لماذا لا يتزوج البابا؟!

لا يوجد نص إنجيلى يمنع البابا أو الأسقف من الزواج بل بالعكس فمن شروط الأسقفية أن يكون طالب طالب الأسقفية زوجا لإمرأة واحدة و هذا مذكور فى رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تيموثاوس و بالتحديد فى الإصحاح الثالث و هذا هو نص الإنجيل: "صادقة هى الكلمة أن إبتغى أحد الأسقفية فيشتهى عملا صالحا فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم بعل إمرأة واحدة صاحيا عاقلا محتشما مضيفا للغرباء صالحا للتعليم غير مدمن للخمر و لا ضراب و لا طامع بالربح القبيح بل حليم غير مخاصم و لا محب للمال يدبر بيته حسنا، له أولاد فى الخضوع بكل وقار و إنما كان أحدا لا يعرف أن يدبر بيته فكيف يعتنى بكنيسة الله؟"
الأمر لا يقف عند هذا الحد بل أن تاريخ الكنيسة ليس مانعا لزواج البابا فهناك ثلاثة من باباوات الكنيسة - الأرثوذوكسية الـ 117 كانوا متزوجين فمثلا البابا أنيانوس و هو البابا الثانى و الذى خلف مارمرقس الرسول كان متزوجا و له أولاد و كذلك البابا ديمتريوس الكرام و هو البابا الثانى عشر فى ترتيب الباباوات و كان زواجه بتولا - أى لا يعاشر زوجته - و بالمناسبة فإن زوجته هى أول من وضعت أسس الرهبنة النسائية أما ثالث الباباوات فكان البابا مينا الثانى و هو البابا الثانى و الستون - و كان هذه مجمع نيقيه سنة 325 م و الذى أقر فيه عدم زواج الأساقفة و البطاركة - و كان أيضا زواجه بتولا كما ذكر فى كتب تاريخ الكنيسة - و الله أعلم -
و بالرغم من كل هذا ظل هناك سؤال بلا إجابة منطقية و لماذا لا يتزوج البابا حتى بعد علمنا و أبرزنا مبررات زواج البابا؟ و هل يمكننا ان نرى فى يوم من الأيام البابا يتزوج؟ و ما هو رد الفعل وقتها؟ سألنا بعض المهتمين بشؤن الكنيسة و الأقباط فى مصر و كانت آرائهم متباينة.
سامح فوزى الصحفى و الباحث فى شئون الأقباط أكد أن عدم زواج البابا يرجع إلى سببين الأول: هو تقديس حياة الرهبنة عند المصريين أما السبب الثانى: هو أن معظم قديسى الكنيسة الأرثوذوكسية من الرهبان و أوضح سامح فوزى فى كلامه أن هذا الأمر يتجاوز الرأى الفقهى أو اللاهوتى و أن التقاليد الدينية المتعارف عليها و من بينها عدم زواج البابا يصنعها التركم الدينى و الخبرة أكثر من النصوص الدينية مؤكدا أن جماهير الشعب القبطى إذا تم سؤالهم فى هذا الموضوع سيرفضون وبشدة و أنهى كلامه بأن نسبة 3 باباوات متزوجين هى نسبة ضئيلة جدا بالنسبة لـ 117 و آخرهم البابا شنودة.
أما الدكتور القس إكرام لمعى أستاذ مقارنة الأديان فقد بأ كلامه بالنص الإنجيلى الذى يؤكد أنه لا يوجد سبب منطقى لعدم زواج البابا أو شرط إختياره من الرهبان و يرى أن الراهب عندما يمكث لفترة كبيرة فى الدير بعيدا عن المجتمع يصبح غير سوى و لا يصلح للتعامل مع الناس، و يضيف أعتقد أن هذا سبب من الأسباب التى دفعت مارتن لوثر للتحرر من قيود الرهبنة و قيادة تيار الإصلاح داخل الكنيسة.
أما الدكتور جميل فخرى الباحث و المتخصص فى تاريخ البطاركة فقد أكد على فكرة إختيار البابا من الرهبان و ذلك حتى يتفرغ البابا او الأسقف لخدمة الكنيسة و شعبها و لا ينشغل بتربية أولاده أو مراعاة شئونه الأسرية و أكد أن زواج الباباوات الثلاثة السابقين الذكر لا يعتبر زواجا لأن الأول كان متزوج قبل الميحية مصر على يد مرقس الرسول أما زواج الباباوين الآخرين كان زواجا بتوليا "لا يعاشر زوجته".
أما ممدوح نخلة الناشط فى مجال حقوق الإنسان و مدير مركز "الكلمة" و محام قبطى فقد أوضح أن عدم زواج البابا له تبريريان الأول: من الناحية الطقسية فهذا هو قرارا لمجمع نيقية المنعقد فى 325 م و الثانى: من الناحية الإجتماعية فهو لا يتزوج ليتفرغ لخدمة شعب الكنيسة و كذلك لا يرث و لا يورث.
و عن النص الإنجيلى فقد قال : إن الإنجيل لم يمنع الزواج و كذلك لا يجبر البابا على الزواج بل هى عملية إختيارية تركها الإنجيل لتقديرنا و فى تقديرى الشخصى الأفضل أن يكون البابا راهب.
و فسر القمس صليب متى ساويرس عضو المجلس المحلى الإنجيل بأسلوبه الخاص قائلا: أن كلمة ان يكون الأسقف بعلا لأمراة واحدة فالمقصود بالإمرأة الواحدة هى الكنيسة.
و أكد أن من المفروض أن زواج الكهنة و االأساقفة ممنوع و لكن أقر مجمع نيقيه زواج الكهنة لأنهم يتعاملون مع جماهير الأقباط و حتى لا يتعثروا من التعامل مع النساء.
و عن الباباوات المتزوجين فقد أكد القمص أن الباباوات تتم دعوتهم من السماء - يعنى من ربنا - و أيا كان وضع الإنسان الذى تم إختياره سواء متزوج أو راهب فلابد أن يلبى الدعوة.
و رغم التباين فى الآراء يبقى السؤال لماذا كل هذا الإصرار على إعتبار زواج البابا و الأساقفة أمرا مرفوضا؟
بالرغم من أن الزواج يعتبر أحد الأسرار السبعة المقدسة و التى لزاما على كل قبطى أن يمارسه فى الكنيسة.

بقلم هانى الأعصر
نقلا عن جريدة الدستور
بتاريخ 22/6/2005