منقول:
http://www.alrohban.com/rohban/modul...=article&sid=8

عقيدة صكوك الغفران

العقيدة الثانية من العقائد الراسخة لدي الكنائس المسيحية هي عقيدة صكوك الغفران فما هي تلك العقيدة من وجهة النظر المسيحية وما هو ردنا عليها؟

خلال القرون الوسطي كانت الشعوب المسيحية في أوروبا أشبه ما تكون بالشعوب الوثنية ولم يكن لأي فرد منهم القدرة علي فهم دينه بصورة صحيحة لأن الغالبية العظمي لم تكن تجيد القراءة والكتابة فضلا عن تحريم مناقشة رجال الدين وإلا اعتُبر النقاش هرطقة وخروجا على تعاليم الكنيسة وارتدادا عن المسيحية ويعاقب صاحبه بنصوص محاكم التفتيش واستغلت الكنيسة حالة الجهل تلك ابشع استغلال حيث بدأت الكنيسة الكاثوليكية في روما ببيع ما يسمي بصكوك الغفران وكانت هذه الصكوك في مجملها عبارة عن ورقة مختومة من الكنيسة تقضي بأن ما مالكها سيكون له نصيب كذا وكذا في الجنة (كُلٌ علي حَسْبِ ما دفعه للكنيسة) فالفقير مثلا لم يكن يتجاوز نصيبه في الجنة قيراطا واحدا أما الأغنياء فكانوا يحجزون في الجنة لهم ولذويهم بآلاف الأفدنة وفي المقابل تحصل الكنيسة منهم على مئات الآلاف من العملات الذهبية وظلت هذه العقيدة مسيطرة علي شعوب أوروبا المسيحية طوال فترة العصور الوسطي وما بعدها حتى قيام الثورة الفرنسية وتدمير معاقل محاكم التفتيش البشعة.


وخلال هذه الفترة كان من يحتل منصب البابوية يجني أموالا طائلة فكان الوصول لهذا المنصب هو الشغل الشاغل لرجال الدين المسيحي في روما وفي سبيل ذلك ارتكبت موبقات وصلت لحد القتل ذلك غير الرشاوى التي كانت تُدفع لشخص ما لإثنائه عن الوصول إلى ذلك المنصب ومن يُقلِب في أوراق التاريخي المسيحي وخاصة تاريخ الكنيسة يكتشف من الجرائم ما لا يتصوره عقل فتقرأ عن أحد الباباوات يدفع رشوة منتظمة لرجال الدين حتى لا يثوروا عليه وأخر يثور الشعب عليه ويضع مكانه رجلا آخر وغير ذلك مما سنورده بالتفصيل خلال الأسطر التالية وكل كلمة سأكتبها ستكون منقولة حرفياً من كتب تعتبر لدي المسيحيين مصادر موثوق بها مثل موسوعة قصة الحضارة لـ "ول ديورانت" والتاريخ الأسود للكنيسة للقس اللاهوتي "دي روزا" وتاريخ الكنيسة لجون لوريمر وجميعها مترجمة من الإنجليزية والألمانية.


والنصوص التالية منقولة حرفيا من تلك المراجع المعتمدة لدى المسيحيين فمثلاً نقرأ في كتاب تاريخ الكنيسة منشورات دار الثقافة الطبعة الأولى لعام 1995 الجزء الرابع صـ35 تحت عنوان بابوية دنيوية ما يلي :

"عموما سلم المؤرخون، والكنيسة الكاثوليكية نفسها ، بأن البابوية خلال النصف الثاني من القرن الخامس عشر و الجزء الأول من القرن السادس عشر وصلت إلى أدنى درك خلقياً و روحياً".

ويستطرد جون لوريمر كلامه في الصفحة التالية مباشرة صـ36 تحت عنوان أشهر الأمثلة لبابوات عصر النهضة الرفيع:


سيكستوس الرابع six tus VII (1471- 1484)

أشعل الحرب ضد المدن والأقاليم الإيطالية ، لكنه سعى لجعل روما عاصمة أوروبا للأداب والفنون وكذلك أعطى وظائف ممتازة لأقاربه وأهل بيته .


