مركبات أمر التكليف:
وقد حكت لي إحداهن هداها الله تجربتها مع أحد السحرة، عندما أرادت أن تصنع سحرًا لزوجة أبيها، فقد أحضر لها الساحر كسرة من جمجمة، وطلب منها إحراقها ثم صحنها، ونفذت المرأة كل تعليماته بدقة متناهية، إلى أن وصلت إلى المرحلة التي أمرها بقراءة إحدى السور القرآنية منكسة، أي قراءتها من آخرها إلى أولها، وطريقة التنكيس شائعة لدى عبدة الشيطان والسحرة يثبت انتماء ممارسات ، مما السحر إلى طقوس عبادة الشيطان، وبالفعل نفذت المرأة أوامره بدقة ولم يفعل هو أي شئ، وعند انصرافها استوقفها بالباب قائلا: (عندما تعودي إلى بيتك اغتسلي وانطقي الشهادتين، فقد كفرت بالله) ومن العجب أن ذلك الساحر كان نصرانيًا (!). تمامًا كما قال سبحانه وتعالى: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِّنْكَ إِنِّى أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا في النَّارِ خَالِدَيْنَ فِيهَا، وَذَلِكَ جَزَؤُاْ الظَّالِمِينَ) [الحشر: 16]، وظن الخبيث بجهالته أنه بترك السيدة تفعل كل ذلك بنفسها أنه بريء من الذنب، ولكن الآية السابقة تشركهما معًا في الإثم. وبسبب أن السحرة المستجدين لازال في قلوبهم شيء ضحل من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، أو لأن قلبه لم يخرب بعد من الدين بالقدر الكافي، سنجد الكثير منهم يفشل في تطبيق المدون في كتب السحر، لقلة خبرته ولما يتطلبه السحر من شدة كفر بالله وعبادة خالصة للشيطان، فكما يحضر الجن بالكفر فلن ينصرف إلا بالكفر، فإن عجز الساحر عن صرفه انقلب عليه السحر بالمس والأذى والانتقام، مثلما نسمع عن حوادث الحرائق بدون أي سبب جنائي نتيجة أن أحدهم قام باستحضار الجن وعجز عن صرفهم، فيؤدى ذلك لانتقام الجن منه بحرق بيته ( ) أو إصابته بالمس والجنون، وحتما يفشل علاج الكثير منهم، ومن باب العلم بالشيء والتحذير يوجد في مستشفى الأمراض العقلية أسرة كاملة أصيبت بالمس نتيجة ذلك العبث والهزء بما أحذر أحبتي المسلمين منه أشد التحذير، فالأمر أخطر من مجرد محاولة التجريب، لذلك أحذر أشد التحذير من اقتناء وقراءة هذه كتب أو الاحتفاظ بها في البيوت، وأرجو ممن يمتلكها أن يخرجها من بيته فورًا ثم يحرقها، لما تجلبه من خراب البيوت العامرة.
الطلاسم السحرية:
ومن أنواع أمر التكليف الشائع الاستخدام ما يعرف بحساب الحروف واستخدام بعض الجداول والرموز والأرقام، وحساب الحروف هو إعطاء كل حرف عدد معين بترتيب (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ) فحرف الألف عدده واحد وهكذا يكبر العدد بإضافة الصفر عن انتهاء كل تسعة أحرف حتى الوصول إلى حرف الغين برقم الف، لذلك يطلب السحرة اسم المسحور له واسم أمه ثم يحسبون عدد مجموع حروف الأسماء، ثم يقابلونها بما يوافقه من العدد في أسماء الله الحسنى فيكتبونه بمداد من النجاسات كالسائل المنوي الناتج عن زنى المحارم كأن يزنى الساحر بالمسحور لأجلها أو يزنى بابنته، (وبالفعل أكدت لي ابنة أحد السحرة أن أباها فعل مثل ذلك، بل صنع لها سحرًا كنت أعالجها منه)، وأحيانًا يخلط المداد بدم الحيض، وأحيانا أخرى يخلط ذلك كله معًا بأشياء مختلفة لا تحصى، من مساحيق العظام المحروقة، ودهن الخنزير أو دهن ضأن،…إلخ، فكنت أجد أثارها في قيء المريض أو يجدها المرضى تخرج مع البول، وذلك يمثل علامة لإبطال السحر المأكول أو المشروب، وما ذكرناه يعد نبذه بسيطة عن استخدام حساب الحروف في أمر التكليف، لذلك يجب الحذر من هؤلاء السحرة.
