افخر ببلدك يا مصرى ملفات تم الافراج عنها من المخابرات العامة المصرية

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

افخر ببلدك يا مصرى ملفات تم الافراج عنها من المخابرات العامة المصرية

صفحة 1 من 4 1 2 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 35

الموضوع: افخر ببلدك يا مصرى ملفات تم الافراج عنها من المخابرات العامة المصرية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    476
    آخر نشاط
    06-01-2012
    على الساعة
    01:13 AM

    افخر ببلدك يا مصرى ملفات تم الافراج عنها من المخابرات العامة المصرية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخوانى اثناء تفقدى لاحد المواقع المختصة بلامور العسكرية على الشبكة وجدت ملفات تم الافراج عنها من المخابرات العامة المصرية تبين حقيقة معدنا وما تم نشرة لن نستطيع الا ان نقرئة بكل شغف


    اولا نبزة عن المخابرات المصرية ونشئتها
    (ما سيتم عرضة هو حقائق تامة حتى ولو كتبت فى صورة ادبية من اجل التشويق
    اى صور او ملفات كتابية منشورة حقيقية )
    يشاهد على جهتى اليسرى ... الصاغ أركان حرب "السفير السابق" سعد عبدالله عفرة .. وعلى يمينى كل من البكباشى عبدالفتاح ابوالفضل و اللواء أركان حرب فرج محمد فرج عثمان [/COLOR][/SIZE]





    صورة نادرة لضباط قيادة المخابرات العامة فى القاهرة الذين كانوا يقودون ويدعمون "تشكيلات المقاومة السرية فى بورسعيد"

    ويرى فى الصف الأول "اليوزباشى سمير غانم" بينما يشاهد فى الصف الثانى خلفه ، كل من والبكباشى كمال رفعت ، مدير المخابرات العامة ، ونائب رئيس الوزراء فيما بعد

    والبكباشى زكريا محى الدين رئيس المخابرات العامة ، وزير الداخلية ثم نائب رئيس الجمهورية "جمال عبدالناصر" فيما بعد والصاغ أ ح سعد عبدالله عفرة

    والصاغ "اللواء أ ح" محمود عبدالناصر "مدير مكتب رئيس الجمهورية السابق "أنور السادات" ويشاهد واقفا البكباشى عبدالفتاح ابوالفضل .... !!!












    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    476
    آخر نشاط
    06-01-2012
    على الساعة
    01:13 AM

    افتراضي

    ما سبق هو بعض التشيكلات والافراد الذىن اعلن عنهم


    والان مع قصص الصفعات المصرية على الموساد

    ذللك الملف سنتحدث فيه عن اقوى الصفعات التي دوت في الصراع الخفي بين المخابرات العامه المصريه والموساد الاسرائيلي
    ومازالت الصفعات تدوي في الخفاء
    سنبدا اول حلقه مع جاسوس فريد
    سمي في مخابراتنا باسم عين النقب
    الصفعه الاولى
    يعقوبيان

    نتناول هنا رواية إسرائيلية لها حبكتها المخابراتية الخاصة كما رواها يوسي ميلمان أحد المختصين في شئون الجاسوسية الإسرائيلية عن قبورق يعقوبيان المصري الأرمني الذي زرعته المخابرات المصرية في إسرائيل.
    ولا نعرف عنه شيئاً سوي أنه عاد إلي مصر يوم 29 مارس 1966 بموجب اتفاقية تبادل أسري أشرفت عليها الأمم المتحدة في حينه.
    لا نبغي هنا تصديق الرواية الإسرائيلية عن يعقوبيان، إنما نكتفي بنقلها وتكذيبها طالما أن المخابرات المصرية لم تكشف حتي الآن عن شخصية الرجل.
    يروي ميلمان بالمشاركة مع ايتان هابر في كتابهما الجواسيس والصادر عن يديعوت احرونوت في العام 2003، حكاية يعقوبيان كما حصلا عليها من ملفات المخابرات الإسرائيلية وقد خصصا لها فصلاً كاملاً ، تقول الرواية الإسرائيلية عن يعقوبيان أنه ولد في العام 1938 لعائلة أرمنية عاشت في القاهرة وسط البلد، ولم يكن ناجحا في دروسه. أكمل دراسته الثانوية وتوفي والده وهو في العشرين من عمره. تحمّل متاعب الحياة، وعمل في التصوير من الصباح حتي المساء، لكن أجرته كانت بالكاد تكفيه هو وأمه الأرملة، الأمر الذي جعله يستعمل أساليب النصب والاحتيال لكسب المال، وفي النهاية ألقي به في السجن. وحكمت علية المحكمة بالسجن لمدة ثلاثة شهور. وخلال فتره مكوثه في السجن في ديسمبر العام 1959، وبعد أن قضي شهراً في السجن جندته المخابرات المصرية مقابل شطب إدانته، لم تحك له المخابرات المصرية في حينه عن مهماته المستقبلية .. وافق يعقوبيان فوراً وبدون شروط.
    إعتبرت المخابرات المصرية يعقوبيان شخصية ملائمة للتجسس في إسرائيل، كانت له قدرة فائقة وموهبة غير عادية في تعلم اللغات، تكلم الانكليزية والفرنسية والعربية والاسبانية والتركية.
    تدرب يعقوبيان سنة كاملة لانجاز مهمته، حيث تعلم أسس العمل السرى.
    ويصبح يعقوبيان حسب خطة المخابرات المصرية ابن عائلة يهودية جاءت من تركيا إلي اليونان ومن ثم إلي مصر. وفي الشهادات التي استصدرت له كتب أنه من مواليد سالونيكي في اليونان في العام 1935 وأن اسمه هو اسحاق كوتشوك. ترك والده البيت إلي مكان مجهول وسافرت الأم إلي مصر وماتت هناك ليبقي كوتشوك وحيداً.
    في ربيع 1961 هاجر كوتشوك-يعقوبيان إلي البرازيل بعد أن انتظر طويلاً. ليصل إلي جينوا عن طريق الإسكندرية ومن هناك أبحر بسفينة كوسان روكي الاسبانية إلي البرازيل. وفي السفينة التقي شابا إسرائيليا يدعي ايلي ارغمان من مستوطنة في النقب.
    قدم كوتشوك نفسه لارغمان كيهودي من مواليد تركيا، يتيم بعد أن رحلت أمه من الدنيا، قرر الرحيل ليبني مستقبلاً في إحدي دول أمريكا اللاتينية، بعد أن وصل إلي قناعاته انه لا يوجد مستقبل لليهود في مصر. تصاحب كوتشوك وارغمان وقضيا وقتاً جميلاً علي متن السفينة. وخلال اللقاءات بينهما أخرج كوتشوك -يعقوبيان صورة قبر أمه وكشفها لارغمان، فتعاطف الاخير معه، ولم يكشف كوتشوك لصديقه الجديد عن نواياه السفر لاسرائيل. إذ انتظر الاقتراح من ارغمان وهذا ما حصل فعلاً، فقد قال له هذه فرصة أن تعود إلي أرض الآباء في الذكري ال13 لاستقلال إسرائيل.
    هناك في البرازيل واصل الحياة في أوساط الجالية اليهودية وتعرف أكثر علي ارغمان وعندما غادر ارغمان ريو دي جينيرو عائدا إلي إسرائيل، جاء جاكي ليودعه. بعدها التقي يعقوبيان بسالم عزيز السعيد ممثل الغرفة التجارية في مصر والذي كان بالفعل ممثلاً لإدارة المخابرات المصرية، وبناء علي تعليماته غير يعقوبيان عنوانه إلي سان باولو وحصل علي بطاقة هوية برازيلية. وكتب في بطاقة الهوية أن ديانته يهودية، وعاد بعدها إلي ريو ليعمل في ستوديو للتصوير.
    أواخر العام 1961 تقدم جاكي كوتشوك بطلب إلي مكاتب الوكالة اليهودية للهجرة إلي إسرائيل. لم يمض وقت طويل ووافقت الوكالة علي طلبه. حزم يعقوبيان أمتعته متوجها إلي جينوا في ايطاليا ليلتقي مرة أخري سالم عزيز السعيد الذي وصل خصيصا من القاهرة. وكانت تنص التعليمات علي أن يعمل يعقوبيان بالتدريج وببطء كي يتجند في الجيش الإسرائيلى.
    في نوفمبر العام 1962 تجند جاكي يعقوبيان في صفوف الجيش الإسرائيلى. هناك أرسل إلي سلك النقل، فخاب ظنه، إذ أراد أن ينضم إلي سلاح أكثر أهمية وإفادة لمهمته. تعلم القيادة وأصبح سائقاً شخصياً لضابط كبير برتبة جنرال في قيادة الجيش يدعي شمعيا بكنشتين. كان ينقله من حي افيكا شمال تل ابيب إلي يافا . بعد فترة وجيزة وبالتحديد في اكتوبر من العام 1963 ترك الجيش بعد أن اكتشفت المخابرات المصرية أن مهنته كسائق لهذا الجنرال لا تفيد بشئ. فراح يبحث عن عمل جديد كمصور، وهناك في عسقلان -اشكولون عمل في فوتو موني الذي كان مالكه من أصول مصرية أيضا.
    ولكن جاسوسنا استطاع خلال فترته تصوير كل شيى من الاستعدادات الاسرائيليه في النقب وطرق تحرك المدرعات المعاديه وصار من تللك الفئه التي يطلق عليها جاسوس جيد وهي المرتبه الثانيه للجاسوس

    في ديسمبر العام 1963 حضرت الشرطة ومعها وحدة مخابرات خاصة برئاسة ابراهام شالوم الذي أصبح فيما بعد رئيسا للشاباك، أجروا تفتيشاً دقيقاً ووجدوا رسائل كتب عليها بالحبر السري وأقلاماً مخابراتية ترسل الشفرات.
    وفي اوائل العام 1964 حكمت المحكمة المركزية في القدس الغربية بالسجن 18 عاماً علي قبورق يعقوبيان. وفي اكتوبر من العام 1965 استأنف للمحكمة العليا وردّت استئنافه. بقي في السجن حتي اوائل 1966 وعاد إلي مصر بموجب اتفاقية تبادل أسري مع إسرائيليين اعتقلتهم مصر بعد أن اجتازوا الحدود.
    بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد حاول بعض الصحفيين الإسرائيليين الوصول إلي يعقوبيان ليكشفوا حكايته كما يرويها هو، إلا أن المخابرات المصرية أخفته عن عيونهم ليسدل الستار عليه .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    476
    آخر نشاط
    06-01-2012
    على الساعة
    01:13 AM