البابا إنوسنت السابع Innocent VII (1484- 1492)

كان ضعيفاً سهل الإنقياد لأسرة "ميدشي الثانية " وهي أسرة قوية فاسدة . باع وظائف الكنيسة وخلق وظائف جديدة للبيع. ووصل الفساد بين الكرادلة تحت حكمه إلى هوة منحطة جديدة.


البابا إسكندر السادس Alexander VI(1492- 1503)

كان من أسرة "جورجيا" الشهيرة بالقسوة والفجور، حصل على إنتخابه للبابويه بالرشوة. كان أيضاً متورطاً في السياسات الإيطالية، وعمل على ترقية أفراد عائلتة إلى مراكز أعلى.


البابا جوليان الثاني Julian II (1503- 1513)

اشتهر بأنه البابا المقاتل الذي قاد فعلاً الجيوش البابوية في معركة ضد الفرنسيين والأسبان. دعا إلى مجمع "لاتيران " الخامس بقصد الإصلاح، ولكن المجمع لم يصل إلى نتيجة.


البابا ليو العاشر Leo X(1513- 1521)

اتبع طريقة البابوات السابقة في تثبيت السطوة السياسية للبابوية. مزج حب التعالي بالإسراف والبذخ، وكان دائما يبحث عن وسائل لترقية أقاربه. ليو العاشر (البابا المعاصر لمارتن لوثر) وصفه كاتب كاثوليكي بأنه "مذنب بالإهمال الذريع، والاستهتار اللامسئول، والحب العارم للمتعة".

وبعد تلك الاتهامات المثيرة للبابوات والذين من المفترض أنهم يحتلون قمة الهرم الديني في المسيحية تأتي شهادة البسطاء من عامة الشعب لتفضح جشع الكنيسة والشره الذي كان يتميز به كل من يجلس على كرسي البابوية فيستمر جون لوريمر قائلاً في نفس الصفحة وتحت عنوان

البابوية والمال:

"هناك اتهامات كثيرة ضد البابوية ، ولكن التهمة الأكثر انتشاراً كانت الإستغلال المالي.

ضج الناس بالشكوى من أعلى حاكم إلى أدنى قروي بأن الكنيسة عاشت للمال. ومن داخل الكنيسة ضغط البابا على الأساقفة الذين عَصروا الكهنة الذين هم بدورهم عَصروا الشعب وقال مواطن أسباني:

"أرى أننا نادراً ما نحصل على شيئ من خدام المسيح إلا بالمال"

"في العماد بالمال . . . في الزواج بالمال . . الإعتراف بالمال "

"لا و لا سر المسحة الأخيرة بدون المال ، لا يدقون الأجراس بدون المال"

"لا مراسم في الكنيسة للدفن بدون المال"

يبدو أنهم في كل يوم اخترعوا طرقاً جديدة لتنمية دخول الكنيسة. فقد كان هناك محصلون خصوصيون من قبل البابا سافروا إلى الأرياف. كانوا يطالبون بعشر دخل الكاهن ، ويحصلون على كل حصيلة الكاهن عن السنة الأولى من خدمته وبالطبع كانت المراكز والوظائف الكنسية لمن يدفع المبلغ الأكبر.

الضرائب كانت تفرض سنوياً على الملوك وإذا سافر البابا أو احتفل بأحد الأعياد، حينئذ تفرض لذلك ضريبة إضافية. يقدرون أن الكنيسة في أسبانيا وفرنسا استولت على ما يتراوح بين ثلث إلى نصف أملاك الدولة.

وفي إنجلترا تلقت الكنيسة وصرفت حوالي 25% من الدخل القومي.

في هذه الفترة من التاريخ لم يعد الناس يفكرون في الكنيسة على أنها مؤسسة للخدمة أو الإلهام لكن بالأحرى كملكية خاصة بكبار رجال الإكليروس، أوجدت لهم امتيازات ومكاسب اقتصادية .