وفى كتاب (الزوهار zohar) عند فرقة (الكابالا اليهودية kabbala) تظهر أهمية الحروف ودلالاتها والطلاسم في تفسير التوراة وشرحها في الرمز والتلميح أحد الطرق الأربعة للزوهار، (الرمز والتلميح: وتقوم هذه الطريقة على اكتشاف الدلالات المتضمنة في بعض الحروف والعلامات السطحية في ظاهرها.. السر (Sod) بمعنى الطلاسم المغلقة والأسرار الخفية. وهذا مما شجع على قيام العلم الخفي أو السري (Secret Science). لكن هذا العلم لم يدرك أسراره إلا القليلون، بينما ترددت أصدائه في كل من الأفلاطونية المستحدثة والغنوصية والقبالة والهرمسية. فقد انطوى على شطحات خيالية ورؤى شاردة للأشياء الخارجة من نطاق هذا العالم. واختلطت فيه عناصر الثيوصوفية بالميتافيزيقيا وأخبار الملائكة بقصص الشياطين). ( )
وهذه المعتقدات وإن لم تكن يهودية الأصل والمنشأ، لكنها فرضت نفسها على عقول المثقفين اليهود، بل بدأت هذه العقيدة تأخذ طريقها إلى الديانات الأخرى، فظهرت كتب تحسب زمن قيام الساعة بحساب الحروف مستخدمين آيات القرآن الكريم والإنجيل والتوراة، وهى متداولة في المكتبات بشكل ملحوظ، وتظهر العلاقة بين تعاليم التلمود وعقائد الزوهار متجلية بوضوح في العلاقة بين أحكام التوراة وأجزاء الجسم البشرى. (فقد أحصى التلمود أحكام التوراة واعتبرها تضم 248 أمرا من الأوامر أو الوصايا و365 من النواهي، أي ما مجموعه 613 وصية بين أوامر ونواه.
وهذا ما رمز إليه التلموديون والإشراقيون في حساب الجمل بلفظ تريج Trayag
(ت = 400 + ر = 200 + ي = 10 + ج = 3 = 613).
ثم عمدوا إلى المطابقة بين عدد كل من الأوامر والنواهي وبين عدد الأطراف (248) والمفاصل (365) في جسم الإنسان. حتى وصلوا إلى القول بأن مراعاة كل وصية من هذه الوصايا أو خرقها يؤدى، عن طريق الطرف أو المفصل المقابل لها في الجسم البشرى، إلى رد فعل مماثل في عالم الأنوار، وينعكس بالتالي على الكون قاطبة!). ( )
ويذكر ابن خلدون أن بعض المتصوفة خاضوا في نوع من السحر هو علم أسرار الحروف، وهذا النوع (هو المسمى بالسيمياء، نقل وضعه من الطلسمات إليه في اصطلاح أهل التصرف من المتصوفة، فاستعمل هذا الاستعمال الخاص).
ويذكر ابن خلدون أن (هذا العلم حدث في الملة بعد صدر منها، وعند ظهور الغلاة من المتصوفة وجنوحهم إلى كشف حجاب الحس، وظهور الخوارق على أيديهم والتصرفات في عالم العناصر، وتدوين الكتب والاصطلاحات، ومزاعمهم في تنزل الوجود عن الواحد وترتيبه، وزعموا أن الكمال السمائي مظاهره أرواح الأفلاك والكواكب، وأن طبائع الحروف وأسرارها سارية في الأسماء، فهي سارية في الأكوان على هذا النظام والأكوان من لدن الإبداع الأول تنتقل في طوره وتعرب عن أسراره، فحدث لذلك علم أسرار الحروف، وهو من تفاريع علم السيمياء، لا يوقف على موضوعه، ولا تحاط بالعدد مسائله، تعددت فيه تأليف البوئي وابن العربي وغيرهما ممن اتبع آثارهما، وحاصله عندهم وثمرته تصرف النفوس الربانية في عالم الطبيعية بالأسماء الحسنى والكلمات الإلهية الناشئة عن الحروف المحيطة بالأسرار السارية في الأكوان).( )
