طلائع الرفض في المجتمع المصري

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

طلائع الرفض في المجتمع المصري

صفحة 1 من 7 1 2 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 67

الموضوع: طلائع الرفض في المجتمع المصري

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي طلائع الرفض في المجتمع المصري

    طلائع الرفض في المجتمع المصري
    المحتويات
    الباب الأول: طلائع الرفض الديني في مواجهة النظام
    الفصل الأول قوى الرفض المسيحية: دور الكنيسة في مواجهة النظام وكيفية تعامل النظام معها
    أولاً: افتعال الأزمات
    ثانياً: إدارة الأزمة وأطرافها
    جماعات الضغط المسيحية
    الفصل الثاني: قوى الرفض الإسلامية
    المطلب الأول:المراجعات الفكرية ووسائل الإعلام
    المطلب الثاني: قراءة في فكر جماعة الجهاد المصرية
    المطلب الثالث الجماعة الإسلامية بمصر
    المطلب الرابع: شهادتي للتاريخ
    الباب الثاني: بغاة ..لا دعاة
    الفصل الأول : الجريمة السياسية
    المطلب الأول: الأحكام
    المطلب الثاني: اشتراطات فقهاء القانون الجنائي في جريمة البغي
    الفرع الأول: الخروج على من ثبتت إمامته بتأويل
    الفرع الثاني: استعمال القوة في الخروج وأن يكون بشوكة ومنعة
    الفرع الثالث: نية الخارج
    الباب الثالث: مفاهيم يجب أن تصحح
    الفصل الأول: غياب المصطلحات المتخصصة
    المطلب الأول: مقاصد الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان
    المطلب الثاني: مصادر التشريع الإسلامي
    المطلب الثالث: مصطلح (الدولة المدنية) والخلط بينيه وبين مصطلح (الدولة الدينية)
    الفصل الثاني: مبادئ نظام الحكم في الإسلام
    المطلب الأول: مبدأ المساواة
    المطلب الثاني: مبدأ الحرية
    المطلب الثالث: مبدأ الشورى
    الفرع الأول: الشورى كمبدأ من مبادئ نظام الحكم في الإسلام.
    الفرع الثاني: نظام الحكم الإسلامي بين الشّورى والديمقراطية
    المطلب الرابع:العدل
    المطلب الخامس: مبدأ السيادة العليا Sovereignty ونظرية تقييد سلطة الحاكم
    الفصل الثالث: ماذا يعني تطبيق الشريعة الإسلامية؟..
    الباب الرابع: طلائع الرفض السياسي في مواجهة النظام
    الفصل الأول: أسباب العنف السياسي
    الفرع الأول: التعريف النظري لمفهوم العنف السياسي
    الفرع الثاني:الخطوات المنهجية لتحليل ظاهرة العنف السياسي في مصر
    الفرع الثالث: التطور الزمني للعنف السياسي .
    الفرع الرابع: أشكال العنف السياسي الأكثر انتشارا خلال الفترة موضع الدراسة
    الفرع الخامس: القوى السياسية والاجتماعية التي مارست العنف السياسي
    الفرع السادس: العنف السياسي وأسبابه
    الفرع السابع: نمط استجابة النظام السياسي للظاهرة
    الفرع الثامن: ملاحظة ختامية
    الفصل الثاني:الأحزاب السياسية في مصر..تقييم وأداء
    ثم أخيراً ثبت المراجع والوثائق والمستندات

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    [COLOR="Red
    "]التطرف الديني المسيحي

    دور الكنيسة في مواجهة النظام وكيفية تعامل النظام معها


    من المعروف أنه توجد جماعات مسيحية تخفي أهدافها وتتبع مبدأ التقية ـ طبقا لكتابات الدكتور رفيق حبيب ـ وترفض المجتمع وتنعزل عنه وتحاول خلق مجتمع بديل, ثم تنعزل عن الكنيسة وتتهمها بالخروج عن الدين وتتجه إلى طريق التكفير فتكفر قيادات الكنيسة ثم تكفر أعضاء الكنيسة لإتباعهم لهذه القيادات وتتسع دائرة التكفير لتشمل الأسرة والمجتمع. والقائد في الجماعات المسيحية يميل إلى الاتجاه الديكتاتوري حيث تكون له سلطة دينية مطلقة " ثيوقراطية" ثم يصبح القائد ممثل الله على الأرض وتتحقق لقادة الجماعات الدينية درجة من السلطة تؤهلهم للتحكم في مصير أعضاء الجماعة حسب إرادتهم الشخصية.

    1. كانت مدارس الأحد إتماماً لمشروع حبيب جرجس لمواجهة تأثيرات المنصرين الأجانب وحماية النشء المسيحي من الإرساليات الأجنبية التبشيرية وغيرها، واستطاعت التوسع في مجالات النشاط لتشمل الجوانب الدينية والحياتية والاجتماعية. فكانت مجالاً يجد فيه الأطفال والشباب فرصة لممارسة النشاط الاجتماعي ومن خلال هذه البيئة استطاعت الكنيسة تنشئة جيل كنسي أرثوذكسي له انتماءاته المحددة ومن خلالها تكون الفرد الكنسي أو عضو الكنيسة. وقد أفرزت تلك المدارس أعضاء الكنيسة وقيادتها وكوادرها الجديدة ثم أصبحت المؤسسة التكوينية التي تمد الكنيسة برعاتها، كما خرجت أيضاً جماعة الأمة القبطية من عباءة مدارس الأحد حيث رفعت شعارات "الإنجيل دستورنا" و"القبطية لغتنا" و"الموت في سبيل المسيح أسمى أمانينا" على غرار شعارات الإخوان، واقتحمت دار البطريركية وأجبروا "الأنبا يوساب" على التنازل عن العرش ألبطريركي في 24 يوليو 1954م وقد أثارت الجماعة العديد من الأفكار مثل فكرة القومية المصرية وأن الأقباط البقية الباقية من سلالة المصريين القدماء وأنهم أصحاب الأرض أما المسلمين فدخلاء يجب طردهم. رغم إجماع علماء تاريخ الأجناس على وحدة العنصر المصري منذ ما قبل التاريخ حتى وقتنا الحالي.

    2. لقد استغل المسيحيون هجرة الكثير منهم إلى أمريكا وكندا "بلاد المهجر" وتكونت جماعات تحمل أفكار جماعة الأمة القبطية وغالت فيها إلى أقصى مدى فاستعانوا بالغرب واستخدموا الضغط الدولي على الحكومة المصرية وادعوا أن المسيحيين مضطهدون وتميزت دعاواهم بالمغالاة والطائفية وعدم مراعاة مصلحة الوطن وتصوروا أن الدفاع عن مسيحي مصر يكون من المهجر بعيدا عن حق المواطنة والوطن؛ لأنهم اهتموا بالدفاع عن طائفة من أبناء مصر وليس الدفاع عن مصر كلها وبهذا أصبحوا خطراً على الوحدة الوطنية وظهر لبعضهم نزعات تغريبية من حيث التعلق بالنمط الغربي والاستعلاء الحضاري بالحديث عن كونهم القطاع الأرقى أو الجنس الفرعوني النقي. وأصبح للكنيسة امتدادات في الخارج بعيداً عن سلطة الدولة إضافة إلى أن الدولة ليس لها سلطة أصلاً على الكنيسة في داخل مصر فالكنيسة مستقلة في كل شئونها، ولديها الحرية في الاتصال وإقامة علاقات مع الخارج في كل بلاد العالم وأصبح لها فروعاً في كل العالم.

    3. وبناء على كل التطورات الجديدة التي طرأت على البناء الكنسي في مصر فقد هاجرت مجموعات من الشباب المسيحي من المجتمع إلى الكنيسة؛ لاعتقادهم أن السيطرة على شئون الكنيسة تتركز في أيدي الرهبان الذين يرأسون الأديرة أو يشغلون مراكز الأساقفة، وبالتالي يكونون المجمع المقدس وكان واضحاً لهؤلاء الشباب أن قوة الكنيسة وقوة المجتمع القبطي تكمن في الأديرة ولكي ينفذوا إلى أعماق المجتمع القبطي فلابد من السيطرة على الإكليروس، كان ذلك في وقت مشاركة الأقباط بقوة في الحياة السياسية من خلال حزب الوفد قبل ثورة 23 يوليو.
    فالمجتمع لم يكن هو الذي عزل المسيحيين أو أن السياسيين هم الذين عزلوهم بل المسيحيون هم الذين انسحبوا بناء على عقائدهم ورغبة في اختراق الكنيسة والقضاء على نظامها التقليدي ووصولاً إلى السيطرة على الإكليروس والكنيسة ثم السيطرة على المجتمع، وعلى رأس الرهبان الجامعيين كان نظير جيد روفائيل الذي أصبح فيما بعد "الأنبا شنودة الثالث" وغيره الكثيرون.

    4. أما على جانب العلاقات السياسية بين الكنيسة والثورة، فقد تميزت العلاقة بين الرئيس عبد الناصر والبابا كيرلس في إطار من التفاهم والود لأن البابا لم تكن لديه أية تطلعات سياسية أو دنيوية وركز جهوده في رفع مستوى الطائفة دينياً وثقافياً وهى أمور كانت تتماشى مع التقاليد الأصيلة للكنيسة المصرية في الفصل بين الدين والدولة وفى نفس الوقت تتفق مع اتجاه الرئيس عبد الناصر في إبعاد الصبغة الدينية عن شئون الحكم، وتم توظيف التوافق الشخصي بينهما من أجل المصالح المشتركة للدولة والكنيسة. لكن استغل بعض المسيحيين فرصة الحرية الدينية المكفولة لهم من الدولة في محاولة نشر التنصير بين المسلمين واشتركت الكنيسة "الأرثوذكسية" في الهيئات والمنظمات التنصيرية العالمية وفى مجلس الكنائس العالمي الذي هَدَفَ إلى نشر المسيحية بين المسلمين وتمكن من السيطرة على حركة التنصير العالمية.

    5. أثبتت الرسالة قيام بعض الجمعيات المسيحية بنشاط تنصيري، وانتشار كتب تشكك في عقيدة المسلمين صادرة من الكنيسة الأرثوذكسية وبعضها صادر عن دور نشر تنصيرية في أوروبا والولايات المتحدة مطبوعة باللغة العربية وبعضها الآخر مجهول الهوية، مما أثار المسلمين ومهدت الطريق للعنف الديني، وزاد من التوترات الطائفية قيام بعض الشباب المسيحي بتوزيع المنشورات التنصيرية.

    6. كما أنه من المعروف للكل (مسلمين وكافة أجهزة الدولة) ارتفاع مكانة البابا عند المسيحيين إلى حد كبير، وذاك أمر كان له خطورته عندما استخدم سلطاته الدينية في السياسة أو في مواجهة الدولة وعندها انقسمت الأمة وحدث الصدام.
    فلقد وجد البابا شنودة نفسه على رأس الكنيسة ومعه مجموعة من أسباب القوة وأبرز عناصرها الشباب الذي تربي علي يديه في مدارس الأحد بالإضافة إلي علاقاته المتينة بمسيحيي المهجر وفروع الكنيسة في المهجر والتي أصبحت مصدراً لموارد مالية ضخمة ـ تساعد وتدعم مادياً ومعنوياً بل وسياسياً أيضاً، بعيدا عن الدولة، ولسوف نعرض لهذا الأمر عندما نتناول قضية السيدة وفاء قسطنطين..

    7. كما بالغ المسيحيون في حساب عددهم بهدف زيادة تمثيلهم في الوظائف الكبرى والمجالس النيابية في الدولة، وقد رفض الرئيس الراحل محمد أنور السادات الحديث عن النسبة العددية للمسيحيين في الوظائف العامة حتى لا ينتقل إلى وضع طائفي كما في لبنان ولكنه استجاب لبعض مطالب البابا فكان له رأي مسموع من الحكومة في اختيار أعضاء المجلس الملي، وفي تعيينات مجلس الشعب، وكان رئيس الوزراء يطلب منه ترشيح بعض الأشخاص لكي تختار الحكومة المعينين من بينهم، وزاد السادات من عدد الوزراء المسيحيين، وقام بتعيين اللواء فؤاد عزيز غالي قائداً للجيش الثاني الميداني بعد حرب أكتوبر 1973، ثم محافظاً لسيناء.

    8. بدأت أحداث العنف الطائفي بحادث الخانكة الذي ثبت أنه كان مفتعلا وجاء في مرحلة حساسة من تاريخ مصر كانت تحتاج لتضافر الجهود والوحدة من أجل مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المصرية لكن رئاسة الكنيسة لم تراع الظرف التاريخي وواجهت الموقف بحدة وقام البابا شنودة باستعراض القوة بأن أرسل الكهنة بالعشرات إلى المبنى الصغير المحترق لإقامة القداس، فغضب الرئيس السادات وخشي من أن انفجار المسألة الطائفية من شأنه أن يعرقل احتمالات المعركة المحتملة مع إسرائيل، ثم عالج الموقف بحكمة وطلب من مجلس الشعب أن يبحث ـ بطريقة محايدة ـ الاحتكاكات الطائفية لخطره على وحدة الأمة، وحلاً لمشكلة بناء الكنائس وعد السادات البابا شنودة ببناء خمسين كنيسة سنويا، وسمح لأول مرة ببناء كنائس في المدن الجديدة حين أمر بوضع حجر الأساس لكنيسة العاشر من رمضان بمشاركة رجال الأزهر، وقد اعترف البابا شنودة بعدم وجود مشكلة في بناء الكنائس فلا يوجد قبطي يفتقد مكانا يتعبد فيه، والواقع أكد أن عدد الكنائس بالأرقام الرسمية وبالمشاهدة يزيد كثيرا عن احتياجات المسيحيين ناهيك عن الحديث عن مساحاتها الضخمة التي تزيد أضعافا عن مساحات المساجد.

    9. وكانت سياسة الرئيس الراحل محمد أنور السادات تجاه الأحداث الطائفية المتفرقة بعد تحقيقات النيابة العامة، تتمثل في بحث إيجاد سبيل للمصالحة بين المسلمين والمسيحيين، للقضاء على الضغائن، وكان يجتمع ـ حلا لذلك ـ مع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومع الأساقفة والمطارنة وأعضاء المجمع المقدس.