    افتراضي

    لصفعه الثانيه

    منذ ظهر أدب الجاسوسية - بمفهومه الحالي - إلى الوجود، في عالمنا العربى، مع بدايات ستينيات القرن العشرين، وعَبْر ما يزيد قليلاً عن أربعين عاماً، طالعتنا قصص وعناوين مختلفة، تدور كلها -أو معظمها- عن عمليات قامت بها أجهزة المخابرات، المصرية والعربية، أو حتى العالمية، وتردَّدت في العقول والأذهان، من خلال أوراق الصحف أو الكتب، أو شاشات السينما أو التليفزيون، أو الشبكات الإذاعية، أسماء العديد من الشخصيات، التي ساهمت في كتابة تاريخ المخابرات، سلباً أو إيجاباً. مثل (هبة سليم)، تلك الجاسوسة المثقفة، ذات الطابع الخاص جداً، والتي لم تنجح مصريتها في كبت أحلام وتطلُّعات طموحاتها المتفجِّرة، فاندفعت بكل عقلها ونشاطها، ومواهبها المتعدِّدة، نحو طريق الخيانة، وطرحت هويتها تحت أقدام المخابرات الإسرائيلية، التي أوهمتها بأحلام التفوّق والقوة والنجاح، والتي لم تستيقظ منها، إلا وحبل المشنقة يلتفّ حول عنقها الجميل. قبل حتى أن يعرف العامة قصتها، ويتابعون خيانتها، على شاشة السينما، من خلال أوَّل وأقوى فيلم عن عمليات المخابرات (الصعود إلى الهاوية)، والذي قدَّمها فيه الراحل المبدع (صالح مرسى)، تحت اسم (عبلة كامل)، مع تلك العبارة الشهيرة، التي انحفرت لروعتها في كل الأذهان: (هي دي مصر يا عبلة).. أيضاً أتحفنا التليفزيون المصرى، في بداية التسعينيات، بقصة (أحمد الهوَّان)، ذلك المصري البسيط، الذي لعب دوراً مزدوجاً مدهشاً، لخداع المخابرات الإسرائيلية، وانتزاع واحد من أفضل وأحدث أجهزة الاتصال -أيامها- من بين أنياب ذئابها، في مسلسل حمل طابعاً فريداً، في ذلك الحين، باسم (دموع في عيون وقحة)، منح خلاله الأستاذ (صالح مرسى)، لبطل القصة الحقيقى، اسماً يتناسب معه إيقاعياً كعادته (جمعة الشوَّان).. ولكن، ومع كل ما ظهر إلى الوجود -عربياً- عبْر هذا النوع من الأدب، لم يحظ جاسوس واحد، بكل ذلك الاهتمام، وكل تلك الشهرة، المحلية والعالمية، أكثر من (رفعت علي سليمان الجمَّال)، ذلك المصري الشاب، الذي وصفه من التقطوه في بداياته بأنه أقرب إلى المحتال، منه إلى رجل الأعمال، مع كل ما يجيده من مهارات وخبرات، وقدرة مدهشة على اجتذاب من حوله، والتأثير فيهم، وإقناعهم بأية رواية يُحِيكُها ذهنه، أو يتدرَّب عليها بإتقان.. ومنذ ظهور قصة (رفعت الجمَّال) إلى الوجود، كرواية مسلسلة، حملت اسم (رأفت الهجَّان)، في 3 يناير 1986م، في العدد رقم (3195) من مجلة (المصوِّر) المصرية، جذب الأمر انتباه الملايين، الذين طالعوا الأحداث في شغف مدهش، لم يسبق له مثيل، وتعلَّقوا بالشخصية إلى حد الهوس، وأدركوا جميعاً، سواء المتخصصين أو غيرهم، أنهم أمام ميلاد جديد، لروايات عالم المخابرات، وأدب الجاسوسية، وأمام بوَّابة جديدة فريدة، تنفتح لأوَّل مرة، على هذا النحو من القوة، أمام القارئ العادي.. وتحوَّلت القصة إلى مسلسل تليفزيوني، سيطر على عقل الملايين، في العالم العربي كله، وأثار جدلاً طويلاً، لم ينقطع حتى لحظة كتابة هذه السطور، في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، بما فيها، أو لعل على رأسها، (إسرائيل) نفسها.. ولأن الأمر قد تحوَّل، من مجرَّد رواية في أدب الجاسوسية، تفتح بعض ملفات المخابرات المصرية، إلى صرعة لا مثيل لها، ولهفة لم تحدث من قبل، وتحمل اسم (رأفت الهجان)، فقد تداعت الأحداث، وانطلق الخيط بلا حدود، وراحت عشرات الصحف تنشر معلومات جديدة في كل يوم، عن حقيقة ذلك الجاسوس المدهش، الذي زرعته المخابرات المصرية في قلب (إسرائيل)، لينشئ ويدير واحدة من أقوى شبكات الجاسوسية، ويبرع في خطة خداع عبقرية، ومنظومة مخابراتية رفيعة المستوى، عبر ثمانية عشر عاماً كاملة، دون أن ينكشف أمره لحظة واحدة، على عكس ما يدّعي الإسرائيليون الآن.. ومن بين كل المقالات، والأحاديث، والكتب العديدة، التي تحدَّثت عن (رفعت الجمَّال)، وحاولت كشف حقيقته، وهويته، وأسرار حياته، وبداياته، ومغامرته المذهلة، في قلب المجتمع الإسرائيلى، لن تجد أفضل، أو أقوى، أو أكثر جذباً للانتباه، وإطلاقاً للفكر، من هذا الكتاب، الذي نستعرضه هنا اليوم (18 عاماً خداعاً لإسرائيل - قصة الجاسوس المصري- رفعت الجمَّال).. في الأوَّل من يوليو 1927م، لأب ( علي سليمان الجمّال)، تاجر فحم بالجملة، وأم (رتيبة علي أبو عوض)، من أسرة راقية، تتحدَّث الإنجليزية والفرنسية، اللتين تعلمتهما في إحدى المدارس الخاصة.. وفي بداية مذكراته، يتحدَّث (رفعت علي سليمان الجمَّال) عن أخيه غير الشقيق (سامي)، وعن شقيقه (لبيب) و(نزيهة)، ويؤكِّد احترامه وتقديره الشديدين للأخ غير الشقيق (سامي)، الذي تولَّى شئون الأسرة كلها، بعد وفاة الأب عام 1936م، والذي كان مدرساً خصوصياً للغة الإنجليزية، لأخوي الملكة (فريدة)، مما يعني أنه كان يتمتَّع بمكانة محترمة للغاية.. وفي (مصر الجديدة)، نشأ (رفعت) وترعرع، تحت رعاية (سامي)، الذي نقل الأسرة كلها إلى (القاهرة)، بعد وفاة الوالد، والتحق (رفعت) هناك بمدرسة للتجارة المتوسِّطة، وهو في الرابعة عشرة من عمره، بناءً على ضغط الأسرة، التي رأت أن طبيعته غير المسؤولة، لن تساعده على النجاح في التعليم الجامعى.. وفي مدرسته التجارية المتوسِّطة، انبهر (رفعت) بالبريطانيين، الذين كانوا يقاومون الجيوش النازية باستماتة، مما دفعه إلى التحدُّث بالإنجليزية، بلكنة بريطانية، كما تعلَّق كثيراً بأستاذه الباريسي، الذي علَّمه أن يتحدَّث الفرنسية بلكنة الفرنسيين، حتى أجاد اللغتين، وبرع في التحدُّث بهما، مما كان له أبلغ الأثر في مستقبله فيما بعد.. وفي تلك الفترة أيضاً، كان للسينما سحر كبير، في نفوس الشباب، في كافة أنحاء العالم، مما جذب انتباه (رفعت)، وغرامه، وطموحه، إلى الحد الذي جعله يحلم بالعمل في السينما ذات يوم، حتى أنه، وأثناء رحلة مدرسية إلى ستوديوهات السينما، تسلَّل إلى حجرة الفنان (بشارة واكيم)، وراح يقلِّد أدواره، حتى ضبطه الممثل الكبير متلبساً، وراق له ما يفعله، فسأله عن اسمه وأسرته، ثم نصحه بالاهتمام بدارسته أوَّلاً، والعودة بعد الانتهاء منها، للبحث عن دور في عالم السينما.. وفي ذلك اليوم، شعر (رفعت) الصبي بنشوة غامرة، وقرَّر أن يكمل دراسته، ليصبح ممثلاً.. وفي بدايات عام 1943م، تزوَّجت شقيقته (نزيهة) من الملازم أوَّل (أحمد شفيق)، وانتقلت الأم إلى (دكرنس)، واستعد (سامي) للزواج من ابنة (محرم فهيم)، رئيس نقابة المحامين - آنذاك - وأصبح من الضروري أن ينتقل (رفعت) مع شقيقه (لبيب)، الذى أصبح محاسباً في بنك (باركليز)، إلى شقة أخرى، استأجرها لهما (سامي)، بالقرب من ميدان (لاظوغلي).. ووفقاً لمذكراته، التقى (رفعت) بالممثل (بشارة واكيم) مرة أخرى، في عام 1945م، فتذكَّره الرجل، ومنحه دوراً صغيراً في أحد أفلامه، لتتغيِّر بعدها حياته تماماً؛ فمع الزهو الذى شعر به، مع عرض الفيلم، على الرغم من صغر دوره، بدأ زملاء الدراسة يعاملونه كنجم سينمائي، وأحاطوه باهتمامهم، وأسئلتهم، وغيرتهم أيضاً، مما ضاعف من إحساسه بالثقة، وساعده على إنهاء دراسته، في صيف 1946م، ليعمل مرة أخرى، في أفلام الفنان (بشارة واكيم)، ويلتقي بأوَّل حب في حياته.. (بيتي).. وعلى الرغم من أن مذكرات (رفعت) تحمل اسم (بيتي)، التي وصفها بأنها راقصة شابة، مراهقة وطائشة، وتكبره بعام واحد، إلا أن بعض الآراء تعتقد أن المقصود هنا هو الراقصة (كيتي)، اليهودية الشابة، التي تورَّطت فيما بعد، مع شبكة جاسوسية أخرى، وفرَّت تحت جنح الظلام من (مصر) كلها، ولم تُسمع أخبارها بعدها قط.. المهم أن (رفعت) لم يرتبط بالراقصة الشابة عاطفياً فحسب، وإنما جنسياً أيضاً، وانتقل للعيش معها، مما أثار غضب (لبيب)، وتسبَّب له في مشكلات عائلية عديدة، جعلته يتخلَّى فى النهاية عن (بيتي)، وعن العمل فى السينما، ليتقدَّم بطلب وظيفة لدى شركة بترول أجنبية، على ساحل البحر الأحمر، ويفوز بها بجدارة؛ بسبب إجادته للفرنسية والإنجليزية بطلاقة.. ولقد نجح (رفعت) فى عمله إلى حد كبير، وبالذات لأنه يعمل في (رأس غارب)، على مسافة تقرب من مائتي كيلو متر، بعيداً عن (القاهرة)، التي فر من مشاكله العديدة بها، ورفض بإصرار العودة إليها، عندما تم نقله إلى الفرع الرئيسي بها، كنوع من الترقية.. ورفض (رفعت) الترقية، ورفض الوظيفة كلها، وتحيَّن فرصة لقائه برجل أعمال سكندري، ربطته به علاقة وثيقة أثناء عمله، ليطلب منه العمل لديه، ولينتقل بعدها بالفعل إلى (الإسكندرية).. وارتبط (رفعت) برجل الأعمال السكندري هذا ارتباطاً وثيقاً، وشعر في منزله بدفء الأسرة، الذي افتقده طويلاً، بل وخفق قلبه هناك بحب (هدى)، ابنة رجل الأعمال، الذي لم يعترض على نمو هذه العلاقة، بعد أن اعتبر أن (رفعت) بمثابة ابنه، الذي لم ينجبه أبداً.. وكان من الممكن أن ينمو هذا الحب، ويزدهر، وينتهي بزواج، واستقرار، وأسرة بسيطة وسعيدة، و… ولكن القدر كان يدخر مفاجأة كبيرة لبطلنا، هي بالضبط ما رأيناه وتابعناه جميعاً، على شاشة التليفزيون، في المسلسل الشهير.. مهمة متابعة، لفرع الشركة في (القاهرة)، تحوَّلت إلى عملية احتيال، من مدير الفرع الخبيث، وانتهت باتهام (رفعت) بالاختلاس والسرقة.. وعلى الرغم من أن رجل الأعمال السكندري كان يدرك أن (رفعت) قد سقط في فخ محكم، إلا أنه اضطر لفصله من وظيفته، تجنباً لإجراء أية تحقيقات رسمية، في نفس الوقت الذي أوصى فيه بتعيينه كمساعد ضابط حسابات، على متن سفينة الشحن (حورس).. وأثناء عمله على السفينة، وتوقفها فى (ليفربول) البريطانية، التقى (رفعت) بالفاتنة (جودي موريس)، التى ذكَّرته بحبيبته السابقة (بيتي)، مما دفعه إلى الارتباط بها، ودفعها إلى التعلُّق به، حتى أنها حرضته على التظاهر بالإصابة بالتهاب الزائدة الدودية، حتى لا يرحل مع السفينة (حورس)، عندما يحين موعد مغادرتها لميناء (ليفربول).. وقضى (رفعت) بعض الوقت مع (جودي) بالفعل، بعد رحيل (حورس)، ولكنه لم يلبث أن سئم الأمر كله كعادته، فاستعاد عمله على سفينة الشحن، عند عودتها إلى (ليفربول)، وعاد إلى (مصر)، في مارس 1950، إلا أنه لم يلبث أن عمل على متن سفينة شحن فرنسية، سافر معها إلى (مرسيليا)، ثم هجرها إلى (باريس)، حيث أجاد اللغة الفرنسية إجادة تامة، واستثمرها فى إقامة بعض العلاقات النسائية هناك، والتي كان يرغب في استمرارها إلى الأبد، لولا أنه واجه خطر الطرد من البلاد؛ لأنه لم يكن يحمل تأشيرة إقامة رسمية.. ومرة أخرى، وبتأشيرة زيارة قصيرة، سافر (رفعت) إلى (بريطانيا)، بحجة استشارة الطبيب، الذي أجرى له عملية الزائدة، واستقر ليعمل هناك في وكالة للسفريات، تحمل اسم (سلتيك تورز).. وفي هذه المرة أيضاً، ومع النجاح الذي حققه في عمله، كان من الممكن أن يستقر (رفعت) في (لندن)، وأن يحصل على إقامة رسمية بها، بل وأن يصبح من كبار خبراء السياحة فيها، لولا أنه، وأثناء قيامه بعقد صفقة لحساب الشركة في (نيويورك)، تلقَّى عرضاً من صاحب شركة أمريكية، بدا له مناسباً للغاية، فقبله على الفور، ودون تفكير، وقرَّر الإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية لبعض الوقت، دون تأشيرة عمل رسمية، أو بطاقة ضمان اجتماعي خضراء.. ولعل هذا أسوأ قرار اتخذه (رفعت الجمَّال) في حياته، أو أن القدر كان يدخر له بالفعل ذلك الدور، االذي صنع منه حالة فريدة في عالم الجاسوسية، ويدفعه إليه دفعاً بلا هوادة.. فمنذ اتخذ قراره هذا، اضطربت حياة (رفعت) تماماً.. إدارة الهجرة بدأت تطارده، وصاحب العمل تخلّى عنه، وتم وضع اسمه فى القائمة السوداء في (أمريكا)، مما اضطره للهرب إلى (كندا)، ومنها إلى (فرانكفورت) في (ألمانيا)، التي حصل على تأشيرة ترانزيت بها، باعتبارها مجرَّد محطة، للوصول إلى (النمسا).. ولكن عبثه أيضاً صنع له مشكلة ضخمة في (فرانكفورت)، حيث قضى ليلة واحدة، مع فاتنة شقراء، استيقظ ليجد نفسه بعدها دون نقود، ودون جواز سفر أيضاً.. ففي تلك الفترة بالذات، كان الكثيرون من النازيين السابقين، يسعون للفرار من (ألمانيا)، ويشترون، في سبيل هذا، جوازات سفر أجنبية.. ولقد اتهمه القنصل المصري هناك بأنه قد باع جواز سفره، ورفض أن يمنحه وثيقة سفر بدلاً منه، ثم لم تلبث الشرطة الألمانية أن ألقت القبض عليه، وتم سجنه لبعض الوقت، قبل أن يرحل قسراً، على متن أوَّل طائرة، عائداً إلى البلد الذي جاهد للابتعاد عنه.. إلى (مصر).. مع عودة (رفعت) إلى (مصر)، بدون وظيفة، أو جواز سفر، وقد سبقه تقرير عما حدث له في (فرانكفورت)، وشكوك حول ما فعله بجواز سفره، بدت الصورة أمامه قاتمة إلى حد محبط، مما دفعه إلى حالة مؤسفة من اليأس والإحباط، لم تنته إلا مع ظهور فرصة جديدة، للعمل في شركة قناة (السويس)، تتناسب مع إتقانه للغات.. ولكن الفرصة الجديدة كانت تحتاج إلى وثائق، وأوراق، وهوية.. وهنا، بدأ (رفعت) يقتحم العالم السفلي، وتعرَّف على مزوِّر بارع، منحه جواز سفر باسم (علي مصطفى)، يحوي صورته، بدلاً من صورة صاحبه الأصلي.. وبهذا الاسم الجديد، عمل (رفعت) في شركة قناة (السويس)، وبدا له وكأن حالة الاستقرار قد بدأت.. ولكن هيهات… لقد قامت ثورة يوليو1952م، وشعر البريطانيون بالقلق، بشأن المرحلة القادمة، وأدركوا أن المصريين يتعاطفون مع النظام الجديد، فشرعوا في مراجعة أوراقهم، ووثائق هوياتهم، مما استشعر معه (رفعت) الخطر، فقرَّر ترك العمل، في شركة قناة (السويس)، وحصل من ذلك المزوِّر على جواز سفر جديد، لصحفي سويسري، يُدعى (تشارلز دينون).. والمدهش أن (رفعت) قد قضى بعض الوقت، في أحد الفنادق الدولية الكبرى، منتحلاً شخصية (دينون)، دون أن ينكشف أمره لحظة واحدة، أو يُدرك مخلوق واحد، ممن يتعامل معهم يومياً، أنه ليس صحفياً، بل وليس حتى سويسرياً، بل مجرَّد شاب مصري، يحمل شيكات سياحية، قيمتها اثنا عشر ألف دولار أمريكي، هى نتاج عمله في شركة (سلتيك تورز) البريطانية، مما يثبت مدى براعته، وقدرته المدهشة على إقناع وخداع كل من حوله، وتمكُّنه المدهش من اللغات ولكناتها أيضاً.. وبسبب بعض المتغيرات السياسية، في عام1953م، بدأت عملية مراجعة لأوراق الأجانب في (مصر)، مما اضطر (رفعت) إلى إنهاء إقامته في ذلك الفندق الدولي، الذى لم يُسدِّد فاتورته على الأرجح؛ لأنه قرَّر أن يغيِّر هويته مرة أخرى، وحصل بالفعل على جواز سفر جديد، باسم البريطانى (دانيال كالدويل).. وبأسلوب إيقاف السيارات (الأوتوستوب)، اتجه (رفعت) نحو حدود (ليبيا)، وقد وقر في نفسه أنه لم يعد أمامه سوى أن يغادر (مصر) كلها.. ولقد سار كل شيء على ما يرام، حتى بلغ نقطة الحدود نفسها، وقدَّم للضابط البريطاني عندها جواز سفره البريطاني، بمنتهى الثقة والبساطة، وهو يتحدَّث معه بلكنة بريطانية صرفة.. ولكن الأمور لم تكن تسير لصالحه هذه المرة.. ففي ذلك الحين، كان الكثيرون من الجنود البريطانيين يفرون من وحداتهم في (الإسكندرية)، ويحاولون عبور الحدود إلى (ليبيا)، كما كان العشرات من اليهود يسعون لتهريب أموالهم، عبر الحدود نفسها، مما جعل الضابط البريطاني يطالبه بإفراغ كل ما تحويه جيوبه أمامه، فلم يتردَّد (رفعت) لحظة واحدة، وبدا شديد الهدوء والثقة، وهو يفرغ جيوبه أمام البريطاني، الذي التقط الشيكات السياحية، وفحصها في اهتمام بالغ، قبل أن يسأله عما يعنيه كون الشيكات محرَّرة لاسم (رفعت الجمَّال)، في حين أن جواز السفر يحمل اسم (دانيال كالدويل).. وهنا، ارتكب (رفعت) أكبر حماقة في حياته، عندما قال: إنه سيوقَّع تلك الشيكات باسم (رفعت الجمَّال)، مما اعتبره البريطاني بادرة شك، فألقى القبض عليه، وأعاده إلى (القاهرة) مع تقرير يشير إلى أنه لا يبدو مصرياً، أو حتى بريطانياً، وأنه على الأرجح (دافيد أرنسون) آخر.. و(دافيد أرنسون) هذا ضابط يهودي، كان مستشاراً للقائد التركي (جمال باشا) في (دمشق) يوماً ما، ضمن شبكة تجسُّس يهودية، انتشر أفرادها في الإمبراطورية العثمانية.. ولكن سلطات التحقيق في (مصر) لم تكن لديها خلفية تاريخية مناسبة، لتستوعب هذا الأمر، لذا فقد اتهمت (رفعت) بأنه يهودي، يحمل اسم (دافيد أرنسون)، وجواز سفر باسم (دانيال كالدويل)، وشيكات سياحية باسم (رفعت الجمَّال)، ولقد زاد هو الطين بلة -حسبما قال في مذكراته- عندما تحدَّث بالعربية، ليثبت التهمة على نفسه، مما جعلهم يرسلونه إلى (القاهرة)، وإلى (مصر الجديدة) بالتحديد؛ لأنها الجهة الوحيدة، التي عثروا فيها على اسم (رفعت الجمَّال).. إلى هنا، والمذكرات لم تبتعد كثيراً عن تلك الأحداث، التي تابعناها جميعاً، في المسلسل الشهير، على شاشة التليفزيون، فقد أعيد استجواب (رفعت) في قسم (مصر الجديدة)، وحار الكل في شأنه، وافترض بعض الجنود، والضباط، وحتى المساجين، أنه بالفعل يهودي مصري، و… وفجأة، زاره ذلك الرجل.. وفي هذا الجزء بالتحديد، أعتقد أنه من الأفضل أن ننقل الحدث، كما رواه (رفعت علي سليمان الجمَّال) بنفسه، باعتباره أهم وأخطر نقطة تحوّل، في مسار حياته كلها، حيث يقول: رأيت في انتظاري رجلاً ضخم البنية، يوحى بالجدية، يرتدي ملابس مدنية، هادئ الصوت في ود حين يلقي أوامره. وجه كلامه للحارس الذى اصطحبني قائلاً: - يمكن أن تتركنا الآن وحدنا. واتجه ناحيتي وطلب مني الجلوس. جلست. وفي داخلي قلق حقيقي. يسيطر عليَّ مزاج عنيد وملل وضيق مما سيأتي، فقد سئمت وضقت ذرعاً من القيود التي وضعوني فيها. وعندما قدم لى الجالس قبالتي سيجارة ثنيت يدي في هدوء فانسلتا خارج القيد الحديد. تردد الرجل لحظة، ولكنه لم ينطق بشيء، ولم يستدع الحارس. فقط جلس خلف مكتبه، الذي أجلس قبالته، وقد رسم على شفتيه ابتسامة وهو يتطلع إلىَّ. قدّم لي نفسه قائلاً: - اسمي حسن حسني من البوليس السياسي. قفزت إلى رأسي علامة استفهام كبيرة: ما علاقتي أنا بالبوليس السياسي؟ إن المباحث الجنائية هي وحدها المسؤولة عن الجرائم التي يحاولون اتهامي بها. استطرد الرجل قائلاً: - لا أستطيع أن أخاطبك باسمك لأنني لا أعرف أي اسم أستخدم من أسمائك الثلاثة. يجب أن تعرف أن قضيتك صعبة جداً. ليس المسألة خطورة جرائمك، بل لأننا ببساطة لا نعرف من أنت. إن الثورة في بلدنا لا تزال حديثة عهد، بلا خبرة أو استعداد. ونحن لا نستطيع إصدار وثائق إثبات الشخصية للجميع لأننا لا نملك الوسائل اللازمة ولا العاملين اللازمين لذلك. وكما ترى فإنني صريح معك. وحيث إنك حتى هذه اللحظة مجرد مشتبه فيه، فالواجب يقضي بأن لا تبقى في الحجز أكثر من يومين. بعد هذا لابد من عرضك على قاض أو إطلاق سراحك. ولكن يجب أن نتحفظ عليك حتى تفصح لنا عن حقيقة هويتك. نحن في ثورة ولسنا على استعداد لتحمل أية أخطاء في هذه المرحلة. أنصت إليه بانتباه محاولاً تصور ما يرمى إليه. واستطرد قائلاً: - أود أن أغلق قضيتك. لا يوجد أي بلاغ عن سرقة جواز سفر بريطاني باسم (دانييل كالدويل). ولا أستطيع أن أفسر كيف ظهر في ملفك أنك يهودي باسم (ديفيد آرونسون). ثم إن (رفعت الجمَّال) لا توجد اتهامات ضده ولا أبلغ هو عن سرقة أى شيكات سياحية. سأدعك تخرج إلى حال سبيلك شريطة أن أعرف فقط من أنت على حقيقتك. والآن ما قولك؟ قلت له : - ألا تريد أن تخبرني لماذا أنت مهتم بي؟ واضح أنني لست هنا بسبب اتهام ما. وكان رده: - أنا معجب بك. إجابتك أسرع مما توقعت. تصورت أنه ما دام من البوليس السياسي، وهو ما أصدقه، فليس من المنطقي أن يعرفني باسمه مع أول اللقاء إلا إذا كان على يقين من أمري. كان البوليس السياسي في ذلك الوقت نوعاً من المخابرات. وعلى الرغم من ادعائه أنهم لا يملكون الإمكانيات إلا أنهم كانوا يعملون بدأب شديد. استطرد قائلاً: - أنا مهتم بك. فقد تأكد لنا أنك قمة في الذكاء والدهاء. لقد أثرت حيرة الرسميين إزاء الصور التي ظهرت عليها حتى الآن. قد تكون إنجليزياً أو يهودياً أو مصرياً. غير أن ما أثار اهتمامي كثيراً بشأنك هو أن أحد رجالنا الذين دسسناهم بينكم في حجز الإسكندرية أفاد بأن جميع النزلاء اليهود الآخرين اعتقدوا عن يقين أنك يهودي. دهشت للطريقة التي يعملون بها. لقد وصل بهم الأمر إلى حد وضع مخبرين داخل السجن للتجسس على الخارجين على القانون. وواصل حسن حسني حديثه قاصداً مباشرة إلى ما يرمي إليه فقال: - يجب التزام الحذر. أعداء الثورة في كل مكان ويريدون دفع مصر مرة ثانية إلى طريق التبعية للأجانب وكبار الملاك الزراعيين. بيد أن هذا موضوع آخر. فأنت كإنجليزي لا يعنيك هذا في كثير أو قليل. وأنا على يقين من أنك لا تضمر كراهية للشعب المصري. انفجرت فجأة قائلاً: - هذه إهانة أنا مصري، وحريص كل الحرص على مصر وشعبها. صحت وصرخت بأعلى صوتي لهذه الإهانة التي وجهها لي. وما أن انتهيت من ثورتي الغاضبة حتى أشعل سيجارة وابتسم ابتسامة المنتصر.. وعرفت أنني وقعت . عندئذ عرفت أنني وقعت في المصيدة التي نصبها لي. عرفت أنه انتصر عليّّ. فقد استفزني إلى أقصى الحدود ليجعلني أظهر على حقيقتي، واستطاع ببضع كلمات عن أعداء مصر أن يجعلني أكشف الستر عما أخفيته. وهنا قال: - (رفعت) أنا فخور بك. أنت مصري أصيل. أطلب منك أن تخبرني شيئاً واحداً وبعدها سأعترف لك بالسبب في أنك هنا، وفي أني مهتم بك أشد الاهتمام. كيف نجحت في جعل اليهود يقبلونك كيهودي؟ أجبت قائلاً: - هذه قصة طويلة، وأنا واثق من أنك لا تريد سماعها. وكانت إجابته: - جرَّب. عندي وقت طويل. سألته: - وفيم يهمك هذا؟ قال هادئاً: -لأنني بحاجة إليك، وعندي عرض أريد أن أقترحه عليك. ربما كنت أنتظر هذه اللحظة. إذ سبق لي أن عشت أكاذيب كثيرة في حياتي، وبعد أن قضيت زمناً طويلاً وحدي مع أكاذيبي، أجدني مسروراً الآن إذ أبوح بالحقيقة إلى شخص ما. وهكذا شرعت أحكي لـ(حسن حسني) كل شيء عني منذ البداية. كيف قابلت كثيرين من اليهود في ستوديوهات السينما، وكيف تمثلت سلوكهم وعاداتهم من منطلق الاهتمام بأن أصبح ممثلاً. وحكيت له عن الفترة التي قضيتها في (إنجلترا) و(فرنسا) و(الولايات المتحدة الأمريكية)، ثم أخيراً في (مصر). بسطت له كل شيء في صدق. إنني مجرد مهرج، ومشخصاتي عاش في التظاهر ومثل كل الأدوار التي دفعته إليها الضرورة ليبلغ ما يريد في حياته. بعد أن فرغت من كلامي اتسعت ابتسامة (حسني) أكثر مما كانت وقال لي: - (رفعت الجمَّال)، أنت إنسان مذهل. لقد اكتسبت في سنوات قليلة خبرة أكبر بكثير مما اكتسبه شيوخ على مدى حياتهم. أنت بالضبط الشخص الذي أبحث عنه. يمكن أن نستفيد منك استفادة حقيقية. وكان سؤالي هذه المرة: - ما الذي تريدني من أجله؟ أجاب قائلاً: - كما قلت لك من قبل هناك مشكلات خارجية كثيرة تواجه مصر. وتوجد في مصر أيضاً رؤوس أموال ضخمة يجري تهريبها. والملاحظ أن كثيرين من الأجانب وخاصة اليهود هم الذين يتحايلون لتهريب رؤوس الأموال إلى خارج البلاد. يمكنهم تحويل مبالغ بسيطة فقط بشكل قانوني، غير أنهم نظموا فرقاً تخطط وتنظم لإخراج مبالغ ضخمة من مصر. واليهود هم الأكثر نشاطاً في هذا المجال. إن إسرائيل تأسست منذ خمس سنوات مضت، وهناك كميات ضخمة من الأموال تتجه إليها. ونحن ببساطة لا نستطيع تعقب حيلهم، ومن ثم فنحن نريد أن نغرس بينهم شخصاً ما، يكتسب ثقتهم ويطمئنون إليه وبذا يكتشف حيلهم في تهريب أموالهم إلى خارج البلاد، كما يكشف لنا عمن وراء ذلك كله. نريد أن نعرف كيف تعمل قنوات النقل التي يستخدمونها وكل شيء آخر له أهمية. وأنت الشخص المثالي لهذا العمل. الشخص الذي نزرعه وسطهم لابد وأن يكون يهودياً. ولقد استطعت إقناعهم بأنك كذلك. ما رأيك؟ هل أنت على استعداد لهذه المهمة؟ حدقت فيه كأنه نزل إليّ من السماء. لم أشعر بالاطمئنان، ولم تكن لديّ فكرة عما أنا مزمع عمله. أوضح لي أنني أفضل فرس رهان بالنسبة له. وأضاف أنهم سوف يتولون تدريبي، وإيجاد قصة جيدة الإحكام لتكون غطاء لي، ثم يضعونني وسط المجتمع اليهودي في (الإسكندرية). سألته: - وماذا يعود عليَّ أنا من هذا؟ - سيتم محو ماضي (رفعت الجمَّال) تماماً، ويجري إسقاط جميع الإجراءات القضائية الأولية لإقامة الدعاوي ضدك بسبب جوازات السفر المزورة، والبيانات الشخصية عن (علي مصطفى)، و(شارلز دينون)، و(دانييل كالدويل)، وأي أسماء أخرى سبق لك أن استعملتها، كما سيتم إسقاط أي اتهامات أخرى ضدك. وسوف تستعيد قيمة شيكاتك السياحية، أو تكتب بالاسم الذي تتخذه لنفسك وتعيش به كيهودي. هل نعقد الصفقة معاً؟ عدت لأسأله: - هل لي حق الاختيار؟ - من حيث المبدأ لك الخيار. فإذا كنت قد اعتدت على حياة السجن، فمن المؤكد أنك تستطيع اختيار هذا لأن السجن سيكون هو مكانك ومآلك زمناً طويلاً ما لم تسقط الاتهامات ضدك. - وكيف نبدأ إجراءاتنا من هنا إذا ما قبلت عرضك؟ - سنشرع في تدريبك على الفور. سيكون تدريباً مكثفاً ويحتاج إلى زمن طويل. وسوف تكون لك شخصية جديدة وتنسى ماضيك تماماً. وما أن توضع في مكانك الجديد حتى تغدو مسؤولاً عن نفسك. لن يكون لنا دور سوى دعمك بالضرورات، ولن نتدخل إلا إذا ساءت الأمور، أو أصبح الوضع خطراً. جلست في مكاني أفكر في الفرص المتاحة لي، مدركاً ألا خيار آخر أمامي إذا لم أشأ دخول السجن، لقد أوقع بي (حسن حسني) حيث أراد لي، ولا حيلة لي إزاء ذلك. وقفت وبسطت يدي لأصافحه موافقاً وأنا أقول له: - حسن، أظنك أوقعت بي حيث تريد لي أن أكون. إذن لنبدأ. أجاب وعلى شفتيه ابتسامة: - أنا سعيد جداً أن أسمع هذا منك. وبدأت فترة تدريب مكثف. شرحوا لي أهداف الثورة وفروع علم الاقتصاد، وتعلمت سر نجاح الشركات متعددة القوميات، وأساليب إخفاء الحقائق بالنسبة لمستحقات الضرائب، ووسائل تهريب الأموال، وتعلمت بالإضافة إلى ذلك عادات اليهود وسلوكياتهم. وتلقيت دروساً مكثفة في اللغة العبرية كما تعلمت تاريخ اليهود في مصر وأصول ديانتهم. وعرفت كيف أمايز بين اليهود الإشكانز(*) والسفارد(**) والشازيد(***). وحفظت عن ظهر قلب الشعائر اليهودية وعطلاتهم الدينية حتى أنني كنت أرددها وأنا نائم. وتدربت أيضاً على كيفية البقاء على قيد الحياة معتمداً على الطبيعة في حالة إذا ما اضطرتني الظروف إلى الاختفاء فترة من الزمن. وتدربت بعد هذا على جميع عادات الشرطة السرية للعمل بنجاح متخفياً. وأخيراً تقمصت شخصيتي الجديدة. وأصبحت منذ ذلك التاريخ (جاك بيتون) المولود في 23أغسطس عام1919 في المنصورة، من أب فرنسي وأم إيطالية. وأن أسرتي تعيش الآن في (فرنسا) بعد رحيلها عن مصر، وهي أسرة كانت لها مكانتها وميسورة الحال. وديانتي هي يهودي إشكنازي. وتسلمت وثائق تحمل اسمي الجديد والتواريخ الجديدة. هكذا ذكر (رفعت) الأمر، في مذكراته الشخصية.. وهكذا انتهى (رفعت الجمَّال) رسمياً، ليولد (جاك بيتون)، الذي انتقل للعيش في (الإسكندرية)، ليقيم في حي يكثر به اليهود، ويحصل على وظيفة محترمة، في إحدى شركات التأمين.. ورويداً رويداً بدأت ثقته في نفسه تزداد، وبدأ يتعايش كفرد من الطائفة اليهودية، التي قدمه إليها زميل الحجز السابق (ليفي سلامة)، والذي قضي معه بعض الوقت، عندما تم إلقاء القبض عليه، عند الحدود الليبية.. وفي مذكراته هذه، يكشف لنا (رفعت الجمَّال) جانباً لم يتطرَّق إليه المسلسل التليفزيوني على نحو مباشر أبداً، إذ تباغتنا المفاجأة بأنه قد انضمّ، أثناء وجوده في (الإسكندرية)، إلى الوحدة اليهودية (131)، التي أنشأها الكولونيل اليهودي (إفراهام دار)، لحساب المخابرات الحربية الإسرائيلية (أمان)، والتي شرع بعض أفرادها في القيام بعمليات تخريبية، ضد بعض المنشآت الأمريكية والأجنبية، على نحو يجعلها تبدو كما لو أنها من صنع بعض المنظمات التحتية المصرية، فيما عرف بعدها باسم (فضيحة لافون)، نسبة إلى (إسحق لافون)، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك.. وفي الوحدة (131)، كان (رفعت الجمَّال) زميلاً لعدد من الأسماء، التي أصبحت فيما بعد شديدة الأهمية والخطورة، في عالم المخابرات والجاسوسية، مثل (مارسيل نينو)، التي أقام علاقة معها لبعض الوقت، و(ماكس بينيت)، و(إيلي كوهين)، ذلك الجاسوس الذي كاد يحتلّ منصباً شديد الحساسية والخطورة، بعد هذا بعدة سنوات، في الشقيقة (سوريا)، وغيرهم.. ومذكرات (رفعت)، في هذا الجزء بالذات، تبدو مدهشة بحق، إذ أنها تخالف كل ما قرأناه أو تابعناه، بشأن عملية (سوزانا)، أو (فضيحة لافون)؛ إذ أنها توحي بأن كل شيء كان تحت سيطرة جهاز مكافحة الجاسوسية منذ البداية، وأن (حسن حسني)، ومن بعده (علي غالي)، الذي تولَّى أمر (رفعت)، في مرحلة تالية، كانا يتابعان نشاط الوحدة (131) طوال الوقت، وأن معلومات (رفعت)، التي كان ينتزعها، من قلب الوحدة، كانت سبباً أساسياً في إحباط العملية كلها، وإلقاء القبض على كل المشتركين فيها.. على الرغم من التعارض الواضح، في مذكراته، مع مانشر عن تفاصيل سقوط جواسيس فضيحة (لافون)، فأنا -شخصياً- أكثر ميلاً لتصديق قصة (رفعت)، بل وأعتقد أن الهدف من نشر الأمر، على نحو مختلف، كان حمايته بالدرجة الأولى بعدما انتقل عمله من الشرطة والبوليس السياسي إلى عالم الجاسوسية، وتطوَّر الهدف من وجوده، في مرحلة تالية من العملية.. ولقد تم إلقاء القبض على (رفعت) و(إيلي كوهين)، كأفراد في الوحدة (131)، ثم أطلق سراحهما فيما بعد، لعدم وجود ما يدينهما، فاختفى بعدها (إيلي)، في حين بقي (رفعت)، ليواصل الحياة لبعض الوقت، باسم (جاك بيتون)، الذي لم يتطرَّق إليه الشك حتماً، بدليل أن الإسرائيليين قد اتهموا عضواً آخر، من الوحدة (131) بكشف أسرارها، وهو (بول فرانك)، الذي حوكم بالفصل، فور عودته إلى (إسرائيل) وصدر ضده الحكم بالسجن لاثني عشر عاماً.. وحتى ذلك الحين، وكما يقول (رفعت) في مذكراته، كانت مهمته تقتصر على التجسُّس على مجتمع اليهود في (الإسكندرية)، ولكن عقب نجاح عملية الوحدة (131) تم استدعاؤه إلى (القاهرة)، ليلتقي بضابط حالته الجديد (علي غالي)، الذي واجهه لأوَّل مرة بأنه قد نجح تماماً في مهمته، وأن الخطة ستتطوَّر، لتتم الاستفادة به أكثر خارج الحدود، خاصة وأن سمعته، كفرد سابق في الوحدة (131)، ستخدع الوكالات اليهودية، وستدفعها للتعامل معه كبطل.. وهنا أيضاً، أعتقد أنه من الأروع أن نقرأ تفاصيل تلك اللحظات الحاسمة من مذكرات (رفعت) مباشرة، عندما يقول: مرة أخرى وجدت نفسي أقف عند نقطة تحول خطيرة في حياتي. لم أكن أتصور أنني ما أزال مديناً لهم، ولكن الأمر كان شديد الحساسية عندما يتعلق بجهاز المخابرات. فمن ناحية روعتني فكرة الذهاب إلى قلب عرين الأسد. فليس ثمة مكان للاختباء في (إسرائيل)، وإذا قبض عليَّ هناك فسوف يسدل الستار عليَّ نهائياً. والمعروف أن (إسرائيل) لا تضيع وقتاً مع العملاء الأجانب. يستجوبونهم ثم يقتلونهم. ولست مشوقاً إلى ذلك. ولكني كنت أصبحت راسخ القدمين في الدور الذي تقمصته كما لو كنت أمثل دوراً في السينما، وكنت قد أحببت قيامي بدور (جاك بيتون). أحببت اللعبة، والفارق الوحيد هذه المرة هو أن المسرح الذي سأؤدي عليه دوري هو العالم باتساعه، وموضوع الرواية هو الجاسوسية الدولية. وقلت في نفسي أي عرض مسرحي مذهل هذا؟... لقد اعتدت دائماً وبصورة ما أن أكون مغامراً مقامراً وأحببت مذاق المخاطرة. وتدبرت أمري في إطار هذه الأفكار، وتبين لي أن لا خيار أمامي. سوف أؤدي أفضل أدوار حياتي لأواجه خيارين في نهاية المطاف: إما أن يقبض عليَّ وأستجوب وأشنق، أو أن أنجح في أداء الدور وأستحق عليه جائزة أوسكار. وكنت مقتنعاً أيضاً بأني أعمل الصواب من أجل مصر وشعبها. قلت لغالي: - إذا كنت تعتقد أنني قادر على أداء المهمة فإني لها. ثم كان السؤال الثاني: - كيف نبدأ من هنا؟ - سوف يجري تدريبك على العمل على الساحة الدولية. كل ما تتعلمه يجب أن يسري في دمك. هذا هو سر اللعبة. أنت مخرج عرضك المسرحي وإما أن تنجح فيه بصورة كاملة، أو تواجه الهلاك. تصافحنا علامة الموافقة وبدأت جولة تدريب مكثف. ودرست تاريخ اليهود الأوروبيين والصهيونية وموجات الهجرة إلى فلسطين. تعلمت كل شيء عن الأحزاب السياسية في (إسرائيل) والنقابات و(الهستدروت) أو اتحاد العمال، والاقتصاد والجغرافيا والطوبوغرافيا وتركيب (إسرائيل). وأصبحت خبيراً بأبرز شخصيات (إسرائيل) في السياسة والجيش والاقتصاد عن طريق دراسة أفلام نشرات الأخبار الأسبوعية. وأعقب هذا تدريب على القتال في حالات الاشتباك المتلاحم والكر والفر والتصوير بآلات تصوير دقيقة جداً، وتحميض الأفلام وحل شفرات رسائل أجهزة الاستخبارات والكتابة بالحبر السري، ودراسة سريعة عن تشغيل الراديو، وفروع وأنماط أجهزة المخابرات والرتب والشارات العسكرية. وكذلك الأسلحة الصغيرة وصناعة القنابل والقنابل الموقوتة. وانصب اهتمام كبير على تعلم الديانة الموسوية واللغة العبرية. واعتدت أن أستمع كل يوم ولمدة ساعات إلى راديو إسرائيل. بل وعمدت إلى تعميق لهجتي المصرية في نطق العبرية لأنني في نهاية الأمر مولود في مصر. بعد التدريب تحددت لي مهنة. تقرر أن أكون وكيل مكتب سفريات حيث إن هذا سيسمح لي بالدخول إلى (إسرائيل) والخروج منها بسهولة، وتقرر أن أؤدي اللعبة لأطول مدة ممكنة. لم يكن ثمة حد زمني، وكان لي الخيار بأن أترك الأمر كله إذا سارت الأمور في طريق خطر. وسوف نرى إلى أين تمضي بنا الأمور. وقيل لي إنني أستطيع بعد ذلك العودة إلى (مصر) وأستعيد شخصيتي الحقيقية. وتسلمت مبلغ 3000 دولار أمريكي لأبدأ عملي وحياتي في (إسرائيل). وفي يونيو1956 استقللت سفينة متجهة إلى (نابولي) قاصداً في الأصل أرض الميعاد. ودعت (مصر) دون أن أدري ما سوف يأتي به المستقبل. واعتباراً من هذه المرحلة، تنقلنا مذكرات (رفعت الجمًّال)، التي تركها لزوجته بعد وفاته إلى تلك المرحلة الجديدة تماماً من حياته، والتي سافر خلالها إلى (نابولي)، حيث التقطته الوكالة اليهودية هناك، وبذلت جهدها لإقناعه بالسفر إلى (إسرائيل)، (أرض الميعاد)، كما كانت تقول دعاياتهم بمنتهى الإلحاح أيامها.. وفي هذا الجزء بالذات، وربما دون أن يدري (رفعت) نفسه، تتبدّى عبقرية العملية كلها، إذ لم يبد هو أية لهفة، على السفر إلى (إسرائيل)، إلا أنه لم يمانع بشدة في الوقت نفسه، وإنما جعلهم يعتقدون أنهم قد نجحوا في إقناعه، وتركهم يدفعونه إلى ظهر سفينة، حملته إلى (إسرائيل)، التي استقبله فيها رجل مخابرات يُدعى (سام شواب)، واستجوبه بعض الوقت، ثم منحه تأشيرة إقامة، وجواز سفر إسرائيلي فيما بعد، مما يؤكِّد أن عملية المخابرات المصرية قد نجحت بالفعل.. وبمنتهى القوة.. ويتحدَّث (رفعت الجمَّال)، في تلك المرحلة من مذكراته، عن إنشائه لمكتب سفريات (سي تورز)، في 2 شارع (برينر) في (تل أبيب)، وصداقته مع (موشي دايان)، ومحاولات (سام شوب)، التقرُّب إليه، ودفعه الفاتنة (راكيل إبشتين) في طريقه، ومحاولاته هو لاكتساب ثقة (دايان) و(شوب)، و(عزرا وايزمان)، ثم ينتقل بنا فجأة إلى حدث شديد الأهمية والخطورة.. فمع اقترابه من مواقع الأحداث، علم (رفعت) بأمر العدوان الثلاثي قبل وقوعه، وعرف الكثير من تفاصيله، وسافر إلى (روما) و(ميلانو) بالفعل، بعد ترتيبات دقيقة؛ ليلتقي برئيسه، ويخبره بكل ما لديه.. ولكن أحداً لم يصدّق، أو يقتنع بأهمية وخطورة تلك المعلومات، التي أتى بها (رفعت)، من قلب (إسرائيل)... ووقع العدوان الثلاثي.. وحدث ما حدث.. وتساءل (رفعت): لماذا لم يصدق أحدهم تحذيره!… ولكنه لم يحصل على الجواب أبداً.. وفي عام 1957م، فوجئ (رفعت) بزيارة من (إيلي كوهين)، زميله السابق، في الوحدة (131)، الذي سعى إليه، واستعاد صداقته معه، قبل أن يبدأ مهمته، التي سافر من أجلها إلى (أمريكا الجنوبية)، للاندماج بمجتمع المهاجرين السوريين، تمهيداً لزرعه في (سوريا) فيما بعد، والتي ساهم (رفعت) نفسه في كشف أمرها، عندما أبلغ المخابرات المصرية، أن صورة (كامل أمين ثابت)، التي نشرتها الصحف، المصرية والسورية، إنما هي لزميله السابق، الإسرائيلي (إيلي حوفي كوهين).. وفي مذكراته يمضي (رفعت) في سرد حياته في (تل أبيب)، ويروي قصة اختيار مكتبه السياحي لإقامة الجسر الجوي؛ لنقل يهود (بيروت) إلى (إسرائيل)، مما يؤكِّد ثقة السلطات الإسرائيلية البالغة فيه، ويمرّ خلال هذا برواية رحلته السرية إلى (مصر)، في صيف 1958م، وبقصة الرحلة، التي أهداها إلى (إيلي كوهين) وزوجته، بمناسبة زفافهما، ثم يتوقَّف بعض الوقت؛ ليروي صداقاته وعلاقاته الوثيقة، بقادة (إسرائيل) في ذلك الوقت، ليقول في هذه الفقرة: (كثفت اتصالاتي بكل من (ديان)، و(وايزمان)، و(شواب)، ونظراً لصلة (ديان) الوثيقة بـ(بن جوريون)، فقد استطعت أن أكسب ثقة (بن جوريون) أيضاً، وأصبحت عضواً في مجموعة الشباب المحيطين به، إذ كان يحب أن يحيط به الشباب ويستمع لآرائهم وأفكارهم. أما (جولدا مائير) فكانت تتميَّز بأنها امرأة عطوف، وأبدت وداً شديداً نحوي، وكثيراً ما تساءلت بيني وبين نفسي ماذا عساهم أن يقولوا عني لو اكتشفوا حقيقتي وعرفوا أني استخدمتهم)... والواضح أيضاً، في هذه المرحلة من المذكرات، أن الفترة من 1959م، وحتى 1963م، لم تحمل متغيرات قوية، تستحق الإشارة إليها، إذ قفز (رفعت) بالأحداث دفعة واحدة، ليروي كيف أبلغ (مصر) باعتزام (إسرائيل) إجراء تجارب نووية، واختبار بعض الأسلحة التكنولوجية الحديثة، أثناء لقائه برئيسه (علي غالي) في (ميلانو)، قبل أن يطرح أوَّل مطلب له، منذ فترة طويلة.. أوّل وأخطر مطلب.. على الإطلاق. طوال فترة عمله، في قلب إسرائيل، لحساب المخابرات المصرية، لم يتقدّم (رفعت الجمّال) بمطلب واحد للمسؤولين.. حتى كان مطلبه هذا.. أن يعود إلى (مصر)، ويدفن إلى الأبد شخصية (جاك بيتون).. حدث هذا في يونيو1963م، قبل لقائه الأوَّل بزوجته فيما بعد (فلتراود)، أي أن رغبته هذه كانت تعكس حالة الإجهاد التي وصل إليها، ورغبته الحقيقية في استعادة (رفعت الجمَّال)، بهويته، وجنسيته.. وديانته أيضاً.. ولكن العودة لم تكن بالبساطة التي توقَّعها (رفعت)؛ إذ لم يكن من السهل بالتأكيد، أن يختفي (جاك بيتون) هكذا فجأة، من قلب (إسرائيل)، ليظهر (رفعت الجمَّال) مرة أخرى في (القاهرة)؛ فهذا كفيل بكشف كل ما فعله طوال حياته.. ليس هذا فحسب، ولكن ستكشف -أيضا- شبكات التجسُّس التي تركها خلفه أيضاً.. وفي عالم المخابرات تعتبر هذه كارثة.. وبكل المقاييس.. كان عليه –إذن- أن يحتفظ بشخصية (جاك بيتون) لبعض الوقت، وإن كان باستطاعته أن يغادر (إسرائيل)، ويرحل إلى بلد ثالث، بحجة العمل أو الارتباط، حتى يفقد (الموساد) اهتمامه به، بعد فترة من الوقت، مما يسمح له بالعودة إلى (مصر).. وعند هذا الحد، تمتزج، على نحو ما، مذكرات (جاك بيتون) بمذكرات زوجته (فلتراود)، فيروي هو نفس ما روته هي من قبل، حول لقائهما، في أكتوبر 1963م، ووقوع كل منهما في حب الآخر، وزواجهما. ولكن هناك فقرة مهمة جداً، في المذكرات التي تركها (رفعت) لزوجته بعد وفاته، تستحق حتماً أن نتوقَّف عندها، وأن ننقلها هنا نصاً؛ لأنها تؤكِّد نجاحه البالغ: (وعدنا إلى إسرائيل في أوائل يناير1964م، قدمتك إلى "جولدا مائير"، وأحبتك كثيراً، ثم اصطحبتك في زيارة إلى "بن جوريون"، في الكيبوتز الخاص به. رافقنا "ديان" في هذه الزيارة، وبعد أن استقبلك "بن جوريون" العجوز مرحباً، طلبت منك التجول في الكيبوتز إلى أن نفرغ من حديثنا أنا و"بن جوريون" و"ديان". لم يتناول نقاشنا شيئاً له أهمية كبيرة، ولكن كان لابد وأن أكون متابعاً لمسرح الأحداث).. إلى هذا الحد إذن كان (رفعت الجمّال) متوغّلاً، في قلب عالم الكبار في (إسرائيل)!!! أي نجاح يمكن أن يفوقهذا!! والنقطة المهمة جداً، التي ينبغي التوقف عندها، في هذه المذكرات أيضاً، هي إصرار (رفعت) الشديد، على ألا يولد ابنه في (إسرائيل)، وعلى أن تسافر زوجته لتنجبه في (ألمانيا)، حتى لا يحمل إلى الأبد الجنسية الإسرائيلية.. ورويداً رويداً، راح (رفعت) يتحلَّل من أعماله والتزاماته في (إسرائيل)، ويقوي روابطه وأعماله في (ألمانيا)، وبدأ في دراسة كل ما يتعلَّق بالنفط، الذي قرَّر أن يجعل من تجارته مصدر رزقه الأساسي، خاصة وأنه قد تقدَّم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية، التي ستتيح له السفر بيسر أكثر، ودون تعقيدات أمنية عديدة، إلى (مصر)، في أي وقت يشاء، كرجل أعمال ألماني، وتاجر نفط عالمي.. وفي فقرة مؤسفة، يؤكِّد (رفعت) أنه، باتصالاته التي لم تكن قد انقطعت بعد، بالمسؤولين الإسرائيليين، أمكنه معرفة أن (إسرائيل) تستعد للهجوم على (مصر)، في يونيو1967م، وأنه أبلغ المسؤولين في (مصر) بهذا، إلا أن أحداً لم يأخذ معلوماته مأخذ الجد، نظراً لوجود معلومات أخرى، تشير إلى أن الضربة ستنصب على (سوريا) وحدها!!.. ووقعت نكسة1967.. وانهزمنا هزيمة منكرة.. وعلى الرغم من حالة الإحباط وخيبة الأمل، التي أصابته بسبب هذا، واصل (رفعت) ارتباطه بالمخابرات المصرية، وظلّ يرسل إليها كل ما يقع تحت يديه من معلومات، من خلال صداقته مع رجل المخابرات الإسرائيلي (سام شواب)، حتى توافرت لديه فجأة بعض المعلومات بالغة الخطورة، (لم يفصح عنها أيضاً في مذكراته)، والتي أرسلها فوراً إلى (مصر)، وصدقها المصريون، وكان لها تأثير واضح، في حرب 1973م.. وبعد الحرب والانتصار، عاد (رفعت) يطلب العودة إلى (مصر)، ولكن المخابرات المصرية أخبرته أنه لا يستطيع العودة مع أسرته، إذ يستحيل أن تتم حماية الأسرة كلها طوال الوقت، من أية محاولات انتقامية إسرائيلية، إذا ما انكشف أمره.. كان على الطير أن يواصل التحليق إذن، بعيداً عن وطنه، وأن يحمل حتى آخر العمر جنسية (جاك بيتون)، اليهودي الإسرائيلي السابق، ورجل الأعمال الألماني المحترم، الذي نجح في إقامة مشروع نفطي كبير في (مصر)، ظلّ يزهو به، حتى آخر لحظة في حياته، ويروي في مذكراته كيف حصل على امتياز التنقيب عن البترول المصري، في عام 1977م، ليعود أخيراً إلى (مصر)، التي عشق ترابها، وفعل من أجلها كل ما فعله.. وفي نهاية مذكراته، يتحدَّث (رفعت الجمَّال) عن إصابته بمرض خبيث، وتلقيه العلاج الكيمائي، في أكتوبر1981م، وتفاقم حالته، ثم يبدي ارتياحه، لأن العمر قد أمهله، حتى أكمل مذكراته، وأن زوجته وابنه (دانيال)، وابنته بالتبني (أندريا) سيعرفون يوماً ما حقيقته، وهويته، وطبيعة الدور البطولي الذي عاش فيه عمره كله، من أجل وطنه.. من أجل (مصر).. وهنا ينتهي الجزء الثاني من الكتاب، ليبدأ الجزء الثالث، وهو الأقل أهمية، بالنسبة للقارئ، نظراً لأنه يحوي تطورات حياة (فلتراود)، بعد رحيل (رفعت)، ومحاولاتها السيطرة على الأمور، ومعرفتها بأمر زوجها، على لسان ابن شقيقه (محمد سامي الجمَّال)، في نفس يوم الوفاة، وكيف أنها لم تصدّق ماسمعته، وأنكرته، واستنكرته.. ثم تتحدّث عن المفاجأة التي تلقَّتها، مع قراءتها لمذكراته، بعد ثلاث سنوات من وفاته، وتأكُّدها مما أخبرها به (محمد الجمَّال) قديماً.. ويالها من مفاجأة!! ثم تروي (فلتراود) قصة لقائها بالفنان (إيهاب نافع)، وارتباطها به، والدور الذي قام به، لإجراء الاتصال بينها وبين المخابرات المصرية؛ للتيقن من حقيقة ما جاء في مذكرات زوجها الراحل، ثم زواجها من (إيهاب نافع) فيما بعد.. والأحداث الأخيرة تختلف إلى حد ما، عما قدَّمه المسلسل التليفزيوني، وتبدو طويلة ومضجرة، وخاصة بعد خروجك من مذكرات (رفعت الجمَّال) نفسه، ولكن اختلافها لن يصنع فارقاً كبيراً، بالنسبة للقارئ أو المتابع؛ إذ أن كل ما يعنينا من الأمر هو أن الاتصال قد تم.. وأن العالم كله يعرف الآن أن المخابرات المصرية قد نجحت، في صفع الإسرائيليين، طوال ثمانية عشر عاماً كاملة، وزرع جاسوس مصري في قلب قياداتهم.. وقلب مجتمعهم.. بل وقلب كيانهم الأساسي كله.. وأنها كانت واحدة من أروع وأكمل العمليات، التي تم نشر (بعض) تفاصيلها، في تاريخ المخابرات كله.. عملية، برع وتألّق خلالها جاسوس يعد الأشهر في عالمه، حتى لحظة كتابة هذه السطور.. بل أشهر الجواسيس.. على الإطلاق. رأفت الهجان مات جمال عبدالناصر! هزت وفاته رأفت الهجان حتى الأعماق! أحس وكأن يداً تعتصر قلبه فى قسوة مروعة.. وفى البداية رفض أن يصدق سيرينا أهارونى وظن انها تمازحه مزاحا سياسيا، يرمى الى معنى لم يصل اليه، لكن الحقيقة جاءته عبر صوت تلك السيدة الذى اكتسى بحزن لم تحاول اخفاءه.. رفض كل محاولاتها للقائه فى تلك الليلة، قالت إن الامر فى حاجة الى مناقشة هادئة بعيدا عن هوس الذين كانوا يرون فى الرجل شبحا يؤرق جشعهم... ظل طوال الليل يحرك مؤشر الراديو ملتقطا كل اذاعات العالم، يستمع - وقلبه ينفطر حزنا- للعدو قبل الصديق وهم يذيعون النبأ بحزن أو شماتة... حاول فى تلك الليلة أن يبكى لكنه لم يستطع، أراد أن يبكى لعله يزيح ذلك الصخر الذى حط فوق صدره، فكاد يكتم انفاسه.. قال: إنه لم يشعر بوفاة ابيه الا فى ذلك اليوم الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970... قال: إن مشكلة عبدالناصر معه أنه احتل فى نفسه مكان الاب.. قال: إنه بعد زيارته لمصر عقب هزيمة 1967، وعثوره على الأسباب الحقيقة لتلك الحرب الضاربة التى ووجهت بها مصر، اكتشف انه اهتم - مع انغماسه فى مهمته الكبري- بإسرائيل ومشكلات إسرائيل وما كان يدور فيها، دون ان يهتم بوطنه وما كان يحدث فيه... قال: إنه اكتشف ان عليه- إن أراد ان يقوم بواجبه على الوجه الاكمل - الالمام بالصورة من كل جوانبها، فى مصر، كما فى إسرائيل، كما فى العالم العربى المحيط بهما.. لذلك، فإنه بعد عودته إلى إسرائيل، وضع نصب عينيه أن يعرف كل ما كان يدور فى مصر وما يحدث فيها من تطورات... ولقد كان، كلما أمعن فى القراءة والدراسة، يهوله الأمر... أدرك انهم كانوا لابد أن يضربوه، ويهزموه، كما أدرك بوضوح، ان واجبه اصبح اكثر ثقلا، ومسئولياته أكثر جسامة! كانت نيران الأحداث تنضج رأفت الهجان على مهل فراح يمارس واجبه بوعى من يدرك حقائق الأمور... فى تلك الأيام راح يرقب ما حوله من فرح وحشى من البعض، وحزن حقيقى من الذين كانوا يرون فى عبدالناصر عقبة امام جنون البعض وبغيهم.... وهناك من كانوا يرون أن العداء السياسى شيء، والتقدير الشخصى لزعيم مثل جمال عبدالناصر شيء آخر. ولكن، كان هناك اجماع براحة عميقة، فلقد تخلصت إسرائيل، بضربة حظ لا تتكرر فى الدهر مرتين، من ألد اعدائها وأكثرهم ضراوة وفهما لحقائق الأمور! أما هو، فلقد لزم الصمت، والزم نفسه به، وامتنع عن مناقشته وتجنب الإدلاء برأيه فيه! .................... ..... .................... ..... كان لابد للحزن ان ينحسر، وللحياة أن تأخذ مجراها! ووجد رأفت الهجان نفسه أمام واجبات كانت تمتص كل وقته. كان القتال قد توقف على جانبى القناة بعد قبول مصر لمبادرة روجرز.... وكما قبل جمال عبدالناصر تلك المبادرة كى يعطى الفرصة لدفاعه الجوى ان يتحرك إلى أماكن متقدمة من الجبهة، استغلتها إسرائيل كى تدعم تحصيناتها العسكرية فى سيناء... وكذا، كان لابد لذراع الفتى ان تمتد الى كل شبر فى شبه الجزيرة المصرية، وكان هذا يحتاج الى تجنيد المزيد من الجنود، أو القيام برحلات كان بعضها يمثل خطرا حقيقيا! على الضفة الأخرى من القناة، بدأ رأفت يلمح بوادر ذلك الصراع السياسى الذى نشب عند قمة السلطة فى وطنه... والذى بلغ ذروته فى اليوم الرابع عشر من مايو عام 1971، وبدا له الامر فى لحظة ضيق- وكانت نفسه تقطر مرارة- أن الناس فى مصر نسوا واجبهم المقدس وتفرغوا لصراعهم السياسى... وعندما احتدم ذلك الصراع ووصل الى ذروته، أحس وكأنه يقف فى الميدان وحده!!!!
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    476
    آخر نشاط
    06-01-2012
    على الساعة
    01:13 AM

