدت فيما بعد، لم يكن لها قيمة على الإطلاق في السنوات الأولى للنصرانية، كما أن رسائل (بولس) خلت من ذكر مريم كذلك.

أما حياة المسيح، ابتداءً من عمر 12 سنة، حتى أصبح عمره 30 سنة فلم يُذكر عنها شيء في الأناجيل على الإطلاق. وهذه الفترة المجهولة من حياة المسيح أدَّت إلى أن أحد علماء اللاهوت الأمريكان (تشارلز هوبر) كتب كتابًا عن السنوات المفقودة في حياة المسيح.

ومن سوء حظ النصرانية، والعالم أن أول من كتب في النصرانية هو شخص ليس من تلاميذ المسيح ولم يره ، وأول رسالة كتبت كانت رسالة بولس التي كتبها عام 50 ميلادية، وكان بولس رجلاً يهوديًا ديناميكيًا متعصبًا ضد المسيح والنصرانية.. وفجأة وبعد رفع المسيح بأربع سنوات أو خمس أعلن تحوله إلى النصرانية بناء على قصة موجودة في الكتاب المقدس وبمضاهاة هذه القصة في صورتيها نجد التناقض واضحًا، وبالتالي فلا يمكن الأخذ بها على الإطلاق.

فيذكر أنه رأى نورًا فقال له في إحدى القصتين: من أنت يا سيد؟ قال أنا يسوع ... وفي قصة أخرى قال أنا يسوع الناصر. وبعد ذلك نجد السفر يقول: "منذ ذلك بدأ بولس يعلم أن هذا هو ابن الله". ومن هنا جاءت فكرة ابن الله التي دخلت الأناجيل لأن الأناجيل كتبت بعد رسائل بولس.


لماذا تأخرت كتابة الأناجيل؟

إن ذلك يعود إلى أنه عندما اختفى المسيح فجأة، انتشرت شائعة تقول: إن المسيح سوف يعود سريعًا إلى الأرض ليكون قاضيًا بين الناس، ففريق في الجنة وفريق في السعير. وإذا كان السيد سيعود قريبًا في ظرف 10 –15 سنة وستنتهي الحياة بعد مجيئه، فإن ذلك جعل النصارى يديرون ظهورهم للدنيا. لكن مر أكثر من ثلاثين عامًا، ولم يأتِ المسيح... لكن جاء بولس وبدأت الكتابة في وسط، يسوده التخلف في الكتابة والطباعة والكل يكتب من ذاكرته.

وكان النصارى طوائف وجماعات خرجت من فلسطين، وبدأت تنتشر في العراق وتركيا ومصر وغيرها من البلدان، ولم يكن هناك كتاب مقدس أو إنجيل محدد. وبدأت بعض هذه الكتب تأخذ شعبية. وقبل عام 170 الميلادي لم يكن لأحد هذه المؤلفات صفة الاعتماد أو القانونية، لكن رسائل بولس كانت معروفة في عام 95 الميلادي. وحتى عام 200 وجدت الأناجيل الأربعة، وأعمال الرسل، ورسائل بولس. وهكذا استغرق بناء الكتب المقدسة 333 سنة، وقد كتبت بواسطة أناس مجهولين .. والثغرة الموجودة في كل هذه الكتب المقدسة، أنها كتبت باللغة اليونانية بينما من المتفق عليه أن المسيح وتلاميذه يتحدثون اللغة الآرامية، وهي لغة أهل الشام .. وهكذا جاء الخطأ من الأساس وهو أننا أمام تراجم ولسنا أمام نص أصلي، يمكن الرجوع إليه، ولذلك فنجد بين الحين والآخر تراجم مختلفة تصحح الأخطاء.

بشارة سيدنا محمد في إنجيل يوحنا

إن في إنجيل (يوحنا) بشارة خاصة بسيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول فيها المسيح ـ عليه الصلاة والسلام ـ: (خير لكم أن انطلق؛ لأنه إن لم انطلق لا يأتيكم المعزي، وهو روح الحق، يعدكم بأمور آتية، وهو باق فيكم، وهو لا يتكلم من نفسه، بل ما يسمع يتكلم به، وباق فيكم إلى الأبد).

وقد تم اكتشاف نسخة من إنجيل (يوحنا) عام 1870 ميلادية، وفيها الروح فقط وليس الروح القدس... وفي النص السابق أن المسيح يبشر بروح الحق، الذي هو عبارة عن إنسان يرسله الله بعد المسيح؛ لكي يكون معزيًا آخر (يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى كينونة). وطبعًا لا نجد غير القرآن يبكت الذين قالوا إن المسيح هو ابن الله.