    10. رفض المسيحيون الشريعة الإسلامية ـ رغم محاولة العلماء المسلمين طمأنتهم بأنه لن تمس عقائدهم ولا شرائعهم ـ واعتبروا أن مصالحة السادات للإخوان المسلمين ومنحه الحرية للجماعات الإسلامية موجهاً ضدهم، ومن ثم تصاعدت ضغوطهم على الدولة منذ إعلان الدستور الدائم 1971م فاستغلوا حادث الخانكة بقوة لتحقيق مطالبهم، وعقدوا المؤتمر القبطي يناير 1977م وقرر البابا شنودة الصيام وأن يظل المؤتمر منعقدا حتى العدول عن التفكير في تطبيق قوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية. فأثار ذلك شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود ـ آنذاك ـ الذي رد بعقد المؤتمر الإسلامي في يوليو 1977 وقرر أن أي قانون أو لائحة تعارض تعاليم الإسلام تعتبر ملغاة وكأنها لم تكن، وأعلن أن تطبيق الشريعة الإسلامية وأحكامها لا يرتهن بقيام البرلمان بإصدار تشريعاته، وأن التأخير في تطبيق الشريعة الإسلامية مراعاة لمشاعر غير المسلمين لا يمكن قبوله. فضاعف البابا شنودة من ضغوطه وأصر على معارضة قانون الردة ودعا إلى صيام جماعي والصلاة في جميع الكنائس في الأسبوع الأول من سبتمبر 1977 حتى ألغت الحكومة مشروع القانون، وعندما قرر الرئيس السادات تعديل الدستور وجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، قرر البابا عدم الاحتفال بذكرى تقلده الكرسي البابوي واعتكف في دير الأنبا بيشوي، ثم استغل البابا حدوث صدام بين الطلاب المسيحيين والطلاب المسلمين في بيت الطلبة في الإسكندرية في 18مارس 1980 واتخذ قراراً بعدم إقامة المراسم والاحتفالات والاستقبالات الخاصة بعيد القيامة وعدم تبادل التهاني المعتادة مع رئيس الجمهورية وأمر كل رجال الكنيسة بعدم تَقَبُل التهاني بعيد القيامة من أي مسئول رسمي تبعث به الدولة لتهنئة الأقباط كما جرى التقليد من قبل، وقد ساء السادات تصرف البابا لأن النزول بالأزمة إلى الشارع يعنى تماماً احتمال وقوع أحداث دامية وخاصة في الأحياء الشعبية أو القرى الصغيرة وإذا تدخلت الدهماء فإنه لا توجد حكومة تستطيع أن توقف أنهار الدماء.

    11. كان نتيجة لاعتراض البابا أن استغلت القوى المسيحية الغربية مواقف البابا وانطلقت الحملات الإعلامية الشرسة ضد مصر في العواصم الأوربية وكانت احتجاجات البابا شنودة إيذاناً بهجوم مسيحي المهجر على الرئيس أنور السادات في خطابهم الموجه إلى مصر وخارجها والذي يدور حول الاضطهاد، وعندما سافر السادات إلى الولايات المتحدة الأمريكية في اليوم التالي لعيد الفصح الذي تقرر عدم الصلاة فيه وفوجئ بمنشور يتضمن حيثيات قرار المجمع المقدس يوزع في أمريكا أمام "البليرهاوس" واستقبله الأقباط المسيحيون أمام البيت الأبيض وأمام الأمم المتحدة بالمظاهرات.

    12. أيد البابا زيارة الرئيس للقدس وباركها وأعلن أن السادات رجل واحد بملايين الرجال، ولتحسن العلاقة بين البابا والسادات منح السادات الميدالية الذهبية التي حصل عليها من مجلس الكنائس الميثودي العالمي بأمريكا جائزة السلام لعام 1978 للبابا شنودة، لكن العلاقات توترت مرة أخرى عندما رفض البابا تشجيع الأقباط للسفر إلى بيت المقدس، ووجه نصيحة إلى الأقباط البارزين في مجال السلطة بأن يقللوا من ظهورهم في مجال العلاقات مع إسرائيل وقرر حرمان من يسافر إلى إسرائيل من التناول، وبذلك أقام البابا حكومة دينية مسيحية تحكم الشعب القبطي ولا يستطيع أحد أن يخرج على سلطة البابا الذي يتحدى الحاكم وسلطة الدولة.

    13. أوجدت مواقف البابا تياراً معارضاً له في الكنيسة القبطية تزعمه متى المسكين الذي رأى أنه كلما خرجت الكنيسة عن اختصاصاتها ونزعت إلى السلطان الزمني وطالبت بحقوق عنصرية وطائفية فشلت في تأدية رسالتها، لذلك يجب عليها ألا تتدخل في الأمور الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية لأنها ليست من اختصاصاتها لكن مقالات متى المسكين وغيره لم تجد صداً واسعاً بين الأقباط بسبب سيطرة البابا على الكنيسة وشعبها.

    14. ونتيجة الاعتداءات المسيحية على الدين الإسلامي رفض الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر مؤتمرات الحوار بين الأديان وأعلن أنه رغم أن المسلمين يحترمون المسيح وأمه عليهما السلام إلا أن المسيحيين يهاجمون رسول الإسلام ويهاجمون مبادئ الإسلام، ويرفضون مجرد الاعتراف بوجود دين يسمى الإسلام، رغم أن الإسلام هو العامل الأكبر في تثبيت المسيحية حين اعترف بوجود المسيح عليه السلام وحين برأ أمه، وطالب بالاعتراف بالدين الإسلامي وبرسوله حتى ينال المسلمون في أوروبا ما يناله اليهود من الاعتراف بأعيادهم وبشعائرهم.

    15. ونتيجة لزيادة الشحن الطائفي شهدت مصر في يونيو 1981 أسوأ حوادث الفتنة الطائفية في حي الزاوية الحمراء، وأهمية الحادثة في كونها أظهرت الاستقطاب الطائفي الشديد الذي جرى في المجتمع المصري. كما أظهرت الأساليب الملتوية للمسيحيين لبناء الكنائس على أرض أوقاف المساجد، وتسبب الحدث في استنفار بين المسلمين واستطاعت قوات الأمن وأجهزة الشرطة السيطرة على الموقف كلياً مما قلل عدد الإصابات والإتلاف في الممتلكات وقد أمر الرئيس السادات بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق عن أحداث الفتنة الطائفية عام 1981 في مجلس الشعب، وقد ألقت اللجنة بالمسؤولية عن الأحداث الطائفية على الجماعات الإسلامية وعلى سياسة البابا شنودة الذي يسعى للصدام وإشعال الفتنة.

    16. إذن هناك قوة دينية كبرى لا يستهان بها وهي قوة مسيحيو مصر ولها المقدرة على افتعال الأزمات ..
    وهو على
    مطالب ثالثة:[/COLOR]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    المطلب الأول: افتعال الأزمات

    خذ مثلاً أزمة فبركة إسلام السيدة وفاء قسطنطين ..


    بدأت أحداث أبو المطامير يوم 27 نوفمبر 2004، حين سعت السيدة وفاء قسطنطين لإشهار إسلامها، وهى مهندسة زراعية تعمل بهيئة الإصلاح الزراعي بمحافظة البحيرة وتبلغ السادسة والأربعين من عمرها، ومتزوجة من القس يوسف معوض. حيث تقدمت السيدة وفاء إلى قسم الشرطة في حي السلام بالقاهرة في الأول من ديسمبر 2004 وبصحبة سيدة مسلمة بطلب عمل محضر تعلن فيه أنها تطلب إشهار إسلامها بعد عامين من ممارسة شعائر الدين الإسلامي سراً وبعلم أحد أفراد أسرتها.
    وتنص الإجراءات المتبعة في هذه الحالة على ألا يتم تسجيل إشهار تغيير الدين، إلا إذا رتبت جلسة أو أكثر بين الشخص الراغب في تغيير دينه، مع بعض رجال الدين الذي كان ينتمي أصلا إليه، ومعروفة باسم جلسات إسداء النصيحة. وبناء على ذلك تم إخطار مطران البحيرة بالأمر، وكانت تلك الخطوة بداية مشكلة نشأت بين مطران البحيرة وبين جهاز الأمن، فقد رفض المطران فكرة عقد جلسة أو جلسات إسداء النصح وطلب تسليم السيدة وفاء للكنيسة الأرثوذكسية فورا، في حين أن جهاز الأمن كان ملتزماً بالتعليمات الإدارية، واستمر هذا التجاذب لمدة خمسة أيام في الفترة من 3- 8/12/2004 .
    في اليوم الثاني من ديسمبر 2004 بدأ التحرك المسيحي، وانتشرت شائعات تقول إن السيدة وفاء اختطفت وهربت مع زميل مسلم وإن غسيل مخ حدث لها. وانتشرت هذه الشائعة كالنار في الهشيم، فتجمهرت أعداد من المسيحيين في المطرانية بالبحيرة يطالبون بعودة السيدة وفاء وتسليمها إلى زوجها باعتبار أنها أجبرت على الإسلام وأنها تزوجت زميلها.
    واعتصم المتجمهرون وبدا أن هناك من يعمل على تحويل المشكلة وهى شخصية بحتة إلى قضية سياسية وعامة ومن ثم يورط الكنيسة ككل فيها، ودون مراعاة للقواعد القانونية المعمول بها.
    تحركت أجهزة الأمن في محافظة البحيرة لعلاج هذا الموقف مع ما حدث من تجمهر واعتصام، وذهب د.عبد الرحيم شحاتة وزير التنمية المحلية إلى البحيرة ليلتقي برجال الدولة والكنيسة، وانتهى إلى أن السيدة وفاء قد أسلمت، وقد أصدر المجلس الملي للمسيحيين الأرثوذكس بالإسكندرية بياناً نشرته صحيفة وطني استنكر قول د.عبد الرحيم شحاتة، كما استنكر نشر الأهرام لذلك باعتباره يهدد الوحدة الوطنية.
    وبدأ توافد مجموعات من شباب الكنيسة على القاهرة في الأيام اللاحقة، وذلك إثر صدور تصريحات من قيادات دينية في البحيرة بأن حل الأمر يكمن في القاهرة، فتوافدت الوفود من الشباب ألمسيحيي الغاضب من مختلف المحافظات إلى مقر البطريركية في العباسية في اعتصام مفتوح، وتزامن ذلك مع قداس للصلاة بمناسبة وفاة الكاتب سعيد سنبل بحضور لفيف من كبار رجال الدولة الذين فوجئوا بالمتظاهرين يحملون اللافتات ويهجم بعضهم على القاعة الكبيرة ويحاصر عدداً من المسئولين فيها.
    وكان ذلك بحضور البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية الذي غضب وغادر المقر البابوي ذاهباً إلى دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون للاعتكاف ـ لاحظ تكرار ظاهرة الاعتكاف للبابا ـ ومثلت هذه الأحداث بداية لزيادة حدة الموقف وتفجره، حيث حاولت مجموعة من الشباب الخروج من الكنيسة، وقاموا بقذف الشرطة بالحجارة فأصابوا 55 من الجنود بينهم 5 من الضباط. ولم يكن أمام الشرطة سوى القبض على 34 من المتظاهرين.
    وفى ظل هذه التوترات تغير مطلب تسليم السيدة وفاء إلى أسرتها إلى مطلب تسليمها إلى الكنيسة.
    وجاء ذلك على لسان الأنبا باخوميوس أولاً، ثم استشرى وصار في ساحة الكاتدرائية بين المحتشدين المعتصمين مطلباً شعبيا. وقد بدا أن هذا الحشد هو أداة الضغط على السلطات المعنية للرضوخ لمطلب تسليم السيدة وفاء إلى الكنيسة. وكان أن صدر القرار السياسي بتسليم السيدة وفاء للكنيسة، والذي أعلنه الأنبا يؤانس على جمهور المعتصمين بمقر الكاتدرائية، وطلب منهم إنهاء الاعتصام.
    بعد أن ُسلمت السيدة إلى الكنيسة، تم إيداعها بيتاً للمكرسات في أرض النعام بعين شمس، وهناك أحاط بها عدد من الراهبات، كما وفد عليها عدد من المطارنة منهم الأنبا باخوميوس، والأنبا موسى أسقف الشباب، والأنبا أرميا سكرتير البابا، والأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس.
    وبعد أسبوع من تسليمها إلى الكنيسة ذهبت إلى مقر النيابة العامة بعين شمس، وبصحبتها المطارنة الأربعة وعدد من محامي الإدارة الكنسية، وقد تضمنت أقوالها أنها عدلت عن رغبتها في الدخول إلى الإسلام وأنها ستظل مسيحية، وهو ما أكده البيان الذي أصدره النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد في 16دسيمبر 2004.


