قبائل الزولو بين براثن الجاهلية ونور الإسلام
قبائل الزولو اسم خُلّد في أذهان الكثير وحظي على اهتمام الباحثين لما لهذه القبائل من خصائص وميزات انفردت بها عمن سواها من سكان المعمورة، وللحقيقة نقول أن أول ما خطر ببالنا عند زيارتنا لجنوب إفريقيا وشد انتباهنا أن نزور هذه القبائل لتسليط الضوء على حياتها وعاداتهما وتقاليدهما فقمنا بزيارة لبعض قبائل الزولو في محافظة دربن في دولة جنوب إفريقيا وبالفعل وجدنا أن هذه القبائل تمتاز بنمط حياة يكاد يكون فريدا من نوعه في عالم القرن الحادي والعشرين.
ويزيد عدد السكان من قبائل الزولو الذين يسكون جنوب إفريقيا عن 10 ملايين نسمة وهم يعتبرون من سكان البلاد الأصليين.
لم يحدد باحثو التاريخ متى ظهرت الزولو كقبيلة ذات شأن بالتحديد على الخريطة السكانية لجنوب أفريقيا ولكنهم رجحوا بدايات وجودها الفعلي بعام 1620م وكانت أعدادهم 1700 شخص، تعرف أراضي الزولو بجمالها الرائع وتوجد في إقليم ناتال الذي تطل على البحر وتوجد بها سلاسل جبلية دائمة الخضرة وتنحدر منها سهول وغابات طبيعية نادرة الأشجار ويعتمد الاقتصاد الحديث لتلك المناطق على زراعة قصب السكر ويزورها السياح الراغبون في الوقوف على حضارة الزولو.
الدور السياسي للزولو

بعد خوضهم صراعا منظما وطويلا ضد سياسة الفصل العنصري ارتكب فيها الرجل الأبيض المذابح المروعة وحجر فيها إقامتهم على معسكرات الآبارتهيد البغيضة، حيث اخرجوا من المدن الأساسية إلى المناطق النائية، ولم يسمح لهم ببناء المدارس ومنعوا من الاختلاط بالبيض وكان ضمن النظام العنصري البائد تحديد إقامة وتواجد أفراد قبائل الزولو السود في المدن الرئيسية في جنوب إفريقيا بساعات محددة للعمل وخدمة البيض فقط وكانت الحكومة العنصرية آنذاك عهدت إلى إطلاق صفارات الإنذار التي تأذن بانتهاء تواجد السود في المدن الرئيسية وعليهم الخروج فورا قبل أن يتم تعرضهم للعقاب والمسائلة!!!
ومع نهاية تلك السياسة العنصرية في بداية التسعينات كان الزولو قوة سياسية مخضرمة لا يستهان بها ممثلة في حزب الحرية وجعلوا شعار الحزب الفيلة، أقر الزولو بأن حزب المؤتمر الأفريقي الذي برز فيه زعيم التحرر الأفريقي نلسون مانديلا لا يمثل مصالحهم القبلية لذلك هناك سجال بين الحزبين الكبيرين لا يخلو من العنف ولكنهم تعايشوا معا بعد انتخابات 1994م.
شكل الحياة
يعيش الزولو حياة قبلية حلوة الملامح تمثل الأسرة فيها الكيان الأساسي حيث يعلمون فتيانهم منذ الصغر احترام من هم أكبر منهم سنا، ولكن فتيان الزولو لديهم صعبة المراس مع من يماثلونهم في العمر، يفرق الصغار منذ سن السابعة بعد احتفال تثقب فيه فتحة في الأذن وتوضع حلقة ذهبية كبيرة بها، فيذهب الفتيان لمساعدة آبائهم ورجال القبيلة في رعي الأبقار والماعز وعندما يشتد عودهم قليلا يصبحون مسؤولين عن حلب الأبقار والعناية بمشتقاتها وطوال تلك الفترة يتلقون دروسا قصصية عن بطولات القبيلة وعاداتها وعند سن الرابعة عشرة يفصل الفتيان من أسرهم ويزج بهم في كتائب المحاربين حيث يخضعون تدريبات قاسية تجعلهم مؤهلين لمواجهة الحياة، وعندما يتزوج فتى الزولو يفرض عليه حلق شعره إلا خصلة مضفرة في وسط الرأس عليها قرص معدني يميزه عن الأعزب من الرجال.

الفتيات عند سن السابعة يساعدن في تنظيف الخيام وجلب مياه الشرب ومساعدة الأمهات في طهي الطعام ويتعلمن حرف الجدات مثل صناعة السلاسل والحقائب من القش حيث يعتبر الزولو من أمهر الحرفيين الأفارقة في هذا الفن.
عادات وتقاليد عجيبة وغريبة
وتمتاز قبائل الزولو بعادات عجيبة وغريبة كما حدثنا احد الأخوة المقربين من قبائل الزولو ومن هذه العادات أن الفتاة تتزوج عند سن 14 سنة.

