بقلم: الكاشف السريع
الــحـقـوق غـيـر مـحـفـوظـة

http://www.facebook.com/Asrar.Alquran

من الخطأ أن نعتقد بأن القرآن الكريم نزل لقوم بعينهم في وقت معين، فالقرآن للناس كافة منذ مبعث نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وحتى قيام الساعة، وليس من الغريب أن يجهل الأقدمون أمراً معيناً نعلمه نحن في وقت لاحق، ولو كان القرآن يفسر كاملاً وقت نزوله لفسره الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصبح لدينا تفسير اسمه ( التفسير النبوي ) على سبيل المثال، كما هناك تفسير للطبري وابن كثير، مع أن الأول أولى بتفسيره، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يفسره لأنه يعلم علم اليقين أن في القرآن أموراً سيكتشفها الأقوام اللاحقة وتكون حجة على كفارهم، كي لا يدعي أحد بأن القرآن الكريم إنما هو من تأليف محمد عليه السلام وأن النصوص الواردة فيه لم تخرج عن كونها مشاهدات شاهدها بعينه أو أخباراً سمعها بأذنه.

كما أن في القرآن الكريم إشارات واضحة جلية تشير إلى أن القرآن الكريم لا ينبغي لأحد تفسيره في زمان معين وينتهي الأمر، بل إن أموراً ستتجلى بعد حين، بنص القرآن الكريم نفسه:

1◄ ولتعلمن نبأه بعد حين

2◄ هل ينظرون إلا تأويله، يوم يأتي تأويله لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً

3◄ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله

4◄ ثم إن علينا بيانه

5◄ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق

6◄ وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها

7◄ لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون

8 ◄ ...............

1- بعد حين، لا ندري متى ذلك الحين، هل هو بعد تفسير الطبري وابن كثير له، أم بعد ذلك، لا ندري؟

2- متى يأتي تأويله؟ هل هو بعد تفسير الطبري وابن كثير له، أم بعد ذلك، لا ندري؟

3- لما: حرف نفي وجزم، ويمتد النفي به حتى زمن التكلم، وقد يتوقع حصوله في المستقبل، متى ذلك المستقبل؟ لا نعلم.

4- ثم: حرف عطف يفيد الترتيب مع المهلة أو التراخي، إلى متى تلك المهلة؟ أيضاً لا ندري. لم يستخدم الترتيب والتعقيب، مع أنه كان بإمكانه ذلك، لكن استخدام الترتيب مع المهلة مقصود لئلا يعتقد أحد أن القرآن يبين ويفسر في حينه، ولئلا يستعجل عليه أحد.

5+6- السين حرف استقبال، الأمر نفسه، لا موعد محدد أو مقيد.

7- سوف نعلم .. متى سنعلم؟ هل بعد صدور أول تفسير للقرآن؟ أم بعد ذلك؟

الآن نأتي لما هو أخطر، وهو قوله تعالى:

◄ خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون

هل يا ترى استعجل بعض المفسرين في تفسير آيات قرآنية، كثير منها يحمل ملامح علمية هم لم يكونوا على علم بها في زمانهم؟ للآسف هذا ما حصل، كان الأجدر أن ينتظروا حتى يأتي الله بتأويله بعلم يعلمه الله تعالى أحداً من خلقه، مؤمناً كان أم كافراً، فيحق قول الله تعالى ( سنريهم آياتنا في الآفاق ) ولطالما رأوها، وفي أنفسهم، لكنهم لا يبصرون.

ولطالما استغل ذلك غير المسلمين في محاولاتهم اليائسة في تجريد القرآن الكريم من أية ملامح إعجازية، فأول ما يلجأون إليه هو تفاسير الأقدمين، مع أننا قلنا مراراً أنها اجتهادات لا يعتد بها أو تستغل في الهجوم على القرآن الكريم، فمن الخطأ إسقاط بعض أخطاء المفسرين وجعلها من أخطاء القرآن نفسه، أو تقليص أهمية بعض الآيات خاصة الكونية منها فقط لأن المفسرين لم يوردوا ذلك في تفاسيرهم.

الخلاصة:

1- القرآن الكريم لم يكتمل تفسيره حتى هذه اللحظة

2- لا يجوز الاستعجال في تفسير آيات القرآن الكريم بدون علم يقين، استجابة لقوله تعالى: ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) وقوله ( فلا تمار فيهم إلا مراءاً ظاهراً ) وتفسر الآية الأخيرة:

تفريع على الاختلاف في عدد أهل الكهف ، أي إذا أراد بعض المشركين المماراة في عدة أهل الكهف لأخبار تلقوها من أهل الكتاب ، أو لأجل طلب تحقيق عدتهم ، فلا تمارهم ; إذ هو اشتغال بما ليس فيه جدوى ، وهذا التفريع ، وما عطف عليه معترض في أثناء القصة .

والتماري : تفاعل مشتق من المرية ، وهي الشك ، واشتقاق المفاعلة يدل على أنها إيقاع من الجانبين في الشك ، فيئول إلى معنى المجادلة في المعتقد لإبطاله ، وهو يفضي إلى الشك فيه ، فأطلق المراء على المجادلة بطريق المجاز ، ثم شاع فصار حقيقة لما ساوى الحقيقة ، والمراد بالمراء فيهم : المراء في عدتهم كما هو مقتضى التفريع .

والمراء الظاهر : هو الذي لا سبيل إلى إنكاره ، ولا يطول الخوض فيه ، وذلك مثل قوله قل ربي أعلم بعدتهم وقوله ما يعلمهم إلا قليل ، فإن هذا مما لا سبيل إلى إنكاره وإبايته ; لوضوح حجته ، وما وراء ذلك محتاج إلى الحجة ، فلا ينبغي الاشتغال به ; لقلة جدواه .

3- هناك آيات كثيرة دلت بشكل مباشر أو غير مباشر على أن القرآن الكريم لم يكتمل تفسيره، وأن ذلك سيتم حتماً عاجلاً أم آجلاً، في الدنيا وربما في الآخرة، حيث يبين الله تعالى لنا كل شيء فيه، ويعلم الذين يجادلون في آياته أنهم كانوا كاذبين

4- لا يجوز الاحتجاج والرجوع إلى تفاسير قديمة لإبطال أو تفنيد الملامح العلمية في آيات القرآن الكريم، والرد على ذلك ببساطة نقول:

حتى يكون ذلك حجة لهم، ينبغي في البداية أن نحضر أصحاب التفاسير القديمة فيكونوا على قيد الحياة الآن، وفي سنة 2011، ثم نرى هل سيكون لديهم نفس الرأي، أم ربما رأي آخر؟ على الأغلب سيكون لديهم رأي آخر، فمن المستحيل لو كانوا الآن على قيد الحياة تكرار الخطأ وتفسير قوله تعالى ( ويعلم ما في الأرحام ) بأنه يعلم الجنين ذكراً أم أنثى!! لأنهم سيكونون على اطلاع على أن الأطباء الآن يستطيعون معرفة ذلك، وأنه ما من شيء في الآية يشير إلى أن المقصود هو معرفة الجنين ذكراً أم أنثى، وهذا مثال على أمثلة كثيرة.

أتمنى أن يكون موضوعي هذا مرجعاً في كل مرة يرد فيها السؤال ( هل اكتشف العلماء الفلك المسلمون هذا الامر مذ ذلك الوقت؟ ) كما في موضوع مجاور، أو السؤال ( لماذا لم يقل ذلك الطبري وابن كثير؟ ) أو ( لماذا نراهم يقولون كذا وكذا؟ ).

شكراً للمتابعة وألقاكم في موضوع جديد بحول الله.