امرأة العزيز أعظم تائبة في التاريخ
التوبة:
لقد خُلق الإنسان وفيه استعداد للخير واستعداد للشر، خُلق على طبيعة مزدوجة كما نرى في خلق آدم، قبضة من الطين ونفخة من الروح،
فالطين يدفع به إلى الأسفل والروح تنزع به إلى الأعلى، وهناك صراع بين هذين النموذجين أو هاتين الركيزتين في النفس الإنسانية.
فأحياناً الإنسان يغلب عليه طينه وينزل إلى الأسفل ويكون كالأنعام أو أضل سبيلا، وأحياناً يرقى به الروح ونفخة الروح فيصبح كالملائكة،
ولذلك حينما تحدث الله سبحانه وتعالى عن النفس.
قال تعالى:[ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10}] الشمس: ٧ - ١٠
فالنفس ملهمة، بطبيعتها الفجور والتقوى، الاستعداد للفجور والاستعداد للتقوى، عندها استعداد لأن ترقى واستعداد لأن تهبط،
فلذلك كان على الإنسان أن يغالب نفسه.
والله عز وجل حينما خلق الإنسان خلقهً مختاراً،لم يخلقه كالملائكة مفطوراً على الطاعة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون،
ولم يخلقه كالبهائم أو السباع يفعل ما توحيه الغريزة.
إنما هو إنسان عنده عقل، وعنده إرادة، وعنده حرية الاختيار، فلذلك لابد وأن يجاهد نفسه، ولو استذاب لغرائزه وللمغريات الأخرى،
ومن هذه المغريات أنه قد سُلط عليه الشيطان.
قال أحد الصالحين:
إني بُليت بأربع يرمينني بالنبل عن قوس له توتير.
إبليس والدنيا ونفسي والورى يا ربي أنت على الخلاص قدير.
والمتأمل في قول امرأة العزيز:
[ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ{52}] يوسف: ٥٢
فإننا نلتمس من قولها: [ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ]لأني عرفت بعد هذه المدة الطويلة وما عندي من التجارب[ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ] .
بناء على أن الجملة المتقدمة لامرأة العزيز كما يقتضيه ظاهر العبارة ، فإنها ومن اجل اعترافها الصريح بنزاهة يوسف وما أخطأته في حقه , تقيم ثلاث أدلة :
الأول: معرفتها لحقيقة التوحيد والتي يبدو أنها كانت على علم بها من يوسف عليه السلام حينما كان في قصرها فهو نبي وسليل الأنبياء..
كما أننا لا نستبعد ممارستها لنشر الدعوة وسط صفوف جلسائها من نسوة الوزراء وإلا فمن أين لهن بقولهن :[ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ] يوسف: ٥١
قلن حاش لله وفي حضرة الملك ولم يخشين على أنفسهن من بطش الملك لتلفظهن باسم الله.
وقولهن قبل ذلك وفي حضرة امرأة العزيز:
[ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ{31}] يوسف 31
فمن أين لهن المعرفة بالله والملائكة ..حتى يتلفظن بهذه الأسماء؟..
الثاني:أن وجدانها, ويحتمل بقايا علاقتها بيوسف, لا تسمح لها أن تستر الحق أكثر من هذا, وان تخون هذا الشاب الطاهر في غيابه.
الثالث : أن من مشاهدة الدروس المليئة بالعبر على مرور الزمن تجلت لها هذه الحقيقة , وهي أن اللّه يرعى الصالحين ولا يوفق الخائنين في مرادهم أبدا.
وبهذا بدأت الحجب تنقشع عن عينيها قليلاً قليلاً .. وتلمس حقيقة الحياة ولا سيما في هزيمة عشقها الذي صنع غرورها وشخصيتها الخيالية ,
وانفتحت عيناها على الواقع أكثر, فلا عجب أن تعترف هذا الاعتراف الصريح .
