السلام عليكم

التفريغ ( منقول )

http://www.rslan.com/nag.php

الخطبة الأولي

إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ - وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ - وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - صلي الله عليه وسلم .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } [آل عمران:102].

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء:1].

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أَمَّا بَعْدُ:

فإن مهمة ورسالة المسيح عليه السلام هي ما أطلق عليه المسيح نفسه الأعمال التي أناطها الله به لكي ينجزها وهذه المهمة والرسالة محددة داخل نطاق معين لا تتجاوزه.
وهذا النطاق حدده المسيح نفسه، كما جاء في إنجيل متى 15/ 24 إذ يقول في هذا الصدد : " فأجاب وقال لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " هذا نص كلام المسيح في إنجيل متى في الموضع المذكور، وهذا النص من كلام المسيح عليه السلام قاطع الدلالة على أن المسيح من أنبياء بني إسرائيل، وأنه أرسل فقط إلى من له صفتان:
الأولى: أن يكون من بيت إسرائيل.
والثانية: أن يكون من الخراف الضالة.

والبابا بندكت وإن كان خروفا من الخراف الضالة، إلا أنه ألماني آري، وليس من بيت إسرائيل، فليس ساميا، والمسيح عليه السلام، لم يقل إنما أرسلت إلى خراف ألمانيا الضالة، ولا إلى خراف أوربا الضالة، ولا إلى خراف أمريكا الضالة، وإنما قال أرسلت إلى خراف بيت إسرائيل الضالة.

فلماذا تنتسب خراف الغرب الضالة إلى المسيح ولم يرسل إليهم ؟

وعليه فبنص كلام المسيح كما هو واضح جداً في إنجيل متّى، يكون بندكت ليس ممن أرسل إليهم المسيح أصلاً، ولا هو بداخل فيمن أرسل إليهم المسيح فماذا يفعل هذا البندكت في الفاتيكان، وما جلوسه على كرسي الباباوية ؟ ولماذا يتكلم هذا الرجل باسم المسيح، والمسيح منه بريء كما نص على ذلك الإنجيل ؟

فأجاب : وقال -أي المسيح كما في إنجيل متى- لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة، وهذا نفي واستثناء يفيد الحصر، فالمسيح عليه السلام لم يرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة فهو نبي من أنبياء بني إسرائيل، وليس معنى كون الرجل خروفاً من الخرفان الضالة أن يكون داخلاً فيمن أرسل إليهم المسيح حتى يكون من بيت إسرائيل وليس كذلك .

فلماذا يتكلم هذا الرجل باسم رسول لم يرسل إليه ليشتم الرسول الذي أرسل إليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

إن الرسول الذي أرسل إليك يا بندكت وإلى العالم كله هو الذي تتهجم عليه، وتظهر مواهب بذاءاتك في شتمه وتنقيصه، وقد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيك وفي أمثالك وأتباعك،
« والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار ». [رواه مسلم في صحيحه].
فأبشر يا هذا بما يسوؤك وما يكربك.
فأجاب يسوع : وقال ( لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة )

هذه هي رسالة المسيح، وتلك هي مهمته، شأنه في ذلك شأن كل الأنبياء السابقين عليهم السلام، كل نبي منهم مرسل إلى قومه خاصة، وكان المسيح مرسلاً لهداية قوم بني إسرائيل، وتصحيح وتصويب ما خربوه وحرفوه من شريعة موسى عليه السلام.

أما محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فرسالته رسالة عالمية، رسالته إلى العالم كله، إلى البشرية كلها، كما حدد إطارها العالمي إلى العالم كله وإلى البشرية كلها الله عز وجل، وذلك في صريح النص القرآني في مثل قوله سبحانه { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء:107].

ونزولاً على مقتضيات الرسالة التي كلفه الله أن يؤديها إلى البشر جميعا، قام محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بتبليغ هذه الرسالة إلى كل إنسان، وإلى كل البشر، بصرف النظر عن الجنس أو الطبقة أو العقيدة.
لقد رحب بهم جميعا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في دين الله دون أدنى تمييز، ولم يكن لديه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أي ميل، أو أي فكرة عن تقسيم الناس على كلاب وخنازير، كما هو الشأن في إنجيل متى 7/6 أو خراف وماعز كما في إنجيل متى 25 /32.

لقد كان محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رحمة لكل البشر في العالم كله، كما أشار إلى ذلك القرآن العظيم في النص القرآني { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء:107]، وهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يحد عن هذه الرسالة منذ بدء بعثته إلى يوم وفاته وفي أواخر سنين عمره المبارك صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستعرض ما مضى من حياته وفي حياته من مصاعب وأخطار تكللت في النهاية بالنجاح غير المسبوق في أي مكان وفي أي زمان ويذكّره الله رب العالمين بهذه الحقيقة في قوله جل وعلا { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [سبأ:28].

