الحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله .
احتوى سؤال الأخ/عبد العزيز 2 على مسألتين .
الأولى : هل لله روح أم لا ؟
الثانية : ماهية ذات الله .
فأما المسألة الثانية ، فقد أجاب عليها الأخ/khaled faried وأسأل الله عز وجل أن يجعلها فى ميزان حسناته .
وخلاصة الجواب : أن الله عز وجل لا نسأل عن كيفية صفة من صفاته سبحانه وتعالى ، بل نؤمن بما أخبر به عن نفسه سبحانه وتعالى ، وبما أخبر به على ألسنة رسله . نؤمن بذلك بلا سؤال عن كيفية ذلك . ونؤمن بذلك مع إيماننا بأن صفاته سبحانه وتعالى لا تماثل صفات المخلوقين . وهذا معنى قول العلماء : نؤمن بصفات الله بلا تكييف ولا تشبيه وتعطيل .
وأما المسألة الأولى : هل لله روح أم لا ؟ فالجواب : أنه ليس فى الكتاب والسنة نسبة صفة الروح إلى الله عز وجل ، وبالتالى فالروح ليست من صفات الله عز وجل . وأما تعبير ( روح الله ) فهو كتعبير ( ناقة الله ) و( بيت الله ) فكل هذه مخلوقات أضيفت لله تعالى للتشريف والتكريم . فالروح خلق من مخلوقات الله تعالى ، أضيفت إليه تعالى إضافة ملك وتشريف .
وقد لخصت هذا الجواب من كلام علمائنا على موقع ( الإسلام سؤال وجواب ) ، وسأضع فيما بعد الرابط وكامل الرد إن شاء الله .
والنصارى إذا رأوا المسلم ينكر أن لله روحًا شنعوا عليه وأرهبوه ، يقولون : ما لم يكن لله روح فهو ميت . فنقول : ليس بلازم . وإنما أتى هذا التلازم فى عقول النصارى لأنهم شبهوا الله عز وجل بمخلوقاته ، فلما رأوا مخلوقاته تحيا بالروح وتموت بخروجها ، حسبوا أن الله لا بد له من روح فيه وإلا لم يكن حيًا . وهو تلازم باطل مبنى على التشبيه . والله عز وجل لا يلزم عليه ما يلزم على مخلوقاته ، لأن ذاته سبحانه لا تشبه ذواتهم ، وبالتالى لا يمكن أن تشبه صفاته صفاتهم .
والنصارى يعتمدون فى ذلك على كلام المسيح فى (يوحنا 4/24) : " الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا " . ففهم النصارى النص على حرفيته ، مع أنهم ينكرون دائمًا على المسلمين الحرفية فى فهم نصوص كتبهم ، ففعلوا هنا ما يعيبون به على المسلمين دومًا . مع أن الكلام المنسوب للمسيح ظاهر جدًا فى أنه يكنى ، وهذا واضح صريح من العبارة التى تلت قوله " الله روح " . وهذا واضح أيضًا أيضًا من عبارات أخرى تكلمت عن الروح .
ثم إن النصارى لو أصروا على حرفية فهمهم لهذه العبارة ، فإنها لا تخدمهم ؛ لأنها لا تقول بأن لله روحًا ، وإنما تقول - لو اتبعنا حرفيتهم - بأن الله نفسه هو روح . وفرق كبير بين أن يكون الله روح وبين أن يكون له روح . كما هو الفرق كبير بين أن يكون لله سمع وبين أن يكون هو نفسه سمع . شتان بين التعبيرين .
والنصارى يردون على ذلك بأن الله نفسه هو روح لأنهم يؤمنون بأن الروح القدس هو الله . فنقول لهم : فهل للروح القدس روح أم لا ؟. فإن قالوا : لا . قلنا : يلزمكم ما ألزمتم به المسلمين حين نفوا صفة الروح عن الله . وإن قالوا : للروح القدس روح . قلنا : أولاً أين الدليل ؟ . وثانيًا هل روح الروح القدس هى نفسها روح الآب والابن أم لكل واحد روحه الخاصة به ؟. وثالثًا ما الفرق بين الروحين : الروح القدس وروح الروح القدس ؟. ولماذا جعلتم إحداها هى الله دون الأخرى ؟.