    المطلب الثاني: إدارة الأزمة وأطرافها


    أوضحت الاحتجاجات المتتالية التي قام بها بعض المسيحيون في اللحظات التي شهدت بعض المشكلات بين مسيحيين ومسلمين، أو بين جهة مسيحية وبين السلطات المعنية، أن هناك طرفين أساسيين كان لهما الدور الرئيس في إشعال هذه الأحداث وفى تهدئتها أيضا وهما:
    الكنيسة الأرثوذكسية، والدولة متمثلة أساسا في أجهزتها الأمنية.
    وهو مشهد غاب عنه السياسيون المعنيون بمثل هذه القضايا، سواء أعضاء الحزب الوطني أو الرموز السياسية، وغاب أيضا المثقفون المسيحيون تقريبا من الساحة الوطنية والحزبية، وهم غير مؤثرين في حقيقة الأمر على عموم جمهور المسحيين، والذي أعطى للكنيسة الحق في التعبير عن همومه وإدارة شئونه المختلفة.
    في الوقت نفسه الذي تبدو فيه الكنيسة وقد شمل دورها الجوانب الروحية، وجوانب سياسية وإعلامية وثقافية، يفترض أن تقوم بها مؤسسات الدولة المختلفة دون تفرقة بين مسلمين أو مسيحيين.
    وفيما يلي بعض التوضيح:

    1 ـ الكنيسة المسيحية والتفاعلات الداخلية

    نلاحظ بداية أن الكنيسة الأرثوذكسية، والتي تحرص في كل خطبها ومخاطبتها أن تطلق على نفسها الكنيسة القبطية ـ ولا يخفى على كل دارس حقيقة ودلالة هذا المفهوم ـ، فقد تباينت ردود الفعل وأثيرت عدة تساؤلات حول حقيقية دور الكنيسة، وما إذا كانت تمثل قيادة روحية أم قيادة سياسية، وما هي طبيعة علاقة الكنيسة بالدولة، وحدود التزاماتها بالقانون والنظام العام.
    ولم تكن هذه الأسئلة وغيرها من فراغ، ولكنها استندت إلى العديد من الوقائع، التي كانت تحركت فيها الكنيسة كلاعب سياسي وليس روحياً.
    وقد ظهر جلياً في واقعة السيدة وفاء قسطنطين أن الكنيسة الأرثوذكسية، في مصر باتت تمارس دورا أكبر من مجرد الدور الديني، المتمثل في رعاية شئون المسيحيين روحيا، لتصل إلى لعب دور سياسي واضح، حيث اعتادت على مستوى الخطاب المعلن استخدام عبارة شعب الكنيسة، مما أعطي انطباعا لدى قطاعات من المواطنين المصريين بأن هناك شعباً آخر إلى جانب الشعب المصري، وأن هناك سلطة تتحدث باسمه في مواجهة السلطات المصرية المعنية، أو هي صاحبة القناة الوحيدة بين المسيحيين ككل وبين الدولة المصرية بكل مؤسساتها وقوانينها، وهو ما ينطوي ـ من الناحية النظرية على الأقل ـ على علاقة ندية لا علاقة سلطات قانونية حاكمة بمواطنين.
    وكلا المعنيين لا يستقيمان مع أسس الوحدة الوطنية والقواعد الدستورية والقانونية المعمول بها والتي لا تفرق بين مواطن وآخر على أساس ديني،وأيضا لا يستقيمان مع مقولات الحفاظ على هذا الوطن من تدخلات الخارج.
    ومن اللافت للانتباه أن اعتكاف البابا شنودة الثالث مثل وسيلة هامة للاحتجاج منذ توليه البابوية منذ ما يزيد عن ربع قرن، حيث قام بخمسة اعتكافات لأحداث وظروف مختلفة:
    فالاعتكاف الأول كان في أبريل عام 1980 احتجاجاً على المضايقات التي اعتقد أن الجماعات الإسلامية ترتكبها في حق شباب وفتيات المسيحيين بجامعة أسيوط واستمر لمدة ثلاثة أسابيع متتالية، وامتنع فيها عن صلاة العيد، وبعدها استجاب وزير الداخلية - آنذاك- لمطالبه واعتقل العديد من أفراد الجماعات الإسلامية بجامعة أسيوط.
    أما الاعتكاف الثاني في 13 أغسطس عام 1981 عقب أحداث الزاوية الحمراء والتي أعقبها إصدار الرئيس السادات قراراً بتشكيل لجنة بابوية لإدارة شئون الكنيسة.
    ونتج الاعتكاف الثالث عن أحداث الكشح في ديسمبر عام 1999.
    بينما كان الاعتكاف الرابع في يونيو عام 2001 عقب الأزمة التي أثارتها صحيفة النبأ، ولم ينته الاعتكاف سوى بمصادرة العدد ووقف إصدار الصحيفة ومحاكمة رئيس مجلس إدارتها.
    أما الاعتكاف الخامس وهو الأخير بدير الأنبا بيشوى بوادي النطرون فجاء إثر اندلاع أزمة السيدة وفاء قسطنطين على النحو المشار إليه.
    والملاحظ أن من بين خمسة اعتكافات احتجاجية قام بها البابا على مدار 25 عاما، هناك ثلاثة في أقل من أربعة أعوام، وهو مؤشر خطير يدل من جهة على تصاعد حالة الاحتقان الداخلي بين المسيحيين والمسلمين، كما يدل من جهة أخرى على فعالية سلاح الاعتكاف في مواجهة السلطات المعنية، التي بدت حريصة على سرعة إنهاء الاعتكاف، ولو أدى ذلك إلى التغاضي عن بعض الاعتبارات القانونية.
    وفى هذا السياق يعتقد المفكر المسيحي جمال أسعد عبد الملاك أنه يجب ألا تواجه حالات تغيير الملة بمثل هذه الممارسات التي تأخذ شكل التظاهر والاعتصام، وأنه يجب أن نفصل بين إشهار الإسلام، وبين التعبير عن هذا الإشهار سياسياً، فالإسلام لا يُكره أحداً على اعتناقه لأنه لا إكراه في الدين. ويرى انه يجب عدم التعبير عن الغضب جماعيا أيا كان الحدث، لأن هذا يكرس علاقة الكنيسة بالسياسة ويقحم الكنيسة في أمور ليست من تبعاتها، لأن مكان التجمهر والتظاهر هو البرلمان أو مجلس الشورى، وليس دور العبادة.
    ولذا فقد ظهر اعتقاد بأن الطريقة التي أثارت وأدارت بها الكنيسة هذا الموضوع قد كسبت بالفعل استعادة السيدة وفاء وسيطرتها المادية عليها، وبالتالي كسبت ما تشيعه عن هيمنتها على جماهير المسيحيين.
    وقد تكرر هذا الوضع في مواقع عدة، فقد نجحت سياسة فرض الأمر الواقع حين أخذ أحد الأديرة في البحر الأحمر في 2003 أراضى الدولة القريبة منه دون سند من حق قانوني،
    والأراضي هنا هي المال العام للمواطنين المصريين مسلمين ومسيحيين معا، وقد عجزت الأجهزة المعنية عن استرداد هذه الأراضي، وغاب عن ذلك حكمة احترام القانون، التي بدونها لن تحفظ حقوق الأقلية في مصر أو أي مجتمع آخر.
    والحقيقة أن ضغوط الكنيسة كانت ستظل مشروعة، في حال مورست في إطار القواعد القانونية، ولم يصاحبها هذا الكم من الإشاعات المغرضة والتعبئة الطائفية، التي قد تساعد على تحقيق مكاسب وقتية، ولكنها تظهر الكنيسة كمؤسسة شديدة لا تتقبل فكرة الإصلاح الداخلي، خاصة وأن قضية السيدة وفاء قسطنطين على الفرض بصحة أحداثها قد عكست أزمة حقيقية في علاقتها بالكنيسة قبل الحديث عن إشهارها لإسلامها.
    ومع الوضع في الاعتبار الحساسية التي يمكن أن تثيرها قضية تغيير زوجة رجل دين لدينها، إلا أن التحدي الحقيقي أمام الكنيسة كان في قدرتها على التحكم في عملية الشحن الطائفي، بل ومنعه أصلا، لاسيما وأن هناك عشرات المشكلات التي يعانى منها عموم المسيحيين، ولم تجد من يسارع بحلها أو حشد الشباب الغاضب من أجلها.

    2ـ التفاعلات الخارجية
    تختلف التقديرات بالنسبة لعدد المسيحيين المهاجرين، حيث يتراوح عددهم بين 600 ألف و2 مليون في بعض المصادر الكنسية. ولعل إشكالية عدد المسيحيين المهاجرين تتشابه مع إشكالية تعداد المسيحيين في الداخل، فبينما تقول المصادر الكنسية إن نسبتهم حوالي 15% من تعداد السكان، تقول مصادر الحكومة المصرية إن نسبتهم لا تتعدى 10%، وإن هذه النسبة تشمل المسيحيين الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت وغيرهم من الطوائف المسيحية، وإن نسبة الأرثوذكس في حدود 5.7 % ، مع الأخذ في الاعتبار أن شكاوى الاضطهاد تأتى دائماً من جانب الأرثوذكس ولا تأتى من غيرهم من المسيحيين من الطوائف الأخرى. وكل ذلك طبقاً للإحصائيات التي يقوم بها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري كل عشر سنوات.
    وقد نشأت في السنوات الأخيرة تجمعات مسيحية أصولية مصرية متعددة في الغرب تتحدث عما تصفه بـ آلام أقباط مصر وتزعم التفرقة ضدهم. وتمتلك في معظمها أموالا طائلة تمكنها من إطلاق محطات فضائية ذات سمات تبشيرية، وشبكات إلكترونية تتضمن كتابات وآراء شديدة التعصب والعداء للإسلام والمسلمين ليس في مصر وحسب وإنما فى المجتمعات المسلمة ككل، وبصورة تضعها في حالة أقرب للجماعات العنصرية المتطرفة الموجودة في الولايات المتحدة وأوروبا، والتي تعتبر خارجة على التوافق الاجتماعي والسياسي العام فى بلدانها، بل وتُحارب من القوى الأساسية يسارا أو يمينا داخل هذه المجتمعات.
    والمثير للمفارقة أن هذه التجمعات المسيحية المتطرفة، وبالرغم من ادعاءاتها الليبرالية على بعض ما تروجه من مزاعم، لم تستطع أن تخفى جوهر توجهاتها العنصرية أو تغطى على حجم المعلومات المختلقة عن حوادث لم تحدث إطلاقا، بالإضافة إلى العدوانية الشديدة التي تحملها كتاباتهم تجاه الإسلام والمسلمين. وتعتبر كتابات ناشطي مسيحيو المهجر أن مسلمي مصر هم أحفاد العرب غزاة مصر وأنهم الأقباط هم العنصر المصري النقي، كما أنهم يتنكرون للحقائق التاريخية المعروفة عن ظهر قلب ولدور الكنيسة المصرية في فتح باب الدخول لعمرو بن العاص لمصر والصداقة التي جمعت بينه وبين البابا بنيامين بابا الأقباط المصريين آنذاك.
    وتسعى هذه الجماعات للتأثير على السياسة الخارجية المصرية بطريقة غير مباشرة من خلال الضغوط التي يمارسونها على صانعي القرار في الدول الغربية، والذين يمارسون بدورهم ضغوطًا على السلطات المصرية عبر التركيز على عدد من القضايا الرئيسة، كقضية الخط الهمايوني الذي كان ينظم بناء الكنائس في مصر، في الوقت الذي لم يكن هناك وجود لهذا الخط سواء على المستوى القانوني أو العملي، وقضية التمثيل السياسي للمسيحيين داخل المؤسسات التشريعية، والتمثيل الوزاري؛ وقضية الأوقاف المسيحية ، وأخيرا ما يعتبرونه قضية التجاهل التعليمي والإعلامي للمسيحيين.
    وفيما يلي توضيح لطبيعة الوجود المسيحي الأرثوذكسي فى الخارج، والعمل الذي يقوم به بعض ناشطي مسيحيو المهجر:

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    الفئة الأولى: كنائس المهجر.

    فقد تأسست أول في الولايات المتحدة في جيرسي سيتي عام 1964، وفي عام 1968 سجلت ثاني كنيسة للمهاجرين في نيويورك، وتبعتها كنيسة في المدينة نفسها عام 1970.
    وبعد أن تولى الأنبا شنودة كرسي البابوية توالت الكنائس في جميع بلاد المهجر حيث بلغت 46 كنيسة فى أمريكا، و38 فى أوروبا، و15 في كندا، و23 في أستراليا وغيرها من البلدان.
    ويقول الأنبا شنودة لنا كنائس في أبو ظبي، ودبي، والبحرين، ومسقط، وبغداد، والأردن، والكويت، ولبنان، والقدس، وليبيا، والسودان.
    ويضيف قائلاً ولاهتمامي بشئون المهجر أنشأت مكتباً في المقر البابوي بالقاهرة لشئون المهجر يتلقى أخبار كنائس المهجر والرسائل والفاكسات، ويعد ملفاً لكل كنيسة ولكل موضوع.. نحن لا نعمل لليوم ولكن نعمل للمستقبل، ونرى أن تمتد الرعاية لكل (قبطي) فى الخارج مهما يكن في أماكن بعيدة.
    ويقول في حديث آخر عندما سئل عن الأسباب التي أدت إلى تمدد الكنيسة خارج الحدود؛ فأجاب مباشرة، ربطهم انتمائيا بالكنيسة.


    الفئة الثانية: المسيحيون خارج الكنيسة.

    عند استقراء حالة (الأقباط) المهاجرين يلاحظ عدم وضوح الخريطة المعلوماتية (للأقباط) في كل دولة ومجتمع غربي على حدة من زاوية أعدادهم الحقيقية، وهياكلهم العمرية وأجيالهم وسنوات الهجرة، وتخصصاتهم، هذا بالإضافة إلى عدم وضوح الخريطة السياسية لهم من حيث عدد المنخرطين في الحياة السياسية، ومدى مشاركتهم في الانتخابات العامة وغيرها، وكم عدد الناشطين فى المنظمات المسيحية (القبطية) التي تتخذ مواقف سياسية مناهضة أو مؤيدة أو متفهمة لسياسات ومواقف الدولة المصرية، أو تمارس أدواراً معينة سواء تجاه الكنيسة معها أو ضدها؛ وخاصة أن الكتلة الكبرى هي للمسيحيين الأرثوذكس في المهجر.
    بعبارة أخرى أن الغموض الذي يحيط بكل هذه الأبعاد المختلفة ناتج أساسا عن غياب بنية معلوماتية دقيقة عن هذه الفئة.
    وتتعدد المنظمات المسيحية (القبطية) في المهجر ومنها الهيئة (القبطية) والتي تعد من أنشط المنظمات (القبطية) المعارضة وأقواها في المهجر حيث تأسست في جيرسي سيتي بالولايات المتحدة عام 1974، ومن أهدافها نشر الثقافة (القبطية) على الصعيد العالمي، وتأسيس معهد للدراسات (القبطية).
    إي وربي ..تأسيس معهداً للدراسات القبطية وليس للدراسات المسيحية . انتبهوا..يا أولي الألباب..
    كما تقوم الهيئة بإصدار نشرات صحفية في المناسبات المختلفة وإرسالها إلى قادة دول العالم، وفى الوقت نفسه تعمل على نشر الإعلانات في الصحف الأمريكية الكبرى لتوضيح وشرح ما تسميه قضية الشعب القبطي في مصر.
    وهناك أيضا المنظمة الكندية المصرية لحقوق الإنسان التي تأسست في أول يناير 1995، بهدف الدفاع عن حقوق الإنسان الفرد، وحقوق الأقليات، وتعتمد هذه المنظمة على الأسلوب غير المباشر فى التعامل مع قضية (الأقباط) من منطلق حقوق الإنسان، وذلك بعكس الهيئة (القبطية) التي تتبنى قضية (الأقباط) بصورة مباشرة وتصادمية، وعلى أساس ديني وبيانات مبالغ فيها أحيانا أو مختلقة أحيانا أخرى.


