

-
فيقولان: إنما نحن فتنة فلا تكفر، أي: لو علمناك هذا العلم وذهبت لتفعل ذلك، فقد كفرت؛ فلا تكفر.
ولذلك من تعلم ذلك فقد تعلم السحر، والحجة قائمة عليه؛ لأن هذا التعلم كفر -والعياذ بالله-
فهل هناك زاجر للمؤمن عن هذا العمل الخبيث أشد وأعظم من الكفر ومن تعلم ذلك؟ قال تعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102] فأصحاب الذنوب -وكلنا مذنبون- يرجى لهم في الآخرة خيرٌ، فيخرج من النار من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، بتيسير الله تبارك وتعالى للشافعين أن يشفعوا فيه؛ فكل هؤلاء مهما ارتكبوا من الأعمال يرجى لهم الخير، أما الكافر أو المشرك فهو الذي لا يرجى له الخير وما له في الآخرة من خلاق؛ وليس له في الآخرة إلا النار، فمن هم هؤلاء؟ إنهم الكفار الذين ارتدوا عن الدين ووقعوا في الشرك المبين -والعياذ بالله-
إذاً: فمن تعلَّم هذا العلم وعلمه وعمل به أو صدق أصحابه فهو داخل في هذا الوعيد الشديد، وقد خسر الدنيا والآخرة، وما له من حيلة إلا أن يستغفر الله تبارك وتعالى ويتوب إليه، ويرجع عما كان يعمل، ويتدارك قبل أن يدركه الأجل ويأتيه الموت، وهو على هذا الكفر العظيم، نسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظنا وإياكم من ذلك.
نصائح وتوجيهات
أولاً: علينا أن نحفظ أبناءنا ونساءنا وأمهاتنا وآباءنا من هذا الداء العظيم الذي انتشر في زماننا هذا؛ لأن كثيراً من الناس ربما ذهب بعض أهله إلى هؤلاء الكهان أو السحرة وهو لا يعلم، فيقعون في الشرك وهم يصلون ويصومون ويحجون ويزكون، وبيوتهم تخلوا من المنكرات وفيهم خير كثير، ولكن لن ينفعهم شيء من ذلك إذا وقعوا في هذا الشرك، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72] أي أن الشرك: يحبط الأعمال ويحرم من دخول الجنة ويستحق صاحبه الخلود في النار؛ وهذا أمر عظيم يجب أن نذكِّر به وألا نمل من التذكير به.
ثانياً: يجب علينا أن نحارب هؤلاء بالإبلاغ عنهم، ومكاتبة الجهات المسئولة حتى نقضي عليهم، سواء كانت الهيئات أو وزارة الصحة، أو أي جهة تستطيع أن تضبطهم وترفعهم إلى من يقيم عليهم حد الله تبارك وتعالى، كما يجب أن يمنع هؤلاء وأن يزجروا لأنهم مادة الكفر وسببه في هذه الأرض والعياذ بالله.
ومما لا شك فيه أن هذا الكفر يكون عظيماً وشنيعاً فكيف إذا كان في بلد مقدس (مكة ، أو المدينة ) فإنه أشد ما يكون في هذا البلد الطاهر المقدس، نسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ بلاد المسلمين ويطهرها منهم.
السحرة وطرقهم في ترويج أكاذيبهم
إن هؤلاء السحرة والكهان لهم شبهات وطرق معروفة لدى كثير من الناس إلا عند بعض العامة وضعاف الإيمان الذين قد تمر عليهم هذه الأكاذيب.
فمن هذه الشبهات: صدقهم في بعض الأخبار، وهي لا تذكر بالنسبة إلى كذبهم، وهذا ما جعل البعض يصدقهم؛ فبعض الناس يقول: أخبرني أن الضالة الفلانية في مكان كذا، وأنه حصل لي كذا...، وهذا حق وصدق. فنقول: هذه شبهة شيطانية باطلة؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرنا أن هذه الفتنة ستقع؛ فقال: {فربما ألقيت الكلمة قبل أن يدركه الشهاب } والشهاب يرسله الله تبارك وتعالى رجوماً للشياطين -حتى يعلم الناس أن ما أنزل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حق وصدق- وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ [الشعراء:210-212].
ولهذا لما وجد الجن (السماء) مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً [الجن:8] أيقنوا وآمنوا؛ وكان ذلك إيحاءً وإرهاصاً ببعثته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولذلك فإن هذا الجني أو الشيطان قد يدركه الشهاب قبل أن يقول الكلمة، وربما لا يدركه إلا بعد أن يقولها، ويلقيها إلى الكاهن؛ يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فيكذب معها مائة كذبة } فهذه كلمة واحدة متيقن منها؛ لأن الشيطان استرق السمع من الملائكة؛ فإذا قضى الله تبارك وتعالى الأمر في السماء وحدث به جبريل، ثم حدث جبريل به من دونه تتحدث به الملائكة أن الله تبارك وتعالى قضى بكذا، فيلتقطه هذا الخبيث (الشيطان) ويهوي به؛ فيهوي الشهاب وراءه فربما ألقاها إلى وليه (الكاهن) قبل أن يدركه الشهاب.
فمثلاً: كانت هذه الكلمة (سيموت فلان أو سيقع كذا) فماذا يحدث؟
يأتي هذا الكاهن المتمرس المتدرب على الكذب فيكذب معها مائة كذبة، وهذه فتنة من الله تبارك وتعالى، - فإذا تاب وقال له الناس: أتذكر ذاك اليوم فيعلم أنه قد وقع في شر أعماله؛ وهناك كثير ممن مَنَّ الله عليهم بالهداية، ففي الفتاوى ذكر شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله أن بعض من هداه الله بَيَّنَ هذه الأكاذيب كلها.
وفي زماننا هذا يذكر أحدهم فيقول: (والله ما كنت كاهناً ولم يلْقِ لي أحد بكلمة؛ لكني رأيت أن بعض الأحيان يقول: أحدهم كلمة فتقع) وهكذا صارت مهنة يتكسب منها فيكذب ويكذب وتقع كلمة مما قاله؛ فيذكر الناس بها ويترك المائة كذبة. فهؤلاء الكهان هم أولياء الشياطين وهذه هي شبهتهم في ادعائهم أنهم يطلعون على أمور الغيب، نسأل الله أن يعافينا وأن يعيذنا منهم.
شبهة السحرة والرد عليها
وأما شبهة السحرة فهم يقولون: (نحن إنما نكتب الآيات ونرقي بالآيات، وليس عندنا شيء إلا القرآن)! وكلهم يقولون ذلك.
أولاً: هذا كذب، لأن هناك فرق بين من يرقي بكتاب الله تبارك وتعالى وبين هؤلاء السحرة؛ فلو أن أحد الناس فتش وقرأ ما يكتبون له؛ لعرف أنهم لا يكتبون قرآناً وآيات فقط، بل إنهم يكتبون، ما لا يفهم معناه، وهذا يدل على أنه الشرك. وهذه الكتابات استغاثات بطواغيت الجن، وفيها خطوط ومربعات ومثلثات أو حروف أو أعداد معينة ثم يقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] فيكون مثل الكاهن ويوهم الناس أنه قرأ قرآناً وآيات؛ ولكن لماذا لا ينظر هؤلاء الناس إلى باقي ما كتب من الطلاسم الشركية.
أما القرآن فيمكن أن يقرأهُ الكافر، بل وحتى المستشرق يمكن أن يستشهد به، لكن ماذا بعده؟ وماذا معه مما لا يفهم معناه؟! فهذا هو الخطأ وهذه هي المصيبة.
فـ(كتب السحر) و(علم السحر) توارثته السحرة من أيام تلك الفتنة (أيام الملكين بـبابل ) إلى الآن، فقد جعلوا فيه الرموز والطلاسم باللغات القديمة -السريانية أو الآرامية أو غير ذلك- والمهم أنها رموز تدل على هذا الشرك.
كيفية الوقاية من السحر
إذاً فما هو الحل وما هو العلاج لهذا الداء؟
أولاً: أن نعرف أن الله تبارك وتعالى غفور رحيم، وأنه أرحم بنا من الأم برضيعها، وأن الله تبارك وتعالى علمنا عداوة الشيطان وأولياءه، فقال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً [فاطر:6] فحذر منه أبانا آدم وحذرنا منه؛ لأن الله تبارك وتعالى يعلم ما له من تأثير حين قال إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف:27] وهو يعلم أنه يزين ويمكر ويوسوس، وله كيد، فهو ذو شأن في هذه الأمور... فهل يترك الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين بلا وقاية؟!
كلا والله، فالله هو الرحيم بعباده المؤمنين، وهو الذي يحفظ أولياءه؛ فهل يتركهم بغير سلاح يقاومون به عدوه الأكبر وحزبه الذين هم أعداء الله؟! لا يمكن أبداً؛ فلننظر إلى رحمة الله تبارك وتعالى وهي أنه (كلما كانت حاجة البشر إلى أمر من الأمور أعظم، كلما جعله الله تبارك وتعالى أيسر وأرخص وأسهل) فمثلاً نحن نحتاج الهواء وكل منا يحتاج أن يتنفس، ولذلك فقد جعل الله تبارك وتعالى الهواء مجاناً، فالحمد لله أنه في كل مكان... ولو كان الهواء يشترى ويباع؛ لما تنفس منه إلا الأغنياء، لكنها حكمة من الله تبارك وتعالى، وكذلك (الماء) فهو ضروري للحياة، وقد جعله الله تبارك وتعالى ميسراً ومجاناً، وإن كان أقل من الهواء لكن المهم أنه موجود وسهل ورخيص، ومثال آخر وهو (الملح) فلو كان الملح في الغلاء مثل الأرز لما سهل علينا الحصول عليه؛ فيمكن أن تأكل أكل اليوم من غير أرز؛ لكن! لا يمكن أن تأكل أكلاً من غير ملح؛ فلشدة الحاجة إلى الملح جعله الله تبارك وتعالى سهلاً وميسوراً ورخيصاً..وهكذا.
فنحن أحوج ما نكون إلى شيءٍ نتحصن به من هذا العدو الخبيث الماكر الذي كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه: {إنه يجري من ابن آدم مجرى الدم } فبالتأكيد أنه لا يليق برحمة الله وبحكمة الله أن يكون المحصن لنا من هذا العدو الخبيث فيه صعوبة، مثلاً: كأن يجتمع الآلاف أو الأمة أو القبيلة أو القرية عند واحد -فقط- يقرءون عليه شيئاً من القرآن؛ ولو كان كذلك لكانت رحمة الله تبارك وتعالى ضيقة، وتعالى الله عن ذلك، لكنه إنما شرع لنا جميعاً ما نتحصن به، وليس كما حدث أيام الكوليرا والحمى الشوكية حينما انتشر التحصين في كل شارع وفي كل مكان وفي الحرم وعند أبواب المساجد وفي المدارس؛ وباء عظيم؛ لكنه ليس أكبر من وباء الشياطين؛ الذي جعل الله تعالى علاجه عاماً ميسوراً وسهلاً ودواءً موجوداً في كل بيت؛ فما هو هذا الدواء؟ (إنه قرآن أو ذكر) فهذا أو ذاك، الكبير والصغير حتى لو لم يقرأ فيمكن أن تعلمه بعض الآيات، والأذكار السهلة الميسورة، التي تقيه وتكون حصناً وحرزاً له من الشيطان، ومنها آية الكرسي، وأذكار أخرى، والأدلة في ذلك كثيرة ومعروفة.
فمثلاً قول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) من الذي لا يستطيع أن يقول ذلك، وقوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وقراءة المعوذتين, وغيرها؛ وقول: {باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء... إلخ } وكذلك {أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق } فهي كثيرة ميسرة -والحمد لله- أيضاً فأيها حفظت وأيها قلت؛ فأنت إلى خير -والحمد لله- ولكثرة طرق هذا العدو ولشدة بأسه علينا فلابد أن يكون هذا السلاح في القلب، لأنه لو أن الجندي -مثلاً- كان في معركة ونام أو غفل عن سلاحه، وداهمه العدو فأسره فسيكون استخراجه من الأسر فيه صعوبة؛ وكذلك الشيطان إذا دخل عن طريق السحر.
