بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على الصادق الأمين وعلى آله وصحبه وزوجه الأطهار الميامين ...
دخلت إحدى المواقع التنصيرية تزعم بأنها ترد على المعجزات العلمية في القرآن ، ولا أستطيع وضع الرابط لأنه من الممنوع وضعه في منتدانا الطيب ،... وفي هذا الموضوع فسنرد على افتراءه حول معجزة القرآن في توضيح منشأ المني في قوله تعالى : (( فلينظر الإنسان مم خلق @ خلق من ماء دافق @ يخرج من بين الصلب والترائب )) (الطارق 5-7) كما دخلت موقع تنصيري آخر باللغة الإنجليزية يدعي أنه يرد على الدكتور الرائع : ذاكر نايك بخصوص هذه المعجزة... وإليكم الرد عليهما بتوفيق الله.
الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرد :
يستفتح الكاتب قائلا :
"مكان إنتاج المَنيّ:
ذكر لي أحد أصدقائي المسلمين ما جاء في سورة النساء 4:23 (وترجع إلى عام 5 أو 6 هـ) (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ (للزواج) حَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ) (بخلاف أبنائكم بالتبنّي) وقال لي إن هذه معرفة سابقة بعلوم الطب الحديث، فإن خصية الذكر تتدلى من منطقة الكلى أثناء التطور الجنيني.
ولا نستطيع منطقياً أن نرفض هذه الفكرة، ولكني كطبيب أتساءل: لماذا يشير الله إلى حقيقة مبهمة كهذه في آيةٍ لا تناقش علم التشريح كبرهان على قوة الله الخالقة! لا شك أن الآية تستخدم تعبيراً لغوياً، فالقول إن الأبناء من الأصلاب يشير إلى مكان القوة ونحن نستخدم التعبير (ابن صُلبه) كاستعارة ومجاز.
وهناك آية قرآنية أخرى في سورة الأعراف 7:172 (من العهد المكي المتأخر) تقدم استعارة أخرى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) والظهور في سورة الأعراف، كالأصلاب في سورة النساء إشارة إلى مكان القوة ويقول علماء اللغات إن هذين تعبيرين معروفان في الحضارات القديمة بالشرق الأوسط."
الرد :
أولا : بالنسبة لهذه المعجزة الرائعة والمذهلة ، فقد شرحتها على الرابط التالي لمن يود فهمها :
https://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=24935
والحمد لله ، اعترف الكاتب بمنطقية هذه المعجزة ، ولكنه يتساءل : ""لماذا يشير الله إلى حقيقة مبهمة كهذه في آيةٍ لا تناقش علم التشريح كبرهان على قوة الله الخالقة!"" وجواب هذا السؤال ببساطة : تأكيدا لوجود معجزة علمية في القرآن ، مما يؤكد أن هذا القرآن من عند الله.. وهذا الشيء الرائع الذي يدخل أفواجا من الغرب إلى الإسلام.. وانتهى.
وأما قوله بأنها عبارة مجازية تستخدم لأغراض الاستعارة كقول العرب : ابن صلبه ، فهذا قول مقبول ، بل وصحيح جدا بالنسبة للآيات التي ذكرها هو (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ (للزواج) حَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ)\ (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)... ولكن ، كيف سيفهم قوله تعالى : : (( فلينظر الإنسان مم خلق @ خلق من ماء دافق @ يخرج من بين الصلب والترائب )) (الطارق 5-7)!!! هل كان العرب يستخدمون هذه عبارة : (يخرج من بين الصلب والترائب) أيضا للمجاز والاستعارة؟ رجعت إلى معظم كتب التفسير وكتب المعاجم فلم أجد أي تلميح لهذا!! (الصلب هو الظهر \ الترائب هي منطقة عظام الصدر ، ولفهم هذه المعجزة بالتفصيل ارجع الرابط الذي أشرنا إليه في الأعلى).
فهذه الآية هي المعجزة وليست تلك الآيات التي تخاطب العرب (بل وحتى الشعوب الأخرى) بما يعرفون ويصطلحون فيما بينهم.
