بدأ الصراع بين عبدة الدنيا وحضاراتها الزائفة المضللة .. وبين عبدة الله الواحد القهار ملك الملوك .. صراع بين اتباع الحياة الدنيا وماتهوى الانفس .. وبين المستمسكين بشريعة الله ومنهاجة كلممسك على قطعة جمر .. صراع بين امرأة العزيز ويوسف الكريم ..
لم ترى امرأة العزيز من يوسف الا وجاهته ومظهرة الفاتن الوسيم .. بهرها شبابه ورجولته .. زادته شهامته وخلقه الكريمة بهاءا وجاذبية مميزة لم تشهدها من قبل فى كل من احاط بها من رجال قومها او عبيدها المقربين لها .. ليوسف سحر خاص تملكها وهى تراه يكبر امامها وترصد بعينها سنواته منذ ان اتى به زوجها فتى صبيا .. والان قد اصبح شابا ترى فيه كل السعادة التى تغنيها عن كل متع الدنيا التى ألفتها وعن كل صحبة .. حاولت مرارا ان تتقرب اليه ان تجتذبه الى عالمها .. الى دنياتها بمباهجها .. الى عالم العشق والهوى .. ولكن هيهات لها كيف وهو الكريم يوسف ابن الكريم يعقوب حفيد الكريم ابراهيم خليل الله .. كيف تصرعه باهوائها ومبادئها وهو الذى نشأ على تقوى الله ومخافته .. كيف تضع الحياة الدنيا بقلبه وهو الذى امتلأ املا بالفوز بالحياه الاخرة .. بادىء الامر لم تفهم ولم تدرك اسباب عزوف يوسف عنها وهى التى يشتهي أوامرها كل عبيدها واكثرهم قوة ورجولة .. ولكن يوسف نوعية اخرى غير التى عرفتهم وعاشرتهم لا يدين بمبادئهم ولا يسجد لآلهتم وافكارهم وقناعاتهم .. ظنت ربما خوفه من سيد البيت او ان يراهما احد .. ارادت ان تطمئنه فغلقت الابواب ودعته اليها
يوسف (آية:23): ( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت لك قال معاذ الله انه ربي احسن مثواي انه لا يفلح الظالمون )
وكانت الصدمة لها .. قال معاذ الله .. نعم هو فى بيتها وهى التى اكرمت مثواه واقامته .. نعم احسنت اليه فى المأكل والملبس والمشرب والرعايه بكل مفهومها .. هى سيدته وراعيته ومولاته .. هى صاحبة كل فضل ومنة عليه .. لكن ليس الى حد المعصية .. هنا يكون للمؤمن بالله موقفا آخر .. موقفا له مرجعية يعود فيها الى الله مسبب الاسباب .. مرجعية اساسها الشرع وتعاليم الله .. ليس باسم المنن والافضال ينساق العباد لاهواء اناس ضلوا واضلوا السبيل .. ليس باسم الحرج من اصحاب النعم والولاء والمنن يهوى المؤمن اسفل السافلين باطاعة هؤلاء مخالفا منهج الله ومتجاهلا شريعته ونواهيه واوامره .. لا سلطان لهوى ولا قناعة ولا مبادى ولا اصحاب منن ونعم على اى مؤمن اسلم نفسه وقلبه وجسده وكل كيانه لله رب العالمين .. لا عبودية خالصة الا لله الواحد الاحد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد .. ويستمر الصراع ..
المفضلات