رحمةُ الرسول محمد (صلَّى الله عليه و سلم) تجاه المؤمنين
كان الرسول (صلَّى الله عليه و سلم) رجلا مفعما بالرحمة,و بالحب وبالتفهم. كان يسعى دائما للسؤال عن صحة رفاقه و عن حالتهم النفسية و عن حال جميع الناس الذين يحيطون به.
إضافة إلى أنه كان يهتم كثيرا بظروف حياتهم, بفرحهم و بالمخاوف التي يمكن أن تعتريهم في حياتهم اليومية.
كأي والد حريص على أولاده, كان الرسول (صلَّى الله عليه و سلم) يشجعهم على التواضعو الطيبة و الاستقامة و على احترام قواعد الإسلام.
و قد عرَّف اللهُ رسولَنا(صلَّى الله عليه وسلم) لعباده كما يلي:
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ
رَحِيمٌ(سورة التوبة, ١٢٨)
وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (سورة الشعراء, ٢١٥)
اتخذ الصحابة من الرسول (صلَّى الله عليه و سلم) مثالا يحتذى به، فبرهنوا على صفة إيثار الغير , بالتصرف بتعاطف و رحمة من دون أي تقصير.
و قد تحدث الله عن تضحياتهم من أجل سعادة الآخرين في الآية الكريمة:
وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (سورة الحشر, 9)
لقد استفاد المؤمنون من رفقة رسولنا، فظلوا أوفياء لتعاليمه ومطيعين لآيات القرءان الكريم, هؤلاء هم الذين أثبتوا قدرا كبيرا من الرحمة و التعاطف حتى تجاه الأعداء. قال الله تعالى:
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (سورة الانسان, ١٠)
ذكًّر الرسول (صلَّى الله عليه و سلم) صحابته مرات عديدة بضرورة الحفاظ على الإنسانية و الطيبة, و هو نفسه كان خير مثال على هذه الصفات النبيلة. قال الرسول (صلَّى الله عليه و سلم):
"الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"( رواه الترمذي)
"من لا يرحم, لا يُرحم" (رواه البخاري 91)
" والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم" (البخاري, 40)
و قد ذهب أبعد من ذلك في هذه العاطفة و انشغاله بالمسلمين , فسأل الرسول (صلَّى الله عليه و سلم) ربه أن يغفر ذنوب المؤمنين.
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (سورة الممتحنة, ١٢)
و في سورة أخرى, سأل الله رسولنا أن يقيم الصلاة من أجل المؤمنين:
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (سورة محمد, ١٩)
في هذه الآية , يشعر المؤمن بالطمأنينة بفضل الصلاة التي قدمها له الرسول (صلَّى الله عليه و سلم).
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (سورة النور, ٦٢)
و أخيرا في هذه الآية:
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (سورة التوبة, ١٠٣)
جعل الله هذه الصلاة، الآمرة لرسوله وسيلة يمكن أن يشعر المؤمنون بفضلها بمعنى التيسير، دون أن ينسوا أن الله فقط يمكن أن يعطيهم أدلة على رفعة أخلاقه.
رحمة ربنا و حبه لعباده, تتجلى في سلوك و أخلاق رسوله المبعوث إلينا محمد (صلَّى الله عليه و سلم).

هارون يحيي
Apr 05, 2010