    افتراضي

    الصفعه الثالثه
    فى يونيو 1961 بدأت محاكمته ولم تتمكن المخابرات الإسرائيلية من معرفة الطريقة التى استطاع بها نقل المعلومات والأسرار الحربية الى موسكو. وبالتالى الى المخابرات المصرية عن طريق ريناتا التى عاشت فى باريس واقتربت من الرجل الغامض للحصول على مافى جعبته من أوراق ومستندات عسكرية إنه إسرائيل بيير الذى اختاره بن جوريون رئيس الوزراء الإسرائيلى مستشاراً للأمن القومى بعد ان ظل يخدم لفترة فى الجيش الإسرائيلى، وبعد اكتشاف دوره مع المخابرات السوفيتية صرخ بن جوريون: ألهذه الدرجة كنت مغفلاً! اطلع الرجل الغامض على الخطط العسكرية وحصل على أدق الأسرار وكان يلقى بها بمجرد دخوله شقة صديقته ريناتا التى كانت تقدم له الخمور ليسكر حتى الثمالة فتبدأ فى تصوير المستندات ونقل الأسرار الى المخابرات المصرية، من بينها قوائم المنشأة العسكرية الإسرائيلية والأسلحة وحجم المساعدات الأمريكية ل إسرائيل بل ومفكرة بين جوريون الشخصية التى حصل عليها بيير من صديقه بحجة كتابة مسيرة بن جوريون! ولنقرأ التفاصيل: فى ركن من اركان الملهى الليلى الشهير بباريس جلس رجل اصلع الرأس طويل القامة، ذو ملامح أوروبية يشرب الخمر بنهم شديد وبين الفينة والاخرى ينظر حوله كمن يبحث عن شى محدد لكنه لا يعرف عن اى شيء يبحث بالضبط وان كان يبدو انه ينتظر أحدا حيث لفت انتباهه حركة اولئك الذين كانوا يتوافدون على الملهى بين وقت وآخر.
    وكان رغم سكره الشديد ثابتا فى مكانه ولا يتحدث كثيرا ولا يأتى بحركات كذلك التى يقوم بها السكارى الثملون وعلى مقربة منه جلست امرأتان بدت احداهما كما لو كانت فتاة ليل وقد انشغلت بالحديث مع السيدة الاخرى التى كانت شديدة الجمال تشى ملابسها وهيئتها بأنها احدى سيدات الاعمال الثريات اللاتى يفدن على باريس لعقد صفقاتهن. كانت فتاة الليل تحاول ان تلفت نظر الرجل الاصلع الغامض الذى يجلس على مقربة منهما مع حرصهما على ان يبدو الامر بصورة طبيعية لا توحى بسعيها الى التعرف اليه أو مجالسته.. لذلك ارتفع صوتها ليسمعها الرجل المقصود ماذا تقولين؟! ثلاثة ملايين فرنك! نعم وماذا فى ذلك؟ انها اقل صفقة عقدتها هذه السنة.
    - وهل هذه التجارة مربحة الى هذا الحد.
    - نعم... انها تعادل تجارة المخدرات ولكنها بالطبع ليست مثلها بل اكثر امنا.
    - وأين ستذهب هذه الصفقة؟
    إلى إسرائيل.
    التفت الرجل الاصلع فجأة نحو السيدتين.. وقال عفوا هل ناديتمانى؟
    ردت فتاة الليل: يسعدنا ان نناديك ولكن كنا نتحدث عن عملية تجارية ستتم فى إسرائيل ضحك الرجل السكران وقال لم تذهبا بعيدا.. فانا اسمى إسرائيل واعيش فى إسرائيل.
    صرخت المرأة ووجهت حديثها إلى صديقتها هل تصدقين هذا ياريناتا.. يالها من مصادفة؟!
    اقترب إسرائيل بيير او بارائيل كما يطلق عليه فى إسرائيل من السيدتين قائلا... اذا لم تمانع سيدتاى فيسعدنى ان استضيفكما الليلة.
    كان هذا الرجل هو الهدف المحدد لعمليتى المخابرات المصرية لانه ببساطة كان مستشار بن جوريون للأمن القومى، ولكن قبل هذا اللقاء الحميم الذى تم بين العميلة ريناتا وصديقتها بسنوات وتحديدا فى خريف العالم 1950 كان مجلس وزراء الدولة اليهودية الوليدة قد دعا من قبل رئيس الوزراء ديفيد بن جوريون لاجتماع عاجل حضره ايسر هاريتل رئيس جهاز الموساد وبقية اعضاء مجلس الوزراء بما فيهم موشيه ديان وزير دفاع الدولة العبرية وكان ضمن الذين شملتهم الدعوة المحلل السياسى والضابط السابق إسرائيل هارنيل وكان هذا امرا غريبا استنكره بشدة موشيه ديان عندما مال على ايسر هارئيل قائلا له: ما الذى اتى بهذا الرجل إلى هنا؟!
    نظر الجميع لبعضهم بعضا يستطلعون الحدث قبل وقوعه وقطع نظرات الدهشة احد الوزراء عندما هم بالكلام وقبل ان يكمل كلمته الاولى اكمل بن جوريون قائلا: انه ليس تعارفا بالمعنى الذى فهمتموه ولكنى اود ان اقول لكم اننى أصدرت صباح اليوم قبيل هذا الاجتماع مباشرة قرارا بتعيين السيد إسرائيل بيير مستشارا للامن القومى الإسرائيلى ومساعدا فى الشئون الامنية.

    وصرخ ديان: تقول من ياسيدى الرئيس؟
    قال بن جوريون فى حزم: صديقى ومستشارى إسرائيل بيير.
    لم يخجل ديان من الوقوف منتصبا وكأنه يهم بالخروج من المجلس قائلا لبن جوريون: سيدى هذا الرجل الذى تريد ان تسلمه خزائن امن إسرائيل، مجهول الهوية تماما كيف يحدث هذا.. انا غير موافق على تعيينه فى هذا المنصب.
    ضحك بن جوريون ورد على ديان وهو ينظر باتجاه الرجل الاصلع بيير قائلا: هذه مشكلتك ديان اذا لم تكن تعرفه. اما انا فأعرفه جيدا وأثق فيه تماما. لقد خدم هذا الرجل إسرائيل بجدية ونشاط منذ ان هاجر اليها من النمسا عام 1935، ورأيته فى جيش الهاجاناه السرى ورأيته وهو يخدم فى جيش الدفاع الإسرائيلى بنشاط فائق كما انه متميز سياسيا ولديه قدرات تفتقر انت شخصيا إليها.. ارجوك اصمت ولست هنا بصد أخذ رأيك.. ثم اردف: انا اعلم تماما ان الغيرة لها مكان فى صراخك هذا..

    لم يكن بن جوريون مصيبا فى كل المعلومات التى ذكرها عن صديقه الحميم إسرائيل بيير فهو بالفعل رجل مجهول السيرة وصل إلى فلسطين فى اعقاب الحرب العالمية الثانية وقدم اوراقه على انه يهودى نمساوى ثم التحق بالجيش السرى للحركة الصهيونية واستمر يترقى فى هذه الحركة حتى قامت الدولة العبرية عام 1948 فانضم للجيش بصفته إسرائيليا يهودى الاصل، وقدم اوراقا تفيد انه تدرب تدريبا عسكريا عاليا طيلة اقامته فى النمسا وظل يترقى فى الجيش الاسرائيلى حتى وصل الى رتبة عقيد وتم اختياره فى اعقاب حرب 1948 التى اطلق عليها الاسرائيليون حرب التحرير لرئاسة قسم العمليات والتخطيط من مقر قيادة الجيش ومنذ هذا الوقت توطدت صلته برئيس الوزراء الاسرائيلى ديفيد بن جوريون شخصيا، ولكن بعد عامين اخرجه بن جوريون من الجيش وعقد اجتماعه الوزارى ليعلم الوزراء بقراره تعيين بيير مستشارا للأمن القومى الإسرائيلى.

    بعد انتهاء الاجتماع العاصف الذى شهد اعلان تعيين اسرائيل مستشارا للامن القومى الإسرائيلى خرج ديان من مكتب رئيس الوزراء ليسير بمحاذاة أيسر وكل منهما ينظر نحو الاخر نظرات صامتة ذات مغزى.
    وفى المساء طلب ايسر من ديان ان يزوره فى مكتبة أو ان ينتظره ليحضر هو اليه، ودون ان يسأله ديان عن سبب اللقاء ادرك ان ايسر يريد ان يتحدث معه بشأن المستشار الجديد للأمن القومى للإسرائيل.
    فى الثامنة مساء كان ايسر يستقبل ديان بمكتبه بمبنى الموساد فى تل ابيب و الذى فاجأه بسؤال حاسم وحازم: أيسر اريد ان اعرف كل شيء عن هذا الرجل.

    نظر اليه ايسر نظرة استخفاف وقال له: اليوم وبعد كل هذه السنوات تأتى لتسألنى من هو هذا الرجل؟!
    قال ديان: فى الماضى لم يكن مهما ان يلتحق بالجيش ولكن اليوم سيضطلع بمهام تمس أمن إسرائيل فى الصميم.
    خرج بيير من قاعة الاجتماعات منتشيا بالنتائج التى حصل عليها خلال هذا الاجتماع فقد كان هذا المنصب هو أكبر مما كان يطمح اليه فى هذا الوقت وفى مثل هذه الظروف خاصة بعد ان عمد موشيه ديان الى الاساءة لسمعته فضلا عن ملاحقة ايسر هارئيل له ومتابعته متابعة حثيثة اثناء لقائه بإحدى عشيقاته.
    وخلال الطريق الذى قطعه من غرفة الاجتماعات وحتى الباب الخارجى كان يتلقى التهانى من كل العاملين بمجلس الوزراء وقبيل ان يخرج من بوابة المجلس ليستقل سيارته فوجئ بأحد الحراس يعدو خلفه طالبا موافاة بن جوريون فى مكتبه.