(ومعنى طلسم كما يقول حاجى خليفة، عقد لا ينحل، وقيل مقلوب اسمه، أي (المسلَّط) لأنه من القهر والتسلط، وهو علم باحث عن كيفية تركيب القوى السماوية الفعالة مع القوى الأرضية المنفعلة في الأزمنة المناسبة للفعل والتأثير المقصود مع بخورات مقوية جالبة لروحانية الأرضية ليظهر من تلك الأمور في عالم الكون والفساد أفعال غريبة، وهو قريب المأخذ بالنسبة للسحر، لكون مبادية وأسبابه معلومة، وأما منفعتة فظاهرة، لكن طرق تحصيله شديدة العناء).( )
يقول محمد محمد جعفر: (الطلسم: هو العمل الذي يقوم به الساحر بمساعده الشيطان أوبناء على أمره على الورق والقماش أو المعدن أو الخشب أو الأحجار الكريمة أو المعجون (كالشمع والطين) بشكل مخصوص في وقت مخصوص وبحجم وصورة معينة لضرر نفر أو أكثر في شخصه أو ما يملكه.. والتعويذة أو التميمة: هي العمل الذي يقوم به أي شخص مختص غير الساحر على المواد السابق ذكرها لمنع تأثير السحر أو فساده لحاملها أو لأغراض أخرى يقصد بها منفعة حاملها أو صاحبها دون غيره).( )
فبخلاف اللغة المعجمة المدون بها أمر التكليف فإنه يحوي طلاسم ورموزًا وأوفاقًا يتعذر على الجن المسلم فك رموزها، رغم أن الذي يكون قد كتبها ساحر من سحرة الإنس، فعلى سبيل المثال فقد وصلني صورة من أمر تكليف دونه أحد كبار السحرة لأحد الكنوز عظيمة الأهمية، وقد خط بكتابات عبرية وحروف لاتينية ورموز مختلفة، وكان الوصول إلى إبطال الأسحار المتضمنة في أمر التكليف هذا يكبد المعالج مخاطر مهلكة، وخدع مضللة، وفخاخ شديدة الصعوبة، تصل إلى حد القتل على مدار عدة مراحل مختلفة إلى أن يصل إلى ذلك الكنز المدفون، وبعد هذا تأتي مراحل استخراجه وفتحه، وهذه مسألة أخرى لها حساباتها، ومن شدة تعقيد أمر التكليف لاستبيان هذه المطبات والفخاخ، فقد درسته على مدار عدة جلسات لكشف سره مع أكبر شيوخ وعلماء عالم الجن المسلمين، وقد تم هذا اللقاء من خلال وسيط سمعي، كل منا يدلي برأيه وملاحظاته، وهذا يصوب وذاك يعدل، إلى أن وصلنا بحمد الله لفهمه إلى درجة لا بأس بها، ولو كان الأمر سهلاً عليهم لبينوا لي من البداية هذه الأمور بدون تعديل ومراجعة واشتراك في الرأي، وهذا يدل على أن فك طلاسم أمر التكليف يعد من الأسرار حتى داخل نطاق عالم الجن، ولا يعلمه إلا خاصة خاصتهم فقط.
أهمية الأسماء في أمر التكليف:
لا يوجد ساحر إلا ويطلب من المسحور لأجله اسم المسحور له واسم أمه، ولأن المثلية من أسس صناعة السحر، فلكي يكتمل عمل الساحر فهو يطلب معرفة هذه الأسماء، حيث يقوم بتوكيل شياطين من الجن يحملون نفس هذه الأسماء، فيسخرهم في خدمة السحر وتنفيذه، وبالمثل؛ فكما يقع العذاب على المسحور له، فكذلك يقع نفس العذاب على خادم السحر، على أساس اشتراكهما في نفس الاسم الشخصي، ونفس اسم الأم، فيقوم خادم السحر بإيقاع نفس العذاب الذي يتعرض له بالمسحور له.
ولأن الشياطين حياتهم قائمة على الزنا والفحشاء، فيعرفون بأسمائهم وأسماء وأمهاتهم فقط، أما اسم الأب فنكرة، لأنه لا يعرف بالتحديد الأب من بين ملايين الشياطين الذين عاشروا الأم، هذا بخلاف اننا تكلمنا أن مرحلة تغذية الجنين ومركبات العضوية تنشأ من المشيمة وتنبع من جسد الأم، لذلك فتوارث السحر من خلال دم المشيمة عنصر أساسي في السيطرة على المسحور له، لذلك فمعرفة اسم الأم ربط لمكونات دم المسحور له بدم أمه، وهذه هي علاقة الدم التي تمكن من السيطرة على جسم المسحور له.
