اتحاف الأمه بفوائد مهمة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

اتحاف الأمه بفوائد مهمة

صفحة 6 من 10 الأولىالأولى ... 5 6 7 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 60 من 100

الموضوع: اتحاف الأمه بفوائد مهمة

  1. #51
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي الرجوله

    الرجولة أصل عظيم من أصول التربية على هذا الدين والإيمان به والدعوة إليه، وإنه حيثما توجد الرجولة، وحيثما تكون البطولة، فإنه يكون عزالدين ومنعته، وغلبة الحق وقيام الدعوة إلى الله، وإحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    ويجب أن نفرق بين مجرد الذكورة وبين الرجولة؛ فإن الله عز وجل خلق الزوجين الذكر والأنثى، فجعل بني آدم زوجين إما ذكر أو أنثى، لكن ليس كل الذكور رجالاً.
    الرجولة في القرآن
    الرجولة في القرآن وصف آخر فيه زيادة على مجرد الذكورة؛ فالله تبارك وتعالى بدأ بأنبيائه في هذا المنصب، فقال: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ [الأنبياء:7] والله تبارك وتعالى أرسل رجالاً مواقفهم الرجولية واضحة لمواجهة الفساد، والشرك، والطغيان، والانحراف، والجور، والظلم وكل ما من شأنه أن يخدش أمراً مما أنزله الله، ولذلك كانت تلك المواقف البطولية، التي لا يقفها إلا أعظم الرجال وأقواهم وأشجعهم: مثل وقوف إبراهيم الخليل عليه السلام أمام النمرود ، ووقوف موسى عليه السلام أمام فرعون، ووقوف نوح عليه السلام أمام أمة عاتية ماكرة ألف سنة إلا خمسين عاماً،
    بطل الأبطال وأعظم الرجال
    وإن أعظم هؤلاء الرجال هو خيرة الله ومصطفاه من خلقه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولو استعرضنا المواقف الرجولية لانقضى الليل كله وما زلنا نتحدث عن موقف واحد من مواقفه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
    يكفيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مواقف الرجولة أن يقف وحده، والناس كلهم قاموا ضده، وأن يدعو إلى الله ويحطم الأصنام جميعاً، ترتجف قلوب ملوك الروم والفرس منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يجف مداد صلح الروم بعد! كما ثبت ذلك في الصحيح وفي قصة هرقل .
    أية رجولة هذه التي عُلِّمَها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ربه، وخَلَقَه وَجَبَلَه عليها، ثم عَلَّمها أصحابه من بعده صلوات الله عليه وعليهم أجمعين؟! أية رجولة أعظم من قيامه على الصفا لينذر عشيرته الأقربين؟! ثم ذلك الموقف الشجاع العظيم الذي وقفه في هجرته.
    مواقفه العظيمه في الجهاد في سبيل الله إذ يخبر أصحابه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لولا أن يشق عليهم لما بقي خلف سرية تخرج في سبيل الله، ولما تخلف عنها قط!! وقال أصحابه رضوان الله عليهم [[كنا إذا حمي الوطيس (اي اشتدت المعركة) احتمينا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ]] وقد تمثل هذا الأمر يوم حنين إذ أقبلت هوازن وما أدراك ما هوازن؟! وقد أعدت وأجلبت؛ حتى قال بعض مسلمة الفتح ممن لم يتمكن الإيمان في قلبه: لن يردهم اليوم إلا البحر! وقال الآخر: بطل السحر اليوم! ومع ذلك وقف -صلوات الله وسلامه عليه- وقد كاد أن يتولى أكثر المسلمين، وقف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ينادي: يا أصحاب بدر ! يا أصحاب الشجرة! حتى اجتمعوا إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ثابت في مكانه، ثم تحولت المعركة لصالح المسلمين، وانتصروا بفضل الله.
    الله تبارك وتعالى عندما بعث محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، استجاب له الشباب، وكفر به الشيوخ؛ وإذا أردت أن تعرف دليلاً واضحاً على ذلك، فانظر كم عاش أصحابه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بعده، عاشوا أربعين سنة وخمسين سنة ونحو ذلك، فهذا دليل على أنهم لو كانوا من جيله أو قريباً من جيله (كـالصديق رضي الله عنه) لتوفي أكثرهم في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بل كان أكثرهم شباباً! بل المساجد إنما يرتادها ويكثر فيها من المصلين في دهره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإلى اليوم الشباب، ممن نقول إنهم الأطفال على سبيل التجوز وإلا فليسوا بأطفال، لماذا؟ لأن الله تبارك وتعالى عندما وصفهم، وصفهم بأنهم رجال فقال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ [النور:36-37].
    إذن الرجل -أولاً- يتلقى مبادئ الرجولة من المسجد، انظر إلى من تراه رجلاً بجثته؛ لو قلت له: قم أمام الجماعة في قرية فقط وألقِ كلمة، أو تقدم صل بالناس (وهو مجرد ذكر ليس برجل) يخاف ولا يستطيع!! لكن لو أتيت إلى رجل من هؤلاء الرجال -حفظة القرآن- فإنه يتقدم ويصلي بنا ويقرأ الأجزاء الطويلة! أليس هذا رجلاً؟! هذه الرجولة من أين تعلمها؟ من المسجد، ولو قلت له: قم اخطب الجمعة، لقام وخطب! وهكذا تربى الصحابة الكرام على هذه الرجولة، وتنافسوا فيها.
    التربية على الرجولة
    وإنها والله مأساة، أن يكون أبناؤنا الذين لآبائهم ماضٍ عريقٍ في الجهاد والعلم والدعوة محرومين من التربية على تلك الرجولة؛ عندما تريد أن تتأكد وتطلع على هذا الحرمان فانظر على أي شيء يربى الطفل لو لم يربط بالمسجد، انظر إلى ذلك، وأين البطولة فيه؟ انظر إلى طفل نشأ في أحضان والدين غير متعلمين -لا نقل جاهلين؛ لأن هناك فرقاً بين الجهل وعدم العلم! الجهل من جهل الله عز وجل، وليس الذي لا يحسن القراءة والكتابة- وهما يريدان له الخير، ولكن الله لا يكلفهما ما لا يطيقان، هما لم يتربيا ولم يتعلما، فكيف يدعوانه إلى الله؟! مع أننا نعلم أنه لا يوجد أب وأم لا يدعوان ابنهم إلى الصلاح، إلا من مسخ الله!! فكلنا يتمنى أن يكون في ابنه من الخير والصلاح والهدى والاستقامة ما يجعله مضرب المثل في قريته وقبيلته، هكذا يريد منا آباؤنا وأمهاتنا لكنهم معذورن، فلا يجد الأبناء من يربيهم على هذه الرجولة.

    فتتلقفهم المدرسة، أليس حراماً أن يمضي الطفل اثنتي عشرة سنة: ست في الابتدئية، وست في متوسط وثانوي، ثم يتخرج ولا تستطيع أن تصفه بأنه رجل! سبحان الله! أية تربية هذه؟! أين كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه يربون؟! اثنتي عشر سنة كفيلة أن تحوله إلى طاقة، إلى شعلة، إلى قائد، إلى مجاهد، إلى عالم، إلى مفتٍ، إلى محدث، إلى فقيه، إلى نحوي، إلى لغوي..، واقرءوا سير العلماء، في أي سن كانوا عندما بلغوا مبلغ الفتوى، والعلم، والحفظ، والجهاد، والدعوة؟!
    كان مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو دار الحكم، ودار القضاء، ومقر القيادة العسكرية، ومقر الفتوى، والعلم، ومقر ذوي الصدقات، والتبرعات، وغيرها، عدِّد ما شئت من ضرورات الأمة وأساسيات حياتها، أين تجدها؟! إنها في المسجد!!
    وهكذا كان الصحابة الكرام، من أين تخرج العلماء الذين درسوا على يد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وعبد الله بن عباس رضي الله عنه، والذين حفظوا هذه الآلاف المروية عن أبي هريرة رضي الله عنه الدوسي الجهراني ومعاذ ؟ أين تعلموا؟

    ثم العلماء من بعدهم الإمام أحمد ومالك والشافعي ، وأولئك الأئمة الأعلام في الحديث وغيره، حتى اللغويون (علماء اللغة) أين كانوا يعلمون اللغة؟ سبحان الله! كل شيء كان ينطلق من المسجد! ولهذا نقلل من قدر المسجد جداً إذا سميناه جامعة! مع أن جامعاتنا ومعروفة الآن! ومعروف ماذا تخرج!! فلا أريد أن أقلل من شأنه، وأقول: "كان جامعة" إلا على سبيل التجوز، يؤخذ فيه كل أنواع العلوم فهو جامع وجامعة، ومقر قيادة، وإمارة، وحكم، ودعوة إلى الله عز وجل.
    لكن اليوم، أين مساجدنا؟! أين دورها في التربية والرجولة؟! لماذا أقفرت المساجد من المواعظ؟ لماذ أقفرت من حلقات العلم،؟! أين ذهبت حلقات تحفيظ القرآن الكريم؟!
    أين المربون، والمعلمون، والمفتون، والموجهون؟! أم أن المسجد للصلاة فقط؟! وحتى هذه قصرنا فيها!! نصلي مع تأخرٍ أحياناً أو تقاعس وتخلف، نصلِّى فيها ثم تقفل سبحان الله! ولذلك يعشعش في الأذهان ما يريد العلمانيون والمفسدون أن ينشروه من أن الدين لا علاقة له بالحياة، إذا كنت متديناً فصلِّ واخرج، وبعد ذلك إن أردت الربا فتعامل به! وإن أردت الاختلاط فهو ميسر! وإن أردت اللهو واللعب فله مجالاته! وله ميادينه ومؤسساته! أي لا يمكن أن تظل متديناً أو مرتبطاً بهذا الدين إلا بالارتباط بالمسجد!! والبعض لا يأتي إلا يوم الجمعة!! فبالله عليكم أية رجولة في أمة هذا حالها؟! إنها أبعد ما تكون عن حقيقة الرجولة؛ فيها ذكورة، ولكن الرجولة فيها قليل، هذا حالنا، وهذا حال مساجدنا؛ عندما حصرنا الدين بمعنى واحد هو جانب من جوانبه، وحصرنا عمل المسجد في ذلك، ثم نرجو خير الدنيا والآخرة!! كيف يأتي خير الدنيا من المطر والنعمة والغيث ودوام المال والرفاهية والصحة؟! وكيف نريد الجنة، ونريد الفوز برضا الله، ونريد أن نرى وجه الرحمن تبارك وتعالى، وهذا مقام بيوت الله عندنا؟!
    والله لو أعدنا المعايير الشرعية كما في كتاب الله وكما تربى عليها الصحابة، لعظمنا بيوت الله، وعظمنا كل شيء يتعلق ببيوت الله عز وجل، يكفي أنه: { من بنى مسجداً لله كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة } الله أكبر، بيت في الجنة! سبحان الله بيوت الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة، الشجرة فيها يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها!! هذه بيوت الجنة! لو عُظِّمت بيوتُ الله، لبنيت ورفعت وشيدت، كيف ترفع؟ ترفع حساً وترفع معنىً؛ أما رفعها حساً، فتكون أجمل وأنظف وأفضل، بشرط أن يخلو ذلك عن الأمور التي قد تدخل في المكروه والبدعة، ولكن تعظم ويختار لها الموقع المناسب، فيختار لها البناء الجميل والفرش الممتاز، وكل ما يخدم المرافق والمصالح والمنافع التي تتعلق بها، ثم ترفع معنىً (وهو المهم) ترفع في القلوب، وتعظم، ويُجلُّ كلُّ من كانت حياته وقيمته مستمدةً من هذا المسجد، وفي هذا المسجد؛ من جاء ليعلم أو يتعلم، من جاء ليعظ أو يستمع لذكر الله ويُوعَظ، فهذا هو الذي نحبه وهذا هو الذي نعظمه، وهذا هو الذي نقدره.
    إن الله إنما يرفع الناس وإنما يضعهم بهذا الدين، هذا هو المعيار! الارتفاع والاتضاع بذكر الله، وبالتقرب إليه، وبعبادته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وبالجهاد في سبيله، وفي بذل النفس والنفيس من أجله وحده لا شريك له، وإن غضب الناس فلا يضروك والله.
    أبشركم وأطمئنكم أنه لا يدعو أحد إلى الله خالصاً من قلبه، مجتهداً في النصح لهذه الأمة، يريد لها الخير إلا ويلقي الله تبارك وتعالى محبته في قلوبها! هذه قاعدة! وهذه من أسرار القلوب التي لا تدخل تحت أنظار أهل الموازين الدنيوية، ولا يستطيعون أن يدركوها، بل هم أنفسهم يعجزون عنها، لماذا؟ لأن سرها عند الله عز وجل، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { إن الله إذا أحب عبداً، نادى جبريل عليه السلام ياجبريل، إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه؛ فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض }
    المحاسبة والرجولة
    الذل داخل الأعماق!! لكن من الذي يراه؟! لا بد أن يحاسب الإنسان منا نفسه ويتفقد موازينها؛ حتى يكون رجلاً، انظر إلى نفسك، إلى قلبك، معيارك وميزانك بين جنبيك، بين أضلاعك، انظر إلى قلبك، إلى إيمانك متى يزداد؟ متى ينقص؟ انظر في قلبك وإلى منزلة شعائر الله والقائمين بها في هذه الأرض، واعلم أن موقعك عند الله من كرامته ومنزلته عندك، من الإقبال لتعظيم شعائر الله، ومن إحيائك لذكر الله، ومن حبك لبيوت الله، ولحلقات تحفيظ القرآن، ولندوات العلم والخير والهدى والصلاح.
    فقدان الرجولة
    ومن أراد أن يفقد معاني الرجولة فلينظر إلى الطرف الآخر، انظر إلى أصحاب اللهو، والغناء، والسكر، والعربدة، والفجور، هل يمكن أن يتصفوا بهذه الصفة النبيلة، صفة الرجولة؟؟ إن الرجولة تجمع صفات الغيرة، أو الشجاعة، والكرم، والنبل، فهل يتصف بها أصحاب اللهو والغناء والسكر والفجور؟! هيهات! إن أحد هؤلاء إذا شرب المخدرات أو إذا سهر من أجل المجون والخلاعة، جاءت الدياثة في بيته! فرضيها أو لم يعلم عنها!! هكذا واقعهم، تُفقَد الرجولة!! يمسخ الإنسان! كما أنه يفقد صفة عظيمة من صفات الرجولة وهي الكرم، والكرم لا يتصف به إلا الرجال، هل عند هؤلاء السكارى والعرابدة كرم؟! لا، بل هم أبخل الناس.
    إن الرجولة الحقيقية بمعناها العميق العظيم والتي يتصف بها المؤمنون هي: إيقاظ القلب، وتحريك الجوارح، وابتعاث الهمة؛ لإعلاء دين الله تبارك وتعالى، وإرغام أنوف الكافرين والمنافقين والجاحدين والمعاندين من أجل كلمة الحق، من أجل (الله أكبر)، من أجل (لا إله إلا الله)، هذه هي الرجولة التي يجب أن نتربى عليها ويجب أن نتعلمها.



    منقول من مقال بنفس العنوان للدكتور سفرالحوالي( بتصرف)
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #52
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي الشفاء بالدعاء النبوي


    الشفاء بالدعاء النبوي

    العلاج بالدعاء النبوي للأمراض النفسية والجسدية بل والاقتصادية....
    لماذا كان النبيصلى الله عليه وسلم يدعو ربه وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟

    لقد كان صلى الله عليه وسلم كثير الدعاء حتى لا تمر لحظة إلا ويدعو ربه، والحقيقة إن الذي يتعمق في حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام يلاحظ أشياء عجيبة. فقد كان أكثر دعائه: (اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) هذا هو حال خير البشر وأعظم الخلق، يطلب من ربه أن ينجيه من عذاب يوم القيامة!!!

    هذا الدعاء ليس مجرد كلمات، بل له معاني كثيرة، وكأن الرسول عليه السلام يذكر نفسه في كل لحظة بيوم القيامة وعذاب الله، كأنه يشاهد الجنة والنار في كل لحظة، فيستعيذ بالله من شر جهنم ويسأل الله الجنة، وكأنه أيضاً يطلب من ربه أن ينجيه من أي نوع من أنواع العذاب، ونتساءل: هل المرض نوع من أنواع العذاب؟

    هنالك دعاء عظيم يسبب لك السعادة المطلقة في الدنيا والآخرة، ويصرف عذاب المرض في الدنيا والآخرة، وهو: (اللهم إني أسألك العافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة) فإذا دعوت بهذا الدعاء كل يوم فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لك: فإذا أُعطيتَ العافية في الدنيا وأُعطيتَها في الآخرة فقد أفلحتَ [رواه الترمذي]!!

    فهذا دعاء عظيم من أجل صرف الأمراض وإبعادها والتمتع بالعافية،

    علاج للمشاكل الصحية والاقتصادية

    كلمات قليلة كان يقول عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن هؤلاء تجمع لك خير الدنيا والآخرة، فما هي هذه الكلمات؟ إنها: (اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني) [رواه مسلم]. انظروا معي كم تحوي هذه الكلمات من فوائد:

    1- المغفرة: وهذه أول خطوة قبل استجابة الدعاء، لأن الله تعالى يريد أن تصلح العلاقة معه عز وجل، وتتوب إليه وترجع عن ذنوبك ليغفر لك أولاً ثم تبدأ الخطوة الثانية.

    2- الرحمة: وهي أعظم نعمة يمن الله بها علينا أن يرحمنا في حياتنا وفي أولادنا، فيصرف عنا الأوبئة والأمراض، ويسخر لنا الخيرات، وأهم شيء ألا يعذبنا في الدنيا والآخرة.