وتواصل امرأة العزيز القول:[ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ{53}] يوسف: ٥٣
وبحفظه وإعانته نبقى مصونين , وأنا أرجو أن يغفر لي ربي هذا الذنب :
[ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ] يوسف: ٥٣
قال بعض المفسرين: إن الآيتين الأخيرتين من كلام يوسف, وقالوا: إنهما في الحقيقة تعقيب لما قاله يوسف لرسول الملك ومعنى الكلام يكون هكذا.
إذا قلت حققوا عن شان النسوة اللائي قطعن أيديهن , فمن اجل أن يعلم الملك أو عزيز مصر الذي هـو وزيره ,أني لم أخنه في غيابه
واللّه لا يهدي كيد الخائنين كما لا أبرئ نفسي لان النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم .
الظاهر أن الهدف من هذا التفسير المخالف لظاهر الآية أنهم صعب عليهم قبول هذا المقدار من العلم والمعرفة لامرأة العزيز التي
تقول بلحن مخلص وحاك عن التنبه والتيقظ.
والحال انه لا يبعد أن الإنسان حين يرتطم في حياته بصخرة صماء, تظهر في نفسه حالة من التيقظ المقرون بالإحساس بالذنب والخجل,
خاصة انه لوحظ أن الهزيمة في العشق المجازي يجر الإنسان إلى طريق العشق الحقيقي عشق محبة اللّه سبحانه.
وبتعبير علم النفس المعاصر: إن تلك الميول النفسية المكبوتة يحصل فيها حالة التصعيد وبدلا من تلاشيها وزوالها فإنها تتجلى بشكل عال.
ثم إن قسما من الروايات التي تشرح حال امرأة العزيز ـ في السنين الأخيرة من حياتها ـ دليل على هذا التيقظ والانتباه أيضا.
وبعد هذا كله فربط هاتين الآيتين بيوسف ـ إلى درجة ما ـ بعيد, وهو خلاف الظاهر بحيث لا ينسجم مع أي من المعايير الأدبية للأسباب الآتية:
أولا: كلمة ذلك التي ذكرت في بداية الآية هي بعنوان ذكر العلة, أي علة الكلام المتقدم الذي لم يكن سوى كلام امرأة العزيز فحسب,
وربط هذا التذييل بكلام يوسف الوارد في الآيات السابقة أمر عجيب.
ثانيا: إذا كانت هاتان الآيتان بيانا لكلام يوسف فسيبدو بينهما نوع من التناقض والتضاد, فمن جهة يقول : أني لم أخنه بالغيب ,
ومرة يقول : وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء. وهذا الكلام لا يقوله إلا من يعثر أو يزل ولو يسيرا, في حين أن يوسف لم يصدر منه أي زلل.
وثالثا: إذا كان مقصوده أن يعرف عزيز مصر انه بري ء فهو من البداية بعد شهادة الشاهد عرف الواقع , ولذلك قال لامرأته :
(استغفري لذنبك ) وإذا كان مقصوده انه لم يخن الملك , فلا علاقة للملك بهذا الأمر, والتوسل إلى تفسيرهم هذا بحجة أن الخيانة
لإمرأة العزيز خيانة للملك الجبار, فهو حجة واهية ـ كما يبدو ـ خاصة أن حاشية القصر لا يكترثون بمثل هذه المسائل .
وخلاصة القول : أن هذا الارتباط في الآيات يدل على أن جميع ما ورد في السياق من كلام امرأة العزيز التي انتبهت وتيقظت
واعترفت بهذه الحقائق وبهذا يمكننا وصفها بأنها أعظم تائبة في التاريخ ولم تجد حظها من الإنصاف مثل ما وجدت حظها من التشهير.
ولقد ذكر العلماء للتوبة الصحيحة أركانًا ينبغي أن تتوفر وهي:
أولاً: الإقلاع عن الذنب: فيترك التائب الذنب الذي أراد التوبة منه باختياره، سواء كان هذا الذنب من الكبائر أم من الصغائر.
