الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . وبعد ؛ فقد استوقفتني و لفتت نظري دراسة نصرانية خبيثة مليئة بالأباطيل و الأكاذيب و الطعن في الإسلام و نبوة رسولنا الكريم ... و هذه الدراسة منشورة في خمسة عشر موقعا إلكترونيا نصرانيا !!! وهي تبدو في ظاهرها مقبولة في الطرح بريئة في الهدف و لكنها في واقع الحال أخطر و أخبث مما يخطر على قلب بشر !! وهي تحمل عنوان ( أيهما أعظم المسيح أم محمد ) مما تطلب مني و من غيري من طلبة العلم الشرعي النهوض للرد على هذه الافتراءات و الأباطيل و نحن ندرك تماما أنَّ نهوضنا هذا إنّما هو جزءٌ من حقِّ الله تعالى علينا. "ومن بعض حقوق الله على عبده ردُّ الطاعنين على كتابه ورسولهِ ودينهِ، ومجاهدتُهم بالحجّة والبيان، والسيّف والسّنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبّةُ خردلٍ من إيمان"( ).
نحن نوقنُ بأنّ هذا الدّين متين، واضحٌ لا تشوبُه شائبةٌ، ولن تُنقِصَ من علوِّ قدره ومنزلته الشتائم والمطاعن التي يُثيرها رجالات الكنيسة ، فقد سبقهم إلى مثل ذلك كُفّارُ قريشٍ الأوائل ... ولكن يجب أن يَعلمَ هؤلاء الكارهون الطاعنون وكلُّ مَن دار في فلكهم أنّ لهذا الدِّين فرساناً جاهزين على مدار السّاعة، لكُلِّ أنواع المواجهات وعلى رأسها وفي مقدّمتها الفكريّة العقديّةُ. لأنّ السّكوت في عالم اليوم لن يؤّدي إلاّ إلى مزيدٍ من ارتياب المُبْطلين وتماديهم في غيِّهم، ولن يُفهَمَ إلاّ على أنّه عجزٌ عن الردّ وبالتالي صحّة المطاعن والشّبهات والشكوكّ.
هذا بغيٌ أصابنا في ديننا ورسولنا الكريم وبالتالي وجبَ الانتصار لهما والذّودُ عنهما مصداقاً لقوله تعالى: " وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ"( ). مع التذكير بأننا في حديثنا هذا لا نقومُ لحمل السيوف أو لإطلاق الرصاص أو لإخضاع المخالِفِ لنا بالقوّة والقهر، لا وإنّما ننهضُ وبين أيدينا مصدرٌ يُعلّمنا كيفيّة النهوض وآدابه ومقتضياته، ننهضُ كما نهضَ محمدٌ ، لا شتّاماً ولا سبّاباً ولا طعّاناً، ننهض لنُخاطب العقول والقلوب وننفضَ الغبار عن فطرة الناس السليمة التي فطرهم اللهُ عليها مواجهين الحجّةَ بالحجّةِ ودافعين بالحسنة السّيئةَ، لِتستبينَ السبيلُ لكُلِّ مَن عُمِّيَ عليه وفُرضت عليه نظّّارةٌ سوداء لا يلبسها إلاّ حين ينظر إلى الإسلام والمسلمين ونبوّة الحبيب المصطفى .
1. ونضع بين يدي القارئ الكريم أبرز عشرين نقطة و شبهة وردت في هذه المقارنة الخبيثة مع إيرادنا للردود الشافية عليها بعون الله تعالى و توفيقه...
1.المسيح هو الحياة وأتباعه أيضاً سيحيون "أنا هو القيامة والحياة مَنْ آمن بي ولو مات فسيحيا" (يوحنا 11: 25) وقال أيضاً لأتباعه "إني أنا حيٌ فأنتم ستحيون" (يوحنا 14: 19) أمّا محمدٌ فهو ميتٌ وأتباعهَ ميِّتون "إنك ميِّتٌ وإنّهم ميّتون" (سورة الزمر 39: 30).