    3- الهداية: هل هناك أجمل من أن يهديك الله في كل شأنك؟ فإذا درست مادة لتنجح فيها سخر لك الله أسباب الهداية للنجاح، وإذا زرت طبيباً للعلاج سخر الله لك الطبيب المناسب وهداك للدواء المناسب للشفاء، وإذا خطبت امرأة هيَّأ الله لك أسباب الهداية إلى زوجة صالحة تعينك على خيري الدنيا والآخرة... وهكذا الهداية في تجارتك وفي تعاملك وفي مشاكلك يهديك الله للحل المناسب...

    4- العافية: وهي أن يعافيك الله في بدنك وفي صحتك وفي عقلك وفي حالتك النفسية وفي أفكارك فلا يدخل فيها الشيطان، ويعافيك من كل شر من المحتمل أن يصيبك، ويعافيك من شر الحوادث والأضرار وغير ذلك، وكل هذا ببركة هذا الدعاء.

    5- الرزق: أن يرزقك الله من حيث لا تحتسب، فيسخر الله لك أسباب الرزق وأسباب المعيشة الطيبة، ويسخر لك المال الحلال، ويهيء لك المنزل المبارك ويرزقك أولاداً صالحين، ويرزقك زوجة صالحة تكون سبباً في دخولك الجنة إن شاء الله.

    علاج الإحباط والاكتئاب بدعاء واحد

    يؤكد علماء النفس والأطباء أن معظم الأمراض النفسية وحالات الانتحار وأمراض الاكتئاب والإحباط خصوصاً إنما تعود أسبابها لشيء واحد وهو عدم الرضا عن الواقع والظروف المحيطة وعدم الرضا عن النفس. والعلاج كما علمنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم دعاءً عظيماً، ألا وهو: (رضيت بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً) [رواه أحمد]. فمن قال هذا الدعاء ثلاثاً حين يصبح وثلاثاً حين يمسي كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة!! يا لها من كلمات قليلة ولكن نتيجتها كبيرة جداً، ألا تحب أخي القارئ أن يرضيك الله يوم القيامة؟



    العلاج الوقائي لكل شر

    هنالك دعاء مهم جداً وهذا الدعاء سبباً في دفع الكثير من الضرر . هذا الدعاء هو: (بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) [رواه ابن ماجة]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن هذا الدعاء: من قاله ثلاثاً إذا أصبح وثلاثاً إذا أمسى لم يضره شيء!!

    هذا الدعاء مناسب جداً فلا نتركه أبداً، فإذا كان حبيب الله وهو الذي يعيش في رعاية الله وحفظه والله قد عصمه وأيده بنصره والملائكة تحفُّه والله معه في كل لحظة وعلى الرغم من ذلك كان لا يترك هذا الدعاء، فما بالنا نحن؟

    العلاج بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

    وهذه طريقة أخرى للعلاج أيضاً أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كلما خطر ببالك، وأن تصلي عليه بنية الشفاء، وتكرر الصلاة عليه وستجد حلاوة في قلبك لا يمكن أن يصفها إلا من ذاقها، هذه الصلاة تجعلك قريباً من النبي عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، فهل هنالك أجمل من أن يكون الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام شفيعاً لك يوم القيامة عندما يتخلى عنك حتى أقرب الناس إليك؟ إنها كلمات بسيطة وبسيطة جداً لن تأخذ منك أكثر من ربع دقيقة! ولكن نتيجتها أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيكون قريباً منك يوم القيامة ويشفع لك. وهو أن تقول صباحاً (10) مرات، ومساءً (10) مرات: (اللهم صلِّ على سيدنا محمد) وقد كان النبي الأعظم يقول: (من صلى عليّ حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة) [رواه الطبراني].

    علاج للهم والحزن والضيق

    لقد كان الرسولصلى الله عليه وسلم يدعو بالقرآن، ففي كتاب الله تعالى آيات محددة لأمراض محددة، ومن بين هذه الآيات آية عظيمة لا زال النبي صلى الله عليه وسلميرددها كلما تعرض لأي همّ أو كرب أو ضيق، وكان يقول عنها: من قالها حين يصبح وحين يمسي سبع مرات، كفاه الله ما أهمّه من أمر الدنيا والآخرة، إنها: (حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلتُ وهو ربُّ العرش العظيم) [التوبة: 129].

    فأنت عندما تدعو بهذه الآية إنما تعطي معلومة أو أمراً لدماغك أن يلجأ إلى الله فهو يكفيه، وكأن هذه الآية تذكرك بأن همومك مهما كانت عظيمة فالله أعظم (وهو ربُّ العرش العظيم) ومهما تعرضت لمشاكل ومواقف صعبة في حياتك، فإن الله يكفيك هذه الهموم فهو حسبك أي يكفيك لا حاجة لتلجأ معه إلى أي مخلوق: (حسبي الله) أي: الله يكفيني، أخي القارئ جرِّب هذا الدعاء سبع مرات صباحاً ومساءً، وانظر كيف ستتغير الأمور إن شاء الله.

    علاج للمشاكل الاقتصادية

    وهذا دعاء عظيم إذا حفظته وكررته باستمرار وبأي عدد تشاء فإن الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام يؤكد لك أنه: لو كان عليك مثل جبل ديناً أدّاه الله عنك!!!! والدعاء هو: (اللهم اكفِني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمَّن سواك)، فما أحوجنا لمثل هذا الدعاء وبخاصة في عصرنا هذا، حيث الغلاء وارتفاع الأسعار وقلة الأموال، إن هذا الدعاء سييسر لك الرزق الحلال وهذا أهم شيء، فما فائدة الأموال إذا كانت تجلب علينا غضب الله؟

    لذلك انظروا معي كيف ركَّز النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه أول شيء على الحلال: (اللهم اكفِني بحلالك) ثم على الغنى (وأغنني بفضلك) فكأنما يريد أن يبث لك رسالة: إذا كنتَ تأكل مالاً حراماً فأسرع وابتعد عنه والجأ إلى الله ليرزقك الرزق الحلال، فمتى أصبح رزقك حلالاً أغناك الله بعد ذلك من فضله.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #53
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي

    كلمتان عظيمتان
    د. عائض القرني

    قال الإمام أحمد : كلمتان نفعني الله بهما في الجنة :
    الأولى : لرجل حبس في شرب الخمر , فقال : يا أحمد
    اثبت , فإنك تجلد في السنة , وأنا جلدت في الخمر مراراً
    وقد صبرت .
    { إِن تَكُوْنُوْا تَأْلَمُوْن فَإِنَّهُم يَأْلَمُوْن كَمَا تَأْلَمُوْن وَتَرْجُوْن مَا لَا تَرْجُوَن }
    { فَاصْبِر إِن وَعْد الْلَّه حَق وَلَا يَسْتَخِفَّنَّك الَّذِيْن لَا يُوْقِنُوْن }


    الثانية : لأعرابي قال للإمام أحمد , والإمام أحمد قد أخذ إلى الحبس
    وهو مقيد بالسلاسل : يا أحمد , اصبر , فإنما تقتل من هنا , وتدخل
    الجنة من هنا .
    { يُبَشِّرُهُم رَبُّهُم بِرَحْمَة مِنْه وَرِضْوَان وَجَنَّات لَّهُم
    فِيْهَا نَعِيْم مُّقِيْم } .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #54
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي

    رب اغفر لي ولوالدي، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا

    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ وَحَزَنٌ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟ قَالَ: "أَجَلْ يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ". أخرجه أحمد (1/452 ، رقم 4318) ، وابن أبى شيبة (6/40 ، رقم 29318) ، والطبراني (10/169 ، رقم 10352) ، والحاكم (1/690 ، رقم 1877) وقال: صحيح على شرط مسلم. وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1 / 337).
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #55
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي تعظيم الله وشعائره

    تعظيم الله وشعائره
    ان تعظيم الله تعالى وتعظيم ما يستلزم ذلك من شعائر الله تعالى وحدوده من أجل العبادات القلبية واهم أعمال القلوب والتي يتعين تحقيقها والقيام بها وتربية الناس عليها وبالذات في هذا الزمان الذي ظهر فيه استخفاف واستهزاء بشعائر الله تعالى , والتسفيه والازدراء لدين الله تعالى وأهله.
    إن الايمان بالله تعالى مبني على التعظيم و الإجلال لله عز وجل و قال تعالى : (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً) (مريم : 90 ), قال الضحاك في تفسير هذه الاية : (( يتشققن من عظمة الله عز وجل)) ( العظمة لأبي الشيخ 1/341)
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول : ( فمن اعتقد الوحدانية في الإلوهية لله سبحانه وتعالى والرسالة لعبده و رسوله ثم لم يتبع هذا الاعتقاد موجبه من الإجلال والإكرام الذي هو حال في القلب يظهر أثره على الجوارح بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول أو الفعل , كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه وكان ذلك موجبا لفساد ذلك الاعتقاد ومزيلا له لما فيه من المنفعة والصلاح).
    وقد ذم الله تعالى من لم يعظمه حق عظمته ولا عرفه حق معرفته ولا وصفه حق وصفه : ((مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً) (نوح : 13 )
    وتعظيم الله وإجلاله لا يتحقق الا بإثبات الصفات لله تعالى كما يليق به سبحانه من غير تحريف او تعطيل او تكييف او تمثيل والذين ينكرون بعض صفاته تعالى ما قدروا الله حق قدره وما عرفوه حق معرفته ( مجموع الفتاوى لأبن تيمية 13/160)
    يقول العلامة محمد الامين الشنقيطي : ( أن الانسان اذا سمع وصفا وصف به خالق السموات والارض نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم فليملأ صدره من التعظيم ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين , فيكون القلب منزها معظما له جل وعلا غير متنجس بأقذار التشبيه) ( منهج و دراسات لآيات الأسماء والصفات)
    ومما يوجب تعظيم الله تعالى واجلاله , أن نتعرف على نعم الله تعالى ونتذكر آلاء الله عز وجل .
    ولقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يربي أمته على وجوب تعظيم الله تعالى , فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: جاء حَبر من الأحبار إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك.
    فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . ( متفق عليه)
    وما في الآية يدل على ان عظمة الله تعالى أعظم مما وصف ذلك الحبر .
    وأما حال رسولنا عليه الصلاة والسلام في تعظيمه لربه فحاله لا يوصف، فمن ذلك أنه لما قال له رجل: فإنا نستشفع بالله عليك، فقال النبي: ((سبحان الله سبحان الله!)) فما زال يسبّح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: ((ويحك، أتدري ما الله؟! إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه). ( رواه أبو داود وغيره)
    ومن أروع الأمثلة التي دوّنها التاريخ عن سلفنا الصالح وتعظيمهم لله عزّ وجلّ ما وقع للإمام مالك رحمه الله تعالى لما سأله أحدهم عن قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى) [طه:5] فقال: كيف استوى؟ فما كان موقف الإمام مالك إزاء هذا السؤال إلا أن غضب غضبا شديدا لم يغضب مثله قط، وعلاه العرق، وأطرق القوم إلى أن ذهب عن الإمام مالك ما يجد، فقال: "الكيف غير معلوم، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وإني لأخاف أن تكون ضالاً"، ثم أُمر به فأُخرج.
    تأمّل ـ رحمك الله ـ ما أصاب الإمام مالك رحمه الله من شدة الغضب وتصبّب العرق إجلالاً وتعظيمًا لله تعالى وإنكارًا لهذا السؤال عن كيفية استواء الربّ تعالى.

    ومن الأمثلة في هذا الباب ما جرى للإمام أحمد رحمه الله تعالى لما مر مع ابنه عبد الله على رجل يحدث الناس بغير علم ويذكر حديث النزول فيقول: إذا كان ليلة النصف من شعبان ينزل الله عزّ وجلّ إلى سماء الدنيا بلا زوال ولا انتقال ولا تغير حال، وهذا كذب على الله، يقول عبد الله: فارتعد أبي، واصفر لونه، ولزم يدي، وأمسكته حتى سكن، ثم قال: "قف بنا على هذا الكذاب"، فلما حاذاه قال: "يا هذا، رسول الله أغيَر على ربّه عزّ وجلّ منك، قل كما قال رسول الله". ( الاقتصاد في الاعتقاد لعبد الغني المقدسي).
    ومن تعظيم الله تعالى : تعظيم كلامه وتحقيق النصيحة لكتابه تلاوة وتدبرا و عملا , حتى ان بعض السلف كانوا يكرهون أن يصغروا المصحف ( الحلية لأبي نعيم)
    ومما يجب تعظيمه و توقيره تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيم سننه وحديثه , يقول ابن تيمية ( إن الله أمر بتعزيره و توقيره , فقال : (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفتح : 9 )
    والتعزير اسم جامع لنصرة و تأييده ومنعه من كل نا يؤذيه والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الاجلال والاكرام وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار ... ومن ذلك أنه حرم التقدم بين يديه حتى يأذن وحرم رفع الصوت فوق صوته ,وأن يجهر له بالكلام كما يجهر الرجل بالرجل).( الصارم المسلول ص 422- 424 باختصار)
    وقد عني السلف الصالح بتعظيم السنة النبوية واجلال رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومن ذلك ما قاله عبدالله بن المبارك عن الإمام مالك بن انس: ( كنت عند مالك وهو يحدثنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدغته عقرب ست عشرة مرة ومالك يتغير لونه ويصفر ولا يقطع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما فرغ من المجلس وتفرق الناس قلت: يا ابا عبدالله لقد رأيت منك عجبا , فقال :نعم إنما صبرت إجلالا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( الديباج المذهب لأبن فرحون)
    ومما يجب تعظيمه و إجلاله, صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم و فيتعين احترامهم وتوقيرهم وتقديرهم حق قدرهم والقيام بحقوقهم رضي الله عنهم.
    ورد في طبقات الحنابله أن ابا القاسم الخرقي الحنبلي ( ت 360هـ) هاجر من بغداد لما ظهر فيها سب الصحابة رضوان الله عليهم .
    وإن مما يعيننا على تعظيم الله أمورا كثيرة منها:

    1- التفكر في آياته المشاهدة التي نراها صباحا ومساء، فمنها خلق السماوات والأرض؛ فإن الناظر في السماء ليدهش من بديع صنعها وعظيم خلقها واتساعها وحسنها وكمالها وارتفاعها وقوتها، كل ذلك دليل على تمام عظمته تعالى، أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا [النازعات:27، 28]، وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات:47]، أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ [ق:6].

    ومن نظر إلى الأرض كيف مهدها الله وسخرها لنا وجعل فيها جبالا رواسي شامخات مختلفة الألوان، وكيف جعل الله تعالى الأرض قرارا للخلق لا تضطرب بهم ولا تزلزل بهم إلا بإذن الله، من تأمل ذلك استشعر عظمة الله جل وعلا،( وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ )[الذاريات:20].
    ومن آيات عظمته عز وجل ما بث الله تعالى في السموات والأرض من دابة، ففي السماء ملائكته، لا يحصيهم إلا الله تعالى، ما من موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله تعالى أو راكع أو ساجد، يطوف منهم كل يوم بالبيت المعمور في السماء السابعة سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة.
    وفي الأرض من أجناس الدواب وأنواعها ما لا يحصى أجناسه، فضلا عن أنواعه وأفراده، هذه الدواب مختلفة الأجناس والأشكال والأحوال فمنها النافع الذي به يعرف الناس عظم نعمة الله عليهم، ومنها الضار الذي يعرف الإنسان به قدر نفسه وضعفه أمام خلق الله، فكيف حاله مع خالقه عز وجل؟!

    ومن آيات عظمته تعالى الليل والنهار، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [القصص:71-73].

    ومن آيات عظمة الله تعالى الشمس والقمر، حيث يجريان في فلكهما منذ خلقهما الله تعالى حتى يأذن بخراب العالم، يجريان بسير منتظم، لا تغيير فيه ولا انحراف ولا فساد ولا اختلاف، وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس:38-40].

    ومن آياته تعالى الدالة على عظمته هذه الكواكب والنجوم العظيمة التي لا يحصيها كثرة ولا يعلمها عظمة إلا الله تعالى، تسير بأمر الله تعالى وتدبيره، زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها، فالكون كله من آيات عظمة الله، هو الذي خلقه، وهو المدبر له وحده، لا يدبر الكون أحد غير الله.
    2- تحقيق العبودية الكاملة لله تعالى؛ فالعبد كلما تقرب إلى ربه بأنواع العبادات وأصناف القرُبات عظُم في قلبه أمر الله؛ فتراه مسارعًا لفعل الطاعات مبتعدًا عن المعاصي والسيئات.

    3– ومن الأمور كذلك التدبر الدقيق للقرآن الكريم، والنظر في الآيات التي تتحدث عن خلق الله وبديع صنعه، والآيات التي تتحدث عن عقوبته وشديد بطشه، وآيات الوعد والوعيد، فإن تدبر القرآن يؤثر في القلب ولا شك، ويجعله يستشعر عظمة الخالق والخوف منه، فمن قرأ كتاب الله وتأمل فيه يجد فيه صفات الرب سبحانه، ملك له الملك كله، والأمور كلها بيده، مستوي على عرشه، لا تخفى عليه خافية، عالم بما في نفوس عبيده، مطلع على أسرارهم وعلانيتهم، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه.

    4– مما يعيينا على تعظيم الله النظر في حال السابقين؛ فلقد عاش على هذه الأرض أقوام وشعوب أعطاهم الله بسطة في الجسم وقوة في البدن لم يعطها أمة من الأمم، ولكنها كفرت بالله وكذبت بالرسل، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف ودمرهم تدميرًا.