ثانيًا: الندم على الذنب: فهذا الركن مقومات التوبة فيه مقوم نفسي، وهو ـ كما قال الإمام الغزالي ـ يتكون من علم وحال وعمل
أي هو الجانب المعرفي في التوبة، فالإنسان يعرف خطأه، وإنه سلك مع الله سلوكاً غير لائق، ويعرف آثار هذه الذنوب،
وآثار المعاصي في دنياه وفي آخرته، وعلى نفسه، وعلى صحته، وعلى أخلاقه، وعلى أسرته، وعلى أولاده بمعنى أن يندم التائب
على فعلته التي كان وقع فيها ويشعر بالحزن والأسف كلما ذكرها.
يعرف هذا، ويعرف مقام الله سبحانه وتعالىويعرف حاجته إلى التوبة، وهذا هو ما يعرف بالجانب المعرفي.
وهذا الجانب المعرفي يترتب عليه جانب وجداني، ويطلق عليه الإمام الغزالي الحال، وهو ما يعرف بالندم.
فما هو الندم؟..
الندم، أي بعدما يعرف الإنسان خطأه، يترتب عليه أن يندم، إذا انتبه القلب إلى آثار المعاصي ندم الإنسان،
والندم هو في الواقع شعور.. توتر يحس به الإنسان بلسعة تلسع كأنها نار تحرقه، احتراق داخلي، ولقد حدثنا ربنا سبحانه وتعالى
عن نفسية التائبين في سورة التوبة حيث قال تعالى:[ وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ
وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{118}] التوبة: ١١٨
هذا هو حالهم ، ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، على سعة الدنيا يتهيأ له إنها أصبحت كأنها حلقة صغيرة، وضاقت عليه نفسه،
وظن أن لا ملجأ من الله، فلابد من تولد هذه الحالة النفسية وهذا الشعور بالحسرة، والحزن على ما فات وما فرط في جنب الله.
بعد ذلك يؤثر هذا في ناحية أخرى وهي ناحية العزم والتصميم بالنسبة للمستقبل، ندمت على ما فات لابد من العزم على إصلاح ما هو آت.
ثالثًا: العزم على عدم العودة إلى الذنب: وهو شرط مرتبط بنية التائب، وهو بمثابة عهد يقطعه على نفسه بعدم الرجوع إلى الذنب.
رابعاً: الاستدراك ورد الحقوق وتتمثل في:
أولاً: حقوق الله عز وجل:
وهي إما أوامر وطاعات قد قصَّرت فيها، أو مناهي ومعاصي ارتكبتها.
أما الطاعات، فإن كنت قد تركت صلاة، أو صليتها فاقدة شرطًا من شروط صحتها، فيجب عليك أن تقضيها كلها إذا كنت تعلم عددها،
فإن كنت لا تعلم عددها أو تشك فيه، فخُذ بغالب الظن بعد الاجتهاد والتحري، ثم لتكثر بعد ذلك من صلوات النوافل، كالسنن الراتبة وقيام الليل.
وإن كنت تركت صيام يوم أو أيام من صيام الفريضة، فأحصِ عددها واقضها، ثم زد بعد ذلك من صوم النافلة، كالاثنين والخميس والأيام البيض.
وأما إن كان فرَّط في الزكاة، فيحسب ما كان يجب عليه إخراجه ويخرجه على حسب غلبة ظنه.
وإن كان تيسر له سبيل الحج واستطاع ولم يحج، فعليه أن يبادر بالحج، وأن يسعى لأداء الفريضة قبل أن يدركه الموت.
وأما المعاصي، فيجب أن يحصيها، بأن ينظر في أيامه وساعاته، ويفتش في جوارحه، ويسجل كل معاصيه، من صغائر وكبائر، ثم يسعى في تكفيرها كلها.
ثانيًا: حقوق ومظالم الناس:
شدد الشرع في حقوق ومظالم العباد ما لم يشدده في حقوق الله سبحانه وتعالى ، فقد ألزم الشرع التائب أن يرد الحقوق إلى أصحابها
إن كانوا أحياء، أو إلى ورثتهم إن أموات، فإن لم يستطع ردها فليستحل منه بعد إعلامه بها، إن كان حقًّا ماليًّا أو جناية على بدنه،
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ
مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ).