مهزلة تحريف الفقرات العلمية

إن الفقرات العلمية في الكتاب المقدس تختلف عما نعرفه من حقائق العلم. ولقد قام العلماء البريطانيون الذين أعدوا الترجمة القياسية للكتاب المقدس برسم شكل للعالم اعتمادًا على ما جاء فيه، حيث تبين أن الأرض عبارة عن قطعة كروية تقوم على أعمدة مثبتة على مياه يسبح فيها السمك، وهناك دائرة يسكن فيها الله. وهذه فكرة تصادم العلم.

ثم أن هناك تزييفًا في الترجمة العربية التي تقول "كرة الأرض" بينما الثابت في الأصل أنها "دائرة الأرض" فهم زيفوا الترجمة حتى يخدعوا البسطاء، ويقولون: إن لدينا إعجازًا علميًا. وهناك نبوءة أخرى متعلقة بسيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولكنهم زيفوها وأفسدوها، ففي سفر إشعيا (يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة، ويقال له اقرأ هذا، فيقول لا أعرف الكتابة). والمفروض أن يقول لا أعرف القراءة، ولكنهم غيروها في الأصل، وهذا عار ويدل على أن التحريف مازال يفعل فعله، فكلما وجدوا شيئًا، وعلموا أن المسلمين يتحدثون عنه كنبوءة تخص نبي الإسلام غيروه.

ومما جاء في التوراة عن خلق العالم: (في اليوم الأول خلق النور والليل، وفي اليوم الثاني خلق السماء، وفي اليوم الرابع خلق الشمس والقمر والنجوم) وهذا خطأ علمي فالنور يأتي من الشمس، فكيف يكون النور قد خلق في اليوم الأول قبل أن تخلق الشمس في اليوم الرابع؟ ثم إن الحديث عن الليل والنهار في اليوم الأول خطأ؛ لأن الليل والنهار يأتيان نتيجة دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس.

إن الأناجيل تحدثت عن نبوءات بأن المسيح سوف يعود سريعًا إلى الأرض (خلال فترة 10 –15 سنة) وقالت: ( تكون علامات في الشمس والقمر وقوة السماء تتزعزع فإذا ابن الإنسان آتيًا في سحابة).

وقد جمع المسيح تلاميذه الاثنى عشر، وقال لهم: (اذهبوا وبشروا في مدن إسرائيل) وهي من 10 – 12 مدينة وعرضها من 35 – 40 كيلو متر، وتستغرق رحلة التبشير هذه ثلاثة أشهر على الأكثر. وقال لهم المسيح: (قد اقترب ملكوت السماوات)، أي: أنه أيام المسيح لم يكن ملكوت السماوات (الذي هو دين الإسلام) قد جاء... وقال لهم المسيح: (أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان)، وحسب هذه النصوص، نستطيع أن نقرر أن ابن الإنسان، أي: المسيح، سوف يعود قبل أن ينتهي التلاميذ من التبشير في مدن إسرائيل، والتي لا يمكن أن تستغرق عامًا، وهذه نبوءة باطلة بالتأكيد، لأنه مرَّ 2000 سنة، ولم يعد ابن إنسان، وبالتالي فهذه نبوءة باطلة.

وفي الكتاب المقدس أيضًا أن المسيح وقف يخطب قائلا لهم: (إن من القيام من لا يذوقون موتًا حتى يرون ابن الإنسان آتيًا في ملكوته). والقيام هم الناس الواقفون أمامه يسمعونه ويرونه.. وطبعًا كلهم وأحفادهم ماتوا ولم يعد ابن الإنسان. وبالتالي فهذه أيضًا نبوءة باطلة.

وسأله التلاميذ: متى يكون هذا، وما علامة مجيء ابن الإنسان وانقضاء الدهر ؟.. قال لهم: (تظلم الشمس والقمر يسكن والنجوم تسقط من السماء وقوة السماء تتزعزع، وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء، أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يحدث هذا كله).

ومن ضمن هذا كله، أن تظلم الشمس وتسقط النجوم، وهذا كله يحدث قبل انقضاء هذا الجيل الواقف أمام المسيح، وطبعًا انقضى الجيل، بل ومرت 2000 سنة، ولم يحدث شيء.


كتبه: الدكتورة نانسي أبو الفتوح

المصدر: http://www.shareah.com/index.php?/re.../view/id/1188/