ما هو السحر
السحر: هو النفث في العقد قال تعالى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ [الفلق:4] والنفاثات في العقد هن: السواحر؛ لأن الغالب أن الذي يتعاطاه إما نساءٌ من الإنس أو من الجن، وأما قوله تعالى وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:5] فهي العين، فإذا غفل الإنسان عن سلاحه؛ وقع وأصيب بالسحر أو أصيب بالعين وصعب علاجه، وأما الذي لا يغفل عن سلاحه ولا يتركه أبداً، وإنما يتحصن به ويتوكل على الله تبارك وتعالى فلا خوف عليه إنما كان؛ فالله حافظٌ له، لأنه قد عمل بما علَّمه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الشأن، واحتاط به... فإن وقع له بعد ذلك أمر فليعلم أنه ابتلاء من الله تبارك وتعالى.
فكما يبتلى فلان بسرطان -عافانا الله وإياكم- أو بحادث؛ فيموت أو يمرض -أيضاً- يقع الابتلاء بهذه العين، أو بهذا السحر، أو بأي شيء فمن ابتلي بذلك فلا يقنط ولا يجزع، بل يصبر ويتعالج ويحتسب، ولا يجعل هذه الأمور الخفية تذهب به؛ فيضيع إيمانه وتوحيده ويذهب إلى الكهان والمشعوذين والدجالين، -نسأل الله العفو والعافية-.
طرق الشيطان في الإغواء
إن مادة الشرك محسومة ومقطوعة -بفضل الله تبارك وتعالى- بذكر الله تبارك وتعالى، وباليقين في الله تبارك وتعالى، وبمعرفة أن هذا الشيطان الخبيث لا سلطان له على المؤمنين أبداً، كما قال سبحانه: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [النحل:99] فلا سلطان له عليهم ولا يطيقهم، بل يخافهم هو وأولياؤه. فـعمر رضي الله عنه كان إذا سلك فجاً سلك الشيطان فجاً آخر... الله أكبر! لا يمكن أن يلتقي به أبداً!؛ لقوة إيمانه. وهكذا.. فكل من ذكر الله تبارك وتعالى وأكثر من ذكر الله فله نصيب من هذا، ولذلك إذا ذُكر الله خنس الشيطان، وإذا نسي العبد عاد ووسوس -والعياذ بالله- ولكن كيده ضعيف؛ ولهذا يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح لما شكا إليه الصحابة من الوسوسة وما يجدون مما لا يستطيعون الحديث عنه، قال: {الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة } فالشيطان لا يأتي أحداً من الناس ويذهب به ليفعل كذا، إنما هي خواطر تأتي؛ فإذا استعاذ بالله وأعرض عنها ذهبت، ولهذا لا نسترسل معه في أية وسوسة.
فمثلاً: يقول لك: اعمل معصية كذا وذنب كذا، وهذا هين وهذا كذا، وهذا ليس شركاً، وهذه ليست بدعة، وهذه ستستغفر الله تبارك وتعالى منها وتتوب إليه. فكل هذا يجب أن نتوب منه، وأن نحذر وأن نعلم أنه -أي الشيطان- عدونا كما أخبر الله تبارك وتعالى بقوله: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6] فإنه يوم القيامة يتبرأ منا، ويقول: ما دعوتكم ولا أغويتكم كما ذكر الله تبارك وتعالى ذلك في سورة إبراهيم وغيرها.
كانت هذه بعض الجوانب المهمة من جوانب التوحيد، وهناك جوانب أخرى كجانب (التشريع والطاعة والاتباع) نتطرق إليها -إن شاء الله- في وقفات أخرى.
وإن شاء الله تعالى نجيب على جملة من الأسئلة التي تكون نافعة للتحذير من هذه الأمور، وتعين على نشر هذه الدعوة والدين والتوحيد، وكل ما يتعلق بالألوهية يجب أن نجعله أهم وأول ما ينشر في المجتمع، وبعد ذلك تأتي بقية الأوامر والنواهي، نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
كيفية معرفة السحر
السؤال: ما حكم من يذهب إلى هؤلاء السحرة والكهان لغرض إبطال السحر إذا عرفه أو وجده، فيذهب إليهم من أجل أن يتأكد من أن ما وجده سحراً؟
الجواب: لا يذهب إليهم، ومن كان يريد التأكد من أن ذلك سحر أم لا؛ نقول له من الآن: كل ما كان من باب الرموز الكتابية كحروف، أو أعداد، أو مربعات، أو مثلثات، فهو من هذا القبيل؛ فلا تذهب إليهم، لأنه سحر، وزيادة في التأكيد عليه الذهاب إلى أي شيخ من المشايخ ويسأله عما وجده.
أما إذا وجده وعرف أنه سحر فعليه أن يتلفه ليحرق العين التي بها السحر؛ -والمعلوم أنهم -أي السحرة- إنما يفعلون ذلك على شعر من شعر الإنسان، أو شيء من ملابسه الداخلية أو أظفار أو ما أشبه ذلك، مما له علاقة، فينفث فيه -والعياذ بالله- ثم توضع الرقى والعزائم ويُستغاث بغير الله، ويُلفُّ ويوضَعُ في شيء كما فُعل بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مشط ومشاطة.
وأما إتلاف السحر: فإنه تتلف مادته فتدق وتحرق، حتى ينتهى منها، ثم يعالج صاحبها. وبإذن الله تبارك وتعالى لو وضعت لأحد وهو ممن يداوم على ذكر الله -كما ذكرنا-؛ فإنه لا يضره ذلك شيئاً لأن كيدهم ضعيف.
حكم الأبراج وتوقعات مشجعي الكرة
السؤال: ما رأيكم في توقعات مشجعي الكرة حول نتيجة المباراة القادمة، فكل واحد منهم يحدد النتيجة بالتقدير؟ وما حكم الأبراج وما يكتب عنها في الجرائد والمجلات؟
الجواب: أما الأبراج فلا شك أنها كهانة، والعجيب -حتى نعرف أن هذا كذب ودجل- أن المجلة تطبع -أحياناً- مليون عدد، وفيها هذه الأبراج مثل (الثور أو الميزان) فيقرؤها مليون من البشر، فكيف يكونون كلهم في برج واحد؛ فهل ولدوا كلهم في يوم واحد؟! ويقع لهم الشيء نفسه؟! وهذا دليل واضح على أن هذا كذب، وإنما هو ضحك على الناس فقط لتُقرأ وتشترى هذه المجلة، ثم إنها تكون دائماً بكلام عام، فبعضها يقول: (لا يمكن لك أن تقدم على العمل الذي تريد، أو لا تتردد فيما تتوقع) فهو كلام عام يصلح لكل أحد، فيقول أحدهم: فعلاً -والله- قرأت وما ترددت فكان ذلك، وهذا كذب وبهتان -والعياذ بالله- من هذا الشيطان وأوليائه؛ فهذه من الكهانة وكما في الحديث {ومن اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر } فهذه شعبة من الكهانة ومن التنجيم ومن السحر.
أما توقعات المحللين الرياضيين أو المشجعين من أن النتيجة قد تكون (2/3) أو (4/10) أو غير ذلك؛ فهذا يدخل في باب الرجم بالغيب من مكان بعيد، فهم إن ادعوا أن هذه النتيجة عن علم عندهم... دخل ذلك في الكهانة؛ وإن قالوها تقديراً، أي لأن هذا فريق قوي مثلاً وهذا فريق ضعيف فهو رجم بالغيب وهذا كلام باطل، وبعض النوادي وبعض المشجعين، قد تعامل فعلاً مع الكهان ليخبروه بذلك.
وننقل لكم قصة واقعية تماماً نقلها لنا اثنان من الثقات، عن رجل يأتيه الناس وهو ليس بكاهن، ولكنه يتكهن بالكذب فيضحك على الناس.
والقصة هي: أنه تحدث أحدهم إلى رئيس نادٍ من النوادي، فقال له: إذا لم ينتصر الفريق غداً فلك عليَّ كذا وكذا، وأموالكم مرجوعة، وأنا متأكد من ذلك تماماً، وبعد ما وضع السماعة قال: هذا كلام فاضٍ يمتحننا هؤلاء الناس به (عن رأينا في النتائج) ويقول هذا الدجّال: ونحن نريد أن نعيش ونأخذ من هؤلاء، والمشكلة هي إذا لم يصح الخبر فماذا أفعل؟ ثم يقول: لكن هذا سهل ستمر وتنقضي المسألة!
فهم يقولون هذا؛ لأن الشرك يولد الفجور، والفجور يولد بعضه بعضاً؛ فإذا لم تأتِ النتيجة كما توقع، يقول: أكيد أن الفريق الثاني ذهب إلى كاهن آخر له علاقة بملك الجن الأكبر الذي يملك السبع السفلى كلها.
ومعلوم أن حدود السيطرة الشيطانية لا تتعدى إلى هذه الدرجة، فيضحك عليهم بهذا. فأمثال هؤلاء يأكلون الأموال ويوقعون غيرهم في التصديق بأخبارهم الكاذبة؛ فيكذبون على هؤلاء ثم يبحثون عن غيرهم وهكذا...
فوالله أن هذا لا ينبغي ويجب التنبيه عليه دائماً؛ فنسأل الله تبارك وتعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يجنبنا شرور هؤلاء.
حكم شد الرحال إلى المساجد
السؤال: يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد... الحديث }. فكيف نرد بهذا على من يقول: إنه ليس في هذا الحديث دلالة على عدم قصد زيارة قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك قولهم: لو كان قبر أمي في المدينة فهل أسافر لأزور قبرها؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بزيارة القبور، هذا وهو قبر أمي، فكيف بقبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكيف أرد عليه؟
الجواب: هذا الحديث الكلام فيه طويل، لأن أهل البدع أكثروا من تأويله كما أولوا أحاديث الصفات وغيرها، فمعنى الحديث لا تشد الرحال بغرض العبادة والتقرب إلى الله والتعبد له إلا إلى هذه الثلاثة المساجد؛ لما لها من أفضليه؛ أما إذا كنت في مسجد في مدينة ثم ذهبت إلى مسجد آخر في مدينة أخرى غير هذه المساجد الثلاثة، وليس له أي مزية على مسجدك الذي أنت فيه، فلماذا تشد الرحال إليه؟!
وأما إذا شددت الرحال إلى مدينة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو إلى مسجده وهنالك زرت قبره الشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو من أفضل ومن خير ما يزار، وزرت البقيع أيضاً، وزرت شهداء أحد فلا بأس، فالإشكال في نية زيارة القبر، والمشروع أن تنوي زيارة المسجد، وليس زيارة القبر، أما إذا زرت المسجد أو كنت في المدينة فزرت القبر؛ فلا بأس أيضاً.
حكم الحزن على المبتدع إذا مات
السؤال: مات صوفي عندنا فرق قلبي لموته وحزنت لهذا، فهل هذا قدح في توحيدي؟
الجواب: إن كان هذا الذي مات ممن تعلم عنه الشرك؛ فلا تأس على القوم الكافرين؛ فقد قامت عليه الحجة؛ ولكن إذا تألمت أو حزنت أو تحسرت لمجرد الموت لأنه موت، وليس لأن الميت فلان، فهذا من التذكر ومن الاعتبار؛ ومعلوم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه كانوا يعتبرون ويتعظون حتى بجنازة اليهود أو غيرهم فالاعتبار والاتعاظ شيء آخر.
أما أن تحزن له وهو قد كان من الواقعين في الشرك، فلا. وإذا كان من أقربائك وحزنت، فهذا يعني أن الجهة منفصلة، فتكون قد حزنت وتألمت لأنه قريبك، وتحزن لما وقع فيه من شرك وبدع -والعياذ بالله- إذا مات على ذلك؛ وليس لمجرد أنك فقدته فقط، ويمكن أن تحزن لهذا ولا تحزن لذاك، فالناس يرون الحزن ويرون الدمع ولا يدرون لأي شيء هو.