فإن لم يسامحه صاحب الحق ويتحلل له فعليه أن يسعى ما استطاع في تحصيل هذا الحق ورده إلى صاحبه، فإن لم يجد أصحاب الحقوق
ولا ورثتهم، فعليه أن يتصدق بهذه الحقوق عن أصحابها، ويدفعها إلى الفقراء والمحتاجين، أو إلى جهات الخير ومصالح المسلمين.
أما المظالم الأدبية، كالغيبة والسب والسخرية والاستهزاء، فقد اختلف العلماء في كيفية التوبة منها، فقال بعضهم: يجب على التائب
إعلام من اغتابه أو سبه، والتحلل منه، وقال البعض الآخر: يتوب بينه وبين الله، ولا يشترط إعلام من قذفه أو اغتابه.
والقول الوسط بينهما هو: إن لم يترتب على إخباره وإعلامه مفسدة وضرر، فيجب إخباره والتحلل منه، وإن ترتب على إخباره
مفسدة أو ضرر، فتُدفَع المفسدة، ويتوب بينه وبين الله ولا يخبره، ويدعو له. فالتحلل من حقوق الناس أي العزم على إصلاح ما هو
آت يعتبر من أهم مراحل التوبة لأنه يؤدي إلى حرج التائب ولا شك لأن الذنب إذا كان متعلقًا بحقوق الناس، فلابد أن يعيد الحق لأصحابه،
أو يطلب منهم المسامحة، وهو ما يعرف بالجانب العملي وهو الجانب الذي يأتي بعد الجانب الوجداني والإرادي حيث ينبثق السلوك العملي،
وهو أن يقلع بالفعل من المعصية، وهذا الجانب العملي له فروع منها، أن يستغفر الله تعالى بلسانه.
قال تعالى:
[ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ{23}] الأعراف: ٢٣.
من ناحية أخرى كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "وأتبع السيئة الحسنة تمحها" وكما قال الله تعالى:
[وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ{114}] هود: ١١٤ ،
فعليه إنه يغير السيئة بحسنة، يبدل السيئة بالحسنة.. يتبعها بحسنة وخصوصاً حسنة من جنسها، وإذا صدقت التوبة لابد أن يتبعها سلوك،
سلوك ناشئ عن وجدان، عن توتر، عن الندم وعن العزم، ولذلك قال تعالى:
[وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى{82}] طه: ٨٢
وقال تعالى:[ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً{68}
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً{69} إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{70} وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً{71}]الفرقان: ٦٨ - ٧١
ولابد مع التوبة بعد ذلك من تجديد الإيمان، لأن الذنوب تخدش الإيمان فلابد أن نرمم هذا الإيمان بالتوبة، وهو إيمان يتبعه عمل للصالحات.
ويقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة:[ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{160}] البقرة: ١٦٠
وقال تعالى:[ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ{89}]آل عمران: ٨٩
وقال تعالى:[ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ
أَجْراً عَظِيماً{146} مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً{147}]النساء: ١٤٦ - ١٤٧
وقال تعالى:[ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{5}]النور: ٥
الاجتماع الملكي
لـقد كان تعبير يوسف لرؤيا الملك دقيقا ومدروسا ومنطقيا إلى درجة انه جذب الملك وحاشيته إليه, إذ كان يرى أن سجينا
مجهولا عبر رؤياه بأحسن تعبير وتحليل, دون أن ينتظر أي اجر أو يتوقع أمرا ما.. كما انه أعطى للمستقبل خطة مدروسة أيضا.