كيف تسنى له صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يتجاوب مع هذا التحدي المتمثل في هذا التكليف الكبير بأن تكون رسالته إلى الناس جميعا وهو في تلك المرحلة المتقدمة من عمره المبارك صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟
لم تكن توجد في حوزة البشرية آنذاك أي وسائل اتصال إلكترونية، لتكون تحت تصرفه لأداء هذه المهمة الكبرى التي تشمل العالم كله، ولم تكن هنالك أية أجهزة تلكس أو أجهزة فاكس بحيث كان يستطيع أن يستخدمها صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ماذا كان يستطيع أن يفعل ؟

لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب فقد استدعى إليه أصحاباً يستطيعون الكتابة، أملى عليهم خمسة خطابات إلى هرقل إمبراطور الرومان في القسطنطينية، وإلى المقوقس حاكم مصر، وإلى النجاشي ملك الحبشة، وإلى ملك اليمن، وإلى كسرى ملك الفرس، ثم كلف خمسة من الصحابة فامتطى كل منهم جواده، وأرسل بهم إلى خمسة اتجاهات يدعو الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمم العالم المعمور من حوله إلى دين الله الذي اختاره الله للعالم كله فهذا محمد صلى الله عليه وسلم وما أرسلناك إلا كافة للناس صلى الله عليه وسلم.

وأما المسيح عليه السلام فيقول " ما أرسلت إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " هناك واحدة من تلك الرسائل المباركة في متحف توبكابي في مدينة استانبول في تركيا تلك الرسالة يعلوها الغبار احتفظ بها الأتراك ونص الرسالة يبدأ على النحو التالى:
من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى هرقل عظيم الروم أسلم تسلم ...
وبعد هذه الدعوة إلى الإسلام ورد هذا التحذير المستمد من القرآن { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [آل عمران:64].
وبعد هذا النص القرآني الحكيم الذي تضمنته الرسالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى هرقل إمبراطور الرومان، تنتهي الرسالة بالخاتم النبوي الذي نقشه محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

الخطاب الموجود في تركيا يثير لدينا نحن المسلين أعظم فضول وحب استطلاع، إن الآية القرآنية التي وردت في مضمون الخطاب النبوي الشريف موجودة في كل بيت مسلم وهي تتلى وتعاد تلاوتها ألف مرة ومرة دون أن يتحرك من يقوم بتلاوتها أدنى حركة في سبيل توصيل الرسالة وتبليغها إلى من وجه الله إليهم هذه الرسالة، ولنُعد النظر مرة أخرى إلى نص الآية القرآنية الكريمة الشريفة المطهرة إنها موجهة إلى أهل الكتاب -وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى- ولكننا منذ أكثر من ألف عام قد تجاهلنا وأهملنا شأن هذا التوجيه الإلهي الكريم من جراء تقصيرنا، وفتور هممنا، وضعف إراداتنا، إننا نجلس فوق كنوز هذه الرسالة الإسلامية مثل ثعبان الكوبرا يجلس ملتفا ملتويا فوق كنز من الثروة الهائلة الثروة موجودة وحاضرة ولكن الكوبرا تَحُول دون استفادة الناس منها مادامت الكوبرا موجودة فوقها تحول دون انتفاع المستحقين من الانتفاع بتلك الثروة وهذا الإهمال التام لشأن هذه الرسالة الإلهية سيستمر لكي ينتج أعظم الأضرار والأخطار والآلام مما لا حصر له بالنسبة إلى الأمة الإسلامية في هذا الجيل وأقرب مثل ما يحدث من بذاءة وتطاول بابا الفاتيكان وكذلك في الأجيال القادمة ما لم تؤدي الأمة الإسلامية الرسالة التي أوكل الله إليها أن تؤديها إلى الأمم الأخرى وبعد أكثر من ألف وأربعمائة سنة من قراءتنا وترتيلنا نحن المسلمين بمختلف طرق وأساليب القراءة والترتيل للقرآن الكريم نحن لا نزال نسمع هذه الآية القرآنية الكريمة التي تنبهنا إلى حقيقة بالغة الأهمية إذ يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }، { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [سبأ:28]، ولقد ورد هذا التعبير القرآني الحكيم وقرر الله العظيم في ختام هذه الآية القرآنية الكريمة التي أنزلها الله في القرآن العظيم منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة مضت وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولقد كان ذلك التعبيرُ التعبيرَ الصحيح الذي ينطبق كل الانطباق على الموقف الديني في العالم عندما نزلت الآية على قلب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والسؤال الآن : هل يختلف الأمر من الناحية الدينية في العالم اليوم عما ورد في ختام هذه الآية الكريمة ولكن أكثر الناس لا يعلمون ؟

لا، إن الأمر لا يختلف أي قدر من الاختلاف، وما أكثر الناس في العالم اليوم الذين لا يعرفون أن الإسلام هو دين الله الصحيح، ولا يعرفون أن محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو آخر الأنبياء وخاتم المرسلين، أرسله الله رب العالمين بشيرا ونذيرا إلى جميع الناس في كل مكان وزمان، ولكن ما زالت الآية مدوية في سمع الزمان بذلك التدليل ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إن أكثر الناس لا يعلمون بالضبط كما قال سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة ويوجد في العالم اليوم عدد من المشركين يفوق عدد من يعبدون الله الواحد الحق هل يوجد أي أمل في تغيير هذا الموقف الله المستعان.