" انتهى كلام جون لوريمر المؤرخ المسيحي المعروف "

والمصدر كما أوردنا من قبل هو الجزء الرابع من كتاب تاريخ الكنيسة ممن صـ35- 38 منشورات دار الثقافة عام 1990 الطبعة الأولى.

وبعد تلك المقدمة الطويلة من الفساد المالي والأخلاقي لم تكتفي الكنيسة بما استولت عليه ولكن البابوات ورجال الكنيسة ابتكروا وسيلة أخرى مخيفة لجمع المال من الشعب المسيحي المسكين وتتلخص بشاعة تلك الوسيلة في أنها لم تكتفي بالمتاجرة بما على الأرض وإنما امتدت أيدي البابوات العابثة إلى ما في السماء لتتاجر فيه فكانوا يبيعون للناس الغفران الإلهي وقطعاً من الجنة وغير ذلك عن طريق ما يسمى بصكوك الغفران.

ولنترك لجون لوريمر يروي علينا قصة صكوك الغفران على اعتباره أحد المسيحيين المخلصين فيقول في الصفحة الثامنة والثلاثين من الجزء الرابع لتاريخ الكنيسة تحت عنوان بيع صكوك الغفران :

" كان مشروع بيع صكوك الغفران أحد المشروعات العديدة المدرة للمال التي اخترعتها كنيسة العصر الوسيط. وهذه العملية هي التي أدت بطريق غير مباشر إلى الإصلاح البروتستانتي.

صكوك الغفران جزء من التوبة:

كان بيع صكوك الغفران امتداداً للنظام المتعلق بالتوبة. فالمنتظر من كل مسيحي أن يعترف بخطاياه للكاهن، ويحصل على الغفران.

بعد ذلك يتعين عليه القيام بأعمال خاصة بالتوبة، ليخفض من دينونته الأبدية هذه الأعمال قد تكون في صورة صلوات، أصوام، صدقات، إلخ...

لكن الكنيسة وجدت حينئذ طريقة أخرى ترضي دينونة الله على الشخص المعترف وتلك كانت ابتياع "صكوك الغفران" من "خزينة الإستحقاقات" في السماء.

ولقد عللوا ذلك بأن الدم الذي سفكه المسيح كان كافياً للخلاص بكميات أوفر من حاجة الجنس البشري ، وأن قديسين وشهداء كثيرين عملوا الصالحات بما هو أكثر من اللازم لخلاص ذواتهم.

هكذا بقيت هذه الخزينة الأبدية من الاستحقاقات التي أمكن السحب منها بواسطة صكوك الغفران للخاطئ العادي.

وفي وقت لاحق امتد مبدأ صكوك الغفران ليشمل المسيحيين الذين احتجزوا في المطهر (وهو مكان شبيه بالجحيم تحتجز فيه الأرواح حتى يتم تطهيرها من الذنوب لتدخل بعد ذلك الجنة)

وكان في استطاعة أقربائهم أن يشتروا لهم صك الغفران ليحصلوا لهم على الإفراج .

"انتهى كلام جون لوريمر بالنص"

وأظن أن الكلام لا يحتاج إلى شرح ولكن تخيل معي موقف أحد الفقراء المسيحيين ولنفترض أنه فقير صالح وله جار غني ولكنه فاسد و زاني وغير ذلك ذهبا سوياً إلى البابا ليحصل كلاهما على البركة والغفران، الفقير لن يحصل على شئ لأنه لا يملك المال فلا شئ يتم في الكنيسة بدون المال كما قال المسيحيون أنفسهم أما الغني فلن يحصل على البركة والغفران لنفسه فحسب، ولكنه يستطيع أيضاً إن شاء أن يحصل عليها للأموات من عائلته ممن ذهبوا إلى الجحيم.

أقسم بالله لو أن أشد مؤلفي الأرض تهكماً وسخرية أراد أن يكتب كوميديا هزلية عن الجحيم لما استطاع أن يأتي بفكرة أفضل من هذه، إن دانتي نفسه وهو مؤلف الكوميديا الإلهية لم يستطع أن يشطح بخياله إلى هذا الحد، ولكن البابا فعلها.