    5- ومن ذلك الدعاء، وهو أنفع الأدوية وأقوى الأسباب متى ما حضر القلب وصدقت النية؛ فإن الله لا يخيب من رجاه.

    6– ومما يعين كذلك التعرف على الله من خلال صفاته جل وعلا، فإنه موصوف بكل صفة كمال، فله العلم المحيط والقدرة النافذة والكبرياء والعظمة، فعلى قدر معرفة العبد لربه يكون تعظيم الله عز وجل في قلب العبد، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيمًا وإجلالاً.

    7– وكذلك مما يوجب التعظيم التعرف على نعم الله وآلائه وشكرها، فإنك إذا تفكرت في نعم الله عليك أن هداك للإسلام وأعطاك سمعا وبصرا وعقلا ومالا وصحة وعافية وغنى ومسكنا وأولادا وأمنا وأمانا وأن سلمك من الشرور والمحن فإنك إذا رجعت إلى نفسك وتأملت وتفكرت في تلك النعم فإنك ستعظم الله حق التعظيم وتجله جل وعلا.

    ويلحظ الناظر إجمالا في حال المسلمين أن ثمت مخالفات تنافي تعظيم الله تعالى وشعائره كالاستهزاء او الاستخفاف او الازدراء او الانتقاص لدين الله تعالى وشعائره.
    وان من اهم اسباب وقوع هذه المخالفات المنافية للتعظيم, الجهل بالدين وقلة العلم الشرعي وغلبة نزعة الإرجاء في هذا الزمان , فمرجئة هذا الزمان الذين يقررون أن الايمان تصديق فقط ويهملون العبادات القلبية, فيمكن أن يكون الرجل عندهم مؤمنا ما دام مصدقا وإن استخف بالله تعالى أو استهزأ برسوله صلى الله عليه وسلم .
    ومنها ظهور البدع والمحدثات واستفحالها ,منها تعظيم القوانين الوضعية والدساتير الأرضية وكثرة الترخص والمداهنات والتنازلات من علماء السوء,ورحم الله ابن القيم حين قال في الفوائد : ( كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه لأن أحكام الرب سبحانه كثيرا ما تأتي على خلاف أغراض الناس و لاسيما أهل الرياسه والذين يتبعون الشبهات فإنهم لا تتم لهم أغراضهم الا بمخالفة الحق ودفعه كثيرا, فإذا كان العالِم والحاكم محبين للرياسة متبعين للشهوات لم يتم لهما ذلك الا بدفع ما يضاده من الحق..)
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #56
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي تعظيم الله وشعائره

    تعظيم الله وشعائره
    ان تعظيم الله تعالى وتعظيم ما يستلزم ذلك من شعائر الله تعالى وحدوده من أجل العبادات القلبية واهم أعمال القلوب والتي يتعين تحقيقها والقيام بها وتربية الناس عليها وبالذات في هذا الزمان الذي ظهر فيه استخفاف واستهزاء بشعائر الله تعالى , والتسفيه والازدراء لدين الله تعالى وأهله.
    إن الايمان بالله تعالى مبني على التعظيم و الإجلال لله عز وجل و قال تعالى : (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً) (مريم : 90 ), قال الضحاك في تفسير هذه الاية : (( يتشققن من عظمة الله عز وجل)) ( العظمة لأبي الشيخ 1/341)
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول : ( فمن اعتقد الوحدانية في الإلوهية لله سبحانه وتعالى والرسالة لعبده و رسوله ثم لم يتبع هذا الاعتقاد موجبه من الإجلال والإكرام الذي هو حال في القلب يظهر أثره على الجوارح بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول أو الفعل , كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه وكان ذلك موجبا لفساد ذلك الاعتقاد ومزيلا له لما فيه من المنفعة والصلاح).
    وقد ذم الله تعالى من لم يعظمه حق عظمته ولا عرفه حق معرفته ولا وصفه حق وصفه : ((مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً) (نوح : 13 )
    وتعظيم الله وإجلاله لا يتحقق الا بإثبات الصفات لله تعالى كما يليق به سبحانه من غير تحريف او تعطيل او تكييف او تمثيل والذين ينكرون بعض صفاته تعالى ما قدروا الله حق قدره وما عرفوه حق معرفته ( مجموع الفتاوى لأبن تيمية 13/160)
    يقول العلامة محمد الامين الشنقيطي : ( أن الانسان اذا سمع وصفا وصف به خالق السموات والارض نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم فليملأ صدره من التعظيم ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين , فيكون القلب منزها معظما له جل وعلا غير متنجس بأقذار التشبيه) ( منهج و دراسات لآيات الأسماء والصفات)
    ومما يوجب تعظيم الله تعالى واجلاله , أن نتعرف على نعم الله تعالى ونتذكر آلاء الله عز وجل .
    ولقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يربي أمته على وجوب تعظيم الله تعالى , فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: جاء حَبر من الأحبار إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك.
    فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . ( متفق عليه)
    وما في الآية يدل على ان عظمة الله تعالى أعظم مما وصف ذلك الحبر .
    وأما حال رسولنا عليه الصلاة والسلام في تعظيمه لربه فحاله لا يوصف، فمن ذلك أنه لما قال له رجل: فإنا نستشفع بالله عليك، فقال النبي: ((سبحان الله سبحان الله!)) فما زال يسبّح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: ((ويحك، أتدري ما الله؟! إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه). ( رواه أبو داود وغيره)
    ومن أروع الأمثلة التي دوّنها التاريخ عن سلفنا الصالح وتعظيمهم لله عزّ وجلّ ما وقع للإمام مالك رحمه الله تعالى لما سأله أحدهم عن قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى) [طه:5] فقال: كيف استوى؟ فما كان موقف الإمام مالك إزاء هذا السؤال إلا أن غضب غضبا شديدا لم يغضب مثله قط، وعلاه العرق، وأطرق القوم إلى أن ذهب عن الإمام مالك ما يجد، فقال: "الكيف غير معلوم، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وإني لأخاف أن تكون ضالاً"، ثم أُمر به فأُخرج.
    تأمّل ـ رحمك الله ـ ما أصاب الإمام مالك رحمه الله من شدة الغضب وتصبّب العرق إجلالاً وتعظيمًا لله تعالى وإنكارًا لهذا السؤال عن كيفية استواء الربّ تعالى.

    ومن الأمثلة في هذا الباب ما جرى للإمام أحمد رحمه الله تعالى لما مر مع ابنه عبد الله على رجل يحدث الناس بغير علم ويذكر حديث النزول فيقول: إذا كان ليلة النصف من شعبان ينزل الله عزّ وجلّ إلى سماء الدنيا بلا زوال ولا انتقال ولا تغير حال، وهذا كذب على الله، يقول عبد الله: فارتعد أبي، واصفر لونه، ولزم يدي، وأمسكته حتى سكن، ثم قال: "قف بنا على هذا الكذاب"، فلما حاذاه قال: "يا هذا، رسول الله أغيَر على ربّه عزّ وجلّ منك، قل كما قال رسول الله". ( الاقتصاد في الاعتقاد لعبد الغني المقدسي).
    ومن تعظيم الله تعالى : تعظيم كلامه وتحقيق النصيحة لكتابه تلاوة وتدبرا و عملا , حتى ان بعض السلف كانوا يكرهون أن يصغروا المصحف ( الحلية لأبي نعيم)
    ومما يجب تعظيمه و توقيره تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيم سننه وحديثه , يقول ابن تيمية ( إن الله أمر بتعزيره و توقيره , فقال : (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفتح : 9 )
    والتعزير اسم جامع لنصرة و تأييده ومنعه من كل نا يؤذيه والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الاجلال والاكرام وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار ... ومن ذلك أنه حرم التقدم بين يديه حتى يأذن وحرم رفع الصوت فوق صوته ,وأن يجهر له بالكلام كما يجهر الرجل بالرجل).( الصارم المسلول ص 422- 424 باختصار)
    وقد عني السلف الصالح بتعظيم السنة النبوية واجلال رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومن ذلك ما قاله عبدالله بن المبارك عن الإمام مالك بن انس: ( كنت عند مالك وهو يحدثنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدغته عقرب ست عشرة مرة ومالك يتغير لونه ويصفر ولا يقطع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما فرغ من المجلس وتفرق الناس قلت: يا ابا عبدالله لقد رأيت منك عجبا , فقال :نعم إنما صبرت إجلالا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( الديباج المذهب لأبن فرحون)
    ومما يجب تعظيمه و إجلاله, صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم و فيتعين احترامهم وتوقيرهم وتقديرهم حق قدرهم والقيام بحقوقهم رضي الله عنهم.
    ورد في طبقات الحنابله أن ابا القاسم الخرقي الحنبلي ( ت 360هـ) هاجر من بغداد لما ظهر فيها سب الصحابة رضوان الله عليهم .
    وإن مما يعيننا على تعظيم الله أمورا كثيرة منها:

    1- التفكر في آياته المشاهدة التي نراها صباحا ومساء، فمنها خلق السماوات والأرض؛ فإن الناظر في السماء ليدهش من بديع صنعها وعظيم خلقها واتساعها وحسنها وكمالها وارتفاعها وقوتها، كل ذلك دليل على تمام عظمته تعالى، أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا [النازعات:27، 28]، وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات:47]، أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ [ق:6].

    ومن نظر إلى الأرض كيف مهدها الله وسخرها لنا وجعل فيها جبالا رواسي شامخات مختلفة الألوان، وكيف جعل الله تعالى الأرض قرارا للخلق لا تضطرب بهم ولا تزلزل بهم إلا بإذن الله، من تأمل ذلك استشعر عظمة الله جل وعلا،( وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ )[الذاريات:20].
    ومن آيات عظمته عز وجل ما بث الله تعالى في السموات والأرض من دابة، ففي السماء ملائكته، لا يحصيهم إلا الله تعالى، ما من موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله تعالى أو راكع أو ساجد، يطوف منهم كل يوم بالبيت المعمور في السماء السابعة سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة.
    وفي الأرض من أجناس الدواب وأنواعها ما لا يحصى أجناسه، فضلا عن أنواعه وأفراده، هذه الدواب مختلفة الأجناس والأشكال والأحوال فمنها النافع الذي به يعرف الناس عظم نعمة الله عليهم، ومنها الضار الذي يعرف الإنسان به قدر نفسه وضعفه أمام خلق الله، فكيف حاله مع خالقه عز وجل؟!

    ومن آيات عظمته تعالى الليل والنهار، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [القصص:71-73].

    ومن آيات عظمة الله تعالى الشمس والقمر، حيث يجريان في فلكهما منذ خلقهما الله تعالى حتى يأذن بخراب العالم، يجريان بسير منتظم، لا تغيير فيه ولا انحراف ولا فساد ولا اختلاف، وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس:38-40].

    ومن آياته تعالى الدالة على عظمته هذه الكواكب والنجوم العظيمة التي لا يحصيها كثرة ولا يعلمها عظمة إلا الله تعالى، تسير بأمر الله تعالى وتدبيره، زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها، فالكون كله من آيات عظمة الله، هو الذي خلقه، وهو المدبر له وحده، لا يدبر الكون أحد غير الله.
    2- تحقيق العبودية الكاملة لله تعالى؛ فالعبد كلما تقرب إلى ربه بأنواع العبادات وأصناف القرُبات عظُم في قلبه أمر الله؛ فتراه مسارعًا لفعل الطاعات مبتعدًا عن المعاصي والسيئات.

    3– ومن الأمور كذلك التدبر الدقيق للقرآن الكريم، والنظر في الآيات التي تتحدث عن خلق الله وبديع صنعه، والآيات التي تتحدث عن عقوبته وشديد بطشه، وآيات الوعد والوعيد، فإن تدبر القرآن يؤثر في القلب ولا شك، ويجعله يستشعر عظمة الخالق والخوف منه، فمن قرأ كتاب الله وتأمل فيه يجد فيه صفات الرب سبحانه، ملك له الملك كله، والأمور كلها بيده، مستوي على عرشه، لا تخفى عليه خافية، عالم بما في نفوس عبيده، مطلع على أسرارهم وعلانيتهم، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه.

    4– مما يعيينا على تعظيم الله النظر في حال السابقين؛ فلقد عاش على هذه الأرض أقوام وشعوب أعطاهم الله بسطة في الجسم وقوة في البدن لم يعطها أمة من الأمم، ولكنها كفرت بالله وكذبت بالرسل، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف ودمرهم تدميرًا.

    5- ومن ذلك الدعاء، وهو أنفع الأدوية وأقوى الأسباب متى ما حضر القلب وصدقت النية؛ فإن الله لا يخيب من رجاه.

    6– ومما يعين كذلك التعرف على الله من خلال صفاته جل وعلا، فإنه موصوف بكل صفة كمال، فله العلم المحيط والقدرة النافذة والكبرياء والعظمة، فعلى قدر معرفة العبد لربه يكون تعظيم الله عز وجل في قلب العبد، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيمًا وإجلالاً.

    7– وكذلك مما يوجب التعظيم التعرف على نعم الله وآلائه وشكرها، فإنك إذا تفكرت في نعم الله عليك أن هداك للإسلام وأعطاك سمعا وبصرا وعقلا ومالا وصحة وعافية وغنى ومسكنا وأولادا وأمنا وأمانا وأن سلمك من الشرور والمحن فإنك إذا رجعت إلى نفسك وتأملت وتفكرت في تلك النعم فإنك ستعظم الله حق التعظيم وتجله جل وعلا.

    ويلحظ الناظر إجمالا في حال المسلمين أن ثمت مخالفات تنافي تعظيم الله تعالى وشعائره كالاستهزاء او الاستخفاف او الازدراء او الانتقاص لدين الله تعالى وشعائره.
    وان من اهم اسباب وقوع هذه المخالفات المنافية للتعظيم, الجهل بالدين وقلة العلم الشرعي وغلبة نزعة الإرجاء في هذا الزمان , فمرجئة هذا الزمان الذين يقررون أن الايمان تصديق فقط ويهملون العبادات القلبية, فيمكن أن يكون الرجل عندهم مؤمنا ما دام مصدقا وإن استخف بالله تعالى أو استهزأ برسوله صلى الله عليه وسلم .
    ومنها ظهور البدع والمحدثات واستفحالها ,منها تعظيم القوانين الوضعية والدساتير الأرضية وكثرة الترخص والمداهنات والتنازلات من علماء السوء,ورحم الله ابن القيم حين قال في الفوائد : ( كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه لأن أحكام الرب سبحانه كثيرا ما تأتي على خلاف أغراض الناس و لاسيما أهل الرياسه والذين يتبعون الشبهات فإنهم لا تتم لهم أغراضهم الا بمخالفة الحق ودفعه كثيرا, فإذا كان العالِم والحاكم محبين للرياسة متبعين للشهوات لم يتم لهما ذلك الا بدفع ما يضاده من الحق..)
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #57
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي خلاصة الكلام في أحكام الصيام