وعندما تحمل المرأة عند الزولو يجب أن ترتدي قطعة من جلد الأيائل ” الغزلان” شرط أن يصطاده زوجها بنفسه ويقوم حماها بإعداده ودبغه ولفه بعقد من النحاس يفك منه بعد ولادة الطفل ويعتقدون أن ذلك يجلب القوة والثروة للطفل القادم.!!!
يسمح الزولو بتعدد الزوجات، ويدفع الرجل ما يشبه التعويض أو مهرا لوالد عروسه عبارة عن أبقار عند خروج الفتاة من بيت أهلها. ومن الجهل الذي تعيشه القبيلة :ممارساتهم الخاطئة والمتمثلة في أنه حال عقم المرأة وعدم تمكنها من الإنجاب ترسل شقيقتها لإنجاب طفل للرجل ثم تعود بعدها لوالديها..!!.
تجتمع القبيلة على احتفال الزواج في الليالي المكتملة القمر لأن ضعف ضوء القمر يجلب الفأل السيئ ويسير العريس وأهله في وسط راقص وصاخب لبيت العروس ولا يحضر والدا العروس احتفال الزواج بل أصدقاء العروس وهم يحملون أغراضها الخاصة على رأسهم ويجب أن تحضر العروس هدية لحماها، تبارك ساحرة القبيلة الزواج في طقوس خاصة.
شراسة في الحرب والقتال
ويمتاز أبناء قبائل الزولو بشراستهم في القتال والحرب حيث يرتدي فرسان القبيلة تنورات من جلود الحيوانات التي يصيدونها وغالبا ما تكون من جلد الفهد ودرعا من المعدن المكسو بجلد القطط المتوحشة أو الأبقار وغطاء رأس ذو ذيل معدني.

وللألوان مغزى هام في حياة الزولو فاللون الأحمر يعني القوة ودفء المشاعر وانتظار الحبيب والأزرق يعني الولاء وتوارد الخواطر مع الحبيب والأبيض النقاء والأسود الاستعداد للبس تنورة الزواج السوداء والغضب والأخضر للشباب والوردي للبساطة والهدوء والفقر.
معتقدات جاهلية
على الرغم من كون قبائل الزولو اعتادت على الإيمان بالتوحيد ولديهم الكثير من العادات والتقاليد التي تتوافق إلى حد كبير مع الديانات السماوية غير أنهم كانوا غارقين في اعتقادات وهمية منها إيمانهم بوجود أرواح وغالبا ما تأتي من أمواتهم وتهيم في الغابة التي كانوا يتقون شرها ويصورونها على أنها مخلوقات ضخمة كثيفة الشعر تقتل من لا يقدم لها القرابين!!!.

وبخلاف ما هو شائع عن قبائل الزولو فان من عاداتهم الحميدة احترام الضيف إلى حد بعيد حيث ينظرون إلى السائح والزائر والضيف نظرة احترام وتوقير غير أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة للغاية لدى الكثير من أبناء القبائل دفعتهم للتفكير في مجال السلب والنهب والجنوح إلى العنف.
وتتحاكم قبائل الزولو إلى الآن بنظام ملكي وعندهم طاعة عمياء لأمرائهم حيث يتمتع الأمراء والملوك بنفوذ واسع ومطلق إلى حد كبير.

نور الإسلام يقتحم براثن الجاهلية لدى قبائل الزولو
ومع انتهاء الحقبة الزمنية السوداء بحق سكان جنوب إفريقيا يوم أن تحرروا عام 1994 من النظام العنصري البائد فتحت الآفاق أمام قبائل الزولو وعلاقتهم بالعالم الخارجي وهنا قام المسلمون في جنوب إفريقيا بواجبهم الإنساني والدعوي تجاه قبائل الزولو التي حرمت من كل شيء.

يقول الشيخ وليد السعدي- رئيس مؤسسة دار التوحيد والدعوة والإرشاد في مدينة دربن في جنوب إفريقيا -:” وجدنا مجال الدعوة إلى الله تعالى لدى قبائل الزولو مفتوحا على مصراعيه فقمنا بحمد الله بافتتاح عشرات المراكز الإسلامية والدعوية في تجمعات قبائل الزولو كما تمكن المسلمون من إقامة المستوصفات الطبية وغيرها من الخدمات الإنسانية وتمكنا بحمد الله من اقتحام الحاجز بيننا وبين قبائل الزولو وأقمنا معهم علاقات حميمة وصلت بفضل الله تعالى لاعتناق الإسلام لدى الآلاف”.
ومما يثلج الصدر -والحديث للشيخ وليد السعدي – أن احد القساوسة لدى قبائل الزولو أعلن أسلامة وحول اسمه إلى إبراهيم كوميدي ومعه اسلم ما يزيد عن 700 من أتباعه جاء بهم إلى الإسلام جميعا وتحول من قسيس إلى داعية إسلامي كبير توفاه الله تعالى عليه رحمة الله.
ويضيف الشيخ وليد :”تتوفر بفضل الله تعالى العديد من دور الأيتام، ويرعى الميسورون من المسلمين العديد من المشاريع الإنسانية في مجال الإغاثة والعون والوقوف لجانب قبائل الزولو في الكوارث الطبيعية ومحاربة الفقر المدقع “.
وما أجمل ما نختم به تقريرنا هذا بما قاله الشيخ وليد ” قبائل الزولو متعطشة بشدة إلى الإسلام والمرحلة القادمة ستشهد تحولا كبيرا في حياة قبائل الزولو نحو الدخول في دين الله أفواجا “.
منقول عن موقع صوت الحق الاخباري