فالحاصل أن العبارة الوحيدة التى اعتمد عليها النصارى فى هذه المسألة لا يمكن أن تؤخذ حرفيًا ، بسبب قرينة السياق الذى أتت فيه ، وبسبب النصوص الأخرى ، وبخاصة من النصارى الذين يرفضون الفهم الحرفى لأى نص من نصوص كتبهم . ثم إن الفهم الحرفى لهذا النص لو قلنا به تنزلاً معهم لا يخدمهم ، بل يوقعهم فى إشكالات كثيرة لا يملكون لها أجوبة . والله أعلم .
هذا الرابط الذى وعدت به من موقع (الإسلام سؤال وجواب) :
http://63.175.194.25/index.php?ln=ar...QR=50774&dgn=4
سؤال رقم 50774:
يجادل نصرانيا ويسأل هل لله روح ؟
السؤال:
أجادل مسيحيا فيقول لي : إن لله روحا . فسؤالي هل لله روح ؟ ( روح كروح الإنسان والملائكة وسائر الخلق ) وهل الروح شئ مخلوق أم ماذا ؟ .
الجواب:
الحمد لله
ليس لأحد أن يصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لا أحد أعلم بالله من الله تعالى ، ولا مخلوق أعلم بخالقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى : ( قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ) البقرة/140. ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) الإسراء/36 .
والروح ليست من صفات الله تعالى ، بل هي خلق من مخلوقات الله تعالى . وأضيفت إلى الله تعالى في بعض النصوص إضافة ملك وتشريف ، فالله خالقها ومالكها ، يقبضها متى شاء ، ويرسلها متى شاء .
فالقول في الروح ، كالقول في (بيت الله) و (ناقة الله) و (عباد الله) و (رسول الله) فكل هذه مخلوقات أضيفت لله تعالى للتشريف والتكريم .
ومن النصوص التي أضيفت فيها الروح إلى الله : قوله تعالى : ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِه ) السجدة/9 . وهذا في حق آدم عليه السلام .
وقال سبحانه وتعالى عن آدم أيضاً : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) الحجر/29 .
وقال تعالى : ( فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً ) مريم/17- 19 .
فالروح هنا هو عبد الله ورسوله جبريل الذي أرسله إلى مريم . وقد أضافه الله إليه في قوله (رُوحَنَا) فالإضافة هنا للتكريم والتشريف ، وهي إضافة مخلوق إلى خالقه سبحانه وتعالى .
وفي حديث الشفاعة الطويل : ( فَيَأْتُونَ مُوسَى ، فَيَقُولُ : لَسْتُ لَهَا ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى ، فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ ) رواه البخاري (7510) ومسلم (193) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له ، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق ، كقوله تعالى (بيت الله) و (ناقة الله) و(عباد الله) بل وكذلك روح الله عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم . ولكن إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره مثل كلام الله وعلم الله ويد الله ونحو ذلك كان صفة له " انتهى من "الجواب الصحيح" (4/414) .
وهذه القاعدة ذكرها شيخ الإسلام في مواضع ، وحاصلها أن المضاف إلى الله نوعان :
1- أعيان قائمة بذاتها ، فهذه الإضافة للتشريف والتكريم ، كبيت الله وناقة الله ، وكذلك الروح ، فإنها ليست صفة ، بل هي عين قائمة بنفسها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب الطويل في وفاة الإنسان وخروج روحه : ( فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ ) ( فَيَأْخُذُهَا (يعني يأخذ ملك الموت الروح ) فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا (يعني الملائكة) فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ ) (وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا ) . انظر روايات الحديث في "أحكام الجنائز" للألباني (ص 198) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ ) رواه مسلم (920) أي : إذا خرجت الروح تبعها البصر ينظر إليها أين تذهب . فهذا كله يدل على أن الروح عين قائمة بنفسها .
2- صفات لا تقوم بنفسها ، بل لا بد لها من موصوف تقوم به ، كالعلم والإرادة والقدرة ، فإذا قيل : علم الله ، وإرادة الله ، فهذا من إضافة الصفة إلى الموصوف .