    - خلاصة الكلام في أحكام الصيام
    - 1- الصيام هو الإمساك عن الطعام والشراب والنكاح تقربا إلى الله تعالى.
    - 2- وقته: من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس
    - 3- حكم صوم رمضان: واجب وهو الركن الرابع من أركان الإسلام.
    - 4- يجب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم.
    - 5- شروط صحته الصوم :
    - أ‌- الإسلام
    - ب‌- العقل
    - ت‌- التمييز فلا يصح من الصغير حتى يميز.
    - ث‌- انقطاع دم الحيض
    - ج‌- انقطاع دم النفاس
    - ح‌- النية من الليل لكل يوم في الصوم والنية محلها القلب.
    - 6- سنن الصوم ستة:
    - أ‌- تأخير السحور إلى آخر جزء من الليل ما لم يخشى طلوع الفجر.
    - ب‌- تعجيل الفطر اذا تحقق من غروب الشمس.
    - ت‌- الزيادة في أعمال الخير وفي مقدمتها المحافظة على الصلوات الخمس , وأداة زكاة الأموال الى مستحقيها, والاستغفار والدعاء والذكر.
    - ث‌- أن يقول اذا شُتم اللهم إني صائم.
    - ج‌- ان يدعو عند فطره بما أحب ومن ذلك : أن يقول ( اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت فتقبل مني انك أنت السميع العليم).
    - ح‌- ان يفطر على رطب فإن عدمه فعلى تمر فإن عدمه فعلى ماء.
    - 7- يباح الفطر في رمضان لأربعة أقسام من الناس وهم:
    - أ‌- المريض الذي يتضرر به والمسافر الذي له القصر , وإن صاما أجزأهما.
    - ب‌- الحائض والنفساء تفطران وتقضيان , ولا يجوزصومهما .
    - ت‌- الحامل والمرضع : إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينا وان صامتا أجزأهما وان خافتا على نفسيهما أفطرتا وقضتا فقط.
    - ث‌- العاجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى شفاؤه: فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا .( عمدة الفقه لأبن قدامه).
    - 8- مفسدات الصوم:
    - أ‌- الجماع في الفرج في نهار رمضان ,وعليه القضاء والكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
    - ب‌- الاكل والشرب عمدا فإن كان ناسيا لم يفسد صومه
    - ت‌- حقن الإبر المغذية , وأما الإبر غير المغذية فقد اختلف فيها العلماء والأولى عدم حقنها الا للضرورة .
    - ث‌- إنزال المني في اليقظة باستمناء أو مباشرة أو تقبيل ونحو ذلك باختياره, واما الإنزال باحتلام فلا يفطر لأنه بغير اختياره.
    - ج‌- خروج دم الحيض والنفاس , فمتى رأت المرأة الحيض أو النفاس فسد صومها.
    - ح‌- التقيؤ عمدا .
    - خ‌- الردة عن الإسلام.
    - يشترط للفطر فيما سبق أن يكون عالما ذاكرا مختارا, فإن كان جاهلا أو ناسيا أو مكرها لم يفسد صومه.
    -
    - الصوم المستحب
    - 1- صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يكمل بها أجر صيام الدهر,
    - 2- صوم الاثنين والخميس لأنهما يومان تعرضان فيهما الأعمال على الله .
    - 3- صيام ثلاثة أيام من كل شهر يكتب بها أجر الصيام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها والأولى إن يصوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر
    - 4- صيام التسع الأول من ذي الحجة , وآكدها التاسع وهو يوم عرفه لغير الحاج.
    - 5- صيام شهر محرم وآكده التاسع والعاشر أو العاشر والحادي عشر.
    -
    - الصوم المنهي عنه:
    - 1- صوم يوم الشك وهو الثلاثين من شعبان
    - 2- صوم يومي العيدين ( الفطر والأضحى)
    - 3- صيام أيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة لغير الحاج المتمتع أو القارن إذا لم يجد الهدي
    - 4- تخصيص يوم الجمعة بالصوم.
    - 5- صوم المرأة تطوعا بغير إذن زوجها.
    -
    - فوائد:
    - 1- يجز للصائم أن ينوي الصيام وهو جنب ثم يغتسل بعد طلوع الفجر وكذلك المرأة الحائض و النفساء إذا طهرت قبل طلوع الفجر.
    - 2- إذا طهرت النفساء قبل الأربعين يوميا اغتسلت وصلت وصامت.
    - 3- يجوز للصائم أن يتسوك في أول النهار وآخره وهو سنة في حقه كالمفطرين.
    - 4- ينبغي استغلال أوقات رمضان في الأعمال الصالحة من صلاة وصدقه وقراءة قرآن وذكر واستغفار.
    - 5- لو سافر ليفطر حرم عليه السفر والفطر و وجب عليه الصيام.
    - 6- لو أراد أن يأكل أو يشرب من وجب الصيام عليه في نهار رمضان ناسيا أو جاهلا وجب على من رآه أن يعلمه ويذكره لأن ذلك من باب التعاون على البر والتقوى.
    - 7- لا يفسد صوم من طار إلى حلقه ذباب أو غبار أو دخان بعير قصد لعدم إمكان التحرز منه
    - 8- من أكل شاكا في طلوع الفجر صح صومه لأن الأصل بقاء الليل , ومن أكل شاكا في غروب الشمس لم يصح صومه لأن الأصل بقاء النهار.
    - 9- من أسباب المغفرة في رمضان صيامه وقيامه وقيام العشر الأخيرة من رمضان تحسبا لليلة القدر وقراءة القران والذكر والدعاء والأعمال الصالحة عموما .
    - 10- أفضل الصدقة صدقة رمضان.
    - 11- يستحب التتابع في قضاء رمضان ولا يجب
    - 12- يجوز أن يقضي أياما قصيرة باردة عن أيام طويلة حارة وبالعكس.
    - 13- من خصائص العشر الأواخر من رمضان استحباب إحياء الليل بالصلاة والعبادة , واعتزال النساء والاعتكاف وهو لزوم المسجد لطاعة الله ,
    - 14- الصوم مستشفى لكثير من الأمراض قال صلى الله عليه وسلم : ( صوموا تصحوا ) رواه ابن السني وأبو نعيم وحسنة السيوطي.
    - 15- يستحب التكبير ليلة عيد الفطر إلى صلاة العيد وصفة التكبير هي ( الله اكبر الله اكبر لا اله إلا الله والله اكبر الله أكبر ولله الحمد).
    - 16- فطَر عندك بعض الصائمين لتنال مثل أجرهم .
    - 17- اعتمر في رمضان فإن العمرة في رمضان تعدل حجة
    - 18- لا يخرجنك الصيام عن حدك فتغضب لأتفه الأسباب بحجة انك صائم , بل ينبغي أن يكون الصيام سببا في سكينة نفسك وطمأنينتها.
    -
    - خصائص شهر رمضان
    - 1- صوم رمضان إيمانا واحتسابا هو الركن الرابع من أركان الإسلام.
    - 2- إنزال القران فيه , قال تعالى :(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة : 185 )
    - 3- فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ( 83 سنه وأربعة أشهر)
    - 4- في رمضان كانت عزوة بدر وفتح مكة .
    - 5- في رمضان تفتح أبواب الجنة والرحمة وتغلق أبواب النار وتعل الشياطين.
    - 6- خلوف (رائحة ) فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
    - 7- تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.
    - 8- هو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة.
    - 9- يعفر للصائمين في آخر ليلة من رمضان وذلك أنم العامل يوفى أجره إذا قضى عمله.
    -
    - زكاة الفطر :
    - - هي زكاة البدن والنفس الواجبة بسبب الفطر من صوم رمضان .
    - - تجب على كل مسلم عن نفسه وعمن تلزمه نفقته .
    - - مقدارها صاع من غالب قوت البلد يوم العيد وليلته( الصاع النبوي هو أربعة أمداد والمد هو ملء الكفين المتوسطين ومقداره بالكيلو = 2 كيلو ونصف)
    - - يستحب إخراجها عن الحمل ولا تجب عليه.
    - - وقت إخراجها يوم العيد قبل الصلاة ويجوز قبله بيومك أو يومين ور يجوز تأخيرها بعد صلاة العيد بغير عذر شرعي .
    - - مكان إخراجها لبلد التي أنت مقيم فيها وقت الإخراج.
    - - تجب بعد الغروب لشمس ليلة عيد الفطر, فمن اسلم بعد الغروب أو ولد له ولد أو تزوج بعد الغروب لم تلزمه فطرته ومتى حصلت هذه الأشياء قبل الغروب لزمه فطرتهم.
    - - يجوز أن يعطي الجماعة فطرهم لواحد وان يعطي الواحد فطرته لجماعة .
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #58
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي الغضب

    التحكم بالغضب


    في هذا البحث نتأمل النتائج الخطيرة لظاهرة الغضب التي انتشرت بشكل كبير في هذا العصر، وكيف تحدث القرآن عن علاجها وكيف يتطابق ذلك مع الدراسات النفسية الحديثة....

    الغضب من الصفات التي نهى عنها النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم، وكلنا يذكر قصة ذلك الأعرابي الذي جاء ليأخذ النصيحة من الرسول فأمره ألا يغضب فقال زدني قال لا تغضب فقال زدني قال لا تغضب... ولا زال النبي يكرر هذا الأمر حتى انتهى الأعرابي عن السؤال. وسؤالنا: لماذا كل هذا الاهتمام النبوي بموضوع الغضب، وما هي آثاره الخطيرة، وما هي وسائل العلاج؟ هذا هو موضوع بحثنا.

    إن هذه الكلمة يطلقها علماء الغرب اليوم بعدما اكتشفوا ما تحمله من أسرار وفوائد ودلالات، إنها (لا تغضب) والتي كررها النبي مراراً للأعرابي حتى خُيل له أن الإسلام يتلخص في هذه العبارة الرائعة (لا تغضب)، فالغضب هو مفتاح لكل أبواب الشر، ومفتاح للاستكبار الذي يعاني منه الملحدون وغيرهم من المشككين، ويمكنني أن أقول إن الغضب هو مفتاح جهنم والعياذ بالله.

    وقد كان نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم لا يغضب أبداً لنفسه ولا لأمر من أمور الدنيا، إلا أن تُنتهك حرمة من حرمات الله تعالى، وهنا تكمن عظمة هذا النبي الذي يستهزئ به أعداؤه لأنهم حقيقة لم يجدوا أي حجة علمية يطلقوها وبعدما أصبحت حقائبهم فارغة لجؤوا إلى وسيلة الضعفاء ألا وهي الاستهزاء!

    ولكي تكون حجتنا علمية أود أن أعرض أولاً ما نشرته جريدة ديلي ميل البريطانية عن نداء يوجهه باحثون بريطانيون يعتقدون أنه الحل لمشاكل الغرب التي تولدت لديه بنتيجة الإلحاد. فاليوم يشهد الغرب أعلى معدلات للجريمة والاغتصاب والعنف بأشكاله في الشارع والمنزل، إنها ظاهرة اجتماعية خطيرة أنفقوا الملايين من أجل إيجاد علاج لها، فانظروا بماذا خرجوا أخيراً!!

    فقد حذر عدد من الأطباء البريطانيين من تفشي ظاهرة انعدام السيطرة علي المزاج مؤكدين أنها تعد مشكلة كبيرة علي الرغم من أن أحداً لا يعتبر أنها تحتاج علاجاً. وقال الأطباء إن عدم التمكن من السيطرة على الغضب أصبح ظاهرة تتزايد وتتسبب بارتفاع أعداد الأعمال الإجرامية وتفكك عائلات بالإضافة إلي المشاكل الصحية الجسدية والعقلية.

    وجد الأطباء علاقة قوية بين الغضب المزمن والحاد وأمراض القلب والسرطان والجلطات والإحباط وحتى الإصابة بالزكام بشكل متكرر!! وكانت مؤسسة العناية بالصحة العقلية قد أطلقت مسحاً يظهر خطر هذه الظاهرة داعية إلى مواجهة خطرها لأنها تؤذي حياة الكثيرين.

    وقال المدير التنفيذي في المؤسسة الدكتور "أندرو ماكالوك" إنه من الغريب أن يترك الناس وحيدين عندما يتعلق الأمر بشعور قوي مثل الغضب في مجتمع يستطيعون فيه أن يحصلوا على مساعدة عند المعاناة من الإحباط والقلق والذعر والخوف واضطرابات الأكل وغيرها من المشاكل النفسية. إن هذا الغضب إذا استمر فسوف يهدم حياة الفرد. وأقر الباحثون بأن معالجة مشكلة الغضب ليست بالأمر السهل لكن منافعها كبيرة جداً!!

    وأكدت هذه الدراسة أن الغضب أصبح مشكلة كبرى تشمل ربع المجتمع وتسبب الكثير من الإحباط، ولذلك أطلقوا نداء موحداً يؤكدون من خلاله على ضرورة ألا يغضب الإنسان كوسيلة لعلاج معظم مشاكل المجتمع وبخاصة الشباب.

    ونقول يا أحبتي! إن علماء الغرب يرددون كلام النبي الأعظم بعدما ثبت لهم أن الحل يكمن في هذه العبارة (لا تغضب)، وأقول بالله عليكم هل صاحب هذا النداء الرائع (لا تغضب) هو رجل انفعالي أم رجل رحيم بأمته يريد الخير لهم؟؟

    انظروا معي كيف يعود الغرب شيئاً فشيئاً إلى تعاليم الإسلام، ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني شيئاً واحداً ألا وهو أن الإنسان عندما يبحث ويفكر ويكتشف الحقائق العلمية ويخوض التجارب لابد أن يصل إلى نفس الحقائق التي جاء بها هذا النبي الأعظم صلوات ربي وسلامه عليه!! وسؤالي هل ازداد حبكم لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بعدما اطلعتم على هذا البحث؟

    إن الحقائق التي جاء بها رسولنا تمثل الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهذا أكبر دليل مادي على أن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق في دعوته إلى الله، وصدق الله عندما وصفه بصفة لم يصف بها غيره من المخلوقات، يقول تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة: 128-129].

    الغضب الإيجابي!

    جاء في دراسة أجراها بنك المعلومات "كاهوت" على شبكة الإنترنت أن فقدان الأعصاب يكلّف الاقتصاد البريطاني 16 مليار جنيه إسترليني في العام. وتقول الدراسة إن من يفقدون أعصابهم يحطمون أكثر ما يحطمون الأدوات الفخارية والكؤوس. وتقول الدراسة إن الرجال يفقدون أعصابهم أكثر من النساء. وقال 20 بالمئة من عينة بلغت 700 شخص أجريت عليهم الدراسة إن الازدحام في الشوارع يدفعهم إلى الغضب. ولكن أكثر من النصف قالوا إن الانتظار على الهاتف يدفعهم إلى الغضب. وإن ربع الأشخاص الذين أجريت عليهم الدراسة يعرفون كيف يعبرون عن غضبهم بطريقة إيجابية.

    وتقول "دونا دوسون" المتخصصة في علم النفس: إن الغضب شيء معقد جداً. وسببه في أكثر الأحيان هو الخوف من الخسارة، أو الخوف من الإصابة، أو حتى الخوف من خيبة الأمل. إنهم يعلموننا أن الغضب عاطفة سلبية، ولكنه في الواقع عاطفة إيجابية ومفيدة، ولكن الأمر يعتمد على الطريقة التي نعبّر بها عنه. فمن الأفضل بطبيعة الحال أن نعبّر عن العواطف وألا نكبتها في أجسامنا وعقولنا. ولكن يجب أن نحرص على أن نعبر عن الغضب بطريقة إيجابية وان نحولها إلى فعل يغير المواقف. إن الغضب الذي لا نعبر يؤدي إلى إفراز هرمونات تضعف نظام المناعة بتدمير خلايا المناعة الرئيسية.

    كيف عالج النبي غضب الأعرابي؟

    وهنا نتذكر كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغضب إلا في حالة واحدة وهي أن تُنتهك حرمة من حرمات الله، أي أن غضب النبي كان موجهاً في اتجاه محدد وهو الحفاظ على الحدود والحرمات، وهذا يضمن سلامة المجتمع وأمنه. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتميز بأسلوب تعليمي فيستغل المواقف التي يغضب فيها الإنسان العادي ليعطينا العبرة والموعظة.

    وربما نذكر قصة ذلك الأعرابي الذي جاء غاضباً إلى النبي وكلمه بلهجة شديدة بل وجذبه إليه وصرخ في وجهه قائلاً يا محمد أعطني مما أعطاك الله... فغضب أصحاب النبي غضباً شديداً وهمّوا بقتل الأعرابي، ولكن النبي الرحيم قال لهم: خلّوا بين وبينه...

    لقد عرف المرض وعرف العلاج، الأعرابي يغضب والصحابة يغضبون ولكن النبي بكل هدوء يعالج الموقف ويعطينا درساً في علاج الغضب. ويأمر النبي ذلك الأعرابي أن يأخذ ما يشاء من بيت المال، وعند هذه اللحظة يدرك الأعرابي كرم محمد وأنه ليس رجلاً عادياً بل هو نبي مرسل، وهنا يعتذر للنبي ويعلن إسلامه...

    وهنا تأملوا معي كيف يستغل النبي هذا الموقف ليعلم أصحابه – انظروا إلى البرمجة الإيجابية في أسلوب خير البشر، يقول لهم لو تركتكم تقتلوه لمات كافراً... ولكن هذا الأعرابي ذهب فجاء بقبيلته وكلها قد أعلنت إسلامها!!! بالله عليكم هل هذا نبي العنف أم نبي الرحمة؟

    الغضب يضعف جهاز المناعة

    ومواصفاتها وخصالها قد يكون لها جميعاً نفوذ على قدرة جهاز المناعة في الجسم على مواجهة المرض والتخلص منه. وتقول الدكتورة "آنا مارشلاند" من جامعة بيتسبره الأمريكية إن ذوي المعدلات العالية من التنبه العصبي (نيوروتيسيزم) قد لا يتمتعون بجهاز مناعة قوي بما فيه الكفاية

    فقد قام باحثون في كلية الطب بجامعة بيتسبره تحت إشراف الدكتورة مارشلاند، بفحص ردود فعل أكثر من ثمانين متطوعاً حقنوا بلقاح لمعالجة مرض التهاب الكبد الوبائي، وهو مرض فيروسي، واللقاح ينشّط جهاز المناعة في الجسم من خلال تعريضه لكمية صغيرة جداً من الفيروس، كما أُدخل المتطوعون في اختبار لقياس طبيعة شخصياتهم ودرجة تنبهها العصبي.

    وتبين للعلماء أن من لديهم درجات عالية من التنبه العصبي يميلون إلى التقلبات المزاجية الشديدة، وإلى التعصب الكثير، كما تسهل استثارتهم وتعريضهم للضغط والاضطراب النفسي والإجهاد العصبي. وظهر أن المتطوعين من ذوي التنبه العصبي العالي يميلون أيضاً إلى تسجيل استجابات أقل من حيث جودة الأداء للقاح مرض التهاب الكبد الوبائي مقارنة بنظرائهم الذين لهم معدلات طبيعية من التنبه العصبي. وربما تفسر هذه النتائج ما خلصت إليه دراسات سابقة من أن ذوي التنبه العصبي العالي أكثر عرضة من غيرهم لمشاكل الأمراض وتعقيداتها.

    وتقول الدكتورة مارشلاند إن نتائج الدراسة تدعم الفكرة القائلة بأن ذوي التنبه العصبي العالي يتمتعون بجهاز مناعة أقل كفاءة من غيرهم، مما يعرضهم أكثر من غيرهم للأمراض وأعراضها. وكانت دراسة سابقة أجريت في أوهايو بالولايات المتحدة، قد وجدت أن قوة تأثير اللقاحات والعقاقير الطبية المضادة لذات الرئة تقل عند من يعانون من الضغوط العصبية، وهو ما يؤيد النتائج الجديدة. كما ذكرت دراسة أوهايو أنه للضغط النفسي والقلق تأثير مباشر على حجم الهرمونات في الجسم، ومنها الكورتيزول الذي له تأثير فعال على أداء جهاز المناعة.