ثم يستتبع الكاتب :
"ولئن وجد المسلم في هذه الآية دليلاً على سبق القرآن العلمي، فليعلم أن الفكرة موجودة بالتوراة، فالكلمة العبرية (chalats) هي نفسها الكلمة العربية (أصلاب) بمعنى مكان القوة يقول النبي إشعياء (تَنَطَّقْنَ عَلَى الْأَحْقَاءِ (chalats) (32:11) ويقول النبي إرميا (كُلَّ رَجُلٍ يَدَاهُ عَلَى حَقَوَيْهِ (chalats) (30:6) (بمعنى ظَهْر، أو وسط) وقال الله ليعقوب (مُلُوكٌ سَيَخْرُجُونَ مِنْ صُلْبِكَ chalats) (تكوين 35:11) ويقول لداود (ابْنُكَ الْخَارِجُ مِنْ صُلْبِكَ chalats هُوَ يَبْنِي الْبَيْتَ لاسْمِي) (1 ملوك 8:19)
وفي العهد الجديد نجد كلمة يونانية تحمل نفس المعنى هي (osphus) استخدمها الرسول بطرس وهو يقتبس وعد الله للملك داود (حلف له بقَسَمٍ أنه من ثمرة صُلبه osphus يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه) (أعمال 2:30)"
الرد :
قلنا أن هذه العبارة معروفة وموجودة في المعاجم أصلا ، وهي لفظ مستخدم معلوم ، فمثلا ، أنقل من المعجم الوسيط : " و يقال : هو من صلب فلان من ذريته".
وهي -كما قال الكاتب- كناية للقوة ؛ فمن أمثال العرب : "إنَ المُغَالِبَ صُلْبَ اللّهِ مَغْلُوْبُ" والمقصود (قوة الله ) \ (ارجع معجم المحيط في اللغة-مادة صلب) ، إلا أن هذا المعنى المجازي لا يمكن أن يتماشى مع قوله تعالى : (( يخرج من بين الصلب والترائب )) لأن الترائب هي منصقة عظام الصدر فلا يمكن أن يستقيم المعنى وفقا للمجاز لأن الترائب لا يعرف لها مجاز في كلام العرب. وإلى هنا ، ننفي وجود معجزة في كتبكم ونؤكد وجود المعجزة في القرآن العظيم.
وحتى ولو كانت معجزة في كتبكم ،ولنفرض أننا قبلنا بذلك (وهي ليست كذلك) ، فلا حرج نهائيا أن تحوي كتبكم بعض الحق والوحي من الله ، فنحن نعي تماما أن التحريف لا يشمل كل كتبكم ، ودليل ذلك قول الصادق الأمين -عليه السلام- : ((ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله فإن كان باطلا لم تصدقوه وإن كان حقا لم تكذبوه)).
أخرجه أحمد (4/136 رقم 17264) وأبو داود (3/318 ، رقم 3644) ، والطبرانى (22/349 رقم 874) ، والبيهقى (2/10 ، رقم 2071) ، والبغوى فى تفسيره (3/470) ، وابن حبان (14/151 ، رقم 6257) .
ويستتبع الكاتب قائلا :
" وهناك مشكلة ثالثة: يستخدم القرآن (بخلاف الكتاب المقدس) كلمة صُلب في آية لا تسمح بتقديم تفسير يلطّف التعبير، وذلك في سورة الطارق 86:5-7 (وهي من العهد المكي المبكر) (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ)
وتتحدث هذه الآيات عن وقت التزاوج فهي لا تتحدث عن زمن التطور الجنيني، بل عن خلق الإنسان من ماءٍ منصبّ باندفاع، يخرج من بين صلب الرجل (أي ظهره) وترائب المرأة (أي عظام صدرها) (التفسير لمحمد فريد وجدي، في كتابه (المصحف المفسّر) والآية تقول إن المني يجيء من ظهر الرجل، أي منطقة الكلى، وليس من الخصية!"