لقد فهم الملك إجمالا أن يوسف لم يكن رجلا يستحق السجن , بل هو شخص أسمى مقاما من الإنسان العادي ,دخل السجن نتيجة
حادث خفي , لذلك تشوق لرؤيته , ولكن لا ينبغي للملك أن ينسى غروره ويسرع إلى زيارته , بل أمر أن يؤتى به إليه كما يقول القرآن :
قال تعالى:
[ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ{50}]
يوسف: ٥٠
[ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ] ثم أرسل في طلبه :[ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ] لم يوافق يوسف على الخروج من السجن دون أن يثبت براءته,
فالتفت إلى رسول الملك وقال:[ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ] إذن.. فيوسف لم يرغب أن يكون كأي مجرم,
أو على الأقل كأي متهم يعيش مشمولا بعفو الملك.. لقد كان يرغب أولا أن يحقق في سبب حبسه , وان تثبت براءته وطهارة ذيله ,
ويخرج من السجن مرفوع الرأس , كما يثبت ضمنا تلوث النظام الحكومي وما يجري في قصر وزيره، اجل فلقد اهتم بكرامة شخصيته
وشرفه قبل خروجه من السجن , وهذا هو نهج الأحرار.
الطريف هنا أن يوسف عليه السلام في عبارته هذه أبدى سموا في شخصيته إلى درجة انه لم يكن مستعدا لان يصرح باسم امرأة العزيز
التي كانت السبب المباشر في اتهامه وحبسه , بل اكتفى بالإشارة إلى جماعة النسوة اللاتي لهن علاقة بهذا الموضوع فحسب ونحن كذلك
وحتى قبل أن يفتضح الأمر لم نكن نعرف شيئاً عن المرأة ولا عن زوجها ، من هو ومن هي حتى قال النسوة [وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ
الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ{30}] يوسف: ٣٠
الحقيقة أول مرة نعرف أنّ سيدنا يوسف عليه السلام كان في بيت عزيز مصر وأنّ المرأة التي راودته عن نفسها هي امرأة العزيز ،
وهذه طريقة في حبكة القصة رائعة جداً ، أخّر إعطاء القارئ هوية هذا الرجل الذي اشتراه ، وقال الذي اشتراه من مصر ، من ؟ لا نعرف ،
وقال لامرأته أكرمي مثواه ، وراودته التي هو في بيتها ، بعد مرحلة متقدمة من القصة ، عرفنا أنّ هذه المرأة التي راودته عن نفسها
هي امرأة العزيز ، وأنّ هذا الرجل الذي اشتراه هو عزيز مصر، ويبدو من السياق أنّ هؤلاء النسوة كنّ من الطبقة الراقية ، رقياً دنيوياً ،
أي من طبقة الأغنياء والمقربين إلى القصر .
ثم يضيف يوسف: إذا لم يعلم سبب سجني شعب مصر ولا جهازه الحكومي وبأي سبب وصلت السجن,
فاللّه مطلع على ذلك [ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ] يوسف: ٥٠
عاد المبعوث من قبل الملك إلى يوسف مرة ثانية إلى الملك , واخبره بما طلبه يوسف مع ما كان من إبائه وعلو همته ,
لذا عظم يوسف في نفس الملك وبادر مسرعا إلى إحضار النسوة اللائي شاركن في الحادثة , والتفت إليهن وسألهن سؤالاً محدداً:
[ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ] يوسف:51
[ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ]..والخطب،هو الحدث الجلل،فهو حدث غير عادى يتكلم به الناس، فهو ليس حديثا بينهم وبين أنفسهم,
بل يتكلمون عنه بحديث يصل إلى درجة تهتز لها المدينة.
وقول الملك هنا يدل على أنه قد سمع الحكاية بتفاصيلها فاهتز لها, واعتبرها خطبا مما يوضح لنا أن القيم هي القيم في
كل زمان ومكان. [ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ]..يجب أن تقلن الحق..إذ أنه من الواضح أن الملك كان قد استعلم بطريقته عن ما حدث
ليوسف وأنه بعد أن انتهى المجلس العجيب لنسوة مصر مع يوسف في قصر العزيز في تلك الغوغاء والهياج , وبعد أن علم أن
خبره قد وصل إلى سمع العزيز .. ومن مجموع هذه المجريات اتضح له أن يوسف لم يكن شابا عاديا, بل كان طاهرا لدرجة لا يمكن
لأي قوة أن تجره إلى الانحراف والتلوث , واتضحت علامات هذه الظاهرة من جهات مختلفة , فتمزق قميصه من دبر, ومقاومته أمام
وساوس نسوة مصر, واستعداده لدخول السجن وعدم الاستسلام لتهديدات امرأة العزيز بالسجن والعذاب الأليم , كل هذه الأمور
كانت أدلة على طهارته لا يمكن لأحد أن يسدل عليها الستار أو ينكرها ولازم هذه الأدلة إثبات عدم طهارة امرأة العزيز وانكشاف أمرها,
وعلى اثر ثبوت هذا الأمر فان الخوف من فضيحة جنسية في أسرة العزيز كان يزداد يوما بعد يوم .