ـ يعتقد المسيحيّون بهذا لأنّهم لا يعترفون ببشرية المسيح فهو في نظرهم ربٌ وإلهٌ، وهم في الوقت نفسه يعتقدون بموته على الصليب وبأنّ ذلك كان لتكفير خطايا البشر!! أمّا عن رسول الله  فهو لم يدَّعِ الخلودَ لأحدٍ في هذه الحياة الدنيا التي سيفنى كلُّ مَن فيها على نحو ما ذكر القرآن الكريم، ولكنّ الخلود إنّما هو في الحياة الآخرة فلا موتَ لأهل الجنّة ولا موت لأهل النار.
2. المسيح منع أتباعه من استعمال السيف "ردَّ سيفك إلى مكانه كلُّ الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون" (متى 26: 52) بينما محمدٌ حثَّ أتباعه على استعمال السيف "يا أيها النبي حرِّض المؤمنين على القتال" (سورة الأنفال 8: 65).
ـ إن لم يسمح المسيح، عليه السلام، لتلاميذه وأتباعه باستعمال السيف فلماذا إذاً سمح لهم بحمله؟؟ وهذا الكلام ليسَ من عندنا، فذكر السياق كاملاً هو الذي يثبتُ صحّة ذلك؛ حيث أنّ الكهنة اليهود لمّا جاؤوا للقبض على المسيح، عليه السلام، وأمسكوه "وإذا واحدٌ من الذين مع يسوع مدَّ يده واستلَّ سيفه وضربَ عبدَ رئيس الكهنة فقطعَ أذنه"( ). أمّا عن استعمال أتباع محمدٍ  للسيف فما كان يوماً إلا للدّفاع عن الحق ولردِّ الظلم والعدوان، وهو ما سيأتي تفصيل القول فيه في الفصل الأخير من هذه الدراسة بعونه تعالى.
3. المسيح نادى بالغفران "سمعتم أنّهِ قيلَ عينٌ بعينٍ وسنٌّ بسنٍّ، وأمّا أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فَحَوِّل له الآخر أيضاً". (متى 5: 38 – 39) بينما محمدٌ نادى بالانتقام "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" (سورة البقرة 2: 194).
ـ ما انتقم رسول الله  لنفسه قطّ. والآية الكريمة المذكورة إنّما تقرّر مبدأ القصاص الذي يقوم على معاقبة الجاني والمعتدي بمثل ما فعل، وهذه قمّة العدل والانصاف في ردع الجُناة والمعتدين على الناس. ولا ينسَ النصارى قبل ذلك أنّ العهد القديم قد كان السبّاق في إقرار مبدأ القصاص، والدليل على ذلك هو "وإن حصلتْ أذيّةٌ تُعطي نفساً بنَفْسس وعيناً بعينٍ وسِنِّاً بِسِنٍّ ويداً بيدٍ ورِجلاً برِجلٍ وكَيّاً بكيٍّ وجُرْحاً بجُرحٍ ورضّاً برضٍّ"( ).
4. المسيح كان بلا خَطَيَّةٍ "لم يفعل خطيةً ولا وجد في فمه مكر" (1 بطرس 2: 22) "من منكم يبكّتني على خَطيّة: (يوحنا 8: 46) "وتعلمون أن ذاك أظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 3: 5) ـ وكذلك فإنّ القرآن لم يذكر أيَّ خطيةٍ لعيسى ـ بينما محمدٌ كان خاطئاً "واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات" (سورة محمد 47: 19).
ـ لقد أجرى النصارى هذه الآية الكريمة على ظاهرها وفهموها فهماً خاطئاً. والمعنى الظاهر هنا يعارضُ عصمةَ الله تعالى لأنبيائه ورسله عن الوقوع في المعاصي والآثام والذنوب. إذ لا يصلُحُ مذنبٌ وآثمٌ وعاصٍ لأن يكون قدوةً للناس يأخذ بيدهم إلى الخير والفلاح ويقودهم لتطبيق تعاليم شرع الله تعالى "فذنبُ الرسول  ليس ذنباً حقيقياً، قائماً على فعل المعصية، وإنما هو ذنبٌ معنويٌ يقوم على نوعٍ من تركِ الأَولى، والسهو والغفلة والنسيان، الذي لا يؤدي إلى ترك واجبٍ أو فعلِ محرَّمٍ. وقد يفعل الرسول  خلافَ الأَولى، فيعاتبه الله، وقد يمر بحالةٍ من السهو اليسير أو الغفلة البسيطة، فيتداركه الله، وهذا نوعٌ من التقصير، يستدعي أن يستغفرَ اللهَ منه، ليبقى  في كامل تألُّقِه وارتقائه. وقديماً قيل: حسناتُ الأبرار سيئاتُ المقرَّبين. إنَّ استغفار الرسول  وتوبته نوعٌ من أنواع ذكره الله، وعلى هذا قوله : "إنه ليُغاَنُ على قلبي فأتوبُ إلى الله واستغفره في اليوم مئة مرة" فاستغفاره لله صورةٌ من صور ذكره وشكره له"( ).