    وتتعدد جماعات الضغط التي تتعامل مع الشئون المسيحية، ومن أهمها:

    أـ التحالف المسيحي:

    وهو منظمة أمريكية تضم 60 جماعة دينية معظمها من الأحزاب اليهودية الأمريكية، ويضم فى عضويته اتجاهات اليمين المسيحي، ومن أبرز أعضاء هذا التحالف فرانك وولف صاحب مشروع أول قانون لمناهضة اضطهاد الأديان وهو بروتستانتي متشدد.
    وقد أصدر هذا التحالف تقريراً جاء فيه إن الحكومة المصرية تساعد وتساهم في بناء المساجد التي وصل عددها إلى 700 ألف مسجد؛ بينما تضع العقبات أمام بناء الكنائس، كما تقوم الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تناضل ضد الحكومة بأعمال عنف ضد المسيحيين؛ والكنيسة القبطية تجد نفسها في وضع معاناة وهجمات من جانب المسلمين، وتتعرض السيدات المسيحيات للإجبار على الزواج من مسلمين.
    وتمثل هذه الفقرة مجرد نموذج من التقارير التي تصدرها هذه المنظمة التي تمتلئ بالمغالطات والأكاذيب الفجة.


    ¬¬¬¬¬ب ـ رابطة مناهضي التمييز:

    وتتحالف مع الاتحاد (القبطي) وتدعمه معنوياً ومادياً، ولها اتصالات كبيرة مع الكونجرس الأمريكي، ونجحت هذه الرابطة في تنظيم اجتماع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو وأعضاء الاتحاد (القبطي)، واستخدم نتنياهو هذه المسألة أيضاً في محادثاته مع المسئولين الأمريكيين عندما ادعى إن معاملة العرب فى إسرائيل أفضل من معاملة (الأقباط) في مصر.

    ج - لجنة مسيحيي الشرق الأوسط:

    وهو تحالف يضم بالإضافة إلى مسيحيي (أقباط) مصر موارنة لبنان، ومسيحيي شمال العراق، وجنوب السودان.
    ومن أهدافها المعلنة ما تراه التصدي للسيطرة العربية والإسلامية على الشرق الأوسط، وفى أحد بياناتها جاء إن إيجاد دولة إسرائيل يُعد تطوراً إيجابياً عظيماً في أعين غير العرب، فالمسيحيون في الشرق الأوسط يدركون أن إعادة ولادة إسرائيل وتجميع الشعب اليهودي في أرضهم التاريخية بمثابة بشرى لتحريرهم في المستقبل.
    وهناك منظمات أخرى لا تقل عداء للإسلام والمسلمين وتعلن الكثير من الادعاءات والمزاعم الصارخة بشأن حالة المسيحيين (الأقباط) في مصر:
    مثل منظمة مجلس أبحاث العائلة، ومنظمة تقوية أمريكا، ومعهد الدراسات المسيحية، ومنظمة التضامن المسيحي الدولية، والرابطة الدولية لليهود والمسيحيين فى شيكاغو، ومنظمة الدفاع عن حقوق المسيحيين ضد الأسلمة.
    وعن أزمة السيدة وفاء قسطنطين، فقد حفلت مواقع مسيحيو المهجر على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت بالعديد من الكتابات لأفراد عكفوا على استغلال الوضع الراهن أسوأ استغلال، حيث طرحت هذه المواقع أفكارا وتحليلات كان هدفها النيل من الأمن القومي لمصر.
    فلم تعد القضية بالنسبة لهم مجرد خلاف أو مشكلة يمكن حلها وفقا للقوانين المعمول بها أو بأي طريقة ودية، بل أصبح الموضوع يأخذ بعداً سياسياً أكبر بكثير من مجرد إسلام مسيحية أو تنصير مسلمة، وليصل إلى حالة شديدة العداء والكراهية لأغلبية المصريين لكونهم مسلمين.
    ولعل موقع الهيئة القبطية الأمريكية www.**********/arabic/index.asp خير دليل
    على التعدي الصارخ ضد أبناء الوطن الواحد.
    ومن بين ادعاءات الموقع وقصصه المختلقة أن هناك مخططات للمسلمين المصريين لخطف الفتيات القبطيات وإجبارهن على الإسلام، فيقول هناك مخطط يقوم به بعض المسلمين لجذب فتيات قبطيات لاعتناق الديانة الإسلامية في ظل عدم مبالاة من الحكومة.
    ويطالب موقع المنظمة القبطية الأمريكية التي يتزعمها ما يكل منير، بضرورة قطع المعونة الأمريكية عن مصر، تحت عنوان معونات أمريكية لشعب لا يستحقها، جاء فيه أن مليارين من الدولارات تخرج من جيوب المسيحيين في أمريكا كل عام لتطعم أفواه المسلمين الجائعة فى مصر، وحين يشبعون لا يجدون ما يحَلّون به أسنانهم إلا دماء المسيحيين.. يجب أن نخرج مطالبين الإدارة الأمريكية بوقف كل معونة اقتصادية وغير اقتصادية لمصر، إلى أن تتعهد الحكومة المصرية برفع الغبن عن الأقباط.
    وكانت قيادات مسيحية في المهجر قد دعت إلى منح الأقباط حكما ذاتيا، في محاولة تعد الأولى من نوعها لإضفاء طابع سياسي على مطالب الأقباط المسيحيين فى مصر. حيث ذكرت الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية في بيان لها إنها بلورت إستراتيجية جديدة، تهدف إلى المطالبة بحكم ذاتي للأقباط ودعت كافة الأقباط إلى دعمها. وجاء في البيان الذي وقعه رئيسها المحامي موريس صادق أن خطة الحكم الذاتي التي تقترحها الجمعية تحتاج لمدة أربع سنوات قبل إقرارها، يتم فيها منح حريات التجمع والنشر، وتدعو إلى إشراف دولي على الحكم الذاتي من قبل حلف الناتو. أما أكثر ما كتب عن الأزمة فجاجة وبعدا عن أي حقيقة فكان الادعاء بأن المسيحيين في مصر يتعرضون للإبادة وتستباح حرماتهم لمجرد أن دينهم غير الإسلام.
    أما موقف الكنيسة المصرية فقد جاء في مجمله رافضا لهذه التوجهات العدائية لمصر بمواطنيها المسلمين والمسيحيين معا، حيث أعلن البابا شنودة الثالث رفضه لكل ما يثيره أقباط المهجر من أقاويل عن اضطهاد الأقباط في مصر قائلا تتردد فى الخارج شائعات حول اضطهاد الأقباط في مصر، وهذه أقوال غير مقبولة، وخيالية، ومبالغ فيها.. وهل يصدق أحد ما يقال من أن الأقباط يتعرضون للقتل في الشارع ؟، فكيف أعيش؟، فأنا أتحرك ويتحرك أيضا ملايين الأقباط في كل المحافظات والمدن والمراكز والقرى؟، إن هناك أصابع خفية تسعى إلى إيجاد تفرقة بين أبناء الوطن الواحد وتحاول أن تشكك في ولاء وانتماء الأقباط.
    ومع ذلك ظل هناك انطباع لدى بعض المراقبين المصريين أن تيارا داخل الكنيسة يدعم فى السر بعض منظمات أقباط المهجر، وأنه يقوم بإعطاء معلومات مبالغ فيها عن بعض مشكلات يكون فيها طرف مسيحي، كما نقل لهم وجهة نظر الكنيسة تجاه قضية السيدة وفاء قسطنطين، وأن هذه الجمعيات قد بالغت في تلك المعلومات وأضافت من عندها هذا الكم من المعلومات المختلقة والمثيرة، في الوقت نفسه الذي حافظت فيه الكنيسة في العلن على موقفها الرافض لتصريحات ناشطي أقباط المهجر حتى لو كان بعض قياداتها قد دعمهم في السر.
    وإليكم الرسالة الوثيقة بخط البابا شنودة لتهدئة مسيحيو المهجر.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    دور الدولة بين التراجع السياسي والتصاعد الأمني

    ثمة اتفاق على أن حق الاعتقاد وحرية الاختيار مكفول للجميع، وهو ما تنص عليه المادة 46 من الدستور المصري التي تقول" تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية".
    وفى أحكام محكمة النقض ما يؤكد على هذا الحق، فوفقا لها أن للشخص أن يغير دينه أو مذهبه أو طائفته وهو في هذا مطلق الإرادة تحقيقاً لمبدأ حرية العقيدة طالما قد توافرت له أهلية الأداء.
    أما الإجراء الذي تتبعه الحكومة المصرية ويشترطه الأزهر لإشهار الإسلام فهو تمكين بعض رجال الدين المسيحي من نصح من يرغب في الإسلام أو وعظه لعله يعود إلى سابق عهده ويبقى على مسيحيته، وفى هذا يقول د. محمد سليم العوا إن مصدر هذا الإجراء العرف المصري وجاء تأكيداً لروابط الإخوة الوطنية، حيث لا يوجد إجراء يتيح أو يبيح تسليم شخص أعلن إسلامه إلى أهل دينه السابق.
    وماذا عن من يريد تبديل دينه من الإسلام إلى المسيحية أو البهائية؟..

    وخلال تطورات الأزمة لفت الانتباه ما يلي:

    * أنه خلال الأزمة لم يكن هناك طرف ثالث خارج الكنيسة الأرثوذوكسية والأجهزة الأمنية، ولم يسمع صوت لأي مؤسسة أخرى في المجتمع لا الأزهر ولا الأحزاب السياسية المختلفة، ولا منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان التي آثرت الصمت.
    وهو ما أوضح حالة فراغ سياسي كبير، يتحتم التفكير في سبل معالجته بكل حكمة، كما أوضح أن منظمات حقوق الإنسان مغلوبة على أمرها في معالجة قضايا من نوع إسلام سيدة مسيحية.

    * قيام بعض المثقفين بطرح بعض الاقتراحات الإجرائية لمعالجة ما عُرف بالمشكلات الطائفية، كالمطالبة بتشكيل لجنة للحكماء يُمثل فيها طرفا الأمة المسلمون والمسيحيون، على أن تتولى معالجة المشكلات العارضة التي تنشأ بين الحين والآخر، وتضم أساسا مثقفين وسياسيين بعيدا عن تدخلات أجهزة الأمن، وهو اقتراح عارضه كثيرون آخرون باعتبار أن الأمر أكبر من أن تتصدى له لجنة أهلية، فضلاً عن أنه يوجد في مصر مجلس قومي لحقوق الإنسان يضم نخبة من أهل الخبرة والثقة، وبه شعبة مختصة بالحقوق المدنية تستطيع أن تنهض بما يراد للجنة المقترحة أن تقوم به، خاصة وأن المشكلة في بعض جوانبها ليست مجرد تقدير الحقوق وإنما تكمن في قوة مؤسسة الدولة ومدى هيبتها، وفى استعداد الأطراف المختلفة لاحترام النظام العام والانصياع للقانون، كما أنها تكمن في غيبة المشروع السياسي الذي يستنهض همم الجميع لكي يوظفها لصالح النهضة والتقدم المشترك.
    وقد تباينت التقييمات بشأن الدور الذي قامت به الأجهزة الأمنية المعنية في قضية السيدة وفاء. والراجح أنها لم تخطئ في معالجتها لهذه القضية، نظرا لالتزامها بالقواعد الإدارية المعمول بها، والتي رفض الطرف الآخر الالتزام بها كما سبق بيانه. وهو الأمر الذي نتج عن التمسك بالمرجعيات الدينية وليس المرجعية الوطنية والقانونية.
    وقد قامت مجموعة من المثقفين المصريين ـ ومنهم أساتذة جامعات ورجال قانون وصحفيون بانتقاد الطريقة التي عولجت بها هذه القضية، وجاء في بيان لهم بتاريخ 14/12/2004 تحت عنوان " بيان حول الأزمة القبطية الأخيرة " انتقادهم لما أسموه انسحاب الدولة المصرية ومؤسساتها من تحمل مسئولياتها القانونية والدستورية أمام مواطنيها، وأشاروا إلى أن خضوع الدولة وأجهزتها للابتزاز تحت ضغط المظاهرات المتطرفة يشكل سابقة خطيرة، وتعطى إشارات سيئة إلى الأطراف الدينية الأخرى بأن المطالب تنتزع بالضغط والابتزاز وليس وفق القانون.

    وانتقد البيان أيضا صمت المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان داخل مصر وخارجها، وطالبوا بضرورة تحقيق مبدأ الشفافية وذلك بتقديم المعلومات الصحيحة إلى أجهزة الإعلام تجنباً لتغذية الشائعات وإشعال الفتنة.
    وقد أشارت بعض التحليلات إلى أنه لا توجد مشكلة طائفية بالمعنى العلمي الدقيق للتعبير، وأن أزمة السيدة وفاء قسطنطين لها بعدان، أحدهما سياسي ناجم عن غياب الديمقراطية، والآخر اجتماعي ناجم عن غياب تكافؤ الفرص واختلال التوازن بين الطبقات، وأن التطرف الذي يقوم به بعض المسلمين المتعصبين وبعض المسيحيين المتعصبين هو عرض ظاهر يتخفى وراء الطائفية لمرض كامن في جوهره سياسي واجتماعي.

    وهناك من يرى أن مسئولية هذه الأزمة مزدوجة، وتتحملها الكنيسة والسلطات المعنية معا، وهى أمر له بعده التراكمي، حيث إن قطاعات كبيرة ومنذ أحداث الكشح تشعر بوجود عجز عند تطبيق القانون، في الوقت الذي تبدو فيه ـ من وجهة نظرهم ـ قدرات الكنيسة أحيانا أكبر من القانون نفسه.

    وفى أحد تفسيرات ما جرى في الكشح 1999 التي راح ضحيته 21 مواطنا غالبيتهم من المسيحيين، أن المسلمين كانوا يرون تحيزا غير مبرر من قبل السلطات المعنية لأي طرف مسيحي باعتباره طرفا مسنودا، حتى ولو كانت مشكلة عادية ويعود الحق فيها إلى الطرف المسلم. وهو شعور لا يبدده إلا المساواة الكاملة أمام القانون، وعدم تدخل المؤسسات الدينية فى النزاعات العادية بين الأفراد.
    وقد ظهر من بعض التعليقات أن هناك شعورا لدى قطاعات من المسلمين رأت أن الدولة قد تخلت عن سيدة أسلمت بمحض إرادتها، وقبل أن تعلن عن رغبتها في إشهار إسلامها بعامين حسب روايتها هي، وأن المطلوب هو تقديم الحماية لها وليس تقديمها إلى الكنيسة.