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب "الروح" :
" المسألة السابعة عشرة : وهي هل الروح قديمة أو محدثة مخلوقة ؟
ثم قال : فهذه مسألة زل فيها عالَمٌ ، وضل فيها طوائف من بنى آدم ، وهدى الله أتباع رسوله فيها للحق المبين ، والصواب المستبين ، فأجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبَّرة ، هذا معلوم بالاضطرار من دين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ، كما يعلم بالاضطرار من دينهم أن العالم حادث ، وأن معاد الأبدان واقع ، وأن الله وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق له " ثم نقل عن الحافظ محمد بن نصر المروزي قوله : " ولا خلاف بين المسلمين أن الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومن سواه من بنى آدم كلها مخلوقة لله ، خلقها وأنشأها وكونها واخترعها ثم أضافها إلى نفسه كما أضاف إليه سائر خلقه قال تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) الجاثـية/13 " انتهى من "الروح" (ص144) .
وربما أشكل على بعض الناس قوله سبحانه في شأن عيسى عليه السلام : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) النساء/171 . فظنوا كما ظنت النصارى أن (مِِْن) للتبعيض ، وأن الروح جزء من الله . والحق أن (مِِْن) هنا لابتداء الغاية ، أي هذه الروح من عند الله ، مبدأها ومنشأها من الله تعالى ، فهو الخالق لها ، والمتصرف فيها .
قال ابن كثير رحمه الله :
" فقوله في الآية والحديث : ( وَرُوحٌ مِنْهُ ) كقوله : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) أي من خلقه ومِنْ عنده ، وليست (مِنْ) للتبعيض كما تقوله النصارى عليهم لعائن الله المتتابعة ، بل هي لابتداء الغاية كما في الآية الأخرى ، وقد قال مجاهد في قوله : (وروح منه) أي ورسول منه ، وقال غيره : ومحبة منه ، والأظهر الأول ، وهو أنه مخلوق من روح مخلوقة . وأضيفت الروح إلى الله على وجه التشريف ، كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله في قوله : ( هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ ) الأعراف/73 ، وفي قوله : ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ) الحج/26 . وكما روي في الحديث الصحيح : ( فأدخل على ربي في داره ) أضافها إليه إضافة تشريف ، وهذا كله من قبيل واحد ونمط واحد " انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/784) .
وقال الألوسي رحمه الله : : حكي أن طبيبا نصرانيا حاذقا للرشيد ناظر على بن الحسين الواقدى المروزى ذات يوم فقال له : إن في كتابكم ما يدل على أن عيسى عليه السلام جزء منه تعالى ، وتلا هذه الآية : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) فقرأ الواقدي قوله تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) الجاثـية/13 . فقال : إذاً يلزم أن يكون جميع الأشياء جزءاً منه سبحانه وتعالى علوا كبيرا ، فانقطع النصراني فأسلم ، وفرح الرشيد فرحا شديدا " .
وقال رحمه الله : " لا حجة للنصارى على شيء مما زعموا في تشريف عيسى عليه السلام بنسبة الروح إليه ؛ إذ لغيره عليه السلام مشاركة له في ذلك ، ففي إنجيل لوقا : قال يسوع لتلاميذه : إن أباكم السماوي يعطي روح القدس الذين يسألونه .
وفى إنجيل متى : إن يوحنا المعمداني امتلأ من روح القدس وهو في بطن أمه .
وفى التوراة : قال الله تعالى لموسى عليه السلام : اختر سبعين من قومك حتى أفيض عليهم من الروح التي عليك .
وفيها في حق يوسف عليه السلام : يقول الملك : هل رأيتم مثل هذا الفتى الذي روح الله تعالى عز وجل حال فيه .
وفيها أيضا : إن روح الله تعالى حلت على دانيال . . . إلى غير ذلك " انتهى من "روح المعاني" (6/25) .
وجاء في إنجيل لوقا (1/41) : ( وامتلأت الياصبات من الروح القدس ) .
وقوله (1/25، 26) : ( وكان في أورشليم رجل صالح تقي اسمه سِمعان ، ينتظر الخلاص لإسرائيل ، والروح القدس كان عليه ، وكان الروح القدس أوحى إليه أنه لا يذوق الموت قبل أن يرى مسيح الرب . فجاء إلى الهيكل بوحي من الروح ) فهذا صريح في أن الروح ملَك يأتي بالوحي ، وصريح أيضا في أن عيسى عليه السلام (مسيح الرب) فهو عبد لله تعالى ، والله هو الذي مسحه ، وجعلها مسيحا .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
المفضلات