وعلى ذلك يكون الأمر بالاستغفار أن يستغفر النبي  من الأمور التي اجتهد فيها، من غير وحيٍ إليه فيها، فتركَ الأولى (الأحسن) وأخذ بالحَسَنِ.
5. كلام السيد المسيح لم يتبدَّلْ "السماء والأرض تزولان ولكنَّ كلامي لا يزول" (متى 24: 35) بينما كلامُ القرآنِ ومحمّدٍ قد تبدَّل "وإذا بدّلنا آيةً مكان آيةٍ والله أعلم بما ينزل" (سورة النحل 16: 101).
ـ لقد تبدّل قول المسيح، عليه السلام، وزال في الإنجيل والدليل على ذلك ما يلي: "أجَابَ يَسُوعُ: وَإنْ كُنْتُ أشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَقٌّ"( ). فقد تبدّل قوله هذا إلى ما يلي: "إنْ كُنْتُ أشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً"( ). أمّا عن قوله تعالى " بدّلنا آيةً مكان آيةٍ" ففيه اقرارٌ لمبدأ الناسخ والمنسوخ و"إنَّ نسخَ الله تعالى لحُكمٍ من أحكامه، أساسُه حِكمةٌ ظاهرةٌ، ومعلومةٌ لله تعالى، ويستحيلُ أن تخفَى عليه. وغايةُ الأمر أنّ الله تعالى عندما ينسخُ حكماً بحُكْمٍ آخر، فإنّ الحُكمَ الناسخ يأتي بحكمةٍ غير الحِكمة التي أتى بها الحكمُ الأولُ المنسوخ. وعلى اعتبار أنّ هناك مصلحةً جديدةً للعباد اقتضتها عمليةُ النّسخ، وجاء بها الحكمُ الناسخ. فمصالحُ العباد تتجدَّدُ بتجدُّدِ الأزمان، وتختلفُ باختلاف الأشخاص، والأحوال. ولذا فإنّ النَّسْخ يعني أن هناك مصلحةً جديدةً فيأتي الله بِحُكمٍ جديدٍ يتضمَّنُها، وينسخُ به الحكمَ السابق الذي يتضمن المصلحةَ السابقة. والله تعالى أَحَاطَ بكُلِّ شيءٍ علماً، فلا يستلزم النسخ إذن الجهلَ، أو العبثَ على الله تعالى"( ). ونُشيرُ هنا إلى أنّ النسخ لا يكون إلاّ في الأحكام، أمّا العقائدُ فلأنّها حقائقُ صحيحةٌ لا تقبلُ التغييرَ والتبديلَ فبدهيٌ أَلاّ يتعلَّقَ بها نسخ.
6. المسيح طرد الشيطان بعيداً "قال له يسوع اذهب يا شيطان" (متى 4: 10) بينما محمد كان يُجالِسُ الجن "وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا انصتوا فلمَّا قُضيَ ولَّوا إلى قومهم منذرين" (سورة الأحقاف 46: 29).
ـ إن كان المسيح، عليه السلام، قد طرد الشيطان وقال له إذهب يا شيطان، فإنّ رسول الله  كاد أن يخنق الشيطان حتى وجدَ بردَ لعابه بين أصابعه الشريفة . فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله  قام فصلّى صلاة الصبح وهو خلفه، فقرأ فالتبستْ عليه القراءةُ فلمّا فرغ من صلاته قال: "لو رأيتموني وإبليسَ فأهويتُ بيدي فما زلت أخنقهُ حتى وجدتُ بردَ لُعابه بين أصبعيَّ هاتين الإبهام والتي تليها ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطاً بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيانُ المدينة فمن استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين القِبلة أحدٌ فليفعل"( ).
