والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحابته أجمعين
معاداة السامية
Anti-Semitism
المقصود بالساميين هم اليهود ... ولكن في الواقع ليس اليهود هم وحدهم الساميون ، فقد جاء في الأثر أن العرب وشعوب كثيرة في الشرق الأوسط هم ساميون والله تعالى أعلم ، وفوق هذا فأغلب اليهود المستوطنين في أرض فلسطين المحتلة يعود أصلهم إلى دول أوروبا ولا علاقة لهم بساميتهم المزعومة ..
ومن المعلوم أن المسلمين لا يتفاخرون بالأنساب لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه العزيز:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى)...
ولكن اليهود لهم في هذا الأمر رأي آخر ، فهم يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار وجنس فوق كل الأجناس ، أما باقي الشعوب فهم مجرد عبيد عندهم حسب ما ترويه التوراة المحرفة المكتوبة بأيديهم ،
(( لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك، إياك قد اختار الرب إلهك، لتكون له شعباً أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض )) (تثنية: 6: 7) .
وتبدأ قصة امتيازهم المزعوم على باقي الشعوب عند قصة سام ابن نوح وهو من بين الذين اختارهم لتكون ذريته سادة العالم وخيرته حسب ما يعتقدونه..
وللإشارة فسام هو أحد أبناء نوح عليه السلام اعتقد اليهود أنهم ينحدرون من ذرته ، فصنعوا له بطولة وسمعة حسنة على حساب باقي اخوته في قصة جد منحطة في كتابهم المدعو مقدس جعلت مكانة النبي نوح في الحضيض ، وهذا هو النص كما ورد في سفر التكوين الاصحاح التاسع:
((بعد الطوفان العظيم الذي أهلك الدنيا بأكملها وبلغ أعالي الجبال ولم يبقي نسمة حية إلا نوح وعائلته نجوا على متن تابوت حملوا فيه كذلك جميع الحيوانات حسب ما ترويه التوراة))
9: 20 ابتدا نوح يكون فلاحا و غرس كرما
9: 21 و شرب من الخمر فسكر و تعرى داخل خبائه
9: 22 فابصر حام ابو كنعان عورة ابيه و اخبر اخويه خارجا
9: 23 فاخذ سام و يافث الرداء و وضعاه على اكتافهما و مشيا الى الوراء و سترا عورة ابيهما و وجهاهما الى الوراء فلم يبصرا عورة ابيهما
9: 24 فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير
9: 25 فقال ملعون كنعان عبد العبيد يكون لاخوته
9: 26 و قال مبارك الرب اله سام و ليكن كنعان عبدا لهم
9: 27 ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام و ليكن كنعان عبدا لهم
((سفر التكوين الاصحاح التاسع))
((لاحظوا كيف لعن نوح التوراتي السكير حفيده البريء كنعان وترك ابنه المذنب حام ... أليس في هذا معاداة للكنعانيين ؟؟ .. وربما يدل هذا على أنه لم يستيقظ بعد من خمره ... ويدل أيضا على أن كاتب هذا السفر أفرط في شرب الخمر فأصبح يخرف ويهذي ويتوعد
ما أقول إلا قاتلهم الله ... إذا كان نوحا فعل فعلة كهذه ... فلماذا نجى أصلا من هذا الطوفان العظيم ؟ ولماذا سيلام القوم الذين غرقوا في هذا الطوفان؟
نوح الحقيقي أيها المجرمون هو العبد الشكور كما أثنى الله تبارك وتعالى عليه ، و بعد أن نجاه الله تعالى وأهله من هذا الطوفان العظيم فلا شك أنه سيكون أكثر شكرا لله رب العالمين ، ولو فعل فعلة قبيحة كهذه فقد جحد نعمة الله وما كان يستحق أن يكون من الناجين))
و تقول التوراة أنه لم ينج من هذا الطوفان العظيم من البشر سوى نوح وعائلته التي تتكون من زوجته وثلاثة أبنائه هم سام وحام ويافث حملهم في تابوته أي (سفينته) ... ثم تزكي التوراة سام وأحفاده الذين سينحدرون منه على حساب باقي اخوته بسبب فعلة قبيحة فعلها نوح نفسه !
وأقول لكل من يؤمن بهذه الخزعبلات ولو يضعها موضع شك ... أين هي هم باقي المؤمنين وذرياتهم الذين حملوا في الفلك المشحون ؟ فنوح عليه السلام لم يصنع الفلك لحماية عائلته كما تروي التوراة المدنسة بأيدي اليهود ..
وعلى هذا المنطق أتسائل لماذا لا نقول كفانا فخرا بأننا من ذرية نوح عليه السلام العبد الشكور كما وصفه الله تبارك وتعالى ... أو كفانا فخرا أننا من ذرية آدم عليه السلام الذي أسجد له الله ملائكته ؟...
أم أننا بحاجة لنسب نمتاز به على بعضنا فيكون بعضنا فوق البعض بالوراثة ؟
ويبدو أن اليهود قد صدّقوا ما كتبوه بأيديهم بأنهم سادة العالم فاستكبروا وعتوا عتوا كبيرا ..
وامتد استكبارهم على مر العصور حتى عصرنا الحالي ، وهم دائما يحاولون السيطرة على كل شيء ، وكما نراه الآن فقد تمكنوا من السيطرة اقتصاديا وماديا وإعلاميا وسياسيا واستراتيجيا على مختلف دول العالم بما فيها الدول العربية ، وإذا رجعنا بالزمن قليلا إلى الوراء فسنجد أن تصرفات اليهود كانت ملحوظة في أوروبا والغرب عامة ، حيث كانوا لا يندمجون حينها مع المجتمعات بشكل ملفت للإنتباه باعتبارهم أنهم شعب الله المختار وأنهم جنس فوق كل الأجناس، وهذا ما جعل العداء ضدهم يتنامى شيئا فشيئا إلى ظهرت منظمات وأحزاب وجمعيات تدعوا إلى طرد اليهود من البلدان الأوروبية اصطلح على تسميتها بمعاداة السامية
وبعد الحرب العالمية الثانية استغل اليهود الظروف التاريخية والاجتماعية والدينية لتحويل هذا المصطلح إلى صالحهم ، فمصطلح معاداة السامية قد يوحي للبعض بأن فيه اضطهادا لليهود الساميين والتشجيع على تنامي الكراهية ضدهم ، وفي ظل هذا المنطق سيجدون من يساندهم ممن لا علم له بنواياهم الخبيثة ، فيلقنون بذلك درسا قاسيا لكل من سولت له نفسه معاداتهم ...
و في الواقع هذا المصطلح الجديد بالنسبة لهم ما هو إلا لترسيخ ما جائت به توراتهم بأنهم شعب مقدس مهما اقترفوا من جرائم في حق غيرهم من البشر
فأصبح الآن كل يندد بجرائمهم وفسادهم في الأرض يتهمونه بمعاداة السامية ويجرمونه فيحركون جميع أجهزتهم التي يسيطرون عليها في هذا العالم ووسائل إعلامهم الخبيثة المندسة بين الشعوب والأمم من أجل تضليل عامة الناس والنيل من كل من يعاديهم أو يخالفهم أو يكيدون له مكيدة وهو لا يدري ، فأصبح كل من يعادي الصهيونية هو معاد للسامية وكل من يندد بجرائمهم في فلسطين والشرق الأوسط عامة فهو معاد للسامية
يقول الله جل وعلا:
{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا* فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا* إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا* عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا[الإسراء]. }
المفضلات