    وبصفة عامة فقد ظهر قاسم مشترك في التقييمات التي تناولت الموضوع تمثل في ترجيح ضعف دور السلطات المعنية السياسية والأمنية، وأن هذا الضعف بات يسمح بتجاوز المؤسسات الدينية لأدوارها الدينية إلى أدوار سياسية لا تتناسب مع مكانتها الأصلية.
    كما طرحت دعوات إلى إحداث إصلاح حقيقي في أداء الكنيسة وفصل الأكليروس عن الشأن المدني العام.
    إن الأصل في الدولة وأجهزة أمنها أنها منوطة بأمن المواطنين وسلامتهم أيا كان دينهم، خاصة وأن الدستور قد كفل في مادته رقم 63 حق الشكوى للمواطنين كافة. ويقع على جهاز أمن الدولة أمر التحري عن صحة إعلان الراغبين في الانتماء إلى الإسلام من غير المسلمين أو عدم صحته.
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    قوى الرفض الإسلامية


    تتكلم وسائل الإعلام أحيانا عن قوى الرفض الإسلامية والتي غالباً ما يتم وصفهم بالمتطرفين كما لو كانوا قد نزلوا من المريخ، كما أنهم بلا جذور أو فروع في المجتمع المصري ، كما لو أنهم غرباء وفدوا إلى أرضنا بمحض الصدفة السيئة، إن ما ارتكبه وما يرتكبه هؤلاء من عنف ربما هو المسئول عن محاولة وسائل الإعلام تبرئة المجتمع المصري منهم، ولكن الخطورة في هذه النظرة للتطرف والمتطرفين هي أنها تخلي نصيبنا كشعب وكمجتمع وكنظام من المسئولية بل إنها تنطوي على تسويف وطمس بليد لجذور الظاهرة .

    إن هؤلاء المتطرفين ينحدرون من أهم شريحة في الطبقات الوسطى والتي كانت وستظل أهم مصدر للحيوية السياسية والاجتماعية في مصر، إنها الشريحة التي أفرزت معظم زعمائنا الوطنين خلال هذا القرن ابتداءً من سعد زغلول إلى النحاس وانتهاء بحسني مبارك .

    وبالنظر إلى قائمة المتهمين في قضية الفنية العسكرية ـ كمثال ـ نجد أن معظم المتهمين من طلاب وخريجي كليات الطب والهندسة والزراعة والفنية العسكرية نفسها، وكان بينهم ضابطان برتبة عقيد وكان إباؤهم من موظفي الدولة ومن صغار ومتوسطي الملاك في الريف والمدن .
    نفس الشيء تكشف عنه النظرة المتفحصة للمتهمين في القضايا الأخرى كقضية (ثورة مصر) والتي تزعمها نجل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكل المشتركين من خيرة شباب الوطن ونفس الشيء مع كل القضايا الأخرى.
    خلاصة القول هو أن المتطرفين ليسوا من أطراف المجتمع ولكن من قلبه وصلبه ، ويمكن أن يكون من بينهم أخ لي أو لك أو قريب لي أو لك، ولنسأل أنفسنا من منا ليس له قريب أو صديق في الجماعات الدينية ؟ من منا ليس له قريبة من اللائي أخذن بالحجاب أو الزي الإسلامي في السنوات العشرين الأخيرة؟!!.

    والسؤال الآن.. لماذا ينخرط شباب من صلب المجتمع ومن أحسن عناصره المتفوقة دراسيا ومن أكثر طبقاته حيوية ونشاطا لماذا ينخرط مثل هذا الشباب إلى جماعات دينية متطرفة تلجأ إلى العنف والإرهاب؟.
    والإجابة على السؤال طويلة، ولكن يكفي أن نقول أنهم يحسون بمفارقات مذهلة بين قدراتهم الذاتية وإنجازاتهم التعليمية والمهنية من جانب وبين نصيبهم الحقيقي من الثروة والسلطة في مجتمعهم من جانب ، لأنهم يشعرون أنهم قد فعلوا كل ما طلبه منهم المجتمع من حيث التفوق والتحصيل ومع ذلك فإنهم هامشيون لا حول لهم ولا قوة، إن معظمهم لا يستطيع أن يلبي مطالبه الأساسية المشروعة مثل السكن والزواج بل إن أبواب العمل معظمها موصدة في وجهه، إن معظمهم يشعر أن كل ما حوله يتغير وبلا سبب مفهوم وأنه عاجز عن السيطرة أو حتى المشاركة في إحداث أو منع هذا التغيير.

    إن الجيل الذي اكتسب وعيه في السبعينيات قد شهد اسم بلده يتغير وكذلك علمها ونشيدها الوطني، ورأى فلسفتها الاقتصادية والاجتماعية تتغير وكذلك تحالفاتها الإقليمية والدولية كلها تتغير، وقيل له أن ما سبق كان (طالحا) وأن ما لحق كان (صالحا)، وبصرف النظر عن الصحة والخطأ وراء هذا التغيير في كل شيء فالمهم أنه كان من حيث الكم والكيف هائلا يصعب جدا استيعابه في فترة زمنية قصيرة، وفضلا عن ذلك فإنها ـ أي المتغيرات ـ قد تركت إيحاء قوي لدى الشباب بالشك في كل شيء، فمن يدريه أنهم لن يأتوه غدا ويقولون له أن ما تتمسك به اليوم زائف بدوره، وأنك مطالب بأن تؤمن بأن اسما جديدا وعلما جديدا ونشيدا جديدا وفلسفة جديدة وتحالفات جديدة هم الأصلح لوطنك، من يصدق (من يكذب).

    لقد أصبح الشباب أكثر ذكاء ووعيا وحساسية إنهم لا يصدقون أحدا، إنهم يقولون أن رئيس الدولة يقول لنا كلاما ثم نفاجأ بعد ذلك بتصرفاته مخالفة تماما لما يقول وإن كان نداءه دائما هو يجب مصارحة الشعب ، أصبحوا يشكون في كل شيء متغير وأصبح الثابت الوحيد في حياة بعضهم هو (وجه ربك ذو الجلال والإكرام) ودينه الحنيف وقرآنه المجيد وسنة نبيه الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم تلكم ثوابت لا تتغير.

    ويصبح في مفهوم الشباب أن الثابت أبقى من الزائف وتلك هي البداية الصحيحة لوضع اليد على تشخيص الظاهرة والإجابة عن السؤال المطروح ، إذ أن الشاب :

    1ـ يبدأ في أول الأمر نوعا من (الانعزال) عن تيار الحياة العام فينطوي على نفسه او على مجموعة صغيرة من الأصدقاء يصلون معا ويذاكرون معا ويتريضون معا ليصرفوا ويصونوا أنفسهم عن مفاسد المجتمع الذي يعيشون فيه ، ولو اقتصر الأمر على هذا لما كان فيه أي خطر فالفكر والحوار الفكري والعبادة والقدوة الصالحة خير ولكل شاب أن يختار لنفسه أصدقاءه وكتبه ويربط نفسه بالنماذج الطيبة ممن قدموا الخير للدين والدنيا .

    2ـ ولكن قد يقع الشاب هنا تحت تأثير نظرة لا ترى من حوله إلا الفساد وتكثر الحديث عن الفساد وتزيد من حجم الخطأ وتملأ نفس الشاب بالمرارة فيزداد الشاب عزلة عن تيار الحياة من حوله وينتقل تحت تأثير هذه النظرة إلى مرحلة جديدة يقول فيها صاحبه الذي تولى التأثير عليه إن علينا أن نتخذ من المجتمع موقفا يستهدف تغيير الواقع .

    3ـ هنا قد يصل الأمر بالشاب وزملائه إلى الانعزال التام ـ فكريا ـ عن تيار الحياة من حولهم ويكتموا ما في أنفسهم حتى عن آبائهم ويروا في هذا المجتمع جاهلية تحتاج إلى التغيير.

    4ـ ومع تراكم هذا الاتجاه في نفس الشاب وانعزاله واتخاذه موقف العداء من المجتمع تحدث تصورات يرى فيها البعض باسم الدين أنهم المنفذون لأوامر الله وأنهم هم الذين سيخلصون المجتمع من شروره.

    5ـ كما أن البعض يقدمون عصور الماضي للإسلام بصورة غير واقعية فقد كان في كل عصر من عصور الإسلام إيجابيات وسلبيات لكن الذين يتحدثون عن السلف الصالح وعصورهم يقدمون كل شيء في صورة مثالية وهذا يؤدي إلى أن تزداد الفجوة بين الشباب والواقع ..
    الماضي عنده بغير صورته المتناسبة والحاضر عنده بغير حجمه الطبيعي .. ومع تشويه الماضي بالتكبير والحاضر بالتصغير تضطرب مقاييس العمل وقد ينتهي الأمر إلى (معاداة الحاضر) وفرق كبير بين الإصلاح والتدمير، بين التطوير والهدم، بين النفس الطويل في العمل والاندفاع الانتحاري .

    6ـ ومن الممكن بعد ذلك أن يتدرج الأمر بعقل الشاب إلى أن الوصول إلى الحكم هو أسرع طريقة لكي يحقق الأفكار التي غرسوها في رأسه فيكون اتجاهه هو الاستيلاء على الحكم .

    7ـ عندما يصل الشاب بفكره إلى هذه النقطة يحدث الانقلاب الهائل داخليا من الانطواء إلى الانعزال إلى معاداة المجتمع ، عندئذ يصعب معه العلاج أيا ما كان هذا العلاج وإنما العلاج يبدأ منذ ظهور عرض الانطواء على الشاب ففي هذه المرحلة يمكن تدارك الأمر قبل الدخول في مرحلتي الانعزال والمعاداة .

    ويخطئ من يعتقد أن التطرف ظاهرة جديدة في مصر ويخطئ من يعتقد أن الإرهاب والاغتيال أسلوب مستحدث لتسوية الخلافات السياسية ، فحتى اللفظ الإنجليزي لكلمة اغتيال Assassination أصلها عربي ومصري بالذات وترجع في جذورها إلى أيام الحاكم بأمر الله حيث كان بعض المنشقين على الدولة يلجئون إلى اغتيال جنود الدولة وهم ملثمون ليلا وكانت الدولة بدورها تطلق عليهم اسم (الحشاشين) وهو المقابل لما نعنيه في يومنا هذا بالإرهابيين .

    وفي تاريخ مصر المعاصر، حدثت عدة اغتيالات سياسية ابتداء من بطرس غالي إلى أحمد ماهر إلى أحمد الخازندار إلى أمين عثمان إلى محمود فهمي النقراشي وانتهاءً بأنور السادات ورفعت المحجوب فضلا عن محاولات الاغتيالات الكثيرة والتي باءت بالفشل هذا عدا محاولات الاغتيالات المذهبية ، فالاغتيال إذن ليس جديدا وهو في أبسط تعريفاته الخروج عن القواعد والأطر الفكرية والدستورية والقانونية التي يرتضيها المجتمع والتي يسمح في ظلها بالخلاف والحوار، وقد حدث التطرف بهذا المعنى منذ صدور التاريخ العربي الإسلامي واستمر إلى يومنا هذا.

    ولكن حينما يتحول التطرف من فكر إلى عمل سياسي فإنه يصبح تحديدا لكل الأطر والقواعد التي يقوم عليها النظام الاجتماعي السياسي وكثيرا ما يأخذ شكل العنف والإرهاب وحتى هذا الشكل ليس جديدا تماما في مجتمعاتنا كما رأينا .

    ولكن المراقب المتفحص لتاريخنا القومي يلاحظ أن هناك فترات معينة زاد فيها التطرف والاغتيال وفترات انحسر فيها التطرف والاغتيال، ربما كانت الأربعينات تمثل أكبر عقد في تاريخنا الحديث شهد من التطرف والعنف السياسي الداخلي ما لم يشهده عقد آخر إلا عقد السبعينات، ويبدو لنا أن كلا العقدين كانا ينطويان على تغييرات هائلة في بنية المجتمع المصري وأن النظام السياسي كان متلكئا عنه أو سابقه لحركة المجتمع وأن عدم التواكب في الحركة خلق تصادما بين بعض الشرائح الاجتماعية الهامة والقيادة السياسية وتحول الفصام إلى خصام ثم إلى تطرف كما سبق أن بينا .

    ومن هنا لابد من إعادة التوازن بين النظام السياسي والنظام الاجتماعي ولابد من اتساق اتباع الحركة السياسية للقيادة مع الحركة الاجتماعية لوسع الجماهير .
    ـ إن التطرف عموما هو انسلاخ لشريحة اجتماعية معينة عن المجرى الرئيسي للحياة في هذا المجتمع .
    ـ إن التطرف بمثابة النشاز في معزوفة سيمفونية ويحدث ذلك عادة إما لخطأ في النوتة الموسيقية أو لغفوة أو خطأ من المايسترو.
    ولسوف نعرض لجماعة الفنية العسكرية ولتنظيم الجهاد باعتبارهما من الجماعات الراديكالية والتي هي محور الدراسة وعليه فلن نتناول الحديث عن باقي الجماعات كجماعة التكفير والهجرة وما يدور في فلكها من جماعات..وذلك من خلال المطالب التالية:

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    114
    آخر نشاط
    15-12-2008
    على الساعة
    03:48 AM

    افتراضي

    موضوع يستحق التمعن والتركيز

    ولى عودة إن شاء الله تعالى

    بعد إنتهاء إمتحاناتى بإذن المولى

    اخوكم
    ــــــــــــــ
    يارب
    أغفر لى ولأمة حبيبك محمد
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    أشهد أن لا إله إلا الله
    وأشهد أن محمداً رسول الله

    سبحان الله وبحمده
    سبحان الله العظيم


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    المراجعات الفكرية ووسائل الإعلام


    مدخل وتعليق:

    المدخل

    1 ـ في صباح الاثنين (29/9/2003م).. تم الإفراج عن (كرم زهدي) ، ومعه ألف عضو من أعضاء جماعته المقدر عددها بـ خمسين ألف، منهم 14 ألفاً في السجون، ومعه أيضاً أحد شيوخ الجماعة ويدعى (ممدوح على يوسف) الذي كان يقضى فترة العقوبة (12 عاماً) في قضية قتل رئيس مجلس الشعب المصري السابق د0 رفعت المحجوب !!.
    وحين تم ذلك الإفراج لم يكن الأمر عادياً وكان يوماً فارقاً 00 لماذا ؟.