    عاد بيير منزعجا لهذا الاستدعاء السريع بعد هذا الاجتماع الصاخب ودخل مكتب رئيس الوزراء.. سيدى ماذا هناك لقد كنت خرجت بالفعل من المقر رد بن جوريون عزيزى بيير.. أرجو ان تسمعنى جيدا.. اليوم بالطبع ادركت كم يكرهك ديان وكم يكرهك ايسر ايضا وهما اخطر شخصيتين فى المجلس، فكان حذرا ولا تفسح لهما المجال لان يمسكا عليك موقفا يحسب عليك لانك انت إسرائيل بيير محسوب على. فى المساء كان لابد لاسرائيل بيير ان يحتفل بهذه المناسبة فاتصل بإحدى عشيقاته وكان اسمها حنه وطلبها ان تلتقيه فى حانة أتوم فى شارع بن يهودا الصاخب فى تل ابيب وقال لها لا تتخلفى فلدى هدية رائعة لك ومفاجأة ستسعدك بلا شك؟

    فى التاسعة مساء كان إسرائيل بيير يقدم هديته لعشيقته - وهى زوجة لاحد ضباط وزارة الدفاع الإسرائيلية وكان زوجها شديد الغيرة عليها ودائم الشك فيها لشدة جمالها. وبعد نصف ساعة بالضبط من وصولها لحانة أتوم ولقائها بيير فوجئ الاثنان بشالوم زوجها يقف على رأسيهما وقبل ان ينطق احدهما بكلمة نهال الضابط بالكلمات والصفعات الشديدة على وجه إسرائيل ببير حتى وقع سنان من اسنان بيير واخذ ينزف وقام بعض العاملين بالحانة بنقله لمستشفى تل ابيب.
    وبعد ايام عندما سأله بن جوريون عن اسنانه المفقودة قال له: لقد فقدتها يا سيدى فى حادث سيارة.. بينما ضحك كل من ديان وايسر عندما وصلهما الخبر. واصل ديان بأيسر قائلا له: لا اعتقد انك بعيد عما حدث لهذا المارق

    فى إسرائيل يطلق الاسرائيليون على حرب عام 1948 حرب الاستقلال وهى تسمية شائعة فى إسرائيل حتى يومنا هذا ولا يعرف احد ماذا يعنون بكلمة استقلال فمن الذى كان يحتلهم؟ وهل كانت فلسطين فى الاصل موطنهم ام وطن وهب لهم ممن لا حق له فى الهبة، المهم ان بن جوريون استدعى مستشاره الأمين عام 1955 وطلب منه كتابة التاريخ الرسمى والتأريخ لحرب الاستقلال وخصص له من أجل ذلك غرفة بوزارة الدفاع ليقوم بأبحاثه فيها.. وكان هذا التاريخ الذى كتابه من الأعمدة الرئيسية فى تعزيز مركز وموقف بيير لدى المجتمع الإسرائيلى وبن جوريون شخصيا. لم يترك ايسر هاركيل بيير بعد قرار تعيينه بعيدا عن عينيه او بعيدا عن اعين رجاله ورصد فى السنوات التى تلت هذه الواقعة حركة إسرائيل بيير رصدا دقيقا فقد اكتشف انه كثير العلاقات الغرامية يعيش حياته على هواه وينفق ببذخ شديد على عشيقاته وبنات الهوى كما توصل الى ان علاقته بزوجته رفقه سيئة للغاية وان الخصام بينهما يدوم اياما واسابيع طويلة، كما لاحظ انه يقوم بجمع معلومات عسكرية لا تتصل بعمله فى شيء وانه زار موسكو وبرلين ووارسو وبوخارست اكثر من مرة وهذه عواصم دول شيوعية ليست على وفاق كبير مع إسرائيل الدولة الحديثة، كما جاءته تقارير تفيد بأنه على علاقة وثيقة بكثير من الدبلوماسيين الروسى العاملين فى تل ابيب ويلتقى بهم كثيرا. كان ايسر يرى فى هذا الرجل الفساد كله، فهو على عكسه حيث ان ايسر كان يهوديا متدينا ومتشددا بعكس إسرائيل بيير ولذا فإنه كان يخشى على إسرائيل الدولة من وجود رجل كهذا يسهل تجنيده بأبسط الطرق حتى ولو كان عن طريق امرأة غانية.
    ذات مساء رن هاتف بيير فى مكتبه، كانت المكالمة من خارج إسرائيل وكان الصوت المتصل من الأصوات المحببة لبيير ولذلك عندما سمع صوت المتصلة هلل فرحا كفرحة طفل صغير بلعبة، فقد كانت المتصلة صديقة باريس التى التقاها مؤخرا.
    وبعد أسبوع بالضبط كان إسرائيل بيير وصديقته ريناتا يلهوان فى كل ملاهى باريس ولم يتركا شيئا لم يفعلاه حتى نفدت أموال بيير تماما وقرر العودة إلى إسرائيل وعندها طلب من صديقته أن تستعد للعودة معه.

    تركته ريناتا بحجة ترتيب أمورها وتوجهت على الفور إلى محل للعطور المشهورة فى باريس وكانت مديرته فتاة مصرية وأخبرتها بأنها تريد مقابلة الضابط ف من المخابرات المصرية..

    أقول له من أنت

    أخبريه بأننى صديقة بيير

    كانت هاتان الفتاتان من العاملات مع جهاز المخابرات المصرى وهما اختان من الأب وكانت التى تمتلك محل العطور أمها فرنسية بينما الأخرى وهى تعمل مضيفة بالشركة الوطنية، من أم مصرية.

    وكانت المضيفة تتولى توصيل المعلومات والوثائق التى تطلبها المخابرات إلى مصر أو إلى الضابط ف.
    طلب ف من ريناتا السفر مع بيير إلى إسرائيل والحصول منه على كافة الوثائق التى توجد بحوزته وتصويرها وتسليمها لصاحبة محل العطور والباقى تعرفه هذه بدورها.. سافرت ريناتا مع إسرائيل إلى تل أبيب وعاشت معه قرابة شهر فى بيت استأجره لها بيير بعيدا عن تل أبيب.. وكان يقضى أياما طويلة معها بعيدا عن زوجته، فهذا الرجل شديد الثقة بنفسه وشديد الاهتمام فى نفس الوقت رغم أنه موظف مهم فى الدولة العبرية.. وكان بحكم عمله يطلع على وثائق ومستندات مهمة خاصة بالخطط العسكرية الإسرائيلية إلا أنه كان يلقى بمجرد دخوله شقة صديقته، بالأوراق دونما اهتمام ويترك أهم وأخطر المستندات العسكرية قريبة من يدى ريناتا التى اعتمدت طريقة ذكية فى الحصول على ما تريد حيث كانت تجعله يسكر تماما فلا يستطيع أن يرى ما يحدث أمامه ثم تجذبه إلى غرفة النوم فتجهز على ما تبقى منه وتقوم بعد تأكدها من استغراقه فى نوم عميق إلى غرفة المكتب وتفتح حقائبه وتجمع المستندات وتصورها تصويرا دقيقا
    وتحتفظ بالأفلام لحين موعد سفرها.

    واستمرت على هذه الحال قرابة الشهرين وهى تعيش معه وتحصل منه على كل المستندات التى يحوزها بصقته الوظيفية فتأخذ نسخا منها ومن تلك التى يحتفظ بها فى خزانة خاصة فقد استطاعت أيضا أن تصل إليها وإلى ما فيها وتأكدت من خلال هذه الوثائق والمذكرات التى كتبها بخط يده أنه عميل لجهاز الكى جى بى السوفيتى!.

    بعد هذين الشهرين سافرت ريناتا إلى باريس وهناك سلمت الفتاة المصرية الباريسية الأفلام التى وصلت فى النهاية إلى المخابرات المصرية التى تمكنت من أن تخدع إسرائيل وجهاز الموساد باستخدام عميل للسوفيت ليعمل لصالحها دون أن يدرى العميل ودون أن تدرى المخابرات السوفيتية وبطبيعة الحال دون أن يدرى الموساد ورجاله.
    كانت من ضمن الأوراق والمستندات التى حصلت عليها ريناتا المفكرة الشخصية لديفيد بن جوريون شخصيا وكان بيير حصل على هذه الفكرة من صديقه بحجة أنه سيكتب كتابا عن سيرته وسيحتاج لمعرفة بعض الأمور الخاصة عن حياة بن جوريون ليستكمل كتابه وكم كانت مفاجأة ضابط المخابرات المصرى عندما وجد بين يديه مفكرة تضم أخطر أسرار إسرائيل والموساد ومكتوبة بخط يد بن جوريون نفسه، وهكذا توصلت مصر إلى حقائق ومعلومات خطيرة كثيرة من تلك التى كانت تدور فى كواليس وأروقة مجلس الوزراء الإسرائيلى والموساد والقوات العسكرية الإسرائيلية.

    كانت الساعة قد جاوزت الثامنة مساء فى الثامن والعشرين من مارس عام 1961 وفى الثامنة ودقيقتين تحديدا خرج رجل من شقته فى 67 شرع برانديس فى تل أبيب وهو يزر أزرار معطفه وبيده حقيبة جلدية تضم مجموعة ضخمة من الأوراق. أسرع الرجل الذى كان يسير وحيدا تقريبا فى الشارع الخالى وأخذ يتلفت حوله كمن يريد التأكد من أن أحدا لا يراقبه واستدار نحو شارع جانبى ثم دخل كابينة هاتف من هواتف الشوارع وكانت لا تبعد عن منزله أكثر من ثلاثمائة متر وتوقف يلتقط أنفاسه اللاهثة ثم تلفت حوله مرة أخرى وعندما اطمأن أنه غير مراقب انطلق متجها إلى شارع منخفض قليلا نحو مقهى صغير يقبع فى إحدى زوايا الشارع.
    طلب الزبون زجاجة خمر وأخذها وانزوى فى ركن بعيد من المقهى ليتحاشى أضواء الشارع الشديدة ووضع الحقيبة التى كانت بيده جانبا ثم اشعل سيجارة وأخذ ينظر بقلق لساعته يتابع الوقت بين دقيقة وأخرى.
    بعد خمس دقائق أخرى دخل المقهى رجل آخر وكان يرتدى بدلة سوداء وقبعة ذات حافة عريضة وأشار بيده نحو الجالس فى زاوية المقهى ثم اقترب منه وجلس على المقعد المواجه له.. وبعد لحظات جلس الرجلان صامتين تناول الضيف الحقيبة ومضى خارجا وكأن شيئا لم يحدث.. وبعد دقائق قليلة نهض الرجل ذو المعطف ودفع الحساب وخرج صامتا كأنه ميت بعث لتوه إلى الحياة!.

    عندما ظهر فى الشارع أخذ يتفحصه مرة أخرى ثم مضى فى طريقه ولكن كانت يداه خاويتين هذه المرة.. وبعد أن صعد الدرج متجها إلى شقته اتجه إلى مكتبته العامرة بالكتب بكل اللغات وجلس وكأنه ينتظر شيئا ما.. لعله كان ينتظر هاتفا أو زائرا!!.

    فى حوالى الساعة الثانية عشرة وقفت سيارة أمام البناية رقم 67 وصعد الرجل الذى تسلم الحقيبة إلى شقة لم يكن بابها موصدا وترك السيارة تعمل، وعندما دخل لم يمكث طويلا حيث وضع حقيبة الأوراق التى كانت بحوزته.
    فى هذه اللحظة دق هاتف منزل أيسر هارئيل الذى كان قريبا من الهاتف ويتوقع مكالمة فى هذا التوقيت رغم بدء مراسم عيد الفصح.
    قال المتحدث على الجانب الآخر.. التقى صاحبنا برجل المخابرات الروسى للمرة الثانية هذه الليلة وسلمه حقيبة الأوراق ثم افترقا، وبعد ساعات عاد إليه فى بيته وهو الآن بالداخل معه..
    هل أنت متأكد من العنوان والشخص؟.
    نعم أنا الآن بالضبط أمام 67 شارع برانديس، نعم هذا هو محل إقامة بيير.
    طلب أيسر من محدثه استخراج أمر من النيابة بتفتيش شقة إسرائيل بيير ثم أغلق السماعة ليطلب بن جوريون مرة أخرى.. لم تستغرق المحادثة أكثر من عشر دقائق وفى نهاية المكالمة قال السير ل بن جوريون سألقى القبض اليوم على إسرائيل، رد بن جوريون عليه وهو شبه مصدوم؟
    قم بواجبك!!

    عندما هم ضيف بيير بالانصراف بعد أن أدى مهمته دخلت ريناتا من الخارج بينما كان الضيف قد تجاوز المنطقة ما بين غرفة مكتب بيير والباب الخارجى حيث تبادلت النظرات مع ضيفه وأومأت إليه بتحية سريعة وبعدها ألقت نفسها بين ذراعى صديقها وسألته فى براءة من هذا يا بيير؟.
    أجاب إجابة مقتضبة وسريعة توحى بأنه لا يريد الدخول فى تفاصيل ما دار بينه وبين صديقه..
    أدركت ريناتا أن بيير ليس فى حالة طبيعية فلم تشأ أن تواصل أسئلتها لكنها لاحظت أن هناك كومة كبيرة من الأوراق والمستندات إضافة إلى الحقيبة التى أحضرها الزائر منذ قليل.

    وبعد حوالى ساعة كان بيير قد أكمل رحلة السُكر اليومية وبدأ يترنح حيث ساعدته ريناتا حتى وصل إلى السرير وتركته على الفور لتبدأ مهمتها حيث استطاعت تصوير أفلام خبأتها على الفور وتظاهرات بالنوم بجواره وعند الساعة الرابعة فجرا أفاق بيير لما سمع صوت اصطدام شديد فهب مذعورا ليجد عشرة عناصر من الموساد داخل شقته وقد خلعوا باب الشقة بضرباتهم وأصبحوا فى لحظات داخل غرفة نومه.
    كان كل شيء فى مكانه الأوراق والحقيبة التى تركها ضيفه فى زيارته الثانية ولم يزد على الشقة شيئا سوى وجود ريناتا فى غرفة نومه.

    تحدث كبير القوة التى هاجمت شقة بيير وقال له: أنت معتقل الآن ولدينا تعليمات بتفتيش الشقة.
    عقدت الصدمة لسان بيير الذى تجمد فى موضعه ولم يقل أكثر من نفس العبارة التى قالها منذ قليل بن جوريون لأيسر.. قم بواجبك..!
    فتح الضباط ورجال الموساد الحقيبة التى كانت تضم عددا من الوثائق السرية جدا ومن ضمنها وثيقة لقائمة مفصلة لمصانع الأسلحة الكبرى فى إسرائيل والأخطر من هذا كانت مفكرة بن جوريون ضمن المستندات والأوراق التى عثروا عليها بشقة إسرائيل بيير منذ أن استعارها المحلل الكبير من صديقه رئيس الوزراء لتساعده فى كتابة عدد من المقالات ومؤلف خاص عن فلسفة بن جوريون فى الحكم وقيادة إسرائيل..!

    تم القبض على إسرائيل وصديقته ريناتا التى وجهت إليها التهمة نفسها، ولكنها دافعت عن نفسها بأنها لا تعلم عنه أكثر من كونه موظفا كبيرا بوزارة الدفاع وأنها كانت مجرد صديقة لا علاقة لها بأعماله الأخرى كما برأها إسرائيل نفسه وبالتالى خرجت بعد أيام قليلة من السجن لتطير إلى باريس وتسلم الأفلام التى صورتها فى تلك الليلة للمصرية الباريسية التى سلمتها لشقيقتها المضيفة التى سلمتها بدورها للمخابرات المصرية. وظل الموساد زمنا طويلا لا يعلم أن المرأة التى قبض عليها مع إسرائيل كانت عميلة للمخابرات المصرية وأنها حصلت على كل الوثائق والمستندات التى حصل عليها السوفييت عن طريق إسرائيل بيير.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    476
    آخر نشاط
    06-01-2012
    على الساعة
    01:13 AM

    افتراضي

    هنا قصة خرجت بالدراما

    مسلسل كتبة د/نبيل فاروق ومثلة مصطفى شعبان

    لكن الحقيقة دائما لاتستطيع الاقلام كتابتها

    الصفعه الرابعه
    الاسم الحقيقي : عمرو طلبه
    الرمز الكودي : 1001
    الاسم المستعار : موشي زكى رافئ
    تاريخ بدا العملية تقريبا : 1969
    تاريخ استشهاد البطل : 1973

    اخر ماتم الافراج عنه من ملفات المخابرات العامة المصرية
    *مهدي الي ارواح كل من بذل قطرة دم في سبيل رفعة هذه الامه وهذا الوطن من المحيط الي الخليج
    *القصة التالية تؤرخ لاحداث عملية حقيقية خلف خطوط العدو الاسرائيلي استمرت حتي ظهر العاشرمن رمضان الموافق تمام الثالثة وخمس عشرة دقيقة بعد ظهر السادس من اكتوبر لعام 1973
    *جميع الاسماء الواردة هنا تم تعديلها حفاظا علي سرية البعض وعلي مشاعر البعض الاخر لكن جميع الاحداث والاماكن والتواريخ والوقائع صحيحة تماما
    الجزء الاول:

    صناعة عميل
    في صباح يوم بارد ممطر من ايام شتوية يناير 68 داخل مبني عتيق في حدائق القبة بة بجوار القصر الجمهوري تماما وفي قاعة خافتة الاضاءة تحملق ثلاثة رجال يرتدون ملابس مدنية غارقين في سحب من دخان السجائر من نوع شعبي منتشر وتناثرت حولهم اقداح قهوة فارغة ولفافة طعام لم تمس غارقين بين ملفات خضراء يتصفحونها بدقة واهتمام

    المكان هو ادارة متابعة الجالية اليهودية في مصر والرجال الثلاثة ماهم الا الضابطين المسؤلين عن هذه الادارة واحد قادة الجهاز

    الهدف:انتخاب شخص من الجالية اليهودية في سن المراهقة وعلي اعتاب الشباب(من 17 الي 19 سنة) كي يكون عينا لمصر في عمق الجيش الاسرائيلي

    قبل اسبوع واحد فقط من هذا الموقف كان ضابط العمليات المعروف داخل جنبات الجهاز باسم صقر يتقدم بتؤدة نحو غرفة رئيسه المباشر مقدما اقتراحا جنونيا من اربعة صفحات فحسب يقتضي ضرورة زرع عميل مصري في قلب الجيش الاسرائيلي بدأ من اصغر رتبة ممكنه وان يكون هذا العميل يهودي صميم يمتلك هوية يهودية وتاريخا يهوديا مسبقا

    كان ضربا من الجنون ان يتقدم ضابط مخضرم بمثل هذا الاقتراح بعد الاجتياح الاسرائيلي لكامل مساحة شبه جزيرة سيناء قبل سبعة اشهر فحسب