طلب الدعاء من الغير وأحوال الداعي
السؤال: زوجتي مصابة بمرض نفسي، فنطلب منكم ومن الإخوة الأفاضل الدعاء لها بالشفاء؟
الجواب: ينبغي أن لا ينسى بعضنا بعضاً من الدعاء، كلما دعوت الله تبارك وتعالى ورأيت أنك في ساعة إجابة وتوفيق من الله تبارك وتعالى وسددت في الدعاء، فقد تعين به إخوانك المسلمين، من الدعاة والصالحين. والملك يقول لك: آمين ولك مثل ذلك، فادع الله لأخيك منفرداً، وادع الله لأخيك مع دعائك لنفسك، وأنت الرابح إن شاء الله تبارك وتعالى.
ونحن لا نحب -في الحقيقة- أن يعتمد الإنسان على دعاء الآخرين، وهذا مما يجعل بعض العلماء يكره ذلك ويزجر عنه؛ لأن الإنسان قد يتوكل ويعتمد على دعاء الآخرين فلا يدعو الله تبارك وتعالى، فحاله: (يا شيخ: ادع الله لي، أو يا فلان بالله ادع لي) فنقول: أنت أولى وأرجى من يدعو، ونحن ندعو الله تبارك وتعالى جميعاً أن يشفيها ويشفي أمراض المسلمين إنه سميع مجيب، فادعو الله تبارك وتعالى دائماً بهذا.
ولكن تأكد أن صاحب الحاجة والضرورة هو الذي يدعو ويستجاب له قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62] فالمضطر يدعو لأن هذه القضية وهذا المرض في أهله: في أمه في أبيه... فيدعو باضطرار لأن الدعاء بدون ضراعة وانكسار لا يرجى منه الإجابة كالذي يدعو ويشك بالإجابة، فالضراعة والانكسار والذل بين يدي الله، وإظهار الافتقار إليه سبحانه وشدة الحاجة مما يرجى به إجابة الدعاء إن شاء الله تبارك وتعالى.
حكم تأويل الرؤيا والأحلام
السؤال: هل تأويل الرؤى والأحلام من ادعاء الغيب؟
الجواب: لا ليست ادعاءً للغيب، بل هي علم علمه الله تبارك وتعالى لنبيه يوسف عليه السلام ومكنه منه، ويعلمه لمن يشاء وكذلك علمه محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكثير من الصالحين ومن أهل الخير والفضل في هذه الأمة يعبرون الرؤى، ولها موازين ومعايير منضبطة لا مجال الآن لشرحها.
قبول توبة التائب وحكم توبة القاتل
السؤال: يقول الأخ أنت تقول من أتى كاهناً أو عرافاً فقد كفر، فهل لهذا الرجل توبة؟
الجواب: نعم ندعوه إلى التوبة، فكل مذنب مدعو إلى التوبة قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53] هذه الآية في حق التائب، لأن الله يغفر الذنوب جميعاً، ولو كانت شركاً أو كفراً، ولو كان ممن قاتل الأنبياء وقتل من أصحابهم وفعل ما فعل إذا تاب كما حدث لبعض الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما من لقي الله تبارك وتعالى وهو غير تائب، فينطبق عليه قول الله تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] لأنه لم يتب من الشرك، فالله قد يغفر الذنب لمن لم يتب إذا كان دون الشرك.
وحتى القاتل له توبة -وقد فصلنا هذا في شرح الطحاوية في موضوع التوبة- فالصحيح أن القاتل أيضاً له توبة، وأن الله تبارك وتعالى يتجاوز عما كان له من حق، ويتحمل عنه ما للمقتول إذا تاب وصدق في ذلك.
أما من قال من العلماء: إنه لا توبة له، فإنهم إنما نظروا لكون ذلك حقاً للمقتول، فقالوا: هذا حق للمقتول والله -تبارك وتعالى- إنما يعفو ويصفح عن حقه، وهذا مرجوح فإن الله تبارك وتعالى قادر بفضله أن يعفو عما له، وأن يتحمل ما لغيره وأن يرضيه بما يشاء.
حكم وجود وإقامة الكفار في جزيرة العرب
السؤال: ما هو موقفنا من الهندوس الموجودين في هذا البلد؟
الجواب: عندما تقول: في هذا البلد فليس مكة فقط، إنما نعني جزيرة العرب ، كما في الحديث {لا يجتمع في جزيرة العرب دينان } فيجب أن يخرجوا من هذه البلاد الطاهرة ولا نعني مكة ، بل ومن جزيرة العرب كلها- وهي تشمل من أطراف الفرات وبلاد الشام إلى قعر عدن ، ومن الخليج إلى البحر الأحمر ، فكل هذه جزيرة العرب ، ولا يجوز أن يبقى فيها مشرك إلا لضرورة أو عابر سبيل فقط، فقد كان عمر رضي الله عنه يعطيهم ثلاثة أيام، ليبيعوا خارج المدينة ، فيشتري منهم المسلمون ثم ينصرفون، أما الإقامة فلا يجوز لهم ذلك.
حكم الشرك بعلم أو بغير علم
السؤال: تعلم أن الشرك بالله أمر عظيم، وإذا أشرك الإنسان بالله وهو يعلم، فهو خالد مخلد في النار -والعياذ بالله-؛ لكن إذا أشرك بالله وهو لا يعلم فما عقابه؟
الجواب: من أشرك بالله وهو لا يعلم، فالواجب عليه وعلينا أن نقول: كما في الحديث {اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم } فمن وقع في شيء وهو لا يعلم أنه شرك؛ فإن رحمة الله تبارك وتعالى واسعة قال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء:15] فمن حلف بغير الله تبارك وتعالى -مثلاً- وهو لا يعلم أن هذا من الشرك، فإن الله لا يؤاخذه، ولكن عليه أن يتقِ الله تبارك وتعالى وأن يتعلم التوحيد.
فعلينا أن نعلم الناس التوحيد، لأن القضية ليست أن نتناقش: هل يعذر أو لا يعذر؟ أهو جاهل أم لا؟ فإذا صرفنا عن هذا الجدل العقيم، واشتغلنا بدعوة الناس التوحيد وإقامة الحجة، وتركنا أمورهم إلى الله تبارك وتعالى، لكان هذا هو الواجب، وهو الذي فعله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.
حكم مناصرة الكفار على المسلمين
السؤال: إن من نواقض الإسلام معاونة الكفار ومناصرتهم على المسلمين. نريد منكم الشرح المفيد لهذا الناقض؟
الجواب: هذا واضح، وليس فيه شيء، ولا يحتاج إلى شرح، فكون الإنسان معاوناً ومناصراً للمشركين على المؤمنين إما بيده، أو بقلمه، أو لسانه، أو ماله، فهذا واضح، وكلما كانت الراية متميزة؛ كان الحكم أوضح؛ فإذا تميزت راية الإيمان من راية الكفر، وجاء من اختار أن يكون مع أهل الكفر على أهل الإيمان؛ فهذا لا شك أنه أصبح منهم، قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51] والعياذ بالله.
وأما مناصرتهم بدواعي الشهوة وحب الدنيا، كأن ينم إليهم بشيء أو يتجسس إلى الكفار بشيء، أو يتتبع عورات المسلمين لمصلحة يظنها أو ما أشبه ذلك؛ فهذا كما وقع لـحاطب رضي الله عنه، وهذا ذنب عظيم، بلا شك، ولهذا أقر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمر لما قال: {يا رسول الله دعني أضرب عنقه فإنه منافق } فأقر عمر على شدة الإنكار، لكن لم يأذن له بقتله، وجعل المانع شيئاً آخر، قال: {إنه من أهل بدر } إذن فليس المانع أن هذا ليس ذنباً أو أن صاحبه ليس منافقاً أو أن صاحبه لا يستحق العقوبة، بل المانع أمر آخر خارج عن القضية وهو في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم }
توسل الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم
السؤال: إن في أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يتوسلون به (بذاته) ويستغيثون به، وحجتهم حديث الأعمى حيث قال: {اللهم إني أتوسل إليك بنبيك } أي: يا محمد نتوسل بك إلى الله؟
الجواب: الحديث صحيح صححه شَيْخ الإِسْلامِ وغيره، ولكن كيف نفهم هذا الحديث؟ هذا الحديث هو توسل بدعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته وهذا ما يعنيه الرجل.
وللتوضيح نقول: كم كان في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المكفوفين؟ أليسوا كثيراً؟! فلو أن كل أعمى يدعو بهذا الدعاء ثم يرد الله تبارك وتعالى عليه بصره، لكان الدعاء عاماً، لكن لأنه خاص بهذا الرجل، ولأنه خاص بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي حياته فلا يقاس عليه غيره من العميان في هذا الزمان، وهذا من باب أولى.
حكم عدم تحكيم شرع الله مع الاعتقاد بأنه الحق
السؤال: هل يكفر كفراً مخرجاً من الملة من لم يحكم شرع الله، ولو كان يعتقد أن حكم الله هو الحق؟
الجواب: هناك قاعدة عظيمة تنفع الجميع وهي أنه (لا يكفي أن يعتقد الإنسان أن هذا هو الحق، بل لا بد من الانقياد والإذعان والاتباع له) ولو كان الاعتقاد بأن هذا هو الحق يكفي، لكان أهل الكتاب كلهم مؤمنين وفي الجنة؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [البقرة:146] ويقول عن فرعون وقومه: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً [النمل:14] فيمكن لأحدهم أن يحكم ويأمر وينهى ويقتل ويسجن ويفعل كل شيء بأحكام الجاهلية والطاغوت، وإذا كُلّمِ قال: أنا أعتقد في داخل نفسي أن الشريعة حق.
قال شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية: هذا مثل الذي يحارب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أي نبي ويقاتله ويعين أعداءه عليه، وإذا سئل قال: أنا أعلم أنه نبي، فما الفائدة من هذا العلم؟ ولهذا لما جاء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حبران من اليهود وقالا: يا محمد ما هي الآيات التي أنزل الله تبارك وتعالى على موسى وهارون؟! فقرأ عليهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوصايا العشر، فقالا: نشهد إنك نبي، ثم انصرفا، (فشهدا أنه نبي وذهبا) فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ما يمنعكما أن تتبعاني } إذاً: هما شهدا ولكنهما ما أذعنا وما انقادا واستسلما وما دخلا في الدين؛ فلا يكفي أن يقول الإنسان: أشهد أن الشريعة حق، وأن الشريعة رائعة وعظيمة، فمهما قال فلا يمكن أن يدخل في الشريعة حتى ينقاد ويسلم، وهذا مثل أي أحدٍ من المشركين يشهد بصدق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفضله كـأبي طالب الذي قال:
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
فبالرغم أنه قال ذلك، لكن هل هو مؤمن؟ وهو الذي أنزل الله تبارك وتعالى في حقه: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56]، وما ذاك إلا لأنه أقر ولم يذعن، فلا يكفي مجرد الإقرار أو النطق، ولهذا لعلكم -إن شاء الله- تسمحون لي بهذه الفائدة وهي: أنه عندما نقول: الإقرار بالشهادتين شرط الدخول في الإسلام، فماذا نعني بالإقرار؟ الإقرار له معنيان:
الأول: بمعنى: (إنشاء الالتزام والإذعان) وهذا الذي جاء في القرآن، قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران:81] وهذا الإقرار معناه (التزمنا وانقدنا وأذعنا) فإذا جاء هذا الرسول آمنا به.