    أولاً : يأتي الإفراج ليمثل بادرة ايجابية من الدولة للرد على سلسلة التحولات أو ما أسماه البعض بـ (التوبة السياسية) للجماعة عن منهج القتل والعنف والتكفير الذي ميز خطابها ، وسلوكها السياسي في الفترة السابقة لعام 1997 ذلك العام أعلنت فيه مبادرتها لإيقاف العنف من طرف واحد (5/6/1997) 00 كان أعضاء وقادة هذه الجماعة ينتظرون (إجابة) على سؤالهم ، الذي تمثل في تحولاتهم الجادة لإيقاف العنف ووضع مشروع فكرى وثائقي من 5 كتب منهم ثلاثة باسم تصحيح المفاهيم : المراجعات صدروا عام 2002 واثنان صدرا فور خروج كرم زهدي من السجن وهما (تفجيرات الرياض الأحكام والآثار وكتاب نهر الذكريات المراجعات الفقهية للجماعة الإسلامية) هذا فضلاً عن عدة حوارات داخلية ، أو مع الصحف (خاصة المصور ورئيس تحريرها نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد القريب من الأجهزة الرسمية) وكانت (الإجابة) هي الإفراج أوائل سبتمبر / أيلول عن ألف عضو (عادى) ثم تلاه في نهاية الشهر الإفراج عن اثنين من القادة هما (كرم) و(ممدوح) مع ألف عضو جديد ممن انتهت مدة اعتقالهم 0

    ثانياً : من المتوقع أن يمثل هذا اليوم (29/9/2003) بداية جديدة في تاريخ الجماعة الإسلامية ، حيث الأمر في تقديرنا لن يقف عند حدود الإفراج عن كرم زهدي وممدوح يوسف ، بل سيتعداه – في تقديرنا – إلى باقي أعضاء مجلس شورى الجماعة (أو مَّن يسموا بالشيوخ التاريخيين) وهم [ أسامة حافظ – فؤاد الدواليبى – عاصم عبد الواحد – عصام الدين دربالة – ناجح إبراهيم – على الشريف – عبود الزمر – طارق الزمر ] ، فضلاً عن عدة مئات من القيادات الوسيطة والعادية ، والتي انتهت مدة أحكامها ، ولكنها معتقلة وفق قانون الطوارئ الذي يبيح (الاعتقال) دون محاكمة ودون إفراج حتى لو حكم القضاء بذلك ، مع خروج زهدي نتوقع أن تكر السبحة الأمنية لتخرج حباتها المعتقلة تباعاً في الأيام القادمة 0

    ثالثاً : يأتي الإفراج عن كرم زهدي ليمثل علامة مهمة في طريقة التعامل الأمني / السياسي مع الجماعة فـ (كرم زهدي) كان معروفاً بتشدده بل بدوره التاريخي في الجماعة فهو قائد معركة أسيوط الشهيرة التي واكبت عملية اغتيال السادات (6/10/1981) وهى معركة سقط فيها 181 ضابطاً وجندياً من الشرطة بين قتيل وجريح وحين عجزت وزارة الداخلية عن إخمادها تم استقدام قوات الجيش التي نجحت في ذلك وتم اعتقال (كرم زهدي) والذي كان يخطط مع رفاقه للاستيلاء على الحكم من خلال تحرك عسكري مباشر من أسيوط (الجنوب) في نفس الوقت الذي يتحرك فيه رفاقه (محمد عبد السلام فرج – عبود الزمر وجماعتهم في الشمال) فور قيام خالد الاسلامبولي باغتيال السادات في ساحة العرض العسكري في الواحدة ظهر الثلاثاء 1981 إلا أن المعالجة الأمنية والمواجهة المسلحة كانت في غير صالحهم وألقى القبض على كرم زهدي وحكم عليه بـ 20 عاماً قضاها كاملة ، إلا انه ظل بالمعتقل عامين إضافيين وفق أحكام قانون الطوارئ الذي يطبق في مصر منذ 1981 ولايزال !!.
    2ـ وفي يوم الأربعاء 17/12/1428 ھ - الموافق26/12/2007 م..نشرت وكالات الأنباء الخبر التالي..الجزيرة للأخبار :
    (آخر تحديث) الساعة 1:04 (مكة المكرمة)، 22:04 (جرينتش)..
    الأربعاء 17/12/1428 ھ - الموافق26/12/2007 م

    اتفاق ضمني في مصر لإطلاق جميع معتقلي تنظيم الجهاد


    أقرت السلطات الأمنية المصرية اتفاقا ضمنيا مع قيادات فصائل تنظيم الجهاد داخل السجون يقضي بالإفراج عن عشرة إلى خمسة عشر معتقلا منهم يوميا.
    وقالت مصادر مطلعة إن الإفراج بدأ بعد عيد الأضحى المبارك مباشرة بإطلاق سراح 250 من قيادات وكوادر التنظيم.
    ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى إطلاق سراح جميع عناصر تنظيم الجهاد المسجونين والذين يقدر عددهم بنحو أربعة آلاف بحلول شهر مارس/آذار المقبل، لكن الاتفاق لا يشمل من صدرت في حقهم أحكام بالإعدام أو المؤبد.
    وكان مراسل الجزيرة في القاهرة ذكر الأحد الماضي أن الإفراج عن قيادات تنظيم الجهاد من السجون جاء بعد موافقتهم على المراجعات الفكرية والتخلي عن العنف.
    وقالت مصادر قانونية للجزيرة حينها إن من بين المفرج عنهم هشام أباظة وشريف هزاع الذي اتهمته الولايات المتحدة في وقت سابق بأنه خليفة الزرقاوي في قيادة تنظيم القاعدة في العراق.

    والغريب أنه بعد المراجعات الفكرية والتخلي عن العنف من قبل الجماعة وصل الأمر إلى أن عبود الزمر قد تقدم لترشيح نفسه لرياسة الجمهورية..
    اقرأ الخبر المنشور في جريدة الشرق الأوسط على العنوان التالي:
    http://www.asharqalawsat.com/details...article=306362 في حوارها مع الأستاذ ممدوح إسماعيل الأمين العام لرابطة المحامين الإسلاميين ومحامي عبود الزمر الذي رشح نفسه لرئاسة الجمهورية من خلف أسوار السجن حيث يقول :
    (وحول برنامج الزمر للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية قال إنه « يتضمن عددا من الإصلاحات على المستويين السياسي والاقتصادي، تعبر عن الوسطية والاعتدال في إطار مرجعية إسلامية للمشكلات المعاصرة من خلال خمسين نقطة تدعو لتفعيل المادة الثانية من الدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية ووقف العمل بكافة القوانين واللوائح التي تتعارض معها، وإيجاد حكومة منتخبة تلبي متطلبات التغيير التي يحتاجها المجتمع بما لا يخل بمبدأ العدل والمساواة والحرية وتكافؤ الفرص، وإدارة شؤون البلاد من خلال نظام برلماني منتخب يمثل السلطة التشريعية، وحكومة تفويض مسئولة أمام البرلمان وسلطة قضائية مستقلة ويعد الزمر في حال نجاحه بإلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وإلغاء الإحالة إلى المحاكمات العسكرية وتعويض المتضررين عما لحق بهم من أضرار وتحقيق حد الكفاية للمواطنين وكذلك صياغة العقلية المصرية ثقافيا وفق الأهداف العليا للبلاد حفاظا على الهوية والذات الحضارية». )أھ. هذا هي الأخبار..فماذا عن التعليق عليها؟..

    التعليق


    يعلق الدكتور رفعت سيد أحمد (كاتب وباحث مصري – معد موسوعة وثائق الجماعات الإسلامية في مصر – مجلدان – الناشر: رياض الريس – لندن)0على قرار الإفراج الأول في (29/9/2003) بقوله :

    إن الإفراج عن (القائد) أو(الأمير) يعنى أن (الملف) انتقل من حيزه (الأمني) إلى حيزه (السياسي)، وأن ثمة وعى وفهم قد طرأ على طريقة التعاطي الحكومي المصري مع هذه الجماعة، وان الأمر قد لا يقف عند حدود الإفراج ، بل سيتعداه إلى حيث السماح لهم بالعمل الاجتماعي (شبه السياسي) أو (الدعوى) المنضبط وفق معايير وضوابط سياسية مرسومة سلفاً0
    وهذا الانتقال من (الأمني) إلى (السياسي) يأتي بعد إعلان (مبارك) في خطابه الأخير أمام المؤتمر السنوي للحزب الحاكم 28/9/2003عن نيته للإصلاح السياسي وتوسيع مساحة الحريات المدنية وحقوق الإنسان، ويأتي أيضاً بعد أن اقتنعت القيادة السياسية للدولة أن المعالجات الأمنية لوحدها مع هذه (الجماعة) أو غيرها لم تعد مجدية وانه لابد من إعطائها (ضوء) ما في نهاية النفق، وإلا انقلب الأمر برمته إلى دورة جديدة من العنف والعنف المضاد.
    إلا أن المثير للانتباه هنا هو أن الإفراج عن كرم زهدي وأعضاء الجماعة الإسلامية يأتي في أجواء تبدو معاكسة، ومضادة حيث الولايات المتحدة تصم كل ما هو إسلامي بالإرهاب وحيث غالب دول المنطقة تعانى هشاشة في الرؤى، والمواقف، وتبعية (بكماء) ـ إن جاز التوصيف ـ لكل ما تريده واشنطن، وحيث يزداد الحديث عن (القاعدة)،وبن لادن، والظواهري في أجواء مشحونة بالعداء لهم ولمن يوصف بأنه عن (جماعة) أو(حركة) إسلامية بما في ذلك تلك التي تدافع عن أرضها ضد الاحتلال وتقاوم وفق مشروع للتحرر الوطني (مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين)، في هذه الأجواء المعاكسة يأتي الإفراج عن قادة الجماعة الإسلامية المصرية وأعضاءها، وكأن الحكومة المصرية بشقيها (الأمني)) والسياسي) تسير عكس اتجاه الريح 0

    فهل هذا الصحيح ؟ • في تقديرنا أن هذا غير صحيح فالإفراج عن قادة الجماعة وأعضاءها يأتي تلبية لـ (حاجة) مصرية خاصة ، ولقناعة رسمية بصدق تحولاتهم عن العنف ورغبتهم في العمل السلمي ؛ قبل أن يكون استجابة لاتجاهات هذه الريح أو تلك، وربما كان الموقف الرسمي هذا هو استباق ذكى لتفريغ تربة العنف من بذورها، وتجفيف، أكثر حنكة لمنابعه، تجفيف، ربما مل لغة القوة والسلاح والإرهاب الرسمي، واستبدلها بلغة أخرى أكثر فاعلية وتأثيراً ، وهو في ذلك يسير - في الفلسفة العامة - مع الريح (العالمية) وليس ضدها، يسير معها وان اختلفت الأساليب والطرق ! وفى رأى آخر هو (يسايرها) بتحصين نفسه من الداخل بدلاً من فتح جبهة واسعة من العنف، جربها فلم يقبض سوى عصف الريح، تحصين من الداخل بالاحتواء بديلاً عن الإقصاء والإلغاء بالدم 0

    لكن 00 المفارقة الأهم هنا تأتى في أن الإفراج عن كرم زهدي – أمير(الجماعة) وألفين من أعضائها يأتي في نفس التوقيت تقريباً الذي يتم فيه تقديم قرابة الثلاثين عنصراً قيادياً من جماعة الإخوان المسلمين (الشهيرة بالاعتدال وعدم ممارسة العنف منذ نصف قرن تقريباً !!) إلى المحاكم العسكرية بتهمة العمل ضمن تنظيم سرى محظور (اسمه الإخوان المسلمين) وكان آخر هؤلاء (د0 جمال حشمت عضو مجلس الشعب السابق – د0 إبراهيم الزعفراني أمين نقابة الأطباء بالإسكندرية – مهندس على عبد الفتاح القيادي الإخواني البارز وغيرهم) 0

    •المفارقة : تتمثل في الإفراج عن (متطرفين – وفقاً للوصف الأمني) أعلنوا التوبة عن تطرفهم وغلوهم، واعتقال (معتدلين) وزجهم إلى نفس السجن (ليمان طره) بل ربما وضعهم في نفس الزنازين التي كان يجلس فيه بالأمس كرم زهدي وجماعته ؟.

    • ترى ما دلالة هذا ؟ يرى البعض أن ذلك يمثل استخداماً من الدولة (للجماعة) كعصا غليظة قادمة في وجه الإخوان وتوسعهم السياسي وتهديدهم الديمقراطي !! (أي من خلال استثمارهم للآليات الديمقراطية المتاحة للوصول إلى الحكم) للوصول إلى السلطة 0
    وأن ثنائية أو مفارقة (الإفراج) و(الاعتقال) تأتى في هذا السياق، إلا أن الأصوب هو أن الدولة لها فلسفة قديمة في تعاملها مع الإخوان لم تتغير، سواء بالإفراج عن كرم زهدي أو باعتقاله وتقوم على سياسة الضربات(الوقائية) المبكرة ، حين تضرب العناصر الفاعلة في الإخوان بشكل دوري لمنع تراكم القوة السياسية والنقابية بل والبرلمانية لديهم ، ضربات وقائية تنطلق من قناعة مؤداها أن أجهزة الدولة في مصر (الأمنية والسياسية) ترى في الإخوان المنافس الأبرز في ظل موات سياسي واضح لأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، وهنا تأتى الخشية من تنامي (القوة) لدى الإخوان، ورغم أن هذه النظرة ، تعد قاصرة بمعايير السياسة، والإستراتيجية إلا أنها في تقديرنا ظلت – وربما ستظل – حاكمة لفترة طويلة لسلوك الدولة مع الإخوان، سواء كان كرم زهدي حاضراً أو غائباً، وان كان حضوره الفعلي في العمل العام (الدعوى أو السياسي أو الاجتماعي) سوف يلقى بظلاله الواضحة على مناطق عديدة في مصر، أبرزها فريق العلمانيين من سياسيين ومثقفين بنوا شرعية وجودهم على العداء مع تيارات الإسلام السياسي وتحديداً الجماعة وما تمثله، بل بتوا مكاسبهم السياسية التي حصلوا عليها من النظام السياسي (مقاعد في البرلمان ومجلس الشورى ورئاسة صحف ومجالس وهيئات وغيرها) عليها، أو على جماعة الإخوان وباقي قوى التيار الإسلامي، سواء من الأحزاب والهيئات الموجودة أو المجمدة (مثل حزب العمل) بل وعلى علاقة الدولة بالولايات المتحدة، وإسرائيل والمنظومة الدولية والإقليمية، خاصة إذا ما فكر كرم زهدي وجماعته أن ينقل قناعاته الجديدة والتي ذكرها في كتابهم الأول من سلسلة (تصحيح المفاهيم – الصادرة عام 2002) كتاب (مبادرة إنهاء العنف رؤية شرعية ونظرة واقعية) : من أن " المعركة مع الولايات المتحدة وإسرائيل وليس مع الداخل !! " أن ينقلها من بين دفتي كتب (المراجعات) إلى دفتي الشارع !!..