لذلك فالمثلية في السحر تقتضي معرفة اسم المسحور له واسم أمه، أما اسم الأب فلا شغف لهم به، لأن النطفة انفصلت عن جسده واستقرت في رحم الأم، وهذا السبب من بين أسباب عديدة في تسلط الشياطين بالمس على النساء أكثر من الرجال، لذلك فعند سؤال الشيطان في لحظة الاستحواذ عن اسمه يجيب بنفس اسم المريض، وإذا سألته عن اسم الأب اختبارًا له تعجب من سؤالك في دهشة ظاهرة، فكيف تسأل شيطانًا عن اسم أبيه؟! وبهذا لو أقسم لك الشيطان أن اسمه كذا أو كذا بما يوافق اسم المريض فهو صادق، وبالتالي لو دعوت عليه جزاء كذبه، فدعاؤك مردو ولن يصيبه، لأنه دعاء باطل، وفي غير محله، وبذلك يضلل المعالج ضحل الخبرة، والمتهافت على صغائر الأمور. وفي واقع الأمر إذا حاول أحد السحرة حبس خادم السحر ضلله توافق اسم الخادم مع اسم المريض، وبالتالي يتعسر تعطيل السحر ويستمر قائمًا بدوره بلا توقف، وهذا يدلل على مدى خباثة السحرة ومكرهم، وأن السحر علم له أصوله وخباياه.
إن الأسماء والكلمات أو الحروف سواء المكتوبة أم المنطوقة لها دور أساسي يجب أن لا نغفل أهميته في صناعة السحر، خاصة اسم المسحور له أو المسحور لأجله والذي بدونه لا يتم السحر، وهنا يجب التنبه إلى أحد أهم شروط صناعة السحر والتمائم، فتصميم القلادة على هذا النحو المميز لها عن غيرها من الحلي يجعلها بمثابة عقد مبرم بين عدة أطراف لابد من تدوين أسمائهم بدقة تامة.
(وقد ذهب بعض الباحثين إلى القول بأن الهيروغليفية التي أطلق عليها اسم النقش المقدس ظهرت في الأصل كرموز وطلاسم في السحر القديم قبل ظهورها كحروف للكتابة. وهو ما يفسر بقاءها فترة طويلة كحروف وكتابة سرية مقصور استعمالها وتفهمها والتخاطب بها على الكهنة ولم يستعمل الشعب إلا الكتابات الديمراطيقية والهيراطيقية).( )
وهذا ما يظهر قيمة المنطوق والمكتوب عند السحرة، وما يحتويه من توسلات وتسجيلات لعموم وسائل تعظيم معبودهم إبليس عليه لعائن الله، لذلك تحاط نصوص السحر وطلسماته بالتكتم والسرية، لدرجة أن الكتابة لديهم حروفها مجرد رموز معجمة. (القاعدة الأولى لكافة أنواع تراتيل المياه، التي قال عنها الساحر (حري تب): لا تبوح بها لأي إنسان من العامة إنها إحدى أسرار بيت الحياة).
وبيت الحياة هو مؤسسة على قدر كبير من الأهمية في العديد من أوجه النشاط كما كان يتم فيه نسخ وحفظ الأصول السحرية.( )
لذلك فتناول أسماء أطراف العقد واسم الأم بوجه خاص يعد من أهم محتويات أمر التكليف، ويعد منتهى الدقة في صناعة السحر حتى يتعرف خادم السحر اسم من سيقوم بإيذائه على وجه التحديد. (ونجد أن ممارسة السحر ترتكز إلى أبعد مدى على استعمال الاسم، الذي تعتبر معرفته المطلب الأول في أية ممارسة تتم ضد شخص ما).( )
فلدى السحرة معتقد أن تكون الأم قد حملت من سفاح، وربما يكون من ينسب إليه الولد ليس له بأب، ومحتمل أن يكون أبوه شخص آخر، لذلك هم ينسبون الناس إلى أمهاتهم ضمانا للدقة، فاسم الأب عند السحرة لا يشكل أي أهمية تذكر، وحقيقة ذلك أن إبليس يعمل دائما من أجل تدنيس المرأة وامتهانها وتحقير شأنها كتوجه يضاد ما جاء به الدين من إكرامها ورفع شأنها.