فكان الرأي بعد تبادل المشورة بين العزيز ومستشاريه هو إبعاد يوسف عن الأنظار لينسى الناس اسـمه وشخصه, وأحسن السبل
لذلك إيداعه قعر السجن المظلم أولاً, وليشيع بين الناس أن المذنب الأصلي هو يوسف ثانيا, لذلك قال الله تعالى:[ ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن
بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ{35}] يوسف: ٣٥.
التعبير بكلمة بدا التي معناها ظهور الرأي الجديد, يدل على أن مثل هذا التصميم في حق يوسف لم يكن من قبل، ويحتمل أن تكون
هذه الفكرة اقترحتها امرأة العزيز لأول مرة.. وبهذا دخل يوسف النزيه ـ بسبب طهارة ثوبه ـ السجن , وليست هذه أول مرة
ولا آخرها أن يدخل الإنسان النزيه بجريرة نزاهته السجن ففي المحيط المنحرف تكون الحرية من نصيب المنحرفين الذين يسيرون
مع التيار وليست الحرية وحدها من نصيبهم فحسب , .. بل إن الأفراد النجباء كيوسف الذي لا يتلاءم مع ذلك المحيط ولونه،
ويتحرك على خلاف مجرى الماء، ومثل ما تهبط الجثث السليمة في قاع المحيط فإنك ترى الجيف تصعد في أعلاه وتطفو والعجيب أنك
تجد في علوم اللغة أن كلمة شر تجمع على شرور، أما كلمة خير فلا جمع لها وهكذا الحياة تجد الشر له أعوانه ومريديه ومخالبه قوية أما
الخير فقدره أن يكون وحيداً وعلى الرغم من فرديته إلا أن الحق عودنا دائماً أن النصر والغلبة له دائما والمسألة مسألة وقت لماذا؟..
ليكون الشر وأعوانه جند من جنود الحق.
وهكذا بعد أن اجتمعت لدى الملك كافة خيوط القضية جاءت اللحظة الحاسمة لحظة المواجهة بين يوسف الحاضر الغائب وبين النسوة
وفي حضرة أزواجهن :[ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ] يوسف:51
ماذا حدث؟ وماذا فعلتن مع يوسف؟. فتيقظ فجأة الوجدان النائم في نفوسهن, وأجبنه جميعا بكلام واحد متفق على طهارته و:
[ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ] يوسف:51
إنه لم يسألهن رأيهن في يوسف حتى يجبنه بتلك الإجابة المعروفة لديه مسبقاً وإنما سألهن سؤالا محدداً:
[ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ]ﯫفلم يجبنه، وفضلن الصمت فأزواجهن كانوا حضورا بالمجلس وهم الذين دبروا
دخول يوسف للسجن بعدما ثبتت براءته عندهم، ولم يشملهم ـ أي السادة الوزراء ـ يوسف عليه السلام بكلامه وكذلك لم يرد
ذكر من كانت السبب وراء هذا كله في حديثه.
أما امرأة العزيز التي كانت حاضرة أيضا, وكانت تصغي بدقة إلى حديث الملك ونسوة مصر, فلم تجد في نفسها القدرة على السكوت ,
ودون أن تسال أحست بان الوقت قد حان لان تنزه يوسف وان تعوض عن تبكيت وجدانها وحيائها وذنبها بشهادتها القاطعة في حقه ,
وخاصة أنها رأت كرم يوسف المنقطع الـنظير من خلال رسالته إلى الملك ,إذ لم يعرض فيها بالطعن في شخصيتها وكان كلامه عاما ومغلقا تحت عنوان نسوة مصر.