    • على أية حال إن تكلم (كرم) 00 أو (صمت) فسيظل يوم (29/9/2003) يوماً، فارقاً في حياته 00 وحياة جماعته00 وما علينا سوى الانتظار لنرى حجم ونوعية (الفوارق) في هذا (اليوم) وما يليه !! . ..
    المرجع: منبر مراجعات فكرية ـ موقع يعنى بالمراجعات الفكرية في سبيل وعي إسلامي ووحدة منهجية في القضايا المعاصرة.
    بعنوان :ماذا بعد إطلاق أمير ( الجماعة ) في مصر .. دلالات ومستقبل (التوبة) السياسية للجماعة الإسلامية ـ بقلم / د. رفعت سيد أحمد.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    ولنا تعليق على كلام الدكتور رفعت


    مراجعات تنظيم الجهاد


    حقا إنه في داخل السجون تمت مراجعات تنظيم الجهاد مع أنفسها وبين قياداتها..
    ونجحت المراجعات لأن التعامل معها كان بنفس طويل وبدون إكراه، وترك الحوار داخل قيادات الحركة يأخذ حظه من الوقت والتأمل والحرية، لأن التحول الفكري لا بد أن يكون بقناعة ذاتية وليس قسرا، وإلا كان الأمر خداعا، ولذلك اتجهت قيادات الجماعة إلى إنجاز المراجعات بإصرار وجدية وثقة واطمئنان نفس، من منطلق النقد الذاتي، بغض النظر عن رد فعل الطرف المقابل، وهو السلطة وأجهزتها. صحيح أن الجماعة وضعت في ميزان تقديرها مصالح ومفاسد وحجم الآلام التي أنتجتها التجربة، ولكن كان هذا الأمر في ظلال المحنة والأحداث والتحولات، في الإطار الخارجي وليس في جوهر الفكرة، لأنه يستحيل أن يكون في صلب المراجعات الفكرية، ما لم تكن هناك قناعة فكرية ومنهجية رسخت في ضمير أصحابها، لذلك نجحت مراجعات الجماعة الإسلامية رغم كل الاضطرابات والتوترات والأرض الرخوة التي كانت تقف عليها الأجهزة الأمنية.
    واليوم بعد المراجعات التي تمت بين فصائل التيار الجهادي، وهي مراجعات أكثر تعقيدا، لأن التيار الجهادي أكثر تشرذما من الجماعة الإسلامية ، إذ أنه يوجد هناك أكثر من تيار داخل التيار العام، وهناك مجموعات مقبلة على المراجعة بقوة وهناك مجموعات متحفظة وهناك آخرون يرفضون ذلك بشدة وإصرار، وهذا ـ في تقديري ـ أمر طبيعي لأكثر التنظيمات الإسلامية راديكالية.

    إن خطاب النفي والعنف أصيل وعميق في فكر التيار الجهادي فالفكرة أساسا قامت على ذلك من حيث الأصل والجوهر، بخلاف الجماعة الإسلامية التي دخلت عليها فكرة العمل المسلح والمواجهة بفعل أحداث طارئة، لذلك يحتاج التعامل مع التيار الجهادي إلى مزيد من الصبر وطول النفس، ويحتاج إلى الحكمة أيضا.

    إن الاستعجال في مثل هذه المراجعات التي تتصل بالضمير الديني والمناهج الفكرية يأتي بنتيجة عكسية، ويعطي انطباعا أن هذه المراجعات ما هي إلا انكسارات سياسية لا تعبر عن تحول فكري حقيقي، أو أنها مجرد استجابة لإغراءات أمنية أو غيرها، لذلك أزعجني جدا اتخاذ الجهاز الأمني إجراءات عقابية ضد مجموعات رفضت المراجعات أو تحفظت عليها ونكلت بهم وبأسرهم عندما نقلتهم إلى سجون بعيدة "لمرمطة" أهلهم وإيذائهم نفسيا، هذا سلوك غير حصيف ولا يخدم مشروع المراجعة.

    إن فكرة عزل المجموعات التحريضية مفهوم وربما يخدم مسار المراجعة على أساس أن يكون التفاعل الفكري بين أطراف متقاربة في رؤيتها للمسألة، ولكن هذا لا يكون بقمع الآخرين، وإنما بتهيئة الظروف النفسية والعلمية والدينية التي تعين على المزيد من التأمل والتفكير، وأنا على يقين من أن التيار الجهادي التقليدي في مصر الآن قريب جدا من المراجعات ومن العودة إلى العمل السلمي والبعيد عن العنف، وأن العوائق كلها تقريبا ذات طابع نفسي أكثر منها فكري وعقيدي، ولذلك كلما كانت طرق التعامل معه أكثر انفتاحا وتسامحا وصبرا كلما اختصرنا الطريق إلى إنهاء هذا الملف المظلم.
    كما أن مثل هؤلاء القيادات الجهادية التقليدية عندما تعود إلى المجتمع وساحة الدعوة، ستكون مانعات صواعق، تحتوي نزق أجيال جديدة هشة الفكر والمعرفة، وربما كانت أكثر شراسة في توجهاتها العنيفة بفعل مؤثرات دولية وإقليمية عديدة تدفع بهذا الاتجاه الأكثر فوضوية، وتحول دون اختراقها للعمل الإسلامي من جديد.
    آمل أن تتوقف فكرة الدفع للمراجعات عن طريق الضغوط والسياسة العقابية، لأن هذا فوق أنه سلوك غير مقبول من الناحية الأخلاقية والإنسانية، فإنه يضر بصحة المراجعات وقيمتها وثمارها.
    وليس معنى المراجعات أن يتصور (عبود الزمر) نفسه رئيساً للجمهورية وذلك من خلال برنامج سياسي مكون من خمسين نقطة ، ورصيده من الحياة السياسية صفر، فلعله قد تصور نفسه (نيلسون مانديلا) والذي خرج من السجن رئيساً لجنوب أفريقيا..
    الأمر مختلف تماما بينهما وذلك من ناحية فلسفة النضال والجهاد..من جهة..ومن ناحية ميدان الجهاد وأدواته من جهة أخرى..
    لقد دخل عبود الزمر السجن متطرفاً في أفكاره ..وخرج منه أكثر تطرفاً في معتقداته..

    قراءة في فكر
    جماعة الجهاد المصرية
    1

    ـ تعرف الجماعة بعدة مسميات: الجهاد الإسلامي، والجهاد الإسلامي المصري، والجهاد، وجماعة الجهاد، والجماعة الإسلامية. وهي جماعة دينية مسلحة متشددة تسعى لإنشاء حكم إسلامي في مصر بالقوة. ويتلخص الهدف الأساسي للجماعة في الإطاحة بالحكومة المصرية وإقامة دولة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية.
    أفرزت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 شعوراً بغضب قومي وإسلامي، ومع لهفة الرئيس المصري محمد أنور السادات الشديدة لتعزيز زخم سياسته السلمية، أصبح أكثر قربا من الولايات المتحدة الأميركية والإسرائيلية مما اعتبره الإسلاميون فشلا داخليا وخيانة خارجية.

    وكان اغتيال السادات في أكتوبر1981على يد أعضاء من جماعة الجهاد ردا على هذا التوجه، وبرزت هذه الجماعة إلى الوجود في السبعينيات ـ كظاهرة أكثر منها كجماعة منظمة ـ في السجون، وبعد ذلك في الجامعات المصرية.
    وبعد إطلاق الرئيس أنور السادات سراح معظم السجناء الإسلاميين بعد عام 1971 بدأت عدة مجموعات أو خلايا من المسلحين تنظم نفسها وعرفت بأسماء متعددة مثل حزب التحرير الإسلامي، وجماعة التكفير والهجرة، شباب محمد، الناجون من النار، جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، والجماعة الإسلامية، والجماعة السلفية، فضلاً عن جماعة الإخوان المسلمين.
    وكانت كل خلية تعمل منفصلة ومستقلة، وتعتبر نفسها أنها هي الجماعة الناجية وباقي الفرق هلكى؟..

    2ـ وبعد تعرض الرئيس المصري محمد أنور السادات لمحاولة الاغتيال الفاشلة عام 1974م على يد " جماعة إسلامية " بمصر وذلك بمقر الكلية الفنية العسكرية، طلب مني شباب الجامعة آنذاك أن أعد لهم رسالة موضحاً فيها حكم الشرع في هذه المحاولة..
    وأعددت الرسالة وقلت يومها أنهم ( بغاة..لا دعاة )..ورد علىّ المستشار على جريشة ـ رحمه الله ـ برسالة وكان عنيفاً في رده بعنوان (بل دعاة ..لا بغاة)..وكان رده مشحوناً بعاطفة شديدة، حيث صدّر كتابه بخطبة للمرحوم ـ كارم الأناضولي ـ والتي ارتجلها أمام المحكمة العسكرية ونفى فيها علاقته بحادثة الفنية العسكرية، الأمر الذي أخرج كتابه بعيداً عن الموضوعية والتحليل العلمي.
    وكان الاختلاف بيننا في المنهجين، إذ أنني لم أكن أعتمد في دراستي على جماعة الفنية العسكرية بعينها بقدر ما اعتمدت على فقه الحدث وليس الحادث بذاته.. في حين أنه كان يعتمد ـ رحمه الله ـ على الحادث نفسه ، وبعيداً عن فقه الحدث..وآثرت الصمت يومها ولم أرد عليه..
    وفي السادس من أكتوبر عام 1981م نجحت جماعة الجهاد الإسلامي وهي غير جماعة الفنية العسكرية في محاولتها لاغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات..وذلك في حادثة المنصة الشهيرة..

    • ففي أعقاب حرب رمضان 1393هـ أكتوبر 1973م اتخذ العمل الإسلامي داخل الجامعات المصرية بُعداً أوسع حيث أنه تم انحراف في فكر الجماعة " جماعة الدراسات الإسلامية " لاسيما بعد خروج جماعة الإخوان المسلمين من المعتقلات وتم تغيير اسم الجماعة إلى " الجماعة الإسلامية " واتخذوا لأنفسهم شعاراً أصفراً عبارة عن سيفين متقاطعين وبينهما كلمة وأعدوا..


    الأفكار والمعتقدات:


    تبلورت معظم أفكار الجماعة الإسلامية في صورة كتب ورسائل داخل سجن ليمان طره ومن أهمها كتاب:
    • ميثاق العمل الإسلامي: وهو دستور الجماعة ويمكن تلخيص ما ورد فيه من الأفكار فيما يلي:
    ـ غايتنا: رضا الله تعالى بتجريد الإخلاص له سبحانه وتحقيق المتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم.
    ـ عقيدتنا: عقيدة السلف الصالح جملةً وتفصيلاً.
    ـ فهمنا: نفهم الإسلام بشموله كما فهمه علماء الأمة الثقات المتبعون لسنته صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم.

    ـ هدفنا:
    1 ـ تعبيد الناس لربهم.
    2 ـ إقامة خلافة على نهج النبوة.
    ـ طريقنا: الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله خلال جماعة
    منضبطة حركتها بالشرع الحنيف تأبى المداهنة أو الركون وتستوعب ما سبقها من تجارب.
    ـ زادنا: تقوى وعلم، يقين وتوكل، شكر وصبر، زهد في الدنيا وإيثار للآخرة.
    ـ ولاؤنا: لله ورسوله وللمؤمنين.
    ـ عداؤنا: للظالمين، على أن الكفر منه أكبر وأصغر وكذا الظلم منه أكبر وأصغر فيوالي من عنده ظلم أصغر على قدر ما عنده من خير، ويعادي على قدر ما عنده من ظلم.
    ـ اجتماعنا: لغاية واحدة، بعقيدة واحدة، تحت راية فكرية واحدة.

    • الفريضة الغائبة، حكم قتال الطائفة الممتنعة عن شرائع الإسلام حيث يعتقدون:
    ـ أن الجهاد هو القتال أي المواجهة والدم، أما اقتصار الجهاد على الوسائل السلمية مثل الكتابة والخطابة والإعداد بتربية الأمة العلمية والفكرية أو بمزاحمة السياسيين في أحزابهم وأساليبهم السياسية، بل إن الاهتمام بالهجرة يعد من الجبن والتخاذل ولن ينتصر المسلمون إلا بقوة السلاح وعلى المسلمين أن ينخرطوا في الجهاد مهما قل عددهم.
    ـ الطوائف المنتسبة للإسلام الممتنعة عن التزام بعض شرائعه تقاتل حتى تلتزم ما تركته من الشرائع وكذلك قتال من عاونهم من رجال الشرطة ونحوهم وإن خرجوا مجبرين يقتلوا ويبعثوا على نياتهم.
    ـ يرون أن القتال ليس فقط لمن داهمنا في ديارنا واستولى على جزء من أرض الإسلام ولكنه أيضاً لمن يقف بالسيف والسلطان في وجه دعوتنا رافضاً التخلية بيننا وبين الناس ندعوهم لدين الله ونحكمهم بشرع الله؛ لأن الاستعمار هو العدو البعيد والحكام الكفرة هم العدو القريب فهم أولى من قتال العدو البعيد.
    ـ قتال أي طائفة على وجه الأرض تحكم الناس بغير شرع الله كافرة كانت أو منتسبة للإسلام.
    وعلى ذلك يرون حتمية المواجهة كما في رسالتهم حتمية المواجهة للأسباب الآتية:
    ـ خلع الحاكم الكافر المبدِّل لشرع الله.
    ـ قتال الطائفة الممتنعة عن شرائع الإسلام.
    ـ إقامة الخلافة وتنصيب خليفة للمسلمين.
    ـ تحرير البلاد واستنقاذ الأسرى ونشر الدين.

    • يحكمون على الديار المصرية وما شابهها بأنها ليست بدار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام لكون أهلها مسلمين، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحق، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحق وعلى ذلك لا يكفرون الأمة إنما يكفرون الحكام الذين يبدلون ويعطلون شرائع الإسلام، وعليه لا يحرِّمون تولي الوظائف الحكومية مثل جماعة التكفير.

    • يوجبون الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لآحاد الرعية بمراحله الثلاث، ولكن يؤخذ عليهم في ذلك عدم مراعاة الضوابط الشرعية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وميلهم للاستعجال والقاعدة: "من تعجل الأمر قبل أوانه عوقب بحرمانه".

    • تعارض الجماعة مشاركة الاتجاه الإسلامي في الحكومات العلمانية المعادية للإسلام إذ أن هذه المشاركة تترك مفاسد كثيرة وتوقع الجماهير العريضة في الحيرة والتضليل والشك، إذ أنها تدلل على شرعية الحكومة التي تصدر وتطبق القوانين الوضعية.

    الجذور الفكرية:
    • تُعد الجماعة الإسلامية القرآن الكريم والسنة النبوية هما مصدرا أفكارها، لذا فإنها تكثر من الاستشهاد بآيات الجهاد والأحاديث التي تحث على الجهاد.