    عدم التحكم بالغضب يؤدي إلى الوزن الزائد ومشاكل صحية

    أفادت دراسة جديدة بأن عدم قدرة المراهق على التحكم في الغضب قد يسبب له مشكلات صحية في المستقبل. وخلصت الدراسة إلى أن المراهقين الذين يعانون من مشكلات في التحكم في غضبهم يكونون أكثر عرضة لزيادة الوزن. وقال العلماء في الاجتماع السنوي لجمعية القلب الأمريكية في سان فرانسيسكو إن المراهقين الذي يكتمون شعورهم بالغضب يتعرضون لخطر السمنة أو زيادة الوزن وهو ما قد يؤدي إلى تعرضهم لأمراض مثل مرض القلب أو السكري.

    وقام أطباء من مركز علوم القلب في جامعة تكساس بدراسة 160 مراهق تتراوح أعمارهم ما بين 14 و 17 عاماً على مدى ثلاث سنوات. واستخدم الأطباء اختبارات نفسية لمعرفة كيفية استجابتهم للغضب. ووجد الأطباء أن المراهقين الذين يمكنهم التحكم في غضبهم والتصرف بشكل مناسب عند الغضب يكونون أقل عرضة لزيادة الوزن. أما من يعانون من مشكلات في التعامل مع الغضب سواء بكبت مشاعرهم أو فقدان أعصابهم فهم الأكثر عرضة لزيادة الوزن.

    يقول البروفيسور "ويليام مولر" الذي قاد فريق البحث في الدراسة: ترتبط السمنة بالطرق غير الصحية في التعبير عن الغضب. فمشكلات التعبير عن الغضب يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في الأكل وزيادة الوزن وهو ما قد يؤدي بدوره إلى الإصابة بمرض القلب في سن مبكرة. إن الأمر لا يقتصر فقط على مجرد الأكل والتمرينات، ولكن يجب علينا أن ننتبه إلى الجانب الاجتماعي.

    ويؤكد الدكتور "مايك فيشر" من الجمعية البريطانية للتحكم في الغضب إن العديد من المراهقين لديهم مشكلات تتعلق بالتحكم في الغضب. إن نحو 50 بالمئة من المكالمات التي نستقبلها هي لآباء يعربون عن مخاوفهم بشأن أطفالهم.

    للغضب أنواع خفية يُصاب بها الملايين!

    تقول دراسة نشرت حديثا في الولايات المتحدة إن مرضا يسمى عرض الانفعال المتقطع (آي إي دي) قد يكون السبب وراء قيام بعض الأشخاص بإظهار انفعالات فجائية عنيفة وغير مبررة. وتضيف الدراسة إن ما يقارب 10 مليون أمريكي يعانون من هذا المرض الذي طالما استُبعد عند محاولة تشخيص مثل تلك الانفعالات.

    وتقول الدراسة إن 4% من سكان أمريكا يعانون من درجة حادة من "آي إي دي"، مما سبب لكل منهم مابين 3 إلى 4 انفعالات عصبية مشابهة خلال عام واحد. ولهذا المرض تعريف دقيق في مراجع الطب النفسي، ولكن يجهل العلماء حتى الآن مدى انتشاره بين بني الإنسان.

    ويمكن للطبيب أن يقرر إذا ما كنت مصاباً بهذا المرض إذا تكرر قيامك بانفعالات غاضبة وعنيفة لأسباب لا تبدو ذات أهمية تستحق، ولعدة مرات. وعادة ما يفقد المصاب بهذا المرض تمالكه لأعصابه فجأة ويقوم بتدمير شيء ما، أو يعتدي أو يهدد بالاعتداء على أي شخص.

    وأجرى باحثون من كليات الطب في جامعتي هارفارد وشيكاغو الأمريكيتين مسحاً مباشراً على عينة مكونة من 9282 شخص راشد خلال عامي 2001 و2003. وتوصلوا إلى أن 7.3% من عينة البحث مصابون بمرض "آي إي دي". وقدروا عدد المصابين بثمانية ملايين شخص في الولايات المتحدة لوحدها، وهو رقم أعلى بكثير من التقديرات السابقة. وتبدأ أعراض الإصابة بالمرض منذ سن الـ14 عاماً.

    ويقول الدكتور "رونالد كيسلر" وهو قائد المجموعة التي أجرت البحث، إن ""آي إي دي" ليس معروفاً بين العامة كمرض، ولكن حجم الأرقام التي أشارت لها الدراسة يجعل من الضروري أن يقدر المرضى والأطباء على حد سواء حجم انتشار المرض وأن يسعوا لتطوير استراتجيات لعلاجه.

    ويوضح زميله الدكتور "إيميل كوكارو" أن العامة ينظرون للانفعالات الحادة المرتبطة بهذا المرض على أنها مجرد سوء سلوك، وبالتالي فهم لا يعيرونها اهتماماً كمرض له أسباب جينية وفسيولوجية ويمكن علاجه. ويرى العلماء أن من الضروري تطبيق سياسات وقائية وتوفير العلاج المبكر مما قد يفيد في مساعدة الأشخاص على تجنب مشاكل لها ارتباط بالمرض مثل الإدمان على الكحول أو المخدرات أو الإصابة بالاكتئاب.

    الغضب يسرع الإصابة بالسكتة القلبية

    قال علماء أمريكيون إن المزاج السيئ لدى الشباب الذكور قد يؤدي إلى الإصابة بمرض القلب في وقت مبكر في الحياة. جاء ذلك في نتائج دراسة توصلت إلى أن الشباب الذكور الذين ينتابهم الغضب عند التعرض للتعب والإرهاق العصبي أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب من غيرهم بنسبة تبلغ ثلاث مرات. وبينت الدراسة أن الشباب الغاضبين أكثر عرضة للإصابة المبكرة بالسكتة القلبية من أقرانهم الهادئين بنسبة تصل إلى خمس مرات، حتى لو كانوا ينحدرون من عائلات يخلو تاريخها من أمراض القلب.

    وتؤكد الدكتورة "باتريشيا تشانج" التي قامت بالإشراف على جزء من البحث الذي تم إعداده في الولايات المتحدة أن عدداً من الشباب عبَّر عن غضبه، بينما تمكَّن عدد آخر من إخفائه، ولكن عدداً كبيراً من المشاركين كانوا سريعي الغضب وتنتابهم نوبات متكررة من التذمر. إن الدراسة بيَّنت أن المزاج السيئ يتنبأ بالأمراض قبل ظهور أعراضها مثل مرض السكري وضغط الدم.

    وأكدت أن "أفضل شيء يستطيع الرجال الشباب الغاضبون عمله هو مراجعة أخصائيين لتعلم طرق السيطرة على الغضب، وبخاصة أن دراسات سابقة بيّنت أن الأشخاص المصابين بمرض القلب يسجلون تحسناً في صحتهم حين يتعلمون كيف يسيطرون على غضبهم. واستخدمت الدكتورة تشانج وزملاؤها في دراستها معلومات حول نحو 1300 طالب كانوا يدرسون في معاهد جون هوبكنز الطبية بين عامي 1948 و 1964.

    وقالت الدكتورة تشانج إنه بالرغم من أنه لا يعرف بعد كيف يسبب الغضب أمراض القلب، فإن الأدلة تشير إلى أن الإرهاق يطلق كميات مفرطة من هرمونات تعرف باسم كاجولامينيس، منها الأدرنالين، الذي يتكون بشكل طبيعي في الجسم وينقل عادة الإيعازات. وتهيئ هذه الهرمونات الجسم في حالات الطوارئ مثل الإصابة بالزكام، أو الإرهاق العصبي أو الصدمة وذلك بتقليص جدران الأوعية الدموية والضغط على القلب للعمل أكثر لضخ كميات إضافية من الدم.

    الغضب والمغفرة

    انظروا معي كيف عالج القرآن ظاهرة الغضب الفتاكة، يقول تعالى عن صفات المتقين الذين استجابوا لربهم: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى: 37]. فالمغفرة هي أفضل علاج للغضب، وأقول عزيزي القارئ هل فكَّرت يوماً أن تعالج انفعالاتك السلبية بأن تغفر لمن أساء إليك، وتعتبر أن الله سيرضى عنك ويعوضك خيراً من الانتقام بالجنة!!

    إذاً انظر إلى هؤلاء الذين صبروا لربهم ماذا تكون عاقبتهم، يقول تعالى: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد: 22-24].

    وانظروا معي إلى هذا العلاج الرائع: (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)! أين هم علماء البرمجة اللغوية العصبية الذين يدعون أنهم وضعوا أساساً علمياً لعلاج الانفعالات، أليس ما جاء به القرآن قبل أربعة عشر قرناً هو ما ينادي به علماء النفس اليوم، وذلك عندما يقولون إن أفضل طريقة لعلاج الانفعالات والغضب أن تفكر بالجانب الإيجابي وتتسامح؟

    آيات كثيرة تؤكد هذه القاعدة، يقول تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت: 34]. انظروا كيف يريد الله منا أن نحول المشاعر السلبية إلى مشاعر إيجابية، وكيف تتحول العداوة إلى صداقة! هذه هي قواعد علم النفس الحديث، ولكنهم يسمونها بأسماء حديثة مثل: كيف تكسب الأصدقاء، أو كيف تكسب ثقة الآخرين، أو كيف تتحكم بالذات... وغير ذلك، وجميع ذلك جاء في كتاب الله تعالى.

    دراسة علمية تؤكد أن الغضب قد يقصر العمر

    في دراسة حديثة جداً أوضحت الباحثة راشيل لامبرت أن الغضب الحقيقي، وبوسائل محددة للغاية، له تأثير على نظام القلب الكهربائي، قد تفضي للموت المفاجئ،

    تقول دراسة إن الإحساس بالغضب الشديد خطر قد يهدد حياة من لهم قابلية للإصابة بمشاكل القلب ويعانون عدم انتظام نبضاته. فقد قامت د. راشيل لامبرت من جامعة "ييل"، بولاية كونتيكت، وفريق البحث، بدراسة 62 مصاباً بأمراض القلب وآخرين زرعت لهم أجهزة متابعة لكهرباء القلب تستطيع رصد الاضطرابات الخطرة وإعطاء صدمة كهربية لإعادة ضربات القلب إلى نمطها الطبيعي، في حالة عدم انتظامها.

    وقد أظهرت دراسات أخرى أن الهزات الأرضية، والحروب وحتى مباريات كرة القدم قد ترفع معدلات الوفاة بالسكتة القلبية، والتي يتوقف فيها القلب عن ضخ الدم. وحول الدراسة، التي نشرت في دورية "كلية أمراض القلب الأمريكية"، قالت لامبرت: "قطعاً عندما نضع مجموعة كاملة من السكان تحت ضغوط متزايدة فإن حالات الموت المفاجئ ستتزايد. بدأت دراستنا في النظر حول التأثير الحقيقي لهذا على النظام الكهربائي للقلب.

    وقام المرضى المشاركون في الدراسة بتذكر مشهد أثار غضبهم مؤخراً، فيما عكف الباحثون على قياس عدم الاستقرار الكهربي في القلب. وقالت لامبرت إن الفريق تعمد إثارة غضب المرضى، وقد وجدنا أن الغضب زاد من اضطراب كهرباء القلب لدى هؤلاء المرضى. والذين تعرضوا لأعلى مستوى من الاضطراب في كهرباء القلب جراء الغضب، ارتفعت احتمالات إصابتهم بعدم انتظام نبضات القلب، أثناء فترة المتابعة، بعشرة أضعاف ما أصاب الآخرين. وتابع العلماء المرضى لثلاثة أعوام لتحديد أي منهم تعرض لاحقا لسكتة قلبية واحتاج إلى صدمة من أجهزة متابعة نظام كهرباء القلب.

    من هنا نتذكر عندما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أوصني، قال: (لا تغضب) فردد مراراً قال: (لا تغضب) [رواه البخاري]. فلا أحد يشكك بمخاطر الغضب وتأثيراته على القلب والدماغ والحالة النفسية للإنسان، وفي زمن الجاهلية كان الغضب صفة الأقوياء وهي صفة محمودة لديهم تسمى (حميَّة الجاهلية)، وقد نهى النبي عن الغضب، بل كان لا يغضب إلا في حالة واحدة، وهذا ما أسميه الغضب الإيجابي وهو الغضب من أجل الله تعالى.

    فقد كان النبي لا يغضب على أمر من أمور الدنيا إلا أن تُنتهك حرمة من حرمات الله فلا يتساهل أبداً مع هذه القضية، وهذا النوع من الغضب لا يضر الإنسان لأن الله تعالى سيكون معك ويهيئ لك أسباب الصحة والعافية، فالإنسان الذي يبتعد عن الفواحش وعن شرب الخمر وعن التدخين وغير ذلك مما يغضب الله، ويغضب لغضب الله، فإنه بلا شك سيكون بصحة أفضل ويكون بحالة نفسية أكثر استقراراً، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر، فالنبي يقول: (ما أعطى الله للمرء عطاءً أوسع من الصبر)، وأن نكون من الذين قال الله في حقهم: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) [آل عمران: 133-136].

    العلاج بالصبر

    مما سبق من دراسات رأينا كيف يؤكد الباحثون أن معظم حالات الغضب تأتي بسبب عدم وجود البديل المناسب، أو عدم وجود حل للمشكلة، أو عدم وجود شيء يستحق التسامح، وقد فشل علماء النفس في إيجاد بديل مناسب للغضب، إلا في حالة واحدة أن يحذروا الشخص الغاضب من مساوئ الغضب الطبية مثل أمراض القلب وضعف المناعة والوزن الزائد. وعلى الرغم من ذلك لا يجدون استجابة من قبل المرضى لنداءاتهم، فما هو الحل؟

    لقد أعطانا القرآن الحل وهو بالصبر، ولكن الصبر من أجل ماذا ولمن نصبر وما هي المكافأة التي سنحصل عليها، وهل تستحق منا أن نكبت الغضب والانفعالات؟ يقول تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [الشورى: 40]. فهل هناك أجمل من هذه العبارة: (فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)! ماذا ستستفيد من غضبك... بالطبع لا شيء، ولكن البديل موجود وهو الأجر من الله تعالى هو سيعوضك عن كل شيء.

    ولكن هل يكفي الصبر كعلاج ناجع؟ إذا ترافق الصبر مع المغفرة سيكون العلاج فعالاً جداً، ولذلك قال تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى: 43]، والرائع في هذه الآيات أن الله تعالى يصوّر لنا النتيجة التي سنحصل عليها مسبقاً، مثلاً يقول تعالى: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) [الإنسان: 12]، إن أجمل شيء أن الله سيكون معك عندما تصبر على من أساء إليك، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 153].

    هذه الآيات تصور لنا النتائج الإيجابية للصبر، وهو ما يؤكده علماء النفس عندما يقولون إن أسرع طريقة لعلاج الغضب أن تتصور النتائج السلبية للغضب، وتتصور النتائج الإيجابية فيما لو لم تغضب وتتسامح. ولذلك قال تعالى: (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النساء: 25]. ويقول أيضاً: (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [هود: 11].

    وهكذا آيات كثيرة تؤكد على أهمية الصبر بل وتصور لنا نتائج الصبر الرائعة، فهل نأخذ بالنصيحة الإلهية، ونجعل من حياتنا كلها صبراً على الشهوات وصبراً على أذى الآخرين، وصبراً على من حولنا؟ عليكم يا أحبتي أن تتصوروا في اللحظة التي تأتيكم إساءة من أحد، أن الله تعالى يريد منك الصبر وسيكون معك ويرضى عنك، والله لو أننا تصورنا ذلك وشعرنا بمراقبة الله لنا في لحظة الغضب وشعرنا بمدى محبة الله للصابرين، لتذوقنا حلاوة الصبر ولم يكن شيء أحب إلى قلوبنا من أن نصبر على أذى الآخرين وأن نعالج أي انفعال أو غضب بالتسامح والابتسامة التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يعالج بها هذه الظاهرة.

    يؤكد الباحثون في علم البرمجة اللغوية العصبية أن العلاج المثالي للغضب هو أن نأخذ ورقة وقلم ونتخيل ونسجل النتائج الخطيرة والمصائب التي ستحل بنا نتيجة الانفعالات السلبية والغضب، وبنفس الوقت نتخيل ونسجل النتائج الإيجابية التي سنحصل عليها عندما نصبر ونتقبل الواقع كما هو. القرآن الكريم جاء بهذه القاعدة قبل 14 قرناً، فإذا ما تأملنا آيات القرآن نلاحظ أن الله تعالى يصور لنا ما سنحصل عليه بنتيجة الصبر ثم يأمرنا بالصبر، يقول تعالى: (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 96]، فهذه الآية وغيرها من الآيات تبشرنا بأن عطاء الله لا ينتهي، بينما عطاء البشر محدود، وكأنه يقول لك يجب أن تبقى مع الله وتثق به، ثم يأمرنا بالصبر وأن الجزاء سيكون أكبر بكثير وأحسن مما نقدمه من عمل.

    نصائح لعلاج التوتر النفسي من العلم والقرآن

    يؤكد علماء البرمجة اللغوية العصبية على أهمية أن تنظر لجميع المشاكل التي تحدث معك على أنها قابلة للحل، بل يجب عليك أن تستثمر أي مشكلة سليبة في حياتك لتجعل منها شيئاً إيجابياً. وقد دلَّت الأبحاث الجديدة على أن الإنسان عندما ينظر إلى الشيء السلبي على أنه من الممكن أن يكون إيجابياً مفيداً وفعَّالاً، فإنه سيكون هكذا بالفعل.

    إن كل واحد منا يتعرّض في حياته لبعض المنغصات أو المشاكل أو الهموم أو الأحداث، وكلما كانت قدرة الإنسان أكبر على تحويل السلبيات إلى إيجابيات، كان هذا الإنسان قادراً على التغلب على التردد والخوف وعقدة الإحساس بالذنب.