    وبعد ان اصبحت الجالية اليهودية في مصر محط انظار الجميع مصريين وجهات دولية بعدما اصبحو منبوذين داخل مصر وفر نصفهم الي اسرائيل عبر الصليب الاحمر بدعوي الاضطهاد وتيبقي حفنه منهم يعانون الارق والخوف

    سلم صقر اقتراحه الي السيد زاهر رئيسه المباشر عالما انه لن يعلم ماسوف يتم بشأنه الا انه كان واثقا من انه سيتم دراسه اقتراحه بالتفصيل ووضع الحل له

    بمجرد مغادرته لمكتب السيد زاهر نفض عن رأسه تماما كل شيء عن التقرير وانصرف الي قسم الاستماع منتظرا موعد الرسالة الجديده من عميله العتيد في تل ابيب 313

    ومنذ ميلاد الاقتراح حتي انتهت العمليه لم يعلم السيد صقر ابدا مالذي حدث بخصوصه

    لكن السيد فؤاد احد قادة الجهاز ادخل تعديلا بسيطا الا وهو ان من المستحيل ان تجد يهوديا واحدا ولائه لمصر مهما كان لان الطبع هو الغدر

    ولذلك فالحل هو عميل مصري يتم منحه اسما وهويه يهودية بالكامل وتخليق تاريخ عائلي له

    في الاحوال الطبيعية ان تصنع شخصية مثل هذه امر علي قدر من الصعوبه لكن ليس مستحيلا

    اما ان تكون هذه الشخصية بعمر بين 17 الي 19 عاما فقط فهو الجنون بعينه لان التدريبات وحدها تستغرق 3 سنوات علي الاقل قبل الوصول الي المرحلة المرضية التي يمكن ان يخترق بها العميل الوسط المعادي مع خبرة كافية حتي لايتم اكتشافه

    رغم ذلك عكف قسم متابعة الجالية اليهودية علي فرز ملفات افراد هذه الجالية

    حتي وقعت مفاجئة مذهلة

    صورة صغيرة لشاب يهودي من اصل مغربي والصورة له في سن ال16 عام

    نظر لها السيد فؤاد بدهشة شديده قبل ان يطلب من زميليه انهاء البحث والتركيز علي هذا الشاب بالذات

    فهو شخصيا يعرف مواطنا مصريا حتي النخاع ويكاد ان يكون الاخ التؤأم لهذا اليهودي من ناحية الشكل

    ونشطت التحريات عن تاريخ هذا الشاب لمدة اسبوع كامل ليل نهار

    صموئيل بن نون

    الابن الاكبر لتاجر ملابس متجول يهودي يسكن حارة اليهود بالسكاكيني
    عائة يهودية من اصل مغربي يعود الي الجد استقرت في القاهرة في اوائل القرن وهي عائلة شبه معدمة

    هو الابن الاكبر وله اخت واحده صغيرة

    كان يتنقل مع والده بين قري ونجوع لبيع تجارتهم البخسة من الاقمشة الرديئة ومالي ذلك بالاجل

    اختفي ذات يوم قبل عامين وقيل هربا من ظروف النشأة القاسية او تمردا علي نظرة الاحتقار في عيون الناس له كيهودي

    وقضي والده بعده باقل من شهر

    ولم يمضي شهور حتي احترقت الام الكفيفة وابنتها في دارهم نتيجه لمبة جاز صغيرة احرقتهما

    ظروف مثالية لتخليق شهادة نسب لعميل

    بقي الاهم

    اين صموئيل بن نون؟

    عثرت عليه فرق البحث يحتضر في مستشفي الصدر بالعباسية واخبرهم الطبيب المعالج انه لن يتبقي له اكثر من يومين فقط

    كان هذين اليومين كافيين تماما لمعرفة اين اختفي طوال عامين وكيف هرب للاسكندرية ليعمل علي فلوكة صغيرة صيادا ومعاونا مع الريس عبد الله طامعا ان يتمكن يوما في الفرار الي اليونان

    ثم مرض بالصدر وبدا ينزف دما ولم يعد من الممكن الاستمرار في توظيفه فمنحه اريس عبد الله مبلغا صغير من المال جعله يقرر العوده للموت وسط اهله

    لكنه لم يعلم ابدا مااصابهم فقط اغشي عليه في القطار ونقل الي المستشفي ومنها الي مستشفي الصدر حيث مات

    وتم دفنه بسرعه وعلي عجل بمعرفة المخابرات المصريه باسم وهوية مختلفين ولم يعلم بوفاته سوي افراد مكتب متابعه الجالية اليهودية

    الجزء الثاني:
    الشبيه
    لماذا هذا الشخص فقط من لفت انظار السيد فؤاد؟

    من هو العميل الذي يمكن زرعه محله وعمره لايتجاوز ال18 عاما ويكون متطابقا في الشكل معه؟

    هلي يقدر لهذه العملية النجاح في هذا الوقت الحرج حيث لاوقت للتدريب او التمويه او الاعداد؟

    هل عنصر لايتجاوز الثامنة عشرة يمكنه ان يتدبر امره بالكامل خلف خطوط العدو حتي يصل الي موقع حساس في قيادة الجيش الاسرائيلي بدون ان يشتبه به احد؟

    كل هذه التساؤلات دارت في ذهن رئيس التخطيط والعمليات وهو يقطع الردهة الطويلة ويخرج من الباب الخارجي ويدلف سيارته تحت امطار هذا اليوم ويسير بها في شوارع القاهرة الحزينه متجها الي منزله

    في نفس اللحظة في داخل منزل السيد فؤاد ترفع زوجته السيدة رئيفة اطباق الغداء من امام زوجها السيد فؤاد وابنه الكبير عمرو بمعونة من خطيبته نجلاء عن المائدة.

    عمرو الطالب في اعدادي هندسة المليء بالطموح المتفجر بالعزم والوطني حتي النخاع البطل الرياضي المتفوق وخطيبته وجارته في نفس الوقت نجلاء طالبة الاداب

    بعد نهايه الغداء قال طلب الاب من ابنه توصيل خطيبته حتي منزلها والعودة لمحادثته علي انفراد لأمر هام

    فابتسم الابن ملبيا طلب والده ووعدة بسرعة العودة

    وبينما اغلق عمرو غرفة المكتب وراءه جيدا نظر الي ابيه السيد فؤاد بتساؤل

    السيد فؤاد:بتحب مصر ياعمرو؟
    عمرو:مين مبيحبش مصر يابابا!!!
    السيد فؤاد:تتمني تخدمها؟
    عمر
    و:بروحي يابابا
    السيد فؤاد:مهما كانت التضحيات؟
    عمرو:مهما كانت التضحيات
    ايه الموضوع بابا انت قلقتني







    الجزء الثاني

    السيد فؤاد: ممكن مكونش اتكلمت معاك قبل كده عن طبيعة شغلي الدقيقة

    السرية هي اساس عالمنا وبدونها كل شيء ينهار

    انا باسم مصر هكلفك بمهمة

    بس هتكون صعبة ياعمرو

    هتتخلي عن كل حاجه

    هتنسي كل لحظة في حياتك وتندمج في حياة جديده وتعيشها بكل جوارحك

    هطلب منك تقلب كل حاجه في حياتك وتتخلي عن كل حلم حلمته في يوم عشان بلدك

    تقدر ياعمرو؟

    عمرو::بابا ...انت ربيتني علي حب ديني وبلدي

    علمتني ان التضحية عشانها شرف لايناله الا من يدفع مهره مهما كان

    لما ييجي اليوم الي مصر تطلب فيه ابن من ابنائها عشان يكون طوبه في جدار حريتها وسور امنها ويجبن مهما كانت التضحيات ميستحقش انو يكون مصري

    السيد فؤأد: هتتخلي عن كل حاجه ياعمرو
    هتنسي اهلك وهتنسي انك مصري وانك مسلم

    هتنسي ان ليك اب وام علي قيد الحياة
    هتنسي نجلاء وهتنسي دراستك وهتنسي العربي

    موش هتصلي وموش هتصوم

    هتكون مطالب تشيل السلاح في وش ولاد بلدك وتستحمل انها تتشتم قدامك وتضحك

    هتكون مطالب ان كل الحقيقة اللي جواك متخرجش ابدا علي وشك

    هتعتبر عمرو نصار مات واندفن فعليا من يوم بداية مهمتك

    مات وموش هيرجع تاني ياعمرو

    (يالله.... هلي يمكن ان تصل التضحية الي هذا الحد بانسان ؟)

    عمرو: ايا كانت المهمه دي وايا كانت التضحية... موش ده عشان مصر يابابا؟

    (لست ادري وانا اقرأ هذا الجزء لماذا تذكرت سيدنا ابراهيم وهو يقول لولده الاثير اسماعيل اني رايت في المنام اني اذبحك فيرد اسماعيل برباطة جأش:نفذ ماامرت به ابتي وستجدني ان شاء الله من الصابرين!!!)


    --------------------------------------------------------------------------------



    صبيحة اليوم التالي في اجتماع مغلق ضم ثمانية اشخاص منهم السيد فؤاد والسيد زاهر

    السيد زاهر بدهشة وعدم تصديق:ابنك يافؤاد!!!!

    السيد فؤاد:كل شيء في سبيل مصر يهون وهو اولا واخيرا مصري

    انقضي الاجتماع علي الانتقال الي الخطوات التنفيذية مباشرة
    رغم كل مايتعارض مع اساس عملهم ورغم القاعدة التي تقول :لاتقع في حب العميل
    وكيف يمنع السيد فؤاد نفسه من حب ابنه الوحيد!!!!!

    كان لابد من اخفاء عمرو فؤاد عن الحياة تماما واجراء جراحة تجميله بسيطة لتعديل حاجز انفه وتضييق عيناه الواسعتين قليلا ليتحول الي صورة طبق الاصل من صموئيل بن نون

    لاداعي لتعليمه العبرية لان صموئيل بن نون لم يكن يتحدثها اصلا لكن لابد من تدريب مكثف وعشرات الساعات مع خبراء الجانب الاخر لاعادة رسم وتكوين الشخصية الهادئة الصموت لصموئيل بن نون مكان شخصية عمرو فؤاد الحقيقية

    كل هذا تحت طائلة النجاح او الفشل

    كل هذا قبل ان يتم زرعه فعليا في المجتمع اليهودي مره اخري

    بعد هذا بأقٌل من اسبوع وقع حادث عنيف في منطقة مصر الجديدة عندما اصطدم لوري نقل جنود عسكري بسيارة مصرية صغيرة شائعة الانتشار وادي الي احتراقهما كليا وتحويل من كان في السيارة الصغيرة الي فحم محترق

    كانت هذه السيارة هي السيارة التي اهداها السيد فؤاد لابنه الوحيد عمرو لتفوقه في دراسته

    واعلن رسميا وفاة المواطن عمرو فؤاد عن عمر ثمانية عشر عاما متأثر بالحروق التي اصابته في الحادث

    انهارت الام المسكينه والخطيبة المكلومة

    وارتسم الحزن علي وجه الاب الذي كان يعلم ان الحادث ملفق وان الذي احترق في السيارة هو مجرد حثة لمتوف مجهول الهوية مات قبل ايام

    وصدر نعي الشاب المتفوق في اليوم التالي مجللا بالسواد لينعاه كل من عرفوه من اصدقاء وزملاء في كليته وحيه

    واستمر العزاء ثلاثة ايام وسط الام الجميع

    واكثرهم الما الاب الذي كتب الله عليه ان يكون ابنه ميتا وحيا في ان

    كل هذا يدور بينما عمرو يرقد داخل احدي قاعات الافاقة لعمليات مابعد الجراحه في مستشفي وادي النيل في زمن كانت الجراحات التجميلية فيه ضربا من خيال

    كان يعلم انه وصل الي نقطة اللاعودة
    كان يعلم انه من الان لن يعود عمرو نصار بل هو صموئيل بن نون اليهودي مغربي الاصل مصري الجنسية

    كان قد قضي ايام الاسبوع المنصرم بالكامل مع فريق من خبراء الجانب الاخر الذين عملو علي تأهيله ليصبح صموئيل بن نون

    والان هذه هي الخطوة الاخيرة
    لقد اصبح يمتلك وجه صموئيل بن نون
    لقد اصبح هو صموئيل بن نون..........







    تحركت سيارة سوداء صغيرة بلوحات سيارة اجرة صبيحة احد الايام تنهب الطريق نهبا بعد صلاة الفجر بقليل باتجاه اخر نقطة شوهد فيها صموئيل بن نون

    محطة سكك حديد مصر

    داخل السيارة وفي هذه الرحلة القصيرة التي لاتستغرق اكثر من عشرة دقائق جلس قائد السيارة السيد زاهر وفي المقعد الخلفي جلس عمرو فؤاد يرتدي ملابس صموئيل بن نون والي جواره حقيبة قديمة بها ماتبقي من متعلقات صموئيل

    قال السيد زاهر:صموئيل .. دقائق ومهمتك تبدأ .. انا هنزلك في اخر مكان صموئيل اتشاف فيه

    هتتقمص شخصية صموئيل تماما..هتخرج من محطة القطار وتتجه الي منزل صموئيل وتدور علي اهلك

    وخلال الفتره القادمة كل الاجراءات والتصرفات الي هتتخذها في مصر هتكون بدون ادني معونه منا

    بدون ادني اتصال بينا

    وممكن تصادف عراقيل ومتنتظرش مننا اننا نتدخل لان في يوم من الايام اللي هيتحري عن ماضيك هيعرف كل ده

    كل ده عشان العمه روز ياصموئيل
    (مصطلع العمة روز مصطلح حقيقي كانت المخابرات لمصرية تستخدمه كاسم كودي لمصر مع عملائها في فترة من الفترات)

    تراقصت ابتسامه سرعان ماتلاشت علي شفتي عمرو ورد قائلا بصوت اختلط فيه الحزن بالتحدي:عشان العمه روز ياسيد زاهر

    توقفت السيارة في ركن مظلم من باب الحديد في توقيت متزامن تماما مع وصول القطار القادم من الاسكندرية وقفز منها عمرو بسرعه فيما تمتم السيد زاهر بصوت خافت:ربنا معاك ياعمرو

    اندمج عمرو مع افواج الناس الخارجين من الباب الامامي للمحطة متدثرا بمعطفه الاسود القديم من البرد القارص الذي صاحبته الامطار صبيحه ذلك اليوم

    وبدأ المشي من امام محطة سكك حديد مصر وحتي حارة اليهود بالسكاكسني كما كان يفعل صموئي دوما

    وصباح ذلك اليوم استيقظ الجيران علي صوت الطرقات علي الباب الحديدي للمنزل العتيق الذي كان يسكنه صموئيل مع اسرته

    فتحت الجارة العجوز الباب تفرك عيناها بدهشة قائلة:صموئيل..انت كنت فين يابني بقالك سنين..اهلك داخو يدورو عليك

    رد صموئيل:هم اهلي فين ياام فوزي؟

    ردت ام فوزي بارتباك:اهلك؟اهلك ياضنايا تعيش انت

    اتقن عمرو تمثيل دوره عندما صرخ بانهيار:ايه!!!!!!!!!!ماتو ازاي ؟ازاي ماتو وسابوني ياام فوزي

    احتضنته العجوز الطيبة وهو يبكي منهارا بعدما اجتمع الجيران الطيبون حوله يواسونه فيما قال احدهم :يابني ابوك مات وهو بيدور عليك بعد مااختفيت انت بشهور وامك وراشيل مكملوش ياضنايا بعد ابوك بكام شهر

    اتقن عمرو دور الانهيار واغمي عليه وحمله الاهالي الي منزل الجارة العجوز ام فوزي يحاولون افاقته والتخفيف عنه

    (لم يمنع كون صموئيل الجار المصري اليهودي جارته العجوز ام فوزي ان تعاونه رغم ان ابنها مجند علي خط النار في جبهة القتال يحارب الاسرائيليين اليهود ايضا)

    في الايام التالية اتقفن عمرو اللعبة تماما وغاص حتي النخاع في كونه صموئيل بن نون عندما استأجر ببطاقته الشخصية غرفة في بنسيون قديم متهالك تمتلكه سيدة يونانية في شارع كلوت بك وبدأ في النضال للحصول علي ماتبقي من اوراق ومستندات تثبت شخصيته وفي زياره الحاخام المسؤول عن المعبد الهودي في شارع احمد سعيد للصلاة علي ارواح اهلة

    وناضل نضالا مريرا في قسم شرطة الوايلي كي يحصل علي بقايا متعلقات اهله التي تم تحريزها والتحفظ عليها بعد وفاتهم جميعا والتي لم تخرج عن بضع صور قديمة وساعة جيب تعود لابوه وسلستين ذهبيتين وشهادتي ميلاده هو واخته وبطاقة والده الشخصية

    واستخرج نسخه من شهادة مؤهله الدراسي

    كما تم اعتقاله تحفظيا لمدة 12 يوما في قسم الشرطة ذاته وسط المجرمين واللصوص

    وتم رفضه في العمل في كل جهة تقدم لها لانه يهودي وبدأ المال القليل الذي كان بحوزته في النفاذ

    كل هذا بدون ادني تدخل او مساعدة من مشرفي العملية وان كان الامر يقتضي مراقبته من بعيد