والإقرار -أيضاً- بمعنى الإخبار عن الحقيقة، وهذا ما يستعمله الفقهاء فمثلاً: إذا ادعى رجل على رجل وقال: لي عنده ألف دينار، فقال له الرجل: أقر أن له عندي ألف دينار، ولكن لا أدفعها له، فهذا الإقرار مجرد إخبار عن الواقع، ولا يستلزم الإذعان، فإذا قال أقر فقط، فإنه يمكن أن يستدرك ويقول: أقر ولكن لا أدفع له ذلك، أو أقر ولكنني قد أديت حقه. إذاً هذا مجرد إخبار عن الواقع.
فالإخبار عن الواقع ليس إيماناً، فلو أن أحداً قال: شرع الله أفضل، والقرآن هو كتاب الله المبين من باب الإخبار عن الواقع -وهو الواقع أصلاً- فلا يؤدي ذلك إلى شيء ولا ينفعه في شيء؛ إلا أن يقوله على سبيل الانقياد له، والإذعان والإيمان به واتباعه.
وانظروا المستشرقين! ما أكثر ما يكتبون أن الإسلام حق، وأن الإسلام عظيم، وأن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحل مشاكل الدنيا جميعاً وهو يشرب فنجان قهوة! فهذا الكلام حق وإخبار عن الواقع، بأن الإسلام يحل مشاكل الإنسانية، وأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حق، لكن! هل ينفعهم هذا ؟! وهل نعدهم بذلك مؤمنين؟ لا ليسوا بمؤمنين.
حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع، وكيفية محاربة مثل هؤلاء
السؤال: هناك إمام مسجد في مكة يعمل أشياء عجيبة، يقول هات فنجان شاي أقرأ لك فيه فيكون أمرك ميسراً؛ ويكتب أوراقاً ويقول: ضعها فوق الباب وربنا سيعطيك سؤالك، إلخ؟
الجواب: هذا الذي ذكرناه سابقاً، هو نفس الكلام.
وأما كونه إماماً فهذا شيء آخر؛ فالأصل أن نصلي خلف كل مسلم مستور الحال، أما من علمنا عنه يقيناً أنه كاهن أو ساحر أو أنه جهمي، أو خارجي، أو رافضي، فمن علم ذلك فإنه يتجنب الصلاة خلفه، بل ربما كانت الصلاة خلفه باطلة، فإذا خرج من الملة، فالصلاة خلفه تكون باطلة، لكن هذا في حق من يعلم ذلك، أما من لم يعلم وصلى خلف إنسان مجهول الحال وسلم ومضى، فصلاته صحيحة؛ وذاك عليه الإثم؛ لكن الواجب ألا يولَّى أحد من هؤلاء الصلاة، وإمامة المسلمين الصغرى، والواجب أن يكون في الجهات المسئولة عن المساجد من ينقب ويفتش ويتأكد من ذلك حتى يكون الأئمة جميعاً كلهم على العقيدة الصحيحة الصافية بإذن الله تبارك وتعالى.
فمن علم ذلك فلا يتعمد الصلاة خلفه، أما من صلى خلفه وهو لا يعلم؛ فهذا أمر آخر، لكن إذا علمت أنه مبتدع، ولا نعني به الذي لم يتلبس بشيء من البدع؛ بل مبتدع بمعنى: أنه على أصل من أصول بدعية؛ فهذا لا تصح ولا تجوز الصلاة خلفه، إلا إذا لم يكن هناك غيره، أما إذا كانت بدعته مغلظة، وتخرج به إلى حد الشرك، (بحيث إن صلاته باطلة)؛ فالصلاة خلفه أيضاً باطلة في حق من علم ذلك، فإذا كان في بلد بعيدة، وليس أمامه إلا أن يصلي في البيت أو خلف هؤلاء المشركين؛ فليصل في البيت، لكن -الحمد لله- في أغلب بلاد الإسلام تجد من تصلي خلفه وتطمئن إليه بإذن الله تبارك وتعالى، وينبغي الإبلاغ عن هؤلاء.
أما الوسائل التي نستطيع بها محاربة هؤلاء في هذا الوقت:
فمنها: نشر التوحيد، وإحياء السنة، والدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وبيان خطر الشرك ونواقض الشهادتين وغير ذلك، وبكل الوسائل الممكنة لدينا -وهذا أعظم ما يحارب به هؤلاء- ومن ذلك التبليغ عنهم أيضاً ورفعهم إلى المحاكم لتحكم فيهم بحكم الله.
حكم الخوف من السحرة والكهان
السؤال: بعض الناس إذا قلت له: تعال لنشتكي هذا الساحر وهذا الكاهن، تجده يخاف أن يصيبه أذى من السحر أو من الجن، فماذا تقول لهؤلاء؟
الجواب: هذا الخوف هو من الشرك -والعياذ بالله- قال تعالى: فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175] فيجب علينا ألا نخاف إلا الله، وأن نحذر من هذا الشرك -كما ذكرنا-.
جهل الناس بالسحرة وخطرهم
السؤال: يوجد في قريتنا رجل يخرج الجن، وجميع أهل القرية يذهبون إليه، فتتوافد إليه الجموع من القرية ومن القرى الأخرى، فهم يقطعون المفاوز البعيدة لكي يذهبون إليه، ويحترمونه ولا يسمحون لأحد أن يتكلم عليه، وإذا سبه أحد يقولون: إنه سوف يضرك. والعجيب أن له نتائج في علاج المصابين بالجن! ومن العجائب أنه إذا كانت المريضة فتاة مصابة بالجن؛ فإنه يأخذها عنده حتى تشفى من المرض بدون محرم؟!
الجواب: قد يوجد ذلك ويسكت عنه، وهكذا المجرمون وقطاع الطريق إلى الله، ليس لهم في الآخرة من خلاق، فيتمتعون في الحياة الدنيا بالحلال والحرام؛ فيأكلون المال الباطل بهذا العمل الباطل والمحرم، ويرتكبون الفواحش والموبقات، ويقولون: نحن أولياء الله. والمصيبة أنهم ليسوا مثل قاطع الطريق الحقيقي، الذي يقف على طريق المسلمين بسلاحه، وربما انتهك الحرمات أو أكل الأموال؛ فهذا مجرم واضح. بل المشكلة أنه بالرغم من الأفعال يدعي الولاية، بل ويعظمه الناس ويخافونه. ونحن نتكلم عن مثل هذه الحالة، وليس عن أي إنسان يقرأ ويرقي بالرقى الشرعية.
قبول توبة الساحر
السؤال: هل يستتاب الساحر وتقبل توبته؟
الجواب: الصحيح أن كل مذنب تقبل توبته، وأنه يُدعى إلى التوبة، لكن قال بعض العلماء: إن مثل الزنديق، أو الساحر أو غيرهم لا ندري كيف يتوبون؛ لأن الزنديق هو المنافق في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو يقول: أنا مؤمن وكذلك الساحر لأنه أمر خفي، فقالوا: لأجل ذلك وحسماً لمادة هذا الفساد في الأرض! فإنه يقتل ولا تقبل توبته في أحكام الدنيا، أما عند الله فكل من تاب من ذنب فإن الله تبارك وتعالى يقبله كائناً ما كان ذنبه.
حكم الفتوى بغير علم
السؤال: ما حكم الفتوى على الله تبارك وتعالى بغير علم؟
الجواب: هذه كثيرة في كل مكان، ولا يجوز لأحد أن يفتي على الله بغير علم، فلا يفتى بجواز تقصير اللحية أو بجواز إطالة الثوب أو بجواز الكشف على غير المحارم، فليتق الله تبارك وتعالى ولا يتحمل آثام الناس.
التحذير من الكتب المشبوهه
السؤال: هذا سؤال طويل، لكن مضمونه يقول: إن هناك كتباً مؤلفة حديثاً وحتى قديماً، تنتشر في المكتبات، تبرر للصوفية عملهم، وكذلك جميع المشعوذين وأن بعض أعلام السلف كانوا متصوفين... إلخ؟
الجواب: هذه مما يجب أن تحارب وينبه عليها. فأما ما كان تصوفاً محضاً وغلب شره، فهذا يمنع بالكلية، وأما ما كان فيه خير -كما في حلية الأولياء - ففيه خير وأحاديث نافعة عظيمة، ولكن فيه خبط من هذا القبيل، فهذا ينبه كل طالب علم أو كل مشترٍ له؛ بأن هذا الكتاب ليس كل ما فيه من الأحاديث المرفوعة صحيحاً، ولا ما يذكر فيه عن التصوف وغيره.
حكم تعلم السحر
السؤال: ما حكم من يتعلم السحر ولا يضر به أحداً ولا يعمل به؟
الجواب: ما الفائدة من ذلك؟ ولكن -على كل حال- فتعلمه كفر، فإذا قيل: وإن لم يضر أحداً؟ نقول: نعم فإنه يوجد كفار يضرون أنفسهم فقط، ويوجد كفار يضرون غيرهم، فلا ينفعه إذا فعل الكفر أن يقول: لا أضر به أحد!
التحذير من قصيدة البردة
السؤال: توجد مكتبة دينية في الطائف تبيع شريطاً فيه قصيدة البردة للبوصيري ؟
الجواب: نسأل الله تبارك وتعالى العفو والعافية، هذه لما فيها من شرك، لا يسمح أن تباع، لا في الطائف ولا في غيرها.
حكم كره الكافر
السؤال: هل يجوز للمسلم أن يكره الكافر؟
الجواب: يجب كره الكفار، فهؤلاء أعداء الله تبارك وتعالى قال تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة:22] فلا يمكن أن يجتمع الإيمان ومحبة الكفار أبداً -إن كان هذا قصد السائل.
الزهد في حضور مجالس العلم والحث على حضورها
البسؤال: يقام في هذا المسجد ثلاثة دروس، للشيخ الذبيان والشيخ المحيميد والشيخ الرقيمان ، ولكن الحضور قليل وغير مشجع.
الجواب: هذا لا يصح ولا ينبغي بارك الله فيكم، أكرموا من أكرمنا وفرغ وقته، وجاء ليعلمنا الخير، وكثروا سواد المسلمين، ولو كان ما يقال ربما لا جديد فيه أحياناً لكن ثقوا أن مثل هذه الدروس فيها خير وفيها بركة، فاحضروا وشجعوا على الحضور، وخذوا من أقربائكم وجيرانكم في الحي، ومن زملائكم في العمل لحضور هذه الدروس، وحثوهم وكثروا بهم مثل هذه الحلقات المفيدة بإذن الله تبارك وتعالى.
حكم كتابة المحو
السؤال: يسأل عن كتابة المحو وحكمه؟
الجواب: المحو هذا تكتب آياته وتوضع في الجسم أو غيره، وقد ورد عن بعض السلف ، ولكنني ما وجدت له دليلاً يسوغه؛ ولا سيما وقد كثر إرفاقه كما أشرنا بالطلسمات والسحر وما أشبه ذلك، ويغني عنه والحمد لله، النفث في الماء وشربه، وأنا لا أرى إلا العدول عنه، وهو مثل تعليق القرآن وغيره، ولو جاء عن بعض السلف ، فالأصل أن تسد الذرائع في هذا الباب.
المنكر الذي يفعل عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم والواجب نحوه
السؤال: يقول الأخ رأينا في المسجد النبوي عند قبر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض الأمور الشركية، فهل ننكر على هؤلاء؟
الجواب: يجب أن ننكر الشرك في أي مكان، ولكن بالأسلوب المناسب للزمان والمكان، وما يفعل عند قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو في الحقيقة منكر عظيم، ويجب أن يتعاون الجميع على إنكاره، صاحب السلطة بسلطته، وصاحب العلم بعلمه، وصاحب النصيحة بنصيحته، لأنه يأتي بعض الناس -جهلاً منهم أو وقوعاً في الشرك عن عمد- فيستدبرون الكعبة ويستقبلون القبر، ويقولون: يا رسول الله! فيدعون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويتخذونه إلهاً من دون الله، وهذا لا شك أنه شرك، وهو أعظم ما ينكر، بل هو المنكر الأكبر، فإذا كنا خير أمة أخرجت للناس، وأمرنا الله تبارك وتعالى أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، فأكبر المنكرات التي يجب أن ننكرها هو مثل هذا.
