قال الله عز و جل في سورة البقرة :

وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ {2/145}

الكلام هنا عن قضية استنكار اليهود تغيير القبلة من المسجد الأقصى الى المسجد الحرام ، فذكر الله عز و جل معلومة هامة جدا وهي اختلاف بني اسرائيل فيما بينهم في القبلة "وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ " وهي معلومة لم تكن معروفة في بيئة الجزيرة العربية . ولكن كيف ذلك ؟ يعرف العاملون في حقل مقارنة الاديان ان اليهود العبرانيين قبلتهم هو جبل صهيون في القدس أما السامريين فهم يتجهون الى جبل جرزيم الواقع في شيكيم (نابلس حاليا) ، تقول موسوعة ويكيبيديا :

يرجع أصلها إلى أسباط بني إسرائيل. وقد كان موطن الفرقة السامرية مدينة نابلس التي كانت تسمى شخيم. تتجه هذه الطائفة في صلاتها نحو جبل جرزيم، أما الفرقة الثانية فكان موطنها الأساسي أورشليم (أو القدس حالياً) وتتجه في صلاتها إلى جبل صهيون وهؤلاء يلقبون باسم العبرانيين أما السامريون فينسبون إلى شامر الذي باع جبلا للملك عمري وبنى عليه مدينة شامر والتي حرفت إلى سامر ومن ثم السامرة نسبة لمالكها الأول شامر ولكل طائفة توراة خاصة بها فالعبرانيون لهم التوراة العبرانية والسامريون لهم التوراة السامرية.
ظهر الخلاف بين الفريقين بعد العودة من السبى البابلي وكل فريق تمسك بتوراته على أنها التوراة الصحيحة غير المحرفة. تتكون التوراة السامرية من خمسة أسفار هي التكوين والخروج واللاويين ويسمى الأحبار والعدد وتثنية الاشتراع، وتختلف التوراة السامرية عن التوراة العبرانية في بعض الألفاظ والمعاني.
في القرن التاسع عشر كان عدد السمرة يتراوح ما بين 150 و 200 نسمة، وكانوا يعيشون في حي الياسمينة في مدينة نابلس القديمة.
وفي الوقت الحالي يصل تعدادهم إلى 400 نسمة في منطقة حولون, إسرائيل, ويقدر عددهم بـ 350 في نابلس بفلسطين, وفقاً لإحصائيات عام 2011.

انتهي كلام الموسوعة .

وقد ورد إشارة لهذه القضية في انجيل يوحنا حيث جاءت إمرأة سامرية للسيد المسيح وقالت له :

يو-4-20: آباؤنا سجدوا في هذا الجبل، وأنتم تقولون إن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه)).

إذاً ، اختلاف اليهود العبرانيين والسامريين في القبلة أمر محسوم ومعترف به ، ولكن ذكر الآية لهذه القضية من الأعجاز الغيبي والتاريخي حيث لم تكن هذه
المعلومات متاحة في بيئة الجزيرة العربية القديمة منذ 1400 سنة ، خاصة وان عدد هؤلاء السامريين بسيط جدا كما ذكرت الموسوعة لذلك لم يكن أمرهم وخبرهم ظاهرا ، فكيف للنبي صلى الله عليه وسلم ان يذكر هذه القضية إلا إذا أخبره بها العليم الخبير ؟
من هنا يظهر وجه الإعجاز في الآية .

و صلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه وسلم .