    حتي قام احد مسؤلي الامم المتحدة بزيارته في قسم شرطة الوايلي اثناء اعتقاله تحفظيا والحصول علي بياناته في اطار حصر بقايا اليهود المتواجدين في مصر خاصة بعدما شنت اسرائيل حملة شعواء تدعي فيها ان مصر تعتقل اليهود المصريين كلهم وتسيء معاملتهم لانهم يهود

    كان هذا مقدمة كي تقوم الوكالة اليهودية متخفية في زي الامم المتحدة بتدبير الامور لتهريبه خارج مصر كلاجيء سياسي بعدما اشيع ان مصر تنتوي اعتقاله لاجل غير محدد لانها تشتبه في قيامه بتهريب العديد من اليهود الي اليونان اثناء فتره عمله علي مركب الريس عبد الله العام المنصرم

    عندما بدأ شهر مارس يحل بالدفء علي ربوع مصر كانت كل اجراءات تسفير صموئيل بن نون الذي حاربت الوكالة اليهودية من اجله حربا مريره هو و 8 اخرين من اليهود المصريين لاخراجه من مصر قد تكللت بالنجاح وتمكنت الوكالة اليهودية من تدبير تأشيرات سفر الي الارجنتين معقل عمليات الموساد في امريكا اللاتينية خلال ايام

    عندها بدأ صموئيل بن نون او عمرو فؤاد في المجاهرة علنا بالعداء لمصر وبدأ في الحديث انه سيعود الي القاهرة مره اخري لكن مع جيش اسرئيل



    صباح احد ايام منتصف مارس تحركت طائرة شارتر صغيرة تحمل شعار ايراليتاليا علي مدرج مطار القاهرة تحمل عددا من الدبلوماسيين في الامم المتحدة واعضاء الصليب الاحمر الدولي وتسعه يهود سلمو قبل دقائق وثائق جنسيتهم المصرية وغادرو ارض مصر

    التمعت نظرة الحزن في عيني صموئيل وهو يري ارض مصر والطائرة تبتعد عنها

    قد لايكون احدنا كان الي جواره في هذه اللحظة الا انني اكاد اجزم انه تمني لو تحطمت الطائرة علي الارض حتي يموت علي ارض مصر

    هبطت الطائرة في بيونس ايرزلمدة 48 ساعة جري خلالها نقلهم الي فندق بسيط قبل ان تصل طائرة اخري تابعة للعال لتقلهم مع عدد من مندوبي سفارة الكيان الصهيوني الي تل ابيب


    صموئيل كان اصغرهم

    المفترض انه لايتحدث الا العربية وقليل من الانجليزية(علي عكس عمرو الذي كان يجيد الانجليزية بطلاقة مع الفرنسية بحكم دراسته في كوليدج دي لاسال ويجيد القليل من الروسية بحكم الفترة التي قضاها مع والدة في وقت من الاوقات في موسكو)

    كانت الوكالة اليهودية تعمل في نشاط محموم لااعادة نقل اليهود في الخارج الي ارض الميعاد كما تشير دعاياتهم المتناثرة وقتئذ في شوارع اوروبا وكانت اعادة صموئيل ومن معه رغم انهم قله الا انها ضربة كبري فهم يهود مصريون يمكن اعادة استخدامهم اعلاميا وحتي عسكريا

    فهم اولا كانو مصريين

    (قد يتذكر البعض حاييم مرزوق -الكولونيل الاسرائيلي فيما بعد- الذي كان احد قادة معسكر اعتقال اسرائيلي والذي كان صديقا صدوقا لعدد من المثقفين المصريين فترة وجوده في مصر )

    كما ان التاريخ الزائف الذي صنعته المخابرات المصرية باتقان لنسب بطولة صموئيل بن نون علي صغر سنه انه كان يقوم بتهريب اليهود واموالهم الي المياه الدولية والي بعض الجزر اليونانية اثناء عمله علي مراكب صيد الريس عبد الله قد ابلت بلاء حسنا حيث عومل صموئيل كبطل اعلامي وقتئذ في وسط العائدين مما حدا بأحد قادة حزب الماباي الاسرائيلي واحد رؤساء الوكالة اليهودية وقتئذ الي تبنيه ماليا (كجزء من الدعاية الانتخابية ايضا التي كانت تصفياتها الاولية علي الابواب) وبدفع خاص من احد كبار اعضاء حزب الماباي وقتئذ وهو المحترم جاك بيتون رجل الاعمال والصناعه الاسرائيلي الشهير(رافت الهجان فيما بعد)والذي يعتبر الي اليوم الاسرائيلي الوحيد الذي رفض رئاسة الحكومة الاسرائيلية (معلومة واقعية فقد كان رأفت الهجان مرشحا بقوة لرئاسة حزب الماباي الذي كن يسيطر علي الحكومة الائتلافية الاسرائيلة في وقت من الاوقات وكان رئيس الحزب هو رئيس الحكومة الا ان رافت الهجان رفض المنصب في اللحظة الاخيرة لاعتبارات لاتزال طي الكتمان)


    اصبح صموئيل بن نون رسميا سكرتيرا للسياسي الشهير الذي تبناه فكريا وقام بدفعه لتعلم اللغة العبريية مع دراسته بالانتساب الي كلية الاداب في احد الجامعات ااسرائيلة

    وقام بتوفير عمل له في احد مكتباته التي يمتلكها مع راتب وسكن ملائمين

    كانت هذه هي البداية الحقيقية لانتقال صموئيل بن نون الي الحياة في اسرائيل وكان هذا في منتصف عام 1968

    كان الشاب الهاديء الصموت مجتهد التحصيل في دراسته للغة العبرية ولتحصيلة في كليته الي جانب الكتب التي يقرأها في عمله في فرع دار النشر الشهيرة حيث انه ينتمي الي اليهود الشرقيين (السفردييم) الذين حتمت ظروفهم عدم تعلم اللغة العبرية

    ولم يحدث اي نوع من انواع الاتصال او حتي محاولة الاتصال بين المخابرات المصرية وبينه فيما عدا كارت تهنئة رقيق ارسله الي روما الي العمة روز والتي كان لايمل من الحديث عنها باعتبارها اخر من تبقي من اقرباءه علي وجه الارض

    وكان الكارت بمناسبه عيد الكابالا اليهودي مع عبارة ارجو لك الصحة الوفيرة والعمر المديد

    ابنك صموئيل

    وهي رسالة شفرية بسيطة تشير الي انه قد استقر اخيرا وان العنوان علي الظرف هو عنوان مراسلاته المأمون في اسرائيل

    وظلت حياته رتيبة مستمرة علي نفس المنوال حتي ظهيرة احد ايام شهر نوفمبر الباردة عام 1968



    هذه هي قصة زرع الجاسوس عمرو طلبة الذي كانت له ولعمليته اثر كبير علي نفوس جميع العامليين بجهازالمخابرات العامة المصرية حيث استطاع بعد ذلك ان يتطوع رغم ارادته في الظاهر في الجيش الاسرائيلي ونتيجة شجاعته وفتوته الشبابية جعلوه يكون في صفوف الجيش في حصون خط بارليف وهناك استطاع التحرك بحرية فيما بين الخطوط والقلاع الحصينة والدوريات العسكرية ليرسم كل ذلك بدقة متناهية للمخابرات المصرية وهنا نجد ان تدريب عمرو طلبة في الكلية الحربية المصرية وبعض اقسام المخابرات ليتعلم تخصصات تفيده استطاع بذلك ان يثبت جدارة وتفوق واثناء عمله في اهم الاماكن التي كان يعدها الجيش الاسرائيلي من اقوي الاماكن سرية وتحصين ولايعلم بها احد كان والده فؤاد طلبة ضابط المخابرات حزينا في مصر لان ابنه اضاع مستقبله وهنا كانت المخابرات في صف والده بجعله متخرجا من الكلية الحربية برتبة ملازم اول وكل ذلك سرا وتم اعلامه بذلك حتي يسعد ويطمئن ان مستقبله لم يضع وظل عمرو في عمله نشيطا وقويا من اكفاء الجواسيس في اسرائيل كلها في هذه الفترة وحتي حرب اكتوبر المجيدة التي استبسل في الاخبار عن كل معلومة تقع في يده حتي يوم 9 اكتوبر الذي استلم فيه من القيادة العسكرية للمخابرات الحربية امرا بالعودة والانسحاب من موقعه الذي تقريبا اصبح تحت السيطرة المصرية ولكنه رفض واصر علي اكمال مهامه ولكن تحت الاصرار قبل ان يقف في النقطة المتفق عليها لمقابلة طائرة هيليكوبتر مصرية من المخابرات العسكرية لالتقاطه والرجوع به الا انه في انتظار الهليكوبتر فتح جهاز الراديو بغير حرص وهنا استمر في الارسال لكافة المعلومات العسكرية الهامة التي كانت لديه ومنها معرفة شفرات الارسال اللاسلكي العسكري لاغلب فروع القيادات البرية الاسرائيلية العسكرية وقد حقق ذلك عظيم الفائدة لمعركة الدبابات الباسلة التي بدات بعد وفاته شهيدا من طلقات مدفعية خاطئة من الجانب المصري الذي اعتقد انه يمهد نيرانيا لهيلكوبتر هامة من القيادة لمهمة سرية لايعلمها وكانت هذه البطارية غير معلمة بوقف اطلاق النار المؤقت حتي انقاذ الظابط عمرو الذي رقي شهيدا الي رتبة رائد وقد تم انتشال جثمانه والعودة به الي مصر

    وبفضله انتصرت مصر في معركة الدبابات ومعارك مشاه عديدة نتيجة معلوماته العسكرية القيمة .

    هذه هي قصة البطل الجاسوس الفذ عمرو فؤاد طلبة

    ولعل أفضل ختام لهذه الملحمه البطوليه الرائعه هو ما جاء على لسان ضابط المخابرات المصري : ماهر عبد الحميد " رحمه الله " والذى روى هذه العمليه :

    " ولقد حملناه عائدين دون أن نزرف عليه دمعه واحده فقد نال شرفا لم نحظى به بعد ".

    لاولا ان شرف الشهادة يستحقة ما اعطاة الله لة ابدا

    فهو نام مغمض العينين مطمئن البال بين فكى ثعلب حقير يغدر بمن حولة

    ومات بيد اخ!!!
    لينال الشهادة ان شاء الله تعالى
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    476
    آخر نشاط
    06-01-2012
    على الساعة
    01:13 AM

    افتراضي

    طبعا لن انوة انى ناقل (لانى مش ظابط مخابرات طبعا)


    ادى استراحة قبل كتابة الباقى
    لسة عندى كتتتتيييييررررررر

    رحم الله شهدائنا
    وجازا كل من عمل الحق والخير وسهر يحرس امة الاسلام وهم نيام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    7,400
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    04-06-2012
    على الساعة
    08:48 PM

    افتراضي

    موضوع شيق جداً وحقائق تغيب عن معظم الناس
    أكمل بارك الله فيك
    "سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ"

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    2,285
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-11-2014
    على الساعة
    07:18 PM

    افتراضي

    اقتباس
    كانت مفاجأة ضابط المخابرات المصرى عندما وجد بين يديه مفكرة تضم أخطر أسرار إسرائيل والموساد ومكتوبة بخط يد بن جوريون نفسه، وهكذا توصلت مصر إلى حقائق ومعلومات خطيرة كثيرة من تلك التى كانت تدور فى كواليس وأروقة مجلس الوزراء الإسرائيلى والموساد والقوات العسكرية الإسرائيلية.
    اقتباس
    وبفضله انتصرت مصر في معركة الدبابات ومعارك مشاه عديدة نتيجة معلوماته العسكرية القيمة
    .
    دى العمة روز أخي عبد الله

    جزاك الله خيرا
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    476
    آخر نشاط
    06-01-2012
    على الساعة
    01:13 AM

    افتراضي

    الصفعه الخامسه


    خطة الخداع الاستراتيجي الكامله لحرب اكتوبر

    الزمان الاول من يونيو عام 1971
    المكان كوبري القبه جهاز المخابرات العامه المصريه
    الحدث
    زيارة الرئيس المصري انور السادات الى الجهاز
    الهدف
    امر بتنفيذ وتهية الوضع للحرب
    الخطه
    اولا
    معدات العبور
    السؤال كيف نستطيع ان نحضر معدات العبور الى الجبهه دون علم العدو
    الجواب
    استيراد ضعف الكميه
    وتركها في مينا اسكندريه ملقاه ليومين كاملين بالقرب من عربات شركة اساسات تقوم بنقل مهمات وبعد يومين تنقلها عربات الجيش الى ضاحية حلوان وتغطيتها بشباك التمويه
    الاسلوب
    عربات الجيش تنقل الكميه الزائده فقط في حين نقلت عربات شركة المقاولات الكميه الازمه للعبور بالفعل
    ثانيا
    المعدات الناقصه كيف تورد
    امثال زخيرة المدفعيه انواع معينه من سلاح ار بي جي
    قنابل معينه للطائرات صواريخ الارض ارض سكود دي
    صواريخ القاذفات التي يوم 16
    الجواب
    بالنسبه للمدفعيه
    تم اخدها من الجيش الجزائري اثنا مناوره بين مصر والجزائر عقدت هنا
    فكان التوريد للجزائر وتركتها الجزائر بتعاون خاص مع مصر
    صواريخ سكود دي
    تم نقلها من روسيا بتعاون خاص مع الكي جي بي وبدون علم اصقم السفن بما تحويه مخازنهم غير انها بعض المهمات الاداريه المدنيه
    قنابل الطائرات وتم تصنيع القنبلهىالفسفوريه محليا في مصانع القوات المسلحه وبتعتيم خاص على المشروع من قبل جهاز المخابرات الحربيه والامن الحربي المصري
    ثالثا
    المستشفيات
    كيف نخلي المستشفيات قبل الحرب لاستيعاب جرحى الموجه الاولى
    الجواب
    بدا بتسريح ضابط طبيب من الخدمه واعادته لحيته المدنيه ولانه كفء فقد اكتشف ان المستشفى ملوث بميكروب التيتانوث
    فما كان منه الا الابلاغ اللذي تم الكشف على المستشفى ليكتشف الجميع تلوث معظم العنابر بالميكروب
    وتخرج الصحف المصريه التي تحب الفضائح بتتلك المعلومه ثم تساءولات عن اذا تم تلوث مستشفيات اخرى
    فتم الكشف على كل المستشفيات لتاتي النتائج بان هناك 12 مستشفى ملوثه
    وجدير بالذكر ان التقارير كانت كلها من صنع جهاز المخابرات العامه المصريه
    رابعا
    الاضائه ومصابيح اليد الكهربيه
    مع المعارك وانتشار الاظلام الاجباري كان يجب تواجد مصابيح يد وكان السؤال كيف نوفر تللك المصابيح
    فلو علم العدو نيتنا او استوردناها على نحورسمي فسيكشف العدو هدفنا
    وكان الجواب
    التقى احد المهربين بشاب اعرابي على درايه تامه بطرق الصحرا وتم تهريب كميه من قطع غيار السيارات واتفقوا على تهريب شحنه ضخمه من المصابيح اليدويه وعلى الرغم من الحرص الرهيب بينهم فقد كشفت الشرطه العمليه وقامت بمصادرة الشحنه ولكن الشاب تمكن من الهرب في ظروف غ\امضه بينما تم القبض على المهرب وجدير عن الذكر ان هذا الشاب لم يكن سوى احد رجال المخابرات العامه
    خامسا
    المواد التموينيه
    كم ستقضي مخزوناتنا من الموادةالتموينيه في حالة دخول حرب طويله
    وكان الجواب بدراسة كل المواد التموينيه على نحو كامل وباسلوب معلن لم يجعل العدو بيشك في نوايانا ابدا
    سادسا
    الدبابات
    كيف نقلنا الدبابات الى الجبهه بدون علم العدو
    الجواب
    نقل الورش الرئيسيه للاصلاح الى خلف الخطوط الاماميه لتعبر قوافل الدبابات علنا وكانها ذاهببه للورشه
    مع اختيار اوقات عبور اقوال اخرى في غير ميعاد نمرور القمر الصناعي فوق المناطقث التي تمر منها الدبابات

    وعليه فهذه مجموعه من الخداع التي وهبت النصر لمصر
    وتللك كانت اضخم واقوى خطه في تاريخ المخابرات المصريه من اول انشا الجهاز الى زمن حرب اكتوبر
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 1 من 4 1 2 ... الأخيرةالأخيرة

افخر ببلدك يا مصرى ملفات تم الافراج عنها من المخابرات العامة المصرية

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 18-03-2008, 07:23 PM
  2. الدينونة العامة
    بواسطة المسيح إلهي في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 02-09-2006, 12:08 AM
  3. بمناسبة الافراج عن الاخ ابو اسلام
    بواسطة واثق بالله في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 27-12-2005, 04:42 PM
  4. الزرقاوي يتبرأ من قتل الشريف ويتهم المخابرات الأمريكية
    بواسطة أبـ مريم ـو في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 23-08-2005, 01:51 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

افخر ببلدك يا مصرى ملفات تم الافراج عنها من المخابرات العامة المصرية

افخر ببلدك يا مصرى  ملفات تم الافراج عنها من المخابرات العامة المصرية