-
إلَيْكِ يَا أُمَّ الشَّهيدْ
إلَيْكِ يَا أُمَّ الشَّهيدْ
سَأكتُبُ بدَمِي شَهادَةَ مِيلادِي . . . لأعَيشَ كَما أُريدُ ولَنْ أُبَالِي
د . سعيد محمد أبو صافي
لقدْ علَّمنَا الشُموخُ الذي يسكنُ قَلبَكِ . . . وعشَّشَّ في وُجدانِكِ ، واستقرَّ في عقلِكِ أَنْ نُقَبِّلَ تُرابَ الأَرْضِ تَحْتَكْ . . . قومي أمَّ الشهيدِ وانفِضِي غُبارَ الحُزنِ عن قَلبِك . . . وامسَحِي بيديكِ الطَّاهرَتينِ دُموعَ الألمِ عن وجنتيكِ ، وألقِي بالأَنينِ في وحْلِ اليأسِ ، وتسلَّحي بسلاحِ الإيمانِ والبسمَةِ ، وتَوِّجِي جَبِينَكِ العَالي بتاجِ الأمَلِ والبِشَارَة . . . فبيديكِ هَاتَينِ صَنَعْتِ الفَتحَ والفِدَا ، وغَرَسْتِ الشّجاعَة . . . بقَلبِكِ الصَّامِدِ روَيْتِ القوةَ والحَمَاسْ ، وأَعلَيْتِ جَبْهَةً وجِهَادْ ، ولوَّحْتِ لكَتَائِبِ الشّهدَاءِ ، وأَعَدْتِ أمْجَادَ القَسَّامْ ، فَحصدْتِ أجملَ ثمرَةٍ . . ثَمرةَ العِزِّ والشُّموخْ ، لقدْ قَدَّمْتِ برُوْحِكِ وعقلِكِ وَوُجدانِكِ أجْمَلَ هَدِيَّةٍ للوطنْ . . .
سَأكتُبُ بدَمِي شَهادَةَ مِيلادِي ، لأعَيشَ كَما أُريدُ ولَنْ أُبَالِي . . . هَكذا قالَ الشهيدْ . . . يَموتُ السفَّاحُ ولا يمُوتُ الشهيدْ ، يَبقَى حَياً كطَائِرِ العَودَةِ الَّذِي يُحَلِّقُ عَالِيًا فوقَ أَبْراجِ الاحتلالِ . . .
زَغرِدِي أمَّ الشّهيدْ ، فَلمْ يكن ابنُكِ إلاّ قِنديْلاً أنَارَ ظُلمَةَ الطَّريق ، ولمْ يكُنْ إلاّ سَيفاً مَسلُولاً قَطَعَ رقَابَ المُعتدينَ الغَاصِبينَ ليرْفَعَ جَبينَ الأُمَّةِ عَالِياً مُرَفرفاً في سَماءِ الوَطَنْ . . . ولَمْ يَزحَفْ ابنُكِ إلاّ إلى العَليَاءِ طَائِراً يحْمِلُ بينَ جَناحَيْهِ بطَاقَةَ حُبٍّ ينْشُرُهَا في رُبُوعِ الدُنيا .
كُلُنا أبنَاؤُكِ أُمَّ الشّهيدْ . . . فلا تَبكِي أُمَّ الشّهيدْ . . . ولا تَمْلأي الدُنيا عَويْلاً ، فمَا البُكَاءُ إلاّ للفَقِيدْ . . . لم يكُنْ ابنُكِ إلاّ رُوحَاً عَطِرَةً فَاضَتْ إلى جَنَةٍ وخُلُودْ ، وتَركَتْ ورَاءهَا نَسِيْمَ مِسْكٍ نَسْعَدُ بِرَائحَتِه . . . فمَا أنْتِ إلاّ جَبَلاً شَامِخاً صَامِداً يتَحَدّى كُلَّ الصِعاب ، ومَا أنْتِ إلاّ شُعْلَةً وانْتِفَاضَةً أنَاَرَتِ الطّريقْ . . . وشَمعَةَ نُوْرٍ أضَاءتْ قُلُوبَ الثّائِرِينَ ليَسْحَقوا كُلَّ جَبَانْ . . .
مَا أنْتُم أيُّها الشُّهداءُ إلاّ أنْشُودَةَ الخُلودْ . . . فبدِمائِكُمُ الزَكِيَّةِ سُطِّرَ التَاريْخْ ، وبأَيْديْكُمُ الفَتيَّةُ صُنِعَتِ الحضَارةْ ، وبمَجْدِكُم رَفَعتُمْ لوَاءَ الأُمَّة . . . فكَانَتْ قُوَّتُكُمْ أمَامَ ضَعفِهِمْ . . . وشَجَاعَتكُمْ أمَامَ جُبْنِهمْ . . . وحِجَارَتكُمْ أمَامَ نَارِهِمْ وبنَادِقِهِمْ. . .!!!
فمَهْلاً أُمَّ الشّهيدْ . . . لابُدَّ منْ بُزُوغِ فَجْرٍ جَدِيدْ . . . ومِنْ ظُهُورِ شَمْسِ الحُرِيَّة . . . ومنْ إِعْلاءِ بارُودَةِ الحَقِّ والفَتْحِ المُبِينْ .
( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) صدق الله العظيم .
بالمناسبة اليوم الثاني لذكرى حرب الفرقان
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات