البشارة الخامسة فأنا أغيرهم بما ليس شعباً!! الحيوان الرابع والتحريف التشكيلي!
كتبه/ مسلم عبد الله أبو عمر
( في السنة الاولى لبيلشاصر ملك بابل راى دانيال حلما ورؤى راسه على فراشه حينئذ كتب الحلم واخبر براس الكلام ) (دانيال 1:7)
كعادة القوم , يرفضون الإذعان للحق , وهذة المرة إنما يردون ما ثبت من التاريخ وذكرته الكتب ودونته المخطوطات!! ويصرون على أن المملكة الخامسة التى حطمت الرومان كما جاء فى رؤية الملك “نبوخذنصر” التى فسرها النبي ” دانيال” عليه السلام , ليست الإسلام رافضين بذلك رسالة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم!
ونحن بدورنا نفهم طبيعة هذا الرفض ودوافعه…
ومع رفضهم (المعتاد) هذا كان عليهم تقديم مبرر ما , لعامتهم , لاسيما أن العوام عندهم تم تنشئتهم على السمع والطاعة دون دمدمة أو جدال!
وصورة التمثال التى مرت بنا فى رؤية الملك “نبوخذنصر” والتى فسرها النبي ” دانيال” جاء فيها القدمين من حديد وخزف , واتفق القوم على أنها رمز لمملكة الرومان ….والسؤال كان : من الذى قضى على مملكة الرومان؟
هذا السؤال هو الذى تلاعب القوم فى جوابه , والتفوا حول النصوص والمعاني (كعادتهم) …وقدموا لنا تحريفاً من نوع جديد!
نعم عزيزي القارىء …سيمر بنا هذة المرة نوعاً أخر من التحريف
فقد مر بنا تحريف الإضافة …… ورأينا نصوصاً أضيفت!
ومر بنا تحريف بالحذف ………ورأينا نصوصاً قد حذفت!
ورأينا تحريفاً فى التفاسير بنصوص يتم التهافت حول عباراتها للوصول لأخر معنى يمكن أن يدل عليه نص واضح الدلالة!
(وأذكر هنا بأن كل الأنواع السابقة كانت تتم تحت نفس الشعار والغطاء: خطأ فى الترجمة أو عدم وجود النص فى أقدم المخطوطات! وأظنك عزيزي القارىء أصبحت خبيراً الأن بأساليب القوم فى كيفية تناولهم لكتاب المفترض عندهم أنه مقدس!)
الأن التحريف الذى سنراه منهم هو:
تحريف تشكيلي!
لو صح التعبير فهذة هي التسمية المناسبة لما فعلوه!
فهؤلاء كي يهربوا من حقيقة تاريخية ثابتة وهى ظهور الإسلام وقضائه على الروم فى عدة معارك بل وفٌتِحَت بلاد الروم وساد فيها الإسلام لمدة ثمانية قرون تقريباً!
لم يجدوا إلا التلاعب فى صورة التمثال نفسه!!! فافتعلوا فجوة بين الساق والقدمين, وقالوا أن النبوة تخص مجىء المسيح الثاني! وهذة الصورة المشوهة لتمثال تطول ساقاه كل يوم وتتباعد المسافة بينه وبين قدميه قال عنها الشيخ سفر الحوالي فى كلامه عن نبوءة دانيال العظمى:
ومن المعلوم أن طول المسافة الزمنية بين رأس التمثال وساقيه – أي: بين مملكتي بابل والروم (من وفاة بختنصر إلى استيلاء تيطس على القدس ) هو ستة قرون تقريباً لا أكثر. وهذه الفجوة التي يفتعلونها بين الساق والقدم طولها ألفا سنة!! والمصيبة أنها ستظل تطول حتى قيام الساعة! فلنتخيل هذا التمثال الغريب الذي تطول الفجوة بين أعلاه وأسفله كل يوم!! إنها صورة لا يصدقها العقل…..
ثم يقول الشيخ الحوالي:
وقد عرفنا لماذا افتعلوا هذه الفجوة، فالسؤال إذن! بماذا سدوا الفجوة؟! لقد انتـزعوا ” قطع غيار ” شاذة من تمثال آخر وأرادوا إلحامها بالتمثال!!
قطع الغيار التى يذكرها الشيخ الحوالي هنا يقصد بها تفسير القوم لنص أخر تم ذكره فى الإصحاح السابع وهو النص الذى صدرت به عنوان المقالة , وهو نص بداية لرؤية رأها النبي دانيال نفسه هذة المرة!
فكالعادة , تعالوا بنا أولاً نطالع النصوص كما وردت عندهم , ثم نرى كيف لفقوا بينها وبين رؤية “نبوخذ نصر” ولنترك التعليق لضمير القارىء المنصف!
ورد فى سفر دانيال الإصحاح السابع والأعداد من 1 إلى 7 :
(1 في السنة الاولى لبيلشاصر ملك بابل راى دانيال حلما ورؤى راسه على فراشه حينئذ كتب الحلم واخبر براس الكلام 2 اجاب دانيال وقال كنت ارى في رؤياي ليلا واذا باربع رياح السماء هجمت على البحر الكبير 3 وصعد من البحر اربعة حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك 4 الاول كالاسد وله جناحا نسر وكنت انظر حتى انتتف جناحاه وانتصب عن الارض واوقف على رجلين كانسان واعطي قلب انسان 5 واذا بحيوان اخر ثان شبيه بالدب فارتفع على جنب واحد وفي فمه ثلاثة اضلع بين اسنانه فقالوا له هكذا قم كل لحما كثيرا 6 وبعد هذا كنت ارى واذا باخر مثل النمر وله على ظهره اربعة اجنحة طائر وكان للحيوان اربعة رؤوس واعطي سلطانا 7 بعد هذا كنت ارى في رؤى الليل واذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جدا وله اسنان من حديد كبيرة اكل وسحق وداس الباقي برجليه وكان مخالفا لكل الحيوانات الذين قبله وله عشرة قرون )
هذة هى حيلة الحيوان الرابع…. مطعمة بقطعة أرابيسك ولكنها غير أصلية مع الأسف!
ولنتأمل مقدمة تفسير القس (المكافح!) أنطونيوس فكري للإصحاح السابع …..يقول القس :
بعد أن أنهى النبي الأحداث التاريخية في الستة الإصحاحات الأولى يبدأ هنا بالأجزاء النبوية وفيها كثير من الغموض، بعضها تحقق والبعض متعلق بالأيام الأخيرة. ونفس النبوة قد تكون تحققت في زمن سابق ولكنها ستتم تحقيقها في المستقبل بطريقة أخرى وقد تم صياغة هذه النبوات بحيث تحتمل تطبيقها عدة مرات.
“وقد تم صياغة هذه النبوات بحيث تحتمل تطبيقها عدة مرات”: هى جملة يساعد بها القس من سيأتي بعده وينتهج نهجه! (نبؤة شديدة الخصوصية يراها نبي ملهم, تتكرر عدة مرات! الرجل حريص وينظر للمستقبل بعين الإحتياط هنا!)
المهم أن القس يبدو أنه نسى ما قاله من قبل فى تفسير رؤية نبوخذنصر وطالما الحل المقترح هو الربط بين الرؤيتين (كما سيذكر هو نفسه بعد قليل!) , فكان ينبغي على القس أن يكون ذكوراً!!!
ناقض القس نفسه عندما قال فى تفسير رؤية نبوخذنصر :
وقول دانيال الحلم حق وتعبيره يقين = أي أنه من الله وتفسيره من الله، وهو تفسير مؤكد بسبب هذا. والله ليس عنده تغيير ولا ظل دوران، هو أوحي به ولذلك سيتم تنفيذه.
فالنبؤة إذاً حق والله ليس عنده تغيير ولذلك سيتم تنفيذه!
فهل يتوافق هذا الكلام ….مع الكلام الأول الذى ذكرناه من تفسيره للإصحاح السابع : وقد تم صياغة هذه النبوات بحيث تحتمل تطبيقها عدة مرات!!!
إنه التناقض… تذكر ذلك دائماً عزيزي القارىء …
ثم شرع فى تفسير النصوص ومن جملة ما قاله كان هذا الكلام الواضح:
وهذه الرؤيا هي إعادة لحلم نبوخذ نصر في الإصحاح الثاني
ثم يقول:
والتماثل بين هذه الرؤيا (إصحاح 7) وتمثال نبوخذ نصر (إصحاح 2) تتضح من أن هذا الحيوان له أسنان حديد كبيرة. وفعلاً فقد أكل هذا الحيوان كل الأمم الأخرى وداسها وسحقها. وسيطرت الدولة الرومانية على العالم لأكثر من 500 سنة. ولقد ولد المسيح في زمان هذه الدولة وكان هو الحجر الذي قطع بغير يد = ولد بدون زرع بشر.
القس يعلم المأزق , لذا كما رأينا تعرض للربط بين هذة النصوص وبين نصوص الإصحاح الثاني التى فيها صورة التمثال , والحيلة كما جاءت عند القوم هى: – سرقة الحيوان الرابع ووضعه في التمثال!!!
يقول الشيخ الحوالي رداً على هذا التزوير المكشوف! :
ربما لأن للحيوان الرابع أسناناً من حديد، والمملكة الرابعة تكون من حديد، قالوا: إن المملكة الرابعة هي الحيوان الرابع – لاسيما وكل منهما هو “الرابع” لما سبقه – وقالوا: إن هذه المملكة رمز لـأوروبا التي سيكون فيها عشر دول قومية يخضع لها العالم قبل نزول المسيح!!
وعليه تكون المملكة الخامسة هي الألفية السعيدة عند نـزول المسيح.
ومن السهل إبطال هذا الرأي من وجوه كثيرة :-
1- أن يقال: ما تعبير الحيوانات الثلاثة الأخرى إذن؟ مع أنهم مهما فسروها فلا يصح أي تعبير يناقض ما فسره دانيال نفسه، فكيف تظل الثلاثة الممالك في التمثال هي الممالك القديمة، والرابعة هي أوروبا الحديثة؟!
إنها مفارقة واضحة، فالمنطق السليم يفرض إما أن نحمل الرؤيا على الرؤيا كلياً، وإما نجعلهما منفصلتين كليا،ً وهو الصحيح!!
2- الحيوانات طلعت متجاورة وغلبها الرابع دفعة واحدة، أما الممالك في الرؤيا الأولى فمتتابعة متوالية كل منها غلب ما قبله.
3 – الحيوانات الأربعة طلعت من البحر المحيط، والممالك الأربع قامت في الشرق، والخامسة (الإسلامية) قامت في المنطقة نفسها، ثم امتدت شرقاً وغرباً حتى وصلت في أيام المغول والترك إلى شمال أوروبا وسيطرت على شرقها كله .
4- الحيوانات الثلاثة تسلط عليها الرابع؛ لكنها بقيت حية، أما الممالك الثلاث فقد اندثرت مطلقاً.
5- تعبيرهم الرؤيا الأخيرة باطل في نفسه؛ فإنها ذكرت حيواناً لـه عشرة قرون، وفسرتها بأنه مملكة لها عشرة ملوك، فتفسيرهم بأنها عشر ممالك متجاورة باطل.
انتهى هنا من كلام الشيخ الحوالي حفظه الله حول هذة النقطة.
وهذا كافي جداً لمن يريد الحق لكي يقف على مدى تشويه القوم للحقائق, وقلب الأمور حتى تتوه حقيقة رؤية “نبوخذنصر” والمملكة الخامسة .
لكن الباحث عن الحق لا يرتوي حتى يأتي على كل ما يراه من تفاصيل , ولعل القارىء العزيز يشاركني هذا الرأى , لذا أستئذنكم بأن أستكمل معكم إن شاء الله مزيد من الأدلة حول كذب القوم المفضوح , وكيف أنهم لم يستطيعوا الهرب من مواجهة الحق والحقيقة , ولقد وقفت على ثلاث تناقضات واحدة منها تكفي لهدم تفسيرهم التشكيلي هذا! أذكرها إن شاء الله اللقاء القادم ……جزاكم الله خيراً .
إقرأ أيضا
المفضلات