حكم الذبح لغير الله
السؤال: بين الناس عادة، وهي أنهم إذا قطعوا شجرة يذبحون شاة، ويضعون الفرث على مقطع الشجرة، وإذا قطع أحدهم شجر سدرة أو أي شجر يذبح، أو إذا ذهب إلى مكان قالوا: إذا نزلت إلى مكان تفتتح يجب أن تذبح حتى تكتفي من شر الجن؟
الجواب: نعوذ بالله! هذا ذبح لغير الله وهو شرك، والله تعالى يقول: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163] ويقول: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] فمن ذبح لغير الله تبارك وتعالى فقد أشرك.
جواز علم الأرصاد وشروطه
السؤال: هناك رجل عنده علم في النجوم وأمور الرياح، فما رأيكم في ذلك؟
الجواب: إن كان هذا فيما يتعلق بالأرصاد، ومعرفة النجوم من جهة السنن الكونية التي جعلها الله تبارك وتعالى، كمعرفة أنه في هذه الأيام تهب الرياح ويشتد البرد، وينتج هذا نوع من الفواكه ولا ينتج النوع الآخر، فهذا قد علم بالتجربة من خلال تعاقب هذه الفصول سنين طويلة، فهذا لا يدخل في التنجيم ولا في الكهانة، ولكن يجب أن يقرن بقول: (إن شاء الله) أو (بإذن الله) أو ينسب إلى الله فيقال: إن الله تبارك وتعالى يجعل هذا الفصل أو الشهر أو هذه النجوم إذا طلعت علامة لكذا، ولوقوع أو لنضج كذا، فهذا إذا نسب الفعل إلى الله تبارك وتعالى انتفى بذلك الحرج.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتقبل مني ومنكم، وأن ينفعنا بما نسمع وما نقول، وأن يتولانا في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب.
-
دمعة تائب - دكتور ابراهيم الدويش
من اروع الشرايط التى سمعتها
وقد سمعها من قبلى الملايين
فهل من متبرع بتفريغها لنا
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...&lesson_id=250
نورة .. مارايك ؟
اما هذا فلكى ابنة الزهراء اسمعيها ولخصيها
لا تقنطوا من رحمة الله
سعيد بن مسفر
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...&lesson_id=416
وهذا
تعالوا نتعاتب .. رائع
http://www.islamway.com/bindex.php?s...&scholar_id=19
هل من مشمر ؟
تحياتى
التعديل الأخير تم بواسطة نسيبة بنت كعب ; 28-07-2005 الساعة 05:54 PM
-
مشاركة: ساهموا يا احبة : دروس ومحاضرات مفرغة !
[align=right]
محاضرة بعنوان : غثاء الألسنة
لفضيلة الشيخ : إبراهيم الدويش
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .... أما بعد ..أحبتي في الله ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... هذه محاضرة بعنوان " غثاء الألسنة ".
والغثاء بالمد والضم : ما يجيء فوق السيل مما يحمله من الزبد والوسخ وغيره , وغثاء الألسنة من أراذل الناس وسقطهم , والغث هو الرديء من كل شيء، وغث حديث القوم أي فسد وردئ , وأغث فلان في الحديث أي جاء بكلام غث لا معنى له.
وما أكثر الكلام الفاسد الذي يدور في مجالس المسلمين أياً كانوا , كباراً أم صغاراً , رجالاً أو نساءً , إن غثاء الألسنة اليوم يزكم الأنوف ويصم الأذان ويصيبك بالدوار والغثيان , وأنت تسمع حديث المجالس اليوم لا نقول ذلك في مجالس العامة ودهماء الناس فقط , بل وللأسف وأقولها بكل أسى حتى في مجالس الصالحين ومجالس المعلمين والمتعلمين.
غثاء الألسنة في الكذب والغش والخداع والنفاق.
غثاء الألسنة في الغيبة والنميمة والقيل والقال.
غثاء الألسنة في أعراض الصالحين والمصلحين والدعاة والعلماء في الوقت الذي سلم فيه أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والرافضين والمنافقين.
غثاء الألسنة في التدليس والتلبيس وتزييف الحقائق وتقليب الأمور.
غثاء الألسنة في التجريح والهمز واللمز وسوء الظن.
غثاء الألسنة في الدخول في المقاصد والنيات وفقه الباطن.
غثاء الألسنة في كل ما تحمله هذه الكلمة من غثائيةٍ وغث وغثيثٍ وغثيان , وما هي النتيجة ؟
النتيجة هي بث الوهن والفرقة والخصام والتنازع بين المسلمين وقطع الطريق على العاملين , وإخماد العزائم بالقيل والقال , إنك ما إن ترى الرجل حسن المظهر و سيماه الخير وقد تمسك بالسنة في ظاهره إلا وتقع الهيبة في قلبك والاحترام والتقدير في نفسك , وما أن يتكلم فيجرح فلان ويعرّض بعلان و ينتقص عمراً ويصنف زيداً , إلا وتنـزع مهابته من قلبك ويسقط من عينيك وإن كان حقاً ما يقول , وإن كان صادقاً فيه فلا حاجة شرعية دعت لذلك , وإن دعت الحاجة فبالضوابط الشرعية والقواعد الحديثية.
فإن لم تعلمها أخي المسلم فلا أستطيع أن أقول إلا "أمسك عليك لسانك" , إن المصنفات في الجرح والتعديل مئات المجلدات , لكن اقرأ فيها وتمعن فيها , وكيف كان الجرح فيها ؟ فشتان بين الجرحين .
لقد كان خوف الله عز وجل ميزاناً دقيقاً لألسنتهم رحمهم الله تعالى,وكان هدفهم هو تمييز صحيح السنة من سقيمها, ولكن ما هو الهدف اليوم ؟
نعوذ بالله من الهوى ومن الحسد ومن الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق.
أيها الأخ المسلم .. إلى متى ونحن نجهل أو نتجاهل أو نغفل أو نتغافل عن خطورة هذا اللسان ؟ مهما كان صلاحك ومهما كانت عبادتك ومهما كان خيرك ومهما كان علمك ومهما كانت نيتك ومهما كان قصدك.
فرحم الله ابن القيم رحمة واسعة يوم أن قال في "الجواب الكافي " :
(من العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والسرقة وشرب الخمر والنظر المحرم وغير ذلك , ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه !! حتى ترى الرجل يُشار إليه بالدين والزهد والعبادة وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً , يزل بالكلمة الواحدة أبعد مما بين المشرق والمغرب والعياذ بالله).
وقال أيضاً في الكتاب نفسه :
( إن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها , ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله تعالى وما اتصل به ).
وما أجمل ذلك الكلام !! ولذلك أقول أيها الأخ الحبيب احذر لسانك وانتبه للسانك واحبس لسانك وأمسك عليك لسانك وهو جزء من حديث نبوي أخرجه الترمذي في سننه وأحمد في مسنده وابن المبارك والطبراني وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال :
( قلت : يا رسول الله ما النجاة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " املك عليك لسانك وليسعك بيتك وابكِ على خطيئتك " وفي لفظ : " أمسك عليك لسانك ) والحديث صحيح بشواهده.
وأنا هنا لا أدعوك للعزلة وإنما أقول أمسك عليك لسانك إلا من خير , كما في الحديث الآخر:
( فإن لم تطق فكف لسانك إلا من خير) والحديث رواه أحمد وابن حبان وغيرهما .
وحفظ اللسان على الناس أشد من حفظ الدراهم والدنانير كما يقول محمد بن واسع رحمه الله تعالى , ولأن كثرة الكلام تذهب بالوقار ومن كثر كلامه كثر سقطه ولأننا نرى الناس قد أطلقوا العنان لألسنتهم فأصبح ذلك اللسان سلاحاً لبث الفرقة والنـزاع والخصام وفي مجالات الحياة كلها وبين النساء والرجال على السواء ولكثرة الجلسات والدوريات والاستراحات , ولأن الكلام فاكهة هذه الجلسات , كان لا بد من وضع ضابط ولا بد من تحذيرٍ وتذكيرٍ للناس في مثل هذه الجلسات ولأنك ستسمع الكثير إن شاء الله من الأسباب التي جعلتني أختار مثل هذا الموضوع من خلال هذه العناصر :
- خطر اللسان.
- أدلة من السنة والكتاب.
- السلف الصالح مع اللسان.
- صور من الواقع.
- النتيجة النهائية.
واسمع قبل ذلك كلاماً جميلاً جداً للإمام النووي رحمه الله في كتاب الأذكار يوم أن قال فصل:
( اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلام تظهر المصلحة فيه ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة ). انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
اسمع للفقه، اسمع لفقههم رحمهم الله تعالى " ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة " يعني كان قول الكلام أو تركه بمصلحةٍ واحدة، فالسنة الإمساك عنه لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه , بل هذا كثير وغالباً في العادة والسلامة لا يعدلها شيء.
خطر اللسان :- أدلة من الكتاب والسنة :
هل قرأت القرآن ومرّ بك قوله عز وجل : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (قّ:18) هل تفكرت في هذه الآية ؟ إنها الضابط الشرعي ( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (قّ:37). أسمعت أيها الإنسان ؟ أسمعت أيها المسكين ؟ إنها رقابة شديدة دقيقة رهيبة تطبق عليك إطباقاً شاملاً كاملاً , لا تـُغفل من أمرك دقيقاً ولا جليلاً , ولا تفارقك كثيراً ولا قليلاً , كل نفَس معدود , وكل هاجسة معلومة وكل لفظ مكتوب وكل حركة محسوبة في كل وقت وكل حال وفي أي مكان , عندها قل ما شئت وحدث بما شئت وتكلم بمن شئت ولكن اعلم أن هناك من يراقبك , اعلم أن هناك من يسجل وأنه يعد عليك الألفاظ :
( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيد * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (قّ:17- 18). إنها تعنيك أيها الإنسان إنها تعنيك أنت أيها المسلم , ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) هذه الآيات والله إنها لتهز النفس هزاً وترجها رجاً وتثير فيها رعشة الخوف,الخوف من الله عز وجل , قال ابن عباس :
( يكتب كل ما تكلم به من خير وشر حتى أنه ليكتب قولك : أكلتُ , شربتُ , ذهبت, جئت, رأيت .. حتى إذا كان يوم الخميس عُرض قوله وعمله فأقِر منه ما كان من خير وشر وألقي سائره ).
واسمع للآيات من كتاب الله عز وجل تقرع سمعك وتهز قلبك إن كان قلباً مؤمناً يخاف الله عز وجل:
( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) (الانفطار: 12) ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (الأحزاب:58). ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الاسراء:36). ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النور:24). وأخيرا قوله تعالى: ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) (الفجر:14). فربك راصد ومسجل لكلماتك ولا يضيع عند الله شيء.
أما أنت أيها المؤمن , أما أنت يا من يقال عنك ويدور عنك الحديث في المجالس , أما أنت أيها المظلوم فإن لك بهذه الآية تطميناً فلا تخف ولا تجزع فإن ربك بالمرصاد لمن أطلقوا العنان لألسنتهم في أعراض العباد , بالمرصاد للطغيان والفساد والشر , فلا تجزع بعد ذلك أيها الأخ الحبيب.
ولتـزداد بيّنة في خطر هذا اللسان الذي بين لحييك فاسمع لهذه الأحاديث باختصار:
فعن بلال بن حارث المزني رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه , وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة )." والعياذ بالله .. والحديث أخرجه البخاري.
وكان علقمة يقول :( كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث)، أي هذا الحديث، اسمع لحرصهم رضي الله عنهم وأرضاهم، كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره فأين أنت يا علقمة من الذين يلقون الكلمات على عواهلها فلا يحسبون لها حساباً , كم نلقي أيها الأحبة , كم نلقي أيها المسلم من كلمات نظن أنها ذهبت أدراج الرياح وهي عند ربك في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى فاحسب لهذا الأمر حسابه حتى تعلم أن كل كلمة مسجلة عليك أيها الأخ الحبيب.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق) والحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وفي رواية مسلم ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب).