خسارة أن جائزة نوبل للآداب لم تكن قد وضِعت بعد.

والكلام الذي يقوله جون لوريمر هو نفسه الكلام الذي يقوله أي مؤرخ مسيحي فتلك حقائق تاريخية لا تقبل الجدل فجون لوريمر هنا لا يختلف عن أندرو مِلر مؤلف تاريخ الكنيسة أيضاً ولا يختلفان عن غيرهما من أمثال ول ديورانت ودي روزا وغيرهم من المؤرخين فماذا عن باقي الفضائح، والحق يقال أن للكنيسة معيناً لا ينضب من الفضائح فتارة يكون الجنس(وسببه وجود رجال ونساء غير متزوجين يعيشون مع بعضهم البعض معيشة كاملة لعشرات السنين تحت دعوى أنهم رهبان) وتارة تكون الرشاوي للحصول على المناصب كما ذكرنا وتارة القتل واستخدام أبشع وسائل التعذيب لفرض الرأي على المعارضين، وهكذا ..

سلسلة متتالية من الفضائح التي لا تنتهي ولنورد بعض الأمثلة لتلك الفضائح الجنسية والرشاوي والهروب من مواجهة الجرائم والابتذال ومصاحبة العشقيات و و و . . . ولنترك ول ديورانت مؤلف قصة الحضارة يروي لنا بنفسه فضائح الكنيسة في المجلد العاشر من قصة الحضارة الجزء العشرون صـ 3-9 فيقول تحت عنوان

الانشقاق البابوي:

"أعاد جريجوري الحادي عشر البابوية إلى روما، ولكن هل تستطيع البابوية البقاء فيها؟ وكان الجمع الذي انعقد لاختيار من يخلفه مؤلفاً من ستة عشر كاردنالاً، ولم يكن منهم إيطاليين غير اربعة، وقَدْمَ إليهم ولاة الأمور في المدينة عريضة يطلبون إليهم فيه أن يختاروا رجلاً من أهل روما؛ فإن لم يكن فلا أقل من أن يكون إيطالياً ، وأرادوا أن يؤيدوا هذا المطلب فاجتمعت طائفة منهم خارج الفاتيكان وأنذرت المجتمعين بأنها ستقتل جميع الكرادلة غير الإيطاليين إذا لم ينتخب للبابوية أحد أبناء روما، وارتاع لذلك المجمع المقدس فأسرع لإختيار بارتو لميو برنيانو (1378) كبير أساقفة باري وتسمى بإسم إربان السادس؛ ثم ولوا هاربين طالبين للنجاة، ولكن روما قَبِلت هذه الترضية".

"إنتهى كلام ول ديورانت"

إنهم يدعون حين تسأل أحدهم ومن يختار البابا ؟

فيرد المسيحي فوراً: الرب..

الرب ..

نعم، هذا ما يلقنونهم إياه لذلك تجد الطاعة العمياء والحشود الضخمة حينما يظهر البابا يوحنا بولس الثاني في أي احتفال لماذا..؟ لأن الشعوب المسيحية تظن أن الرب قد اختار هذا الرجل ليكون صورته في الأرض وصوته إلى الناس إلى آخر هذا الكلام.

وهل اختار الرب هؤلاء الباباوات؟

هل اختار الرب من يرتشي ومن يعطي الوظائف لأقاربه ومن يبتكر صكوك الغفران ليسرق بها أموال الشعوب المسيحية ؟

هلي يختار الرب من يتنقل بين عشيقاته (لا بين الكنائس) مثل بيوس الثاني (1458-1464) "كان يتنقل بين عشيقاته وكان له عدد من الأبناء غير الشرعيين بعث بواحد منهم إلى أبيه وطلب منه أن يربيه ، واعترف له بأنه "ليس أكثر قداسة من داود ولا حكمة من سليمان"، وكان في وسع الشاب الخبيث (يقصد البابا) أن يقتبس من الكتاب المقدس ما يؤيد أغراضه". (والكلام أيضاً لـ "ول ديورانت" قصة الحضارة جـ10 مج20 صـ44).