    إذن أهم عمل يمكن أن تحول به الشرّ إلى خير هو أن تنظر إلى الأشياء السلبية بمنظار إيجابي، وهذا ما فعله القرآن عندما أكد لنا أن الأشياء التي نظنها شراً قد يكون من ورائها الخير الكثير، وهذه قمة الإيجابية في التعامل مع الأحداث، يقول تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216].

    إن هذه الآية تمثل سبقاً علمياً في علم البرمجة اللغوية العصبية، لأنها بمجرد أن نطبقها سوف تحدث تأثيراً عجيباً إيجابياً ينعكس على حياتنا النفسية بشكل كامل، وهذا – أخي القارئ – ما جرّبته لسنوات طويلة حتى أصبحت هذه الآية تشكل عقيدة راسخة أمارسها كل يوم، وأنصحك بذلك!

    علاج الاكتئاب

    يقول علماء النفس: إن أفضل طريقة لعلاج الكثير من الأمراض النفسية وبخاصة الاكتئاب أن تكون ثقتك بالشفاء عالية جداً، حتى تصبح على يقين تام بأنك ستتحسن، وسوف تتحسن بالفعل. وقد حاول العلماء إيجاد طرق لزرع الثقة في نفوس مرضاهم، ولكن لم يجدوا إلا طريقة واحدة فعالة وهي أن يزرعوا الثقة بالطبيب المعالج.

    فالمريض الذي يثق بطبيبه ثقة تامة، سوف يحصل على نتائج أفضل بكثير من ذلك المريض الذي لا يثق بطبيبه. وهذا ما فعله القرآن مع فارق واحد وهو أن الطبيب في القرآن هو الله سبحانه وتعالى!!!

    ولذلك فإن الله هو من أصابك بهذا الخلل النفسي وهو القادر على أن يصرف عنك هذا الضرّ، بل وقادر على أن يبدله بالخير الكثير، يقول تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [يونس: 107].

    لقد كانت هذه الآية تصنع العجائب معي في أصعب الظروف، فكلما مررتُ بظرف صعب تذكرتُ على الفور هذه الآية، واستيقنتُ بأن الحالة التي أعاني منها إنما هي بأمر من الله تعالى، وأن الله هو القادر على أن يحول الضرّ إلى خير، ولن يستطيع أحد أن يمنع عني الخير، فيطمئن قلبي وأتحول من حالة شديدة مليئة بالاكتئاب إلى حالة روحانية مليئة بالسرور والتفاؤل، وبخاصة عندما أعلم أن الظروف السيئة هي بتقدير الله تعالى، فأرضى بها لأنني أحبّ الله وأحبّ أي شيء يقدّره الله عليّ.

    وسؤالي لك أخي الكريم: ألا ترضى أن يكون الله هو طبيبك وهو مصدر الخير وهو المتصرّف في حياتك كلها؟ فإذا ما عشتَ مع الله فهل تتخيل أن أحداً يستطيع أن يضرك والله معك!

    علاج الإحباط

    ما أكثر الأحداث والمشاكل التي تعصف بإنسان اليوم، فتجد أنواعاً من الإحباط تتسرّب إليه نتيجة عدم تحقق ما يطمح إليه. فالإحباط هو حالة يمر فيها الإنسان عندما يفشل في تحقيق عمل ما، في حال زاد الإحباط عن حدود معينة ينقلب إلى مرض صعب العلاج.

    ولو بحثنا بين أساليب العلاج الحديثة نجد علاجاً يقترحه الدكتور "أنتوني روبينز" الذي يعتبر من أشهر المدربين في البرمجة اللغوية العصبية، حيث يؤكد هذا الباحث أن الحالة النفسية تؤثر على وضعية الجسم وحركاته ومظهره. ولذلك فإن الإنسان المصاب بدرجة ما من الإحباط تجد الحزن يظهر عليه وتجده يتنفس بصعوبة ويتحدث ببطء ويظهر عليه أيضاً الهمّ والضيق.

    ولذلك يقترح روبينز أن تتظاهر بالفرح والسرور وستجد الفرح يغمرك شيئاً فشيئاً. بل إن أفضل حالة هي تلك التي تسلم نفسك لقدرها وتنسى همومك وتعيش في حالة من التأمل والروحانية، وهذا ما أمرنا القرآن به بقوله تعالى: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [لقمان: 22].

    علاج الانفعالات

    يخبرنا الإحصائيات أنه يموت أكثر من 300 ألف إنسان كل عام في الولايات المتحدة الأمريكية فقط. وهؤلاء يموتون موتاً مفاجئاً بالجلطة القلبية. وتؤكد الأبحاث أن الغضب والانفعال هو السبب الرئيسي في الكثير من أمراض القلب وضغط الدم والتوتر النفسي.

    ولكن كيف يقترح العلماء علاج هذه المشكلة التي هي من أصعب المشاكل التي يعاني منها كل إنسان تقريباً؟ إنهم يؤكدون على أهمية التأمل والاسترخاء ويؤدون أحياناً على أهمية الابتعاد عن مصدر الغضب والانفعالات، وبعض الباحثين يرى أن علاج الغضب يكون بالتدريب على ألا تغضب!

    ولكنني وجدتُ كتاب الله تعالى قد سبق هؤلاء العلماء إلى الحديث عن علاج لهذه المشكلة. فكل إنسان يغضب تتسرع دقات قلبه ويزداد ضغط الدم لديه، ولذلك يؤكد القرآن على أهمية أن تجعل قلبك مرتاحاً ومطمئناً وتبعد عنه أي قلق أو توتر أو تسرع في دقاته أو ازدياد في كمية الدم التي يضخها القلب. ولكن كيف نحصل على هذا الاطمئنان؟

    إنه أمر بغاية السهولة، فمهما كنتَ منفعلاً أو غاضباً أو متوتراً يكفي أن تذكر الله وتستحضر عظمة الخالق تبارك وتعالى فتستصغر بذلك الشيء الذي انفعلت لأجله، ولذلك يقول تعالى عن صفة مهمة يجب أن يتحلى بها كل مؤمن: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].

    علاج الخوف من المستقبل

    هنالك مشكلة يعاني منها كل واحد منا تقريباً وهي الخوف من "المستقبل المادي" إن صحّ التعبير، وهي أن يخاف أحدنا أن يُفصل من وظيفته فيجد نفسه فجأة دون أي راتب أو مال. أو يخاف أحدنا أن يخسر ما لديه من أموال فينقلب من الغنى إلى الفقر، أو يخشى أحدنا أن تتناقص الأموال بين يديه بسبب ارتفاع الأسعار أو نقصان الرزق أو الخسارة في تجارة ما .... وهكذا.

    إن هذه المشكلة يعاني منها الكثير، وقد كنتُ واحداً من هؤلاء، وأتذكر عندما يقترب موعد دفع آجار المنزل الذي كنتُ أقيم فيه ولا أجد أي مال معي، فكنتُ أعاني من قلق وخوف من المستقبل وكان هذا الأمر يشغل جزءاً كبيراً من وقتي فأخسر الكثير من الوقت في أمور لا أستفيد منها وهي التفكير بالمشكلة دون جدوى.

    ولكن وبسبب قراءتي لكتاب الله وتذكّري لكثير من آياته التي تؤكد على أن الله هو من سيرزقني وهو من سيحلّ لي هذه المشكلة فكانت النتيجة أنه عندما يأتي موعد الدفع تأتيني بعض الأموال من طريق لم أكن أتوقعها فأجد المشكلة وقد حُلّت بل وأجد فائضاً من المال، فأحمد الله تعالى وأنقلب من الإحساس بالخوف من المستقبل إلى الإحساس بأن ه لا توجد أي مشكلة مستقبلية لأن الله هو من سيرزقني فلم أعد أفكر كثيراً بالأسباب، لأن المسبب سبحانه وتعالى موجود.

    وهكذا أصبح لدي الكثير من الوقت الفعّال لأستثمره في قراءة القرآن أو الاطلاع على جديد العلم أو الكتابة والتأليف. ولذلك أنصحك أخي القارئ كلما مررت بمشكلة من هذا النوع أن تتذكر قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [العنكبوت: 60].

    علاج حالات اليأس وفقدان الأمل

    هنالك مشاكل يعتقد الكثير من الناس أنها غير قابلة للحل، وأهمها المشاكل الاقتصادية والمادية، وهذه المشاكل يعاني منها معظم الناس وتسبب الكثير من الإحباط والتوتر والخوف من المستقبل. ولو سألنا أكبر علماء النفس والبرمجة اللغوية العصبية عن أفضل علاج لهذه المشكلة نجدهم يُجمعون على شيء واحد وهو الأمل!

    إن فقدان الأمل يسبب الكثير من الأمراض أهمها الإحباط، بالإضافة إلى أن فقدان الأمل سيعطل أي نجاح محتمل أمامك. فكم من إنسان فشل عدة مرات ثم كانت هذه التجارب الفاشلة سبباً في تجربة ناجحة عوّضته عما سبق، لأنه لم يفقد الأمل من حل المشكلة.

    وكم من إنسان عانى من الفقر طويلاً ولكنه بقي يعتقد بأن هذه المشكلة قابلة للحل، فتحقق الحل بالفعل وأصبح من الأغنياء بسبب أساسي وهو الأمل.

    إن ما يتحدث عنه العلماء اليوم من ضرورة التمسك بالأمل وعدم اليأس هو ما حدثنا القرآن عنه بل وأمرنا به، والعجيب أن القرآن جعل من اليأس كفراً!! وذلك ليبعدنا عن أي يأس أو فقدان للأمل، ولذلك يقول سبحانه وتعالى: (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف: 87].

    ونختم هذا البحث بموقف رائع من قصة سيدنا يوسف عليه السلام، عندما صبر على أذى إخوته، فماذا كانت النتيجة؟ لقد أصبح ملكاً لأعظم دولة في ذلك الزمن، لأنه اختار أسلوب الصبر والتقوى في حياته، ولذلك قال: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف: 90]. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصابرين
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #59
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي الغضب

    التحكم بالغضب


    في هذا البحث نتأمل النتائج الخطيرة لظاهرة الغضب التي انتشرت بشكل كبير في هذا العصر، وكيف تحدث القرآن عن علاجها وكيف يتطابق ذلك مع الدراسات النفسية الحديثة....

    الغضب من الصفات التي نهى عنها النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم، وكلنا يذكر قصة ذلك الأعرابي الذي جاء ليأخذ النصيحة من الرسول فأمره ألا يغضب فقال زدني قال لا تغضب فقال زدني قال لا تغضب... ولا زال النبي يكرر هذا الأمر حتى انتهى الأعرابي عن السؤال. وسؤالنا: لماذا كل هذا الاهتمام النبوي بموضوع الغضب، وما هي آثاره الخطيرة، وما هي وسائل العلاج؟ هذا هو موضوع بحثنا.

    إن هذه الكلمة يطلقها علماء الغرب اليوم بعدما اكتشفوا ما تحمله من أسرار وفوائد ودلالات، إنها (لا تغضب) والتي كررها النبي مراراً للأعرابي حتى خُيل له أن الإسلام يتلخص في هذه العبارة الرائعة (لا تغضب)، فالغضب هو مفتاح لكل أبواب الشر، ومفتاح للاستكبار الذي يعاني منه الملحدون وغيرهم من المشككين، ويمكنني أن أقول إن الغضب هو مفتاح جهنم والعياذ بالله.

    وقد كان نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم لا يغضب أبداً لنفسه ولا لأمر من أمور الدنيا، إلا أن تُنتهك حرمة من حرمات الله تعالى، وهنا تكمن عظمة هذا النبي الذي يستهزئ به أعداؤه لأنهم حقيقة لم يجدوا أي حجة علمية يطلقوها وبعدما أصبحت حقائبهم فارغة لجؤوا إلى وسيلة الضعفاء ألا وهي الاستهزاء!

    ولكي تكون حجتنا علمية أود أن أعرض أولاً ما نشرته جريدة ديلي ميل البريطانية عن نداء يوجهه باحثون بريطانيون يعتقدون أنه الحل لمشاكل الغرب التي تولدت لديه بنتيجة الإلحاد. فاليوم يشهد الغرب أعلى معدلات للجريمة والاغتصاب والعنف بأشكاله في الشارع والمنزل، إنها ظاهرة اجتماعية خطيرة أنفقوا الملايين من أجل إيجاد علاج لها، فانظروا بماذا خرجوا أخيراً!!

    فقد حذر عدد من الأطباء البريطانيين من تفشي ظاهرة انعدام السيطرة علي المزاج مؤكدين أنها تعد مشكلة كبيرة علي الرغم من أن أحداً لا يعتبر أنها تحتاج علاجاً. وقال الأطباء إن عدم التمكن من السيطرة على الغضب أصبح ظاهرة تتزايد وتتسبب بارتفاع أعداد الأعمال الإجرامية وتفكك عائلات بالإضافة إلي المشاكل الصحية الجسدية والعقلية.

    وجد الأطباء علاقة قوية بين الغضب المزمن والحاد وأمراض القلب والسرطان والجلطات والإحباط وحتى الإصابة بالزكام بشكل متكرر!! وكانت مؤسسة العناية بالصحة العقلية قد أطلقت مسحاً يظهر خطر هذه الظاهرة داعية إلى مواجهة خطرها لأنها تؤذي حياة الكثيرين.

    وقال المدير التنفيذي في المؤسسة الدكتور "أندرو ماكالوك" إنه من الغريب أن يترك الناس وحيدين عندما يتعلق الأمر بشعور قوي مثل الغضب في مجتمع يستطيعون فيه أن يحصلوا على مساعدة عند المعاناة من الإحباط والقلق والذعر والخوف واضطرابات الأكل وغيرها من المشاكل النفسية. إن هذا الغضب إذا استمر فسوف يهدم حياة الفرد. وأقر الباحثون بأن معالجة مشكلة الغضب ليست بالأمر السهل لكن منافعها كبيرة جداً!!

    وأكدت هذه الدراسة أن الغضب أصبح مشكلة كبرى تشمل ربع المجتمع وتسبب الكثير من الإحباط، ولذلك أطلقوا نداء موحداً يؤكدون من خلاله على ضرورة ألا يغضب الإنسان كوسيلة لعلاج معظم مشاكل المجتمع وبخاصة الشباب.

    ونقول يا أحبتي! إن علماء الغرب يرددون كلام النبي الأعظم بعدما ثبت لهم أن الحل يكمن في هذه العبارة (لا تغضب)، وأقول بالله عليكم هل صاحب هذا النداء الرائع (لا تغضب) هو رجل انفعالي أم رجل رحيم بأمته يريد الخير لهم؟؟

    انظروا معي كيف يعود الغرب شيئاً فشيئاً إلى تعاليم الإسلام، ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني شيئاً واحداً ألا وهو أن الإنسان عندما يبحث ويفكر ويكتشف الحقائق العلمية ويخوض التجارب لابد أن يصل إلى نفس الحقائق التي جاء بها هذا النبي الأعظم صلوات ربي وسلامه عليه!! وسؤالي هل ازداد حبكم لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بعدما اطلعتم على هذا البحث؟

    إن الحقائق التي جاء بها رسولنا تمثل الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهذا أكبر دليل مادي على أن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق في دعوته إلى الله، وصدق الله عندما وصفه بصفة لم يصف بها غيره من المخلوقات، يقول تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة: 128-129].

    الغضب الإيجابي!

    جاء في دراسة أجراها بنك المعلومات "كاهوت" على شبكة الإنترنت أن فقدان الأعصاب يكلّف الاقتصاد البريطاني 16 مليار جنيه إسترليني في العام. وتقول الدراسة إن من يفقدون أعصابهم يحطمون أكثر ما يحطمون الأدوات الفخارية والكؤوس. وتقول الدراسة إن الرجال يفقدون أعصابهم أكثر من النساء. وقال 20 بالمئة من عينة بلغت 700 شخص أجريت عليهم الدراسة إن الازدحام في الشوارع يدفعهم إلى الغضب. ولكن أكثر من النصف قالوا إن الانتظار على الهاتف يدفعهم إلى الغضب. وإن ربع الأشخاص الذين أجريت عليهم الدراسة يعرفون كيف يعبرون عن غضبهم بطريقة إيجابية.

    وتقول "دونا دوسون" المتخصصة في علم النفس: إن الغضب شيء معقد جداً. وسببه في أكثر الأحيان هو الخوف من الخسارة، أو الخوف من الإصابة، أو حتى الخوف من خيبة الأمل. إنهم يعلموننا أن الغضب عاطفة سلبية، ولكنه في الواقع عاطفة إيجابية ومفيدة، ولكن الأمر يعتمد على الطريقة التي نعبّر بها عنه. فمن الأفضل بطبيعة الحال أن نعبّر عن العواطف وألا نكبتها في أجسامنا وعقولنا. ولكن يجب أن نحرص على أن نعبر عن الغضب بطريقة إيجابية وان نحولها إلى فعل يغير المواقف. إن الغضب الذي لا نعبر يؤدي إلى إفراز هرمونات تضعف نظام المناعة بتدمير خلايا المناعة الرئيسية.

    كيف عالج النبي غضب الأعرابي؟

    وهنا نتذكر كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغضب إلا في حالة واحدة وهي أن تُنتهك حرمة من حرمات الله، أي أن غضب النبي كان موجهاً في اتجاه محدد وهو الحفاظ على الحدود والحرمات، وهذا يضمن سلامة المجتمع وأمنه. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتميز بأسلوب تعليمي فيستغل المواقف التي يغضب فيها الإنسان العادي ليعطينا العبرة والموعظة.

    وربما نذكر قصة ذلك الأعرابي الذي جاء غاضباً إلى النبي وكلمه بلهجة شديدة بل وجذبه إليه وصرخ في وجهه قائلاً يا محمد أعطني مما أعطاك الله... فغضب أصحاب النبي غضباً شديداً وهمّوا بقتل الأعرابي، ولكن النبي الرحيم قال لهم: خلّوا بين وبينه...