أمّا عن مجالسة رسول الله  للجنّ فقد كانت امتثالاً لأمر الله تعالى، لأنّ رسالة الإسلام جاءت عالميةً وعامّةً للإنس والجن على السّواء. وهنا نذكِّرُ النصارى بأنّ أنجيلهم يذكر أنّ المسيح، عليه السلام، كان قد أخرج الشياطين من رجلٍ فدخلتْ في قطيعٍ من الخنازير. وليرجع مَن شاءَ إلى القصّة كاملةً في إنجيل مرقص في الإصحاح الخامس في الآيات 1 – 11.
7. الشيطان لم يكن له سلطانٌ على يسوع "رئيس هذا العالم (الشيطان) يأتي وليس لهِ فيَّ شيءٌ" (يوحنا 14: 30) بينما الشيطان كان له سلطانٌ على محمد "وأما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله أنه سميع عليم" (سورة الأعراف 7: 200).
ـ يقرِّر القرآن الكريم أنّ الشيطان ليس له سلطان على المؤمنين، قال تعالى: "إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ"( ) فكيف يكون له سلطان على سيد الخلق ؟ وأمّا المقصود بنزغ الشيطان في الآية السابقة فهو الغضب. وعلى هذا يكون معنى الآية وإمّا يُغضبنّكَ من الشيطان غضبٌ يصدّك عن الإعراض عن الجاهل ويحملك على مجازاته فاستجر بالله من نزغه، إنّه سميعٌ لجهل الجاهل عليك.
8. المسيح شفى الأعمى "كان أعمى جالساً على الطريق يستعطي ... فأخبروه أنَّ يسوع الناصري مجتازٌ، فصرخ قائلاً يا يسوع ابن داود ارحمني ... فوقف يسوع وأمر أن يُقدَّم إليه ولما اقترب سأله قائلاً: ماذا تريد أن أفعل بك؟ فقال يا سيدُ أنْ أُبُصِرَ. فقال له يسوع: أَبصِرْ. إيمانكُ قد شفاك. وفي الحال أبصرَ وتبعه وهو يُمَجِّدُ الله. وجميع الشعب إذ رأوا سَبّحوا إلهر" (لوقا 18: 35 – 43) بينما محمد حوَّل وجهه عن الأعمى "عبس وتولى أن جاءه الأعمى. وما يدريك لعله يزّكّى أو يذكّر فتنفعه الذكرى، أمّا من استغنى. فأنت له تصدّى. وما عليك ألا يزّكّى. وأمّا مَن جاءك يسعى. وهو يخشى. فأنت عنه تلهّى" (سورة عبس 80: 1 – 10).
ـ حاشا لرسول الله  وهو الذي بعثه الله تعالى لتتميم مكارم الأخلاق، أن يشيح بوجهه عن صاحبه وحبيبه عبد الله بن أم مكتوم، فما كان بينهما من محبةٍ وأخوةٍ أكبر من أن يفهمه هؤلاء الطاعنون في الإسلام. ولكنّ الذي حدث وكما هو واضحٌ من خلال الجمع بين الروايات التي ذكرت سبب نزول الآية الكريمة السابقة أنّ النبي  كان عنده بعضُ صناديد قريش، وكان النبي  حريصاً على هدايتهم، فبينما هو يدعوهم إلى الله، لأنهم لو أسلموا لأسلم بإسلامهم خلقٌ كثيرٌ؛ فإذا بعبد الله بن أم مكتوم يأتي إلى رسول الله  وهو يقول: "أقرئني وعلّمني ممّا علّمك الله تعالى". وكرَّر ذلك وهو لا يعلم بانشغال النبي  بالقوم، فكره رسول الله  قطعه لكلامه، وأعرض عنه عابساً، مع العلم أنّ عبد الله بن أم مكتوم كان أعمى ولم يرَ عبوس النبي . فنزلت الآيات: "عبسى وتولّى ..." وعليه فليس في القصة ما يفيد احتقاره  للأعمى، فإنّه لمُ يعرض عن ابن أم مكتوم قاصداً احتقاره وإنّما فعل ذلك حرصاً منه على أن يتفرَّغَ لما هو فيه من دعوة أولئك الصناديد الذين يقفون ضد دعوته.