أسألك العفو يا إلهي .. إن شغلنا الشاغل في مجالسنا اليوم أيها الأحبة هو بث الكلمات ونشر الشائعات وكم من كلمة قصمت ظهر صاحبها وهو لا يعلم , ولا شك أن فساد المجالس بسبب قلة العلم والاطلاع , إذ لو وُجد أو أوجد هذا العلم لاستغلت المجالس أحسن استغلال ولسمعت النكت العلمية والفوائد الشرعية والمسائل الفقهية بدلاً عن القيل والقال والغرائب والعجائب ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.
وهذا أثر من آثار الجهل الذي يتفشى اليوم بين كثير من الناس , إسهال فكري وإسهال كلامي أصاب مجالس المسلمين اليوم إنك تجلس الكثير من المجالس وربما لم يمر عليك يوم من الأيام وليلة من الليالي إلا وجلست مجلساً فبماذا خرجت من هذه المجالس؟
ما هي النتيجة ؟
ما هي الثمرة من هذه المجالس التي جلستها ؟
أيها الأخ الحبيب , لا شك أن هذا أثر من آثار الجهل الذي يتفشى في صفوف المسلمين اليوم وقلة البركة حيث أصبح العلم مصدر رزق الكثير من الناس ولذلك تجد في المجلس الواحد عشرات المدرسين والمتعلمين ومع ذلك يذهب المجلس هباءً بدون فائدة , بل ربما ذهب والعياذ بالله بالآثام وجمع السيئات.
وفي حديث معاذ الطويل قال رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟" قال معاذ : بلى يا رسول الله , فأخذ بلسانه ثم قال).
انظر الوصية .. أخذ بلسانه ثم قال :
( "كف عليك هذا" قلت : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟)
بعض الناس قد يجهل أنه سيؤاخذ بكل كلمة تكلم بها سواءً خير أو شر.
(وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟" قال النبي صلى الله عليه وسلم :"ثكلتك أمك يا معاذ , وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟" والحديث أخرجه الترمذي في سننه وقال حسن صحيح.
وفي حديث سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة) والحديث أخرجه البخاري في صحيحه.
وفي آخر حديث سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال في آخره :( قلت يا رسول الله , ما أخوف ما تخاف عليّ ؟ فأخذ بلسان نفسه وقال :"هذا" ) والحديث أخرجه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده والترمذي في سننه وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
ثم يوجه المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمته تلك القاعدة الشرعية والمعيار الدقيق ولمن اختلطت عليه الأوراق وليقطع الشك باليقين وليسلم من الحيرة والتردد فيقول كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).
قاعدة شرعية تربوية منهجية نبوية ميزان معيار دقيق لك أيها المسلم ولكِ أيتها المسلمة يوم تجلس مجلساً "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" انظر للتربية ربط هذه القلوب باليوم الآخر "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" .. ولأن النفوس اليوم غفلت عن اليوم الآخر وتعلقت بالدنيا وشهواتها ولذاتها غفلت عن هذه القاعدة الشرعية النبوية ونسيت الحساب والعذاب ونسيت الجنة والنار وغفلت عنها .. وبالتالي انطلق اللسان يفري في لحوم العباد فرياً بدون ضوابط وبدون خوفٍ ولا وجل .. لماذا هذه القاعدة ؟
لأنه لا يصح أبداً أن يؤذي المسلم إخوانه بلسانه ولأن المسلم الصادق المحب الناصح هو من سلم المسلمون من لسانه ويده (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) كما في حديث أبي موسى الأشعري المتفق عليه.
والأحاديث في الباب كثيرة مستفيضة.
وكم نحن بحاجة لمن يردد هذه الأحاديث على مسامع الناس , كم نحن بحاجة أيها الأخيار , يا طلبة العلم , أيها الصالحون , كم نحن بحاجة أيتها الصالحات , يا أيتها القانتات الخائفات العابدات الساجدات , كم نحن بحاجة إلى من يردد على المسلمين والمسلمات أمثال هذه الأحاديث ليتذكروها ويعوها وليفهموها جيداً , حتى تتذكر النفس كلما أراد اللسان أن ينطلق بكلمة يحسب لها حسابها قبل أن يخرج لسانه بهذه الكلمات.
واسمع لرواة هذه الأحاديث من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم يوم أن سمعوها علماً وعملاً وامتثالاً للمصادر الشرعية "الكتاب والسنة" .. وإليك الأدلة من حياتهم العملية رضوان الله عليهم.
السلف الصالح مع اللسان :
أسوق إليك أيها الأخ الحبيب مواقف قليلة جداً عن حال السلف مع ألسنتهم:
ذكر الإمام مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه دخل على أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه وهو يجبذ لسانه أي يجره بشدة، فقال عمر: ( مَـه !! غفر الله لك " فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه : "إن هذا أوردني الموارد"). من القائل ؟ الرجل الأول بعد الأنبياء والرسل رضي الله عنه وأرضاه , القائل أبو بكر , انظر إلى حرصه على لسانه رضي الله عنه وأرضاه ..
قال رجل : رأيت ابن عباس آخذاً بثمرة لسانه وهو يقول: ( ويحك , قل خيراً تغنم واسكت عن شرٍ تسلم. قال : فقال له الرجل : يا ابن عباس , مالي أراك آخذاً بثمرة لسانك وتقول كذا وكذا ؟ .. قال ابن عباس : بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو على شيءٍ أحنق منه على لسانه، يعني لا يغضب على شيءٍ من جوارحه أشد من غضبه على لسانه)، والأثر أخرجه ابن المبارك وأحمد وأبو نعيم وأيضاً أخرجه أحمد في كتاب الزهد , والمتن بجميع طرقه حسن والله أعلم.
وقال عبد الله بن أبي زكريا: ( عالجت الصمت عشرين سنة – انظر للحساب .. انظر محاسبة النفس – عالجت الصمت عشرين سنة فلم أقدر منه على ما أريد )، وكان لا يدع يعاتب في مجلسه أحد , ويقول : ( إن ذكرتم الله أعنـّاكم , وإن ذكرتم الناس تركناكم )، انظر للضابط " إن ذكرتم الله أعناكم وإن ذكرتم الناس تركناكم.
وكان طاووس بن كيسان رضي الله عنه يعتذر من طول السكوت ويقول: ( إني جربت لساني فوجدته لئيماً راضعاً). هؤلاء هم رضي الله عنهم .. فماذا نقول نحن عن ألسنتنا ؟!
وذكر هناد ابن السري في كتابه الزهد بسنده إلى الحسن أنه قال : ( يخشون أن يكون قولنا "حميد الطويل" غيبة لأنهم بينوه ونسبوه أنه طويل ). حميد الطويل يخشون أن تكون غيبة, رحمة الله عليهم أجمعين.
وأخرج وكيع في الزهد وأبو نعيم في الحلية من طريق جرير بن حازم قال : ( ذكر ابن سيرين رجلاً فقال : ذلك الرجل الأسود .. يريد أن يعرّفه .. ثم قال : أستغفر الله , إني أراني قد اغتبته).
وكان عبد الله بن وهب رحمه الله يقول : ( نذرت أني كلما اغتبت إنساناً أن أصوم يوماً فأجهدني – يعني تعبت – فكنت أغتاب وأصوم أغتاب وأصوم .. فنويت أني كلما اغتبت إنساناً أن أتصدق بدرهم، فمن حب الدراهم تركت الغيبة)، جرب هذا , كلما اغتبت أحداً أو ذكرته بسوءٍ فادفع ولو ريالاً واحداً .. الله أعلم بحالنا .. في آخر الشهر لن يبقى من الراتب ولو ريال واحد .. لأنا أعرف بأنفسنا في المجالس أيها الأحبة، والله المستعان !
قال النووي في الأذكار : بلغنا أن قس بن ساعدة وأكثم بن صيفي اجتمعا , فقال أحدهما لصاحبه : (كم وجدت في ابن آدم من العيوب ؟ فقال : هي أكثر من أن تحصى , والذي أحصيته ثمانية آلاف عيب, فوجدت خصلة إن استعملتها سترت العيوب كلها .. قال : ما هي ؟ قال : حفظ اللسان !!)
قال إبراهيم التيمي : (أخبرني من صحب الربيع بن خثيم عشرين عاماً ما سمع منه كلمة تعاب).
وقيل للربيع : ( ألا تذم الناس ؟ قال : والله إني ما أنا عن نفسي براضٍ فأذم الناس ؟ إن الناس خافوا الله على ذنوب الناس , وأمنوه على ذنوبهم)، وصدق رحمه الله , صدق.
ألا ترون أيها الأحبة في مجالسنا نقول : نخشى عذاب الله من فعل فلان , ونخاف من عقاب الله من قول علان , ولا نخشى الله من قولنا وفعلنا .. وهذا ظاهر في مجالسنا نقول : نخشى من عذاب الله من عمل فلان وعلان , ولكننا ننسى أن نخاف على أنفسنا من عذاب الله من ذنوبنا وأفعالنا وأقوالنا.
ارجع لنفسك وانظر لعيوبها قبل أن تنظر لعيوب الآخرين وتتكلم فيهم.
وقال حماد بن زيد : ( بلغني أن محمد بن واسع كان في مجلس فتكلم رجل فأكثر الكلام , فقال له محمد : ما على أحدهم لو سكت فتنقى وتوقى). أي اختار كلماته وحسب لها حسابها.
وقال بكر بن المنير سمعت أبا عبد الله البخاري يقول ( أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً )، اسمع للثقة، والبخاري له كتب في الجرح والتعديل، ويقول الذهبي في السير معلقاً على قول البخاري هذا :( صدق رحمه الله .. ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس وإنصافه في من يضعفه فإن أكثر ما يقول – يعني أشد ما يقول البخاري إذا أراد أن يجرح رجلاً – يقول : منكر الحديث , سكتوا عنه , فيه نظر , ونحو هذا، وقلّ أن يقول فلان كذاب , أو كان يضع الحديث ,حتى أنه قال : إذا قلت "فلان في حديثه نظر" فهو متهم واهن , وهذا معنى قوله " لا يحاسبني الله أني اغتبت أحداً " وهذا هو والله غاية الورع ) انتهى كلام الذهبي.
هذا موقف السلف الصالح رضوان الله عليهم مع اللسان , والآن تعال إلى صورٍ من الواقع وهي عبارة عن مواقف مبعثرة وأحداثٍ متعددة تتكرر في مجالسنا كثيراً , اخترت منها عشرة مشاهد , أسوقها إليك فأصغ لي سمعك وفهمك وأحسن الظن فيّ فلعلي لا أحسن التصوير أو ربما خانني التعبير , ما أريد يعلم الله إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.
ومن الصور المشاهدة في مجالسنا:
وأولى هذه الصور :
حديث العامة أن فلاناً فيه أخطاء، وفلان آخر فيه تقصير، والثالث فيه غفلة، والرابع لا يسلم من العيب الفلاني .. وهكذا .. أقاموا أنفسهم لتقييم الآخرين وجرحهم ولمزهم .. فيا سبحان الله !!
نسينا أنفسنا , نسينا عيوبنا وتقصيرنا وغفلتنا وكثرة أخطائنا , ولو أعمل عاقل فكره في الجالسين أنفسهم لوجدنا فيهم البذاءة وسوءاً في المعاملة والأخلاق , فهو إن حدث كذب وإن وعد أخلف , أو باع واشترى فغش وخداع، وإن جاء للصلاة نقرها نقر غراب مقصر في الفرائض مهمل في النوافل , في وظيفته تأخر وهروب وإهمال واحتيال، وفي بيته وسائل الفساد وضياع الأولاد وعقوق للأرحام , كل هذه النقائص والمصائب عميت عليه فنسيها في نفسه وذكرها في إخوانه فلم يسلم منه حتى ولا الصالحون المخلصون.