هل هذه هي اختيارات الرب.؟

وإذا كان الباباوات على هذا القدر من الفجور فما بالنا بالقساوسة والرهبان والراهبات، إن الراهب المصري الداعر الذي قُبض عليه وهو يغوي النساء ويزني بهن لم يكن هو الوحيد الذي يفعل ذلك، وإنما كان هو الوحيد الذي قُبِضَ عليه وهو يفعل ذلك، فالفضائح الجنسية تملأ الأديرة والكنائس لماذا؟ لأنهم يصرون على مبدأ الرهبنة التي ابتدعوها.

انظر لرئيس أساقفة كانتربري في بريطانيا وهو يصدر تصريحاً رسمياً عن الكنيسة في أواخر العام 2004 يطمئن فيه الأباء أن أبنائهم لن يكونوا عرضه بعد الآن للتحرش الجنسي إذا ذهبوا إلى الكنيسة.

كيف نترك رجل وامرأة وحدهما ولا نتصور أن تتحرك شهوتهما أليسا بشر؟

ثم إذا زنا أحدهما بالآخر يقولان مثلما قال البابا بيوس "لسنا أكثر قداسة من داوود ولا حكمة من سليمان"

لماذا داود وسليمان..؟

ارجع إلى زنا المحارم لتعرف لماذا ؟

لأنهم يصورون الأنبياء في الكتاب المقدس على أنهم زناة وسارقون وقتله.

فإن زنا أحدهم سيقول لك وهل أنا أكثر قدسية من لوط النبي الذي زنا بابنتيه وستجد قصته كاملة في زنا المحارم.

أم أني أفضل من سليمان والذي كتب سفراً كاملاً ليتغزل في عشيقته انظر نشيد الإنشاد أم نشيد للإفساد.

أم داود الذي زنى بجارته أم يهوذا الذي زنا بزوجة ابنه وكلهم من الأنبياء والصالحون.

أيُ تاريخ أسود ذلك وأيةٌ كتبٍ مقدسةٍ تلك التي تؤمنون بها أيها المسيحيون واليهود، وبعد ذلك يقولون لك إن الكتاب المقدس هو كلمة الرب.

أي رب ؟

الرب الذي اتهمتموه بالكذب والضعف وأنه يتخذ قرارات خاطئة في سفر التكوين ويندم عليها انظر صفات الله المستحيلة !؟

أم الرب الذي قال عن نفسه في القرآن } فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ{

نحن أيضاً نؤمن بالرب ولكننا نؤمن بإله كامل ، منزه عن العيوب والنقائص.

نؤمن بإله قوي، رحيم، عليم، ولكننا لا نؤمن بما تقولون عن الله من أنه ضعيف تعب فاستراح بعدما خلق الأرض في ستة أيام.

نؤمن بالله العليم، المحيط علماً بكل شيئ في الكون ما ظهر وما بطن، ولكننا لا نؤمن بما تقولون عن الله من أنه كان يبحث عن آدم في الجنة ولا يجده لأن آدم اختبأ من وجه الرب.

راجع أيها المسيحي مقال صفات الله المستحيلة لترى ماذا تقولون عن الرب ولتعرف أيهما أحق أن يكون كلمة الرب الكتاب المقدس أم القرآن الكريم.

وراجع أيها المسلم نفس المقال لتتعلم كيف تدافع عن دينك حينما يهاجمه المسيحيون واليهود.

ولنعد الآن إلى إربان السادس ولنر ما فعله بعدما تولى منصبه فيستمر ول ديورانت في سرده للأحداث قائلاً :

"وحكم إربان السادس المدينة والكنيسة بنشاط استبدادي عنيف وألقى عظمة عامة حضرها الكرادلة (رؤساء الكنائس) أنفسهم ندد فيها بفساد أخلاقهم وأخلاق كبار رجال الدين، و لم يترك نقيصة إلا رماهم بها ، وقد أمرهم فيها ألا يقبلوا معاشاً وأن يقوموا بجميع الأعمال التي تحال إلى المحكمة البابوية دون أجور أو هدايا أياً كان نوعها، ولما تذمر الكرادلة قال لهم: "إياكم وهذا اللغو" فلما احتج الكردينال أرسيني قال له البابا إنه أبله لا يعقل، ولما اعترض عليه كردينال ليموج هجم عليه إربان يريد أن يضربه… وأعلن البابا عزمه على تعيين عدد من الكرادلة الإيطاليين يكفي لأن يجعل لإيطاليا أغلبيه في مجلس الكرادلة.