وبهذه المناسبة لا يفوتنا أن نذكِّر النصارى بأنّ انجيلهم المقدس ينسب إلى المسيح، عليه السلام، أنّه احتقر المرأة الكنعانية التي جاءت تطلب إليه شفاء ابنتها، واخبرها أنّها من الكلاب!! وللتأكد من ذلك فليرجع من شاء إلى إنجيل متى في إصحاحه الخامس عشر في الآيات 21 – 28.
9. المسيح نادي بشريعة الزوجة الواحدة "من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمَّه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً .... فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان" (مت 19: 5 و6) بينما محمد نادى بتعدد الزوجات "وإن خفتم ألاّ تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورُباع. فإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم" (سورة النساء 4: 3).
ـ لتعدُّدِ الزوجات حِكَمٌ وفوائد يدركها كلُّ عاقلٍ ذي فهمٍ سليمٍ مستقيمٍ. كما أنّ للتعدد في الوقت ذاته شروطاً إذا لم تتوفر لدى الراغب في التعدّد فإنه لا يجوز له الإقدام عليه. وسيأتي تفصيل القول في تعدّد زوجات الرسول  في الفصل الأخير من هذه الدراسة.
10. جاء المسيح حتى يخلِّص الناس "لأن ابن الإنسان لم يأت ليُهلك أنفسَ الناسِ بل ليُخلِّص" (لوقا 9: 56) بينما محمدٌ دعا لقتل الناس "قل للمخلَّفين من الأعراب سَتُدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يُسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما تولّيتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً" (سورة الفتح 48: 16).
ـ بعث الله محمداً رحمةً للعالمين، وليخرج الناسَ من الظلمات إلى النور من جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة. والمقصود بـ (يسلمون) في الآية السابقة يستسلمون وينقادون، لأنّ الروم نصارى والفرس مجوس يُقبلُ منهم إعطاء الجزية. وقيل: هم بنو حنيفة قومُ مُسيلمة وأهل الردَّة، فالمرتدون لا يُقبلُ منهم إلاّ الإسلام أو السيف. وقيل: يسلمون: يدخلون الإسلام بلا قتالٍ بل بكامل إرادتهم واختيارهم.
11. المسيح هو ابن الله "فالذي قدّسه الأب وأرسله إلى العالم أتقولون له إنك تجدِّفُ لأني قلت إني ابن الله" (يوحنا 10: 36) بينما محمد كان بشراً من الناس "إنما أنا بشرٌ مثلكم" (سورة الكهف 18: 110).
ـ لم يقُلْ رسول الله  يوماً إنّه من غير البشر. فبشريته  هي التي مكّنتنا من الاقتداء به واتّباعه واتّباع هديه وسنّته لنفوز بجنةٍ عرضها السماوات والأرض. أمّا النصارى فقد زعموا ألوهية المسيح، عليه السلام، وما زالت عبارات الإنجيل مضطربةً في ذلك، فتارةً تصفه بابن الله وتارةً تصفه بابن الإنسان.
12. المسيح أجرى المعجزات "... عمل كل شيءٍ حسناً. جعل الصمَّ يسمعون والخرس يتكلمون" (مرقس 7: 37) بينما محمدٌ لم يُجرِ معجزات "وما مَنَعَنَا أن نُرسلَ بالآيات إلاّ أنْ كذَّب بها الأولون" (سورة الإسراء 17: 59).
ـ يبدو أنّ هؤلاء الطاعنين لا يدركون حقيقةً مفادها أنّ الله تعالى هو الذي يؤيِّدُ الرسل بالمعجزات، وأنَّ الرّسلَ عليهم السلام لا يقدرون على الإتيان بالمعجزات من تلقاء أنفسهم، ويشهد لهذه الحقيقة قوله تعالى: " وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ"( ). واستشهادهم بالآية السابقة من سورة الاسراء "وَمَا مَنَعَنَا أَن نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ" باطلٌ تماماً، فهذه الآية الكريمة لا تُلغى الآيات المعجزات ولا تنفي فائدتها على الإطلاق "وإنما تنفي استجابة الله لطلب المشركين إنزال الآيات. فلم يستجب الله لهم، ولم يُنزل الآياتِ التي طلبوها؛ لأنه يَعلمُ أنه لو أنزلها كما طلبوا فإنهم لن يؤمنوا بها، وبعد ذلك سيعذّبُهم ويهلكهم، ولذلك لم يستجب الله لهم رحمةً بهم، لئلا يُعذّبهم ... وليس معنى هذا أنَّ الله لم يُنزل الآيات على النبي  ولا على غيره من الأنبياء السابقين"( ). وسيأتي لاحقاً تفصيل وتعداد عشرات المعجزات التي أجراها الله على يد رسوله .
13. عرف المسيح ما بداخل قلوب الناس "فستعرف جميع الكنائس أنّي أنا الفاحص الكُلَى والقلوب وسأُعطي كل واحدٍ منكم بحسب أعماله" (رؤيا 2: 23) بينما محمد لم يعرف ما بداخل قلوب الناس "ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني مَلك" (سورة هود 11: 31).
ـ لم يدَّعِ رسول الله  يوماً أنّه يعلم الغيب أو ما في قلوب الناس. وهذه الآية الكريمة جاءت على لسان نوحٍ، عليه السلام، في دعوته لقومه ولم تجرِ على لسان محمدٍ .
14. المسيح أعطى الناس الحرية أن يقبلوا رسالته أو يرفضوها "وأية مدينةٍ دخلتموها ولم يقبلوكم فاخرجوا إلى شوارعها وقولوا حتَّى الغبار الذي لصق بنا من مدينتكم ننفضه لكم، ولكن اعلموا هذا إنه قد اقترب منكم ملكوت الله" (لوقا 10: 10 و11) بينما محمد أجبر الناس على قبول رسالته "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يُحرِّمون ما حرَّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون" (سورة التوبة 9: 29).
ـ ليس في الإسلام إجبارٌ أو إكراهٌ على الدخول فيه، وهذا واضحٌ تماماً في قوله تعالى: " لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"( ). أمّا عن الجزية وفرضها وسببه فسيأتي تفصيل القول فيه لاحقاً في آخر فصول هذه الدراسة بعونه تعالى.
15. المسيح يعلِّمُ العطاء "أَعطوا تعُطوا. كيلاً جيداً ملبداً مهزوزاً فائضاً يعطون في أحضانكم. لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون يُكالُ لكم" (لوقا 6: 38) بينما محمد يُعلِّمُ الأخذ "خذ من أموالهم صدقةً تطهِّرهم وتزكيهم بها" (التوبة: 103).
ـ كان رسول الله  يأخذ من أموالهم صدقةً لا لنفسه  وإنما ليعطيها لفقرائهم وللمساكين منهم وفي ذلك تطهيرٌ لأنفسهم وتزكيةٌ وزيادةٌ لأموالهم. فهذه الآية الكريمةُ شاهدٌ لمحمدٍ  وليست شاهداً عليه كما فهم هولاء الذين استشهدوا بها.
16. رسالة السيد المسيح الرحيمة "روحُ الربِّ عليَّ لأنه مسَحني لأُبشِّرَ المساكين أرسلني لأشفي منكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالاطلاق، وللعُمي بالبصر، وأرسل المنُسحقين في الحرية، وأكرز بسنة الرب المقبولة" (لوقا 4: 18 – 19) بينما رسالةُ محمّدٍ رسول الإسلام الدموية يقول محمدٌ: "أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحق الإسلام وحسابهم على الله" "قاتلوا الذين لا يُؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرِّمون ما حرَّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق، مِن الذين أُوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون" (سورة التوبة 9: 29).
ـ بل رسالة محمدٍ عنوانها "وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين"( ). أمّا عن فرض الإسلام بقوّة السيف والسلاح وفرض الجزية بعد ذلك فنردُ عليه إجمالاً بقوله تعالى: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"( ). وسنرد عليه تفصيلاً في الفصل الأخير من هذه الدراسة بعونه تعالى.
17. قال السيد المسيح "السارق لا يأتي إلاّ ليسرق ويَذبح ويُهلِكَ وأمَّا أنا فقد أتيتُ لتكون لهم حياةٌ وليكون لهم أفضل" (يوحنا 10: 10) بينما محمد رسول الإسلام قال: "بعثتُ بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبدَ اللهُ وحده لا شريك له، وجُعلَ رزقي تحت ظلِّ رمحي وجعل الذلة والصَّغار على مَن خالف أمري، ومن تشبَّه بقومٍ فهو منهم".