    لقد عرف المرض وعرف العلاج، الأعرابي يغضب والصحابة يغضبون ولكن النبي بكل هدوء يعالج الموقف ويعطينا درساً في علاج الغضب. ويأمر النبي ذلك الأعرابي أن يأخذ ما يشاء من بيت المال، وعند هذه اللحظة يدرك الأعرابي كرم محمد وأنه ليس رجلاً عادياً بل هو نبي مرسل، وهنا يعتذر للنبي ويعلن إسلامه...

    وهنا تأملوا معي كيف يستغل النبي هذا الموقف ليعلم أصحابه – انظروا إلى البرمجة الإيجابية في أسلوب خير البشر، يقول لهم لو تركتكم تقتلوه لمات كافراً... ولكن هذا الأعرابي ذهب فجاء بقبيلته وكلها قد أعلنت إسلامها!!! بالله عليكم هل هذا نبي العنف أم نبي الرحمة؟

    الغضب يضعف جهاز المناعة

    ومواصفاتها وخصالها قد يكون لها جميعاً نفوذ على قدرة جهاز المناعة في الجسم على مواجهة المرض والتخلص منه. وتقول الدكتورة "آنا مارشلاند" من جامعة بيتسبره الأمريكية إن ذوي المعدلات العالية من التنبه العصبي (نيوروتيسيزم) قد لا يتمتعون بجهاز مناعة قوي بما فيه الكفاية

    فقد قام باحثون في كلية الطب بجامعة بيتسبره تحت إشراف الدكتورة مارشلاند، بفحص ردود فعل أكثر من ثمانين متطوعاً حقنوا بلقاح لمعالجة مرض التهاب الكبد الوبائي، وهو مرض فيروسي، واللقاح ينشّط جهاز المناعة في الجسم من خلال تعريضه لكمية صغيرة جداً من الفيروس، كما أُدخل المتطوعون في اختبار لقياس طبيعة شخصياتهم ودرجة تنبهها العصبي.

    وتبين للعلماء أن من لديهم درجات عالية من التنبه العصبي يميلون إلى التقلبات المزاجية الشديدة، وإلى التعصب الكثير، كما تسهل استثارتهم وتعريضهم للضغط والاضطراب النفسي والإجهاد العصبي. وظهر أن المتطوعين من ذوي التنبه العصبي العالي يميلون أيضاً إلى تسجيل استجابات أقل من حيث جودة الأداء للقاح مرض التهاب الكبد الوبائي مقارنة بنظرائهم الذين لهم معدلات طبيعية من التنبه العصبي. وربما تفسر هذه النتائج ما خلصت إليه دراسات سابقة من أن ذوي التنبه العصبي العالي أكثر عرضة من غيرهم لمشاكل الأمراض وتعقيداتها.

    وتقول الدكتورة مارشلاند إن نتائج الدراسة تدعم الفكرة القائلة بأن ذوي التنبه العصبي العالي يتمتعون بجهاز مناعة أقل كفاءة من غيرهم، مما يعرضهم أكثر من غيرهم للأمراض وأعراضها. وكانت دراسة سابقة أجريت في أوهايو بالولايات المتحدة، قد وجدت أن قوة تأثير اللقاحات والعقاقير الطبية المضادة لذات الرئة تقل عند من يعانون من الضغوط العصبية، وهو ما يؤيد النتائج الجديدة. كما ذكرت دراسة أوهايو أنه للضغط النفسي والقلق تأثير مباشر على حجم الهرمونات في الجسم، ومنها الكورتيزول الذي له تأثير فعال على أداء جهاز المناعة.

    عدم التحكم بالغضب يؤدي إلى الوزن الزائد ومشاكل صحية

    أفادت دراسة جديدة بأن عدم قدرة المراهق على التحكم في الغضب قد يسبب له مشكلات صحية في المستقبل. وخلصت الدراسة إلى أن المراهقين الذين يعانون من مشكلات في التحكم في غضبهم يكونون أكثر عرضة لزيادة الوزن. وقال العلماء في الاجتماع السنوي لجمعية القلب الأمريكية في سان فرانسيسكو إن المراهقين الذي يكتمون شعورهم بالغضب يتعرضون لخطر السمنة أو زيادة الوزن وهو ما قد يؤدي إلى تعرضهم لأمراض مثل مرض القلب أو السكري.

    وقام أطباء من مركز علوم القلب في جامعة تكساس بدراسة 160 مراهق تتراوح أعمارهم ما بين 14 و 17 عاماً على مدى ثلاث سنوات. واستخدم الأطباء اختبارات نفسية لمعرفة كيفية استجابتهم للغضب. ووجد الأطباء أن المراهقين الذين يمكنهم التحكم في غضبهم والتصرف بشكل مناسب عند الغضب يكونون أقل عرضة لزيادة الوزن. أما من يعانون من مشكلات في التعامل مع الغضب سواء بكبت مشاعرهم أو فقدان أعصابهم فهم الأكثر عرضة لزيادة الوزن.

    يقول البروفيسور "ويليام مولر" الذي قاد فريق البحث في الدراسة: ترتبط السمنة بالطرق غير الصحية في التعبير عن الغضب. فمشكلات التعبير عن الغضب يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في الأكل وزيادة الوزن وهو ما قد يؤدي بدوره إلى الإصابة بمرض القلب في سن مبكرة. إن الأمر لا يقتصر فقط على مجرد الأكل والتمرينات، ولكن يجب علينا أن ننتبه إلى الجانب الاجتماعي.

    ويؤكد الدكتور "مايك فيشر" من الجمعية البريطانية للتحكم في الغضب إن العديد من المراهقين لديهم مشكلات تتعلق بالتحكم في الغضب. إن نحو 50 بالمئة من المكالمات التي نستقبلها هي لآباء يعربون عن مخاوفهم بشأن أطفالهم.

    للغضب أنواع خفية يُصاب بها الملايين!

    تقول دراسة نشرت حديثا في الولايات المتحدة إن مرضا يسمى عرض الانفعال المتقطع (آي إي دي) قد يكون السبب وراء قيام بعض الأشخاص بإظهار انفعالات فجائية عنيفة وغير مبررة. وتضيف الدراسة إن ما يقارب 10 مليون أمريكي يعانون من هذا المرض الذي طالما استُبعد عند محاولة تشخيص مثل تلك الانفعالات.

    وتقول الدراسة إن 4% من سكان أمريكا يعانون من درجة حادة من "آي إي دي"، مما سبب لكل منهم مابين 3 إلى 4 انفعالات عصبية مشابهة خلال عام واحد. ولهذا المرض تعريف دقيق في مراجع الطب النفسي، ولكن يجهل العلماء حتى الآن مدى انتشاره بين بني الإنسان.

    ويمكن للطبيب أن يقرر إذا ما كنت مصاباً بهذا المرض إذا تكرر قيامك بانفعالات غاضبة وعنيفة لأسباب لا تبدو ذات أهمية تستحق، ولعدة مرات. وعادة ما يفقد المصاب بهذا المرض تمالكه لأعصابه فجأة ويقوم بتدمير شيء ما، أو يعتدي أو يهدد بالاعتداء على أي شخص.

    وأجرى باحثون من كليات الطب في جامعتي هارفارد وشيكاغو الأمريكيتين مسحاً مباشراً على عينة مكونة من 9282 شخص راشد خلال عامي 2001 و2003. وتوصلوا إلى أن 7.3% من عينة البحث مصابون بمرض "آي إي دي". وقدروا عدد المصابين بثمانية ملايين شخص في الولايات المتحدة لوحدها، وهو رقم أعلى بكثير من التقديرات السابقة. وتبدأ أعراض الإصابة بالمرض منذ سن الـ14 عاماً.

    ويقول الدكتور "رونالد كيسلر" وهو قائد المجموعة التي أجرت البحث، إن ""آي إي دي" ليس معروفاً بين العامة كمرض، ولكن حجم الأرقام التي أشارت لها الدراسة يجعل من الضروري أن يقدر المرضى والأطباء على حد سواء حجم انتشار المرض وأن يسعوا لتطوير استراتجيات لعلاجه.

    ويوضح زميله الدكتور "إيميل كوكارو" أن العامة ينظرون للانفعالات الحادة المرتبطة بهذا المرض على أنها مجرد سوء سلوك، وبالتالي فهم لا يعيرونها اهتماماً كمرض له أسباب جينية وفسيولوجية ويمكن علاجه. ويرى العلماء أن من الضروري تطبيق سياسات وقائية وتوفير العلاج المبكر مما قد يفيد في مساعدة الأشخاص على تجنب مشاكل لها ارتباط بالمرض مثل الإدمان على الكحول أو المخدرات أو الإصابة بالاكتئاب.

    الغضب يسرع الإصابة بالسكتة القلبية

    قال علماء أمريكيون إن المزاج السيئ لدى الشباب الذكور قد يؤدي إلى الإصابة بمرض القلب في وقت مبكر في الحياة. جاء ذلك في نتائج دراسة توصلت إلى أن الشباب الذكور الذين ينتابهم الغضب عند التعرض للتعب والإرهاق العصبي أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب من غيرهم بنسبة تبلغ ثلاث مرات. وبينت الدراسة أن الشباب الغاضبين أكثر عرضة للإصابة المبكرة بالسكتة القلبية من أقرانهم الهادئين بنسبة تصل إلى خمس مرات، حتى لو كانوا ينحدرون من عائلات يخلو تاريخها من أمراض القلب.

    وتؤكد الدكتورة "باتريشيا تشانج" التي قامت بالإشراف على جزء من البحث الذي تم إعداده في الولايات المتحدة أن عدداً من الشباب عبَّر عن غضبه، بينما تمكَّن عدد آخر من إخفائه، ولكن عدداً كبيراً من المشاركين كانوا سريعي الغضب وتنتابهم نوبات متكررة من التذمر. إن الدراسة بيَّنت أن المزاج السيئ يتنبأ بالأمراض قبل ظهور أعراضها مثل مرض السكري وضغط الدم.

    وأكدت أن "أفضل شيء يستطيع الرجال الشباب الغاضبون عمله هو مراجعة أخصائيين لتعلم طرق السيطرة على الغضب، وبخاصة أن دراسات سابقة بيّنت أن الأشخاص المصابين بمرض القلب يسجلون تحسناً في صحتهم حين يتعلمون كيف يسيطرون على غضبهم. واستخدمت الدكتورة تشانج وزملاؤها في دراستها معلومات حول نحو 1300 طالب كانوا يدرسون في معاهد جون هوبكنز الطبية بين عامي 1948 و 1964.

    وقالت الدكتورة تشانج إنه بالرغم من أنه لا يعرف بعد كيف يسبب الغضب أمراض القلب، فإن الأدلة تشير إلى أن الإرهاق يطلق كميات مفرطة من هرمونات تعرف باسم كاجولامينيس، منها الأدرنالين، الذي يتكون بشكل طبيعي في الجسم وينقل عادة الإيعازات. وتهيئ هذه الهرمونات الجسم في حالات الطوارئ مثل الإصابة بالزكام، أو الإرهاق العصبي أو الصدمة وذلك بتقليص جدران الأوعية الدموية والضغط على القلب للعمل أكثر لضخ كميات إضافية من الدم.

    الغضب والمغفرة

    انظروا معي كيف عالج القرآن ظاهرة الغضب الفتاكة، يقول تعالى عن صفات المتقين الذين استجابوا لربهم: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى: 37]. فالمغفرة هي أفضل علاج للغضب، وأقول عزيزي القارئ هل فكَّرت يوماً أن تعالج انفعالاتك السلبية بأن تغفر لمن أساء إليك، وتعتبر أن الله سيرضى عنك ويعوضك خيراً من الانتقام بالجنة!!

    إذاً انظر إلى هؤلاء الذين صبروا لربهم ماذا تكون عاقبتهم، يقول تعالى: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد: 22-24].

    وانظروا معي إلى هذا العلاج الرائع: (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)! أين هم علماء البرمجة اللغوية العصبية الذين يدعون أنهم وضعوا أساساً علمياً لعلاج الانفعالات، أليس ما جاء به القرآن قبل أربعة عشر قرناً هو ما ينادي به علماء النفس اليوم، وذلك عندما يقولون إن أفضل طريقة لعلاج الانفعالات والغضب أن تفكر بالجانب الإيجابي وتتسامح؟

    آيات كثيرة تؤكد هذه القاعدة، يقول تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت: 34]. انظروا كيف يريد الله منا أن نحول المشاعر السلبية إلى مشاعر إيجابية، وكيف تتحول العداوة إلى صداقة! هذه هي قواعد علم النفس الحديث، ولكنهم يسمونها بأسماء حديثة مثل: كيف تكسب الأصدقاء، أو كيف تكسب ثقة الآخرين، أو كيف تتحكم بالذات... وغير ذلك، وجميع ذلك جاء في كتاب الله تعالى.

    دراسة علمية تؤكد أن الغضب قد يقصر العمر

    في دراسة حديثة جداً أوضحت الباحثة راشيل لامبرت أن الغضب الحقيقي، وبوسائل محددة للغاية، له تأثير على نظام القلب الكهربائي، قد تفضي للموت المفاجئ،

    تقول دراسة إن الإحساس بالغضب الشديد خطر قد يهدد حياة من لهم قابلية للإصابة بمشاكل القلب ويعانون عدم انتظام نبضاته. فقد قامت د. راشيل لامبرت من جامعة "ييل"، بولاية كونتيكت، وفريق البحث، بدراسة 62 مصاباً بأمراض القلب وآخرين زرعت لهم أجهزة متابعة لكهرباء القلب تستطيع رصد الاضطرابات الخطرة وإعطاء صدمة كهربية لإعادة ضربات القلب إلى نمطها الطبيعي، في حالة عدم انتظامها.

    وقد أظهرت دراسات أخرى أن الهزات الأرضية، والحروب وحتى مباريات كرة القدم قد ترفع معدلات الوفاة بالسكتة القلبية، والتي يتوقف فيها القلب عن ضخ الدم. وحول الدراسة، التي نشرت في دورية "كلية أمراض القلب الأمريكية"، قالت لامبرت: "قطعاً عندما نضع مجموعة كاملة من السكان تحت ضغوط متزايدة فإن حالات الموت المفاجئ ستتزايد. بدأت دراستنا في النظر حول التأثير الحقيقي لهذا على النظام الكهربائي للقلب.

    وقام المرضى المشاركون في الدراسة بتذكر مشهد أثار غضبهم مؤخراً، فيما عكف الباحثون على قياس عدم الاستقرار الكهربي في القلب. وقالت لامبرت إن الفريق تعمد إثارة غضب المرضى، وقد وجدنا أن الغضب زاد من اضطراب كهرباء القلب لدى هؤلاء المرضى. والذين تعرضوا لأعلى مستوى من الاضطراب في كهرباء القلب جراء الغضب، ارتفعت احتمالات إصابتهم بعدم انتظام نبضات القلب، أثناء فترة المتابعة، بعشرة أضعاف ما أصاب الآخرين. وتابع العلماء المرضى لثلاثة أعوام لتحديد أي منهم تعرض لاحقا لسكتة قلبية واحتاج إلى صدمة من أجهزة متابعة نظام كهرباء القلب.

    من هنا نتذكر عندما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أوصني، قال: (لا تغضب) فردد مراراً قال: (لا تغضب) [رواه البخاري]. فلا أحد يشكك بمخاطر الغضب وتأثيراته على القلب والدماغ والحالة النفسية للإنسان، وفي زمن الجاهلية كان الغضب صفة الأقوياء وهي صفة محمودة لديهم تسمى (حميَّة الجاهلية)، وقد نهى النبي عن الغضب، بل كان لا يغضب إلا في حالة واحدة، وهذا ما أسميه الغضب الإيجابي وهو الغضب من أجل الله تعالى.

    فقد كان النبي لا يغضب على أمر من أمور الدنيا إلا أن تُنتهك حرمة من حرمات الله فلا يتساهل أبداً مع هذه القضية، وهذا النوع من الغضب لا يضر الإنسان لأن الله تعالى سيكون معك ويهيئ لك أسباب الصحة والعافية، فالإنسان الذي يبتعد عن الفواحش وعن شرب الخمر وعن التدخين وغير ذلك مما يغضب الله، ويغضب لغضب الله، فإنه بلا شك سيكون بصحة أفضل ويكون بحالة نفسية أكثر استقراراً، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر، فالنبي يقول: (ما أعطى الله للمرء عطاءً أوسع من الصبر)، وأن نكون من الذين قال الله في حقهم: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) [آل عمران: 133-136].

    العلاج بالصبر

    مما سبق من دراسات رأينا كيف يؤكد الباحثون أن معظم حالات الغضب تأتي بسبب عدم وجود البديل المناسب، أو عدم وجود حل للمشكلة، أو عدم وجود شيء يستحق التسامح، وقد فشل علماء النفس في إيجاد بديل مناسب للغضب، إلا في حالة واحدة أن يحذروا الشخص الغاضب من مساوئ الغضب الطبية مثل أمراض القلب وضعف المناعة والوزن الزائد. وعلى الرغم من ذلك لا يجدون استجابة من قبل المرضى لنداءاتهم، فما هو الحل؟

    لقد أعطانا القرآن الحل وهو بالصبر، ولكن الصبر من أجل ماذا ولمن نصبر وما هي المكافأة التي سنحصل عليها، وهل تستحق منا أن نكبت الغضب والانفعالات؟ يقول تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [الشورى: 40]. فهل هناك أجمل من هذه العبارة: (فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)! ماذا ستستفيد من غضبك... بالطبع لا شيء، ولكن البديل موجود وهو الأجر من الله تعالى هو سيعوضك عن كل شيء.