واجتمع الكرادلة الفرنسيون في أنانيي، ودبروا للثورة، فلما كان اليوم التاسع من أغسطس 1379 أصدروا منشوراً يعلنون فيه أن انتخاب إربان باطل لأنه تم تحت ضغط غوغاء روما.

وانضم إليهم جميع الكرادلة الطليان، وأعلن المجمع على بكرة أبية في يوم 20 أغسطس أن ربرت الجنيفي هو البابا الحق. أما إربان فقد تمسك بمنصبة الديني وظل مقيماً في روما"

"إنتهى كلام ود ديورانت"

انشقاق على البابا … لماذا…؟

لأنه أمرهم ألا يسرقوا البسطاء من المسيحيين

وألا يقوموا بأعمالهم الدينية مقابل المال

وأن يكونوا صرحاء مع أنفسهم فهم يدعون أنهم رهبان وتركوا الحياة الدنيا والحقيقة أنهم ادعوا ذلك بعدما اكتشف كلٌ منهم أنه من الأفضل له أن يعمل راهباً على أن يعمل مزارعاً أو نجاراً مثلاً فالرهبنة لن تتطلب منه القيام بأي شيء سوى الهمهمة بصوت منخفض وبعدها تهبط البركة على من يدفع أكثر.

انظر إلى الإجماع يقول ول ديورانت "وانضم إليهم جميع الكرادلة الطليان"، ألم يكن في إيطاليا وفرنسا راهب واحد يحترم المسيح أو حتى على استعداد لأن يخفي أطماعه عن الناس...؟

لا لم يكن هناك أحدٌ في ذلك المجمع المقدس يستحي.

لماذا…؟

لأن الدنيا أصمتهم وأعمت أبصارهم عن رؤية الحق

ولأنهم لم يستحوا من الله فكيف سيستحوا من البشر.

لماذا لم يسمعوا لكلام البابا ..؟

لأنه قال لهم لا تقبلوا رشاوى وهدايا ولم يطالبهم بأكثر من ذلك.

فماذا عن المسلمين الذين يطالبون القساوسة والرهبان باتباع الإسلام ؟

هل تظن أيها المسلم أن القسيس سيتبعك بكل بساطة ويترك بركات الكنيسة وأموالها والنفوذ الروحي على آلاف المسيحيين .

كلا إنه لن يفعلها، إن ما يمنع القساوسة والرهبان وحتى البابا نفسه من الدخول في الإسلام ليس جهلهم به فهم يعرفون الحق من أيام الرسول الأعظم محمد r والدليل على ذلك ما حدث من أحبار اليهود ونصارى نجران ولكنهم آثروا الحياة الدنيا هل تتصور أن البابا شنودة أو البابا يوحنا بولس الثاني لا يعرفون الحقيقة ؟

ستكون مغفلاً إذا ظننت ذلك، إنهم يعرفون أنهم على الباطل وأن الإسلام هو دين الحق ولكنهم لا يستطيعوا أن يتركوا سلطانهم ونفوذهم على الملايين من الشعب المسيحي وأن يصبح أياً منهم رجلاً عادياً بعدما كان يتمتع بكل هذا النفوذ وعلى كل حال فالأمثلة أمامنا، وتكاد الكلمات تنطق من فرط ما تكتم بداخلها من معانٍ ولكن قومي لا يعلمون.

إن المسلمين من السذاجة بمكان حتى ليتصور أحدهم أن المسيحي لو علم الحق سيتبعه مثله في ذلك مثل المسلم إن سمع من يؤنبه على المعاصي التي يرتكبها ويذكره بالتوبة تجده يسارع إلى ترك الذنوب والمعاصي ولكن لا…

إن كثيراً منهم يعرف الحق ولا يتبعه وكثير منهم يعرفون الحق وهم للحق كارهون.