فيا أيها الأخ , والله إني عليك لمشفق ولك محب فأمسك عليك لسانك وكف عن أعراض الناس وإذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوبك، كما قال ابن عباس، وقال أبو هريرة: ( يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجل في عينه ).
وقال عون بن عبد الله : ( ما أحسب أحداً تفرغ لعيوب الناس إلا من غفلةٍ غفلها عن نفسه).
وقال بكر بن عبد الله المزني :( إذا رأيتم الرجل مولعاً بعيوب الناس ناسياً لعيوبه – أو لعيبه – فاعلموا أنه قد مـُكـِر به ).
إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى ........ ودينك موفور وعرضك صيّن
فلا ينطقن منك اللسان بسوءةٍ ........... فكلك سوءاتٍ وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معائباً ............ فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ...... ودافع ولكن بالتي هي أحسن
صورة ثانية من الصور التي تقع في واقعنا :
جلسوا مجلسهم فبدأ الحديث فذكروا زيداً وأن فيه وفيه ثم ذكروا قول عمرو فأتقنوا فن الهمز واللمز , والعجيب أن معهم فلاناً العابد الزاهد القائم الصائم والأعجب أن من بينهم طالب العلم فلاناً الناصح الأمين , والحمد لله لم يتكلما وسكتا , ولكنهما ما سلما لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس , ولأن المستمع شريك للقائل ما لم يتبع المنهج الشرعي: ( من ردّ عن عرض أخيه بالغيبة كان حقاً على الله أن يعتقه من النار )، هذا هو المنهج الشرعي والحديث أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما من حديث أبي الدرداء والحديث حسن.
فيا أيها المسلم إذا وقع في أحدٍ وأنت في ملأ فكن له ناصراً وللقوم زاجراً وانصر أخاك ظالماً أو مظلوماً وقل للمتحدث "أمسك عليك لسانك" فإن استجابوا وإلا فقم عنهم : ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات:12). واسمع لكلام ابن الجوزي الجميل في تلبيس إبليس قال رحمه الله تعالى : ( وكم من ساكت عن غيبة المسلمين , إذا اغتيبوا عنده فرح قلبه وهو آثم من ذلك بثلاثة وجوه :- أحدها : الفرح فإنه حصل بوجود هذه المعصية من المغتاب , والثاني : لسروره بثلب المسلمين , والثالث : أنه لا ينكره) انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
ويقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى : ( ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتى - انتبه إلى هذا الكلام الجميل النفيس – تارة في قالب ديانة وصلاح فيقول : لي ليس عادة أن أذكر أحداً إلا بخير ولا أحب الغيبة ولا الكذب وإنما أخبركم بأحواله , ويقول : والله إنه مسكين أو رجل جيد ولكن فيه كيت وكيت وربما يقول : دعونا منه الله يغفر لنا وله .. وإنما قصده استنقاصه وهضم لجنابه .. ويخرجون الغيبة في قوالب صلاح وديانة يخادعون الله بذلك كما يخادعون مخلوقاً وقد رأينا منهم ألواناً كثيرة من هذا وأشباهه) انتهى كلامه رحمه الله.
صورة ثالثة : اتهام النيات والدخول في المقاصد من أخطر آفات اللسان , يتبعه تبديع الخلق وتصنيف الناس وتقسيمهم إلى أحزاب وهم منها براء وقد يتبع ذلك أيمان مغلظة وأقسام وأحلاف أنه العليم بفلان والخبير بأقواله .. فياسبحان الله !! أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم قصده ومبتغاه ؟
أين أنت من قول القدوة الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( إني لم أؤمر أن أنقب قلوب ولا أشق بطونهم)، والحديث أخرجه البخاري ومسلم.
ورحم الله ابن تيمية يوم أن قال في الفتاوى : (وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة وإما لآيات فهموا منها ما لم يُرد منها , وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم , وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة:286)وفي الصحيح قال : "قد فعلت") والحديث عند مسلم في كتاب الإيمان.
فيا أخي الحبيب , أمسك عليك لسانك والزم الورع والتقى ومراقبة الله عز وجل وأشغل نفسك في طاعة الله أنفع لك عند الله , فعن البراء رضي الله عنه قال : جاء أعرابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( دلني على عمل يدخلني الجنة – انظر للحرص – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أطعم الجائع واسقِ الظمآن وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر فإن لم تطِق فكف لسانك إلا من خير) والحديث أخرجه أحمد وابن حبان وغيرهما وهو صحيح.
وعند مسلم قال :( تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك). سبحان الله ! انظر لفضل الله جل وعلا على عباده , إن كفك شرك عن الناس صدقة تكتب لك عند الله عز وجل.
فيا أيها الأخ الكريم إن أبواب الخير كثيرة وأعمال البر عديدة فأشغل نفسك فيها، فإن عجزت فكف لسانك إلا من خير , وإن أبيت إلا أن تكون راصداً لأقوال الناس حارساً لألسنتهم فقيه ببواطنهم , فحسبنا وحسبك الله.
صورة أخرى : سمع ذلك المتحدث أو بعضاً من كلماته دون أصغاءٍ جيد المهم أنه فهم فحوى الكلام وعرف قصد المتكلم أو هكذا زعم , وانتبهوا لهذه الصورة لأنها تحصل لكثير منا , قرأ ذلك الكتاب أو الخبر وهاهو يلتهم الأسطر ونظراته تتقافز بسرعة بين الكلمات التي تساقط الكثير منها من فرط السرعة المهم كما يزعم أنه فهم فكرة الكاتب وعرف قصده , ثم انتقل للمجالس ليؤدي ما تحمله ويزكي علمه , هكذا سولت له نفسه .. فذكر حديث فلان وخبر علان وأنه قال كذا وكذا , فشرّق وغرّب , وأبعد وأقرب , فقلّب الأقوال وبدّل الأحوال وما أُتي المسكين إلا من سوء فهمه والتسرع في نقله، سوء الفهم والتسرع في النقل أو القراءة، قوّل الآخرين ما لم يقولوه وقديماً قيل : وما آفة الأخبار إلا رواتها.
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً ........ وآفته من الفهم السقيمِ
ولكن تأخذ الأذهان منه ............. على قدر القرائح والفهومِ
صورة أخرى : أننا نغفل أو نتغافل فنتكلم في المجالس ونذكر العشرات بأسمائهم , فإذا ذكّرنا مُذكّر أو حذرنا غيور بأن هذه غيبة , قلنا هذا حق وما قلنا فيه صحيح، وقد يسرد لك الأدلة والبراهين على ما يقول فيزيد الطين بلة .. فيا سبحان الله !! أليس النص واضح وصريح ؟ ألم يقل الصحابي للرسول صلى الله عليه وسلم :
( أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال عليه الصلاة والسلام : "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته , وإن لم يكن فيه فقد بهته ) أخرجه مسلم
إذاً فلا مفر , فإذا كان ما ذكرته صحيحاً فهذه هي الغيبة , وإذا كان ما ذكرته كذباً فهذا ظلم وبهتان , فكلا الأمرين ليس لك خيار فأمسك عليك لسانك !
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لما عرج بي مررت بقوم لهم أظافر من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم , فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ) أخرجه أحمد في مسنده وأبو داوود في سننه وإسناده صحيح .
وعن عائشة رضي الله عنها أنها ذكرت امرأة – اسمع يا أيها المسلم , اسمع يا من في قلبك خوف من الله عز وجل- ذكرت امرأة فقالت إنها قصيرة – وفي رواية أنها أشارت إشارة أنها قصيرة – فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "اغتبتيها" وفي رواية "اغتبتها" .. والحديث صحيح عند أبي داوود في سننه وأحمد في مسنده.
إذاً ما بال نسائنا اليوم يجلسن في المجالس فيعرضن لعشرات النساء , فلانة وعلانة , فتلك فيها والأخرى فيها وهكذا , ألا يخشين الله عز وجل ؟ ألا يخفن يوم أن تقف المرأة أمام الله عز وجل ويسألها عن قولها ؟ يا سبحان الله ! ألهذا الحد وصلت الغفلة في نساء المسلمين أن يغفلن أن مثل هذا القول سيجزين عليه أمام الله سبحانه وتعالى ؟ تذكري وقوفك بين يدي الله عز وجل , احرصي أيتها المسلمة , لنحرص على أنفسنا , إننا ابتلينا بقلة الأعمال الصالحة في مثل هذا الزمن، ابتلينا في هذا العصر بكثرة الذنوب والتقصير في حق أنفسنا وحق ربنا أيها الأحبة، فلماذا إذن نزيد الطين بلة ؟ ونجمع على ذلك ذنوب الآخرين في غيبتهم وتنقـّصهم وغير ذلك ؟
وليس معنى هذا السكوت عن الأخطاء، إنني لا أطالب أن نسكت عن أخطاء الآخرين , أو حتى نتغاضى عن العصاة والمجاهرين والفاسقين, وليس معنى ذلك ألا نحذر منهم ولا نفضحهم , لا بل هذه أمور كلها مطالب شرعية، مطالبون بها شرعاً، ولكن بالمنهج الشرعي وبالقواعد العلمية كما جاءت عن السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ولكني على يقين أن أكثر ما يقال في مجالسنا لمجرد التحدث والتفكه , وربما الهوى وأحقاد وأضغان عافانا الله وإياكم منها، ورحم الله عبداً قال خيراً فغنم , أو سكت عن سوءٍ فسلم.
صورة أخرى : قلت لبعض إخواني : الزم الأدب , وفارق الهوى والغضب أو أمسك عليك لسانك وابكِ على خطيئتك وانظر حالك وردد ما قلته لك على أمثالك، وقد كنت سمعت منه قيلاً وقال وجرح وثلب وهمز ولمز في أناس ما سمعنا عنهم إلا خيراً وهم من أهل الفضل , فما رأيناهم إلا يعملون الخير ويدعون له ويسعون للبر وينهون عن الإثم، فما استجاب لي وما سمع مني، فرأيت أن ألزم الصمت معهم وفيهم ولهم وعليهم، فأقبلت على واجباتي أيما إقبال وأرحت قلبي من الأحقاد والأغلال وذهني من الهواجس والأفكار , ثم جاء بعض الفضلاء وقال يقولون فيك كيت وكيت , يعلم الله ما التفت إليهم ولا تأذيت , وقلت لهم : رب كلام جوابه السكوت , ورب سكوت أبلغ من كلام، وعلمتني الحياة أن الصفح الجميل من أحسن الشيم.
قالوا سكت وقد خـُصِمت فقلت لهم .......... إن الجواب لباب الشر مفتاحُ
الصمت عن جاهل أو أحمق شرف .............. أيضاً وفيه لصون العرض إصلاحُ
أما ترى الأُسد تـُخشى وهي صامتة .......... والكلب يَخشى لعمري وهو نباحُ
ونقل الإمام الشاطبي عن أبي حامد الغزالي رحمة الله تعالى عليهما كلاماً متيناً يغفل عنه بعض الناس فقال : ( أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جهلة أهل الحق , أظهروا الحق في معرض التحدي والإذلال , ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء , فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة , ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها) انتهى كلامه رحمه الله تعالى من كتاب الاعتصام للشاطبي.
صورة أخرى من صور الواقع مع اللسان في مجالسنا اليوم: جلس مع صاحب له أو أصحاب فتكلموا وخاضوا , ولم يكن له من الأمر شيء إلا أنه شريك في المجلس , ومن باب المشاركة قالها كلمة أو كليمات لم يحسب لها حسابها ولم يتبين خطرها , ظنها حديث مجالس , كان يسمع ثم يهز رأسه علامة للرضا ثم قالها لم يظن نه يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب، اسمع للنصوص الشرعية واستجب لها فإن فيها حياتك ونجاتك فقوله صلى الله عليه وسلم "ما يتبيّن" أي لا يتأملها بخاطره ولا يتفكر فيها ولا في عواقبها ولا يظن أنها ستؤثر شيئاً , وهو من نحو قوله تعالى: (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (النور:15) ،هكذا يلقي بعض الناس هذه الكلمات , فيا أخي الكريم انتبه للسانك إن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة فأمسك عليك لسانك.