فكأنما حدث انفجار في داخلها فجأة وصرخت و[ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ{51}] : يوسف: ٥١
وكانت من قبل قد اعترفت أمام النسوة:[ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ
لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ{32}] يوسف: ٣٢
أي ظهر الحق وعلاماته للجميع ولا أستطيع أن أخفيه أكثر من هذا، قالت:[ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ
وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ{52}] يوسف: ٥٢
قالت هذا حتى تعلن براءة يوسف عليه السلام وأنها لم تنتهز فرصة غيابه في السجن وتنتقم منه لأنه لم يستجب لمراودتها له،
ولم تنسج له أثناء غيابه المؤامرات، والدسائس، والمكائد، وبعد أن اعترفت امرأة العزيز بما فعلت قالت:[ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ{52}]:يوسف: ٥٢.
أي أنها أقرت بأنه سبحانه وتعالى لا ينفذ كيد الخاطئين ولا يوصله إلى غايته وتواصل امرأة العزيز فتقول:[ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي
إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ{53}] يوسف:٥٣،هذا القول من تمام كلام امرأة العزيز وكأنها توضح
سبب حضورها لهذا المجلس ؛ فهي لم تحضر لتبرئ نفسها بل لتبرئة يوسف من كل اتهام، بهذه الكلمات عاشت امرأة العزيز في سعادة
نفسية وطمأنينة روحانية هانت معها كل أمور الدنيا، وأدركت أن حياة المعصية حياة لا قيمة لها،لأن الحياة الحقيقية هي حياة الطمأنينة
بالاستقامة والطاعة والإيمان، وهذه هي التي قال فيها بعض الصالحين:
نحن نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف، بمعنى أنه من فضل الله إن الملوك لا يعرفون قيمة السعادة الروحية
فتركوهم يستمتعون بها دون أن ينافسوهم عليها، لو علموا بقيمتها لجالدوهم عليها بالسيوف، هذه هي السعادة الروحية، وهي التي
قالتها أم كلثوم بنت على بن أبي طالب لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، حينما تغاضبا يوماً، فقال لها: "لأشقينك"، قالت له:
"لا تستطيع، لأني لو كانت سعادتي في مال لحرمتني منه، أو في زينة لقطعتها عني، ولكني أرى سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي،
وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي".
فهذه هي السعادة التي يحسها التائبون إلى الله سبحانه وتعالى ، إنها السكينة التي قال الله سبحانه وتعالى فيها في سورة الفتح 4:
[ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً{4}] الفتح: ٤. إنها الطمأنينة..
وقال تعالى: [الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ{28}]
الرعد: ٢٨، والطمع في رحمة الله سبحانه وتعالى [وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ{53}] يوسف: ٥٣.
وقال تعالى:[ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{53}] الزمر: ٥٣
الذنوب جميعاً تغفر بالتوبة، حتى الشرك! حتى الكفر، لأن الإنسان إذا كان مشركاً، وكافراً وتاب يتوب الله سبحانه وتعالى عليه،قال تعالى:
[ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ{38}] الأنفال: ٣٨
والله سبحانه وتعالى قال للمشركين:[ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{5}]:التوبة: ٥ وقال تعالى:
[فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{11}]التوبة: ١١
فالتوبة تجبُّ ما قبلها ومنها التوبة من الشرك، والتوبة من النفاق، والتوبة من الكبائر، والتوبة من الصغائر، التوبة من كل ذنب،
حتى المنافقين، قال سبحانه وتعالى في شأنهم:[ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً{145} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ
وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً{146}]
النساء: ١٤٥ - ١٤٦
فباب التوبة مفتوح للجميع، كل ما في الأمر أن تكون توبةً صادقة، توبة خالصة، توبة نصوحاً كما عبر القرآن الكريم.
امرأة العزيز أعظم تائبة في التاريخ
المفضلات