ـ هذه الفرية تكرارٌ لسابقاتها ولكن بتعبيرٍ آخر. وسيأتي الرد عليها وعلى سابقاتها من شبهات سيف الإسلام والإكراه والإجبار بالتفصيل لاحقاً بعونه تعالى.
18. قال السيد المسيح "إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع البار، وهو كفّارةٌ لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً" رسالة يوحنا الرسول الأولى (2: 1 – 2) بينما دعا محمد رسول الإسلام إلى "إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم، إنْ تستغفرْ لهم سبعين مرةً فلن يغفرَ الله لهم" (سورة التوبة 9: 80).
تتحدّث هذه الآية الكريمة عن المنافقين، وفيها يخبر الله تعالى نبيَّهُ محمداً أنّ هؤلاء المنافقين ليسوا أهلاً للاستغفار. وقد قيل: إنّ السبعين إنما ذُكرت حسماً لمادة الاستغفار لهم، لأنّ العرب في أساليب كلامها تذكر السبعين في مبالغة كلامها ولا تريد التحديد بها ولا أن يكون مازاد عليها بخلافها.
19. السيد المسيح ينهانا عن الحلفان "أيضاً سمعتم أنه قيل للقدماء لا تحنَثْ، بل أوفِ للرب إقسامك. وأمّا أنا فأقول لكم لا تحلفوا البتة لا بالسماء لأنها كرسي الله. ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه ولا بأورشليم لأنها مدينةُ الملك العظيم. ولا تحلف برأسك لأنك لا تقدرُ أن تجعلَ شعرةً واحدةً بيضاء أو سوداء. بل ليكنْ كلامكم نعم نعم، لا لا. وما زاد على ذلك فهو من الشرير" (متى 5: 33 – 37) بينما محمد رسول الإسلام يحلف "وهذا البلد الأمين" (سورة التين 35/3).
ـ يبدو أنّ هؤلاء الطاعنين لا يميِّزون بين كلام الله تعالى وبين كلام رسوله الكريم ، فهذه الآية الكريمة في مطلع سورة التين قَسَمٌ من الله تعالى لا من رسوله الكريم .
20. السيد المسيح ورسالة السلام "طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعون" (متى 5: 9) محمد رسول الإسلام ورسالة القتال "يا أيها النبي حرِّض المؤمنين على القتال" (سورة الانفال 8: 65).
ـ حثّت رسالة الإسلام على السلام، وخير دليلٍ على ذلك أنّ تحيّة الإسلام هي السلام عليكم. وممّا يدلُّ على كراهية القتال في الإسلام قوله تعالى " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ"( ). وقوله تعالى " وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"( ).
أمّا بالنسبة لقوله تعالى في الآية السابقة "حرِّض المؤمنين على القتال" فمن واجبات القائد في المعركة أن يحدثَّ جندهُ ويشجّعهم على قتال العدوِّ وأن يبثَّ فيهم الروح المعنوية العالية عند صفِّهم لمواجهته ويبشّرهم بالنّصر أو الجنة.
ممّا لا شكَّ فيه أنَّ هذه الإساءات الواردة في المقارنة السخيفة السابقة إنما هي لُبُّ ماتضمَّنته كتبُ الاستشراق الدّيني التي خطّها رهبانُ العصور الوسطى والتي تعّرضتْ للبعث وإعادة الإحياء ولرؤية النّور من جديد على صفحات هذه المواقع الإلكترونية!!! فهل كان مجردَ صدفةٍ أن تتطابق هذه الإساءات مع إساءات وشبهات وافتراءات رُهبان الكنيسة الغربية في العصور الوسطى؟؟؟ وهل كان صدفةً نشرها حصرياً على المواقع الدينيّة المسيحيّة؟؟؟ وهل كان صدفةً أن تتكرّر بعينها في المواقع العشرين التي رصدناها؟؟؟ لا، لم يكن مجرد صدفةٍ ولكنّ ملّة الكفُرِ واحدة .