صورة أخرى : كثير من الجلساء إذا ذكِر له صديقه أثنى عليه ولو كان يعلم أنه لا يستحق ذلك الثناء , وإذا ذكِر له خصمه ذمه ولو كان يعلم أنه خلاف ما يقول , فيا أيها المؤمن أسألك بالله هل تستطيع ذكر العيوب الموجودة في أقرب الناس إليك عند لحاجة الشرعية لذلك ؟ اسأل نفسك، وهل تستطيع أن تثني بصدق على إنسان تختلف معه في بعض الأمور ؟ أنا لا أريد الإجابة، ولكن الواقع يشهد أن أكثر الناس يجورون على خصومهم فيذمونهم بما ليس فيهم , ويجورون أيضاً على أصدقائهم فيمدحونهم بما ليس فيهم.
فإن من أثنى عليك بما ليس فيك فقد ذمك , نعم , لأن الناس يطلبون هذه الخصلة التي ذكرها فيك يطلبونها منك فلا يجدونها فيذمونك على فقدها , لا بل الأمر أدهى من ذلك وأشد فإن الحقيقة أنه كثيراً ما تنسينا العيوب القليلة المحاسن الكثيرة , انتبهوا لهذه الكلمة أيها الأحبة , وننسى القاعدة الشرعية : إذا كان الماء قلّتين لم يحمل الخبث , أفلا نتقي الله عند الجرح والتعديل وننزل الناس منازلهم؟
أليس قد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي ووصفه بأنه ملك لا يظلم عنده أحد مع أنه – أي النجاشي – حينها كان كافراً لم يسلم بعد .. فيا أيها الأحبة , أسمعت رعاك الله ؟ أنصف الناس وأنصف نفسك، فإن غلب عليك الهوى فأمسك عليك لسانك لا أبا لك ..
صورة أخرى : تناظر اثنان في مجلس أي تجادلا وتناقشا , فارتفعت أصواتهما وانتفخت أوداجهما وتقاذفا بالسب والشتم , قلت : إن التشنج والانفعال ليس هو الأسلوب الأمثل لنصرة الحق أبداً، ولكن كم من هادئ عف اللسان حليم كاظم الغيظ أقدر على نصرة الحق من غيره، وقد قال أبو عثمان ابن الإمام الشافعي رحمة الله عليهما أجمعين : (ما سمعت أبي يناظر أحداً قط فرفع صوته).
وبعض الأخوة غفر الله للجميع يظن أن من تمام غيرته على المنهج وعظيم نصرته للحق لا بد أن يقطب جبينه ويحمر عينيه ويرفع صوته وتتسارع أنفاسه وهذا لا يصح أبداً، إن اختلاف الآراء ووجهات النظر لا يدعو للأحقاد والأضغان فإن المرجو البحث عن الحق وطلبه وليس التشفي والانتقام فينطلق اللسان بالسباب والشتائم ومقاطعة الكلام , فما من الناس أحد يكون لسانه على بال إلا رأيت صلاح ذلك في سائر عمله.
واسمع للأدب الجم والخلق الرفيع عند الحوار والمناقشة , قال عطاء بن أبي رباح : (إن الشاب ليتحدث بالحديث فأسمع له كأني لم أسمعه ولقد سمعته قبل أن يولد ومع ذلك أسكت كأني لم أسمع الكلام إلا الساعة)، هكذا يكون الأدب عند الحوار وعند المناظرة.
وأخيراً : من أعظم الصور في مجالسنا ومن أخطرها على كثير من الناس إطلاق العنان للسان في التحليل والتحريم والسخرية والاستهزاء بالدين , هذه من أخطر الصور التي نرى أنها تفشت في مجالس المسلمين أياً كانوا , رجال أو نساء كبار أو صغار , وخاصة بين الشباب والعوام.
إنك لتسمع وترى تسرع فئات من الناس في إطلاق ألفاظ التحليل والتحريم وقد نهى الله تعالى عن ذلك ونهى عن المسارعة في إصدار التحريم والتحليل فقال :( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) (النحل:116).
وكان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم مع سعة علمهم وفقههم لا يكثرون من إطلاق عبارات التحليل والتحريم وهذا من شدة ورعهم ومحاسبتهم لأنفسهم.
يقول الإمام مالك رحمة الله تعالى عليه : (لم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا ولا أدركت أحداً أقتدي به يقول في شيء هذا حلال وهذا حرام، ما كانوا يجترئون على ذلك وإنما كانوا يقولون : نكره هذا , ونرى هذا حسناً , ونتقي هذا ولا نرى هذا , ولا يقولون حلال ولا حرام) انتهى كلامه من جامع بيان العلم وفضله.
أما نحن فنسمع عبارات التحليل والتحريم على كل لسان وخاصة من العامة , بدون علم ولا ورع ولا دليل مما أثار البلبلة عند الناس والتقوّل على الله بغير علم , بل المصيبة أن بعض الناس يسخر ببعض أحكام الدين ويهزأ بالصالحين والناصحين , وربما سخر باللحية أو سخر بالثوب القصير أو سخر ببعض سنن المرسلين والعياذ بالله , وهؤلاء والله إنهم على خطر عظيم , ألم يسمع هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم :(وإن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب).
ألم يسمع هؤلاء قول الحق عز وجل : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) (الهمزة:1)، الهمزة هو الطعان في الناس , واللمز الذي يأكل لحوم الناس.
ألم يسمع هؤلاء قول الحق عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات:11).
ألم يسمع هؤلاء قول الحق عز وجل : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (قّ:18). سبحان الله ! غابت عليهم هذه النصوص من القرآن والسنة , غفلوا عن خطر ما يتقولون بالليل والنهار في السخرية والاستهزاء بالدين , وربما خرج بعضهم والعياذ بالله من الدين بسبب كلمة يقولها وهو لا يشعر , فحق على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه حافظاً للسانه مقبلاً على شانه.
النتيجة النهائية لإطلاق العنان للسان .
أقول أيها الحبيب المسلم أنك أحوج ما تكون للعمل الصالح، أحوج ما نكون إلى الحسنات , وأراك تحرص على مجاهدة النفس لعلها أن تعينك على القيام بعمل صالح، من صلاة أو صيام أو صدقة وقد تنتصر عليها وقد لا تنتصر , وإن انتصرت عليها وقمت بالعمل فلا يسلم من شوائب كثيرة مثل الرياء والنقص وحديث النفس وغيرها من مفسدات الأعمال , ومع ذلك كله فإني أراك تبث هذه الحسنات في المجالس وتنثرها في المنتديات.
ماذا تراكم تقولون أيها الأخيار في رجل أخرج من جيبه عشرات الريالات ثم نثرها في المجلس و بددها ؟
ماذا نقول عنه ؟ أهو عاقل أم مجنون ؟
إن من جلس مجلساً ثم أطلق للسانه العنان فهذه علامة أكيدة على إفلاسه في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتدرون ما المفلس ؟ " قالوا : المفلس منا من لا درهم له ولا متاع .. فقال :"إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا , فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته , فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ) والعياذ بالله والحديث أخرجه مسلم في صحيحه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لتـُأدّن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) رواه مسلم، حتى البهائم يفصل بينها يوم القيامة!!
فاحفظ حسناتك فأنت أحوج لها، واسمع لفقه الحسن البصري رحمه الله يوم أن جاء رجل فقال: ( إنك تغتابني , فقال : ما بلغ قدرك عندي أن أحكّمك في حسناتي).
وعن ابن المبارك رحمه الله قال : ( لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت والديّ لأنهما أحق بحسناتي).
ففقها رضي الله عنهما أن آفات اللسان تأتي على الحسنات وقد لا تبقي منها شيئاً، فضياع الحسنات نتيجة أكيدة لإطلاق العنان للسان.
نتيجة ثانية لإطلاق العنان للسان:
فضحه وبيان عواره وهتك أستاره، ذلك الذي أطلق لسانه وأصبح يتكلم بلا ورع في المجالس والمنتديات وربما أصبح بذيء اللسان والجزاء من جنس العمل، وعن أبي بردة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه , لا تتبعوا عورات المسلمين ولا عثراتهم فإنه من يتبع عثرات المسلمين يتبع الله عثرته , ومن يتبع الله عثرته يفضحه وإن كان في بيته ) والحديث صحيح بمجموع طرقه.
والواقع يشهد بذلك فكم فضح الله حقيقة أولئك الذين آذوا إخوانهم بألسنتهم حتى عرفهم الناس وانكشف أمرهم.
وأيضاً من نتائج إطلاق العنان للسان أنه يعد من شرار الناس فيجتنبه الناس ويحذرونه اتقاء فحشه وإن ضحكوا له وجاملوه، هذه حقيقة نشاهدها في مجالسنا كثيراً , إن من أطلق للسانه العنان يعد من شرار الناس فلذلك تجد الناس يجتنبونه ويحرصون على الابتعاد عنه وإن ضحكوا له وجاملوه فاتقاءً لفحشه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة : ( إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء شرّه) البخاري ومسلم.
رابعاً : من النتائج أيضاً وهي الأخيرة :
البلاء موكل بالقول , فيُبلى المتكلم بما كان يذكره في أخيه , و احذر أيها الحبيب أن تظهر الشماتة بأخ أو أخت لك فيعافيه الله ويبتليك بما كان فيه فالبلاء موكل بالقول، قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك ) أخرجه الترمذي0.
وقال إبراهيم التيمي: ( إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى ب).
وقال ابن مسعود : ( البلاء موكل بالقول , ولو سخرت من كلب لخشيت أن أحوّل كلباً).
هذه نتائج أربع من نتائج إطلاق العنان للسان.
وأخيراً أقول أيها المسلم هذه شذرات حول اللسان، وأظن أن الجميع بحاجة ماسة للتذكير فيها , فالعاقل يحرص والغافل يتنبه والمبليّ يحذر , يا أيها السامع كن المستفيد الأول.
ثم اعلم أنك تجالس كثيراً من الناس من أحبابك وخلانك وأصدقائك , ولا تخلو مجالس من غثاء قلّ أو كثر , فمن حقهم عليك أن يسمعوا مثل هذا الكلام وأن يذكّروا بهذه الآيات والأحاديث , فإن القلب يغفل والنفس تسلو فاسمع وسمّع واستفد وأفِد , والدال على الخير كفاعله.
أسأل الله عز وجل أن يكون خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به الجميع وأن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
اللهم طهّر قلوبنا من النفاق وعيوننا من الخيانة وألسنتنا من الكذب والغيبة النميمة والمراء والجدال وجنبنا الوقوع في الأعراض.
اللهم اجعل ألسنتنا حرباً على أعدائك سلماً لأوليائك.
اللهم إنا نسألك سكينة في النفس وانشراحاً في الصدر.
اللهم اجعلنا من الصالحين المصلحين ومن جندك المخلصين وانصر بنا الدين واجعل لنا لسان صدق في الآخرين.
اللهم انفعنا وانفع بنا.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
وصلّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
................................................
منقووول - ونرجو نقله ونشره للفائده
فالدال على الخير كفاعله
التعديل الأخير تم بواسطة نسيبة بنت كعب ; 12-11-2005 الساعة 10:09 PM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة هادي كيلاني في المنتدى منتدى الكتب
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 20-07-2008, 08:02 PM
-
بواسطة الفارس2 في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 22-03-2007, 12:51 PM
-
بواسطة rafate87 في المنتدى منتديات محبي الشيخ أحمد ديدات
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 11-04-2006, 12:09 PM
-
بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى منتدى الكتب
مشاركات: 6
آخر مشاركة: 12-07-2005, 12:00 AM
-
بواسطة الفارس2 في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 01-01-1970, 03:00 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات