هل القرآن مخلوق أم لا؟

قالوا : إن القرآن كلام الله مخلوق حقًا كما قالت الجهمية من قبل ومن تبعهم ، وذلك لأن المسيح عيسى هو كلمة الله في القرآن ، والقرآن ذكر أنه مخلوق من تراب ، وبالتالي فعيسى كلمة الله ومخلوقة ، ويصبح بذلك القرآن كلام الله كله مخلوق .....


الرد على الشبهة


أولاً : إن محنة خلق القرآن هلكت في الدهر ولم يبق منها إلا تفسيرات متلوية من قبل بعض الفرق ؛ وكانت هذه المحنة من الابتلاءات التي تعرض لها المسلمون ؛ ليميز الله الخبيث من الطيب ؛ فالخبيث جهم بن صفوان ومن تبعه ، والطيب الإمام أحمد بن حنبل ومن تبعه... فتلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولنا ما كسبنا...

ثانيا : إن كل ما قاله المعترضون في شبهتهم باطل لا أساس له من الصحة ...
فلو أحسنت بهم الظن أقول : إن ما قالوه أشكل عليهم فهمه... والواجب علي بيانه كما يلي :

إن المسيح كلمة الله  حقًا ويقينًا كما ذكر القرآن ، فالمسيح مخلوق بكلمة الله و كلمة الله ليست مخلوقة.

نفهم ذلك الفهم الصحيح من خلال الفهم العام للآيات والجمع بينها ؛ فقد خلق المسيح بكلمة كن ؛ قال الله كن عيسى فكان عيسى ، وعيسى  ليس كن بل كان.

إذًا : عيسى ( كان ) وليس ( كن) لان كن قالها الله و ليست مخلوقة ، بينما كان المسيح هو المخلوق بكلمة كن ( فكان)...

الله  يخلق بكلمة كن ، فيكون الذي أراده الله  ... أدلى على ذلك جاءت في الآتي :

1- قوله  :  بدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)  (البقرة).

قوله  : مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)  (مريم).

قوله  : إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)  (يس).

قوله  :  قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)  (آل عمران).

نلاحظ من الآية الأخيرة : أن المسيح خلقت بكلمة كن التي ليست مخلوقة فكان هو المخلوق...


ثالثا : إن قيل: إن الكاتب أكرم حسن يفسر من تلقاء نفسه ، ولم يقل أحد من قبل بكلامه...؟
قلت : إن هذا قديم عن العلماء ، وما أنا إلا مؤيد لما يوافق الصواب ... أكتفي بما جاء في الآتي :

1- كتاب الحكمة من الدعوة إلى الله : فالكلمة التي ألقاها الله إلى مريم هي : (كن) ، فكان عيسى بـ " كن " ، وليس عيسى هو الكن ، ولكن بالكن كان عيسى ، فالكن من الله قوله : (كن) ، وليس الكن مخلوقا ، قال تعالى : { إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ }{ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ }{ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ }{ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }.

2-أيسر التفسير لأبي بكر الجزائري : قال لعيسى بتلك الكلمة كن فكان عيسى .


رابعًا : عن ما يؤيد ما سبق بيانه هو الكتاب المقدس الذي يؤمن به المعترضون أن الله يخلق بكلمة كن فيكون الذي أرده الله  ؛ جاء ذلك في سفر التكوين إصحاح 1 عدد 6وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ جَلَدٌ فِي وَسَطِ الْمِيَاهِ. وَلْيَكُنْ فَاصِلاً بَيْنَ مِيَاهٍ وَمِيَاهٍ». 7فَعَمِلَ اللهُ الْجَلَدَ، وَفَصَلَ بَيْنَ الْمِيَاهِ الَّتِي تَحْتَ الْجَلَدِ وَالْمِيَاهِ الَّتِي فَوْقَ الْجَلَدِ. وَكَانَ كَذلِكَ. 8وَدَعَا اللهُ الْجَلَدَ سَمَاءً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَانِيًا.
9وَقَالَ اللهُ: «لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ». وَكَانَ كَذلِكَ. 10وَدَعَا اللهُ الْيَابِسَةَ أَرْضًا، وَمُجْتَمَعَ الْمِيَاهِ دَعَاهُ بِحَارًا. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 11وَقَالَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ. 12فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ، وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 13وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَالِثًا.
14وَقَالَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. 15وَتَكُونَ أَنْوَارًا فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ. 16فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ لِحُكْمِ النَّهَارِ، وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ، وَالنُّجُومَ. 17وَجَعَلَهَا اللهُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ، 18وَلِتَحْكُمَ عَلَى النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَلِتَفْصِلَ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 19وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا رَابِعًا.

كتبه / أكرم حسن مرسي
2/ 3/ 2013م