    ولكن هل يكفي الصبر كعلاج ناجع؟ إذا ترافق الصبر مع المغفرة سيكون العلاج فعالاً جداً، ولذلك قال تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى: 43]، والرائع في هذه الآيات أن الله تعالى يصوّر لنا النتيجة التي سنحصل عليها مسبقاً، مثلاً يقول تعالى: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) [الإنسان: 12]، إن أجمل شيء أن الله سيكون معك عندما تصبر على من أساء إليك، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 153].

    هذه الآيات تصور لنا النتائج الإيجابية للصبر، وهو ما يؤكده علماء النفس عندما يقولون إن أسرع طريقة لعلاج الغضب أن تتصور النتائج السلبية للغضب، وتتصور النتائج الإيجابية فيما لو لم تغضب وتتسامح. ولذلك قال تعالى: (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النساء: 25]. ويقول أيضاً: (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [هود: 11].

    وهكذا آيات كثيرة تؤكد على أهمية الصبر بل وتصور لنا نتائج الصبر الرائعة، فهل نأخذ بالنصيحة الإلهية، ونجعل من حياتنا كلها صبراً على الشهوات وصبراً على أذى الآخرين، وصبراً على من حولنا؟ عليكم يا أحبتي أن تتصوروا في اللحظة التي تأتيكم إساءة من أحد، أن الله تعالى يريد منك الصبر وسيكون معك ويرضى عنك، والله لو أننا تصورنا ذلك وشعرنا بمراقبة الله لنا في لحظة الغضب وشعرنا بمدى محبة الله للصابرين، لتذوقنا حلاوة الصبر ولم يكن شيء أحب إلى قلوبنا من أن نصبر على أذى الآخرين وأن نعالج أي انفعال أو غضب بالتسامح والابتسامة التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يعالج بها هذه الظاهرة.

    يؤكد الباحثون في علم البرمجة اللغوية العصبية أن العلاج المثالي للغضب هو أن نأخذ ورقة وقلم ونتخيل ونسجل النتائج الخطيرة والمصائب التي ستحل بنا نتيجة الانفعالات السلبية والغضب، وبنفس الوقت نتخيل ونسجل النتائج الإيجابية التي سنحصل عليها عندما نصبر ونتقبل الواقع كما هو. القرآن الكريم جاء بهذه القاعدة قبل 14 قرناً، فإذا ما تأملنا آيات القرآن نلاحظ أن الله تعالى يصور لنا ما سنحصل عليه بنتيجة الصبر ثم يأمرنا بالصبر، يقول تعالى: (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 96]، فهذه الآية وغيرها من الآيات تبشرنا بأن عطاء الله لا ينتهي، بينما عطاء البشر محدود، وكأنه يقول لك يجب أن تبقى مع الله وتثق به، ثم يأمرنا بالصبر وأن الجزاء سيكون أكبر بكثير وأحسن مما نقدمه من عمل.

    نصائح لعلاج التوتر النفسي من العلم والقرآن

    يؤكد علماء البرمجة اللغوية العصبية على أهمية أن تنظر لجميع المشاكل التي تحدث معك على أنها قابلة للحل، بل يجب عليك أن تستثمر أي مشكلة سليبة في حياتك لتجعل منها شيئاً إيجابياً. وقد دلَّت الأبحاث الجديدة على أن الإنسان عندما ينظر إلى الشيء السلبي على أنه من الممكن أن يكون إيجابياً مفيداً وفعَّالاً، فإنه سيكون هكذا بالفعل.

    إن كل واحد منا يتعرّض في حياته لبعض المنغصات أو المشاكل أو الهموم أو الأحداث، وكلما كانت قدرة الإنسان أكبر على تحويل السلبيات إلى إيجابيات، كان هذا الإنسان قادراً على التغلب على التردد والخوف وعقدة الإحساس بالذنب.

    إذن أهم عمل يمكن أن تحول به الشرّ إلى خير هو أن تنظر إلى الأشياء السلبية بمنظار إيجابي، وهذا ما فعله القرآن عندما أكد لنا أن الأشياء التي نظنها شراً قد يكون من ورائها الخير الكثير، وهذه قمة الإيجابية في التعامل مع الأحداث، يقول تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216].

    إن هذه الآية تمثل سبقاً علمياً في علم البرمجة اللغوية العصبية، لأنها بمجرد أن نطبقها سوف تحدث تأثيراً عجيباً إيجابياً ينعكس على حياتنا النفسية بشكل كامل، وهذا – أخي القارئ – ما جرّبته لسنوات طويلة حتى أصبحت هذه الآية تشكل عقيدة راسخة أمارسها كل يوم، وأنصحك بذلك!

    علاج الاكتئاب

    يقول علماء النفس: إن أفضل طريقة لعلاج الكثير من الأمراض النفسية وبخاصة الاكتئاب أن تكون ثقتك بالشفاء عالية جداً، حتى تصبح على يقين تام بأنك ستتحسن، وسوف تتحسن بالفعل. وقد حاول العلماء إيجاد طرق لزرع الثقة في نفوس مرضاهم، ولكن لم يجدوا إلا طريقة واحدة فعالة وهي أن يزرعوا الثقة بالطبيب المعالج.

    فالمريض الذي يثق بطبيبه ثقة تامة، سوف يحصل على نتائج أفضل بكثير من ذلك المريض الذي لا يثق بطبيبه. وهذا ما فعله القرآن مع فارق واحد وهو أن الطبيب في القرآن هو الله سبحانه وتعالى!!!

    ولذلك فإن الله هو من أصابك بهذا الخلل النفسي وهو القادر على أن يصرف عنك هذا الضرّ، بل وقادر على أن يبدله بالخير الكثير، يقول تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [يونس: 107].

    لقد كانت هذه الآية تصنع العجائب معي في أصعب الظروف، فكلما مررتُ بظرف صعب تذكرتُ على الفور هذه الآية، واستيقنتُ بأن الحالة التي أعاني منها إنما هي بأمر من الله تعالى، وأن الله هو القادر على أن يحول الضرّ إلى خير، ولن يستطيع أحد أن يمنع عني الخير، فيطمئن قلبي وأتحول من حالة شديدة مليئة بالاكتئاب إلى حالة روحانية مليئة بالسرور والتفاؤل، وبخاصة عندما أعلم أن الظروف السيئة هي بتقدير الله تعالى، فأرضى بها لأنني أحبّ الله وأحبّ أي شيء يقدّره الله عليّ.

    وسؤالي لك أخي الكريم: ألا ترضى أن يكون الله هو طبيبك وهو مصدر الخير وهو المتصرّف في حياتك كلها؟ فإذا ما عشتَ مع الله فهل تتخيل أن أحداً يستطيع أن يضرك والله معك!

    علاج الإحباط

    ما أكثر الأحداث والمشاكل التي تعصف بإنسان اليوم، فتجد أنواعاً من الإحباط تتسرّب إليه نتيجة عدم تحقق ما يطمح إليه. فالإحباط هو حالة يمر فيها الإنسان عندما يفشل في تحقيق عمل ما، في حال زاد الإحباط عن حدود معينة ينقلب إلى مرض صعب العلاج.

    ولو بحثنا بين أساليب العلاج الحديثة نجد علاجاً يقترحه الدكتور "أنتوني روبينز" الذي يعتبر من أشهر المدربين في البرمجة اللغوية العصبية، حيث يؤكد هذا الباحث أن الحالة النفسية تؤثر على وضعية الجسم وحركاته ومظهره. ولذلك فإن الإنسان المصاب بدرجة ما من الإحباط تجد الحزن يظهر عليه وتجده يتنفس بصعوبة ويتحدث ببطء ويظهر عليه أيضاً الهمّ والضيق.

    ولذلك يقترح روبينز أن تتظاهر بالفرح والسرور وستجد الفرح يغمرك شيئاً فشيئاً. بل إن أفضل حالة هي تلك التي تسلم نفسك لقدرها وتنسى همومك وتعيش في حالة من التأمل والروحانية، وهذا ما أمرنا القرآن به بقوله تعالى: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [لقمان: 22].

    علاج الانفعالات

    يخبرنا الإحصائيات أنه يموت أكثر من 300 ألف إنسان كل عام في الولايات المتحدة الأمريكية فقط. وهؤلاء يموتون موتاً مفاجئاً بالجلطة القلبية. وتؤكد الأبحاث أن الغضب والانفعال هو السبب الرئيسي في الكثير من أمراض القلب وضغط الدم والتوتر النفسي.

    ولكن كيف يقترح العلماء علاج هذه المشكلة التي هي من أصعب المشاكل التي يعاني منها كل إنسان تقريباً؟ إنهم يؤكدون على أهمية التأمل والاسترخاء ويؤدون أحياناً على أهمية الابتعاد عن مصدر الغضب والانفعالات، وبعض الباحثين يرى أن علاج الغضب يكون بالتدريب على ألا تغضب!

    ولكنني وجدتُ كتاب الله تعالى قد سبق هؤلاء العلماء إلى الحديث عن علاج لهذه المشكلة. فكل إنسان يغضب تتسرع دقات قلبه ويزداد ضغط الدم لديه، ولذلك يؤكد القرآن على أهمية أن تجعل قلبك مرتاحاً ومطمئناً وتبعد عنه أي قلق أو توتر أو تسرع في دقاته أو ازدياد في كمية الدم التي يضخها القلب. ولكن كيف نحصل على هذا الاطمئنان؟

    إنه أمر بغاية السهولة، فمهما كنتَ منفعلاً أو غاضباً أو متوتراً يكفي أن تذكر الله وتستحضر عظمة الخالق تبارك وتعالى فتستصغر بذلك الشيء الذي انفعلت لأجله، ولذلك يقول تعالى عن صفة مهمة يجب أن يتحلى بها كل مؤمن: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].

    علاج الخوف من المستقبل

    هنالك مشكلة يعاني منها كل واحد منا تقريباً وهي الخوف من "المستقبل المادي" إن صحّ التعبير، وهي أن يخاف أحدنا أن يُفصل من وظيفته فيجد نفسه فجأة دون أي راتب أو مال. أو يخاف أحدنا أن يخسر ما لديه من أموال فينقلب من الغنى إلى الفقر، أو يخشى أحدنا أن تتناقص الأموال بين يديه بسبب ارتفاع الأسعار أو نقصان الرزق أو الخسارة في تجارة ما .... وهكذا.

    إن هذه المشكلة يعاني منها الكثير، وقد كنتُ واحداً من هؤلاء، وأتذكر عندما يقترب موعد دفع آجار المنزل الذي كنتُ أقيم فيه ولا أجد أي مال معي، فكنتُ أعاني من قلق وخوف من المستقبل وكان هذا الأمر يشغل جزءاً كبيراً من وقتي فأخسر الكثير من الوقت في أمور لا أستفيد منها وهي التفكير بالمشكلة دون جدوى.

    ولكن وبسبب قراءتي لكتاب الله وتذكّري لكثير من آياته التي تؤكد على أن الله هو من سيرزقني وهو من سيحلّ لي هذه المشكلة فكانت النتيجة أنه عندما يأتي موعد الدفع تأتيني بعض الأموال من طريق لم أكن أتوقعها فأجد المشكلة وقد حُلّت بل وأجد فائضاً من المال، فأحمد الله تعالى وأنقلب من الإحساس بالخوف من المستقبل إلى الإحساس بأن ه لا توجد أي مشكلة مستقبلية لأن الله هو من سيرزقني فلم أعد أفكر كثيراً بالأسباب، لأن المسبب سبحانه وتعالى موجود.

    وهكذا أصبح لدي الكثير من الوقت الفعّال لأستثمره في قراءة القرآن أو الاطلاع على جديد العلم أو الكتابة والتأليف. ولذلك أنصحك أخي القارئ كلما مررت بمشكلة من هذا النوع أن تتذكر قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [العنكبوت: 60].

    علاج حالات اليأس وفقدان الأمل

    هنالك مشاكل يعتقد الكثير من الناس أنها غير قابلة للحل، وأهمها المشاكل الاقتصادية والمادية، وهذه المشاكل يعاني منها معظم الناس وتسبب الكثير من الإحباط والتوتر والخوف من المستقبل. ولو سألنا أكبر علماء النفس والبرمجة اللغوية العصبية عن أفضل علاج لهذه المشكلة نجدهم يُجمعون على شيء واحد وهو الأمل!

    إن فقدان الأمل يسبب الكثير من الأمراض أهمها الإحباط، بالإضافة إلى أن فقدان الأمل سيعطل أي نجاح محتمل أمامك. فكم من إنسان فشل عدة مرات ثم كانت هذه التجارب الفاشلة سبباً في تجربة ناجحة عوّضته عما سبق، لأنه لم يفقد الأمل من حل المشكلة.

    وكم من إنسان عانى من الفقر طويلاً ولكنه بقي يعتقد بأن هذه المشكلة قابلة للحل، فتحقق الحل بالفعل وأصبح من الأغنياء بسبب أساسي وهو الأمل.

    إن ما يتحدث عنه العلماء اليوم من ضرورة التمسك بالأمل وعدم اليأس هو ما حدثنا القرآن عنه بل وأمرنا به، والعجيب أن القرآن جعل من اليأس كفراً!! وذلك ليبعدنا عن أي يأس أو فقدان للأمل، ولذلك يقول سبحانه وتعالى: (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف: 87].

    ونختم هذا البحث بموقف رائع من قصة سيدنا يوسف عليه السلام، عندما صبر على أذى إخوته، فماذا كانت النتيجة؟ لقد أصبح ملكاً لأعظم دولة في ذلك الزمن، لأنه اختار أسلوب الصبر والتقوى في حياته، ولذلك قال: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف: 90]. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصابرين
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #60
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي مؤلفات الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

    من مؤلفات فضيلة الشيخ العلامه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
    للحصول على مؤلفات الشيخ يمكنك زيارة الموقع على العنوان : www.binothaimeen.com

    اسم الكتاب
    القول المفيد في شرح كتاب التوحيد (المجلد الأول)
    القول المفيد في شرح كتاب التوحيد (المجلد الثاني)
    الإبداع في كمال الشرع وخطر الابتداع
    أحكام الأضحية والذكاة
    أحكام الجنائز
    أحكام من القرآن الكريم (الفاتحة والبقرة)
    أسئلة من بائعي السيارات
    أسئلة مهمة
    أسئلة وأجوبة في صلاة العيدين
    أصول في التفسير
    الأصول من علم الأصول
    الإلمام ببعض آيات الأحكام تفسيراً واستنباطاً
    تسهيل الفرائض
    تفسير آية الكرسي
    تقريب التدمرية
    تلخيص أحكام الأضحية والذكاة
    تلخيص فقه الفرائض
    توجيها للمؤمنات حول التبرج والسفور
    حاشية على الروض المربع
    حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعةسان
    الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه
    الدماء الطبيعية
    الربا صوره وأقسام الناس فيه
    رسالة الحجاب
    رسالة في أحكام الميت وغسله
    رسالة في أقسام المداينة
    رسالة في الصلاة والطهارة لأهل الأعذار
    رسالة في المسح على الخفين
    رسالة في النكاح وفوائده
    رسالة في الوصول إلى القمر
    رسالة في الوضوء والغسل والصلاة
    رسالة في حكم تارك الصلاة
    رسالة في سجود السهو
    رسالة في مواقيت الصلاة
    رسالة في وجوب زكاة الحلي
    زاد الداعية إلى الله


    مجموع فتاوى ورسائل
    مناسك الحج والعمرة والمشروع في الزيارة
    شرح الأصول الستة
    شرح العقيدة الواسطية (شرح مطول)
    الشرح الممتع على زاد المستقنع
    شرح ثلاثة الأصول
    شرح كشف الشبهات
    شرح لمعة الاعتقاد
    الضياء اللامع من الخطب الجوامع
    عقيدة أهل السنة والجماعة
    فتاوى أركان الإسلام
    فتاوى التعزية
    الفتاوى المكية
    فتاوى منار الإسلام
    فتح رب البرية بتلخيص الحموية
    فصول في الصيام والتراويح والزكاة
    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى
    كتاب العلم
    مجالس شهر رمضان
    مختارات من أعلام الموقعين
    مختارات من اقتضاء الصراط المستقيم
    مختارات من الطرق الحكمية
    مختارات من زاد المعاد
    مختصر مغني اللبيب لابن هشام في النحو
    مصطلح الحديث
    من مشكلات الشباب
    المنتقى من فرائد الفوائد
    منظومة في أصول الفقه وقواعده
    المنهج لمريد العمرة والحج
    سؤال وجواب من برنامج نور على الدرب
    شرح أصول الإيمان
    مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 6 من 10 الأولىالأولى ... 5 6 7 ... الأخيرةالأخيرة

اتحاف الأمه بفوائد مهمة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 6 (0 من الأعضاء و 6 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل الباب الرابع
    بواسطة ابوغسان في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 23-03-2013, 06:07 PM
  2. أحمد ديدات - أيهما أخطر على الأمه , التنصير أم العلمانية
    بواسطة shakalala2 في المنتدى منتديات محبي الشيخ أحمد ديدات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-09-2011, 10:11 AM
  3. اصلاح عقل الأمه الذى هو عقل المرأه
    بواسطة ابو ايوب المصرى في المنتدى منتديات المسلمة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 17-07-2011, 08:26 PM
  4. في ذكرى الهجره النبويه...حاجة الأمه للنصرة والوحده
    بواسطة ابو عبدو في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-12-2009, 12:42 AM
  5. هل تختلف عورة المرأه الحره والمرأه الأمه ؟
    بواسطة قيدار في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-12-2007, 09:29 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

اتحاف الأمه بفوائد مهمة

اتحاف الأمه بفوائد مهمة