    • وكذلك تلجأ الجماعة إلى فتاوى العلماء وأبرزهم شيخ الإسلام ابن تيمية (661 ـ 728ھ) الذي ملئت كتاباتهم بأقواله وفتاواه.

    • وكذلك تلجأ الجماعة الإسلامية إلى الوقائع التاريخية وأقوال العلماء أمثال ابن القيم والقاضي عياض وابن كثير والنووي وسيد قطب لتدلل على أفكارها ومبادئها.

    • ويؤخذ على الجماعة انشغالها بقضية الخروج على الحكام؛ دون تفريق بين مسلمهم وكافرهم، ودون إعداد العدة لمن كفر منهم؛ مما تسبب في قتل الأبرياء من المسلمين، والتضييق على الدعوة الإسلامية، وتبعثر الجهود الخيّرة. وقد تنبه قادة الجماعة أخيرًا إلى سوء عاقبة مسلكهم الأول، فلعلهم ـ بعد هذا ـ يُعنوا بالعلم الشرعي، وبنشر العقيدة الصحيحة بين العامة، وتبصيرهم بالبدع والشركيات والمخالفات؛ لتستحق الأمة بعدها النصر والتمكين؛ كما هي سنة الله .

    أماكن الانتشار:
    • تتركز القوة الرئيسة للجماعة الإسلامية في الصعيد المصري وخاصة في محافظة أسيوط، ولها أنصار في كل المدن والجامعات المصرية. كما انتشر كثير من أتباعها في الدول الأخرى نتيجة لمطاردتهم من قبل الحكومة المصرية.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    ويتضح مما سبق:

    أن الجماعة الإسلامية تعتبر الجهاد هو الدواء الناجح والعلاج الناجع لإعادة الخلافة الإسلامية للمسلمين، وترى أن إقامة الدولة الإسلامية، ومن ثم الخلافة، فرض عين، وتقول: إن حكام المسلمين الذين يرفضون تطبيق شريعة الله كفار يجب الخروج عليهم.
    ولا تكفر هذه الجماعة الأمة مثل جماعة التكفير والهجرة، وتعتقد أن الجهاد هو القتال، وهو قمة العبادة في الإسلام، أما الجهاد بالوسائل السلمية فقط فهو جبن وغباء.

    • واستطاعت "الجماعة الإسلامية" قيادة الحركة الطلابية، والفوز بثقة الأغلبية من جماهير الطلاب في انتخابات الاتحادات الطلابية، وذلك في كل الجامعات المصرية تقريباً.
    فلقد كانت البذور الجيدة مزروعة منذ عام 1970 بمعرفة " جماعة الدراسات الإسلامية " كما قلنا، فلما وثب الطلاب إلى الاتحادات وجدوا من ينتخبهم فلقد كانت الأرض خصبة والنفوس مهيأة لمثل هذا الأمر، ولقد حصد الإخوان المسلمون الثمرة التي غرس بذرتها غيرهم، ومن هنا زادت وتعددت أنشطة "الجماعة الإسلامية" الثقافية والتربوية من اللقاءات والندوات والمعسكرات بل وزاد الاهتمام بحلول المشاكل الاجتماعية للطلاب وتعدى الأمر أسوار الجامعات فزاد الاهتمام بمشاكل المجتمع اليومية.

    • وفي عام 1977م انشق بعض قيادات الجماعة بعد انضمامهم لجماعة "الإخوان المسلمين" التي عاودت نشاطها في ذلك الوقت مما أدى إلى وجود تيار للجماعة الإسلامية يمثله الإخوان وذلك في بعض كليات جامعتي القاهرة والإسكندرية ولكنه قليل العدد محدود التأثير بينما التيار الآخر للجماعة الإسلامية والأكثر عدداً وتأثيراً يمثله "التيار السلفي" وكان مستحوذاً على كل الجامعات تقريباً والذي استطاع تحجيم نفوذ العلمانيين والنصارى في الصعيد بوجه خاص.

    • وكان للجماعة العديد من المواقف السياسية برزت في موقفها من معاهدة كامب ديفيد وزيارة الشاه وبعض وزراء الكيان الصهيوني لمصر فأقامت المؤتمرات والمسيرات ووزعت المنشورات خارج أسوار الجامعة للتنديد بذلك والمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية مما أدى إلى تدخل الحكومة في سياسات الاتحادات الطلابية، فأصدرت لائحة جديدة لاتحادات الطلاب تعرف بلائحة 1979م التي قيدت الحركة الطلابية.
    وازداد الضغط الإعلامي والأمني على قيادات الجماعة واشتدت مطاردتهم في جامعات الصعيد بوجه خاص، حيث تم اعتقال بعض قيادتهم وفصلهم من الجامعة.

    • وفي عام 1979م التقى كرم زهدي ـ عضو مجلس شورى الجماعة ـ بالمهندس محمد عبد السلام فرج العضو في أحد فصائل تنظيم الجهاد وعضو مجلس شورى الجماعة فيما بعد وصاحب كتاب "الفريضة الغائبة" الذي عرض على كرم زهدي فكر الجهاد وأن الحاكم قد كفر وخرج عن الملة فوجب الخروج عليه وخلعه وتغيير النظام وأن لتنظيمه تشكيلاته المتفرعة، ثم عرض عليه فكرة اشتراكهم مع التنظيم للتخطيط لإقامة الدولة الإسلامية.

    • عرض كرم زهدي الفكرة على مجلس شورى الجماعة في صعيد مصر الذي يرأسه الدكتور ناجح إبراهيم فوافق المجلس على أن يكون هناك مجلس شورى عام ومجلس شورى القاهرة، وعلى أن يتولى إمارة الجماعة أحد العلماء العاملين الذين لهم مواقفهم الصلبة ضد الطاغوت (الدكتور / عمر عبد الرحمن).
    وقد تم إقرار تشكيل الجناح العسكري وجهاز الدعوة والبحث العلمي والتجنيد وتطبيق القوانين الإسلامية وكذلك جهاز الدعم اللازم للحركة في مجالاته المتعددة.
    ومن هذه اللحظة انفصلت الجماعة عن توجهات التيار السلفي في الدعوة بشكل عام تحت مسمى الجماعة الإسلامية.

    • اختير الشيخ الدكتور/عمر عبد الرحمن أميراً للجماعة، وهو أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، وقد سبق اعتقاله أثناء حكم الرئيس المصري جمال عبد الناصر واتهم في قضية قتل السادات بتهمة إمارة الجماعة "تنظيم الجهاد" والإفتاء بحل دم السادات، إلا أن المحكمة برأته مما نسب إليه وكذلك برأته من قضية الانتماء لتنظيم الجهاد، ومن ثم واصل نشاطه الدعوي متنقلاً بين المحافظات مشاركاً في المؤتمرات والندوات، عارضاً فكرة الجماعة محمسا الشباب للجهاد والخروج على نظام الحكم مما أدى إلى اعتقاله العديد من المرات وتحديد إقامته بمنزله بالفيوم بعد أن اتهم بالتجمهر وتحريض المصلين على التجمهر بعد صلاة الجمعة، لكن محكمة أمن الدولة برأته أيضاً مما نسب إليه وحفظت القضية وأخيراً استطاع السفر إلى أمريكا ليقيم في ولاية نيوجرسي حيث يكثر أتباعه. ومما ينسب إليه: الفتيا بقتل فرج فودة الكاتب العلماني، وضرب حركة السياحة في مصر وتفجير مركز التجارة العالمي بأمريكا، والذي حكم عليه بالسجن بسببه.

    • في 6 أكتوبر عام 1981م وبعد حادث اغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات، ظهرت الجماعة على الساحة بقوة حيث قام الجناح العسكري للجماعة بقيادة الملازم أول خالد أحمد شوقي الإسلامبولي وبصحبة زملائه عبد الحميد عبد السلام الضابط السابق بالجيش المصري والرقيب متطوع القناص حسين عباس محمد بطل الرماية وصاحب الرصاصة الأولى القاتلة والملازم أول احتياط عطا طايل حميده رحيل بقتل الرئيس أنور السادات أثناء احتفالات انتصارات أكتوبر بمدينة نصر بالقاهرة، وقد نسب للجماعة الإعداد لخطة تستهدف إثارة القلاقل والاضطرابات وللاستيلاء على مبنى الإذاعة والتليفزيون والمنشآت الحيوية بمحافظات مصر.
    وفي تلك الأثناء، وخلال هذه الأحداث قبض عليهم جميعاً، وقدموا للمحاكمة التي حكمت عليهم بالإعدام رمياً بالرصاص كما تم تنفيذ الحكم في زميلهم المهندس محمد عبد السلام فرج صاحب كتاب الفريضة الغائبة بالإعدام شنقاً.

    • المقدم عبود عبد اللطيف الزمر: الضابط بسلاح المخابرات الحربية وعضو تنظيم الجهاد بالقاهرة الذي انضم مؤخراً إلى الجماعة الإسلامية بعد إزالة الخلافات في بعض وجهات النظر داخل سجن ليمان طرة بالقاهرة. ويذكر أنه اعترض أولاً على خطة قتل السادات لعدم مناسبة الوقت إلا أنه وافق أخيراً عليها لظروف خاصة، وقد حكم عليه فيما عرف بقضية تنظيم الجهاد بأربعين سنة سجناً.

    • في 8 أكتوبر 1981م قام بعض أفراد الجناح العسكري للجماعة الإسلامية بمهاجمة مديرية أمن أسيوط ومراكز الشرطة واحتلال المدينة ودارت بينهم وبين قوات الأمن المصرية معركة حامية قتل فيها العديد من كبار رجال الشرطة والقوات الخاصة وانتهت بالقبض عليهم وعلى رأسهم الدكتور ناجح إبراهيم وكرم زهدي وعصام دربالة، والحكم عليهم فيما عرف في وقتها بقضية تنظيم الجهاد بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عاماً.

    • في بداية عام 1984م وبعد الإفراج عن الكثير من أعضاء الجماعة من غير المتهمين في قضايا التنظيم، أعيد تنظيم الجماعة برئاسة محمد شوقي الإسلامبولي ومن ثم زاد نشاطها في الدعوة إلى الله في المساجد ومن خلال اللقاءات والندوات والمعسكرات وبخاصة بين الشباب والطلبة في المدارس والجامعات في معظم محافظات مصر مستغلة الكَسب الإعلامي لأحداث 1981م، داعية إلى الخروج على الحاكم وقتال الطائفة الممتنعة عن إقامة شرائع الإسلام، وقد دفع ذلك كله قوات الأمن المصرية إلى الصدام الدائم معهم، وإلقاء القبض على الكثير منهم وتعرضهم للتعذيب والتضييق الشديد، بل وصل الأمر إلى استخدام سياسة التصفية الجسدية ضدهم، مما أوجد بين أفراد الجماعة ردود فعل عنيفة راح ضحيتها الكثير من ضباط وجنود الشرطة وغيرهم.

    • وتنسب إلى الجماعة بالإضافة إلى محاولة الاغتيال الناجحة للرئيس المصري محمد أنور السادات محاولات اغتيال أخرى لبعض الوزراء ومسئولي الحكومة والشرطة ومن أبرزهم الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب المصري والدكتور فرج فودة الكاتب العلماني وذلك ردًّا على أسلوب الحكومة في التصفية الجسدية والعقاب الجماعي لأفراد الحركة الإسلامية.

    • وطالبني الشباب وقتها مرة أخرى، بضرورة ذكر رأيي في القضية..
    وأعددت الرد..
    وقلت لهم إنهم : ( بغاة.. لا دعاة)..إلا أنني كنت قد توسعت في الإصدار الثاني كثيراً..
    وتلقفته أيادي الشباب ..وانقسموا على أنفسهم، وكان حظي من الاتهامات وافراً..
    فلقد حدث أن جمعتني الظروف أنا وحماي ـ رحمه الله ـ بمكتب الأستاذ عطية شعلان ـ المحامي ورئيس حزب العمل بمدينة دمنهور(إحدى المحافظات بجمهورية مصر العربية آنذاك ـ، وكان ضمن فريق المدافعين عن جماعة الجهاد المتهمة باغتيال المرحوم محمد أنور السادات .
    وكنت في ذلك الوقت احتفظ داخل حقيبتي بنسخة من الدراسة حول التكييف الفقهي والجنائي لجريمة الاغتيال..
    ودار نقاش طويل بيني وبين الأستاذ عطية شعلان انتهى بأخذه النسخة الوحيدة التي كانت معي للإطلاع عليها، وقرأها كلها واستوعبها في نفس الجلسة ولم يعلق..
    ولم أشأ أن أطالبه بالتعليق..
    وفوجئت بعد ذلك بخبر في الجرائد مؤداه : انسحاب خمسة وعشرون محامياً ممن يدافعون عن الجماعة من جلسة المحكمة..وكان من بينهم الأستاذ عطية شعلان المحامي.. ولم اتصل به ولم استفسر منه عما حدث، فذلك شأنه وأنا لست ممن يشتغلون بالسياسة..فأنا رجل مدني وداعية دين..
    وقالوا يومها أن المحاميين قد تعرضوا لضغوط من الدولة، ومنهم من قال أنهم قد تعرضوا لتهديدات من الدولة .. وكثرت الأقاويل .. وكثر القيل والقال..
    واليوم وبعد مراجعات قيادات تنظيم الجهاد لفكر الجماعة..أرى أنه من المناسب أن أعيد نشر الرسالة مرة أخرى، فلقد كنا بحمد الله تعالى وتوفيقه أكثر رؤية وشمولية للأحداث وأكثر قراءة للواقع والتاريخ..

صفحة 1 من 7 1 2 ... الأخيرةالأخيرة

طلائع الرفض في المجتمع المصري

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. أثر الرشوة في المجتمع
    بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-11-2009, 09:49 PM
  2. دور العقيدة في إصلاح المجتمع
    بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-11-2009, 09:49 PM
  3. أثر جهود صلاح الدين التربوية في تغير واقع المجتمع المصري
    بواسطة دفاع في المنتدى المنتدى التاريخي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-08-2008, 03:52 PM
  4. أثر جهود صلاح الدين التربوية في تغير واقع المجتمع المصري
    بواسطة دفاع في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-08-2008, 03:52 PM
  5. المجتمع الإسلامي الحقيقي
    بواسطة *فتاة الإسلام* في المنتدى منتدى الأسرة والمجتمع
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 31-01-2008, 11:57 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

طلائع الرفض في المجتمع المصري

طلائع الرفض في المجتمع المصري