بارك الله فيك أخي (مسلم)
وأحب أن أؤيد كلامك وكلام أستاذنا أسد الدين بكلامي والله المستعان ..
فإن هذه الفرية من أشد الأشياء التي تضحك وتبكي في نفس الوقت ، والمضحك فيها أن الذين يفترون على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الطاهر النقي ، يفترون عليه بلا علم وإن علموا ما فعلوا ، وهم حديثي عهد بالعربية ومعانيها .. ومعلوماتهم عن اللغة لا تتعدى صفحات الجرائد التي يقرأون عليها كلمة (هتك عرض) فيفهمونها كما نعلم جميعاً ..
أما المبكي في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أرسله الله برسالة الإسلام هو الذي برأ السيدة مريم عليها السلام مما قالته اليهود عليها (وهي تهمة الزنا والعياذ بالله) ، وهي براءة مذكورة في القرآن الكريم يتلى في أرجاء الأرض إلى يوم القيامة ..
أما عن كلمة هتك العرض وكيف استعملها العرب نورد بعض الجمل التي تحتوي على تلك الكلمة وأن المراد منها ليس كما فهم أصحاب الشبهة .. وإنما كما قيل من أخينا مسلم وأستاذنا أسد الدين هو الخوض في السيرة بما يعيب الشخص ويذمه.
جاء في كتاب (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي) في التعليق على الحديث: عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدة فتخلفه".
فذكر شارح الحديث في شرحه على (لا تمازحه): قال الشارح: " أَيْ مُزَاحًا يُفْضِي إِلَى إِيذَائِهِ مِنْ هَتْكِ الْعِرْضِ وَنَحْوِهِ."
(وأقول : هل يهتك العرض كما جاء في عقولهم بالمزاح؟!!)
وجاء في كتاب (عون المعبود شرح سنن أبي داود) في التعليق على الحديث الآتي: عن عمرو بن الشريد عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي :" الواجد يحل عرضه وعقوبته".
فذكر شارح الحديث في شرحه على (عرضه وعقوبته): قال الشارح: "بِالنَّصْبِ فِيهِمَا عَلَى الْمَفْعُولِيَّة , وَالْمَعْنَى إِذَا مَطَلَ الْغَنِيّ عَنْ قَضَاء دَيْنه يُحِلّ لِلدَّائِنِ أَنْ يُغَلِّظ الْقَوْل عَلَيْهِ وَيُشَدِّد فِي هَتْك عِرْضه وَحُرْمَته , وَكَذَا لِلْقَاضِي التَّغْلِيظ عَلَيْهِ وَحَبْسه تَأْدِيبًا لَهُ لِأَنَّهُ ظَالِم وَالظُّلْم حَرَام وَإِنْ قَلَّ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَمُ."
جاء في كتاب زاد المعاد للعلامة ابن القيم الجوزية:
"وأما اللعان فالزوج هو الذي قذفها وعرضها للعان وهتك عرضها ورماها بالعظيمة وفضحها عند قومها وأهلها ولهذا يجب عليه الحد إذا لم يلاعن فكانت البذاءة به في اللعان أولى من البذاءة بها."
(وأقول: هل يغتصب الرجل زوجته؟!!!)
و جاء فى كتاب (فيض القدير شرح الجامع الصغير) للعلامة المناوي:
"(الريبة) بكسر الراء وسكون المثناة التحتية (في الناس) أي التهمة فيهم لتعلمها وتظهرها (أفسدتهم) أي أوقعتهم في الفساد (أو كدت) أي قاربت أن (تفسدهم) لوقوع بعضهم في بعض بنحو غيبة أو لحصول تهمة لا أصل لها أوهتك عرض ذوي الهيئات المأمور بإقالة عثراتهم وقد يترتب على التفتيش من المفاسد ما يربو على تلك المفسدة التي يراد إزالتها ، والحاصل أن الشارع ناظر إلى الستر مهما أمكن والخطاب لولاة الأمور ومن في معناهم بدليل الخبر الآتي : إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس ، الحديث."
والسياق واضح في جميع الأمثلة بأن القصد من وراء كلمة (هتك عرض) هو الخوص في سيرة الشخص وليس شيئاً آخر!!!
ولذلك لما جاء سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه وهو ينافح عن النبي صلى الله عليه وسلم بأبياتاً من الشعر فقال:
هجوتَ محمدا فأجبتُ عنه *** وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفءٍ *** فشركما لخيركما الفداء
هجوت مباركا برّا حنيفا *** رسول الله شيمته الوفاء
فإن أبي ووالدتي وعرضي *** لعرض محمد منكم وقاء
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المفضلات