وبرغم كل هذه الفضائح كان الشعب المسيحي يصدق الخرافة القائلة بوجود ما يسمي بصكوك الغفران وذلك لأن الشعب المسيحي يريد دائما من يعطيه الدين السهل أي اسرق وازني وستدخل الجنة لأن المسيح قد حمل عنك خطاياك حينما صُلِب أو اسرق وازني واقتل وستحصل علي قطعة من الجنة إذا دفعت عشرة جنيهات ذهبية للكنيسة أي دين اسهل من هذا دين ترتكب باسمه كل الموبقات ثم تدخل الجنة بعشرة جنيهات ذهبية.

أما الدين الذي يأمرك بالصلاة وبالزكاة وينهاك عن الفحشاء والمنكر والبغي كالزنا وشرب الخمر وأكل أموال الناس بالربا فهذا الدين لا مكان له في قلب الشعب المسيحي فهم لا يريدون أن يرهقوا أنفسهم بتكاليف هذا الدين إنهم يريدون الدين السهل.

المضحك في الأمر أن اليهود لم يُفوِتوا هذه الفرصة بدون تحقيق مكاسب ضخمة كعادتهم فالتاريخ يروي لنا قصة مرابي يهودي ذهب إلى البابا ليشتري منه صكوك الغفران ويعيد بيعها ليتربح منها ولكن البابا رفض لأن الشعب اليهودي كان لا يزال مغضوباً عليه وملعوناً في الكتاب المقدس قبل أن يصدر البابا يوحنا بولس الثاني عفوه عنهم عام 1988 مخالفا بذلك مشيئة الرب في إنجيل متي.

وبعد أن رفض البابا أن يبيع لليهودي صكوك الغفران جاءه اليهودي في اليوم التالي وطلب منه أن يشتري صكوك الهلاك أي جهنم فما دامت الكنيسة تصدر صكوك ملكية للجنة فلا ريب أنها تستطيع إصدار صكوك أخري للنار وفرح البابا بذلك المغفل اليهودي الذي سيدفع نقودا ذهبية مقابل حصوله علي صك بدخول جهنم ولم يدر البابا وقتها أنه ورجال الكنيسة كانوا هم المغفلين فلقد طلب اليهودي من البابا أن يشتري منه كل الصكوك الخاصة بجهنم وبعدها خرج اليهودي من الكنيسة إلى بيته حاملاً صكوك جهنم والتي اشتراها من البابا بالجملة ودفع فيها مبلغاً ضخماً من المال وأعلن اليهودي علي الملأ أنه يمتلك جهنم كلها وأنه لن يدع أحد من الناس يدخلها معه لأنها باتت ملكية خاصة له وأصاب الفزع البابا …

ماذا عن أولئك الذين لم يشتروا صكوك الغفران بعد أنهم لن يدخلوا الجنة ولكنهم لن يدخلوا النار كذلك، وفَهِمَ أخيراً خطة المرابي اليهودي فبعث له من يَرُدَ إليه ثمن صكوك النار ويعود بها إلى الكنيسة ولكن اليهودي رفض إلا أن يحصل علي ثلاثين ضعفا لما دفعه للبابا المغفل وحصل علي ما يريد وخسرت الكنيسة نصف أرباحها علي الأقل بسبب ذلك اليهودي وارتفع ثمن صكوك الغفران بعد ذلك لتستطيع الكنيسة تعويض خسارتها.

إنها تجارة رابحة ولكنها تجارة غير شريفة، إنهم يتاجرون باسم الدين وبروح الله وبجسد المسيح انهم يلعنون من باع جسد المسيح بثلاثين قطعة من الفضة ولا يلعنون أنفسهم بشرائهم جهنم بثلاثين ضعفا من اليهودي الذي استطاع أن يستغل جشع البابا وطمع الكنيسة.

ولأن المكان لا يتسع لسرد المزيد من التفاصيل فإلى الجزء الثاني تحت اسم "التاريخ الأسود للكنيسة