الرد :
نحترم ما قاله "محمد فريد وجدي" ولكن تفسيره ليس حجة علينا كما هو معروف. ولا توجد إشارة في الآية تدل على أن الماء يخرج من بين الصلب والترائب لحظة الجماع وممارسة النشاط الجنسي بتاتا ، فإن قيل : كلمة دافق تدل على ذلك. فالجواب : كلمة "دافق" نحويا تعرب على أنها صفة وليس حالا ، فالله يصفه بالوصف المناسب لطبيعته دون الإشارة إلى الحال التي يكون فيها لحظة خروجه من بين الصلب والترائب.
ومن المعروف علميا أن نطاف الرجل (الحيوانات المنوية) يجب أن تكون متحركة "دافقة" بذاتها بواسطة الذيل ، وهذا يفسر ما لم يستطع العلماء السابقين تفسيره من أن الله وصف الماء بأنه "دافق" بصيغة اسم الفاعل وليس " مدفوق" بصيغة اسم المفعول... فسبحان الله ، لكأن محمد -عليه السلام- يعلم أن الحيوانات المنوية تتحرك بذاتها أيضا!!!
ومن المهم هنا أن أرد على صورة أحضرها أحد النصارى الغربيين لتفنيد موضع الغدد التناسلية بين الصلب والترائب ردا على الدكتور المذهل ذاكر نايك ... وهذه هي الصورة :
كما تلاحظون ، موضع الغدد (gonad) في الرسم بعيد قليلا عن الموضع الذي حدده القرآن...فهي ليست بين الظهر والصدر
وهذه الصورة انتقاها بنفسه في مراحل متأخرة بعد أن بدأت الغدد بالتدلي والنزول إلى الأسفل حتى ابتعدت عن موضعها الأولي... وإليكم هنا فيلمين صغيرين(فيديو)يوضحان محاولات خداع هذا الرجل للذين لا يفهمون مجريات تطور الغدد التناسلية :
الفيديو الأول :
http://embryology.med.unsw.edu.au/movies/larsen/germcell.mov
لاحظ أن الخلايا التناسلية الملونة بالأحمر تهاجر مقابل الأطراف العلوية أو أسفل منها بقليل... وهذا يخالف الصورة!
وشكل وجه الجنين في هذه الصورة يوحي أنه في نهاية الأسبوع السابع تقريبا...وفي المقابل ، تبدأ هجرة الخلايا التناسلية في الأسبوع الخامس! ويمكنك ملاحظة الفرق الكبير في شكل وجه الجنين في الفيديو عنه في الصورة ، حيث كثير من ملامح الوجه لا تظهر في الفيديو كالأنف وعدسات العينين وشق الفم ... وكل ذلك يوصلنا إلى نتيجة هي :
هجرة الخلايا الجنسية إلى جسم الجنين تكون سابقة للمرحلة التي تشير لها تلك الصورة!!
الفيديو الثاني : (حجمه صغير جدا)
http://embryology.med.unsw.edu.au/movies/larsen/gonad.mov
لاحظ تدلي ونزول الغدد تدريجيا إلى الأسفل ، وتحولها من الشكل الأنبوبي إلى الكروي مع الزمن ، ويتضح من الفيديو أن الصورة التي أحضرها ذاك الرجل تمثل مراحل متأخرة بالنسبة للفيديو!
حتى أننا نلحظ في الفيديو تمايز وتكون أصابع القدمين في آخر مقاطعه ، وهي متمايزة في الصورة!!!مما يؤكد أن هذا الرجل انتقى صورة تمثل مراحل متأخرة بالنسبة للفيديو بعد أن تكون الغدد قد نزلت من موضع مبدئها في جسم الجنين بين الصلب والترائب.
وأساسا ، من الخطأ أن نقول أن هجرة الخلايا التناسلية تبدأ في مرحلة تكون أصابع القدمين فهناك فارق زمني ليس بسيط بينهما(نسبيا طبعا). مما يؤكد أن هذه الصورة-بالإضافة إلى كونها تمثل مرحلة متأخرة نسبيا لتكون الغدد التناسلية-فهي غير دقيقة أيضا.
فصدق الله تعالى حين قال : (( خلق من ماء دافق @ يخرج من بين الصلب والترائب)).
... انتهى الرد على الشبهات حول هذه المعجزة بحمد الله.
أخوكم : شادي جرار
المفضلات