بقلم/ هشام النجار

تتنوع مواقف المصريين في الداخل تجاه ما يرتكبه من يطلق عليهم (أقباط المهجر) في عواصم العالم وفى المحافل الدولية بصورة شبه يومية.

هناك من الليبراليين المعروفين – لأسباب واضحة ومفهومة – من يستنكر أن تتنكر (مصر) لأبنائها (النبلاء) (الشرفاء) الذين ضربوا المثل في (الوطنية) ورفعوا اسم (مصر) عاليا في الخارج !!

وهناك من اليساريين المعروفين – لأسباب أيضا واضحة ومفهومة – من يغذى لديهم نزعة التمرد والثورة وشعور النقمة على ما يحدث في الداخل من جهة، ومن الجهة الأخرى يدعو (مصر) أن تحتوى (أبناءها) في الخارج وأن (تطبطب) عليهم وتتفهم شرعية مطالبهم !!

وهناك من المفكرين الأقباط وكثرة من الأقباط الوطنيين من يتبرأ من تصرفاتهم ويعلن رفضه التام لتدويل القضية القبطية.. ويرى أن استقواء (أقباط المهجر) بالخارج سبب رئيسي لانهيار الوحدة بين المسلمين والمسيحيين في مصر وتكريس للطائفية البغيضة .

وهناك على الجهة الأخرى أقباط داخل مصر عبارة عن نسخة بالكربون من أقباط المهجر ؛ فهم يتبنون آراءهم ويدعمون مواقفهم ويصفقون (لانجازاتهم) ويحمسونهم ويدفعونهم لمزيد من (الضغط) على الدولة لإنقاذهم من (الظلم الفادح) الواقع عليهم ، وتخليصهم من (اضطهاد) المسلمين لهم.. على حد زعمهم .

بل إن منهم من فتح لهم أبواب مؤسساته الإعلامية والصحفية لينشروا على المصريين والعالم افتراءاتهم وأفكارهم المتطرفة ومنهجهم الخطير وقراءتهم غير الموضوعية والمتشنجة للواقع في مصر.

وهناك خليط من وطنيين وقوميين وإسلاميين من يطالب بوقفة حازمة صارمة مع ما يرتكبه هؤلاء من جرائم.. أقلها الإساءة لسمعة مصر في الخارج ، وأشدها وطأة وأخطرها تمزيق النسيج الوطني في الداخل واحداث الشقاق وإشعال الفتن بين المصريين وإضعاف مصر دوليا وتعريضها للابتزاز والضغط من القوى الدولية .

من الخطورة أن يأتي يوم ونتحدث عن تيار داخل مصر يدعم ويؤيد ويناصر مواقف وتحركات وتحالفات أقباط الخارج.

لذلك نرى من الأهمية إبراز الإجماع الوطني المناهض لهذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد كيان المجتمع المصري وتستهدف ضرب استقراره .

وأول وأهم خطوة في هذا الاتجاه هي إماطة اللثام أمام الرأي العام عن حقيقة تلك المنظمات المتطرفة التي علا صوتها جدا في الفترة الأخيرة في اتجاه التصعيد ، لا لمطالب عادلة أو حقوق مسلوبة، إنما لإحداث الفتنة والوقيعة والفوضى في مصر خدمة لمخططات مشبوهة .

والسؤال الذي نتوجه به لمن يصف أعضاء تلك المنظمات المتطرفة بالنبلاء والشرفاء ويدعو لاحتوائهم والرفق بهم والطبطبة عليهم هو:

إذا كانت لهؤلاء حقا مطالب وحقوق مشروعة، فلماذا لا يسلكون الطرق المشروعة من أجل نيلها والحصول عليها بدلا من التحريض والابتزاز واللجوء لأمريكا وإسرائيل وبوش وشارون والكونجرس والكنيست؟

وقد رأينا كيف استجابت الدولة لكثير من هذه المطالب قبل عقدين من الزمان، بل إن الاستجابة لمطالب الأقباط في الداخل تتم بصورة أسرع وأوسع إذا قارناها بمطالب كثير من الفئات والتجمعات المسلمة، والمسلمون رغم ذلك راضون ، لا يتذمرون ولا يتظاهرون ولا يلجأون لأوباما أو نتنياهو أو لبوش أو شارون !

نتساءل أيضا ًعن:

سر هذا الافتعال الفاضح وهذه المبالغات المقيتة وهذا الهوس بالإثارة والتهييج وهذا التشنج غير المبرر في تفسير وتحليل الأحداث؟

فحادثة نجع حمادي التي قتل فيها أقباط في عيد الميلاد، لها خلفيات وجذور ودوافع غير طائفية ، ومن أراد وضع تحليل موضوعي لها أحاط القضية من كل جوانبها السياسية والاجتماعية وذكر المبررات والدوافع الحقيقية مقرونة بتسلسل تدريجي منطقي للأحداث .

والذي حدث – كما هي العادة – هو استغلال للقضية على المستوى المحلى والدولي أسوأ استغلال ؛ فقد صور رموز وقادة ومفكرو أقباط المهجر الأمر على أنه (تحالف بين الفساد الحكومي والإرهاب الإسلامي) و (حرب إبادة ومذابح مدبرة يتعرض لها الأقباط في مصر) و (واضطهاد ممنهج للأقباط بسبب عقيدتهم) !!

بل منهم – موريس صادق – من دعا وسعى وتحرك لفرض (الوصاية الدولية على مصر)!

ومنهم من نظم مظاهرات في مختلف العواصم الأوربية وأمام السفارات المصرية بالخارج ومقار الحكومات الغربية للترويج بأن الحادث من ( تدبير النظام المصري) وتنفيذ (جماعات الإرهاب الإسلامي) التي (تستبيح دماء وأموال النصارى)!

نحن نندهش بعد كل تلك المواقف المتطرفة المتشنجة المهووسة، التي تصنف تحت بند (ابتزاز مصر) بالترويج للشائعات وتهويل الأحداث وتحميلها أكثر مما تحتمل ، أن يأتي البعض ويدعو لالتماس العذر لهؤلاء (الشباب المتحمس) والرفق بهم واحتوائهم والطبطبة عليهم !!

أقول:

نرفق بهم ونشفق عليهم ونحتويهم ونلتمس لهم العذر.

وأيضا (نطبطب) عليهم !!

إذا ارتموا في أحضاننا نحن.. إذا ولوا وجوههم شطر مصر وفتحوا لصدرها أيديهم لتحتضنهم وتحتويهم وتسامحهم وتلتمس لهم الأعذار وتحل مشاكلهم وتدرس مطالبهم المشروعة.

ولكن كيف (نطبطب) عليهم وقد ارتموا في أحضان إسرائيل والشخصيات والمؤسسات والمنظمات الغربية المشبوهة؟


http://www.egyig.com/Public/articles...66831891.shtml