والساحر لا يكتفي بتدوين اسم أم المسحور له بل ولابد أن يدون اسم المسحور لأجله واسم أمه، فمن شروط أمر التكليف أن المسحور لأجله لابد أن يقر أولا أنه ابن زنا، وذلك بأن يقذف أمه فيتشكك في نسبه لأبيه، ففي الشرع لا ينسب إلى الأم إلا ابن الزنا فقط لقوله صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش وللعاهر الحجر).( )
وعلى هذا فمن استجاب لهم فأعطاهم اسم أمه دون اسم أبيه يكون قد رمى امرأة محصنة بالزنا، لأنه تنكر لأبيه وقد أمرنا الله تعالى بأن ننسب إلى أبآئنا قال تعالى: (ادْعُوهُمْ لأبَآئِهِم هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) [الأحزاب: 5]، وهذه ثانى جريمة يرتكبها المسحور لأجله بعد ذهابه إلى الساحر وقبوله ممارسة السحر، وبهذا قد اجتمعت عليه الموبقات المهلكات ليدخل في عذاب الآخرة. عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).( )
قوله: الموبقات بموحدة وقاف: أي المهلكات وسميت هذه موبقات لأنها تهلك فاعلها في الدنيا بما يترتب عليها من العقوبات، وفى الآخرة من العذاب.( )
وتلك الطلاسم والأقسام والتعازيم التي لا يفقه لها معنى بالعربية أو بغيرها من اللغات، هي في حقيقتها تحتوى على بعض أسماء الشياطين والأبالسة، وتشمل الإقسام بأسمائهم بدلا من الإقسام بالله، وهذا شرك بالله عز وجل وكفر به، وبطبيعة الحال أنا لم أقف على معاني تلك الطلسميات، ولكن يمكن فهم دلالاتها من بناء الجملة وصياغتها على أنها إقسام مثال ذلك يقول السحرة (أقسمت عليكم بـ…،…،…) و(يا خدام الأسماء …،…،…، توكلوا بفلان ابن فلانه وافعلوا به كذا وكذا... إلخ. وهذا مدون في كتب السحر المنتشرة في الأسواق، والله أعلم. ( والشيطان نفسه خبيث، فإذا تقرب صاحب العزائم، والأقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إليهم بما يحبونه من الكفر والشرك، صار ذلك كالرشوة والبرطيل لهم، فيقضون بعض أغراضه، كمن يعطى غيره مالاً، ليقتل له من يريد قتله، أو يعينه على فاحشة، أو ينال معه فاحشة.
ولهذا كثير من هذه الأمور يكتبون فيها كلام الله بالنجاسة، وقد يكتبون حروف كلام الله، عز وجل، إما حروف الفاتحة، وإما حروف قل هو الله أحد، وإما غيرها، بنجاسة إما دم، وإما غيره، وإما بغير نجاسة، أو يكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان، أو يتكلمون بذلك، فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين، أعانتهم على بعض أغراضهم، إما تغوير ماء من المياة، وإما أن يحمل في الهواء إلى بعض الأمكنة، وإما أن يأتيه بمال من أموال بعض الناس، كما تسرقه الشياطين من أموال الخائنين، ومن لم يذكر اسم الله عليه، وتأتى به، وإما غير ذلك، وأعرف في كل نوع من هذه الأنواع من الأمور المعينة، ومن وقعت له ممن أعرفه ما يطول حكايته فإنهم كثيرون جدًا).( )
( تحتوى برديات كتاب (الطريقين) الكثير من الوصفات والصيغ السحرية التي وضعت في خدمة اله الحب والمحبين والتى نسبت إلى إله المعرفة والسحر ناحوتى وإلهة الحب والجمال حتحور... ومن الطرق المشهورة التي كان الساحر يمارسها جرعة الساحر أو جرعة الحب، كان أشهرها أن يؤخذ بعض قطرات من الدم من بنصر العاشق أو العاشقة ويذاب في إناء السحر بعد أن تقرأ عليه تعاويذ خاصة ويعطى لمن يراد التأثير عليه، فيعمل السحر على استمالة قلبه وخضوعه لمحبوبه أو عودته إليه بعد فراق. كما كان يستعمل دم البنصر أو الكف في الكتابة على ورق البردى الذي يذاب في الماء الذي يشربه الطرف الآخر كما كان يستعمل دم البنصر في كتابه الأحجبة التي تدفن تحت عتبة باب المحبوب أو في مكان نومه لتقوم بنفس الغرض...هناك بعض أحجبة الحب التي كانت تكتب بدم بعض الطيور كالهدهد وذكر البط، ومن بين التعاويذ التي وجدت مكتوبة في أحجبة الحب والوصال ما وجد مكتوبًا لفتى لجلب محبة حبيبته واستمالتها، يا حور، اجعل (فلانه بنت فلان) تتبعنى كما يتبع الثور علفه ويتبع القطيع راعيه، وسرب البط قائدة).(
وما وجد في نص أمر التكليف هذا يدلل على ما يلى: (يا حور) هنا المسحور لأجله ينادى شيطانا باسم (حور) ثم يطلب منه أن يجعل (فلانه بنت فلانه) تتبعه إلى آخر النص، إذًا فالذى ينفذا الطلب هو الشيطان وهذا نص عملى يثبت ما ذهبنا إليه من وجود خادم السحر وأنه هو الذي يقوم بتنفيذه.
الكاتب: بهاء الدين شلبي[/RIGHT]
المفضلات